النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي، الملقب بأبي قابوس (582-609 م) كان مسيحيا نسطوريا تسلم مقاليد الحكم بعد أبيه, وهو من أشهر ملوك المناذرة قبل الإسلام. كان داهية مقداما. وهو ممدوح. وهو باني مدينة النعمانية على ضفة دجلة اليمنى، وصاحب يوم البؤس والنعيم؛ وقاتل عبيد بن الأبرص الشاعر، في يوم بؤسه؛ وقاتل عدي بن زيد وغازي قرقيسيا (بين الخابور والفرات). وفي صحاح الجوهري: قال أبو عبيدة: . كان أبرش أحمر الشعر ، قصيرا وكانت أمه يهودية من خيبر، نصره شمعون بن جابر عام 594 حياته. من وفد عليه من الشخصيات: المنخل اليشكري والمثقب العبدي والأسود بن يعفر وحاتم الطائي وإبراهيم الكشكري وحسان بن ثابت وسرجيوس والنابغة الذبياني ولبيد بن ربيعة من هجاه من الشعراء: عنترة بن شداد وهو الذي أغار على إبل النعمان ليأخذها مهرا لعبلة. شقائق النعمان. كان النعمان يحب ألوانها وأمر بحمايتها وبزراعتها حول قصره الخورنق، وبحسب أسطورة يقال أنها نبتت لأول مرة على قبر النعمان بن المنذر بعد أن داسته الفيلة على يد علوج كسرى فعرفت باسمه. الخيول. كان النعمان يعتني بتربية الخيل والإبل والماشية، فكان يشتري خير فصائلها ويحميها لنفسه، ولا يسمح لأحد بالحصول عليها أو تلقيح نعمهم أو خيولهم منها إلا بإذنه. وقد اشتهرت اليحموم والدُّفوف من جملة خيوله. مقتله. ملك الحيرة إرثا عن أبيه، سنة 582م، واستمر في الحكم حتى نقم عليه كسرى الثاني (خسرو الملقب "برويز") بسبب مكيدة دبرها له زيد بن عدي العبادي وهو ابن عدي بن زيد العبادي زوج ابنته هند (وكان له من البنات غيرها حرقة وحريقة وعنقفير) أوذلك بعد أن طلب كسرى خسرو من النعمان أن يزوجه ابنته فرفض النعمان فأوغل زيد قلب كسرى فدعى كسرى النعمان إلى المدائن لوليمة فأهانه ثم اعتقله وقد فعلها زيد انتقاما لوالده عدي بن زيد الذي قتل على يد النعمان. واختلف في كيفية قتله فطبقا لرواية سريانية إن كسرى بعد أن قبض على النعمان بن المنذر وأولاده سقاهم سماً فماتوا، وعصى عندئذ العرب الفرس وأخذوا يهاجمونهم. فأرسل كسرى قائداً سمته الرواية ب "بولر" تولى أمر الحيرة، ولكنه لم يتمكن من ضبط أمورها، لشدة أهلها، فانصرف عنها وترك أمرها لمرزبان اسمه "رزوبى مرزوق"، أقام في برية الحيرة في حصن حفنة، وأخذ يقاتل منه الأعراب. وقيل مات بالطاعون في السجن في خانقين، وقيل: ألقاه تحت أرجل الفيلة، فوطئته، فهلك. وكانت هذه الحادثة هي الشرارة التي أدت لاشتعال الحرب بين العرب والفرس في معركة ذي قار والتي انتصر فيها العرب انتصارا كبيرا. حاول ابنه المنذر بن النعمان الملقب بالمغرور إحياء مملكة اللخميين لكن كان الوقت قد فات. فرنسيس بن فتح الله بن نصر الله مرّاش (29 يونيو 1836-1873)، المعروف أيضاً باسم فرنسيس المرّاش أو فرنسيس مرّاش الحلبي، هو أحد كتاب وشعراء النهضة العربية من الشوام الحلبيين، بالإضافة إلى كونه طبيباً. معظم أعماله تدور حول العلوم والدين والتاريخ، حيث أن أعماله محللة تحت ضوء نظرية المعرفة. سافر في أنحاء الشرق الأوسط وفرنسا في شبابه، وبعد القليل من التدريب الطبي وممارسته للطب لمدة عام في مدينته حلب، كان خلالها قد كتب العديد من المؤلفات، التحق بكلية الطب في باريس. إلَّا أن تراجع صحته وفقدان البصر المتزايد أجبراه على العودة إلى مدينة حلب، حيث أنتج العديد من الأعمال الأدبية حتى وفاته في وقت مبكر. يعتبر موسى ماتي المؤرخ الشرق أوسطي بينما مرّاش أول مثقف عربي عالمي بحق بالإضافة إلى كونه أول كتّاب العصر الحديث. التزم مرّاش بمبادئ الثورة الفرنسية ودافع عنها في أعماله، متضمنةً انتقادًا للحكم العثماني للشرق الأوسط. كما قام بدور كبير في إدخال الرومانسية الفرنسية إلى العالم العربي، وخاصة من خلال أسلوبه في استخدام قصيدة النثر والشعر النثري، حيث كانت كتاباته إحدى النماذج الأولى في الأدب العربي الحديث، ووفقاً لسلمى الخضراء الجيوسي وشموئيل موريه فإن طرق مرّاش في التفكير والشعور، وسبل التعبير عنها، كان لها دائمًا تأثير على الفكر العربي المعاصر وعلى شعراء المهجر. حياته. الخلفية والتعليم. ولد فرنسيس مرّاش في مدينة حلب، التي كانت جزءًا من سوريا العثمانية (حاليًا تشكل جزءًا من سوريا)، ولد لأسرة قديمة من الملكانيين التجار المعروفين باهتماماتهم الأدبية. جانية شهرة وثروة بذلك خلال القرن الثامن عشر، كانت الأسرة قد تأسست بشكل جيد في حلب، على الرغم من مرورها بالعديد من المشاكل، حيث استشهد بطرس مرّاش، أحد أقرباء فرنسيس على يد الأصوليين الروم الأرثوذكس في أبريل 1818. هذا بالإضافة لإبعاد ملكانين كاثوليك آخرين خلال الاضطهاد، بينهم كان الكاهن جبرايل مرّاش. والد فرنسيس، فتح الله حاول نزع فتيل الصراع الطائفي من خلال أطروحته في عام 1849، الذي رفض فيها "قانون الإيمان"(). وكان قد بنى مكتبة خاصة كبيرة ليعطي أولاده الثلاثة فرنسيس، وعبد الله، ومريانا تعليمًا شاملًا، ولا سيما في مجال اللغة العربية والأدب. كانت حلب فيما بعد مركزًا فكريًا رئيسيًا في الدولة العثمانية، حيث ضمت العديد من المفكرين بالإضافة للعديد من الكتب التي ارتبطت بمستقبل العرب. كان هذا ظاهراً في المدارس التبشيرية الفرنسية، التي تعلمت فيها أسرة مرّاش اللغة العربية والفرنسية بالإضافة للغات الأجنبية الأخرى (الإنجليزية والإيطالية). لكن فرنسيس في البداية درس اللغة العربية بشكل خاص. وفي الرابعة من عمره، كان فرنسيس قد أُصيب بالحصبة، ومنذ ذلك الحين عانى من مشاكل العين التي تفاقمت مع مرور الوقت. وعلى أمل العثور على علاج أخذه والده إلى باريس في عام 1850، وبقي فيها لمدة عام تقريبًا، وفيما بعد أُعيد هو إلى حلب بينما بقي والده في باريس. وفي عام 1853 رافق فرنسيس والده في رحلة عمل لعدة أشهر في بيروت، حيث كان التأثر الثقافي بالأوروبيين ملحوظًا. فرنسيس شهد اتصال ثقافي مماثل آخر، عندما تلقى دروسًا خصوصية في الطب لمدة أربع سنوات على يد طبيب بريطاني في حلب، وبعد هذا فقد ازداد اهتمامه بالعلوم، وبالطب بشكل خاص. في هذا الوقت كان قد كتب ونشر العديد من الأعمال. ومارس مرّاش مهنة الطب لمدة عام تقريبًا، على أيّة حال، باعتبار أنه من الأكثر أمنًا لمهنته بأن يصبح طبيبًا مرخصًا له، فقد ذهب إلى باريس لمواصلة تعليمه الطبي في إحدى المدارس. ولكن حالته الصحية المتراجعة والعمى المتزايد أجبراه على التوقف عن الدراسة في غضون عام من وصوله إلى باريس. وعاد إلى حلب أعمى بشكل كامل، ومع ذلك فقد كان ما يزال قادرًا على إدارة شؤونه. المسيرة الأدبية والفكر. "غابة الحق". نحو عام 1865، نشر مرّاش "غابة الحق" (الإنجليزية : "The Forest of Truth" أو "The Forest of Justice")، وهي قصة رمزية حول شروط إقامة الحضارة والحرية والمحافظة عليهما. حيث يروي هذا العمل قصة رمزية عن رؤية مروعة عن حرب بين مملكة الحرية ومملكة الرق، ويُحل النزاع بالقبض على الملك الأخير ومحاكمته لاحقاً من قبل ملك الحرية، وملكة الحكمة، ووزير السلام، وأخوية الحب، وقائد جيش الحضارة، مع فيلسوف مدينة النور-الذين يمثلهم المؤلف-كمجلس. أعرب مرّاش في هذا العمل عن أفكار حول الإصلاحات السياسية والاجتماعية، مسلطاً الضوء على حاجة العرب لأمرين قبل أي شيء هما : المدارس الحديثة الوطنية "الخالية من الاعتبارات الدينية". في عام 1870، وبينما كان التميز قائمًا ما بين مفهومي الوطن والأمة وتطبيق هذا المفهوم في سوريا الكبرى، أشار مرّاش إلى الدور التي تلعبه اللغة من بين عدة عوامل أخرى كثقل موازن للاختلافات الدينية والطائفية، وبالتالي في تحديد الهوية الوطنية. مع أن شاعرية تعابير مرّاش كانت تفتقر إلى الدقة في التفاصيل القانونية التي كانت تميز الأعمال الأدبية في أوروبا المتنورة، فقد ذكر المستشرق شموئيل موريه بأن مرّاش أصبح بعد كتابه "غابة الحق"، "أول كاتب عربي يعكس التفاؤل ووجهة النظر الإنسانية بالقرن الثامن عشر في أوروبا. ينبع هذا الرأي من الأمل في أن التعليم والعلوم والتكنولوجيا من شأنها حل المشاكل الإنسانية مثل الرق، والتمييز الديني والأمية والمرض والفقر والحرب، والآفات البشرية الأخرى، وأن الكتاب عبّر عن أمل الكاتب في الأُخوة والمساواة بين الشعوب." حتى الآن، فإن وجهات نظره حول الحرية تختلف عن وجهة نظر ثوار فرنسا ومعاصريه من الشرق الأوسط، فبحسب مرّاش اعتبر بأن التوسل للحصول على الحرية استنادًا للمقاييس الطبيعية فستكون هذه الحرية سطحية، حتّى للطبيعة التي تستجيب لقواعدها الخاصة. ونتيجة لذلك، لا شيء في الكون قد يتوق للحرية دون تلبية الاحتياجات الأساسية والقواعد التي تضمن وجودها. وضروروة إحراز تقدم في هذا المجال قد يبرر إلغاء أيّة قيود لا تخدم وضع نظام جيد. وفي ضوء هذا المنطق وإشارة إلى الحرب الأهلية الأمريكية التي كانت جارية آنذاك، أظهر في "غابة الحق" تأييده لإلغاء الرق والعبودية. تكمن أيضًا أهمية هذا العمل في محاولة مرّاش للمزج بين الفكر الأوروبي بقراءته الخاصة في الاعتقاد المسيحي في الحب العالمي. في الواقع فقد حاول مرّاش التوفيق بين الفهم الفلسفي لمفهوم الحرية بالإضافة لاعتقاده بخيرية سلطة الكنيسة الكاثوليكية. كما ذكرت نازك سابا يارد: أعمال لاحقة. في عام 1867، نشر مرّاش كتاب "رحلة باريس"، حول أحداث رحلته الثانية إلى باريس. يبدأ الكتاب في وصف ذهابه من حلب إلى الإسكندرونة واللاذقية وطرابلس، وبيروت، ويافا، والإسكندرية، والقاهرة ثم عودته إلى الإسكندرية حيث كان قد صعد على متن سفينة باتجاه مرسيلياووصل إليها في أكتوبر 1866. أثارت المدن العربية النفور واللامبالاة في نفس مرّاش، عدا القاهرة والإسكندرية حيث كان إسماعيل باشا قد بدأ بمشاريع التحديث. فيما بعد سافر عبر فرنسا وتوقف في ليون قبل أن ينتهي في باريس. فتنت فرنسا مرّاش وخصوصًا باريس; حيث وصف كل شيء في باريس في روايته، من معرض باريس لعام 1867 إلى أضواء الشوارع الغازية، فبهذه كانت الرواية قد أثنت على الحضارة الغربية. في "مرآة الأحوال" (الشاهدة على حياة مراحل الإنسان)، نُشرت في 1870، حيث قارن مرّاش مرة أخرى بين الشرق والغرب، حيث ورد في كتابه "في حين غرق الشرق عميقًا في الظلام، احتضنت الحضارة الغربية النور". كان قد عبّر مرّاش عن تفاؤله سابقًا إثر الإصلاحات الأولى في عهد السلطان عبد العزيز في عهد الدولة العثمانية التي أعطت طريقًا للتشاؤم في كتابه "مشهد الأحوال"، كما أدرك أن هذه الإصلاحات سطحية وقال بأنه يأمل بألا تخرج إلى حيّز الوجود. فيما بعد، وفي كتابه "درر الصَدف في غرائب الصُدف"، الذي نُشر بعد ذلك بعامين قال فيه مصورًا الحياة الاجتماعية اللبنانية آنذاك، ومنتقدًا التقليد الأعمى للعادت الغربية واستخدام الكلمات الفرنسية في الحياة اليومية. طيلة حياته كان مرّاش قد ألّف عدة مقالات حول العلم (خاصة الرياضيات) أضافًة التعليم، وهو الموضوع الذي يهمه كثيرًا، فقد قال مرّاش في كتابه "غابة الحق": " كما كتب العديد من المقالات في الصحافة الشعبية، حيف نشر في مجلة بطرس البستاني "الجنان"، وأظهر نفسه مفضلًا لتعليم المرأة الذي كان مقتصرًا على القراءة والكتابة إضافًة للقليل من الحساب والجغرافيا والنحو. في العدد الصادر عام 1872 من مجلة الجنان، كتب أنه ليس من الضروري للمرأة "أن تتصرف مثل الرجل، وتهمل واجباتها المنزلية والأسرية، أو أن تعتبر نفسها متفوقة على الرجل"، ومع ذلك فقد تابع مرّاش دراسات أخته. كما أدان مرّاش معاملة الرجال العرب لبناتهم وزوجاتهم بقسوة. لاحقًا نشر في أعماله محاولة إثبات وجود الله والقانون الإلهي والشريعة التي لم تكن مقتصرة على نطاق الشريعة الإسلامية حسب وجهة نظر مرّاش. الإرث. غالبًا اشتملت أعمال مرّاش على قصائد حيث كتب مرّاش في الموشحات والزجل وفقًا للمناسبة. شموئيل موريه ذكر بأن مرّاش "حاول إدخال ثورة في الخطابة، والموضوعات، والمجاز، والصور في الشعر العربي الحديث"، حتى أنه كان أحيانًا يسخر من الموضوعات الشعرية التقليدية. وفي مقدمة كتابه الشعريّ "مرآة الحسناء"، الذي نُشر للمرة الأولى في عام 1872، رفض مرّاش حتى الأنواع التقليدية من الشعر العربي، وبخاصة المديح، والاستهزاء والسخرية. كان استخدامه للطريقة التقليدية في الإلقاء في إلقاء أفكار جديدة تميز بصعود مرحلة جديدة في الشعر العربي الذي كان يقوم على شعراء المهجر. اعتبر شموئيل موريه بعض فقرات كتابَي "غابة الحق" و"رحلة باريس" بأنها شعر نثري، بينما وصفت سلمى الخضراء الجيوسي أعماله النثرية بأنها "غالباً رومانسية اللهجة، بالغة آفاق شعرية، وخطابية، وحيّة، وملونة، وموسيقية"، واصفةً إياه بأنه أول مثال عن الشعر النثري في الأدب العربي الحديث. كان جبران خليل جبران شديد الإعجاب بمرّاش، الذي قرأ أعماله في مدرسة الحكمة في بيروت. وفقًا لشموئيل موريه، فإن أعمال جبران كانت على صدى أعمال مرّاش و"الكثير من أفكاره عن الاستعباد، والتعليم وتحرير المرأة والحقيقة والخير الطبيعي للإنسان، والأخلاق التالفة في المجتمع". وقد ذكر خليل الحاوي بأن فلسفة مرّاش السالفة الذكر عن الحب العالمي تركت انطباعًا عميقًا في جبران. علاوةً على ذلك، فقد ذكر خالد الحاوي بأن تعابير مرّاش المتكررة أصبحت مخزونًا من الصور بالنسبة للكتّاب العرب في القرن العشرين، فقد ذكر على سبيل المثال: "وديان التأمل العقلي"، و"أجنحة الأفكار"، و"حجاب التاريخ"، و"مملكة الروح"، و"حوريات الغابة، والربيع والفجر"، و"جواهر الضوء"، و"عواصف الأيام والليالي"، و"دخان الانتقام وضباب الغضب". خصّص الشاعر والصحفي خليل مطران قصائدًا لمرّاش وغيره من معاصريه. قسطاكي بن يوسف بن بطرس بن يوسف بن ميخائيل الحمصي (4 شباط / فبراير 1858-9 آذار / مارس 1941) شاعر، من الكتاب النقاد. من أهل حلب، مولداً ووفاة. أصله من حمص، هاجر أحد جدوده (الخوري إبراهيم مسعد) إلى حلب في النصف الأول من القرن السادس عشر للميلاد، ولزمته النسبة إلى حمص كما لزمت سلالته، ومنها الآن في دمشق والقاهرة ومرسيليا وباريس ولندن، وتعلم قسطاكي في أحد كتاتيب الروم الكاثوليك ثم بمدرسة الرهبان الفرنسيسكان (نسبة إلى مار فرنسيس) ولم يمكث في هذه أكثر من 15 شهراً، وانصرف إلى التجارة. وجمع ثروة كبيرة. وقرأ علوم العربية على بعض المعلمين في أوقات فراغه. وزار مرسيليا وباريس مرات عكف في خلالها على درس اللغة الفرنسية فأحسنها، وقرأ كثيراً من أدب العربية، قال عن نفسه في رسالة بعث بها إلى الزركلي: . وترك التجارة سنة 1905 م، فأكثر من الرحلات إلى فرنسا وإنجلترا وإيطاليا والقسطنطينية ومصر. وصنّف أفضل كتبه منهل الورّاد في علم الانتقاد وهو في ثلاثة أجزاء. ونشر كثيراً من الفصول في عدد من الصحف والمجلات. وله كتاب "السحر الحلال في شعر الدلال" في سيرة خاله جبرائيل الدلال، وأدباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر، و"مجموع رسائل وخطب ومقالات في أغراض شتى" لم يطبع، وديوان شعر كبير، و"مجموع أغان" من تأليفه. وكان من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق. وشعره تغلب عليه جودة الصنعة، وفي بعضه رقة وحلاوة. أمين بن خالد بن محمد بن أحمد الجندي (1766-1841 م) شاعر سوري من أعيان مدينة حمص، مولده ووفاته فيها، تردد كثيرا إلى دمشق فأخذ عن علمائها وعاشر أدباءها، ولما كانت سنة 1246 هـ قدم حمص عامل من قبل السلطان محمود الثاني العثماني فوشى إليه بعض أعوانه بأن أمين الجندي هجاه، فأمر بنفيه، وعلم الشيخ أمين بالأمر ففر إلى حماة، فأدركه أعوان العامل، فأمر بحبسه في إسطبل الدواب وحبس عنه الطعام والشراب إلا ما يسد به الرمق، فأقام أربعة أيام، حتى أغار سليم آغا الباكير الأتاسي برجاله من الدنادشة على حمص واستخرج الشاعر الجندي من الحبس. تقرب من إبراهيم باشا المصري لما فتح الشام (1832م) لكونه ممن دعا إلى نبذ حكم الأتراك. رافق إبراهيم باشا إلى مصر وقدمه إبراهيم باشا إلى والده محمد علي وعلماء مصر فأعجب به الجميع. اصطحبه إبراهيم باشا إلى لبنان وحلوا في ضيافة الأمير بشير الشهابي، ثم رجع الجندي إلى وطنه حمص. كان له دور في إبعاد اليهود عن مناصب الدولة ومراكز الحسبة وإدارة أمور الحج وحفظ الدفاتر إذ أرسل إلى السلطان العثماني بقصيدة تعالج هذا الموضوع فحقق في ذلك السلطان وأمر بالدفاتر أن تعرّب بعد أن كانت تكتب بالعبرية. أصيب بالفالج عام 1834م فنظم قصيدته التوسلية المشهورة، وتوفي سنة 1840م. له ديوان شعر مدون ومطبوع، وفي شعر الجندي كثير من الموشحات ووموثق تواريخ الوفيات الشائعة في أيامه وزمانه . صلاح الدين بن محمد سعيد القاسمي (1887 - 1916م)، طبيب وأديب وشاعر ومفكر سوري، من طلائع الوعي القوي العربي في سورية، ولد ب دمشق وتخرج عام (1332هـ 1914م) من الأكاديمية الطبية بدمشق التي تحولت إلى كلية الطب بعد ذلك وأتقن عدة لغات منها التركية والفارسية والفرنسية. تعلم الأدب العربي على يد أخيه علامة الشام الشيخ جمال القاسمي، وشارك في تأليف جمعية النهضة العربية (1324هـ، 1906م) في دمشق. كتب وخطب وحاضر في المنابر العلمية في سوريا، ونظم شعراً وأتقن، فكان من الدعاة الأوائل لإثارة "المسألة العربية" كما سماها، ومبدأ القوميات. زار الأستانة مع وفد من أعيان دمشق سنة 1909 للتهنئة بالحكم الدستوري، نشر 12 مقالا عن رحلته وست مقالات عن المنفلوطي وله كتاب النظرات، وحذر سنة 1911 من الخطر الصهيوني على العرب وعمل طبيبا في سوريا وفي مدن الحجاز إلى أن توفي ودفن بالطائف. جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي 1283 هـ / 1866م - 1332 هـ / 1914م ناظم قصة كليلة ودمنة هو أحد رواد النهضة العلمية الدِّينية الحديثة ببلاد الشام في العصر الحديث، وأحد رجال العلم الكبار من المسلمين في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري، وصاحب المؤلَّفات القيّمة الكثيرة التي انتفع بها العلماء وطلاب العلم من المسلمين. نسبه. هو أبو الفرج محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح بن إسماعيل بن أبي بكر القاسمي الكيلاني الحسني الدمشقي. جمع شرف النسب من الطرفين، فهو من أحفاد الشيخ عبد القادر الجيلاني من سلالة الحسن السبط، وهو سبط السادة الدسوقية الحسينية من أحفاد شرف الدين موسى أخ إبراهيم الدسوقي. والده الشيخ محمد سعيد القاسمي من شيوخ العلم بدمشق. سيرته العلمية. انتدبته الدولة السورية للتنقل بين بلدات وقرى سورية لإلقاء الدروس العامة وظل في عمله هذا أربع سنوات من 1308 هـ حتى 1312 هـ، بعدها قام بزيارة المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس ومصر مرتين وغير ذلك من المدن السورية والبلدان العربية. ولدى عودته اتُّهم هو وعدداً من أصدقائه بتأسيس مذهب جديد في الدين، سموه المذهب الجمالي فاحتجز عام 1313 هـ وذلك في حادثة كبيرة سميت بحادثة المجتهدين. ثم أثبتت براءته. تفرغ القاسمي للتأليف ولإقراء الدروس، فاعتكف في منزله للتصنيف وإلقاء الدروس الخاصة وتوجه إلى مسجده جامع السنانية في دمشق القديمة حيث أقام دروسه العامة، في التفسير وعلوم الشريعة الإسلامية والأدب. وهو المسجد الذي كان يؤمه والده وجده من قبله. مؤلفاته. قام العلامة جمال الدين القاسمي بنشر بحوث كثيرة في المجلات والصحف، وله مصنفات كثيرة تناول بها جوانب الدين كلها، من العقيدة والحديث والتقسير والفقه والتاريخ والفرق والأخلاق، تجاوز عدد مصنفاته المئة وعشرة مصنفات. منهجه في التأليف. كان منهجه في التصنيف يغلب عليه الجمع والنقل، ولكن بأسلوب راقٍ ولغة سليمة وسبك مرصوص، بحيث تظهر النقول التي يجمعها وكأنها عقد مصفوف متناسق خرج من نبع واحد. كما كان منهجه في مصنفاته التوسع والموسوعية لا التخصص وهو سمة عصره فتناول كل أبواب الدين وعلومه، كما كان ظاهراً في كتبه كلها وخصوصا كتابه في مصطلح الحديث : قواعد التحديث، كان ظاهرا دعوته الإصلاحية التي قضى يدافع عنها وينشرها ويدعو إليها. دعوته الإصلاحية. تأثر القاسمي في دعوته بدعوة محمد عبده ورشيد رضا صديقه وخليله، فكان يدعو إلى التجديد في فهم الدين، وإلى إصلاح العبادات والمساجد من البدع، وكان يدعو إلى اتخاذ الإسلام منارة توحيد لكل المسلمين، بحيث لا يفرقهم خلاف عقدي أو فقهي، وكان يدعو إلى اتخاذ العربية لغة البلاد ويحارب عملية التتريك التي كانت في أواخر الخلافة العثمانية. احتفظ القاسمي بشخصيته المسلمة الشرقية العربية، ولم يتأثر بالحضارة الغربية ولا بالمستشرقين، ولم يخدع بذلك كما حصل لبعض أقرانه أنذلك. كما تميز بسعة صدره وسلامة قلمه من المهاترات والاتهامات التي كان بعض من أعدائه يواجهه بها. وكان ينأى بنفسه عن أن ينزل إلى ذلك المستوى. مذهبه وعقيدته. نشأ على المذهب الفقهي الشافعي، وقد صرح بمذهبه في مواطن كثيرة، خاصة في أوقات محنته، وكثيرا ما كان يسأل عن مذهبه فيجيب بأنه تفقه على المذهب الشافعي ويتعبد الله عليه، وهو مع ميله للاجتهاد وذمه التقليد الأعمى في آخر حياته. قال الشيخ محمد بن سامي منياوي في رسالته "جهود ومنهج الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله في الدعوة إلى الله تعالى" أن آراءه الفقهية كانت تميل إلى مذهب الشافعي، وأنه كان ينتصر لقول الشافعي إذا وافقه الدليل، ولذلك عده كل من ترجم له من فقهاء الشافعية، ونسبوه كعادة السلف إلى الشافعي. وأيضا قال الشيخ منياوي أنه غلب عليه في آخر حياته الاجتهاد في المسائل الفقهية، والنظر في الأدلة، وأنه كان يبني أقواله على ما يترجح له منها. أما عقيدته فهي عقيدة أهل الآثر، كما هو واضح في مؤلفاته، ومن ذلك قوله في تفسيره: " وقوله تعالى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ [الملك: 16] . وهو مذهب السلف قاطبة كما نقله الإمام الذهبيّ في كتاب (العلوّ) . قال أبو الوليد بن رشد في (مناهج الأدلة) : لم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتون لله سبحانه وتعالى جهة (الفوق) حتى نفتها المعتزلة، ثم تبعهم على نفيها متأخرو الأشاعرة كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله- إلى أن قال: والشرائع كلها مبنية على أن الله في السماء، وأن منه تتنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين، وأن من السموات نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبيّ صلّى الله عليه وسلم." وفاته. توفي القاسمي ودفن في دمشق عام ألف وثلاث مائة واثنين وثلاثين للهجرة. وقد رزق بثلاثة أبناء وأربعة بنات. ورثاه كثير من تلامذته وإخوانه: منهم رشيد رضا ومحمود الألوسي وأخوه صلاح الدين القاسمي وخير الدين الزركلي وجرجي الحداد وغيرهم. محمد علي كمونة ( 1202 - 1282 هـ) ( 1787 - 1865 م). محمد علي بن محمد الأسدي الحائري النجفي، آل كمونة هو شاعر فحل، من مشاهير شعراء كربلاء ووجهائها، أكثر شعره في آل البيت. ينتمي إلى بيت زعامة ورئاسة وثروة ووجاهة، توفي بمرض الوباء في كربلاء ودفن في الحائر الحسيني. جمع أحفاده من بعده مجموع أشعاره في ديوان أسموه اللآلي المكنونة في منظومات ابن كمونة. شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي هو شاعر عربي بليغ من أهل الأحواز (الأهواز)، ولد في مدينة البصرة عام 1025هـ الموافق عام 1616م، وتوفي عام 1676م. يعتبر أول من نظم البند هو في شعر عربي. ولقد اصابه مرض الفالج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر ديوان شعره في ديوان سماه: ديوان شهاب الدين. وقد جمع ديوانه ولده معتوق والذي اشتهر باسمه والصواب ديوان أبي معتوق لأنه ليس في أجداده من اسمه معتوق، ولقد كان يسمى في الأصل ديوان أبي معتوق ثم قيل ابن معتوق لأنه أخف على اللسان كما صرح بذلك السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) ج3 ص175 نقلاً عن ملحق السلافة وكتاب الأنوار كما اشار المحقق الشيخ آغا بزرك الطهراني في (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ج9 ق1 ص29 إلى هذا الشيء في ذكره لديوان الشاعر أبي معتوق فقال (جمع الديوان ولد الناظم معتوق بن شهاب الدين بعد موت والده ورتبه على ثلاثة فصول: المدائح والمراثي والمتفرقات.. الخ) ثم قال: (وطبع مرة على الحجر بمصر عام 1271هـ وأخرى على الحروف بمطبعة شرف عام 1302هـ وأخرى بالإسكندرية عام 1290هـ، وأخرى ببيروت عام 1885م). وفاته. توفي شهاب الدين في عام 1087هـ/ 1676م. عبد الحسين بن يوسف الأزري (1880 - 1954) ، شاعر وكاتب وصحفي وسياسي من أعلام الفكر والأدب في العراق. سيرته. ولد عبد الحسين بن يوسف بن محمد الحظيري التميمي الأزري في بغداد سنة 1880 م/ 1298 هـ، لقب بالحظيري نسبة إلى الحظيرة، وهي منطقة قرب مدينة «بلد»، وقيل في لقبه «الأزري» أنه جاء نسبة إلى الأزر (جمع إزار)؛ لأن جده كان يبيع هذا النوع من المنسوجات. تلقى فيها علومه الأولى ودرس الأزري في بداية حياته كما يدرس أقرانه عند الكتاتيب ، ثم درس على الشيخ شكر قاضي الجعفرية، وقال الشعر وهو لا يزال فتى في الخامسة عشرة. كان الجو السائد آنذاك يعيش حالة الاضطراب السياسي والفكري، وكان من الطبيعي أن تنشأ حركة أدبية في ظل هذه الأجواء فدوى صوت الأزري عاليا وقويا في الاوساط الأدبية والاجتماعية والسياسية، فكان نشطا في دعم القضايا الاسلامية والدفاع عن الشريعة الحقة والمطالبة بحقوق الشعب والتحريض ضد المستعمرين فانضم إلى حزب الائتلاف عقب صدور الدستور العثماني سنة 1908، فأصدر صحيفة "الروضة "الادبية السياسية" عام" 1909، وبعد تعطلها من قبل الحكومة أصدر "مصباح الشرق" "السياسية" في 1910، لكنها عطلت أيضا فأصدر صحيفة "المصباح عام" 1911، ثم "المصباح الأغر التي استمرت بالصدور حتى قيام الحرب العالمية الأولى فأغلقتها الحكومة"، كما تولى شؤون مجلة "العلم" التي أصدرها العلامة السيد هبة الدين الشهرستاني في بغداد، ثم "الإصلاح عام" 1924. ونتيجة لنشاطه السياسي فقد نفاه العثمانيون إلى الأناضول في الحرب العالمية الأولى عام 1915، وعاش في المنفى عامين تعلم فيهما التركية والفرنسية، كما كان يجيد الفارسية من قبل. كما تم نفيه إلى جزيرة هنجام من قبل الإنكليز لدوره الفاعل في ثورة العشرين، وله قصيدة في رثاء زعيم الثورة الميرزا محمد تقي الشيرازي يتبين من خلالها مدى تفاعله مع الثورة وحماسه في مقارعة الاحتلال الإنكليزي، وتفجعه وتألمه لفقدان قائدها فيقول الأزري في بعض من قصيدته: كما مارس أعمالاً ووظائف أخرى غير الصحافة فعمل بالتجارة، كما كان مديرًا في ترامواي بغداد. وقد حذا حذوه ولداه في نشاطه السياسي، فالأزري هو والد عبد الكريم الأزري الذي شغل منصب وزير الخارجية ووزير الاعمار، وكان آخر وزير للمالية في العهد الملكي، و عبد الأمير الأزري وزير الموصلات والأشغال وسفير العراق في طهران في العهد الملكي. السفور والحجاب. من أهم القضايا التي عالجها الأزري ووقف فيها موقفاً مشرفاً هي قضية الدعوة إلى السفور والتي بدأت بمصر وانتشرت في بعض البلدان العربية ومنها العراق، ووجدت لها من يؤيدها وكان من أشد مؤيديها في العراق الزهاوي و الرصافي اللذين دعا في شعرهما إلى السفور ونبذ الحجاب بدعوى التحرّر، فوقف الأزري مدافعاً عن دينه وقيمه وأخلاقه وأبت عليه غيرته أن تكون هكذا دعوة في بلد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وكان الرصافي قد كتب عدة قصائد في الدعوة إلى السفور يقول في مطلع إحداها: ويقول من أخرى: ومن ثالثة: أما الزهاوي فراح يطلق سمومه على الملأ دون وازع من دين أو ضمير، يقول في مطلع إحدى قصائده: ويقول من أخرى: ومن أخرى يهاجم بها الحجاب: وأمام هذا التيار المنحرف كان لا بد من وقفة أمام هذه الدعوة الفاسدة، ولا بد من صوت يرد على هذه الأضاليل فكان هذا الصوت هو صوت شاعرنا عبد الحسين الأزري الذي ألقم دعاتها حجراً، فكان من أقواله في ذلك: الأزري في سجل التاريخ. قال عنه الأستاذ علي الشرقي: (في أوائل الحكم الوطني اُقيمت في بغداد سوق للشعر على غرار سوق عكاظ توافد إليها الاُدباء والشعراء من أنحاء العراق، وضربت خيمة للمحكّمين، وتبارى يوم ذاك الاُزري والرصافي والزهاوي، ففاز الحاج عبد الحسين، وحكم له بالتفوّق على صاحبيه) وقال عنه الأستاذ الكبير جعفر الخليلي: (من شعراء العراق اللامعين، حر التفكير والعقيدة، ومن أوائل دعاة التحرير، وقد أصدر في العهد العثماني جريدة ببغداد، كانت من أوائل الجرائد إن لم تكن أول جريدة طالبت بحقوق العرب وحريتهم، وقد نفاه الأتراك وحُبس في الأناضول ولم يكن يعرف له هذه الشاعرية الفياضة إلا القليل حتى ظهر لأول مرة بسوق عكاظ ببغداد، وكان من المجلين في تلك الحلبة، ثم اشتهر بعد ذلك كشاعر متحرر سلس العبارة محكم القافية، ولشعره طابع خاص قل الذين يجارونه فيه عذوبة). وقال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (كان يتقن اللغة التركية والفارسية مضافاً إلى الفرنسية، وقرض الشعر وهو دون الخامسة عشرة فأجاد وأبدع على صغر سنه وتعاطى التجارة واشتغل بالسياسة وجال في عالم الصحافة). وقال عنه عبد العزيز البابطين: (نظم في الموضوعات المألوفة التي تناولها شعراء عصره: الإصلاح الاجتماعي والسياسي، والقضايا القومية، كما رثى، ووصف، وهنّأ، غير أن بعض قصائده فيها دعابة واضحة واستثمار لفن المفارقة، وفي بعض آخر نفس قصصي واضح، وربما أشبع الوصف حتى يُظن أن هذا من أثر قراءته في الشعر الفرنسي). وقال عنه الحاج حسين الشاكري: (شاعر فاضل، من أسرة وجاهة وتجارة وأدب، نال قسطاً من التعليم على مشايخ الأدب في مدارس بغداد ومحافلها فأثر ذلك فيه وأغنى شعره الذي طرق فيه مختلف الظواهر الاجتماعية والأحداث السياسية، والأزري إلى جانب ذلك محدث بارع لبق ظريف، لغوي مؤرخ، يعد من شعراء الطليعة في الأدب العراقي). وقال عنه الزركلي: (شاعر صحفي عراقي، من أهل بغداد. أنشأ جريدة (المصباح) سنة 1911 - 1914 ونفي إلى الأناضول في الحرب العامة الأولى. ثم كان من رجال الثورة العراقية (1920) ونفاه الإنكليز إلى هنجام. انتخب منه روفائيل بطي في الأدب العصري نحو 40 صفحة، قالت وكالة الأنباء العربية في خبر وفاته ببغداد: كان من الرواد الذين أعانوا على تحقيق الحكم الوطني في العراق). وقال عنه المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي: (اشتغل بالصحافة والسياسة بحكم عصره ومواهبه، أديب شاعر كان يتقن اللغات العربية والفارسية والتركية). وقد وردت ترجمة الأزري في عدد من المراجع الأدبية الأخرى مثل: أعيان الشيعة، والدليل العراقي، والأدب العصري في العراق، ومعجم المؤلفين العراقيين وغيرها، كما ألف عنه الأستاذ نظير خير الدين كتابا تضمن حياته ودراسة شعره. شعره. قال عنه عبد العزيز البابطين في معجمه أنه «نظم في الموضوعات المألوفة التي تناولها شعراء عصره: الإصلاح الاجتماعي والسياسي، والفكري، والقضايا القومية، كما رثى، ووصف، وهنّأ، غير أن بعض قصائده فيها دعابة واضحة واستثمار لفن المفارقة، وفي بعض آخر نفس قصصي واضح، وربما أشبع الوصف حتى يُظن أن هذا من أثر قراءته في الشعر الفرنسي.» له ديوان (الحاج عبد الحسين الأزري) حققه: مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر -مؤسسة النعمان- بيروت (صدر في السبعينات)، الديوان 416 صفحة، وضم ديوان الأزري مختلف أغراض الشعر حيث كتب نظم في الإصلاح الاجتماعي والسياسي والفكري كما كتب في أهل البيت (عليهم السلام)، وله مجموعة من قصائد مختارة ضمها كتاب "الأدب العصري في الكتاب العربي يقول الأستاذ علي الشرقي عن شعره: (وليس للأستاذ الأزري ديوان واحد ولكن هذا المجموع كان الحبيب إليه من شعره. لم يبهرني ذلك الديوان بديباجته المشرقة ولا لأنه مجموعة صور رسمتها ريشة خلاق بل لأني وجدته وعاءً أنيقاً في قراراته روح الشاعر، وفي جنباته قلبه المشع وعاطفته الملتهبة...) وقال السيد جواد شبر عن ديوانه: (وله ديوان شعر يصوّر فيه أفكار جيل كامل بكل نزعاته تصويراً غاية في البراعة) ومن أهم أغراض الديوان التي عالجها الأزري هي قضية أهل البيت (عليهم السلام) مسلطاً الضوء على القضايا التاريخية التي رافقت حياتهم (عليهم السلام) بأسلوب رصين وموضوعي مشخِّصاً الداء الذي أصاب الجسد الإسلامي بإبعادهم عن مكانهم الطبيعي في الخلافة. أعماله. ترك الأزري عدة مؤلفات -شعرية ونثرية- في الأدب والتاريخ والسياسة منها: وفاته. توفي عبد الحسين الأزري في بغداد عام 1954م/ 1374ه. عبد الباقي افندي بن سليمان بن أحمد العمري الفاروقي الموصلي يمتد نسبه إلى عاصم ابن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث انه من ابرز ما انجبت الاسرة العمرية الشهيرة في العراق ومن أشهر رجالات هذه الاسرة في مجالي السياسة والأدب. ولد في الموصل عام 1203هـ/ 1788م، وولي فيها ثم ولي بغداد أعمالاً حكومية رفيعة في الدولة العثمانية منها منصب كتخدا بغداد والموصل و(منصب كتخدا يعني منصب نائب الوالي)، وحينما شغل العمري وظيفة الكتخدائية أختار من اعيان الموصل وفداً رأسه بنفسه ووفد به على داود باشا والي بغداد يلتمسه في تولية يحيى باشا، وكان داود باشا والي بغداد معروفا بالأبهة والكبرياء مايملأ مراجعيه وزائريه هيبة وخوفاً، حتى في يوم الجمعة وهو يوم جلوسه لاستقبال الضيوف وأكثر من ذلك فقد نقل عن مدى تأثير جبروته وغلظته على زائريه أنهم لم يجرؤوا على تناول القهوة التي تقدم في مجلسه. وعلى وضعية هذا الوالي المليئة بالمهابة. دخل عليه الوفد الموصلي برئاسة الشاعر العمري وجلس بجانب الوالي وتناول قهوته التي قدمت له من دون أن تؤثر هيبة الوالي عليه. وبعد أن استفسر الوالي حاجته. اجابه بالبيتين التاليين: يامليك البلاد منيتي حاشاك... مثلي يعود منك كسيرا أنت هارون وقته ورجائي... أن أرى في حماك يحيى وزيرا فاعجب الوالي بموقفه ولباقته وجمال توريته فأصدر أمره برفع الطلب إلى السلطان العثماني للموافقة عليه، ولما تميز به الشاعر عبد الباقي من ذكاء ومهارة سياسية وإدارية فضلا عن مهارته الأدبية التي اهلته لتقلد، ومنذ فترة مبكرة من سني حياته منصب كتخدا ولاية الموصل في عهد الوالي يحيى باشا الجليلي وله في الوزير يحيى باشا الجليلي ديوان من الشعر وهو الديوان المسمى نزهة الدنيا في محامد الوزير يحيى. وعبد الباقي العمري هو ابن عم قاسم باشا العمري الذي قاد أول ثورة شعبية ضد الدولة العثمانية في العراق انتهت بمصرع الوالي المعين من قبلها في الموصل وتنصيبه واليا على الموصل، ومن ثم قيادته للحملة العسكرية الموجهة لاسقاط داود باشا والي بغداد وانهاء حكم المماليك في العراق، حيث رافق عبد الباقي العمري ابن عمه قاسم باشا في هذه الحملة وتولى قيادتها بعد مقتله ولحين وصول الجيش الذي يقوده علي رضا باشا اللاز والي حلب، حيث قتل قاسم باشا بعد دخوله بغداد وتنصيبه واليا عليها بفترة قصيرة. وعبد الباقي العمري هو شقيق محمود منيب الذي تولى تربية وتوجيه الملا عثمان الموصلي بعد ان كف بصره وفقد والديه وهو طفل صغير. وعبد الباقي العمري هو عم أحمد عزت باشا العمري الفاروقي رئيس تحرير جريدة الزوراء وهي أول صحيفة عراقية صدرت في عهد الوالي مدحت باشا، والذي شغل منصب متصرف في شهرزور، ثم متصرفا في الأحساء ثم متصرفا في تعز في اليمن. ثم عاد ليقيم في الاستانة مشتغلا بالعلم والأدب ونظم الشعر والتأليف، ومن مؤلفاته كتاب الطراز الانفس في شعر الاخرس. والشاعر عبد الباقي العمري هو أيضا عم والد سامي باشا العمري الفاروقي ابن علي الرضا، عضو مجلس الأعيان العثماني، والملحق العسكري العثماني في برلين، وقائد الحملة العثمانية (الحملة الحورانية) على جبل الدروز في سوريا، وقائد الحملة العثمانية على الكرك في الأردن، ووالي المدينة المنورة لاربع سنوات (1320هـ - 1324هـ)، وقائد الحملة العثمانية التي جهزتها الدولة العثمانية لمحاربة ابن سعود. وعبد الباقي العمري هو جد رشيد العمري متصرف لواء الرمادي في اواخر عهد الدولة العثمانية، وعبد الباقي العمري هو والد جد ناظم العمري صاحب الندوة العمرية في الموصل وعضو اللجنة التنفيذية للدفاع عن عروبة الموصل ضد محاولات ضمها إلى تركيا عام 1925 (وهي لجنة منتخبة من قبل اهالي ووجهاء الموصل كلفت بالدفاع عن عروبة الموصل وعراقيتها). ومن انجازات عبد الباقي العمري قيادة الحملة العسكرية التي جهزتها الدولة العثمانية للقضاء على الفتنة التي شبت بين قبيلتي الزكرت والشمرت في النجف حيث قضى على الفتنة دون أن يريق قطرة واحدة من الدماء ونال بذلك ثناء القبيلتين المتحاربتين ويعد الشاعر عبد الباقي العمري من ابرز الشعراء في مدح آل البيت رضوان الله عليهم حيث اجاد في مدحهم بشعر كثير شغل معظم ديوانه الشهير (الترياق الفاروقي) إضافة إلى ديوانه الباقيات الصالحات، ومن ابرز قصائده في هذا المجال قصيدته الشهيرة في مدح الخليفة الراشد علي بن أبي طالب والتي مطلعها: أنت العلي الذي فوق العُلا رُفِعا _ ببطن مكة وسط البيت إذ وُضعا_ سمتك امُك بنت الليث حيدرةً _ اكرم بلبوة ليثٍ انجبت سبُعا_ وأنت حيدرة الغاب الذي اسد البرج _ السماويِ عنه خاسئاً رجعا_ وأنت باب تعالى شأنُ حارسه _ بغير راحة روح القدس ما قُرعا وللعمري قصائد غزل عذبة تمور بالرقة والشاعرية، إضافة إلى كتابته أكثر من موشح غني بالصور والظلال وفرح الألوان في الطبيعة المتألقة المتفتحة، وهي موشحات تحتفي بالحياة وتمجد الجمال. وكان له مجلس في بغداد يحضره مع الشيخ أبو الثناء محمود الآلوسي مفتي بغداد، والشاعر عبد الغفار الأخرس، وله مخاطبات ادبية وشعرية رقيقة مع ادباء وشعراء النجف الاشرف، وهو أول من اطلق لقب (الملائكة)، على عائلة الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة، ولقد دون شعر عبد الباقي العمري في ديوانه المعروف ب (الترياق الفاروقي) والذي طبع طبعتين في مصر وطبع طبعة أخرى على مطابع النعمان في النجف الاشرف، ولقد ترجم له الدكتور محمد مهدي البصير في كتابه نهضة العراق الأدبية بطبعتيه الأولى والثانية ترجمة وافية إضافة إلى تراجم أخرى كثيرة لكتاب اخرين. وكان يلقب بالفوري، لإنشاده الشعر على الفور. ويقول صاحب الروض الأزهر . خلف عبد الباقي العمري ثلاثة من الأبناء الذكور هم كل من (سليمان فهيم) و(حسين حسني) و(محمد وجيهي)، هاجر اثنان منهم إلى مصر وهم كل من حسين حسني ومحمد وجيهي وشغلا هناك مناصب مهمة في مصر الخديوية منها متصرفية حلوان وانقطعت ذريتهم هناك، وكان آخر من تبقى من ذريتهم هناك السفير محمد طاهر العمري سفير مصر في الفاتيكان في خمسينيات القرن الماضي، اما سليمان فهيم فقد بقي في العراق وتقطن ذريته حاليا في مدينة الموصل ويعدون من ابرز اعيانها ويمتهن معظمهم زراعة الأراضي الزراعية التي يمتلكونها هناك. ومن عائلته (ياسين ابن خير الله العمري) المتوفى بعد سنة 1235هـ/ 1818م، وهو أحد المؤلفين المشهورين في الموصل. حيث قام الدكتور بدري محمد فهد بتحقيق كتابه (منهج الثقات في تراجم القضاة) وطبع في دار الغرب الإسلامي عام 2010. من مؤلفاته. ديوان عبد الباقي العمري .. بوابة الشعراء وفاته. توفي الشاعر عبد الباقي العمري ليلة الأثنين من عام 1278هـ/1861م، ودفن في مقبرة الحضرة القادرية في بغداد. مصادر. http://www.baghdadiabian.com/news.php?action=view&id=3 مدينة أوراديا، وتٌسمى أيضاً "ڤاراد" (Várad)، مدينة صغيرة رومانية. (بالرومانية:Oradea, بالهنغارية: Nagyvárad, بالألمانية: Großwardein) تقع في الشمال الغربي لرومانيا عاصمة محافظة بيهور ضمن إقليم كريشانا التاريخي تبعد 153 كم غربي مدينة كلوج-نابوكا، على الحدود مع هنغاريا (المجر) حيث يبلغ عدد سكانها 350.800 نسمة حسب عام 2007. يشكل المجريون حوالي 27% من سكانها والباقي رومان. المناخ. يظهر الجدول التالي التغييرات المناخية على مدار السنة لأوراديا: توأمة. لأوراديا اتفاقيات توأمة مع كل من: توجد 29 محمية طبيعية في مصر حتى عام 2010، وذلك لتوفير الحماية للموارد الطبيعية والتنوع الأحيائي، وللحفاظ على التوازن البيئي، وتُقدر مساحة المحميات الطبيعية بـ15% من المساحة الكلية لمصر التي تبلغ 1,002,450 كم مربع. تاريخ. بدأت فكرة إنشاء المحميات الطبيعية في مصر بعد إصدار القانون رقم 102 لعام 1983 في شأن المحميات الطبيعية، ثم صدر قانون رقم 4 لعام 1994 في شأن حماية البيئة، وذلك ليكون سنداً للقانون الأول. وقد صدرت قرارات من رئيس الوزراء المصري في الفترة من 1994 حتى 2010 بإنشاء 29 محمية طبيعية في مصر، والتي شغلت 15% من مساحة الجمهورية الإجمالية. قَابُس، هي مدينة تونسية ومركز ولاية قابس، يقطنها حوالي 130.984 نسمة (تعداد سنة 2014). تقع المدينة على الخليج الذي يحمل نفس الاسم والذي يعد من أهم المحميات الطبيعية بالبلاد التونسية. تبعد حوالي 405 كلم على العاصمة التونسية تونس. تاريخ. الأهمية التاريخية. أرجع كثير من الباحثين أهميَّة قابس التاريخية إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي، إذ أنَّها تقع على البحر، وتطل على خليج سيرتا الصغير، وقد سمَّى المؤرِّخ اليوناني هيرودوتس الملقب بأبي التاريخ الخليج . وتحيط بقابس الواحة في أغلب جهاتها، ومن عوامل أهمية موقعه الجغرافي الاستراتيجي هو كونها واقعة على الطريق التجارية التي تربط المشرق بالمغرب والمحطات التجارية الإفريقية، بالإضافة إلى كونها الباب الذي دخل منه الفاتحون العرب لإفريقيا. تأسيس قابس. من المشهور أنَّ قابس قد أسسها الفينيقيون، غير أنَّ بعض الباحثين يحتملون أنَّ البربر هم الذين سبقوا الفينقيين بتأسيس تكاب القديمة، ومن هؤلاء محمد المرزوقي في كتابه "قابس جنة الدنيا" إذ نقل عن "دائرة المعارف الإسلامية" ما نصه: . وقد عرض بلقاسم بن محمد جراد في كتابه "قابس عبر التاريخ" بعضاً من المؤيدات التي تؤيد ما احتمله المرزوقي، ومنها: وجود مقابر على الشكل البربري والفينيقي والروماني والإسلامي بمقبرة سيدي بولبابة القديمة، وأثناء الحفريات لبناء المساكن، وكذلك عند توسيع الضريح من الخلف حيث بني المسجد الجديد، وكذلك عند حفر بناء المساكن؛وجدت بعض المقابر في صناديق من الحجارة وفي دنانات خوابي فخارية مما يثبت الأطوار التاريخية التي مرَّت بها قابس منذ تاريخها القديم. ثم ورثتها عنهم الإمبراطورية القرطاجية. خلال القرن الثاني قبل الميلاد وبعد انتصار روما على قرطاج في الحرب البونيقية الثانية أصبحت المدينة مستعمرة تابعة لمقاطعة طرابلس الرومانية وعرفت باسم "تاكابي" حيث ذكرها أبوليوس في أعماله. عرفت قابس كذلك باسم تاكابيس أو تاكاباس كما عرف خليجها باسم "مينوريس سيرتيس" أو سيرتيس الصغرى. و معروفة هي أسماء ثلاثة من قديسي تاكابي المسيحية وهم : ديولكيتيوس الذي أوفد إلى مجمع قرطاجة كممثل عن أساقفة إقليم طرابلس عام 403 م كما حضر مؤتمر قرطاجة عام 411 م، ونجد كذلك الأسقف سيرفيليوس الذي طرده الملك الوندالي هينريك في عام 484 م، وأما القديس الثالث فهو كايوس أو غالوس الذي أوفد كممثل عن مقاطعته إلى مجمع قرطاجة عام 525 م. معركة قابس. أعدت الكاهنة جيشا كبيرا وخرجت مدافعة عن ملكها، والتقى الجيشان قرب منطقة قابس فكانت الغلبة للجيش البربري، وتراجع العرب إلى برقة بليبيا بعد أن أسر العديد منهم… وكان من بين الأسرى خالد بن يزيد الذي يذكر الرواة أن تاهية تبنته وجعلته من مقربيها وأطلعته على أسرارها، إلا أنه نقل هذه الأسرار إلى حسان ممهدا له الطريق لإعادة المحاولة. وكانت القائدة البربرية قد إتبعت خطة الأرض المحروقة التي تقوم على إتلاف الغراسات والمحاصيل وتخريب القرى والمدن، وذلك حتى لا يطمع المهاجمون فيها فتضمن رجوعهم إليها ثانية، إلا أن حسان بن النعمان لم ينخدع بهذا الصنيع، وعاود. ونظرا لموقعها الإستراتيجي اكتست المدينة بعض الأهمية مع الفتوحات الإسلامية خلال القرن السابع للميلاد حتى أن العرب أطلقوا عليها اسم دمشق الصغرى ومع انتصاب الحماية الفرنسية على البلاد التونسية سنة 1881 أصبحت المدينة أهم موقع عسكري فرنسي بالإيالة التونسية. في سنة 1940 سقطت المدينة تحت السيطرة الألمانية ودمرت بصفة شبه تامة سنة 1943. أعيد بناءها سنة 1945 لتتضرر من جديد بفيضانات سنة 1962. الاقتصاد. قابس هي من أكبر المدن الصناعية التونسية. معظم الأنشطة الاقتصادية موجهة نحو الصناعات الكيميائية. تقدم المدينة واحدة من أفضل درجات الكيمياء في أفريقيا في جامعة قابس. الصناعات الرئيسية هي: الحرب الأهلية الجزائرية أو العشرية السوداء في الجزائر هي صراع مسلح قام بين النظام الجزائري وفصائل متعددة تتبنى أفكارًا موالية للجبهة الإسلامية للإنقاذ والإسلام السياسي، بدأ الصراع في يناير عام 1992 عقب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 1991 في الجزائر والتي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا مؤكدا مما حدا بالجيش الجزائري التدخل لإلغاء الانتخابات البرلمانية في البلاد مخافة من فوز الإسلاميين فيها. وبدأ الصراع في ديسمبر عام 1991، عندما استطاعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ هزيمة الحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني في الانتخابات البرلمانية الوطنية. ألغيت الانتخابات بعد الجولة الأولى وتدخل الجيش للسيطرة على البلاد، وتم حظر الجبهة الإسلامية للإنقاذ واعتقل الآلاف من أعضائها، وشنت الجماعات الإسلامية حملة مسلحة ضد الحكومة ومؤيديها، وقامت بأنشاء جماعات مسلحة اتخذت من الجبال قاعدة لها، وأعلنت الحرب على الجبهة الإسلامية للإنقاذ في عام 1994, بعد انهيار المحادثات أجريت الانتخابات وفاز بها مرشح الجيش الجنرال اليمين زروال. بدأت الجماعة الإسلامية المسلحة بسلسلة من مذابح تستهدف الأحياء أو القرى بأكملها بلغ ذروته في عام 1997، وتسببت المجازر وارتفاع عدد الضحايا في إجبار كلا الجانبين إلى وقف إطلاق النار من جانب واحد مع الحكومة في عام 1997. وفي هذه الأثناء وفاز الطرف المؤيد للجيش بالانتخابات البرلمانية. في عام 1999 تم انتخاب رئيس جديد للبلاد، وبدا عدد كبير من من المقاتلين الانسحاب والاستفادة من قانون العفو الجديد، وبدأت الجماعات تنحل وتختفي جزئيا بحلول عام 2002 وتوقفت عمليات القتال، باستثناء مجموعة منشقة تسمى الجماعة السلفية للدعوة والقتال والتي انضمت لاحقاً إلى تنظيم القاعدة في أكتوبر 2003. الجماعات المعارضة. منها الجماعة الإسلامية المسلحة والحركة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح والجيش الإسلامي للإنقاذ وهو الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ. بدأ الصراع في يناير عام 1992 عقب إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية لعام 1991 في الجزائر والتي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا مؤكدا مما حدا بالجيش الجزائري التدخل لإلغاء الانتخابات التشريعية في البلاد مخافة من فوز الإسلاميين فيها. بالرغم من أن حدة العنف قد خفت منذ عام 2002 ولكن واستنادا إلى وزارة الداخلية الجزائرية لايزال هناك قرابة 1000 من ما تصفهم الحكومة بـ "المتمردين المسلحين" نشطين في الجزائر. في سبتمبر 2005 أيدت أغلبية كبيرة من الجزائريين العفو الجزئي الذي أصدرته الحكومة الجزائرية عن مئات من المسلحين الإسلاميين ضمن ما عرف "بميثاق السلم والمصالحة الوطنية" بهدف إنهاء من عقد من النزاع. بموجب قانون الوئام المدني، الذي اقترحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تم العفو عن عدد كبير من الأشخاص الذين تورطو في أعمال عنف، لكن المعارضين للميثاق يعتبرون أن المصالحة غير ممكنة دون تحقيق العدالة ويطالبون بأن تفتح الدولة تحقيقا بشأن آلاف الأشخاص الذين اختفوا طيلة الأعوام الماضية ولم يعرف مصيرهم وعرف هذا بملف المخطوفين. البدايات. بعد تسلم الشاذلي بن جديد السلطة في الجزائر عام 1979 بدأت محاولاته لتطبيق خطته الخمسية التي كانت تهدف إلى إنشاء قواعد للاقتصاد الحر في الجزائر والنهوض بالمستوى الاقتصادي المتعثر للجزائر ولكن سنوات حكمه شهدت نشاطا معارضا القبائل والمفرنسين في مجال معارضتهم لسياسة التعريب التي تنتهجها الحكومة وخاصة في مجال التعليم فبعد منع خطبة حماسية للناشط والأستاذ القبائلي مولود معمري في جامعة حسناوة بتيزي وزو في 10 مارس 1980 بدأت حملة منظمة من الطلاب والأطباء والناشطون الأمازيغ للبدأ في إضراب عام مما حدى بالرئيس الجزائري آنذاك بن جديد بأن يجري تعديلات على سياسة الحكومة ومنها على سبيل المثال منح حقوق ثقافية وإعلامية وجامعية للأمازيغ هذه التعديلات اعتبرت من قبل مما يوصفون اليوم باتباع منهج الإسلام السياسي بأنها تنازلات تهدد الهوية القومية للجزائر. ومن جهة أخرى كان لعدم قدرة الرؤساء السابقين للجزائر النهوض بالأقتصاد الجزائري وفشل الأفكار الشيوعية والقومية العربية في إيجاد حل جذري لمشاكل البلاد الداخلية، كل هذه العوامل أدت إلى بروز تيار قامت بتفسير التخلف والتردي في المستوى الأقتصادي والاجتماعي إلى ابتعاد المسلمين عن التطبيق الصحيح لنصوص الشريعة الإسلامية وتأثر حكوماتهم بالسياسة الغربية. بدأ نشاط التيار الإسلامي السياسي بالازدياد تدريجيا متأثرا بالثورة الإسلامية في إيران فمن خلال بعض العمليات التي كانت تستهدف محلات بيع المشروبات الروحية وممارسة الضغط على السيدات بارتداء الحجاب وفي عام 1982 طالب ذلك التيار علنا بتشكيل حكومة إسلامية ومع ازدياد أعمال العنف وخاصة في الجامعات الدراسية تدخلت الحكومة وقامت بحملة اعتقالات واسعة حيث تم اعتقال أكثر من 400 ناشط من التيار المتبني لفكرة الإسلام السياسي وكان من بينهم أسماء كبيرة مثل عبد اللطيف سلطاني ولكن الحكومة بدأت تدرك ضخامة وخطورة حجم هذا التيار فقامت وكمحاولة منها لتهدئة الجو المشحون بافتتاح واحدة من أكبر الجامعات الإسلامية في العالم بولاية قسنطينة في عام 1984 وفي نفس السنة تم إجراء تعديلات على القوانين المدنية الجزائرية وخاصة في ما يخص قانون الأسرة حيث أصبحت تتماشى مع الشريعة الإسلامية. لكن الاقتصاد الجزائري استمر بالتدهور في منتصف الثمانينيات وإزدادت نسبة البطالة وظهرت بوادر شحة لبعض المواد الغذائية الرئيسية ومما ضاعف من حجم الأزمة كان انخفاض أسعار النفط في عام 1986 من 30 دولارا للبرميل إلى 10 دولارات وكان الخيار الوحيد أمام الشاذلي بن جديد للخروج من الأزمة هو تشجيع القطاع الخاص بعد فشل الأسلوب الاشتراكي في حل الأزمة وقوبلت هذه التغييرات بموجة من عدم الرضا وأخذ البعض في الشارع الجزائري يحس بأن الحكومة تظهر لامبالاة بمشاكل المواطن البسيط تصاعد الغضب في قطاعات واسعة من الشارع الجزائري وفي أكتوبر 1988 بدأت سلسلة من إضرابات طلابية وعمالية والتي أخذت طابعا عنيفا بصورة تدريجية وانتشرت أعمال تخريب للممتلكات الحكومية إلى مدينة عنابة والبليدة ومدن أخرى فقامت الحكومة بإعلان حالة الطوارئ وقامت باستعمال القوة وتمكنت من إعادة الهدوء في 10 أكتوبر بعد أحداث عنيفة أدت إلى قتل حوالي 500 شخص واعتقال حوالي 3500 شخص وسميت هذه الأحداث من قبل البعض "بأكتوبر الأسود" كما يصفها البعض الآخر ب"انتفاضة أكتوبر". كانت للطريقة العنيفة التي انتهجتها الحكومة في أحداث أكتوبر نتائج غير متوقعة حيث قامت مجاميع تنتهج الإسلام السياسي بإحكام سيطرتها على بعض المناطق وطالبت منظمات عديدة في الجزائر بإجراء تعديلات وإصلاحات فقام الشاذلي بن جديد بإجراءات شجعت على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير فقام عباسي مدني وعلي بلحاج بتأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في مارس 1989 بعد التعديل الدستوري وإدخال التعددية الحزبية. وكان عباس مدني الأستاذ الجامعي والمحارب السابق في حرب التحرير الجزائرية يمثل تيارا دينيا معتدلا وكان لدوره السابق في حرب التحرير أثرا رمزيا في ربط الحركة الجديدة بتاريخ النضال القديم للجزائر وفي الجهة الأخرى وصف الكثيرون علي بلحاج الذي كان أصغر عمرا بأن أفكاره متطرفة حيث قال في أحد خطبه "إن المصدر الوحيد للحكم هو القرآن وإذا كان اختيار الشعب منافيا للشريعة الإسلامية، فهذا كفر وإلحاد حتى إذا كان هذا الاختيار قد تم ضمن انتخابات شعبية. بدأت الجبهة تلعب دورا بارزا في السياسة الجزائرية وتغلبت بسهولة على الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني الذي كان الحزب المنافس الرئيسي في انتخابات عام 1990 مما حدى بجبهة التحرير الوطني إلى إجراء تعديلات في قوانين الانتخابات وكانت هذه التعديلات في صالح الحزب الحاكم فأدى هذا بالتالي إلى دعوة الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى إضراب عام وقام الشاذلي بن جديد بإعلان الأحكام العرفية في 5 يونيو 1991 وتم اعتقال عباسي مدني وعلي بلحاج. في ديسمبر 1991 أصيب الحزب الحاكم بالذهول حيث أنه برغم التعديلات الانتخابية واعتقال قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلا أن الجبهة حصلت على أغلبية ساحقة من المقاعد في الدور الأول وهو 188 مقعدا من أصل 232 ومحاولة من النظام القائم في الحيلولة دون تطبيق نتائج الانتخابات تم تأسيس المجلس الأعلى للدولة والذي يتكون من 5 أعضاء وهم الجنرال خالد نزار (وزير الدفاع) وعلي كافي وعلي هارون والتيجاني هدام ومحمد بوضياف والتي كانت عبارة عن مجلس رئاسي لحكم الجزائر وذلك بعد إجبار الشاذلي بن جديد على الاستقالة وإلغاء نتائج الانتخابات وكان رئيس المجلس هو محمد بوضياف إلى أن اغتيل في ظروف غامضة من طرف أحد حراسه والمدعو بو معرافي لمبارك في 29 يونيو 1992 ليحل محله علي كافي إلى أن تم استبداله باليمين زروال في 31 يناير 1994 واستمر حتى 27 أبريل 1999. أطراف الصراع. كان الفوز الساحق للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الأنتخابات أمرا غير مقبول لدى كبار رجال قيادات الجيش في الجزائر حيث قام رجال في الجيش باجبارالشاذلي على إلغاء النتائج لكنه رفض لأنه وعد شعبه بأن تكون النتائج من اختيار الشعب فأجبر على الاستقالة في 11 يناير 1992 وجلبوا المحارب القديم في حرب تحرير الجزائر، محمد بوضياف والذي كان يعيش في المغرب بعيدا عن صراعات السلطة ليكون رئيس المجلس الأعلى للبلاد وتم اعتقال 5000 من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ حسب المصادر الحكومية بينما يؤكد الجبهة إنه تم اعتقال 30,000 من جماعتهم ونقلوا إلى سجون في الصحراء الكبرى وقامت منظمة العفو الدولية بالإشارة إلى الكثير من الانتهاكات في حقوق الإنسان خلال تلك الفترة وفي 4 مارس 1992 قامت الحكومة بإلغاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب سياسي مرخص. اعتبر أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذين لم تطلهم يد الاعتقال تصرفات الجيش بمثابة إعلان حرب على الجبهة وقرروا البدأ بحرب عصابات بكل وسيلة متوفرة لهم وانضم إلى الجبهة فصائل أخرى كانت تنتهج مبدأ الإسلام السياسي وكان أفراد الجيش وقوات الشرطة الهدف الرئيسي للمسلحين الذين اتخذوا من المناطق الجبلية في شمال الجزائر معاقل رئيسية لهم ولكن المناطق الغنية بالنفط بقيت تحت السيطرة الكاملة للحكومة وكانت بعيدة عن مناطق الصراع الرئيسية. أدت هذه الأوضاع المتأزمة إلى تدهور أكثر في الاقتصاد الجزائري وزاد الوضع تأزما بعد اغتيال محمد بوضياف الذي كان أمل الجيش في إعادة الهدوء للبلاد لكونه رمزا من رموز تحرير الجزائر والذي تم اغتياله في 29 يونيو 1992 أثناء إلقاء خطاب في مراسيم افتتاح مركز ثقافي في عنابة على يد أحد أعضاء فريق حمايته والذي وصف بكونه "متعاطفا مع الإسلاميين" وبعد عملية الاغتيال تلك حكم على عباسي مدني وعلي بلحاج بالسجن لمدة 12 عاما. في 26 أغسطس 1992 أخذ الصراع منعطفا خطيرا وهو استهداف الرموز المدنية للحكومة حيت تم استهداف مطار الجزائر وراح ضحية الانفجار 9 قتلى واصيب 128 آخرين بجروح وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على الفور بشجب الحادث وإعلان عدم مسؤوليتها عن الانفجار ، وأصبح واضحا وبصورة تدريجية إن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست لها الكلمة العليا في توجيه أساليب الصراع المسلح مع الحكومة وبدأت أسماء مثل مجموعة التكفير والهجرة والحركة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح تبرز إلى السطح وهذه المجاميع كانت تعتبر متطرفة في تطبيقها لمبدأ الإسلام السياسي مقارنة بإسلوب الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي وصفت بأنها أكثر اعتدالا. فجماعة التكفير والهجرة على سبيل المثال كانت مصرية المنشأ حيث انبثقت في أواخر الستينيات وانتشرت في العديد من الدول وبرز اسم الجماعة بصورة ملفتة للنظر في عام 1977 حيث أصبح المهندس الزراعي المصري شكري مصطفى زعيما للجماعة وشكري مصطفى كان عضوا سابقا في حركة الإخوان المسلمين ولكنه انتهج أسلوبا أكثر تشددا بعد إعدام سيد قطب ، وكان محمد بويري الذي قام باغتيال المخرج الهولندي ثيو فان كوخ في 2 نوفمبر 2004 عضوا في جماعة التكفير والهجرة. كانت هناك بوادر واضحة على انعدام المركزية والتنسيق المنظم بين هذه المجاميع المختلفة وكان هناك بوادر خلافات بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي كانت الطرف الرئيسي في نشوء الأزمة والفصائل الإسلامية التي انضمت إليها. في لقاء لقناة العربية الفضائية مع "الأمير الوطني" للجيش الإسلامي للإنقاذ مدني مزراق في 18 أكتوبر 2004 قال مرزاق "الجماعة الإسلامية في الحقيقة جمعت شتاتاً غير متجانس، فهناك من كان في الهجرة والتكفير، وهناك من كان في الإخوان، وهناك من كان في التيار السلفي الذي لا يؤمن بالتكفير، وهناك من جاء من الخارج من أفغانستان، وطبعاً وجلب معه المتناقضات الموجودة في أفغانستان" و"لم تكن الجماعة الإسلامية تملك من النظام والتنظيم ما يسمح لها أن تضبط هؤلاء الأفراد". في ظل عدم وجود تنظيم وقيادة مركزية موحدة بدأت موجة من أعمال العنف التي استهدفت مدنيين كالمعلمين والمدرسين والموظفين والإعلاميين والمفكرين والأجانب بحجة إنهم متعاونون مع السلطة وكانت الجماعة الإسلامية المسلحة برئاسة عنتر الزوابري وراء الكثير من هذه العمليات. المفاوضات. استمرت أعمال العنف طيلة عام 1994 ولكن الاقتصاد الجزائري بدأ بالتحسن نوعا ما بعد قدرة الحكومة على تمديد فترة دفع بعض الديون وحصولها على مساعدات مالية عالمية بقيمة 40 مليار دولار ، ولم تكن في الأفق بوادر توقف قريب لأعمال العنف وفي هذه الأثناء وفي 31 يناير 1994 تم اختيار اليمين زروال رئيسا للدولة لتسيير شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية الذي كان يفضل مبدأ الحوار والتفاوض أكثر مقارنة بالرئيس الذي سبقه علي كافي فبدأ زروال محادثات مع قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المسجونيين وأطلق سراح العديد منهم وأدى أسلوب زروال إلى حدوث انقسام بين مواقف الجهات المحاربة لفكر الإسلام السياسي فكانت جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية تفضل التفاوض لحل الأزمة بينما كان الاتحاد العام للعمال الجزائريين والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية ومنظمة الشباب الأحرار الجزائرية كانت تفضل تصفية كاملة لظاهرة الإسلام السياسي المسلح وبدأت منظمة الشباب الأحرار بالفعل باستهداف من اعتبرتهم "متعاطفين مع الإسلاميين". في هذه الأثناء برزت الجماعة الإسلامية المسلحة كفصيل نشيط في حرب العصابات وفي 26 أغسطس 1994 اعلنت الجماعة تطبيقها لقوانين الخلافة الإسلامية واختارت لقب أمير المؤمنين لزعيمها واستمرت في استهداف المدنيين وكان الشاب حسني، المطرب الجزائري من بين من تم استهدافهم حيث أغتيل في 29 سبتمبر 1994. في هذه الفترة ومحاولة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ لإعادة زمام السيطرة على مجريات الصراع مع الحكومة شكلت الجبهة حركة جديدة ضمت مجاميع كانوا مشتركين بقناعة إن الأساليب المتطرفة التي تنتهجها الجماعة الإسلامية المسلحة سوف يؤدي إلى زيادة الأوضاع سوءا وتدريجيا أحكمت الجبهة زمام سيطرتها على ما يقارب 50% من العمليات في شرق وغرب الجزائر ولكن منطقة وسط الجزائر بقيت مسرحا لعمليات الجماعة الإسلامية المسلحة. في نهاية عام 1994 أعلن اليمين زروال فشل المفاوضات مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وعبر عن نيته في إجراء انتخابات جديدة في مطلع عام 1995 وطرح فكرة إقامة ميليشيات للدفاع عن القرى والأماكن المستهدفة حيث أن تحركات الجيش لم تكن كافية لاحتواء الأزمة. وفي هذه الأثناء تمكن بعض قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ من مغادرة الجزائر إلى روما وبدؤا بمفاوضات مع أحزاب المعارضة الجزائرية الأخرى واستطاعت ان توحد آراء 5 أحزاب أخرى في 14 يناير 1995 ونتج عن هذا الاتفاق جدول أعمال طالبت باحترام حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية ورفض التحكم المطلق للجيش في إدارة شؤون الجزائر وإطلاق سراح قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ والمطالبة بوقف أعمال العنف من قبل جميع الأطراف ولكن الحكومة لم توقع على هذا الاتفاق واعتبرتها تدخلا خارجيا في شؤون الجزائر. المجازر. عرفت منطقة نشاط الجماعة الإسلامية باسم مثلث الموت وكانت أطراف هذا المثلث عبارة عن ولاية الجزائر والبليدة والأربعاء (ولاية البليدة) ووقع في هذا المثلث مذابح عديدة وكانت من أبشع الحملات الدموية التي قامت بها الجماعة هي قتل 400 مدني جزائري في بلدة تبعد 150 ميلا جنوب غرب العاصمة الجزائر في 31 ديسمبر 1997 ولم يكن استهداف الجماعة مقتصرا على أهداف مدنية حكومية أو شخصيات مدنية فقط بل إنها بدأت باستهداف الجبهة الإسلامية للإنقاذ أيضا وتم في 11 يوليو اغتيال عبد الباقي صحراوي في باريس وكان صحراوي أحد قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ. في 16 نوفمبر 1995 فاز اليمين زروال بالانتخابات بأغلبية 60% وأشار المراقبون العرب والدوليون إن الانتخابات كانت نزيهة ، وكان التوجه العام للمقترعين هو إيجاد مخرج من دائرة العنف بغض النظر عن الجهة السياسية الفائزة في الانتخابات وبدأ زروال يدفع إلى كتابة دستور جديد للبلاد يمنح الحكومة والرئيس بالتحديد صلاحيات واسعة وتم تمرير هذا الدستور بعد استفتاء شعبي عام. بدأت الميليشيات الموالية للحكومة بالازدياد والانتشار وكانت هذه الميليشيات عبارة عن مدنيين تم تدريبهم وتزويدهم بالأسلحة من قبل الجيش. في 5 يونيو 1997 فاز الحزب الجديد الذي شكله زروال بأغلبية 156 مقعدا من اصل 380 مقعد في البرلمان الجزائري وبدأت الحكومة بإبداء مرونة أكثر مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ فتم نقل مؤسس الجبهة عباس مدني من السجن إلى الإقامة الجبرية في منزله ولكن عام 1997 شهد منعطفا خطيرا في الصراع حيث بدأت سلسلة من العمليات التي استهدفت المدنيين وكان الذبح الطريقة الشائعة في هذه المذابح وفيما يلي قائمة بهذه المذابح وكانت هذه المذابح التي استهدفت سكان هذه القرى لاتميز بين ذكر أو انثى أو بين طفل رضيع أو شيخ طاعن في السن وكانت طرق القتل في غاية الوحشية وكانت اصابع الاتهام موجهة إلى الجماعة الإسلامية المسلحة التي اعترفت بنفسها عن مسؤوليتها عن مذبحتي الرايس وبن طلحة ، وكان التكفير هو المبرر الذي إستعمله الجماعة فكل جزائري لا يقاتل الحكومة كان في نظرهم كافرا وكان المبرر الآخر هو انضمام بعض ساكني تلك القرى إلى الميليشيات الموالية للحكومة. من جهة أخرى كانت هناك تقارير من منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان مفادها ان تلك المذابح وقعت على مبعدة مئات الأمتار من مقرات الجيش الجزائري والذي حسب التقارير لم يفعل شيئا لايقاف المذابح وكانت هناك إشاعات أن الجيش نفسه قام بعدد من هذه المذابح وانتشرت هذه الدعايات بعد هروب أفراد من الجيش ولجوئهم إلى دول أوروبية حيث صرح هؤلاء ان الجيش كان له يد في بعض المذابح. وبدأت موجة من تبادل الاتهامات عن المسؤول عن هذه المذابح حيث بدأت الكثير من نظريات المؤامرة بالانتشار وكانت من أبرزها ان الحكومة استطاعت التغلغل في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة وان لها دورا في هذه المذابح وإلقاء مسؤوليتها على الجماعة. ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. أدت هذه المذابح إلى حدوث انشقاق في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة وانفصل البعض منها بسبب عدم قناعتهم بجدوى تلك الأساليب وفي 14 سبتمبر 1998 تشكلت الجماعة السلفية للدعوة والقتال بزعامة حسان حطاب ، وفي 11 سبتمبر 1999 فاجأ اليمين زروال العالم بتقديم استقالته ونظمت انتخابات جديدة في الجزائر وتم اختيار عبد العزيز بوتفليقة رئيسا في 15 ابريل 1999 وحصل استنادا إلى السلطات الجزائرية على 74% من الأصوات إلى أن بعض المنافسين انسحبوا من الانتخابات بدعوى عدم نزاهة الانتخابات. استمر بوتفليقة في الحوار مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وفي 5 يونيو 1999 حصل على موافقة مبدأية من الجبهة بنزع أسلحتها وأصدر بوتفليقة العفو عن العديد من المعتقلين وعرض ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لاستفتاء عام وفيه عفو عن المسلحين الذين لم يقترفوا أعمال قتل أو اغتصاب إذا ماقرروا العودة ونزع سلاحهم وتمت الموافقة الشعبية على الميثاق في 16 سبتمبر 1999 وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بنزع سلاحها بالكامل في 11 يناير 2000 وفي فبراير 2002 قتل عنتر زوابري زعيم الجماعة الإسلامية المسلحة في إحدى المعارك مما أدى إلى تقليل ملحوظ في نشاط الجماعة. وتم إطلاق سراح مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني وعلي بلحاج وكان هذا مؤشرا على ثقة الحكومة بنفسها وبالفعل كان حدس الحكومة صائبا ففي انتخابات عام 2004 حصل بوتفليقة على 85% من الأصوات. القيمة الفردية (singular value أو s number) التابع لدالة تحويل ما أو لعملية ما، هو مفهوم رياضياتي يستعمل في تحليل الدلالات ولها تطبيقات في مجال نظرية النظم. مقاربة نظرية النظم. في نظرية النظم عند دراسة دالة تحويل أنظمة ذات عدة مداخل وعدة مخارج لا يمكننا إجراء الدراسة على عناصر مصفوفة التحويل لأن ذلك يعقد المبرهنات وطرق بناء المتحكمات والأنظمة لأننا يجب أن ندرس كل دالة التحويل في كل عنصر من عناصر مصفوفة التحويل ثم تأثير العناصر على بعضها. ففي حال مثلا أخذنا مصفوفة من البعد 3x3 (نظام من هذا الحجم يعتبر صغيرا) فإنه لدينا 9 عناصر في مصفوفة التحويل يجب دراستها. الآن إذا أردنا استعمال طرائق صورية لدراسة الاستقرار كطريقة نايكويست مثلا فإن ذلك يصير معقدا (لدينا 9 صور لكل عنصر أي دالة تحويل صورة). هنا يمكن الاستعانة بالقيمة الفردية العليا للمصفوفة. القيمة الفردية في هذه الحالة تكون عبارة عن القيمة المطلقة المشتقة الثانية حيث أنه إذا إعتبرنا النظام A والمدخل x فإن المخرج يكون Ax والقيمة المطلقة المشتقة الثانية للنظام A تكون كالآتي: formula_1 حيث formula_2 هي القيمة المطلقة الإقليدية القيمة الفردية العليا للنظام الذي يمكن فهمها على أنها أكبر تقوية للنظام في إتجاه معين (أطول شعاع) ويرمز لها عادة ب formula_3 كما يجدر الإشارة إلى أن كل تقويات النظام هي عبارة عن تمازج بين القيمة الدنيا والقيمة الفردية العليا مقاربة رياضية. رياضيا إذا كان لدينا عملية T أو تحويل يعمل على فضاء هيلبرت فإن القيمة الفردية التابعة له هي القيمة الذاتية ل formula_4 حيث formula_5 هي عملية transposition عقدية معركة ستالينغراد هي إحدى أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية. جرت في مدينة ستالينغراد (فولغوغراد اليوم) خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفيتي، واستمرت حوالي 6 أشهر بين 21 أغسطس 1942 و 2 فبراير 1943. بدأ الهجوم على ستالينغراد في صيف 1942، حيث سبق سلاح الجو الألماني وصول القوات البرية منفذا حملات قصف جوي عنيف ومتواصل حولت المدينة إلى أنقاض وأطلال. لكن ذلك انعكس بعدها سلبا على الجيش الألماني وأرغمه على التخلي عن تكتيكه الناجح الـ"" أو حرب البرق الذي يعتمد بصفة كبيرة على سلاح الدبابات والهجمات السريعة الخاطفة، ليجد نفسه غارقا في حرب مدن من بيت لبيت ومن شارع لشارع. داخل المدينة احتدم القتال العنيف بين الفيرماخت والجيش الأحمر، وسط قلة اعتبار لسقوط الضحايا سواء عسكريين أومدنيين، فقد أعطى اسم "ستالينغراد" للمعركة أهمية بالغة واستثنائية عند كل من جوزيف ستالين الذي تحمل المدينة اسمه ونظيره الألماني أدولف هتلر، فكان من المستحيل أن يقبلا الخسارة فيها مهما كلفهما الأمر. على الرغم من تمكن الألمان من إخضاع كامل المدينة تقريبا بعد مقاومة شديدة واجهوها من السوفيات، إلا أنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر الذي تمسكت قواته بالضفة الغربية لنهر الفولغا. في 19 نوفمبر 1942، بدأ السوفيات حملة عسكرية أطلقوا عليها «عملية أورانوس». شن الجيش الأحمر هجومين متزامنين ضد مواقع القوات الرومانية التي تحمي الجناحين الأيمن والأيسر للجيش السادس الألماني المتواجد داخل المدينة. كانت هذه القوات ضعيفة مقارنة بنظيرتها الألمانية فانهارت بسرعة بعد معارك عنيفة مع السوفيات الذين تمكنوا في 23 نوفمبر من محاصرة وتطويق حوالي 250,000 من قوات الجيش السادس والفيلق 4 التابع للجيش الرابع بانزر داخل المدينة. بحلول الشتاء، ومع تواصل الحصار بدأت المقاومة الألمانية تضعف، فقد تسبب البرد والجوع في إنهاك الجنود، وتعطلت الآليات والمدرعات لقلة الوقود، إضافة إلى نقص الذخيرة، في وقت اشتدت الهجمات السوفيتية التي تريد إنهاء وجودهم. ازداد الأمر سوءا برفض هتلر قيام الجيش السادس بكسر الحصار والخروج من ستالينغراد حيث أمرهم بالبقاء مهما كلفهم الثمن مع ضمان مواصلة تزويدهم بالإمدادات عن طريق جسر جوي، وقيام القوات الأخرى بهجوم مضاد لكسر الحصار وتوحيد القوات. لكن ذلك لم ينجح بعدما فشل الهجوم الألماني المضاد «عملية عاصفة الشتاء» في الوصول إلى ستالينغراد، وعجزت عمليات التموين بالجو عن نقل كميات كافية من المؤن والذخيرة لتغطية حاجيات الجيش، ثم توقفت كلياً بعد احتلال الجيش الأحمر للمطارات التي تستعملها القوات الألمانية سواء التي داخل المدينة أو القريبة منها. قاد كل ذلك للانهيار التام للجيش الألماني السادس الذي اضطر قائده فريدريك باولوس للاستسلام في 2 فبراير 1943 ومعه أغلب قوات الجيش السادس رغم مواصلة البعض الآخر القتال إلى أن تمت تصفيتهم . بلغت الخسائر البشرية في معركة ستالينغراد حوالي مليوني ضحية، ما يصنفها كإحدى أكبر المعارك دموية في تاريخ الحروب. الجيش الألماني تعرض لثاني أكبر خسارة له في الحرب العالمية الثانية، والتي كان لها الدور الأكبر في تحول مجرى الحرب العالمية الثانية فلم يستعد النازيون قوتهم السابقة ولم يحققوا بعدها أي انتصار استراتيجي في الشرق. يمكن تلخيص المعركة في ثلاثة فصول وهي : جغرافية المدينة وأهميتها. تمتد مدينة ستالينغراد بمحاذاة الضفة اليمنى لنهر الفولغا ويبلغ طولها 30 كم ولها أهمية صناعية خاصة وتعتبر المنطقة من الأراضي المنبسطة التي تكثر فيها المستنقعات والسبخات وهي امتداد للسهل الأوروبي وهي من أغنى مناطق الاتحاد السوفيتي من حيث الثروات. خلفية تاريخية. بحلول ربيع 1942، ورغم عدم بلوغ «عملية بارباروسا» هدفها بالقضاء النهائي على الاتحاد السوفيتي إلا أن الحرب كانت تجري بصفة جيدة للألمان، فغواصات "" كانت تقود بنجاح معركة الأطلسي، و رومل نجح في احتلال مدينة طبرق الليبية. الجانب الشرقي كانت فيه الجبهة تعرف استقرارا على طول الخط الرابط بين مدينتي لينينغراد شمالا إلى روستوف جنوبا تخللتها بعض الهجمات خصوصا في نطاق موسكو شمالا و خاركوف جنوبا والتي أجبرت الألمان على التراجع بعض الشيء، لكنها لم تكن ذات تهديد كبير. هتلر كان واثقا من السيطرة على الجيش الأحمر بعد شتاء 1941، فبرغم مواجهة مجموعة الجيوش الوسطى لمعاناة كبيرة غرب موسكو في ذلك الشتاء إلا أن 65% من قواتها لم تكن قد شاركت بعد في الحرب وكانت ترتاح ويجري إعادة تجهيزها.أما مجموعة الجيوش الشمالية و مجموعة الجيوش الجنوبية فلم تواجها أيضا ضغوطا شديدة خلال فصل الشتاء. في الجانب الروسي كان ستالين قد أصدر القرار رقم 227 «لا خطوة إلى الوراء» بعد معاناة الجيش الأحمر من خسارة بلغت 259% من قوته في 1941، وصار يتوقع أن يكون الهجوم الألماني الصيفي موجها أساسا إلى موسكو. الهجوم الألماني الصيفي في الجبهة الجنوبية والشرقية كان مقيدا بهدفين رئيسيين: الوقت والموارد المادية. هتلر كان يصر على إنهاء الهجوم قبل أن يصير دخول الولايات المتحدة الأمريكية أمرا لا مفر منه، إضافة إلى عزمه على تأمين نفط منطقة القوقاز لصالحه، ما يمنعه عن السوفيات ويؤمن موارد نفط اضافية لألمانيا. استنتج السوفيات أنهم تحت ضغوط هائلة بسبب الوقت والموارد التي قد تضيع، وأمروا بتجنيد كل من يملك قوة كافية لحمل السلاح وإرسالهم للقتال. خلال هذه المرحلة من الحرب كان السوفيات أقل قدرة على القيام بعمليات تحريك سريع للقوات من نظرائهم الألمان، في حين كان يغلب على المعارك في المناطق الآهلة بالسكان القتال المتقارب بالأسلحة الفردية أكثر من الوحدات المدرعة والميكانيكية الذي كانت القوات الألمانية بارعة فيه، فهي أساسا كانت مدربة وخبيرة في أداء التحركات والهجمات السريعة الخاطفة بدبابات البانزر. العملية الزرقاء. تم اختيار مجموعة الجيوش الجنوبية من أجل التقدم السريع في مناطق سهوب روسيا إلى غاية منطقة القوقاز و الاستيلاء على حقول النفط هناك. مخطط الهجوم الصيفي تم إعطاؤه الاسمي الترميزي العملية الزرقاء () وأوكلت مهمة تنفيذه لكل من الجيش السادس ، الجيش السابع عشر، الجيش الرابع بانزر و الجيش الأول بانزر. تمكنت مجموعة الجيوش الجنوبية من تجاوز جمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية في 1941. لم يكن المخطط في البداية يشمل الهجوم على ستالينغراد، إلا أن هتلر ورغم تحذيرات جنرالاته، أمر مجموعة الجيوش الجنوبية بتقسيم القوات إلى مجموعتين مجموعة جيوش «أ» وتحتوي الجيش السابع عشر والجيش الأول بانزر بقيادة فيلهلم لست وأوكلت لها مهام مواصلة الهجوم نحو حقول نفط القوقاز، في حين أوكلت لمجموعة الجيوش «ب» وتحتوي الجيش السادس الذي يقوده فريدريك باولوس والجيش الرابع بانزر الذي يقوده هرمان هوث مهمة الهجوم على ستالينغراد ومنطقة نهر الـفولغا. كانت قيادة مجموعة الجيوش «ب» موكلة للـماريشال فيدور فون بوك وبعده أوكلت للجنرال ماكسيميليان فون فيخس. بداية «العملية الزرقاء» كانت مقررة في شهر مايو 1942، لكن بعض الوحدات الألمانية والرومانية المشاركة كانت ما تزال في شبه جزيرة القرم للمشاركة في عملية حصار سيفاستوبول والقوات السوفيتية التي بداخلها. تأخر نهاية الحصار أجّل بداية «العملية الزرقاء» عدة مرات، ولم تسقط مدينة سيفاستوبول إلا في نهاية شهر يونيو. في نفس الوقت كانت عمليات أخرى جارية لإنهاء جيوب المقاومة السوفيتية في معركة خاركوف الثانية بعدما تم حصار عدد كبير من القوات السوفيتية في 22 مايو. بدأت «العملية الزرقاء» أخيرا بعدما شنت مجموعة الجيوش الجنوبية هجومها على الجنوب الروسي في 28 يونيو 1942، بدأ الهجوم بنجاح حيث تقدمت القوات الألمانية خلال السهوب الشاسعة متوجهة نحو الشرق. وواجهت خلالها بعض المقاومة السوفيتية وعدة محاولات من طرفهم لإقامة خطوط دفاعية، باءت كلها بالفشل بعد التفاف الوحدات الألمانية عليها، ما نشأ عنه حصار عدد كبير من القوات وتدمير اثنين من جيوب المقاومة السوفيتية الأول في شمال خاركوف في 2 يوليو والثاني في محاذاة مدينة ميليروفو في منطقة روستوف أوبلاست أسبوعا من بعد. في نفس الوقت كان الجيش الثاني المجري و الجيش الرابع بانزر يشنان هجوما على مدينة فورونيج التي تم إخضاعها بتاريخ 5 يوليو. التقدم الأولي للجيش السادس كان ناجحا ما جعل هتلر يتدخل ويأمر بضم الجيش الرابع بانزر لمجموعة الجيوش «أ» في الجنوب. نجم عن ذلك ازدحام كبير على الطرق القليلة الموجودة التي كان كلا الجيشين بحاجة للمرور عبرها في نفس الوقت، وصل الأمر إلى تعطل كلي لتنقل الجيشين في محاولة لتنظيم حركة مرور آلاف المركبات والآليات العسكرية، كل ذلك سبب تأخير الحملة لحوالي أسبوع كامل. لكن هتلر تراجع بعد رؤيته حجم التأخر الذي حدث، وقرر إعادة الجيش الرابع بانزر إلى مجموعة الجيوش «ب» المكلفة بالهجوم على ستالينغراد. في أواخر شهر يوليو، دفع التقدم الألماني القوات السوفيتية للتراجع وراء نهر الدون الذي يفصله عن نهر الفولغا حوالي 64 كلم، تقدم الألمان وأبقوا على مستودعات التموين الرئيسية لهم غرب نهر الدون وهو ما سيكون له انعكاسات سلبية كبيرة على سير المعركة بعد ذلك. بدأ آنذاك توجيه القوات الإيطالية والرومانية والمجرية لحماية الجناح الشمالي للجيوش الألمانية. حصل الإيطاليون على عديد الأوسمة الألمانية، لكن كان ينظر لهم أحيانا بقلة احترام، وكانوا حتى متهمين بالخيانة وهبوط روحهم المعنوية، لكن في الحقيقة عدم فعاليتهم في المعارك ترجع أساسا لندرة المعدات، قدم الأسلحة، والتكتيكات البدائية التي يستعملها الضباط الإيطاليون، وقد برز الإيطاليون بالفعل في عدد من المعارك منها معركة نيكولايفكا. صار الجيش السادس بعيدا عشرات الكيلومترات فقط عن ستالينغراد، أما الجيش الرابع بانزر الموجود في جنوبها فسيتجه شمالا للمساعدة في إخضاع المدينة. إلى الجنوب مجموعة الجيوش «ب» تندفع إلى منطقة القوقاز، لكن تقدمهم تباطأ بسبب تزايد مدى خطوط الإمدادات. لم تكن مجموعتا الجيوش تساعدان بعضهما البعض نظرا للمسافة الكبيرة الفاصلة بينهما. النوايا الألمانية التي صارت واضحة في شهر يوليو، دفعت جوزيف ستالين لتعيين الماريشال أندري يريومينكو لقيادة الجبهة الجنوبية الشرقية يوم 1 أغسطس، يريومينكو والكوميسار نيكيتا خروتشوف كلفا بإعداد خطة دفاع ستالينغراد. الحدود الشمالية للمدينة كان يشكلها نهر الفولغا الكبير، والذي تم عبره نشر وحدات روسية إضافية تم بها تشكيل جيش جديد هو الجيش 62 الذي عيّـن يريومينكو لقيادته الفريق فاسيلي تشويكوف في 11 سبتمبر. كانت الوضعية جد صعبة، حين سأله خروتشوف عن كيفية تقييمه لمهمته أجاب تشويكوف: «سندافع عن المدينة أو نموت أثناء المحاولة». وجهت للجيش 62 مهمة الدفاع عن المدينة بأي ثمن. قادة تشويكوف قلدوه أثناء المعركة أحد وسامي بطل الاتحاد السوفيتي اللذين حصل عليهما. الهجوم على ستالينجراد. تلقى السوفيات تحذيرات كافية بأن الألمان سيهاجمون ستالينغراد، وهو ما جعلهم يشحنون جميع ما فيها من حبوب وماشية ونقلوا عربات السكة الحديدية عبر نهر الفولغا بعيدا كي لا تصيبها الأضرار، ما جعل المدينة تعاني مسبقا نقص الغذاء حتى قبل بداية الهجوم الألماني. استمرت بعض المصانع في الإنتاج خصوصا مصنع دبابات تي-34. قبل وصول قوات الفيرماخت، سبقهم إليها سلاح الجو الألماني الـ"" التي جعلت من نهر الفولغا الشريان الحيوي لايصال الإمدادات إلى المدينة محرما على السفن السوفيتية، حيث ما بين 25 و 31 يوليو تم اغراق 23 سفينة روسية وعطلت 9 سفن أخرى. بدأت المعركة بقصف جوي عنيف من "لوفتفافه" نفذه الأسطول الجوي الرابع "" بقيادة فولفرام فرايهر فون ريشتهوفن والذي كان يعد في صيف وخريف 1942 أقوى تشكيل جوي في العالم، ألقي على المدينة حوالي 1,000 طن من القنابل، ما حولها سريعا إلى أطلال، رغم ذلك استمرت بعض المصانع بالإنتاج في وقت كان عمالها يلتحقون بالقتال. ستالين أسرع بإرسال جميع ما توفر من قوات إلى الضفة الشرقية لنهر الفولغا، حتى التي كانت منها بعيدة في سيبيريا، جميع العبّارات المتوفرة قام سلاح الجو الألماني بتدميرها، وبدأ بعدها يستهدف القوات المنقولة في زوارق تجرها الساحبات ببطء عبر النهر الذي تم من خلاله إجلاء الكثير من المدنيين للضفة الأخرى، لكن ستالين قرر منع عمليات إخلاء المدنيين من المدينة إيمانا منه أن بقائهم فيها سيحث الجنود المدافعين على مقاومة أكبر. وقد أجبر هؤلاء ومن بينهم النساء والأطفال على العمل في حفر الخنادق وبناء التحصينات. قام الألمان في 23 أغسطس، بعمليات قصف استراتيجي هائل سببت عاصفة نارية هائلة وأدت لمقتل آلاف المدنيين وحولت معها المدينة إلى خراب وأنقاض. 90% من الفضاء المعيشي لمنطقة فوروشيلوفسكي إحدى مقاطعات المدينة تم تدميره. أوردت التقارير السوفيتية ما بين 23 و26 أغسطس عن مقتل 955 من السكان وجرح 1181 آخرين نتيجة القصف، أما رقم 40,000 ضحية فهو مبالغ به بشدة، فلم يسجل السوفيات يوم 25 أغسطس أي جريح مدني أو عسكري نتيجة القصف. سلاح الجو السوفيتي، كانت قد اكتسحته طائرات "لوفتفافه"، التي هاجمت تجمعات الطائرات السوفيتية الواقعة قرب المدينة ودمرت فيها 201 طائرة ما بين 23 و31 أغسطس، ورغم التعزيزات الهزيلة بحوالي 100 طائرة في شهر أغسطس، لم يبق لسلاح الجو السوفيتي إلا 192 طائرة منها 57 مقاتلة فقط. واصل السوفيات الدفع بتعزيزاتهم الجوية لمنطقة ستاليغراد في أواخر سبتمبر، لكن معاناتهم تواصلت مع خسائرهم المروعة. فرضت "لوفتڤافه" سيطرة جوية كاملة على سماء ستالينغراد، لكن ونظرا لنقل المصانع السوفيتية إلى ما وراء جبال الأورال في 1941، بلغ إنتاج الطائرات 15,800 وحدة إلى غاية منتصف 1942 فقط، والتي بواسطتها تمكن سلاح الجوي السوفيتي من الحفاظ على قوة كبيرة، وبناء مخزون استراتيجي يمكنه حتى من التفوق على "لوفتڤافه". في البداية وقع عبء الدفاع عن المدينة على عاتق الفوج 1077 المضاد للطائرات، الوحدة كانت مشكلة أساسا من نساء متطوعات قلة منهن سبق وأن أطلقن النار بمدفع الـ37 مم وجميعهن لم يتدربن على مهاجمة الأهداف الأرضية، فنظرا للنقص الذي واجهه السوفيات في القوة الرجالية، تواجدت النساء المجندات في القتال.. رغم عدم وصول أي دعم من قبل الوحدات الأخرى، إلا أن مدفعيي الوحدة تمسكوا بأماكنهم وواجهوا دبابات فرقة البانزر 16 المتقدمة والتي كان عليها أن تقاتل مدفعيي الفوج 1077 "طلقة بطلقة" إلى أن تم تدمير كل المدافع المضادة للطائرات بمساعدة المقنبلات الألمانية. كانت مقاومة السوفيتيات الكبيرة مفاجئة لأفراد الفرقة الألمانية. السوفيات اعتمدوا في البداية كثيرا على ميليشيات مكونة من عمال متطوعين لا يشاركون بصفة مباشرة في الإنتاج الحربي، كان هؤلاء العمال يشكلون أطقم الدبابات التي لم تكن تحتوي على منظار لمدفعها ويقودونها قبل حتى طلاءها مباشرة من خط الإنتاج بالمصنع إلى جبهة القتال.. بنهاية شهر أغسطس، وصلت مجوعة الجيوش «ب» أخيرا إلى نهر الفولغا في الجانب الشمالي ستالينغراد، أتبعه تقدمها إلى النهر من الجانب الجنوب للمدينة. الفوج الـ 369 مشاة معزز الكرواتي كان القوات الوحيدة غير الألمانية التي اختارها الفيرماخت للدخول إلى المدينة خلال عمليات الهجوم عليها. بحلول 1 سبتمبر، كان على السوفيات تحمل كل المخاطر لمواصلة نقل التعزيزات والإمدادات لقواتهم في ستالينغراد فقد كانت تلك التنقلات عبر النهر تواجه بحملات قصف مستمر من المدفعية والمقاتلات الألمانية. في 5 سبتمبر، شن الجيشان السوفيتيان الـ24 و الـ66 هجوما مضادا كبيرا على الفيلق 14 بانزر. ساهمت "لوفتڤافه" في دحر الهجوم بقصف عنيف على مواقع المدفعية السوفيتية وخطوطهم الدفاعية، أجبر السوفيات على الانسحاب في منتصف النهار بعد ساعات قليلة من هجومهم. من بين 120 دبابة مشاركة تم تدمير 30 دبابة عن طريق الهجوم الجوي. أعاق الطيران الألماني باستمرار العمليات السوفيتية، ففي 18 سبتمبر، شن السوفيات بواسطة الجيش الـ66 وجيش الحرس الأول () هجوما على الفيلق الثامن الألماني في كوتلوبان، فتدخل الفيلق الجوي الثامن التابع لسلاح الجو الألماني مرسلا أمواج متتالية من قاذفات القنابل يونكرز يو 87 المعروفة بـ"" لمنع أي اختراق. فشل الهجوم بعد أن تمكنت طائرات "ستوكا" من تدمير 41 من أصل 106 دبابة ذاك الصباح، في حين أن مقاتلات بي اف 109 دمرت 77 طائرة سوفياتية. وسط أطلال المدينة، قام الجيشان الـ62 و الـ64 مع الفرقة 13 لحرس البنادق بإقامة خطوط دفاعية واضعين نقاط قوتهم بين المصانع والمباني. داخل المدينة المدمرة استمر القتال عنيفا وشديدا، وخلاله نال الفريق ألكسندر روديمتسيف قائد الفرقة الـ13 لحرس البنادق وسام بطل الاتحاد السوفيتي وهو الوسام الذي ناله مرتين خلال المعركة. كان الأمر رقم 227 الذي أصدره ستالين في 27 يوليو 1942 : «لاخطوة إلى الوراء!» يقضي بأن جميع القادة الذي ينفذون أي انسحاب غير مرخص به يقدمون للمحاكمة العسكرية. تحول أمر ستالين وكذا عبارة «لا توجد أرض وراء نهر الفولغا!» و «دافعوا عن ستالينغراد مهما كلفنا الثمن!» إلى شعارات للسوفيات. الألمان ورغم التقدم الذي حققوه في ستالينغراد إلا أنهم عانوا من خسائر ثقيلة. المعركة داخل المدينة. اعتمدت العقيدة العسكرية الألمانية على الفرق القتالية متعددة الأسلحة، والتعاون الوثيق بين جميع الوحدات المختلفة: دبابات، مشاة، هندسة، مدفعية، طيران. لمواجهة هذا قام القادة العسكريون السوفيات بالاعتماد في تكتيكهم على إبقاء خط الجبهة أقرب ما يكون من القوات الألمانية، وهو ما سماه تشويكوف "تكتيك الاحتضان"، الشيء الذي أجبر الوحدات البرية الألمانية على القتال بمفردها أو المخاطرة بتحمل وقوع ضحايا في صفوفهم إذا طلبوا مساندة المدفعية أو تدخل الطيران. وبسبب ذلك تم تحييد الدعم الجوي تماما وقلة مساهمة المدفعية. فهم السوفيات هذا، في ستالينغراد اعتمدت أفضل الدفاعات على تنصيب خطوط دفاعية في عدد من البنايات المطلة على الطرق والمساحات الهامة والإستراتيجية للمدينة. هذه الإستراتيجية تستمر طالما استطاعت القوات السوفيتية التواجد في المدينة، وهكذا تم تحويل المجمعات السكانية متعددة الطوابق، المكاتب، المصانع، المستودعات، زوايا الشوارع إلى معاقل وتحصينات مزودة بمدافع رشاشة، مضادات الدبابات، مدافع الهاون، ألغام، أسلاك شائكة، قناصة وفرق مكونة من 5-10 رجال مزودين بمدافع رشاشة وقنابل يدوية، مستعدين للقتال من بيت لبيت. احتدمت المعارك العنيفة وسط الركام والأطلال في كل شارع ومبنى ومصنع، في السلالم والأقبية. شكلت البالوعات والمجاري متاهات في المعارك، الجنود الألمان أطلقوا على حرب المدن هذه والتي لم يروا مثلها "" أي "حرب الفئران"، عبروا عن ذلك بسخرية "احتلينا المطبخ لكن مازال أن نقاتل من أجل الغرف". في مثل هذا الاختلاط التام، اختفت كل خطوط المواجهة. مساندة الآليات المدرعة الذي اعتاد عليها الجنود الألمان تلاشت وسط سرعة المناوشات العنيفة التي خاضوها عبر حطام المباني السكنية، المكاتب، الغرف العالية والأقبية. بعض البنايات المرتفعة، التي تحولت إلى هياكل دون أسقف بسبب القصف الألماني السابق، شهدت قتالا متلاحما طابقا لطابق، كان خلاله الألمان والسوفيات يتناوبون على طوابق المبنى مستغلين الفجوات بين تلك الطوابق للتصويب على بعضهم. القتال في "مامايف كورغان"، التلة العالية المطلة على المدينة، كان عنيفا ودون رحمة، السيطرة على الموقع تغيرت عدة مرات. بحلول 12 سبتمبر، تقلص الجيش السوفيتي الـ62 إلى 90 دبابة و700 هاون و20,000 رجل. الفرقة الـ13 لحرس البنادق، عينت لاسترجاع تلة مامايف كورغان ومحطة القطارات رقم 1، لكنها عانت في 13 سبتمبر خسائر ثقيلة. أكثر من 30% من جنودها قتلوا في أول 24 ساعة و320 رجل فقط من أصل 10 آلاف نجوا المعركة بأكملها. تم استرجاع الهدفين لكن مؤقتا فقط. السيطرة على محطة القطارات تناوبت بين الألمان والسوفيات 14 مرة في 6 ساعات فقط. في المساء الموالي الفرقة الـ13 لحرس البنادق لم يعد لها وجود، لكن رجالها قتلوا من الجنود الألمان عددا يعادل ما خسروه تقريبا. احتدمت المعارك هناك حول مخزن الحبوب الكبير أيضا، وبعدما تمكن الألمان من احتلال الموقع، وجدوا فقط جثث 40 جنديا سوفياتيا، رغم أن الألمان اعتقدوا بوجود المزيد منهم نظرا للمقاومة الشرسة. السوفيات وخلال انسحابهم أحرقوا أكوام الحبوب. في جانب آخر من المدينة، حولت فصيلة جنود سوفياتية بقيادة ياكوف بافلوف إحدى شقق مبنى يطل على أحد ساحات وسط المدينة إلى تحصين لا يمكن اختراقه، عرف فيما بعد بمنزل بافلوف، قام الجنود باحاطته بالألغام والأسلاك الشائكة، نصبوا المدافع الرشاشة في النوافذ وكانوا مزودين بالهاونات ومضادات الدبابات، حطموا الجدران في كل الطوابق ليتواصلوا بشكل أفضل وحفروا خندقا للتواصل مع الجنود السوفيات في الخارج ومن خلاله جرى تزويدهم ببعض الدعم والمؤن على قلتها. استمر وجودهم هناك شهرين كاملين وكان معهم حوالي 10 مدنيين وجدوهم مختبئين في الطابق الأرضي. تشويكوف عبر مازحا أن الألمان الذين ماتوا محاولين احتلال منزل بافلوف أكثر من الذين ماتوا لاحتلال باريس. استنادا للمؤرخ الإنجليزي انتوني بيفور، خلال الشهر الثاني وبعد كل موجة هجوم ألماني على المبنى، كان الجنود السوفيتي يخرجون ليبعدوا أكوام جثث الجنود الألمان كي يحتفظ الجنود المتواجدون في المبنى على المدافع الرشاشة ومضادات الدبابات برؤية واضحة لخط المواجهة على طول ساحة المدينة. المبنى كان يرمّز بعبارة "" أي "الحصن" في الخرائط الألمانية. بافلوف تم تقليده بوسام بطل الاتحاد السوفيتي نظرا لأفعاله. بدأ الألمان بنقل المدفعية الثقيلة إلى المدنية، وشمل ذلك المدفع الكبير ذو الـ 800 ملم "دورا" () لكنهم لم يقوموا بأي محاولة لإرسال جنودهم عبر نهر الفولغا، ما سمح للسوفيات بنصب عدد كبير من بطاريات المدفعية على الضفة الشرقية للنهر. بدأت هذه المدفعية بقصف مستمر للمواقع الألمانية. صارت في كل هذا الدبابات الألمانية غير فعالة بسبب أكوام الركام والأنقاض التي وصل علوها لـ 8 أمتار. استغل القناصة من الجانبين الأنقاض ليوقعوا الكثير من الضحايا.كان فاسيلي زايتسيف أشهر قناص سوفياتي في معركة ستالينغراد بـ225 إصابة مؤكدة خلال المعركة. زايتسيف كان فردا من فيلق كامل من القناصة، وكان معه أكثر من 30 تلميذا كان لهم الفضل في قتل حوالي 2,000 جندي ألماني خلال الحرب. صارت معركة ستالينغراد بالنسبة لكل من هتلر وستالين مسألة هيبة بعيدا عن أي أهمية إستراتيجية، القيادة السوفيتية حركت الاحتياطي الإستراتيجي للجيش الأحمر من منطقة موسكو إلى منطقة الفولغا وحولت جميع الطائرات من كل أنحاء البلاد إلى منطقة ستالينغراد. الهجمات الجوية. مصمما على قهر المقاومة السوفيتية، قام "لوفتفلوت 4" يوم 5 أكتوبر، بشن 900 حملة جوية بقاذفات القنابل "ستوكا" على مصنع دزيرجينسكي للجرارات والذي كان السوفيات قد حولوه قبل بداية الحرب لإنتاج العتاد الحربي الخاص بالجيش الأحمر خصوصا دبابات تي-34. عدة أفواج من الجنود السوفيات تم مـحوها من الوجود، الفوج 339 للمشاة تعرضت قواته للإبادة التامة صباح اليوم الموالي بسبب القصف الجوي. في منتصف أكتوبر، قامت "لوفتفافه" بتكثيف جهودها ضد المواقع المتبقية للجيش الأحمر بالضفة الغربية لنهر الفولغا. "لوفتفلوت 4" قام بحوالي 2,000 طلعة جوية يوم 14 أكتوبر ألقي فيها 540 طن من القنابل بينما كان الجنود الألمان يحاصرون المصانع الثلاث: مصنع دزيرجينسكي للجرارت، مصنع أكتوبر الأحمر للحديد ومصنع باريكادي للمدافع. قامت الأسراب الجوية 1،2و77 إلى حد كبير بإسكات المدفعية السوفيتية بالضفة الشرقية للنهر وتحول اهتمامها مجددا نحو السفن التي تحاول نقل التعزيزات لجيوب المقاومة السوفيتية الصغيرة. الجيش الـ62 السوفيتي انفصل إلى جزئين، وبسبب الهجمات الجوية المكثفة على سفن إمداداته صار مشلولا. حُجز السوفيات في شريط من 950 متر على الضفة الغربية، أكثر من 1,208 طلعة جوية قامت بها طائرات "ستوكا" في محاولة للقضاء عليهم. رغم القصف الجوي الشديد (عانت ستالينغراد قصفا أعنف من سيدان أو سيفاستوبول) منع الجيش الـ62 السوفيتي بـ 47,000 جندي و 19 دبابة الجيشين الألمانيين السادس والرابع بانزر من احتلال الضفة الغربية لنهر الفولغا. احتفظت "لوفتفافه" بسيطرة مطلقة على الأجواء إلى غاية شهر نوفمبر، مقاومة الدفاع الجوي السوفيتي خلال النهار كانت معدومة، لكن بعد حوالي 20,000 طلعة جوية تقلصت قوتها الجوية المكونة من 1,600 طائرة إلى حوالي 950. تلقى الـ"" أو سلاح المقنبلات الألماني ضربة موجعة بتقلص أسطوله إلى 232 طائرة من أصل 480. "لوفتفلوت 4" ورغم تمتعه بالسيطرة النوعية ضد سلاح الجو السوفيتي وحيازته على 80% من إجمالي أسطول "لوفتفافه" المتواجد بالجبهة الشرقية، إلا أنه لم يستطع منع قوتهم الجوية من النمو، وأثناء الهجوم المعاكس فاقه السوفيات عددا. سلاح المقنبلات السوفيتي، الـ""، تلقى خسائر شلت قدرته خلال 18 شهرا الماضية، وصار مقيدا بالتحليق ليلا فقط، السوفيات قاموا بـ11,317 طلعة جوية ليلية على ستالينغراد ومنطقة نهر الدون مابين 17 يوليو و19 نوفمبر، هذه الغارات سببت قليلا من الدمار، وكانت لغرض المضايقة فقط. وضعية "لوفتفافه" بدأت تزداد صعوبة. في 8 نوفمبر صدر قرار سحب وحدات كبيرة من "لوفتفلوت 4" لقتال إنزال الحلفاء في شمال أفريقيا الذي تم بعد إلحاح من ستالين على نظرائه الغربيين بفتح جبهة ثانية. سلاح الجو الألماني الذي صارت قواته ضعيفة الانتشار حول أوروبا، كافح من أجل الحفاظ على قوته في الجانب الجنوبي من الجبهة الألمانية-السوفيتية. في غضون ذلك، كان الاتحاد السوفيتي يتلقى المساعدات من طرف الحكومة الأمريكية وفق برنامج الإعارة والتأجير، في الربع الأخير من عام 1942، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية للاتحاد السوفيتي 60,000 شاحنة، 11,000 سيارة جيب، مليوني زوج من الأحذية، 45,000 طن من المتفجرات، 410,000 طن من الحديد إضافة إلى 230,000 طن من غاز الطيران. أغلب الأحذية والتي كان ستالين قد طلبها وصلت للجنود السوفيات، لكن المعدات العسكرية والغذاء المقدمين من أمريكا لم يصلا بعد تدمير الألمان لها في الهجوم على قافلة بي كيو-17. الألمان على ضفة الفولغا. بعد ثلاثة أشهر من التقدم البطيء، وصل الالمان أخيرا إلى الضفة الشرقية لنهر الفولغا، محتلين 90% من المدينة المدمرة ومقسمين بقايا المقاومة السوفيتية إلى جيبين صغيرين، الجليد الطافي على نهر الفولغا صار الآن يمنع القوارب والعبارات من إيصال الإمدادات للمقاومين السوفيات. مع ذلك استمرت المعارك خصوصا في منحدرات تلة مامايف كورغان وفي المنطقة الصناعية في الجانب الشمالي من المدينة بشراسة أكثر مما مضى. الهجوم السوفيتي المعاكس (19 نوفمبر 1942- 2 فبراير 1943). بعدما أدركت أن الجيش الألماني كان سيء الاستعداد لعمليات هجومية أثناء شتاء 1942، وأن أغلبهم قد تم إعادة نشرهم في القطاع الجنوبي من الجبهة السوفيتية الألمانية، الـ""، وهي القيادة العسكرية السوفيتية، وضعت في منتصف سبتمبر مخططا استراتيجيا للقيام بهجوم مضاد على طول خط الجبهة الألمانية-السوفيتية، مكونا من أربعة أجزاء، عمليتا أورانوس و المريخ بداية، ثم تتبعهما عمليتا المشتري و زحل. هذه العمليات تتم في اطار حملة عسكرية شتوية تنطلق بتاريخ 19 نوفمبر 1942 و يشترك بها حوالي 15 جيشا في مختلف الجبهات. الإنهاك الألماني والتحضير السوفيتي. الهجوم الألماني في ستالينغراد تباطأ بفعل المقاومة العنيدة للجيش الأحمر داخل المدينة بالتوازي مع الظروف المناخية التي سادتها. مخطط الهجوم السوفيتي المضاد كان يحتاج لحشد قوات كبيرة في السهوب الشمالية والجنوبية للمدينة، وكان يهدف إلى محاصرة وتدمير الجيش الألماني السادس ووحدات أخرى حول المدينة. لاخفاء نواياهم استعمل السوفيات وبصرامة الـ"" والتي تعني التمويه لخداع الألمان، واتخذوا لذلك مجموعة تدابير مضللة من بينها التحركات الليلية فقط مع إبقاء أضواء الآليات العسكرية منطفئة، اتصالات الراديو المغالطة، نقل الأوامر شفهيا فقط في أسرع وقت ممكن. المخابرات والقيادة العليا الألمانية الذين وقعوا في فخ التضليل، لم يعتقدوا بقدرة السوفيات على شن هجومين كبيرين على نطاق واسع وفي وقت واحد. ولم يتخذوا أي اجراءات تبين اكتشافهم لتحضيرات السوفيات. خلال محصارة ستالينغراد، قامت القوات الألمانية والجيوش الرومانية، الإيطالية والمجرية التي كانت مكلفة بحراسة أجنحة مجموعة الجيوش «ب» بالضغط على مقرات قيادتهم لطب الدعم. الجيش الثاني المجري، المكون أساسا من قوات سيئة التجهيز والتدريب، كلف بمهمة الدفاع عن 200 كلم من الجناح الشمالي لستالينغراد الفاصل بين الجيش الثامن الإيطالي ومدينة فورونيج. نتيجة ذلك كان خطّا دفاعيا هشا وضعيفا، حتى أن بعض القطاعات بطول 1-2 كلم كانت تحرسها فصيلة جنود واحدة فقط. السوفيات تمكنوا من نصب عدد من رؤوس الجسور في الضفة الغربية للنهر، مما جعلهم يشكلون تهديدا كامنا خطيرا لمجموعة الجيوش «ب». نفس الشيء في الجناح الجنوبي لستالينغراد، الجبهة الجنوبية الغربية لمدينة كوتلنيكوفو كانت يدافع عنها الفيلق السادس الروماني التابع للجيش الروماني الرابع فقط وبعيدا عنه فرقة ألمانية وحيدة هي فرقة المشاة الآلية 16. لكن هتلر كان تركيزه منصبا على المدينة عينها، ولهذا طلبات الدعم من قبل الأجنحة رفضت، رئيس القيادة العليا للجيوش الألمانية فرانز هالدر، عبر عن مخاوفه من انشغال هتلر التام بالمدينة، مشيرا أنه إذا بقيت وضعية الأجنحة الألمانية الضعيفة دون تصحيح «سيكون هناك كارثة». هتلر أجاب هالدر بأن المدينة يجب أن تسقط وأن الأجنحة الضعيفة للجيش ستصمد بـ«...حماس القومية الاشتراكية، بوضوح لم أتوقع هذا منك (هالدر)». وأقاله بعدها، ليعين بدله كورت زايتسلر في منتصف أكتوبر. «عملية أورانوس»: بداية الهجوم السوفيتي. خلال الخريف، قام الجنرالان الروسيان غيورغي جوكوف و ألكسندر فاسيليفسكي المسؤولان عن التخطيط الاستراتيجي لمنطقة ستالينغراد، بتركيز قوات ضخمة في السهوب الشمالية والجنوبية للمدينة. الجناح الألماني الشمالي بشكل خاص كان ضعيفا، بما أن الوحدات المدافعة به كانت الرومانية والمجرية والتي تعاني سوء المعدات، هبوط المعنويات وضعف القيادة بالمقارنة مع نظارئها الألمان. هذا الضعف كان معروفا وتم استغلاله من قبل السوفيات الذي يفضلون المواجهة مع قوات غير ألمانية كلما كان ذلك ممكنا. العملية التي أطلق عليها الاسم الترميزي "أورانوس" والتي تأجل موعد لانطلاقها من يوم 8 إلى 17 نوفمبر، كانت هدفها إبقاء الألمان عالقين في المدينة، ومن ثم الاختراق عبر أجنحتهم الضعيفة المترامية ومحاصرتهم داخل المدينة. الهجمات على الأجنحة الألمانية تقرر أن تتم بعيدا بمسافة كافية عن المدينة، ما يجعل الجيش السادس المتواجد داخلها غير قادر على إعادة نشر قواته لصد الهجوم. تأجلت العملية مرة أخرى بيومين بعد أن تم إعلام جوكوف أن الوحدات الجوية المخصصة للعملية غير مستعدة. وانطلقت بعد ذلك بالتزامن مع عملية المريخ التي كانت تستهدف مجموعة الجيوش الوسطى. المخطط المستعمل كان مشابها لما قام به جوكوف في معركة معركة خالخين غول 3 سنوات من قبل، أين نفذ تطويقا مزدوجا للقوات اليابانية وقام بتدمير الفرقة الـ23 التابعة للجيش الياباني. في 19 نوفمبر 1942، أطلق الجيش الأحمر عملية أورانوس، الوحدات السوفيتية المهاجمة تحت قيادة الجنرال نيكولاي فيودوروفيتش فاتوتين كانت مكونة من 3 جيوش كاملة: جيش الحرس الأول)، جيش الدبابات الخامس والجيش 21، وتشتمل على 18 فرقة مشاة، 8 ألوية دبابات، 6 فرق خيّآلة وفرقة مضادة للدبابات. التحضيرات للهجوم كانت ملاحظة للرومانيين الذين واصلوا الضغط من أجل الحصول على التعزايزات، لكن ذلك رفض مجددا. الجيش الروماني الثالث الذي كلف بالدفاع عن الجناح الشمالي للجيش السادس، بانتشاره الهش، سوء تجهيزه وتجاوزه عدديا من طرف السوفيات، انهار نهائيا بعد يوم واحد من القتال العنيف تعرض فيها لخسائر كبيرة لينسحب بعدها تاركا الجناح الأيسر للجيش السادس مفتوحا تماما. في اليوم الموالي، هجوم سوفياتي ثاني شن على جنوب ستالينغراد، الجيشان السوفيتيان الـ51 و الـ57 قاما بمهاجمة نقاط تواجد الفيلق السادس الروماني الذي يحمي الجناح الأيمن للجيش السادس والمكون أساسا من أفراد المشاة، فانهار على الفور. القوات السوفيتية وبعد نجاح اختراقها للجناح الجنوبي أسرعت نحو الغرب لتتحد مع القوات القادمة من الجناح الشمالي مطبقة حركة كماشة أحكمت الطوق حول ستالينغراد، محاصرة بذلك كل الجيش السادس داخل المدينة. التقت القوات السوفيتية يوم 23 نوفمبر، في مدينة كالاتش. لم تصور هذه اللحظة في حينها لكن السوفيات أعادوا تمثيل مشهد الالتقاء في فيلم دعائي، والذي نال شهرة عالمية. حصار الجيش السادس. في 23 نوفمبر حوصر داخل المدينة حوالي 250,000 جندي من القوات الألمانية والرومانية ومعهم الفوج 369 الكرواتي إضافة إلى كثير من أفراد القوات المتطوعة من بينهم 35,000 متطوع سوفياتي حاربوا في الجانب الألماني وآلاف الجنود السوفيات الذين أسروا خلال المعارك وحوالي 10,000 من المدنيين. اتساع الجيب المحاصر بلغ من الشمال إلى الجنوب حوالي 30 ميل (48 كلم) ومن الشرق إلى الغرب 25 ميل (40 كلم). الجيش السادس كان مكونا من 21 فرقة ميدانية و100 كتيبة تشكل الفيالق 8، 11 و51 والفيلق 14 بانزر إضافة إلى الفيلق 4 (التابع للجيش الرابع بانزر) الذي وقع في الحصار وتم إلحاقه بالجيش السادس، ليكون تعداد القوات الألمانية المحاصرة حوالي 195,000 فرد. الوضع الجديد اضطر باولوس وجيشه للدفاع من كل الجهات ما ضاعف طول جبهته وزاد متاعبه. لم يقع كل أفراد الجيش السادس في الفخ، 50,000 جندي بقوا خارج الجيب المحاصر. سارع الجيش الأحمر إلى تنصيب خطين دفاعيين، الأول موجه نحو الداخل للدفاع ضد أي محاولة للجيش السادس لكسر الحصار أما الثاني فموجه للخارج من أجل منع أي هجوم ألماني معاكس يهدف إلى توحيد القوات. أدولف هتلر كان صرح في خطاب شعبي (في قصر الرياضة ببرلين) يوم 30 سبتمبر 1942 أن «الجيش الألماني لن يغادر المدينة مطلقا». حاول القادة العسكريون الألمان في لقاء لهم بعد التطويق السوفيتي بفترة قصيرة، الضغط من أجل سحب فوري للجيش السادس إلى خط الجبهة الجديد غرب نهر نهر الدون. هتلر الذي كان في مقره البرغهوف الواقع قرب مدينة بيرشيستغادن في جبل أوبيرسالزبيرغ بسلسلة جبال الألب البافارية عندما سأل هيرمان غورينغ قائد "اللوفتفافه" الذي كان برفقته رد هذا الأخير بعدما أقنعه قائد أركان "لوفتفافه" هانز يوشونيك، بإمكانية إمداد الجيش السادس بواسطة جسر جوي ما يسمح للجيش السادس بمواصلة القتال ريثما يتم تجميع قوة لتحريره. نفس المخطط كان قد استعمل عاما من قبل في معركة جيب ديميانسك وإن كان على نطاق أقل بكثير حيث حوصر في ديميانسك فيلق لا جيش كامل، كما أن المقاتلات السوفيتية قد تطورت كثيرا جودة وعددا. لكن التذكير بعملية الجسر الجوي الناجح بديميانسك زاد رأي هتلر قوة، وأيده غورينغ أياما بعدها. ولفرام فون ریشتهوفن قائد "لوفتفلوت 4"، حاول أن يقلب هذا الموقف. الجيش السادس كان أضخم وحدة عسكرية من نوعه في العالم وكان تعداده يعادل تقريبا مرتين أيّ جيش ألماني اعتيادي، إضافة إلى وجود فيلق تابع للجيش الرابع بانزر داخل الجيب المحاصر، ينبغي أن يكون واضحا أن تموينهم جويا مستحيل. 106.6 طن كان الحد الأقصى الممكن إيصاله في اليوم (استنادا إلى عدد الطائرات المتوفرة). وهو رقم بعيد تماما عن تلبية أدنى حاجيات الجيش السادس التي كانت تبلغ 730 طن يوميا. لتغطية النقص في طائرات النقل يونكرز بو 52، قام الألمان باستعمال طائرات غير مهيئة تماما لأداء هذا الدور مثل مقنبلات هاينكل هي 177 ومقنبلات هاينكل هي 111، هذه الأخيرة أظهرت مقدرة تامة وكانت أسرع من طائرات يونكرز يو 52. «عاصفة الشتاء» و «زحل الصغير». قام هتلر بتعيين الماريشال الميداني إريش فون مانشتاين لقيادة مجموعة جيوش الدون التي أسست حديثا للدفاع عن خط الجبهة الواقع بين مجموعتي الجيوش «أ» و «ب». وشملت كل من الجيش الرابع بانزر، الجيش السادس المحصار، إضافة إلى ما تبقى من الجيشين الرومانيين الثالث والرابع. قام الجنرال ریشتهوفن، بإبلاغ مانشتاين في 27 نوفمبر عن قدرة النقل الصغيرة لدى "لوفتفافه" واستحالة الإمداد الجوي بـ 300 طن يوميا. مانشتاين الذي رأى الآن الصعوبات التقنية الهائلة للإمداد الجوي على هذا الحجم، قام في اليوم الموالي بإعداد تقرير حالة من 6 صفحات لهيئة الأركان. وصرح مستندا إلى معلومات الخبير ریشتهوفن أنه بعكس ماوقع في جيب ديميانسك، الإمداد الجوي المستمر سيكون مستحيلا. وإذا ما تم ربط ممر إمدادات حتى ولو كان ضيقا مع الجيش السادس، اقترح مانشتاين أن يتم استعماله لسحب الجيش خارج الحصار. كان مانشتاين يعلم حجم التضحية المعنوية الشديدة للتخلي عن ستالينغراد وما يعنيه ذلك، لكنها ستكون أسهل على التحمل مع احتفاظ الألمان بقوة الجيش السادس في المعركة واستعادتهم زمام المبادرة. لكن هتلر أيد مخطط غورينغ وكرر أمره «لا استسلام» لجيشه المحاصر. بعد عجز "لوفتفافه" عن إمداد الجيش السادس بكافة حاجياته جوا، رأى مانشتاين أنه ينبغي تحريرهم "في أقرب وقت ممكن"، واقترح مخططا لكسر الطوق السوفيتي على ستاليغراد وأعطاه الاسم الترميزي () أو عملية عاصفة الشتاء. بتاريخ 28 نوفمبر، أرسل مانشتاين إلى هتلر تقريرا مفصلا لوضعية مجموعة جيوش الدون، يشتمل حالة الجيش السادس مع تقديرات الذخيرة المتوفرة للمدفعية الألمانية. العملية في البداية كان مبرمجا أن يشارك فيها كل من الجيش الرابع بانزر الذي تقرر دعمه بفيلق البانزر 57 من مجموعة الجيوش «أ» والمكون من فرقتي البانزر 6 و 23، ومعه جيش هوليدت المكون من 3 فرق مشاة وفرقتي البانزر 11 و 22 (تشكلان فيلق البانزر 48). كان متوقعا أن يشارك بالعملية 4 فرق مشاة، 4 فرق بانزر و3 فرق لوفتفافه ميدانية وكان الهدف منها فتح ممر يصل إلى الجيش السادس. فرقة البانزر 11 كانت واحدة من أحسن الفرق المدرعة في الجبهة الشرقية فقد تم سحبها من احتياطي الجيش الألماني، كما كانت فرقة البانزر 6 كاملة التجهيز فقد تم استقدامها من فرنسا ووضعت تحت قيادة مانشتاين. بينما كانت فرق لوفتفافه مكونة من جنود وضباط جدد ضعيفي التدريب عديمي الخبرة ومرهقين من طول الفترة. الهجوم السوفيتي في منطقة أسفل نهر تشير جعل مانشتاين يعدل عن الهجوم بجيش هولديت ويبقيه للدفاع عن خط الجبهة هناك، وقرر أن يقوم بالعملية بواسطة الجيش الرابع بانزر فقط آملا في مشاركة الجيش السادس فيها بأن يحاول كسر الحصار والهجوم جنوبا نحو القوات المتوجهة إليه. لذلك راسل يوم 10 ديسمبر فريدريك باولوس قائد الجيش السادس مخبرا إياه أن الهجوم الألماني سيتم بعد 24 ساعة. يوم 12 ديسمبر، بدأ الجيش الرابع بانزر هجومه الشمالي الشرقي بفرقتين فقط محققا تقدما سريعا حتى أن بعض وحداته حققت تقدما وصل إلى 50 كلم في اليوم الأول بعدما واجهتهم مقاومة ضعيفة من فرق البنادق السوفيتية. في يوم 13 ديسمبر عبرت الفرق الألمانية نهر أكساي متوجهة صوب قرية "فركين-كومسكي" التي خاضت فيها فرقة البانزر 6 معركة دبابات كبيرة ضد الفيلقين السوفيتيين الـ4 والـ13، ولم تتمكن القوات الألمانية من احتلالها إلا بعد 3 أيام بعد الدعم الجوي القوي الذي حصلوا عليه من طائرات لوفتفافه. تلقى السوفيات خسائر فادحة اضطرتهم للانسحاب أخيرا، في حين تلقت فرقة البانزر 6 خسائر مؤثرة. لكن التقدم الألماني استمر، وبدأ الجيش الرابع التوجه بعدها إلى نواحي نهر ميشكوفا. السوفيات الذين حشدوا 1.1 مليون جندي في منطقة ستاليغراد وما حولها، كانوا يعدون لهجوم معاكس كبير أطلق عليه اسم «عملية زحل»، الهدف منه محاصرة مجموعة الجيوش «أ» في القوقاز وتدميرها، لكن تهديد التقدم الألماني السريع دفعهم إلى تغيير خطتهم وتأخير بدايتها مع تقليص أهدافها فصارت الخطة المعدلة «عملية زحل الصغير» تستهدف تدمير الجيش الثامن الإيطالي الذي يحمي الجناح الأيسر لمجموعة جيوش الدون ومن ثمة مهاجمتها من الخلف. بعد ذلك سمح ستالين بسحب جيش الحرس الثاني () الذي كان سيشارك في الخطة الأولى من جبهة الدون إلى جبهة ستالينغراد ونشره عبر نهر ميشكوفا لإيقاف الألمان. بتاريخ 16 ديسمبر، 3 جيوش سوفياتية: جيش الحرس الأول، جيش الحرس الثالث، الجيش السادس شنوا «عملية زحل الصغير» مهاجمين الجيش الثامن الإيطالي الذي ورغم المقاومة الشديدة لجنوده، تمكن السوفيات من تجاوزهم يوم 18 ديسمبر. الاختراق السوفيتي ورغم توقيفه، إلا أنه صار يشكل تهديدا للجناح الأيسر لمجموعة جيوش الدون، زيادة على وجود مدينة روستوف تحت تهديد هجوم جيش الحرس الثالث السوفيتي () وما رافق الهجوم الألماني من خسائر كل ذلك أجبر مانشتاين على إعادة التفكير في استكماله للعملية. قائد مجموعة الدون وجد أنه في حالة استكماله الهجوم لن يتمكن من الدفاع عن جناحه الأيسر ومواصلة التقدم في نفس الوقت. ورغم تمكن فرقة البانزر 6 من عبور نهر ميشكوفا يوم 19 ديسمبر، إلا أن الجيش الرابع بانزر لم يتمكن من تحقيق مزيد من التقدم أمام المقاومة السوفيتية المتزايدة ما جعله منشغلا بمعارك دفاعية أكثر من الهجوم لإحكام خط الجبهة في انتظار موافقة هتلر وباولوس على قيام الجيش السادس بكسر الحصار والتحرك جنوبا صوبه. يوم 23 ديسمبر، أمر مانشتاين فيلق البانزر 48 الذي كان يدافع عن جبهة نهر تشير بالتوجه لإحكام خط دفاع الجناح الأيسر المهدد بالانهيار أمام الهجوم السوفيتي وتوجيه الفرقة البانزر 6 لإحكام جبهة نهر تشير مكانه، ومع استمرار رفض هتلر لأي عملية كسر للحصار من قبل الجيش السادس ورفض حتى باولوس لها نظار لحالة جيشه التي لا تسمح بالقيام بالانسحاب، ومع عدم القدرة على الاستمرار في مواصلة الهجوم، قاد كل ذلك مانشتاين لإنهاء «عملية عاصفة الشتاء» وسحب كل قواته يوم 24 ديسمبر نحو نقطة انطلاقها. الفشل الألماني. ترافق فشل «عملية عاصفة الشتاء» في فتح ممر للجيش السادس مع فشل عملية الإمداد الجوي. ظروف جوية مرعبة، أعطال تقنية، كثافة نيران المضادات الأرضية والمقاتلات الاعتراضية السوفيتية، قاد ذلك إلى خسارة 488 طائرة ألمانية. فشلت "لوفتفافه" حتى في بلوغ الحجم اليومي الأدنى (106 طن) الذي وفرت الطائرات لأجله، كان متوسط الحجم الذي كان يسلم يوميا 85 طن. أنجح يوم كان 19 ديسمبر، سلمت فيه 262 طن من الإمدادات بعد 154 طلعة جوية. في بعض الأحيان كانت الإمدادات عديمة الجدوى، فقد وصلت طائرة محملة بـ 20 طن من الفودكا والألبسة الصيفية، أخرى وصلت محملة بالفلفل الأسود وتوابل المردقوش. الطائرات التي كانت تحط بسلامة كانت تقوم بإخلاء الفنيين المتخصصين، المرضى والجرحى من الحصار، تختلف المصادر في عدد الذين تم إخلائهم حيث يبلغ ما بين 25,000 إلى 30,000 بينما ذكر الكاتب الألماني بول كاريل أن عددهم بلغ 42,000، 5,000 منهم لم ينجوا. كانت عمليات الإمداد الجوي تنطلق من مطار تاتسينسكايا. لكن في 24 ديسمبر، قام فيلق الدبابات 24 السوفيتي بقيادة الجنرال فاسيلي ميخائيلوفيتش بادنوف بمهاجمة المطار الذي كان محروسا فقط بـ7 مدافع فلاك 88 ملم مضادة للطائرات. 107 طائرة يو 52 و16 يو 86 أقلعت نحو نوفوتشركاسك. 107 تاركة ورائها 72 طائرة يو 52 وطائرات أخرى عديدة تحترق على المدرج. قاعدة جوية جديدة تم انشاؤها على بعد 320 كلم من ستاليغراد في مدينة سالسك. البعد الإضافي كان عقبة أخرى امام مجهودات الإمداد. سالسك هجرت هي أيضا منتصف يناير إلى زفيريفو والتي تمت مهاجمتها من قبل السوفيات يوم 18 يناير وتم بها تدمير 50 طائرة يو 52 إضافية. الجيش السادس بدأ ببطء يعاني الجوع، الطيارون أثناء التفريغ كانوا مصدومين عندما وجدوا الجنود منهكين وجائعين، كان الألمان يتقاتلون على قطع الخبز الصغيرة. الجنرال كورت زايتسلر الذي آلمته محنتهم بدأ يحدد لنفسه نفس حصصهم الغذائية الصغيرة أثناء وجباته، بعد عدة أسابيع من تلك الحمية خسر 12 كلغ وصار هزيلا حتى أن هتلر انزعج وأمره شخصيا بتناول وجبات منتظمة مرة أخرى. خسائر أسطول النقل الألماني كانت فادحة، حوالي 266 طائرة يو 52 دمرت، ما يعادل ثلث قوة الأسطول في الجبهة الشرقية، طائرات هي 111 دمر منها 165 أثناء عمليات النقل. الخسائر الأخرى كانت: 42 طائرة يو 86، 9 طائرات أف واي 200 كوندور، 5 مقنبلات هي 177 وطائرة يو 290. "لوفتفافه" خسرت أيضا حوالي 1000 فرد من أطقم المقنبلات ذوي الخبرة العالية. كانت خسائر لوفتفافة عالية جدا، لدرجة أن عدة أساطيل للنقل تتبع "لوفتفلوت 4" تم حلها بالكامل. الجيش السادس صار الآن بعيدا عن أي أمل لإنقاذه، لم تعلم القوات المحاصرة بهذا وواصلت الاعتقاد بأن التعزيزات في طريقها إليهم. بعض الضباط طالبوا بأن يتحدى باولوس أمر هتلر بالبقاء سريعا وأن يقوم بعملية اختراق للطوق السوفيتي، باولوس رفض ذلك، بما أنه يمقت التفكير في عصيان الأوامر. أيضا، الانسحاب كان ممكنا في الأسابيع القليلة الأولى، فالجيش السادس حاليا لا يملك ما يكفي من الوقود والجنود الألمان سيجدون صعوبة بالغة في اختراق الخطوط السوفيتية سيرا على الأقدام في ظروف شتوية قاسية. الانتصار السوفيتي. انسحبت القوات الألمانية من ضواحي المدينة إلى داخل المدينة نفسها، خسارة مطار بيتومنك يوم 16 يناير 1942 وبعده مطار غومراك (إما يوم 25 يناير أو ليلة 21-22 يناير) وضع نهاية لعمليات الإمداد الجوي وإخلاء المرضى والجرحى، المدرج الأخير الصالح المتوفر كان مدرج مدرسة "ستالينغرادسكاجا" للطيران، والذي سجل آخر عملية نزول واقلاع يوم 22-23 يناير، بعدها لم تسجل أي عملية أخرى لنزول الطائرات باستثناء عمليات كانت تقوم بها الطائرات الألمانية أحيانا لإلقاء الذخيرة والأغذية للجنود والتي استمرت للنهاية. لم يعد الألمان يعانون الجوع فقط، بل نفاذ الذخيرة أيضا، رغم ذلك واصلوا المقاومة لاعنقادهم أن السوفيات سيعدمون كل من يستسلم، وخصوصا السوفيات الذين عملوا في الجيش الألماني والذين لم يكن لديهم أي التباس بشأن مصيرهم إذا ما اعتقلوا. السوفيات تفاجأوا بداية لعدد الألمان الكبير الذي تمت محاصرته، وكان عليهم تعزيز قوات الطوق. بدأت حرب مدن دموية مرة أخرى، لكن هذه المرة كان الألمان هم المجبرين على التراجع إلى ضفاف نهر الفولغا. لجأ الجنود الألمان إلى تثبيت شبكات أسلاك شائكة على النوافذ لحماية أنفسهم من القنابل اليدوية، لكن السوفيات عمدوا إلى تثبيت معالق صيد الأسماك عليها حتى تعلق عند رميها في شبكة الأسلاك. أغلب الدبابات الألمانية تعطلت، والتي بقيت منها تشتغل استعملت في أحسن الأحوال كمراكز حراسة مؤقتة، أما السوفيات فلم يكلفوا أنفسهم عناء استعمال الدبابات في الأماكن التي يعطل فيها الدمار حركتها. أرسل السوفيات وفدا إلى باولوس للتفاوض معه، فإذا قبل الاستسلام خلال 24 ساعة، سيحصل على ضمان بسلامة كل الأسرى والعناية الطبية بالمرضى والجرحى، واحتفاظ جميع الأسرى بممتلكاتهم الشخصية مع حصولهم على وجبات غذائية منتظمة، وإرسالهم إلى أي دولة بعد الحرب. لكن باولوس الذي أمره هتلر بعدم الاستسلام، لم يرد على ذلك في 22 يناير، طلب باولوس أن يتم منحه إذنا للاستسلام، رفض هتلر ذلك مطلقا لاعتبارات الشرف. وقام بمراسلة الجيش السادس ذاك اليوم معبرا على أنهم يقدمون بكفاحهم العظيم مساهمة تاريخية في التاريخ الألماني، ولهذا ينبغي الصمود «لآخر جندي ولآخر طلقة.» هتلر صرح لوزير دعايته غوبلز أن محنة الجيش السادس هي «دراما بطولية للتاريخ الألماني.» في 30 يناير 1943، الذكرى العاشرة لوصوله إلى السلطة، عيّن هتلر غوبلز لقراءة كلمة تتضمن عبارة «الكفاح البطولي لجنودنا في الفولغا يجب أن يكون عِظة للجميع لبذل قصارى جهودهم للكفاح من أجل حرية ألمانيا ومستقبل شعبها، وهذا بمعنى أوسع للحفاظ على كامل قارتنا». في نفس اليوم قام هتلر بترقية باولوس إلى منصب جنرال فيلد مارشال من منطلق أنه لم يسبق أبدا أن وقع قائد ألماني بمثل هذا المنصب في الأسر. هتلر اعتقد بهذا أن باولوس سيواصل القتال أو سيضع حدا لحياته. لكن بعد أن حاصرته القوات السوفيتية في مقر قيادته المدمر بمتجر غوم في اليوم الموالي، استسلم باولوس، وتبعه ما تبقى بعد ذلك من قوات الجيش السادس الذين استسلموا يوم 2 فبراير. 91,000 من الجنود المنهكين، المرضى، الجوعى، المنهارين وقعوا في الأسر وكان من بين هؤلاء 22 جنرالا و3,000 روماني من جنود فرقة الـ 20 للمشاة، الفرقة الأولى للخيالة وفصيلة "العقيد فويكو". غضب هتلر وأسرّ بأن باولوس «كان بإمكانه أن يحرر نفسه من كل الأحزان ويصعد للأبدية والخلود الوطني، لكنه فضل الذهاب إلى موسكو.» لم يبلغ الشعب الألماني رسميا بكارثة الجيش السادس إلى غاية أواخر يناير 1943، رغم أن التقارير الإعلامية الايجابية توقفت أسابيع قبل الإعلان. كانت هزيمة ستالينغراد أول مرة تعلن فيها الحكومة النازية عن فشل في جهودها الحربية، ولم تكن فقط أول نكسة كبرى للجيش الألماني، بل هزيمة ساحقة تلقت فيها ألمانيا خسائر لم يسبق لها مثيل وتعادل تقريبا ما تلقاه الاتحاد السوفيتي، فالخسائر السابقة للإتحاد السوفيتي قبل ستالينغراد كانت عموما 3 مرات أكبر من خسائر الألمان. في 31 يناير، أعلنت الإذاعة الألمانية هزيمة ستالينغراد للشعب الألماني. في 18 فبراير، قام وزير الدعاية الألماني جوزيف غوبلز بإلقاء خطابه الشهير للشعب الألماني من قصر الرياضة في برلين، شجع فيه الألمان على تقبل حرب شاملة تشترط جميع القدرات والمجهودات من كل الشعب. استنادا إلى الفيلم الوثائقي الألماني "ستالينغراد"، رفض أكثر من 11,000 جندي ألماني تسليم أسلحتهم، لإيمانهم بمعتقداتهم النازية وتصورهم أن القتال إلى الموت أفضل من النهاية البطيئة في المعتقلات السوفيتية. المؤرخ "أومير بارتوف" لاحظ أن الـ 11,237 رسالة التي بعثها الجنود الألمان المحاصرون إلى ذويهم بين 20 ديسمبر و16 يناير، حمل أغلبها تعبير الجنود عن إيمانهم بالانتصار النهائي لألمانيا، ورغبتهم بالقتال والموت في ستالينغراد من أجل تحقيق الانتصار. "بارتوف" ذكر أن كثيرا من الجنود كانوا يدركون جيدا أنهم لن يكونوا قادرين على الخروج من ستالينغراد، لكنهم كانوا يتباهون بافتخار لتضحيتهم بأنفسهم في سبيل "الفوهرر". استمرت باقي القوات في المقاومة، مستعملين الأقبية والمجاري للاختباء. لكن في أوائل مارس 1943، استسلمت جيوب المقاومة الصغيرة المعزولة التي تبقت. استنادا لوثائق المخابرات السوفيتية التي ظهرت في الفيلم، كشف تقرير للـNKVD يعود لتاريخ مارس 1943 عن عناد بعض المجوعات الألمانية: تقرير لطاقم جبهة الدون صدر يوم 5 فبراير 1943 على الساعة 22:00 يقول: من بين حوالي 110,000 من الألمان الذين أسروا في ستالينغراد، فقط حوالي 6,000 تمكنوا من العودة إلى بلادهم بعد نهاية الحرب. كانوا ضعافا بسبب الأمراض والجوع ونقص العناية الطبية طيلة فترة حصارهم. تم إرسالهم في مسيرات موت (75,000 من الناجين توفوا خلال 3 أشهر من الاعتقال) إلى معتقلات الأسرى ثم معتقلات الأعمال الشاقة في كل نواحي الاتحاد السوفيتي. حوالي 35,000 وفرت لهم أخيرا وسائل نقل، لكن 17,000 منهم لم ينجوا. أغلبهم توفوا بسبب الجروح، الأمراض (خاصة التيفوس)، البرد، الإفراط في العمل، سوء التغذية والمعاملة السيئة. البعض الآخر تم إبقائه في المدينة للمساعدة في إعادة بنائها. في مارس 1943، حوالي 40,000 من الألمان ضحايا وباء التيفوس تم دفنهم في مقابر جماعية. كبار الضباط تم نقل مجموعة منهم إلى موسكو لأغراض الدعاية، وبعضهم التحق بـاللجنة الوطنية لألمانيا الحرة، آخرون ومن بينهم باولوس قاموا بالتوقيع على بيانات مضادة لهتلر والتي أذيعت على القوات الألمانية. باولوس بقي رهن الاعتقال إلى غاية 1952، بعدها انتقل إلى درسدن بشرق ألمانيا أين أكمل بقية أيام حياته مدافعا عن قرارته في ستالينغراد، ونقل عنه قوله أن الشيوعية هي أفضل أمل لأوربا ما بعد الحرب. الجنرال فالتر فون سيدلتز كورزباخ عرض تشكيل جيش مضاد لهتلر بالقوات الناجية من ستالينغراد، لكن السوفيات لم يوافقوا. إلى غاية سنة 1955 حتى تمكن الناجون الباقون من العودة بعد التماس تقدم به المستشار الألماني كونراد أديناور. في الثقافة الشعبية. الظروف القاسية للمعركة، بما في ذلك الشتاء السوفيتي الذي شل الألمان، قد خلدت في العديد من الأفلام الألمانية والروسية والبريطانية والأمريكية الأصل. ذكرى النضال تم تجسيدها في العديد من الكتب، نظرا لأهميته في إحباط الغزو الألماني، فضلا عن أهميته كعلامة على الهمجية العسكرية والمعاناة البشرية والخسائر في الأرواح الذي لم يسبق له مثيل. ستالينغراد كانت موضوعا لقصيدة شاعر من الهند الغربية، يسمى روبرت بلاكمان. وقد نشرت قراءته للقصيدة باسم "الجانب ب" لروبرت وايت ستالين لم يتوقف قط في محاولتة لمواجهة تناقص الحرب الباردة كجزء من الاتحاد السوفيتي في هزيمة أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية. في الرياضيات والمنطق، حساب القضايا هو نظام يتم فيه تمثيل القضايا بربط قضايا ذرية بواسطة روابط منطقية، إضافة إلى نظام للاستدلال والبرهان تتم بواسطته برهنة نظريات منطقية. التركيب. يشير التركيب إلى جملة الرموز والتراكيب التي تُبنى بها القضية المنطقية، بالإضافة إلى مجموعة القواعد التي تحكم تسلسل وسلامة تركيب هذه الرموز. يشار إلى الرموز على أنها ذرية لأنها أساس بناء القضايا. مجموعة الرموز تسمى أيضا أبجدية النظام. تحتوي هذه الأبجدية على الرموز الآتية: تربط الروابط المنطقية بين مختلف الرموز المنطقية، كما يمكن الفصل بين القضايا المركبة باستعمال الأقواس لإيضاح أو تغيير المعنى. قضايا ذات تركيب صحيح. القضايا ذات التركيب الصحيح هي قضايا مركّبة بطريقة موافقة لقواعد التركيب. كل القضايا السابقة هي قضايا ذات تركيب صحيح، لكن القضايا التالية لها تركيب خاطئ ولذا لا يمكن استعمالها في حساب القضايا والبرهنة: المعاني. بالمعاني (semantics) يلصق حساب القضايا معان للتراكيب المختلفة. في حساب القضايا كل قضية تشير إلى جملة تكون صحيحة أو خاطئة. فمثلا لنفرض القضايا التالية: تكون إذن القضية ¬ س قضية صحيحة، فقد ألصقنا معنى لهذه القضية بناء على معنى القضية "س" الخاطئة ومعنى رابط النفي ¬. و أيضا القضية ص ∧ ع هي قضية صحيحة، بناء على معنى القضيتين ورابط الوصل. الروابط المنطقية. بناء على كل جداول الحقيقة الممكنة بين قضيتين يمكن تركيب 16 رابطا منطقيا ممكنا، وهي كلها موضحة في الجدول التالي: بناء على كل جداول الحقيقة الممكنة بين قضيتين يمكن تركيب 16 رابطا منطقيا ممكنا، وهي كلها موضحة في الجدول التالي: يظهر من هذه القائمة ان الروابط 1، 4، 6، 11، 13 و 26 غير مفيدة. تبقى الروابط العشر الأخرى التي تأخذ معناها من معنى س وع معا، ولأنه يمكن كتابة هذه الروابط بطرق مختلفة فإنه يتم عادة اعتبار مجموعة أقل من الروابط كما تمّ مسبقا (النفي، الوصل، الفصل، الاستلزام والتكافؤ المنطقي). يمكن اعتبار أي رابط آخر برمز مناسب عند الحاجة (مثلا: س + ع كرمز للفصل الحصري، وهو الرابط 10). وصف رياضي عام لحساب قضايا. حساب القضايا هو نظام "ل" حيث "ل = {أ، ج، ز، ي}" و: عادة تحتوي كل مجموعة على الروابط المنطقية التي تأخذ عددا معينا من الرموز المنطقية، فيكون: مثال: نظام الاستنتاج الطبيعي. نظام الاستنتاج الطبيعي من أشهر أنظمة حساب القضايا لبساطته وسهولة الاستنتاج به. نفرض أن ل = {أ، ج، ز، ي} حيث: البرهنة في نظام القضايا. يمكن برهنة صحة أو عدم صحة القضايا باستعمال حساب القضايا، حيث يتم استنتاج ذلك حسب تعريف حساب القضايا وباستعمال قواعد التحويل في خطوات تسمى استنتاجات أو تحويلات. يوضح الجدول التالي برهانا للقضية س ← س، حيث تظهر خطوات البرهان سطرا بسطر: تُقرأ "س" ┤ "س" ك: "لنفرض س، إذن س"، وتُقرأ ┤ "س" ← "س" ك: "لنفرض لاشيئ، إذن س تستلزم س". عبد النبي بلخيرروايه عن عبد النبي بالخير عبد النبي بلخير زعيم قبيلة ورفلة من مواليد (1880) (9)، ويعد أحد كبار زعماء الحركة الوطنية في الجهاد ضد الغزو الإيطالي لليبيا كما كانت له العديد من المواقف الوطنية النضالية المشرفة، فقد كان أحد أبرزأعضاء مجلس الجمهورية الطرابلسية التي تأسست عام 1918، ورغم ما كتب عنه من اتخاده لمواقف لم تكن على وفاق مع مواقف بعض الزعماء الأخرى ن، إلا أن دوره في الجهاد الليبي أساسي، وزعامته ودهائه السياسي يحسب لهما العدو والصديق ألف حساب. هجرته حينما ضيق الغزاة الإيطاليون الخناق على المجاهدين الليبين وحاصروهم في العديد من المدن والمناطق وطاردوهم من مكان إلى آخر إلى أن أشرفت حركة المقاومة الليبية في طرابلس على الانتهاء في أواخر العشرينيات من القرن الماضي وتم احتلالهم (لفزان) بجنوب ليبيا في آخر شهر من عام 1929 والتي كانت آخر معقل للمجاهدين، لم يجد زعماء المقاومة بدا من الانسحاب بدويهم ورفاقهم والهجرة إلى بعض الدول المجاورة لليبيا مثل تونس، ومصر التي هاجر إليها كبار الزعماء مثل " أحمد بك السويحلى والتهامى بك قليصة والشيخ المبروك المنتصر والشيخ عبد الصمد النعاس وأحمد المريض والشيخ سوف (المحمودي).. وغيرهم " (12). ومما يروى عن سبب فقده لأحدى عينيه، أنه كان معه قلة من رفاقه أثناء هروبه في الصحراء من فلول الطغاة الغزاة وبعيد فقده لزعيمه إلا أن رفاقه أخدوا في الهروب منه واحدا تلو الآخر ظانين بعدم صواب رأيه في الطريق الصحيح إلى تونس، وكانوا يتسللون ليلا هاربين. وفي إحدى الليالي استيقظ يريد تفقد معسكره لكنه فوجئ بأن الجميع قد هرب باستثناء أهله والقليل جدا من رفاقه. وكانت هذه الحادثة صدمة قاسية عليه تأثر بها وانفعل لدرجة أنه ضرب بيده على إحدى عينيه ففقأت وخسرها للأبد. وفي محاضرة بعنوان " مأساة قافلة عبد النبي بلخير " ألقاها عام 1990 الباحث الأستاذ علي الحسنين بمركز جهاد الليببين (16) ما قوله على لسان الباحث الإيطالي (أنجيلو بيشى) : " وفي مطلع سنة 1930حينما كان (قراتسيانى – قائد الحملة العسكرية في ليبيا) في أوباري، نمى إليه أن المحلات المذكورة قد أوشكت على اجتياز الحدود الليبية الجزائرية مع العلم بأنها كانت تضم أيضا محلة عبد النبى بالخير التي كانت تشتمل على مأتي مسلح من مجاهدى (ورفلة) والتي بلغت موقعا إلى الشمال قليلا من (غات). " ولما تأكد لدى القائد الإيطالي أن المجاهدين لم يعودوا قادرين على المقاومة وأن كل همهم كان منصبا على الوصول إلى الحدود الدولية (الجزائرية) سالمين، حاول عبثا ملاحقتهم خصوصا بعد أن التقطت المحطات اللاسلكية التابعة لوحداته عن مراكزالحدود الفرنسية إشارات مفادها أن الطرابلسيين الفارين قد أخدوا يعبرون الحدود، مفوتين عليه بذلك فرصة الالتحام بهم ومقاتلتهم. " فكمحاولة أخيرة للنيل منهم أصدر (غراتسيانى) أوامره بأن تقوم الطائرات التي كانت تحت تصرفه بإدراك أولئك الذين لم يبلغوا بعد الحدود ويقصفهم دون هوادة. وطوال يومي 13 و 14 من فبراير 1930 تناوبت تلك الطائرات – بطلعات متواصلة – على ضرب خط الحدود بوابل من القنابل وطلقات المدافع الرشاشة. ومن المحتمل أن يكون عبد النبى بالخير قد تمكن - حوالى يوم 12 من الشهر ذاته (فبراير) – من اجتياز الحدود الجزائرية ومن حط رحاله في واحة (جانيت) حيث سلم للسلطات العسكرية الفرنسية المرابطة بقلعة " فورشاليه " (17). ويواصل الأستاذ الحسنين ذكره لرواية مكملة يرويها العقيد الفرنسي (فايس) في كتابه "سر الجنوب" الذي أسرد فيه فصلا خاصا لهذا الموضوع تحت عنوان "أسرى قاسي الطويل" ويذكر فيه بأن صورا شمسية قد ألتقطت بعيد الحادث الذي أودى بحياة عبد النبي ورفاقه إلا أن هذه الصور بقيت غير منشورة وبقيت هذه المأساة سرا غامضا. كما يفصل بعض هذه الأحداث بقوله أن" جمعا من اللاجئين الطرابلسيين المنتمين إلى قبائل ورفلة جاؤوا في سنة 1931 إلى الواحة الصغيرة التي يشرف عليها حصن (فورفلاتير) واستقر بهم المقام هناك. إنهم كانوا عاقدي النية على العيش بتلك الواحة في ظل إحدى حامياتنا بالصحراء الشرقية. " لقد بلغ الصيف أشده وأن البئر الارتوازية التي كانت تروي نخيل الواحة المذكورة ظلت تسكب – دونما انقطاع – معينها الحي الفوار. غير أن مراعي " العرق " قد يبست وزالت مما حمل عبد النبي بالخير قائد اللاجئين المذكورين – ذات يوم – على أن يمتطى صهوة فرسه ويتوجه إلى الحصن المشار إليه آنفا حيث قابل آمر الحامية وأعرب له عن مخاوفه قائلا: الله أكبر ! حفظك وحفظ جنودك، أبناء فرنسا المضيافة ! ولكن ما العمل ؟ وأين المفر ؟ في غضون أيام قلائل ستنفق جمالنا لانعدام الكلأ بالمراعي، وفي نجعى أضحى يعانى الناس والأطفال ويلات البؤس والشقاوة. "فأجابه الآمر بأن ما قاله هو الحق وعليه بالعودة صوب الشمال إلى (ورقلة) حيث المراعى والعيش. ولكن المسافة بعيدة حوالى 500 كيلو متر والمنطقة شديدة الوعورة والكثبان الرملية المتحركة وخصوصا في (وادى الطويل) وفي درجة حرارة تقرب من الخمسين وأنه لن يتمكن من الوصول اليها بدون دليل ولكن إن انتظر خمسة أيام سيمر اثنان من خبراء الصحراء من الشعامبة يمكنهما مساعدته للوصول إلى ورقلة وسيعطيه بعض الشعير. ويستمر الآمر في سرده للواقعة بقوله: " إن عبد النبي بالخير الذي ما كان إنسانا يخلو من مشاعر الكبرياء، لم يكترث بنصائح آمر الحامية في (فورفلاتير) فقام في الليلة التالية بشد الرحال مع ركبه المشتمل على واحد وخمسين شخصا وسارت قافلتهم نحو المصير المحتوم. ومرت ب (حاسي تانسروفت) للتزود بالماء فملأت قرابها ثم واصلت توغلها في العرق حتى تعذر عليها السير في وضح النهار، فاضطرت إلى مواصلة رحلتها فيما بعد غروب الشمس. إلا أن هؤلاء السراة الذين كانت تنقصهم الخبرة وما كان برفقتهم دليل وما كان عليهم إلا المضي قدما صوب الشمال مهتدين بالنجمة القطبية على أن متاهة رمال العرق وقفاره الموحشة كانت تجبرهم بلا انقطاع على السير وفق خط غير مستقيم. " وبعد أن استمرت هذه القافلة المنحوسة في تذبذبها ست ليالى حطت رحالها في موقع إعتقده قائدها غير بعيد عن بئر (حاسي الطوارق) فانتشر الرجال للبحث عن مورد الرواء في النواحى المجاورة ولم يهتدوا إلى الهدف المنشود ولم يعثروا عليه عدا زمرة مؤلفة من زنجيين وصبي فكتبت لهم النجاة أما الأخرون فقد لقوا حتفهم مع استنزافهم لأخر قطرة ماء. " وفي (فورفلاتير) - حال وصول الدليلين الذين كان قد اقترح آمر الحامية خدماتهما على عبد النبي بالخير – أخبرا بأمر القافلة وبأن أصحابها كانوا يعدمون الخبرة بالطريق. فأخدا يقتفيان آثارها على مسافة بضعة أيام بشيء من الانشغال. وسرعان ما أفضى بحثهما إلى اكتشاف أثار الكارثة التي حلت بإخوان لهم يشاطرونهم مشاعر القلق والاضطراب إذ وجدوا جثثهم وجيف مواشيهم وحطام أمتعتهم متناثرة هنا وهناك على الرمال بالقرب من حاسى الطوارق... " (18). ويستمر (فايس) في وصف حالة القافلة وأشلاء الموتى والكارثة المحزنة التي حلت بها، إلا أننا نكتفى بهذا القدر حيث وضحت لنا الحادثة تقريبا. ولعلنا نلاحظ وجود بعض الاختلافات بين الروايات الثلاث الخاصة بضياع القافلة وهلاك قائدها في صحراء الجزائر وكذلك في تواريحها، فالأولى التي ذكرها الأستاذ الحسنين عن رواية العقيد الفرنسى (فايس) في كتابه، والثانية رواية الشيخ المسلاتى عن لسان مجاهدنا نفسه والثالثة الرواية التي ذكرها المرزوقى في كتابه " عبد النبي بلخير داهية السياسة والحهاد ". إلا أن المحصلة النهائية هي ضياع وهلاك عبد النبي سواء أكان مع بعض رفاقه الذين يقدروا بخمسين شخصا كما ذكر العقيد الفرنسي، أم كان بمفرده وخادمه كما ذكر الشيخ المسلاتى، أم وحده كما ذكر المرزوقى. والحقيقة انا المنطق (من اليونانية القديمة: λογική، بالحروف اللاتينية: logikḗ) هو الدراسة المنهجية لشكل الاستدلال الصحيح، وقوانين المعرفة الحقيقية الأكثر شيوعًا، الاستنتاج الصحيح هو الذي يُوجِد علاقات محددة للدعم المنطقي بين افتراضات الاستدلال ونتائجه. لا يوجد اتفاق عالمي على النطاق الدقيق لمفهوم المنطق، لكنه بشكل تقليدي يشتمل على تصنيف الحجج والكشف المنهجي لـ"الشكل المنطقي" المشترك بين جميع الحجج الصحيحة ودراسة البرهان والاستدلال، بما في ذلك المفارقات والمغالطات، ودراسة بناء الجملة والدلالات، كما يُعرَّف المنطق أيضاً بأنه «آلةُ قانونيةُ تعصم مراعاتُها الذهنَ عن الخطأِ في الفكر». في المقام الأول يُدْرَس في تخصصات الفلسفة والرياضيات وعلم الدلالة وعلم الحاسوب. ويعتبر أرسطو أول من كتب عن المنطق بوصفه علمًا قائمًا بذاته، وسميت مجموعة بحوثه المنطقية أورغانون، فكان القياس في نظر أرسطو هو صورة الاستدلال، ولكن بقيام النهضة الأوروبية ونهضة العلوم الطبيعية أصبح المنطق علمًا مختلفًا نوعا ما عن منطق أرسطو، فظهر منطق الاستقراء الذي كان رائده فرانسيس بيكون واستكمله بعد ذلك جون ستيوارت ميل. هناك أيضًا جانب المنطق الرياضي الذي ابتدأه لايبنتس وعدّله برتراند راسل الذي ربط الرياضيات بالمنطق وجعلها امتدادًا له. تاريخيًا، تمت دراسة المنطق في الفلسفة (منذ العصور القديمة) والرياضيات (منذ منتصف القرن التاسع عشر)، ودُرس المنطق في الآونة الأخيرة في علوم الحاسوب واللغويات وعلم النفس، وغيرها من المجالات. المفاهيم الأساسية. يُعد المفهومُ الشكلَ المنطقي الأساسي في علم المنطق، ويتم تحديد صحة المفاهيم من خلال شكلها المنطقي، وليس عن طريق محتواها. ومن الأمثلة المنطقية الرسمية المنطق الأرسطي التقليدي والمنطق الرمزي الحديث. تاريخ علم المنطق. المنطق يأتي من كلمة "logos" اليونانية، والتي تعني في الأصل "الكلمة" أو "ما يتم التحدث به"، ولكن تعني "الفكر" أو "العقل". في العالم الغربي، تم تطوير المنطق لأول مرة بواسطة أرسطو، الذي أطلق عليه اسم "التحليلات". أصبح المنطق الأرسطي مقبولًا على نطاق واسع في العلوم والرياضيات وظل يستخدم على نطاق واسع في الغرب حتى أوائل القرن التاسع عشر. نظام أرسطو للمنطق كان مسؤولاً عن إدخال القياس المنطقي الافتراضي، المنطق الشرطي الزمني، والمنطق الاستقرائي، وكذلك المفردات المؤثرة مثل المصطلحات والمتوقعات والمنهجية والاقتراحات. كان هناك أيضا منطق زينون الرواقي المنافس. في أوروبا خلال فترة العصور الوسطى المتأخرة، بذلت جهود كبيرة لإظهار أن أفكار أرسطو كانت متوافقة مع الإيمان المسيحي. خلال العصور الوسطى العليا، أصبح المنطق محورًا رئيسيًا للفلاسفة، الذين كانوا منخرطين في التحليلات المنطقية النقدية للحجج الفلسفية، مستخدمين غالبًا اختلافات في منهجية الدراسة المدرسية. في عام 1323، تم إطلاق السكولاستية الخاصة بوليم الأوكامي. بحلول القرن الثامن عشر، تدهورت المقاربة المنظمة للحجج وتراجعت، كما هو موضح في مسرحية لودفيغ هولبرغ الساخرة "إيراسموس مونتانوس". في الهند، تم تأسيس مدرسة (علم الاستقصاء-Anviksiki) للمنطق (حوالي القرن السادس قبل الميلاد). استمرت الابتكارات في المدرسة الفلسفية، التي تسمى نيايا، منذ العصور القديمة وحتى أوائل القرن الثامن عشر مع مدرسة نافيا نايا. بحلول القرن السادس عشر، طورت نظريات تشبه المنطق الحديث، مثل التمييز بين جوتلوب فريج وبين الإحساس بالأسماء الصحيحة ومرجعيته "وتعريف الرقم"، وكذلك نظرية "الشروط التقييدية للعالميين" التي تتوقع بعضًا من التطورات في نظرية المجموعة الحديثة. منذ عام 1824، جذب المنطق الهندي انتباه العديد من العلماء الغربيين، وكان له تأثير على علماء المنطق المهمين في القرن التاسع عشر مثل تشارلز باباج وأوغست دو مورغان وجورج بول. في القرن العشرين، اكتشف الفلاسفة الغربيون مثل ستانيسلاف شاير وكلاوس غلاشوف المنطق الهندي على نطاق أوسع. ساد المنطق الذي طوره أرسطو في الغرب حتى منتصف القرن التاسع عشر، عندما حفز الاهتمام بأساسيات الرياضيات على تطوير المنطق الرمزي (الذي يسمى الآن المنطق الرياضي). في عام 1854، نشر جورج بول كتاباً بعنوان "التحقيق في قوانين الفكر" التي تأسست عليها النظريات الرياضية للمنطق والاحتمالات، مقدمًا المنطق الرمزي ومبادئ ما يعرف الآن بالمنطق الرياضي. في عام 1879، نشر جوتلوب فريجه "Begriffsschrift"، الذي افتتح المنطق الحديث مع اختراع التدوين الكمي، والتوفيق بين منطق أرسطو والرواقية في نظام أوسع، وحلت مثل هذه المشاكل التي كان منطق أرسطو فيها عاجزًا، مثل مشكلة العمومية المتعددة. من عام 1910 إلى عام 1913، نشر ألفريد نورث وايتهيد وبرتراند راسل مبادئ الرياضيات، في محاولة لاستخلاص الحقائق الرياضية من البديهيات وقواعد الاستدلال في المنطق الرمزي. في عام 1931، أثار كورت غودل مشاكل خطيرة (مبرهنات عدم الاكتمال) مع البرنامج التأسيسي وتوقف المنطق في التركيز على مثل هذه القضايا. كان لتطور المنطق منذ جوتلوب فريجه ورسل ولودفيغ فيتغنشتاين تأثير عميق على ممارسة الفلسفة والطبيعة المدركة للمشاكل الفلسفية وفلسفة الرياضيات. يتم تنفيذ المنطق، وخاصة المنطق الحسي، في دوائر منطق الحاسوب وهو أساسي لعلوم الحاسوب. عادة ما يتم تدريس المنطق من قبل الجامعة في تخصصات الفلسفة، وعلم الاجتماع، وقسم الإعلان والأدب، وغالبًا ما يكون تخصصًا إلزاميًا لجميع الطلاب. حي السجن وهو من أحياء المدينة القديمة ويوجد به مجموعة من المباني الرسمية ويقع على البحر مباشرة مقابل الأكاديمية البحرية. أهم المناطق الحكومية الموجودة فيها : جامعة تشرين جامعة حكومية في سوريا، أُنشئت في عام 1971 باسم جامعة اللاذقية وسميت فيما بعد بجامعة تشرين تيمناً بحرب تشرين التحريرية عام 1973. موقعها شرق مدينة اللاذقية مركز محافظة اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا، تضم كليات ومعاهد عليا لمختلف التخصصات العلمية ومراكز بحث ومدينة جامعية كبيرة ومختلف أنواع الخدمات الجامعية. كما يتبع للجامعة مجموعة من المنشآت كالمشافي التخصصية مثل مشفى الأسد والمشفى الجامعي، ومدرسة التمريض، ومركز الحاسبات الإلكترونية. كليات الجامعة. العلوم الهندسية. كليات الهندسة بجامعة تشرين، تقع في مدينة اللاذقية. وتضم عدة كليات. كلية الهندسة المدنية. افتتحت في العام الدراسي1972-1973، وتضم الأقسام التالية: كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية. افتتحت في العام الدراسي 1980-1981، وتضم الأقسام التالية: كلية الهندسة المعمارية. افتتحت في العام الدراسي 1984-1985، وتضم الأقسام التالية: كلية الهندسة المعلوماتية. افتتحت في العام الدراسي 1999-2000، وتضم الأقسام التالية: كلية الهندسة التقنية - طرطوس. افتتحت في العام الدراسي 2003-2004، وتضم الأقسام التالية: كلية هندسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات - طرطوس. افتتحت في العام الدراسي 2008-2009، وتضم الأقسام التالية: كلية الهندسة التطبيقية. وتعتبر الكلية التطبيقة من احدث الكليات في سوريا فقد افتتحت عام 2013 وتدرس فيها العلوم التطبيقية لخريجي الثانوية الصناعية أو طلاب العلمي وقد اثبتت جدارتها في العالم الهندسي عبر خطتها الدراسة فقد كان خريجوها يصنفون مهندسين درجة ثالثة إلى سنة 2016 تم رفع درجة خريجيها إلى مهندس درجة اولى علما ان دراستها اربعة سنوات عوضا عن خمسة سنوات مثل باقي الهندسات وسيتم في السنوات القادمة فتح دراسات علية لها وتضم الكلية الاقسام التالية: العلوم الإنسانية. إضافةً إلى معهد تعليم اللغات الذي يتخصص بتعليم اللغات العالمية مثل اللغة الإنكليزية والفرنسية والألمانية لطلبة الجامعة وغيرهم من المواطنين السوريين والأجانب. المراكز. مركز ضمان الجودة. هو أحد المراكز التابعة لجامعة تشرين، وقد تم تأسيسه بهدف تبني معايير الجودة والتميز المؤسَّسِي والأكاديمي وتطبيقها في الجامعة تأسيس المركز. تم تأسيس مركز ضمان الجودة في جامعة تشرين في عام 2011 بهدف تبني معايير الجودة والتميز المؤسَّسِي والأكاديمي وتطبيقها في الجامعة، والعمل على التطوير المستمر للجامعة وصولاً بها إلى مصاف الجامعات العالمية المتميزة. يضم المركز اليوم 6 اقسام وهي: رسالة المركز. يسعى مركز ضمان الجودة في جامعة تشرين إلى التميّز والعمل على التحسين والتطوير المستمرين لجودة المدخلات والعمليات والمخرجات من خلال تطبيق نظام متكامل للتقويم والإشراف والمتابعة والدعم لجميع المكونات والممارسات المؤسساتية والأكاديمية طبقاً لرؤية الجامعة ورسالتها وأهدافها والوفاء بمتطلبات المعايير المعتمدة وذلك بالتعاون والتفاعل المتبادل مع الوحدات والمراكز والهيئات المحلية والخارجية التي تعمل في مجال ضمان جودة التعليم للحصول على ثقة المجتمع في دور الجامعة ومخرجاتها وقدراتها التنموية في الجمهورية العربية السورية. السكن الجامعي. والاسم الشائع السكن الجامعي، وتتألف من مجموعة من الوحدات السكنية المقسومه إلى قسمين القسم الأول يحتوي على 19 وحدة سكنية موجودة ,4 وحدات مخصصة للذكور و 12 وحدة مخصصة للأناث ووحدة سكنية مخصصة لطلبة المركز الوطني للمتميزين, إضافة إلى السكن الخاص بالأساتذة والمدرسين، أي هي ضمن حرم الجامعة بجهة الجنوب الغربي، والقسم الثاني يحتوي على ثلاث وحدات مخصصة للذكور أيضاً في الجهة الشمالية من الحرم الجامعي. الوحدات بالكامل مخصصة لسكن طلبة جامعة تشرين الذين اتوا للدراسة من خارج مدينة اللاذقية بشكل عام أو من أماكن بعيدة نسبيا عن الجامعة وتعتبر من أكثر المدن الجامعية تنظيما في سوريا. للمدينة الجامعية ثلاث أبواب وهي: كل وحدة سكنية لها مشرف يكون مكتبه في الطابق الأرضي ودوامه من الساعة 8 صباحا وحتى 3 ظهرا، ومن ثم يبدأ دوام المشرف الليلي من 3 ظهرا وحتى 11 ليلا وهو وقت اغلاق أبواب الوحدة السكنية حيث يحظر على ساكني الوحدة أو طلبة غير وحدة سكنية الدخول أو الخروج بعد هذا الوقت إلا في الحالات الطارئة ويفتح باب الوحدة الساعة 6 صباحا. شروط القبول والرسوم المفروضة. يشترط بشكل أساسي أن يكون الطالب المتقدم من طلبة جامعة تشرين تكون الاولوية لطلاب الطب والصيدلة وطب الأسنان ومن ثم الهندسة بأنواعها ثم باقي الفروع تباعاً. بشكل عام يتوجب على الطالب بالتقدم بطلب انتساب مع بعض الأوراق الثبوتية الأخرى كعدد من الصور الشخصية وصور عن الهوية وما إلى ذلك وبعدها تتم عملية فرز لتحديد المقبولين بناء على عدد من العوامل: انظر أيضا. قائمة الجامعات في سوريا سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة (21 أكتوبر 1969 -)، ولي العهد نائب القائد الأعلى ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس التنمية الاقتصادية بمملكة البحرين. هو النجل الأكبر لحمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين من زوجته سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة. أسرته. متزوج من الشيخة هالة بنت دعيج آل خليفة، ولهما من الأبناء: برج القاهرة (ويُطلق عليه أحيانًا: «برج الجزيرة») هو برج يقع في العاصمة المصرية القاهرة، تم بناؤه بين عامي 1956 و1961 من الخرسانة المسلحة على تصميم زهرة اللوتس المصرية، من تصميم المهندس نعوم شبيب، ويقع في قلب القاهرة على جزيرة الزمالك بنهر النيل. يصل ارتفاعه إلى 187 متراً وهو أعلى من الهرم الأكبر بالجيزة بحوالي 43 مترا. يوجد على قمة برج القاهرة مطعم سياحي على منصة دوارة تدور برواد المطعم ليروا معالم القاهرة من كل الجوانب. ويعد من أبرز معالم القاهرة والذي يقع في منطقة الجزيرة برج القاهرة الذي ويتكون من 16 طابقاً ويقف على قاعدة من أحجار الجرانيت الأسواني التي سبق أن استخدمها المصريون القدماء في بناء معابدهم ومقابرهم، وتستغرق الرحلة داخل مصعد البرج للوصول إلى نهايته 45 ثانية لتشاهد عندما تقف على القمة بانوراما كاملة للقاهرة، الأهرامات، مبنى التلفزيون، أبي الهول، النيل، قلعة صلاح الدين، الأزهر وفي الطابق 14 مطعم. تاريخ البرج. برج القاهرة تم بناؤه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وتكلف بناؤه 6 ملايين جنيه مصري، وقتها كانت الولايات المتحدة قد أعطتها لمصر بهدف التأثير على موقفها المؤيد للقضية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي. وعن هذا يقول المؤرخ العسكري جمال حماد عندما تم بناء البرج كان له اسمان فالأميركان أطلقوا عليه «شوكة عبد الناصر»، أما المصريون فقد أطلقوا عليه اسم «وقف روزفلت» - لم يكن أطول برج في العالم في ذلك الوقت ولكن يأتي بعد برج أيفل . تجديده. تم تجديد برج القاهرة في عمل استمر حوالي سنتين من 2006 حتى 2008 وذلك من قبل شركة المقاولون العرب المصرية وكلفت عمليه الترميم والإصلاح حوالي 15 مليون جنيه وهي تتضمن معالجة وترميم خرسانة البرج وإضافة عدد 3 أدوار هياكل معدنيه اسفل البرج المطعم ببدن البرج ودور أخر أعلى المدخل الرئيسى مباشرة وأنشاء سلم للطوارئ ومصعد للزائرين وتطوير مدخل البرج وكذا تشطيب واجهات البرج وإضافة اضاءة خارجية جديدة. كرة الطاولة أو تنس الطاولة (باليابانية: ؛ و من الصينية: ) هي رياضة يتبارى فيها لاعبان أو أربعة بضرب كرة خفيفة تناوباً باستخدام مضرب لعب صغير. تُقام المباراة على طاولة صلدة تقسّمها شبكة لنصفين. رياضة تنس الطاولة إحدى أكثر الرياضات شعبية من حيث عدد اللاعبين، وهي من أحدث الرياضات الكبرى الحالية. تضرب كرة التنس عند الإرسال بوجه أو ظهر اليد إلى منطقة الخصم، وتُحتسب النتيجة النهائية بناءً على عدد النقاط التي حصل عليها اللاعبين في المسابقة، حيث يفوز من يحقق 11 نقطة أولاً وعند وصول كلا اللاعبين نقطة 10/10 يجب على اللاعب الفوز بنقطتين متتاليتين. تتطلب الرياضة تركيزاً عالياً وسرعة رد الفعل ولياقة بدنية عالية لكونها رياضة سريعة. يُدير الاتحاد الدولي لتنس الطاولة (تُعرف اختصاراً: ITTF) رياضة كرة الطاولة ويُحكّم قوانينها لديه. تأسس الاتحاد عام 1926م ويضم حاليّاً 226 جمعية عضوة. ضُمّت رياضة كرة الطاولة كرياضة أولمپيّة من عام 1988م حتى 2004م تحت أكثر من تصنيف. الطاولة. تُلعب تنس الطاولة على طاولة مستطيلة خاصة ذات أبعاد 2.7 × 1.5م، وتُطلى غالباً بالأخضر، أو الأزرق الغامق، أو الأسود، أو البرتقالي. وفي وسط الطاولة خط فاصل يقسمها إلى نصفين يمثّلان منطقتيّ اللاعبين. ارتفاع الشبكة 15.25 سم. طول مضرب كرة الطاولة عادة 15 سم إلا أنه لا توجد قوانين معينة تحدد طول المضرب. كرة التنس تكون مختلفة عن كرة المضرب حيث قطرها 40 مم، وهي خشنة ومجوفة وخفيفة جداً، مصنوعة من السليوليد. التهديف. تحسب نقطة للخصم عند ارتكاب خطأ في الإرسال أو الصدّ: أخطاء الإرسال. يُسمّى الإرسال الخاطئ إرسالاً غير قانوني أو إرسالاً غير نظامي وتُحسب فيه نقطة للخصم عند ارتكابه. يُعتبر الإرسال غير قانوني عند ارتكاب أمر من الأمور التالية: يُضاف إلى ذلك وجوب إعادة الإرسال دون احتساب نقطة للخصم عند ملامسة الكرة للشبكة ووصولها لمنطقة الخصم، ولا يُعاد الإرسال إذا حصل ذلك عند صدّ الكرة دون إرسالها. قانون كولوم، أو قانون التربيع العكسي لكولوم هو قانون الفيزيائي الذي يصف التفاعل الكهرو ستاتيكي بين الجسيمات المشحونة كهربياً، وقد نشر عام 1785 من قبل الفيزيائي الفرنسي شارل أوجستين دي كولوم وكان أساساً في تطوير النظرية الكهرومغناطيسية، هو يعتبر مماثل لقانون التربيع العكسي لأسحاق نيوتن الذي يصف الجاذبية الكونية، كما يمكن استخدام قانون كولوم لاشتقاق قانون جاوس والعكس صحيح، وقد تم اختبار القانون بشكل كبير، ولقد أيدت جميع الملاحظات مبدأ القانون. نص قانون كولوم. «قوة التجاذب أو التنافر بين شحنتين في الفراغ تتناسب طرداً مع القيمة المطلقة لحاصل ضرب شحنتيهما، وعكساً مع مربع المسافة بينهما». الصيغة الرياضية. حيث أن: شكل عددى للقانون. يمكن القول أن قانون كولوم في عددي شُكل على النحو الآتى: تتناسب القوة الكهروستاتيكية بين اثنين من نقاط الشحنات الكهربائية تناسبا طرديا مع حاصل ضرب الشحنتين، ويتناسب عكسيا مع مربع المسافة بين الشحنتين. formula_7 حيث r هي المسافة بين مركزي الشحنتين، ثابت كولوم. k : هو ثابت كولوم ووحدة قياسه هي نيوتن متر مربع لكل كولوم تربيع. و هو حسب العلاقة: ويمكن حسابه بالضبط: بحكم تعريفها في نظام الوحدات الدولي سرعة الضوء في الفراغ المرموز لها CO هي 299792458 متر.ثانية1 والثابت المغناطيسي ("μ"0)، تـُعرّف كالتالي nowrap|4π × 10−7 هـ·م،، يؤدي إلى تعريف الثابت الكهربائي ("ε"0) كالتالي .في وحدات cgs، وحدة الشحنة، esu of charge أو ستات كولوم statcoulomb، تـُعرّف بحيث أن تلك ثابت القوة "كولوم" يكون قيمته 1. المجال الكهربي. بناء على قانون قوى لورنتز فإن مقدار المجال الكهربائي ("E") الذي تولده شحنة نقطية واحدة ("q") على مسافة معينة ("r") هو: للحصول على شحنة موجبة، وجهت الإتجاه من النقاط على طول خطوط الحقل الكهربائي بعيداً شعاعيا من موقع الشحنة النقطية، في حين أن الإتجاه هو عكس الشحنة سالبة، وحدات SI للمجال الكهربي هي فولت لكل متر أو نيوتن في الكولوم. جهد كولوم. يستخدم ثابت كولوم لتعيين الجهد الكولومي (الكهربائي): حيث: :formula_12 سماحية الفراغ الكهربية وعلاقته بقانون كولوم كالآتي: تقع مدينة القصر الكبير في الشمال الغربي للمملكة المغربية عند واد متسع، على ضفاف نهر اللوكوس الذي يحيط بها من جهتي الغرب والجنوب، متوسطة بذلك منطقة فسيحة تعرف بحوض اللوكوس. ونظراً لقربها الجغرافي من المحيط الأطلسي (30 كلم)، ومن البحر الأبيض المتوسط (90 كلم) فهي تخضع لمناخ متوسطي تخترقه مؤثرات أطلسية شديد الشبه بنظيره الذي يهيمن على جهات متعددة في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة الأيبيرية. ويتميز فصل الصيف فيها بارتفاع درجات الحرارة التي تسهم في تلطيفها أحياناً المؤثرات الاطلنتية. تبعد مدينة القصر الكبير عن العاصمة الرباط بحوالي 143 كلم. كما تبعد عن فاس ب 137 كلم وعن طنجة ب 84 كلم متوسطة بذلك أهم المراكز الحضرية بالنصف الشمالي من المملكة. تقدّر ساكنة المدينة حسب إحصاء سنة 2014 ب 126617 نسمة. ويبلغ عدد الأجانب المقيمون بها 114 نسمة تنتمي لجنسيات مختلفة تنحدر من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا... تتواصل مدينة القصر الكبير مع أهم المدن المغربية عبر خطوط السكك الحديدية التي تربطها بكل من طنجة والميناء المتوسطي شمالا، وبفاس ووجدة شرقا، وبالرباط، الدار البيضاء ومراكش جنوبا، كما أنها متصلة بجل مدن المملكة عبر شبكة الطرق الوطنية. اشتهرت مدينة القصر الكبير تاريخيا بمعركة وادي المخازن (سنة 986 هـ الموافق 1578 م)، أو معركة الملوك الثلاثة والتي انتصر فيها المغرب على الاجتياح البرتغالي. ويعتمد اقتصاد المدينة على الزراعة والتجارة، وذلك بفضل المجهودات التي بدلها أبناء المدينة في تحسين ظروف عيشهم. وتعتبر المدينة مركزا لجماعة الدعوة والتبليغ والتي قادها البشير اليونسي الذي كان له الفضل في الدعوة إلى الله في هذه المدينة وفي سائر مدن المغرب، والتي انبثقت بعدها عدد من الجمعيات الإسلامية. وبفضل تشييد سد واد المخازن فقد تراجعت مخاطر الفياضانات بشكل كبير، وبالمقابل فقد ساهم انحسار مياه الفياضانات في تضاعف حجم المساحات الصالحة للزراعة، والتي زودت بنظام هيدروليكي متطور للسقي، تزامنا مع استحداث مكتب جهوي للاستثمار الفلاحي بالقصر الكبير في أبريل 1975. تاريخ المدينة. الوجود البشري بمنطقة القصر الكبير يعود وجود الإنسان بمنطقة القصر الكبير إلى مرحلة ما قبل التاريخ حيث أتاحت له إمكانيات العيش بها فرصة لمواصلة الاستقرار الدائم بفضائاتها ويظهر ذلك جليا من خلال الرسوم الحجرية التي تم العثور عليها في مغارات وتجاويف الجبال القريبة وكذا بمقاطع الأحجار التي تم العثور عليها بمحيط المدينة والتي تعود إلى العصر النيوليثي القديم. وبالنظر إلى خصوبة محيط القصر الكبير وموقعه الجغرافي الممتد بين منعرجات ضفتي اللوكوس السفلى فقد جمعته الدراسات الميثولوجية بمنطقة الغرب الأقصى التي شهدت إحدى منجزات هرقل في رحلته الشهيرة إلى حدائق هسبيرديس ومما لا شك فيه أن تواصل منطقة القصر الكبير مع ليكسوس القريبة منها بالنظر إلى وجودها على نهر اللوكوس الذي يصب في المحيط الأطلسي ونظرا لما كان لهذه الأخيرة من أهمية في الأزمنة القديمة فمن المؤكد أنه حصل اتصال مبكر لهذه الجهة مع المبادلات الثقافية والاقتصادية التي كانت تجري في منطقة مضيق جبل طارق منذ ما قبل التاريخ. وهو ما يؤكده الحضور الفينيقي المتمثل في المواقع الأركيلوجية التي تم العثور عليها بمحيط المدينة، كدليل قاطع عن وصول المعمرين الأوائل إليها وخاصة الفنيقيين الذين وفدوا من شرق البحر الأبيض المتوسط، ومن المرجح جدا أن مدينة القصر الكبير قد أقيمت على أنقاض القلعة الرومانية القديمة "أوبيدوم نوفوم" أو المدينة العامرة لموريطانية الطنجية والتي تم العثور على كثير من آثارها خلال القرون الأخيرة، خاصة خلال القرن العشرين حيث سيتنامى ظهورها من خلال إنجاز الأشغال العمومية الكبرى بالمدينة كتعمير المدينة وتوسعتها خلال فثرة الحماية الإسبانية وكذلك خلال أعمال توسعة شبكة الصرف الصحي وتقويتها وكذا أشغال ترميم المسجد الأعظم وإصلاحه حيث تم العثور على قطع أثرية مهمة من فخار ورخام وقنوات وعملات نقدية ونقائش تحمل كتابات رومانية ظاهرة، على غرار تلك التي أدمجت ضمن مكونات صومعة المسجد الأعظم للمدينة وتبقى أهم القطع الأثرية التي تم العثور عليها بالمدينة تلك النقيشة اليونانية التي كتب عليها بحروف يونانية بارزة، وهو ما سمح بإدراجها في سياق الوجود البيزنطي بشمال المغرب خلال القرن السادس قبل الميلاد. الموقع الجغرافي. تقع مدينة القصر الكبير وسط حوض اللوكوس بالشمال الغربي للمملكة المغربية، عند الضفة اليمنى لنهر لوكوس داخل سهل الغرب وهي تتوسط المراكز الحضرية الكبرى لشمال المغرب. حيث تفصلها عن طنجة 119 كلم، وعن تطوان 137 كلم وعن مكناس 140 كلم وعن العاصمة الرباط 154 كلم. ترتفع مدينة القصر الكبير عن مستوى سطح البحر بارتفاعات تتراوح ما بين 14 و 20 متر. وتتمركز عند خط الطول 5,55 ° غرب غرينتش وخط العرض الشمالي 34,57° تكمن الأهمية الإستراتيجية لهذا الموقع في أنه شكل قديما محطة رئيسية على الطريق التي كانت تربط ما بين المستعمرات الرومانية في الشمال والجنوب خاصة وأن نهر اللوكوس، وحسب شهادات النصوص شكل طريقا وممرا سهلا للمواصلات في فثرة ما قبل الإسلام. ونظراً لهذه الأهمية الإستراتيجية فقد اتخذت المدينة على مر العصور كمحطة أساسية لاستراحة الجيوش أو الاستعداد للمعارك والحملات العسكرية. أما من الناحية الاقتصادية فتموقع القصر الكبير عند مركز حوض اللوكوس جعله محاطا بدائرة ترابية خصيبة تضم حوضا مائيا مساحته 2560 كلم مربع يخترقه نهر اللوكوس الدي ينبع من جبال الريف ويتمتع حوض اللوكوس بشروط تحفيزية جد ملائمة للاستثمار وذلك راجع بالأساس إلى خصوبة تربته التي تجود بمختلف المحاصيل الزراعية وإلى التساقطات المطرية المهمة بالإضافة إلى موقعه الجغرافي الاستراتيجي الواقع على نفس المسافة من قطبي طنجة والرباط المحاطين بدورهما بأبرز الأسواق الاستهلاكية في المغرب وهو أيضا قريب جدا من أوروبا 150 كلم وموصول بميناء طنجة المتوسطي إما بواسطة قطارات الشحن أو الطريق السيار مما يؤهله ليكون قطبا فلاحيا رائدا وموطنا للصناعات الغدائية التحويلية بجهة طنجة تطوان. ملحمة القصر الكبير. تسمى أيضا بمعركة واد المخازن أو معركة الملوك الثلاثة في زمن كانت تغير فيه الجيوش الصليبية على الطرف الشرقي لدار الإسلام، فتحتل، وتنهب، وتشرد، وفي زمن كانت فيه البرتغال أقوى إمبراطورية في العالم إلى جانب إسبانيا، حيث امتدت رقعتها إلى مناطق شاسعة من العالم، في هذا الزمن حين بلغ الصليبيون قمة قوتهم، فكان لا بد –في نظرهم- من كسر شوكة الإسلام في جناحه الغربي. في سنة 981 هـ تولى العرش ملك المغرب محمد المتوكل [1]، وبقي على العرش حوالي السنتين، إذ انقلب عليه أبو مروان عبد الملك السعدي، وأخوه أحمد (وهما من عائلة المتوكل) بمساعدة العثمانيين الذين كانوا على الحدود الشرقية للمغرب، في الجزائر. فما كان من المتوكل إلا أن فرّ إلى البرتغال طالباً النجدة من إمبراطورها دونْ سباستيان على أن يسلمه كل شواطئ المغرب على المحيط الأطلسي دون استثناء. هكذا وجد سباستيان فرصته الذهبية للقضاء على الإسلام في جناحه الغربي، وتنصير المسلمين فيه تطبيقاً لوصايا إيزابيلا الكاثوليكية. وبدأ الإمبراطور البرتغالي مشاوراته مع أباطرة أوروبا وملوكها، فاتصل أول الأمر بخاله فيليب الثاني عاهل إسبانيا، الذي سمح للمتطوعين من كل ممالكه بمرافقة سباستيان إلى المغرب للقتال في سبيل الصليب، وتحرك سباستيان بجيوش نظامية من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والفاتيكان البابوية ومتطوعين من إنجلترا وفرنسا بالإضافة إلى جيوشه البرتغالية. وعلم عبد الملك ملك المغرب بالمخطط الذي يحاك ضد بلاده، فبعث رسالة إلى إمبراطور إسبانيا يدعوه إلى حسن الجوار وإقامة علاقات صداقة، كما بعث لسباستيان يؤنّبه فيها على العمل الذي ينوي الإقدام عليه، ويهدده بسوء المصير، ويدعوه في الوقت نفسه إلى الدخول في السلم، والشروع في المفاوضات، ومما جاء في الرسالة: »إنّ عزمك على محاربتي في عقر داري ظلم وعدوان، وأنت تعلم أني لا أضمر لك شراً، ولم أقم بحركة ضدك، فكيف تبيح لنفسك أن تسطو على حقوق وهبني الله إياها وتقدمها لشخص آخر هو محمد المتوكل، مقابل وعود (تسليم شواطئ الأطلسي)، لا يستطيع أن يفي لك بها ما دمت على قيد الحياة، وباستثناء العاصمة مراكش فإنني مستعد أن أتنازل لابن أخي (محمد المتوكل) على أي قضية، وإنك بإغرائك مغربياً على أخيه تقوم بعمل مشين لن يخدم سمعة البرتغال. إني أعلم أنك في طريقك لإبعادي عن مملكتي، ولكنك لا تعلم أنك بكل ما تملك وبما يوجد تحتك من ممالك لن تقدر على ذلك، ولا تظن أن الجبن هو الذي يملي علي ما أقول لك، فإن فعلتَ فإنك تعرض نفسك للهلاك، وإنني مستعد للتفاهم معك رأساً لرأس في المحل الذي تريده، وإنني أفعل كل هذا سعياً في عدم هلاكك المحقق عندي، ولا يملي علي هذه المشاعر إلا محبّتي للعدل، وإنني أقبل أن أتحاكم معك لدى محكمتك التي لا تستطيع ان تنتزع من أحد حقاً من حقوقه ظلماً وعدواناً لتعطيه لغيره، وإنني أقبل حكمها مسبقاً، وإنني أشهد الله على ما أقول، وأعلم أنك شاب لا تجربة لك، وأن في حاشيتك من يشير عليك بآراء فاشلة، لكن هيهات أن يمتنع الذي عزم«. بداية المعركة وإستراتيجية عبد الملك في الحوار مع إمبراطور البرتغال.. بدأت الحملة الصليبية في السابع من تموز (رمضان) 986 ه، وانطلقت المراكب من ميناء قادس متوجهة صوب المغرب، حاملة جيوشاً صليبية هي أقوى جيوش العالم آنذاك عدداً وعدة. وصلت الجيوش إلى مدينة أصيلة فاحتلتها ونواحيها، وكان ملك المغرب عبد الملك في مراكش آنذاك، فبعث إلى سباستيان برسالة قال فيها:»إنني أعترف بشجاعتك وشهامتك يا سباسيتان، ودليلنا على ذلك هو هجومك على بلادنا الآمنة، إنني أنحي عليك باللوم لآنك انتهزت فرصة غيابي وهجمت على المدن والقرى الوديعة تفتك بالمدنيين والفلاحين العزّل، وهذا لم أكن أعهده فيك، والآن ففي إمكانك أن تنتظرني أياماً أقدم عليك«. وتأثر سباستيان بالرسالة بفعل الغرور، وكان هذا شيئاً هاماً ينم عن ذكاء عبد الملك، وذلك لكي لا تتوغل جيوش سباستيان في الآراضي المغربية، فيكسب سكانها الذي سيحاربون إلى جانبه بالإكراه. وسافر عبد الملك إلى مدينة القصر الكبير، فكتب مرة أخرى إلى سباستيان:»لقد قطعت أنا المراحل والمسافات الطويلة لمقابلتك، أفلا تتحرك أنت يا سباستيان لمقابلتي، لتبرهن على شجاعتك وشدة مراسك؟«وكانت هذه أيضاً خطة ناجحة لإبعاد الجيوش الأوروبية عن مراكز التموين على البحر. الملحمة.. وفعلاً تحركت الجيوش الأوروبية الصليبية مهاجمةً المغاربة الذي استدرجوا هذه الجيوش إلى سهل القصر الكبير في مكان استراتيجي بين وادي المخازن في الخلف ونهر لوكوس على اليمين ووادي وارور في الأمام. ثم كان الشطر الثاني من خطة المسلمين للمعركة، إذ هدموا جسر وادي الخازن لقطع خط الرجعة على الفلول الصليبية، وأخيراً كان الملتقى بعد فجر يوم الاثنين 30 جمادى الأولى سنة 986 هـ (4 آب/أغسطس 1578 م). ويصف لنا المؤلف المغربي الأفراني المعركة في كتابه»نزهة الحادي في أخبار القرن الحادي«قائلاً:» نزل العدو على وادي المخازن، وقطعه بجيوشه وعبر جسر الوادي، فأمر عبد الملك بالقنطرة أن تهدم، ووجه لها كتيبة من الخيل فهدموها، ثم زحف بجيوش المسلمين وخيل الله المسوّمة، فالتقت الفئتان، وحمي الوطيس، وأسودّ الجو بنقع الغبار، ودخان مدافع البارود، إلى أن هبّت على المسلمين ريح النصر، فولّى المشركون الأدبار، وقُتِل الطاغية البرتغالي غريقاً في الوادي، ولم ينجُ من الروم إلا عدد نذر وشرذمة قليلة«. وصدق الله العظيم:)إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم([محمد: 7]، صدق الذي أعزّ عبده، ونصر جنده، وهزم الأحزاب وحده. وسبحانه، ففي يوم واحد –في هذه المعركة- مات ثلاثة ملوك، الأول معتدٍ هو سباستيان، الذي قُتِل من جراء جرحين أصيب بهما في رأسه، وجرح آخر في ساعده، ثم غرق في الوادي، والثاني هو محمد المتوكل، غرق أيضاً فأخذوه وطافوا به في القصر الكبير، وفاس ومراكش، أما الأخير فهو أبو مروان عبد الملك، صعدت روحه إلى ربها راضية مرضية، بعد المرض الذي أصابه وهو يوجّه أوامره ويسيّر المعركة من داخل خيمته.[2] نتائج معركة القصر الكبير هل كانت معركة صليبية؟ لقد غيّرت معركة القصر الكبير مجرى مهماً في التاريخ، إذ فقدت البرتغال –مثلاً- استقلالها، وفقدت ممتلكاتها الواسعة في العالم وأوقفت الهجمات الصليبية الشرسة الأوروبية عموماً والبرتغالية خصوصاً على الخليج العربي. أما المغرب فقد جنى غنائم طائلة، وكسب سمعة عالية، حتى بدأت دول أوروبا نفسها تخطب ودّه، وهذا ما أوجد في نفس الأوروبيين عقدة حاصة، ذهبوا معها إلى أن المعركة لم تكن صليبية، ومن بين هؤلاء المؤرخ الفرنسي هنري تيراس الذي يقول:»إنها لم تكن من الصدمات الكبرى بين النصرانية والإسلام، بل كانت –حسب تواريخ البرتغال والمغاربة معاً- حادثاً عرَضياً بدون مقدمة ولا نتائج«. وهذا خطأ، وإلا كيف نفسر ما ترتبت على المعركة من نتائج لا يجهلها هذا المؤرخ نفسه؟ وكيف نفسر الاستعدادات طويلة الأمد، ومشاركة جيوش كثيرة من أوروبا بلغ تعدادها 35 ألف مقائل صليبي[3] عدا المتطوعين الذين يزيدون على عشرة آلاف، على متن ألفي مركب شراعي، في الوقت الذي كان فيه تعداد المسلمين 37 ألف مقاتل ضمنهم أربعة آلاف من الجيوش العثمانية التي تكوّن فرق المدفعية والبارود. ولعل من المفيد هنا أن أورد ما قاله كاستوني دوفوس[4] حول نظرة البرتغال إلى المعركة:»إن من المؤكد أن رجال البلاط في لشبونة كانوا ينظرون إلى تلك الحرب وكأنها رحلة من رحلات الساحة، وليس أدل على ذلك من أنهم كانوا يهيئون الصلبان لتعليقها على مساجد فاس ومراكش. وقد أبدى كثير من نساء الطبقة النبيلة رغبتهن في مصاحبة الجيش البرتغالي وكأنهن سيحضرن إلى ملعب لسباق الخيل، وكان الشاعر الكبير كاموانس، الذي اشتهر بكونه أنبغ الشعراء وأكثرهم قصائد في الحث على القضاء على المغاربة، على فراش الموت، وحيث لم يستطع ركوب البحر فإنه بعث مع الجنود أغنية مجّد فيها المحاربين الذي باركهم البابا، وصلى من أجل انتصارهم«. وأورد مؤرخون آخرون حالة الاستعداد التي كانت عليها أوروبا قبل المعركة، إذ ذهب الخبال ببعض المهندسين إلى درجة أنهم وضعوا تصميمات لتحويل قبة القرويين إلى مذبح كنائسي تعلّق فيه صورة العذراء. وهذا فقط يكفي للدلالة على أن معركة القصر الكبير كانت صداماً حاسماً بين الإسلام والنصرانية المزيفة، أي وبتعبير آخر: كانت معركة صليبية فاصلة في التاريخ. [1] محمد المتوكل: من ملوك دولة السعديين بالمغرب، وعبد الملك هو ابن عمه. [2] بعض الروايات تقول: إنه سُفي سماً من طرف أحد خدامه الأتراك. [3] بعض الوثائق الأجنبية تذكر أنهم كانوا ستة آلاف مقاتل، انظر الجزء 3 من سلسلة دي كاسطري، ص 397. [4] مؤرخ فرنسي من القرن الماضي. حوض اللوكوس. يقع حوض اللوكوس في الشمال الغربي للمملكة، ما بين منطقتي طنجة والغرب على منتصف الطريق الرابط بين الرباط وطنجة وهو عبارة عن مجال ترابي خصيب مساحته 250.600 هكتار تتخلله شبكة هيدرولوجية تتوزع بين المياه السطحية 610 مليون متر مكعب والمياه الجوفية 91 مليون متر مكعب ويخترقه نهر اللوكوس الدي ينبع من جبال الريف حيث تتجمع مياهه بسد واد المخازن قبل أن تكمل مسارها تحو المحيط الأطلسي يتمتع حوض اللوكوس بشروط تحفيزية جد ملائمة للاستثمار ودلك راجع بالأساس إلى خصوبة تربته الرسوبية الثقيلة والتي تجود بمختلف المحاصيل الزراعية والتساقطات المطرية المهمة (المعدل السنوي للتساقطات المطرية 700 ملم موزعة ما بين 15 أكثوبر و 15 أبريل) بالإضافة إلى مناخه المتوسطي المعتدل (المعدل السنوي للحرارة: 11 درجة في فصل الشتاء و 25 درجة في فصل الصيف) كما أن موقعه الجغرافي الاستراتيجي والواقع على نفس المسافة من قطبي طنجة والرباط المحاطين بدورهما بأبرز الأسواق الاستهلاكية في المغرب يجعل فرص الاستثمار بهدا الحوض مثمرة ومربحة وهو أيضا قريب جدا من أسواق أوروبا 150 كلم وموصول بميناء طنجة المتوسطي اما عير الطريق السيار الوطني واما بواسطة قطارات الشحن بمحطة القصر الكبير واحدة من كبريات المدن التي تتوسط هدا الحوض المائي (أكثر من 132 ألف نسمة) مما يؤهلها لتتحول إلى قطب فلاحي رائد وموطنا للصناعات الغدائية التحويلية بجهة طنجة تطوان. ينقسم حوض اللوكوس بين جهتي طنجة-تطوان والغرب-الشراردة-بني حسان ويتوزع ترابه بين عدة ادارات ترابية (العرائش، القنيطرة، وزان) وهو ما جعل حوض اللوكوس يعيش حالة من التشردم الإداري الدي يؤثر سلبا على المردودية الاقتصادية لهدا الحوض، الأمر الدي دفع بفعاليات المجتمع المدني بالقصر الكبير المتضرر الأكبر من هفوات التقطيع الترابي (من مثقفين ومسؤولين وأحزاب) إلى المطالبة بتوحيد الإطار الإداري لهدا الحوض عبر استحداث إدارة ترابية جديدة مركزها مدينة القصر الكبير التي تعثبر عاصمة إستراتيجية وتاريخية لحوض اللوكوس == دائرة اللوكوس == سد واد المخازن. بني سد واد المخازن بضواحي مدينة القصر الكبير في عهد الملك الراحل الحسن الثاني وقد أبى جلالته إلا أن يطلق عليه اسم معركة واد المخازن الشهيرة والتي حقق فيها أبناء المنطقة نصرا تاريخيا رفقة الكتائب النظامية لجيش الملك عبد الملك السعدي وكان قد دشن هدا السد العظيم في جو مهيب حضره وزراء خارجية الدول الإسلامية والأمين العام للمؤتمر الإسلامي وعدد كبير من الشخصيات الإسلامية وممثلين عن الصحافة الدولية ومئات الآلاف من أبناء الشعب المغربي الدين حجوا إلى مدينة القصر الكبير لحضور هدا الحدث التاريخي. وقد ألقى الملك في حضرتهم خطابا تاريخيا حمد فيه الله سبحانه وتعالى وشكره على نعمته السابقة وعطائه الوافر. ثم توجه جلالته بالشكر إلى دولة الكويت الشقيقة التي ساهمت في بناء هدا الصرح العظيم. وكان تدشين سد وادي المخازن حدثا بارزا في تاريخ مدينة القصر الكبير والمغرب عموما حيث ارتبط بالمؤتمر العاشر لوزراء خارجية الدول الإسلامية ليضفي على المدينة والبلاد طابعا من المزج بين العمل الديبلوماسي الوطني والنهضة الاقتصادية والاجتماعية المطردة لمنطقة حوض اللوكوس خصوصا والمغرب عموما معطيات عامة حول سد واد المخازن يبعد سد واد المخازن عن مدينة القصر الكبير بحوالي 10 كيلومترات وتبلغ حقينته 773 مليون متر مكعب وهو بذلك يعد سادس أكبر سد بالمملكة المغربية بعد كل من سد الوحدة وسد المسيرة وسد بين الوديان وسد إدريس الأول وسد محمد بن عبد الله. حيث يشغل مساحة تقدر ب 1.820 كلم مربع ما يعني أن حجمه يفوق حجم مدينة القصر الكبير أكبر مدن حوض اللوكوس ب 14 مرة وهو يرتفع عن مستوى سطح البحر ب 67 متر ويتغدي من الشبكة الهيدروليجية الممتدة من إقليم الحسيمة إلى إقليم العرائش ويبلغ متوسط حجم إنتاجه السنوي من الطاقة ما يقارب 36 ميكاوات في الساعة يؤدي سد واد المخازن جملة من الوظائف أهمها وقد ألقى الملك بمناسبة تدشين سد واد المخازن خطابا تاريخيا قال فيه: المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي. تم استحداث المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لحوض اللوكوس بمدينة القصر الكبير في 23 من أبريل سنة 1975 بمقتضى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.238 الصادر في 11 ربيع الثاني 1395 هجرية الموافق ل 23 أبريل 1975 وقد أوكلت الدولة اليه عددا من الاختصاصات والمهام أبرزها الهيكل التنظيمي للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي. يدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالقصر الكبير مصلحتين وعدة أقسام يتوزع مجال عملها بين عدد من المقاطعات التابعة لعدد من الدوائر بكل من جهة طنجة-تطوان وجهة الغرب الشراردة بني حسان فأما المصلحتين فهما مصلحة التدقيق الداخلي ومراقبة التدبير ومصلحة الوسائل العامة وأما الأقسام فهي تتوزع بين قسم الاستصلاحات وقسم تسيير شبكة الري وصرف المياه وقسم الموارد البشرية وقسم التخطيط والمالية وقسم التنمية الفلاحية وأما المقاطعات التي يديرها المكتب فتتوزع بين مقاطعة القصر الكبير ومقاطعة العوامرة بدائرة القصر الكبير ومقاطعة للا ميمونة بدائرة للا ميمونة ومقاطعة الريصانة التي يتبع شمالها لدائرة العرائش بينما يتبع جنوبها لدائرة القصر الكبير ومقاطعة تطفت التابعة لدائرة القر الكبير أهم شركاء المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالقصر الكبير. تعثبر وزارة الداخلية وكذا وزارتي الفلاحة والمالية من أهم شركاء المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالإضافة إلى السلطات المحلية والإقليمية والجهوية باعتبارهم كممثلين أساسيين عن الدوائر الحكومية بالإضافة إلى وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال وبعض المؤسسات المنتخبة كالغرف الفلاحية ومجالس الجماعات المحلية وكدا بعض الجمعيات المهنية والتعاونيات وبعض المنظمات غير الحكومية... ويبقى أهم الشركاء الماليين للمكتب البنك الألماني (KFW) والبنك الدولي للإنشاء والتعمير (BIRD) والبنك الأفريقي للتنمية (BAD) والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (FADES) والصندوق الكويتي (FK) والبنك الأوروبي للاستثمار (BEI). معرض الصور. القصر الكبير مسلسل سكر وبنجر (الجزء الأول) من إنتاج قطاع القنوات المتخصصة (قناة الأسرة والطفل) (التلفزيون المصري) 2006 -2005؛ كتب السيناريو أحمد السيد وإخراج أحمد فوزي. تدور أحداث المسلسل حول الفتاة الكفيفة سكر التي تحاول التغلب على إعاقتها بمساعدة أصدقائها هادى وشادى وهناء والقط بنجر عبر خمسة عشر حلقة منفصلة مدة الحلقة 8 دقائق. كما تم تنفيذ الجزء الثاني عام 2008 قي 15 حلقة مدة الحلقة 10 دقائق. بتقنية ال 3D ولكن تم عمل الرندر لتظهر الصورة وكأنها رسوم متحركة تقليدية. و قد فاز هذا الجزء بجائزة لجنة تحكيم الأطفال قي مهرجان القاهرة الدولي لسينما الطفل دورة عام 2009 كما فازت بالجائزة الفضية من مهرجان الرسوم المتحركة الذي أقامه صندوق التنمية الثقافية بالتعاون مع جمعية الرسوم المتحركة المصرية تشير كلمة الدناكل إلى فينيقيا (من اليونانية القديمة: Φοινίκη، "فوينيكِس Phoinnkē" وتعنى "البلد الأرجواني") كانت حضارة سامية قديمة ثالاسوقراطية نشأت في شرق البحر الأبيض المتوسط وغرب الهلال الخصيب قبل 2500 عام قبل الميلاد، ويوافق العلماء عموما على أنها تشمل المناطق الساحلية في شمال فلسطين اليوم ولبنان وجنوب سوريا وصولا إلى الشمال مثل أرواد، ولكن هناك بعض الخلاف حول مدى امتدادها جنوبا، وأبعد منطقة يقترح أنها عسقلان. وصلت المستعمرات في وقت لاحق إلى غرب البحر الأبيض المتوسط (أبرزها قرطاج) وحتى المحيط الأطلسي، وانتشرت الحضارة عبر البحر المتوسط بين 1500 قبل الميلاد و 300 قبل الميلاد. "فينيقيا" هو مصطلح يوناني قديم يستخدم للإشارة إلى المنتج الرئيسي المصدر من المنطقة، قماش مصبوغ بأرجوان صور من رخويات مريق، ويشير المصطلح إلى المدن الساحلية الكنعانية الكبرى، وهو لا يتوافق تماما مع الهوية الثقافية التي كانت معترفا بها من الفينيقيين أنفسهم. تكونت حضارتهم من دول مدن، على غرار اليونان القديمة، وربما كانت أبرزها صور وصيدا وأرواد وبريتوس وجبيل وقرطاج. كل دولة مدينة كانت وحدة مستقلة سياسيا، ولا يوجد أدلة أثرية تثبت أن الفينيقيين قد اعتبروا أنفسهم جنسية واحدة. من حيث علم الآثار واللغة ونمط الحياة والدين، لا يوجد اختلاف كبير يفصل الفينيقيين عن غيرهم من سكان بلاد الشام. حوالي 1050 قبل الميلاد، تم استخدام الأبجدية الفينيقية لكتابة الفينيقية حيث تعد أقدم أبجدية في التاريخ واكتشفت في اوغاريت. و أصبحت واحدة من أكثر أنظمة الكتابة استخداما، وانتشرت من قبل التجار الفينيقيين في جميع أنحاء العالم المتوسطي، حيث تطورت واستوعبت من قبل العديد من الثقافات الأخرى. تأصيل. اسم "الفينيقيين"، مثل اللاتينية "Poenī" ("بوينيكوس"، في وقت لاحق "بينيكوس")، يأتي من اليونانية Φοίνικες (فوينيكيس). كلمة φοῖνιξ فوينيكس تعني بشكل مختلف "الشخص الفينيقي"، "أرجوان صور، قرمزي" أو "نخيل التمر" ويشهد مع كل المعاني الثلاثة بالفعل في هوميروس. (طائر الفينيق طائر أسطوري يحمل أيضا نفس الاسم، ولكن هذا المعنى لم يشهد حتى قرون في وقت لاحق) كلمة يمكن أن تكون مشتقة من φοινός فوانوس "الدم الأحمر"، نفسها ربما تتعلق φόνος فونوس "القتل". من الصعب التأكد من أي معنى جاء أولا، ولكن من المفهوم أن الكون قد ربطوا القرمزي أو الأرجواني لون التمور والصبغة مع التجار الذين تداولوا كل هذه المنتجات. وقد اقترح روبرت س. بيكيس أصلا ما قبل اليونانية للاسم المستعار. وقد يكون أقدم شكل من أشكال الكلمة في اللغة اليونانية هو الميسنيان بو-ني-كي-جو، بو-ني-كي، وربما اقترضت من فنو المصرية (فينخو) "أسياتيكش، سيميتس"، على الرغم من أن هذا الاشتقاق متنازع عليه. جمعية الاشتقاق الشعبية من Φοινίκη مع φοῖνιξ المرايا التي في الأكادية، التي ربط كيناي، كيناي "كنعان" إلى كيناو "الصوف الأحمر مصبوغ". كانت الأرض تعرف أصلا باسم كن (قارن إيبلايت كا-نا-نا-أم، فن | كا-نا-نا) وشعبها كما كني. في أقراص أمارنا في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، أطلق الناس من المنطقة أنفسهم كنعاني أو كنعاني. في وقت لاحق، في القرن السادس قبل الميلاد، يكتب هكاتايوس من ميليتوس أن فينيسيا كان يسمى سابقا χνα خنا، وهو الاسم الذي اعتمده فيلو من جبيل في وقت لاحق في الأساطير له كما اسمه للفينيقيين: "خنا الذي كان يسمى بعد ذلك فوينيكس". نجا الاسم الإثني في شمال أفريقيا حتى القرن الرابع الميلادي (انظر اللغة البونيقية). كنعانيون. ينقسم الكنعانيّون حسب التصنيف اللغوي إلى عدّة فروع أشهرها أصول. يشير تقرير هيرودوت (مكتوبة 440 قبل الميلاد) إلى أساطير آيو وأوروبا. يعتقد المؤرخ اليوناني سترابو أن الفينيقيين نشأوا من البحرين. ويعتقد هيرودوت أيضا أن موطن الفينيقيين كان البحرين. وقد قبلت هذه النظرية من قبل الفنان الألماني أرنولد هيرين في القرن التاسع عشر الذي قال: "عند الجغرافيين اليونانيين، على سبيل المثال، نقرأ عن جزيرتين، تدعى تيروس أو تايلوس، وأرادوس، التي تفاخر بأنها كانت الدولة الأم للفينيقيين، وعرضت آثارا المعابد الفينيقية ". وكان شعب صور في جنوب لبنان على وجه الخصوص يحافظ على أصول الخليج العربي لفترة طويلة، وتم التعليق على التشابه في عبارة "Tylos" " تيلوس "و" صور " "Tyre". ازدهرت حضارة دلمون في البحرين خلال الفترة من 2200-1600 قبل الميلاد، كما يتضح من عمليات التنقيب عن المستوطنات ومدافن دلمون. ومع ذلك، يزعم البعض أن هناك القليل من الأدلة على وجود استيطان على الإطلاق في البحرين خلال الفترة التي كان من المفترض أن تحدث فيها هذه الهجرة. تقليديا. ذكر المؤرخ أبو جرير الطبري (المتوفى عام 310ه‍/922م) أن "الكنعانيين هي من العرب البائدة، وأنهم يرجعون بأنسابهم إلى العمالقة". وقال ابن خلدون عن الكنعانيين آخذا عن الطبري: "...وأما الكنعانيون هم من العمالقة، كانوا قد انتشروا ببلاد الشام وملكوها". وقال أيضاً: "أول ملك كان للعرب في الشام فيما علمناه للعمالقة". وقال أيضاً: "وكانت طَسْم والعماليق وأُميم وجاسم يتكلمون بالعربية". يبدو أن الثقافة الكنعانية قد نشأت "في الموقع" من ثقافة العصر النحاسي الغاسوليني المبكر. الحضارة الغاسولية نفسها تطورت من مجمع الرعي البدوي حول شبه الجزيرة العربية، الذي تطور بدوره من مزيج من أسلافهم نطوفيين و مع الثقافات ما قبل الفخار العصر الحجري الحديث ب والزراعة، وممارسة تدجين الحيوانات، خلال الأزمة المناخية 6200 قبل الميلاد والتي أدت إلى ثورة العصر الحجري الحديث في بلاد الشام. يوثق جبيل كموقع أثري من العصر البرونزي المبكر. وتعتبر دولة أوغاريت العصر البرونزي المتأخر من الكنائس الأكنغارية بشكل أصيل، على الرغم من أن اللغة الأوغاريتية لا تنتمي إلى اللغات الكنعانية المناسبة. تحليل جينوغرافي. قام الدكتور بيار زلّوعة (المختص في دراسة الحمض النووي والمدرِّس في الجامعة اللبنانية الأميركية) بإجراء دراسة حديثة ضمن المشروع الجينوغرافي التابع لمؤسسة ناشيونال جيوغرافيك الذي يهدف إلى دراسة حركة هجرة الشعوب تاريخياً. وقد تمكّن خلال سنوات الدراسة من استنتاج البصمة الفينيقية الموجودة في الحمض النووي المستخلص من بعض الآثار الفينيقية، وفي جينات الصبغي Y عند نسبة معتبرة من الذكور الذين يعيشون حالياً في مناطق التواجد القديمة للحضارة الفينيقية في محيط البحر الأبيض المتوسط. هذه البصمة الفينيقية (الهابلوغروب J2) وصل حاملوها إلى الساحل الشرقي للبحر المتوسط قبل نحو 10 آلاف سنة، أي مع بداية عصر التحضر (الانتقال من حالة الترحال إلى حالة الإقامة). وسكنوا هذه الأرض وأنشؤوا قراهم ثم مدنهم، وهاجر بعضهم إلى أماكن أخرى من حوض المتوسط حيث بنى مستوطنات وخلّف هناك آثاره وجيناته. فالجين J2 موجود في كلّ المدن التي استخدمها الفينيقيون في حوض المتوسط -من قرطاج إلى صقليّة ومالطة وغيرها- والتي يعود تاريخ وجودهم فيها إلى 2000 قبل الميلاد. وعلى الرغم من دراسات سابقة أجراها باحثون آخرون تدل على أن هذا الهابلوغروب J2 ليس فقط للفينيقيين فهو أقدم عمراً من تاريخهم وموجود بكثرة في جميع منطقة الهلال الخصيب، بل وبصورة أكبر بكثير في القوقاز، إلا أن دراسة بيار زلوعة تعدت الهابلوغروب J2 لتحدد إضافيا، وعلى وجه الخصوص، ستة نسخ متنوعة من نيوكليوتيدات قصيرة متكررة جنبا إلى جنب، تعرف بالنمط الفرداني Y-STR، تحمل بصمة فينيقية منفردة في الخصوصية. وبالتالي، تمثل الأنماط الفردانية الستة المكتشفة (PCS1+ وصولاً إلى PCS6+) الأنساب التي من المرجح أنها نشرت عبر الفينيقيين أثناء استعمارهم لسواحل حوض البحر المتوسط، ويدعم هذا الترجيح ارتفاع ترددات هذه الأنماط الفردانية في كل من مستعمراتهم وفي قلب وطنهم الأم فينيقيا، على حدٍ سواء. أبجدية فينيقية. تتكون الأبجدية الفينيقية من 22 حرفا، كل الحروف ساكنة. منذ حوالي 1050 قبل الميلاد، استخدم هذا السيناريو لكتابة الفينيقية، لغة سامية شمالية. ويعتقد أنها واحدة من أسلاف الحروف الهجائية الحديثة. من خلال تجارتهم البحرية، نشر الفينيقيون استخدام الأبجدية إلى الأناضول وشمال أفريقيا وأوروبا، حيث اعتمدها الإغريق الذين طوروها إلى نص أبجدي ليكونوا أحرفا مميزة للحروف المتحركة وكذلك الحروف الساكنة. اسم "الفينيقين" هو من قبل تعطى الاتفاقية للنقوش ابتداء من حوالي 1050 قبل الميلاد، لأن الفينيقية، العبرية، وغيرها من اللهجات الكنعانية لا يمكن تمييزها إلى حد كبير قبل ذلك الوقت. ما يسمى أهرام أحيروم، محفورة على تابوت الملك أحيروم من حوالي 1000 قبل الميلاد يظهر أساسا في النص الفينيقي المطور بالكامل. كان الفينيقيون من أوائل المجتمعات على مستوى الدولة التي تستخدم على نطاق واسع الأبجديات: عائلة اللغات الكنعانية، التي يتحدث بها الفينيقيون، الأموريون، العمونيون، الموابيتون، والأدوميت، كانت أول مجموعة مصدقة تاريخيا من اللغات لاستخدام الأبجدية، المستمدة من النص البروتو كنعاني، لتسجيل كتاباتهم. يستخدم السيناريو البروتو كنعاني حوالي 30 رمزا ولكن لم يستخدم على نطاق واسع حتى ظهور الممالك السامية الجديدة في القرنين الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد. يستمد النص البروتو الكنعاني من الهيروغليفية المصرية. ذروة: 1200-800 قبل الميلاد. وقد لاحظ فرناند بروديل في وجهة نظر العالم أن فينيقيا كانت مثالا مبكرا على "اقتصاد عالمي" محاط بالإمبراطوريات. وعادة ما يتم وضع نقطة عالية من الثقافة الفينيقية والقوة البحرية ج. 1200-800 قبل الميلاد. وكان من الصعب تحديد الأدلة الأثرية التي تتفق مع هذا الفهم. ومع ذلك، فإن التركيز الفريد في فينيسيا للفضاء المؤرخة بين 1200 و 800 قبل الميلاد، يحتوي على هاكسيلفر مع نسب نظائر الرصاص مطابقة الخامات في سردينيا وإسبانيا. هذه الأدلة المعدنية تتفق مع الذاكرة التوراتية لغرب البحر الأبيض المتوسط ترشيش التي زودت سليمان بالفضة عبر فينيقيا، خلال ذروة الأخير (انظر "التجارة"، أدناه). وقد تم إنشاء العديد من أهم المستوطنات الفينيقية قبل فترة طويلة من هذا: بيبلوس، صور في جنوب لبنان، صيدا، سميرة، أرواد، وبيريتوس، عاصمة لبنان، كلها تظهر في أقراص أمارنا. وكانت جامعة موانئ الدولة المستقلة، مع دول أخرى على الجزر وعلى طول سواحل البحر الأبيض المتوسط، مناسبة بشكل مثالي للتجارة بين منطقة المشرق العربي، الغنية بالموارد الطبيعية وبقية العالم القديم. حوالي 1200 قبل الميلاد، سلسلة من الأحداث سيئة الفهم ضعفت ودمرت الإمبراطوريات المصرية والهيتيتية المجاورة. في فراغ الطاقة الناتج، ارتفع عدد من المدن الفينيقية كقوى بحرية هامة. تراجع: 539-65 قبل الميلاد. الحكم الفارسي. الملك الفارسي كوروش غزا فنيقيا في 539 قبل الميلاد. ثم قسم الفرس فنيقيا إلى أربع ممالك رئيسية: صيدا، صور، أرواد، وجبيل. لقد ازدهرت، وتأثيث الأساطيل للملوك الفرس. وانخفض التأثير الفينيقي بعد ذلك. في 350 أو 345 قبل الميلاد، تم سحق تمرد في صيدا بقيادة تينس من قبل أرتكسركس الثالث. وقد وصف ديودوروس سيكولوس تدميره. الحكم المقدوني. سيطر الإسكندر الأكبر على معظم المدن الفينيقية من غير مقاومة تذكر حيث استسلم له ملك ارادوس وتمت الإطاحة بملك صيدا بسهولة تامة بينما قاومت صور الاحتلال حتى دخلها في سنة 332 قبل الميلاد بعد حصار طويل دام ما يعادل الستة أشهر من يناير (كانون الثاني) حتى يوليو (تموز). كان ألكسندر قاسيا بشكل استثنائي على صور، حيث اعدم 6000 الاف شخص مباشرة بعد دخولها ومن ثم اتبعهم ب 2000 من المواطنين البارزين الذين تم صلبهم على شواطئ المدينة، واغتنم ما يزيد عن 30000 شخص كعبيد كي يتم بيعهم لاحقا. وبالرغم من ذلك فانه حافظ على حياة الملك وعائلته وبعض الحجاج القرطاجيين الذين احتموا في معبد ملقراط. وقد أطاح صعود المقدونيين تدريجيا ببقايا الهيمنة السابقة لفينيقية علي الطرق التجارية في شرق البحر الأبيض المتوسط واختفت الثقافة الفينيقية تماما في الوطن الأم. في ذلك الحين استمرت قرطاج في الازدهار في شمال أفريقيا. وأشرفت على التعدين من الحديد والمعادن الثمينة القادمة من شبه الجزيرة الإيبيرية، واستخدمت قواتها البحرية الكبيرة وجيوش المرتزقة لحماية المصالح التجارية. وبقيت كذلك حتى دمرتها روما أخيرا في عام 146 قبل الميلاد، في نهاية الحروب البونيقية. بعد وفاة الكسندر الكبير، تتابع الحكام المقدونيون على الوطن الفينيقي بالتسلسل التالي: لاوميدون (323 ق.م)، بطليموس الأول (320)، أنتيغونوس الثاني (315)، ديميتريوس (301)، وسلوقس (296). بين عامي 286 و 197 قبل الميلاد، سقطت فينيقيا (باستثناء أرادوس) على يد بطالمة مصر، الذين قاموا بتثبيت كهنة عشتار العليا كحاكمين في صيدا (أشمونازار الأول، تبنيت، إشمونازار الثاني). في عام 197 قبل الميلاد، عادت فينيقيا مع سوريا إلى السلوقيين. أصبحت المنطقة أكثر هلينية (يونانية)، على الرغم من أن صور أصبحت مستقلة عام 126 قبل الميلاد ثم تليها صيدا في عام 111 قبل الميلاد. ومن ثم تم الاستيلاء على سوريا، بما في ذلك فينيقيا، من قبل الملك تيغرانس القادم من أرمينيا من سنة 82 حتى 69 قبل الميلاد، عندما هزم من قبل لوكولوس. وفي 65 قبل الميلاد، أدمج بومبي العظيم أخيرا الإقليم كجزء من المقاطعة الرومانية لولاية سوريا. أصبحت فينيسيا مقاطعة منفصلة حوالي سنة 200 ميلادي. جغرافية مناطقهم وانتشارهم. استوطن الكنعانيون معظم الساحل الشرقي للبحر المتوسط (والذي يشمل سوريا ولبنان وفلسطين الحالية) منذ 5000 ق.م. ومنذ عام 1100ق.م، دعي الشعب الذي سكن مناطق الساحل شمال صور بالفينيقيين حتى أعالي ساحل سوريا. أنشأ الفينيقيون مدناً على الساحل الغربي للبحر المتوسط ما زالت عامرة إلى يومنا هذا مثل صور وأوغاريت وارواد وصيدا وجبيل وغيرها. بلغت فينيقيا والمدن التابعة لها ذروة مجدها التجاري في القرن الثالث عشر قبل الميلاد إذ كانت اتصالاتها البحرية تشمل مناطق العالم القديم بأكمله وبلغت تجارتها درجة عظيمة. في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، زالت سيطرة الإيجيّين على البحر المتوسّط مما سمح للفنيقيين بالتوسع في تجارتهم البحرية. وتوزّعت سفنهم ومن ثمّ مستعمراتهم في جميع أنحاء المتوسّط. في الحوض الشرقي. امتدت المدن الفينيقية في العصور القديمة، على المنطقة الساحلية من مدينة أوغاريت في شمال سورية (رأس شمرا الحديثة) إلى عكا بشمال فلسطين، بطول يبلغ حوالي 322 كيلومترا. ثم استوطنوا السواحل الشرقية لقبرص وذلك لغناها بالنّحاس والحجارة الكريمة، ثمّ لوفرة حبوبها وخمورها وزيتونها، ولموقعها الوسط بين عالمين. وبنوا المخازن على معظم ساحلها. اهتمّوا بمناطق كيليكيه وطرطوس، ومن هنالك وصلوا إلى رودس المواجهة للشّاطئ. استقرّوا في كريت وجزر "السّيكلاد". ولكنّهم لم يتعدّوا الدّردنيل في إنشاء المستعمرات بسبب المسافة. وإن تكن قوافلهم قد وصلت إلى شواطئ البحر الأسود وأرمينيا. وفي الجنوب، تواجد الفينيقيّون؛ إلا أنهم لم يقيموا مستعمرات بسبب وجود المصريين. فقد أقاموا المخازن في ممفيس، حيث تمتّعوا بحريّة التّجارة. وأنشئوا حيًّا خاصًّا بالصّوريّين منذ القرن الثّاني عشر قبل الميلاد، وأقاموا فيه معبدًا لعشتروت. في الحوض الغربي. لمّا اشتدّت منافسة الإغريقيّين، فضّل الفينيقيون ترك المجال مفتوحًا أمام صيدون، فنقلوا مناطق نفوذهم التّجاري إلى الحوض الغربي من المتوسّط. فاستقرّوا في صقلية، و"يوتيقا" (المدينة العتيقة) في تونس اليوم، ومالطة، مُراعين في اختيارهم لمستعمراتهم البحريّة المركز التّجاري والموقع الطّبيعي لإنشاء المرافئ. ومن هناك انطلق الفينيقيّون إلى جنوبي سردينيا، والجزر المجاورة لها "كالباليار". ومن ثمّ خطّوا نحو "ترشيش" (إسبانيا) حيث حوّلوا إحدى محطّاتهم التّجاريّة إلى مستعمرة. قرطاجة. لم تكن قرطاجة (يقال أيضا قرطاج) أوّل مستعمرة أُنشئت في شمال أفريقيا، بل سبقتها مستعمرة "يوتيقا" (سنة 1000ق.م) على نهر مجردة، و"زارتيس" (بنزرت). وسُمّيت قرطاجة (المدينة الحديثة) تمييزًا لها عن جارتها "يوتيقا" (المدينة العتيقة). وقد شيّدت حوالي 814 ق.م. لتكون صلة الوصل بين صور والمستعمرات الفينيقيّة. وقد اختار لها الصّوريّون موقعًا استراتيجيًّا بين الحوضين الشّرقي والغربي للمتوسّط. تتّصل برًّا بالقارّة الأفريقية، وبحرًا بمختلف المحطّات والمخازن والمستعمرات الفينيقيّة في الغرب. و قد أصبحت قرطاجة الوريثة الشرعية لمدينة صور بعد سقوط هذه الأخيرة وكونت امبراطورية تجارية أصبح يضرب بها المثل في الازدهار والرقي. كما تجدر الإشارة أن فينيقيي قرطاج لُقبوا بالبونقيين كمزيج بين الفينيقيين وسكان شمال أفريقيا الأصليين. الوصول لسواحل الأطلسي. وعند تفسيره لتاريخية عواميد هرقل، أشار الباحث وليم سيرفات عن إمكانية وصول الفينيقيين إلى السواحل الأوروبية الأطلسية من خلال بحثهم لأسواق جديدة لمنتوجاتهم. الإبحار حول أفريقيا. يروى هيرودوت أن الفرعون نكاو الثاني أراد مد نشاطه البحري والتجاري، فطلب من البحارة الفينيقيين القيام برحلة حول أفريقيا فقاموا برحلة استغرقت ثلاث سنوات، من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، وثم عادوا عن طريق جبل طارق. ولم يستطع العالم القديم أن يصدق أن الشمس التي تشرق دائما من على اليسار، أشرقت يوماً ما من على يمين البحارة. وعند نقص مؤونتهم، كانوا يتوقفون على الساحل لزراعة بعض المحاصيل ثم يتابعون الإبحار بعد الحصاد. عبور الأطلسي. في دراسة للباحثة "هاينكة زودهوف"، ترجمها للعربية د. حسن عمران عنوانها "معذرة كولومبوس لست أول من اكتشف أمريكا" ذكرت من ضمن الحجج العلمية التي تقدمها على أن عبور الأطلسي قد سبق كولومبوس بقرون، عثر في أمريكا على بعض الشواهد والآثار التي تدل على أن الفينيقيين قد عبروا الأطلسي ووصلوا إلى أمريكا في العصور القديمة، ومن هذه الشواهد العثور على آلاف القطع الأثرية في مقابر في جواتيمالا بينها تميمة صغيرة جدا للإله (بيس) ذو الملامح القبيحة ولحية كثة كان يعتقد مستوطنوا الشرق الأوسط في الألف الأولى قبل الميلاد أنه يرد الشؤم والنحس. مهارة الفينيقيين البحرية وخبرتهم في خوض غمار البحار، ووجود التعويذة بيس في القبور من طقوس الفينيقيين التي أثبتها علماء الآثار في مقابرهم في مناطق عدة من الشرق الأوسط، وكذلك النقش الشهير المعروف بنقش بارايبا في البرازيل ونقوش اكتشفها "ستيف بارثالوميو" في وسط ولاية يوتاه في الولايات المتحدة الأميركية. مدن فينيقيّة. تقع المدن الفينيقيّة على الشّاطئ الشّرقي للبحر المتوسّط وأهمّها: وعلى الجهة الغربية تقع مدينة قرطاج وهيَ من العواصم الفينيقية في شمال إفريقيا (تونس). هناك عدّة مدن أخرى بنوها في لبنان وسوريا وفلسطين، كما لكلّ مدينة مرفآن شمالاً وجنوبًا وذلك لتسهيل الاتصالات بين المدن. أقامت المدن الفينيقيّة علاقات تجاريّة وثقافيّة مع مصر و بلاد الرافدين، وهذه العلاقات كانت تقوم على أساس المودّة. وبين تابعٍ ومتبوع، فكانت هذه المدن تؤمّن للبلاد المقيمة معها علاقات أخشاب الأرز التي تستخدم في البناء وصناعة السّفن. تجارتهم. لم يسع الفينيقيّين أن يتجاهلوا التجارة مع بلاد "أَمُرّو"، وبلاد ما بين النّهرين، وما ورائهما من دول وشعوب. فتشعّبت طرق القوافل في كلّ الاتّجاهات حتّى شملت بلدانًا تتّصل بفينيقيا بحرًا كمصر وآسيا الصّغرى. وأهمّ طرقاتهم البريّة هي: لا غروَ في أن تستمرّ رحلة التّجّار الفينيقيّين بضع سنواتٍ أحيانًا. فهم متجوّلون، يعرضون على الشّعوب مصنوعاتهم ومصنوعات غيرهم. وبلادٌ كفينيقيا لا يمكنها أن تعطي الكثير، فيما عدا الأخشاب والزّيوت والخمور. لذلك اتّكلوا على إنتاج غيرهم يشترونه ثمّ يبيعونه. فاستوردوا الصّوف والجلود واللّحوم من وسط سوريا، والعسل والحبوب من فلسطين، والافاويه والتّوابل من الشّرق الأقصى، والنّحاس من قبرص واليونان والقفقاس، والذّهب من إسبانيا، والحجارة الكريمة من مصر وسيناء، والعطور من بلاد الرّافدين، والأبنوس والعاج من السّودان، والكتّان والقطن من مصر، والخيول من أرمينيا. الحضارة الفينيقيّة. مصادر الحضارة الفينيقيّة. إنّ معظم معلوماتنا في التاريخ الفينيقي هي المصادر الخارجيّة: إضافة إلى هذه المصادر الخارجيّة: الكتابات الفينيقيّة الّتي نقشت على النّواويس والأنصاب والاكتشافات الأثريّة الحديثة لمدينتي أوغاريت وجبيل، كذلك الحفريّات في صور وصيدا والبقاع. التّنظيم السّياسي. لم يمل الفينيقيّون إلى إقامة دولة قويّة على غرار البابليّين والآشوريّين والمصريّين إنّما كانوا مقسّمين إلى عدّة دويلات-مدن، وكان التّنافس سائدًا بينها، وتعود أسباب عدم إيجاد الوحدة السّياسيّة بينها إلى ما يلي: التّنافس التّجاري فيما بينهم وصعوبة المواصلات "جبال-غابات-أودية-مسالك وعرة". وبالرّغم من عدم توصّل المدن الفينيقيّة إلى إيجاد الوحدة السّياسيّة، فقد كان التّحالف أحيانًا يتمّ بين بعضها تحت زعامة إحدى المدن الكبرى بدافع الخوف من أخطار خارجيّة كانت تهدّدها. نظام الحكم. كان نظام الحكم عند الفينيقيّين ديمقراطيًّا فكان لكلّ مدينة حكومة خاصّة بها يترأسها حاكم أو ملك يحكمها بالوراثة، سلطته مقيّدة، يساعده في إدارة الحكم مجلسان هما: مجلس تمثيلي "هيئة من المشرّعين" مجلس الأشراف "الأغنياء" إضافة إلى ذلك الكهنة الذين كان لهم دورٌ كبير في إدارة دفّة الحكم. وقد شكّلت مدن صور وجبيل وأرواد اتّحادًا اقتصاديًّا مركزه طرابلس التي كانت تعقد فيها المؤتمرات العامّة للتّداول في الشّؤون الاقتصاديّة والمشاكل المشتركة والعمل على ضبط الاستقرار الدّاخلي كي تؤمن مصالح كلًّ منها، وقلّما كانوا يناقشون الأمور السّياسيّة. الدّيانة. قامت الدّيانة الفينيقيّة على عبادة قوى الطّبيعة كالشّمس والقمر والأرض والسّماء والبحر والمطر والبرق والرّعد والعواصف، وجعل الفينيقيّون لكلٍّ من الحرب والزّراعة والملاحة والصّيد إلهًا ودعي بالبعل، إضافة إلى أنّهم ألّهوا ملوكهم وأبطالهم، واعتقدوا بالتّثليث الإلهي "أب وأم وابن". إيل عناة بعل (عشتروت وادونيس) وفي مرحلة متقدمة كان الإله إيل في كل شيء حتى أصبح الفينقيين يعتبرون أول شعب آمن بالإله التوحيدي إيل. أشهر آلهتهم. إيل سيّد الآلهة- بعل وهو رب الخصب والنماء "الرّب" حيث كان لكلّ مدينةٍ بعلها وبعلتها مثال بعلبك "بعل-بك"، بعلشميه "بعل-شميه" بعل بيروت وأدونيس إله الشّمس والحياة مركز عبادته الرئيسي في جبيل وعشيقته عشتار إلهة الحبّ والخصب والجمال وكانت عبادتهما منتشرة في جميع المدن الفينيقيّة وأشمون إله الصحّة (صيدا) وملكارت (صور) ملك المدينة. ورشف إله البرق والرّعد والنّور، وداغون إله الزّرع والنّبات وموت إله الموت. الهياكل. أقام الفينيقيّون المعابد تمجيدا لآلهتهم، وكان أشهرها معبدي أدونيس عشتار في مغارة أفقا "منبع نهر إبراهيم في جبيل" وكان الهيكل يتالّف من 3 أقسام هي: تقديم الأضاحي. كان الفينيقيّون يقدّمون إلى الآلهة الضّحايا البشريّة في الأوقات العصيبة، وكان تستبدل بالحيوانات في بعض الأحيان، التي كانت دماؤها تصبّ على الأنصاب ولحومها تحرق على المذابح، اعتقادًا منهم أنّ دخانها يشبع الآلهة ويرضيها، وكانت الصّلوات والدّعوات والرّقص والتّرانيم تقام على يد الكهنة. مواسم الاحتفالات. كان لدى الفينيقيّين موسمان رئيسان هما: ما بعد الموت. لم يعتقد الفينيقيّون بالحياة الثّانية، إنّما كانوا يعتقدون أنّ الرّوح لا تفنى بعد الممات، إنّما تستقرّ في حالة سكونٍ وهدوء، قريبةً من الجسد "أي من صاحبها". كان الفينيقيّون يدفنون ملوكهم والنّبلاء في نواويس حجريّة، بينما كانوا يدفنون العامّة في توابيت خشبيّة، وقد وضعت هذه النّواويس والتّوابيت في أماكن آمنة لا تنالها أيدي اللصوص، حيث كان يوضع مع الميّت ما يحتاج إليه من مؤن وأواني خزفيّة وحلى. وكان اسم الميّت ينقش على قبره، وكان ذوو الفقيد وأقاربه يزورونه من حينٍ إلى آخر، ويضعون على قبره الورود والطّعام والشّراب ظنًّا منهم بأنّ روحه تسرّ بذلك. ديانتهم. كانت ديانة الفينيقيين مجموعة من الطقوس والعبادات تقيمها المدن الفينيقية، وتختلف باختلاف الأمكنة التي تقام فيها، بالرغم من اشتراكها جميعاً في النظرة ذاتها للاله وللظواهر الكونيّة والطبيعيّة. وكانت العادة أن يكون لكل مدينة ثلاثة آلهة: إله مُسن يملك القوة والحكمة يسمى في العادة "بعل" أي سيد، وإلهة أُنثى تمثل الحنكة والحياة، وإله شاب يمثل النبات والولادة. آلهتهم. كان ثلاثي جبيل هم إيل المسن وبعلة جبيل الأنثى وإلى جانبهما الإله الفتى أدونيس. وفي صيدون كان بعل صيدون المسن وعشترت الأنثى واشمون الإله الفتى والذي يحتفل بموته وببعثه كلَّ سنة. وكان ثلاثي صور مؤلفاً من إله السماء بعل شميم ومن عشترت أم الآلهة والبشر والنبات، ومن ملقارت الفتي الشاب سيد المدينة وملكها.وذكر في الآثار عدد آخر من الآلهة مثل بعل حامون الذي عُبد في غرب المتوسط وقرطاجة وتانيت الالهة القرطاجية، وبعل لبنان الذي قدم له عامل حيرام على قرت حدشت في قبرص الآنية البرونزية وموت إله الحر والصيف والحصاد، وبعل كاسيوس (الجبل الأقرع) وبعل صافون وبراتي (حرمون) آلهة الجبال. ثم الربّة شمش (الشمس) والآلهة يم ويوم وشَهَر (القمر). طقوس العبادات. ليس لدينا إلا معلومات قليلة ومتفرّقة عن طقوس عبادات الفنيقيين ومراسيمهم. فهناك إشارات إلى أنهم كانوا يقدمون الأضاحي ارضاءً للألهة وأن كهنتم يلبسون الزي الأرجواني خلال الطقوس. وذكر أن من يضحّي للآلهة ويدخل إلى باحة الهيكل، كان عليه أن يتطهّر ويستبدل ثيابه الدنيوية بأخرى جديدة. كما كانت تبعد الخنازير عن هيكل ملقارت لئلا تدنسه بقربها. والأضاحي عند الفينيقيين قد تعدت كونها أن تكون من ممتلكاتهم فقد تعدت ذلك لتصبح فرداً منهم أو من عبيدهم فكانوا ينتقون أحدهم ليكون أضحية كما جاء ذلك في ترجمة أحد مخلفاتهم الأثرية نقش بارايبا. وعند الاحتفال بموت الاله كان الناس يحلقون رؤوسهم ويضربونها ويقيمون المناحات ويعلنون الحداد في جميع الأنحاء، وفي اليوم الذي يرجع فيه إلى الحياة يقولون إنه أصبح في السماء. علوم الفينيقيّين وفنونهم وآدابهم. طرق الكتابة قبل اكتشاف الأبجديّة الفينيقيّة: قبل اكتشاف الأبجديّة الفينيقيّة في القرن الرّابع عشر ق.م، كان العالم القديم يعتمد في الكتابة طرقًا مختلفة، فقد ظهرت الكتابة لأوّل مرّة في كلٍّ من مصر وبلاد ما بين النّهرين في أوائل الألف الثّالث ق.م. وجاءت هذه الكتابات تصويريّة "هيروغليفيّة" في مصر ومسماريّة في بلاد ما بين النّهرين، ثمّ تطوّرت كلٌّ من الكتابتين إلى مقاطع صوتيّة ثمّ إلى الصّوت حيث وضع له شكلٌ أو حرفٌ حتّى بلغ عدد هذه الأحرف الأبجديّة 24 حرفًا في أوائل الألف الثّاني ق.م. الأبجديّة الفينيقيّة. تعتبر الأبجديّة الفينيقيّة أهمّ المنجزات الحضاريّة وأعظم ما قدّمه الفينيقيّون من خدمات إلى العالم وأشهر الابجديات أبجدية أوغاريت وهي اكمل الابجديات. فقد عرف الفينيقيّون بتلك الكتابة المقطعيّة الصّوتيّة. وكان لا بدّ للفينيقيّن من تطويرها ومن استنباط كتابة جديدة تتّفق ومتطلّباتهم الحياتيّة والاجتماعيّة وخالية من التّعقيد والالتباس، وأكثر فهمًا ووضوحًا للجميع، وقد وضعوا لها القواعد إلى أن أخرجوها كتابة أبجديّة، مؤلّفة من اثنتين وعشرين حرفًا فاستعملوها ونشروها في العالم. وكانت قد ظهرت عدّة كتابات فينيقيّة أشهرها أبجديّة أوغاريت التي كتبت بأشكال مسماريّة "القرن الرّابع عشر ق.م" واشتهرت مع المدينة الّتي وصلت بشهرتها مناطق واسعة من شرق المتوسط ودمّرت على يد الغزاة الآنيين الذين أتوا من اليونان وقد شكلت أبجدية أوغاريت أحد أهم واكمل الابجديات على الإطلاق، والأبجديّة السّينائيّة "كشفت نصوصها في سيناء" التي تمثّل إحدى المحاولات التي قام بها الكنعانيّون للانتقال من الكتابة التّصويريّة-المقطعيّة إلى الأبجديّة، وأبجديّة جبيل التي تتألّف من 22 حرفًا كانت تكتب بالقلم والحبر على ورق البردي، من اليمين إلى اليسار، وكان الأصل الذي اشتقّت منه جميع الأبجديّات السّاميّة الأخرى والأبجديّة اليونانيّة، ومنها اشتقّت الأبجديّات الحديثة. علوم. كان للأبجديّة والاكتشافات الفينيقيّة، والرّحلات الجغرافيّة، والصّناعات والمستعمرات التي أنشأها الفينيقيّون في مختلف أنحاء البحر الأبيض المتوسّط الأثر الهام في تاريخ الشّعوب القديمة عامّةً، فقد اشتهر الفينيقيّون خاصّة "الصّوريّون" و"الأوغاريتيون" بالعلوم لا سيّما في علم الفلك والحساب الضّروريّين في الملاحة والتّجارة، وكان القرطاجيّون أوّل من أصدر أوراق النّقد على جلود الحيوانات واستنبطوا خطوط الطّول ودوائر العرض ووضعوها على خرائطهم لتحديد مواقع مستعمراتهم ومحطّاتهم التّجاريّة. واكتشفوا النّجم القطبي الشّمالي لتحديد الجهات. كما ساهموا في تطوّر علم الجغرافيا نتيجة رحلاتهم الاستكشافية حول أفريقيا وعبورهم مضيق جبل طارق، والبحار والمحيطات والتي أكسبتهم معرفة بأحوال القارّة الأفريقيّة من حيث المناخ، والنّبات والسّكّان وأنماط معيشتهم وعاداتهم وتقاليدهم. وحسب المؤرخون أنّ الفينيقيّين وصلوا بسفنهم إلى السّواحل البريطانيّة، وربّما إلى القارّة الأميركيّة قبل أن يكتشفها كريستوفر كولومبوس لوحة باراإبا تثبت ذلك والتي وجدت في البرازيل (نقش پارايبا (Paraíba) أو(Parahyba)). فنون. جاء الفنّ الفينيقي في الألف الثّالث ق.م مقلّدًا لعدّة فنون خارجيّة، كالقبرصيّة والمسينيّة والإيجيّة والمصريّة، والرّافديّة، إلى أن أصبح في الألف الأوّل ق.م محرّرًا من الاقتباس والتّقليد، متّخذًا طابعًا خاصًّا به، فقد تجلّى فنّ الإتقان والخلق والإبداع عند الفينيقيّين في: الصّباغ الأرجواني الذي استخرج من الصّدف واستخدم في صناعة الأقمشة المطرّزة الّتي نالت شهرة عظيمة في العالم القديم. والخزف الذي تفنّنوا في صناعته، فقد شملت الكؤوس التي جاءت بشكل تماثيل راقصات، وقوارير الطّيب بشكل تماثيل صغيرة والأبارق والزّهريّات التي زيّنت بالألوان والنّقوش الجميلة، وصناعة النّقود والأختام التي بدت فيهما الدّقّة والإتقان، وأدوات الزّينة التي شملت "الحلى المطعّمة بالعاج والذّهب والفضّة والحجارة الكريمة" والرّسم والنّقش على الخزف والخشب والمعادن، والنّحت الذي تمثّل في "تيجان الأعمدة والمسلات واللوحات الجميلة التي جاءت آية من الدّقّة والجمال". أمّا في البناء فقد تجلّت براعتهم في هندسة القصور والهياكل والسّفن التّجاريّة والحربيّة فضلاً عن اهتمام الفينيقيّين بالغناء والموسيقى وتطويرها في الطّقوس الدّينيّة، وكان العود إحدى آلاتهم الموسيقيّة التي استعملها شعوبٌ كثيرة. آداب. كان لاكتشافات مدينة أوغاريت "رأس شمرا حاليًّا" في سوريا سنة 1929- الأدبيّة- الدّينيّة أثرٌ هام في معرفة التّراث الأدبي الفينيقي، فالملاحم الأدبيّة- الدّينيّة "ملحمة بعل" كارت "أقهات بن دانيال" التي كتبت في القرن الرّابع عشر بالأبجديّة الأوغاريتيّة تعتبر انعكاسًا للنّشاط الأدبي في هذه المدينة، إضافة إلى ذلك العديد من الألواح الحجريّة التي خطّطت بالمسماريّة والتي وُجدت في أوغاريت، وتضمّنت علومًا وآدابًا وفنونًا وأديانًا لمختلف أنواع حضارات الشّعوب القديمة تعود إلى الإنتاج الفكري الفينيقي، وهذا دليلٌ على عكس ما قاله المؤرّخون القدماء "اليونان- الرّومان- المصريّون- البابليّون- الآشوريون" في كتاباتهم بأنّ الفينيقيّين شعب تجاريٌّ فقط. للأسف الشديد ان اكثرية الكتابات الفينيقية كانت على ورق البردى وطبعاً لم يبق منها شيء. الاقتصاد. الزراعة. لم يهمل الفينيقيُّون أيَّاً من مواردهم الاقتصادية، فقد أنبتوا في أرضهم كُلَّ ما كان بإمكانها أن تعطيهم. ونوَّعوا من الصناعات حتى لا يشتروا من الخارج. لكنهم اهتموا بالتجارة لأنها المورد الأساسي. معطيات الطّبيعة. لم يكفِ سكّان فينيقيا ما كانت تُنتجه أرضهم من غلال. لا لأنّهم أهملوا الزّراعة، بل لآنّ مساحات البلاد ضيّقة. ففينيقيا ساحل مستطيل، تتعاقب على شواطئه السّهول الرّسوبيّة والرّؤوس الصّخريّة. وتغطّي الغابات جباله فلا تترك للزّراعة إلاّ قدرًا ضئيلاً من السّفوح المطلّة على المتوسّط. وتتوزّع المزروعات في منطقتين: سهليّة تغلب فيها الخضار والحبوب والنّخيل، وجبليّة تغلب فيها الكرمة والزّيتون. ولم يوفّر الفينيقيّون أيّ مساحة، من أيّ سعةٍ كانت، دون زراعة. لذا جدّوا في تمهيد الجلول منعًا لانجراف الأتربة مع الأمطار والسّيول. طرق الإنتاج. واعتمدوا في الحراثة على سكّة خشبيّة مجوّفة، تتّسع للبذار. تجرّها الثّيران أو الحمير أو الإنسان إذا لزم الأمر. وحصدوا السّنابل بمنجل بدائيّة مربوطة إلى حجر. ودرسوا الحنطة على البيادر تحت النّورج. وذرّوها على طبقٍ أو بالمذراة. وجمعوها في أكوارٍ لفصل الشّتاء. الإنتاج. واشتهرت خمور فينيقيا في الخارج. وقرطاجة بنت صور باعت خمورها اللّذيذة من روما. واستبدل الفينيقيّون أغراس الزّيتون البرّي أغراسًا جديدة من الخارج. فاستعاضوا بإنتاجهم عن الاستيراد. وافتنّوا في زراعة الرّمّان، ونقلوها إلى قرطاجة. وذاع صيت بعض الكتب الزّراعيّة في قرطاجة فنقلت إلى اللاّتينيّة. الغابات. وكانت سببًا في إثارة أطماع جيران فينيقيا بها. وقد غطّت كلّ الجبل حتّى بدت معينًا لا يشحّ. فأسرف الفينيقيّون في قطعها. ومصر كانت أوّل من اتّجر مع جبيل من أجل أخشابها، حتّى إذا تضاءلت إمكانات تصدير الأخشاب من جبيل أفل نجمها. ولمّا دانت فينيقيا لسلطة الآشوريّين والكلدانيّين والفرس، باهى هؤلاء ببناء قصورهم من خشب الأرز في لبنان. وكثيرًا ما فرضت الضّريبة على فينيقيا خشباً. الصّناعة. الصّباغ الأرجواني. احتكرت صناعته صور وصيدون. وهو كناية عن صدف طبيعي، منشأه صدف "الموريكس". تكاثر على شواطئ فينيقيا. فجمعوا منه كميّات ضخمة حتّى غدا نادرًا اليوم. والصّدف بعد انتزاعه عن الشّاطئ، يَنْضح منه سائلٌ أصفر تُلوّن به الأنسجة. حتّى إذا جفّ النّسيج المصبوغ استحال لونه بنفسجيًّا. وازداد رونقًا كلّما تعرّض للنّور. وافتنّ الفينيقيّون في جعله قاتمًا أو زاهيًا. ويتّضح من ذلك أنّ الصّباغ لم يكن أرجوانيًّا بل بنفسجيًّا إنّما الدّعاية صوّرته أحمر قرمزيًّا. وقد تشهد مصانع الأرجوان بالقرب من مدينتي صيدون وصور. وتشهد على ذلك تلول صدف الموريكس الباقية حتّى الآن جنوبي صيدا. ولمّا كانت الرّائحة المنبعثة منه كريهة، اهتمّ الفينيقيّون بإقامة المصانع خارج نطاق المدينة. وطوّروا صناعته حتّى قضوا على المضاربة الإيجيّة، بعد أن كانت متفوّقة في أواخر الألف الثّاني قبل الميلاد. المصنوعات المعدنيّة. من بين المواد الأوّليّة المعدنيّة نذكر القصدير والنّحاس والحديد والذّهب. والقصدير استقدموه في البدء من آسيا، من بلاد عيلام، ومن آسيا الصّغرى. ولمّا برعوا في الملاحة أتوا به من "أتْرَوْرِيَا" في إيطاليا اليوم، ومن أسبانيا، وانتهى بهم المطاف إلى جنوبي إنكلترا (بلاد الكورنواي). والنّحاس استوردوه من جبال أمانوس، والحديد استخرجوه محليًّا. وكفاهم من هذه المعادن كميّات ضئيلة نظرًا للاستعمال المحدود، لتأمين حاجاتهم من السّلاح والأواني والتّماثيل والكؤوس والنّقود، الّتي تحمل سكّتها رسم مركب فينيقي، أمّا الذّهب فقد خصّوا به الحليّ وما شابهها من الكماليّات. الزّجاج والعاج. لم يبتكر الفينيقيّون طريقة صناعة الزّجاج، بل أخذوه عن المصريّين. ولكنّهم جعلوه شفّافًا، ونوّعوا من أصنافه. فصنعوا منه الكؤوس والقناني وقوارير الطّيب. وافتنّت كلٌّ من صور وصيدون في تلوينه. فأخرجتا منه الأبيض والأصفر والأحمر والأزرق. وجعلتا من صناعته فنًّا حتّى وصل الاعتداد لديهم إلى توقيع أسمائهم على منتجاتهم الزّجاجيّة (من أمثال جَاسُون وأرْتَاس) وقد غدت الأقراط والأساور والخواتم والعقود مرصّعة بأحجار زجاجيّة، شديدة الشّبه بالحجارة الكريمة. والكؤوس الزّجاجيّة الفينيقيّة كان غالبًا جوائز للفائزين في المباريات الرّياضيّة والجسمانيّة لدى الإغريق. والإلياذة غنيّة بالشّواهد على ذلك. أمّا العاج، وهو مادّة غريبة عن فينيقيا، فقد استُقدِم من الهند عن طريق ما بين النّهرين، أو من أفريقيا عن طريق مصر. صنع منه الفينيقيّون صناديق صغيرة، وتماثيل وزخرفوها. ووجدت أعداد ضخمة من مصنوعات العاج في النّواويس والمقابر، لأنّها كانت تودع مع الميّت. ومعظمها موجودٌ اليوم في المتحف البريطاني. صناعة الخزف. برع الفينيقيّون في صناعة الخزف. وصنعوا منه كميّات ضخمة من الآنية والتّماثيل الصّغيرة. ولمّا كان اهتمامهم بالنّاحية التّجاريّة قبل كلّ شيء، لم يسهروا على إخراج تحفٍ فنّيّة، بل على إخراج آنيةٍ رخيصة، وتماثيل مرغوبة في الأسواق. وتطوّرت صناعته حتّى جبلوا منه النّواويس. وأكثر الآنية الخزفيّة وجدت في المقابر، إذ حوت العطور أو لوازم معينة تُدْفن مع الميّت. وبعض الآنية الّتي وجدت في "كفر جرَّه" (بالقرب من صيدا) تدلّ على أنّهم توصّلوا إلى جعل الخزف رقيقًا متماسكًا لا بل رنّانًا وفي ذلك الكمال. صناعة السّفن. إنّ العامل الأساسيّ لازدهار صناعة السّفن، هو توفّر المادّة الأوّليّة، ألا وهي الخشب. واعتماد الفينيقيّين على البحر في تنقّلاتهم وتجارتهم اضطرّهم إلى تطوير هذه الصّناعة، فانتهوا إلى المراكب الكبيرة. وهذه تنقسم إلى فئتين: مراكب تجاريّة ومراكب حربيّة. والمركب التّجاري طويل، يجلس في كلِّ جانبٍ منه صفٌّ أو اثنان من المقذّفين حسب حجم السّفينة. مقدّمته مرتفعة تنتهي برأس حيوان. وفي وسطه سارٍ يحمل شراعًا. أمّا المركب الحربي فمقدّمته حادّة معدّة للصّدام. وتحمل المراكب في مؤخّرتها عارضتين طويلتين تقومان مقام الدّفّة. وذاع صيت الأساطيل الفينيقيّة. حتّى غدت فينيقيا قوّة بحريّة تطمع بها جميع الإمبراطوريّات المجاورة في مصر وما بين النّهرين وفارس. وعن مراكب قرطاجة نقلت روما نماذج مراكبها فيما بعد. ميزة الصّناعة الفينيقيّة. إذا استثنينا صناعة السّفن، نجد أنّ مُجمل المصنوعات الفينيقيّة تمتّ بصلةٍ وثيقةٍ إلى الكماليّات. شأن الزّجاج، والصّباغ الأرجواني، والخزف والعاج. احتكروا بعضها (كالأرجوان) وضخّموا أسعاره. وحين قصّروا حيال براعة غيرهم في المصنوعات، عمدوا إلى إخراج نماذج تجاريّة غير متقنة ولكنّها سهلة التّصريف كالمصنوعات الخزفيّة مثلاً. ومعظم النّماذج المعتمدة لديهم كانت صغيرة الحجم، سهلة الحمل، لا خوف من عطبها في المراكب. وهذا ما يفسّر توزّع المنتجات الفينيقيّة في كلّ أنحاء المتوسّط، أو في البلاد الدّاخليّة التي اتّجرت معهم. وما اعتماد هذه الصّناعات وإتقانها إلاّ في سبيل تحاشي شرائها من الخارج، لئلا يحدّ شراؤها من أرباحهم. فلم يكن الفينيقيّون صلة وصلٍ فقط، بل غدوا المنتجين لهذه المصنوعات الكماليّة. والطّبيعة بدورها لم تكن لتهيئ فينيقيا لأيّ دورٍ صناعيّ، وبالرّغم من ذلك استطاع الفينيقيّون أن يأتوا الكثير من المنتجات الصّناعيّة. وحتّى في تقليد صناعات غيرهم، أضفوا على إنتاجهم مسحة من الإتقان البارع، ممّا يدلّ عليه صفاء زجاجهم وتلوينه واستعماله مكان الحجارة الكريمة. وصناعة السّفن كانت المدى الأرحب لإبراز براعة الفينيقيّين الصّناعيّة، إذ تضافرت لإتقانها جميع العوامل البشريّة والطّبيعيّة؛ من خشب وخبرة ملاحيّة ومعلومات جغرافيّة وفلكيّة وملاءمة السّاحل للصّيد والسّفر. الملاحة. نشطت الملاحة في فينيقيا نتيجة اعتباراتٍ عدّة منها: صعوبة التّنقّل البرّي، ووفرة الخشب، وملاءمة الموقع الجغرافي بالنّسبة للعالم القديم. وعزّز الفينيقيّون ملاحتهم بنشاطات خاصّة، كتطوير صناعة السّفن، وحسن اختيار مواقع المرافئ، وتسخير المعارف الجغرافيّة والفلكيّة، وأخيرًا إنشاء المستعمرات لتكون أداة اتّصال. ظروف الملاحة. جهل الفينيقيّون استعمال البوصلة. ولكنّهم اهتدوا إلى الشّمال بواسطة النّجم القطبي، وقد سمّاه الإغريق باسمهم أي "النّجم الفينيقي". وشرعوا في التّنقّل على طول الشّاطئ، لا يغامرون في عرض البحر، وتجنّبوا المغامرة في اللّيل حتّى لا يضيعوا. وجعلوا مدنهم محطّات تجاريّة، بين الواحدة والأخرى مسيرة نهار. واستفادوا من الجزر المنتشرة في بحر إيجه، ورادوا جميع مناطق الأرخبيل الإغريقي. أمّا الوصول إلى مصر في الجنوب فقد تمّ على مراحل. لازموا الشّاطئ حتّى وصلوا إلى الدّلتا. وهكذا دواليك حتّى انتهى بهم إلى خارج المتوسّط. الرّحلات. وزاد الكسب التّجاري من طموح الفينيقيّين. فنظّموا رحلات استكشافيّة. وكان إحداها لحساب الفرعون "نِخَأوْ". ويخبرنا هيرودوتس بأنّ هذا الفرعون قد طلب من الفينيقيّين، حوالي عام 1600 ق.م، أن يقوموا برحلة غطّى نفقاتها، انطلقت من شواطئ البحر الأحمر. واستمرّت 3 سنوات ودارت حول "ليبيا" والمقصود أفريقيا. وعادت عن طريق البحر المتوسّط إلى مصر. وعندما وصلت مراكب الرّحلة العشرة غربيّ الشّاطئ الأفريقي، تمكّنت العاصفة من إحداها ففصلته عن سائر المراكب. وحملته التيّارات المائيّة والرّياح التّجاريّة حتّى شرق البازيل (أنظر نقش بارايبا). أمّا الرّحلة الثّانية فقد قام بها أحد مواطني قرطاجة، واسمه "حَنُّون" بتكليفٍ من مجلس الشّيوخ. والغاية من هذه الرّحلة التّفتيش عن أسواقٍ جديدة. وقد سار "حنّون" في عكس اتّجاه رحلة "نخاو". وثمّة رحلة ثالثة قام بها مواطن آخر من قرطاجة هو "حَمْلَكُن". فعبر مضيق جبل طارق. واستمرّ في سيره أربعة أشهر وصل في نهايتها إلى جنوبي إنكلترا. وقد تمّت الرّحلتان القرطاجيّتان ما بين 450 و350 ق.م. المستعمرات. في أواخر الألف الثّاني قبل الميلاد، زالت سيطرة الإيجيّين على البحر المتوسّط. فتنفّس الفينيقيّون الصّعداء. وتوزّعت سفنهم ومن ثمّ مستعمراتهم في جميع أنحاء المتوسّط. وتشاء الأساطير أن تنسب إلى صور أمر إنشاء كلّ المستعمرات الفينيقيّة. إنّما الواقع غير هذا. في الحوض الشّرقي. في الحوض الشّرقي من المتوسّط، أحاط الفينيقيّون قبرص بعقدٍ من المخازن. وتصدّوا للمنافسة الإغريقيّة التي اشتدّت خلال القرنين الرّابع والثّالث ق.م والطّمع بقبرص عائد لغناها بالنّحاس والحجارة الكريمة، ثمّ لوفرة حبوبها وخمورها وزيتونها، ولموقعها الوسط بين عالمين. أمّا في آسيا الصّغرى فقد اهتمّوا بمناطق كيليكيه و"طرطوس" خاصّة. ومن هنالك وصلوا إلى "رودس" المواجهة للشّاطئ. إذّاك ازداد الخطر المحدق بهم، إذ قرّبهم من مناطق النّفوذ الإغريقيّة. وبالرّغم من ذلك استقرّوا في "كريت" وجزر "السّيكلاد". ولكنّهم لم يتعدّوا "الدّردنيل" في إنشاء المستعمرات خشية الابتعاد عن البلد الأم، وإن تكن قوافلهم قد وصلت إلى شواطئ البحر الأسود و"أرمينيا". وفي الجنوب لم يكن يسيرًا إنشاء المستعمرات على حساب مناطق النّفوذ المصريّة. بل اكتفوا بإقامة المخازن في "ممفيس"، حيث تمتّعوا بحريّة التّجارة. وأنشئوا حيًّا خاصًّا بالصّوريّين منذ القرن الثّاني عشر قبل الميلاد، وأقاموا فيه معبدًا لعشتروت. في الحوض الغربي. ولمّا اشتدّت منافسة الإغريقيّين، فضّل الصّوريّون ترك المجال مفتوحًا أمام صيدون. فنقلوا مناطق نفوذهم التّجاري إلى الحوض الغربي من المتوسّط. فاستقرّوا في "صقلية"، و"يوتيقا" (المدينة العتيقة) في تونس اليوم، و"مالطة"، مُراعين في اختيارهم لمستعمراتهم البحريّة المركز التّجاري والموقع الطّبيعي إنشاء المرافئ. ومن هناك انطلق الفينيقيّون إلى جنوبي "سردينيا"، والجزر المجاورة لها "كالباليار". ومن ثمّ خطّوا نحو "ترشيش" (إسبانيا) حيث حوّلوا إحدى محطّاتهم التّجاريّة إلى مستعمرة. ولكنّ الفينيقيّين حين ابتعدوا عن أرض كنعان، لم تعد نقطة ارتكازهم صور، بل قرطاجة أكبر المستعمرات الفينيقيّة على الإطلاق. قرطاجة. لم تكن قرطاجة أوّل مستعمرة أُنشئت في شمال أفريقيا، بل سبقتها مستعمرة "يوتيقا" (سنة 1000 ق.م) على نهر المجرّدة، و"زارتيس" (بيزرتا).وسُمّيت قرطاجة (المدينة الحديثة) تمييزًا لها عن جارتها "يوتيقا" (المدينة العتيقة). وقد شيّدت حوالي 814 ق.م. لتكون صلة الوصل بين صور والمستعمرات الفينيقيّة. وقد اختار لها الصّوريّون موقعًا استراتيجيًّا بين الحوضين الشّرقي والغربي للمتوسّط. تتّصل برًّا بالقارّة الأفريقية، وبحرًا بمختلف المحطّات والمخازن والمستعمرات الفينيقيّة في الغرب. ولم يخطر لصور يومًا بأنّ هذه المستعمرة التي بَنَتْ، ستنافسها فيما بعد. وبرزت عظمة قرطاجة يوم أخضع الآشوريّون فينيقيا. ولمّا هدم نبوخذ نصّر الكلداني صور البرّيّة، لم يعد لدى الفينيقيّين مدينة تفوق قرطاجة بعظمتها. فتبنّت هذه المستعمرة العملاقة سياسة صور وصيدون وكانت استمرارًا لهما. وسعت للتّوسّع في الحوض الغربي للمتوسّط حتّى اصطدمت بالإغريق. فنشبت حربٌ بينهما سنة 550 ق.م واستطاعت قرطاجة أن تكسب الرّومان إلى جانبها. ولمّا تنكّر لها الرّومان فيما بعد وتأصّل العداء قضي على قرطاجة إثر حربين عرفتا باسم الحربين البونيتين. الطّرق التّجاريّة البرية. لم يسع الفينيقيّون أن يتاجهلوا التجارة مع بلاد "أَمُرّو"، وبلاد ما بين النّهرين، وما ورائهما من دول وشعوب. فتشعّبت طرق القوافل في كلّ الاتّجاهات حتّى شملت بلدانًا تتّصل بفينيقيا بحرًا كمصر وآسيا الصّغرى. وأهمّ طرقاتهم البريّة هي: الطّرق السّاحليّة. أحدها نحو الجنوب، مرورًا بكلّ المدن الفينيقيّة وساحل المتوسط. وينقسم الطّريق إلى شعبتين: أولاهما نحو خليج العقبة وشبه الجزيرة العربيّة، حيث اشتهرت على الخليج العربي مدنٌ سمّيت بالمدن الفينيقيّة. والثّانية تذهب نحو مصر والسّودان والحبشة. أمّا الطّريق السّاحلي نحو الشّمال، فيعبر فينيقيا نحو كيليكيا. وكانت عاصمة الحثيّين "حَتّوسَه" (بوغاز كوي اليوم) نقطة التقاء بين "الطّريق الملكي" الفارسي نحو "ساردس" عاصمة "ليديا" غربي آسيا الصّغرى، وبين الطّريق الشّمالي نحو أرمينيا والبحر الأسود. الطّرق الدّاخليّة. ونعني بها طريقين رئيسيّين، أوّلهما يتفرّع عن الطّريق السّاحلي الشّمالي (شمال سورية). فيذهب من أوغاريت نحو حماه، وحلب، و"الرُّها"، و"كركميش"، و"نِصّيبّين"، فيتّصل بوادي الفرات حتّى ما بين النّهرين والجزيرة السورية، أو يذهب من "حَرَّان" إلى "نينوى". والطّريق الثّاني يعبر جبال لبنان إلى الزّبداني إلى "دمشق" ثم "تدمر" فبلاد ما بين النّهرين. وهذا هو الطّريق الأقصر، لكنّه الأصعب. وكلتا الجزيرة العربيّة وبلاد ما بين النّهرين كانت الصّلة ما بين فينيقيا والهند. وفي طرقهم البريّة هذه، كان الفينيقيّون يقيمون علاقات الودِّ مع شعوب البلدان والمناطق التي يهبرونها. فيمكّنون أواصر التّفاهم مع القبائل، ويستعينون ببعضها كسماسرة أو مرشدين. وهذا ما يسمح لهم بأن يقيموا المحطّات التجاريّة أو يُقيموا الأحياء الخاصّة بهم. كما تأمن قوافلها شرّ اللصوص المهاجمين في مناطق نائية منعزلة. السّلع التّجاريّة. لا غرحلة التّجّار الفينيقيّين بضع سنواتٍ أحيانًا. فهم متجوّلون، يعرضون على الشّعوب مصنوعاتهم ومصنوعات غيرهم. وبلادٌ كفينيقيا لا يمكنها أن تعطي الكثير، فيما عدا الأخشاب والزّيوت والخمور. لذلك اتّكلوا على إنتاج غيرهم يشترونه ثمّ يبيعونه. فاستوردوا الصّوف والجلود واللّحوم من سوريا، والعسل والحبوب من فلسطين، والافاويه والتّوابل من الشّرق الأقصى، والنّحاس من قبرص واليونان والقفقاص، والذّهب من إسبانيا، والحجارة الكريمة من مصر وسيناء، والعطور من بلاد الرّافدين، والأبنوس والعاج من السّودان، والكتّان والقطن من مصر، والخيول من أرمينيا. اللغة. يجتمع معظم علماء اللغات والآثار على أن اختراع الأبجدية الأم، التي ولدت منها جميع أبجديات العالم مثل اليونانية واللاتينية والعربية والعبرية تم على أيدي الفينيقيين، حيث وجد أقدم رقم (لوح فخاري) مكتوبة عليه الأبجدية في أوغاريت قرب مدينة اللاذقية في سوريا. المؤرخ هيرودوتس اليوناني نسب الأختراع إلى قدموس الفينيقي. ولما انتقل قدموس إلى طيبة نشرها بين شعوب أوروبا. وهناك آثار في مدينة طيبة عبارة عن نقش لصورة قدموس يعلم أبناءه الحروف الأبجدية. ومن أقدم الكتابات التي كتبت بالأبجدية الفينيقية منقوشات قبر أحيرام ملك جبيل أو "بيبلوس" في شمال لبنان. ويذكر أنه وجد آثار لنصوص فينيقية في دول أخرى مثل قبرص ومصر وإسبانيا وإيطاليا وخاصة تونس وفي أكثرية دول حوض البحر المتوسط، وكانت تكتب اللغة الفينيقية من اليمين إلى اليسار. كما ذكر الباحث "ستيف بارثالوميو" عن أثار فينيقة تعود لقرطاجة في وسط ولاية يوتاه في الولايات المتحدة الإمريكية. أغاريت أو أوغاريت (بالأوغاريتية: 𐎜𐎂𐎗𐎚) هي مملكة قديمة في سوريا كشفت أنقاضها في تل أثري يدعى رأس شمرا وكذلك في رأس ابن هاني تتبع محافظة اللاذقية على مسافة 12 كم إلى الشمال من مدينة اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. التسمية. تم الاستناد على رقيم اكتشف في إبلا { مملكة ايبلا } ،لمعرفة اسم المملكة وهي أُغارو التي معناها «الحقل» باللغة الأكدية. أوغاريت والتاريخ. أوغاريت مدينة أثرية قديمة وقد بينت الحفريات والأسبار الأثرية أن موقع رأس شمرا يشمل على حوالي 20 سوية أثرية (استيطان) تعود حتى العام 7500 ق.م. إلا أنه مع حلول الألف الثاني قبل الميلاد تضخم الاستيطان في الموقع لتتشكل ما عرف باسم أوغاريت هذا الاسم الذي كان معروفًا قبل اكتشافها - صدفة في العام 1928م - من خلال ذكرها في نصوص مملكة ماري، حيث تذكر النصوص زيارة الملك زميري ليم في العام 1765 ق.م لأوغاريت، ومن رقيم آخر عثر عليه أيضًا في وثائق ماري، وهو عبارة عن رسالة من ملك أوغاريت إلى ملك يمحاض بعاصمتها حلب، يرجوه فيها أن يطلب من ملك ماري (مملكة ماري على نهر الفرات في سوريا) أن يسمح له بزيارة قصر ماري الذي كان ذائع الصيت في ذلك الوقت، وإن دل هذا على حرص أوغاريت على إقامة علاقات طيبة مع ملك ماري فإنه يدل في نفس الوقت بأنه يحرص أن تكون هذه العلاقة عن طريق وبمعرفة ملك يمحاض القوي في حلب. وكذلك ورد ذكر أوغاريت في النصوص الحثية المكتشفة في الأناضول وسورية ورسائل تل العمارنة المكتشفة في مصر. وتبين من الحفريات أن أوغاريت كانت عاصمة لمملكة بلغت مساحتها 5425 كم مربع تقريبًا في القرنين الخامس عشر والثاني عشر قبل الميلاد وهي فترة ازدهار المملكة. يـُقدر عدد سكان مدينة أوغاريت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد بـ 8000- 6000 نسمة وذلك اعتمادًا على بقايا البيوت العشرة آلاف المكتشفة فيها، أما سكان باقي المملكة فيقدرون بـ 50000 إلى 35000 نسمة، موزعين على 150-200 قرية ومزرعة تابعة للعاصمة. وتبين النصوص وجود سكان حوريين وحيثيين وقبارصة في العاصمة أوغاريت، كذلك بعض الجبيليين والأرواديين والصوريين والمصريين. كما يشير عالم المصريات النمساوي مانفريد بيتاك إلى أن الهكسوس في حوالي 1600 ق.م. كانوا على علاقة وثيقة مع الأوغاريتين وذلك من خلال ما بينته الحفريات في أوريس عاصمة الهكسوس، وقد أشارت العديد من المصادر القديمة إلى أوغاريت وحضارتها ومدى تقدم سكانها وازدهار الصناعة والتجارة مع حضارات البحر الأبيض المتوسط وكانت لأوغاريت أهمية تجارية كبيرة. أبجدية أوغاريت لغة وكتابة. أبجدية أوغاريت هي أكمل أبجديات العالم القديم وأغناها وأكثرها شمولا تحتوي على 30 حرفا، وبسبب التقدم والازدهار الذي عاشته أوغاريت فقد كانت لغتهم من أهم اللغات قديمآ، وبجانب لغتهم الأساسية استخدم سكان أوگاريت لغات عديدة ووضعوا لذلك قواميس متعددة اللغات، ولكن اللغة الرئيسية التي اكتـُشفت في رسائلهم هي لغة سامية خاصة بهم تسمى بـ"اللغة الأوغاريتية". وبجانب اللغة الأوغاريتية كانت هناك في المملكة لغات أخرى مستخدمة مثل اللغة الأكادية التي استخدمها سكان المملكة في تعاملاتهم مع بعض المناطق، كما كانت العادة في جميع أنحاء الشرق الأوسط في ذلك الحين. أثار تحليل اللغة الأوغاريتية الخلاف بين اللغويين إذ لا تنتمي إلى أية مجموعة من مجموعات اللغات السامية التي كانت معروفة قبل اكتشاف أوغاريت فقد كانت لغة وأبجدية جديدة، وتلائم في الكثير من مميزاتها اللغات المصنفة ضمن الفرع الشمالي الغربي للغات السامية "لغات كنعانية" ولكن بعض مميزاتها تلائم فروعاً أخرى من تصنيف هذه اللغات. وقد اكتشفت في أطلال أوغاريت نصوص بلغات أخرى، منها لغات غير سامية شاعت في هذه المناطق من سوريا مثل الحورية، والحثية، وأبجدية أوغاريت أكمل وأقدم الأبجديات { حجر يضم أبجدية اوغاريت معروض في متحف دمشق الوطني>. الحضارة والتجارة والمجتمع. الحضارة. تحتل أوغاريت موقعا متقدما على خارطة الحضارات القديمة في الشرق للأهمية التي تتمتع بها وما تم الكشف عنه من آثار لمدينه جيدة التخطيط والمباني ومدى تقدم العلوم فيها والصناعة والتجارة، وكشفت الحفريات في العاصمة أوغاريت العديد من الطرقات المرصوفة، والدور والأبنية الجميلة للسكن والمباني الإدارية والحكومية، ومكتبة فخمة في القصر الملكي، الذي يعتبر من أفخم القصور في الشرق القديم، بمساحة قدرت بـ 10000 متر مربع طليت بعض أجزاؤه بالفضة، ويدافع عنه برج ضخم ذو جدران كثيفة، كما كشفت أعمال التنقيب (للعام 1975 م) في رأس ابن هاني، على بعد خمسة كيلومترات إلى الجنوب الغربي من مدينة أوغاريت تم الكشف عن قصرين ملكين، في شمال وجنوب الموقع، وكذلك مجموعة من المدافن والقبور في الجهة الجنوبية، وعلى خلفية الأرشيف الكتابي الكبير الذي وجد في القصر الشمالي والذي يؤرخ في عهد الملك اميشتامارو الثاني (1260- 1235 ق.م) يرجح كونه مقرّ الحكم الملكي (البلاط الملكي) الثاني لملك أوغاريت . التجارة والصناعة. كانت أوگاريت أو أوغاريت مركز تجاري هام بين منطقة الأناضول ومن خلفها مناطق اليونان في الشمال والغرب ووسط أوروبا، ومناطق سوريا الداخلية وشرق الهلال الخصيب في الشرق وكذلك مصر في الجنوب وشواطيء المتوسط، فكانت مدينة تجارية بامتياز ولها سمعتها وقوتها ومكانتها التجارية في العالم القديم، واشتهرت أوغاريت بالصناعة فكانت مركز إنتاج وبيع الأخشاب وصناعة المعادن والأواني المشغولة بحرفية ودقة عالية والمنسوجات والأقمشة والأصبغة المستخلصة من صدف (الأرجوان)، وكذلك من الجانب الزراعي فقد عرف عن مملكة أوغاريت غناها بالمنتجات الزراعية مثل - الزيتون وصناعة وعصر كزيت الزيتون والقمح والشعير وبعض المنتجات الزراعية التي كانت تصدرها للخارج . أو عن طريق ميناء أوغاريت حيث كان مرفأها - وهو منطقة المينا البيضا حاليًا في اللاذقية - كان مركزًا مهمًا للتجارة يعج بالسفن وبالبضائع من جميع الأنواع. وقد امتدح الشاعر اليوناني هوميروس في إلياذته الصناعات والأواني التي تصنع في أوغاريت، فقال: "لا توجد آنية أخرى تنافسها في جمالها". الديانة والمعتقدات. المعتقدات في أوغاريت والديانة الأوغاريتية هي امتداد للديانة الكنعانية في سورية كما تبين الأساطير الميثولوجية الواردة في النصوص الدينية والملاحم ونصوص الشعائر والعبادات ، وكذلك تدل المعابد في المدينة عن المعتقدات والعبادات السائدة انذاك وهناك عدة معابد أهمها معبدين على الأكروبول (مرتفع المدينة)، بينهما بيت الكاهن الأكبر، معبد الإله إل (ءل - ءيل - إيل)، (بيت إيل) وربما معبد الإله دجن (داجان، داجون) معه، في الجهة الجنوبية الشرقية والذي يرجح تاريخ بناؤه بـ 2000 ق.م، ومعبد الإله بعل (بيت بعل) في الجهة الشمالية الغربية وهو أحدث في حوالي 1400 ق.م وكان للمعتقدات طقوسها وشعائرها. أدت مجموعة عوامل على رأسها مهاجمة "شعوب البحر" لمنطقة الساحل السوري الكنعاني إلى توقف الحياة في أوگاريت في العام 1185 قبل الميلاد تقريبًا. الموسيقى و الآلات الموسيقية. ظهرت أول مدونة عرفتها البشرية في رأس شمرا قبل 3500 عام. ملوك وحكام أوغاريت. أسماء بعض حكام أوغاريت في الفترة التي سبقت دمارها، بالأعوام التقريبية:- قرية سترة أو جزيرة سترة هي جزيرة في محافظة العاصمة بمملكة البحرين إلى الشرق من جزيرة البحرين في الخليج العربي. تقع إلى الجنوب من العاصمة المنامة وجزيرة النبيه صالح. الساحل الغربي للجزيرة يشكل حدود خليج توبلي. معظم سكان الجزيرة يعيشون في سبع قرى تاريخية: وهي واديان والخارجية ومركوبان والمهزة والقرية وسفالة وأبو العيش. توجد العديد من الأماكن غير المأهولة بالسكان أبرزها حالة أم البيض. سكان سترة مسلمون شيعيون بحارنة مع وجود أقلية كبيرة من جنوب آسيا. سكان سترة من أهل السنة العرب (بما في ذلك قبيلة البوعينين التي سكنت القرية المهجورة الآن الصلبة غرب سترة) قضوا خلال عقد 1920 عندما توفي معظمهم نتيجة لمرض الجدري أو هاجروا إلى أوطانهم. مسجد المغيرة بن شعبة في الجزيرة هو كل ما تبقى من الوجود السني في الجزيرة وأغلق في 16 مارس 2011 وسط تقارير عن تخريب المسجد من قبل المتظاهرين الشيعة. الجغرافيا والاقتصاد. الجزيرة تغطيها البساتين ومزارع النخيل وتسقى من قبل العديد من ينابيع المياه العذبة ويعتمد اقتصاد الجزيرة على الزراعة وصيد الأسماك. تتواجد بكثرة أشجار المنغروف على الساحل الغربي إلا أنها اختفت بسبب التطور العمراني. تحول القسم الشمالي من الجزيرة إلى منطقة صناعية. تقع خزانات تخزين النفط التابعة لشركة نفط البحرين في الجنوب. سترة هو أيضا محطة الكيلومتر 42 لخط أنابيب الغاز الطبيعي الذي يربطها بالظهران في المملكة العربية السعودية. توجد العديد من معارض السيارات والأثاث أيضا ضمن التطوير الجديد للجزيرة. يربط جسر سترة شمال الجزيرة بجزيرة النبيه صالح وأم الحصم بالعاصمة المنامة في جزيرة البحرين. ويربط جسر صغير في جنوب غرب جزيرة سترة بقريتي معامير والعكر في جزيرة البحرين. نادي سترة هو النادي الثقافي والرياضي في الجزيرة. أيضا سترة موقع عدة مدارس خاصة مثل مدرسة النور العالمية والمدرسة الهندية البحرين. التاريخ. الصراع مع آل خليفة في 1782. في 1782 وقع صراع بين السكان المحليين وعدد من آل خليفة الذين قدموا من الزبارة لشراء الإمدادات. أسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى من الجانبين. إلا الباحث التاريخي بشار الحادي نفى حدوث صراع مؤكدا أن الوثائق البريطانية لتلك الفترة الزمنية أنه لم تحدث أية مواجهات أو قلاقل بين آل خليفة وأهل البلد نافيا وجود أي مقاومة من أهل البحرين عند دخول قبيلة العتوب بقيادة الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة الملقب بالفاتح وعرب أهل الزبارة إليها في 32 يوليو 3871. بلدية سترة. كان لسترة بلدية باسمها قبل أن يتم إعادة تنظيمها ضمن المحافظات. تألفت بلدية سترة على قرى جزيرة سترة وثلاث قرى قريبة منها في جزيرة البحرين وهي معامير والنويدرات والعكر. المنطقة التي تشملها بلدية سترة تتولى إنتاج البحرين النفطي بأكمله. وهي أيضا مركز تصدير لحقول النفط في شمال شرق المملكة العربية السعودية. المافيا (المعروفة أيضا باسم كوزا نوسترا) هي منظمة إجرامية ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر في جزيرة صقلية بإيطاليا. وهي تحالف حر بين عصابات إجرامية تجمعها بنية تنظيمية مشتركة وقواعد سلوكية موحدة. التأصيل. كلمة مافيا ترجع إلى كلمة "mafiusu" باللهجة السيسيلية والتي بدورها تعود إلى كلمة شعبية عربية "مهياص" التي معناها عدواني وعنيف ومتشدق. واحتمال ثانٍ يقول أن الكلمة مشتقة من الكلمة العربية “"مرفوض"”. لكن حسب الرواية الشعبية، التفسير الأكثر شيوعا يرجح تاريخ كلمة "مافيا" إلى القرن الثالث عشر مع الغزو الفرنسي لأراضي صقلية عام 1282م، حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمة سرية لمكافحة الغزاة الفرنسيين كان شعارها :MORTE ALLA FRANCIA ITALIA ANELA ويعني (موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا) فجاءت كلمة (مافيا MAFIA) من أول حرف من كلمات الشعار. وهناك وجهة نظر أخرى حيث يذكر بعض زعماء المافيا وعلى رأسهم جوبونانو أن بداية المافيا كانت تتويجاً للتمرد والعصيان الذي ظهر بصقلية عقب قيام أحد الغزاة الفرنسيين بخطف فتاة في ليلة زفافها، يوم إثنين من عام 1282م، مما أشعل نار الانتقام في صدور الإيطاليين والتي امتدت لهيبها من مدينة إلى أخرى، فقاموا بقتل عدد كبير من الفرنسيين في ذلك الوقت انتقاماً لشرفهم المذبوح في هذا اليوم المقدس لديهم، وكان شعارهم في ذلك الوقت هو الصرخة الهستيرية التي صارت ترددها أم الفتاة وهي تجري وتبكي في الشوارع كالمجنونة. صقلية. ومن أشهر فرق المافيا فرقة جزيرة صقلية بإيطاليا. نشأت المافيا في وقت ما خلال منتصف القرن التاسع عشر في جزيرة صقلية. وأصبحت بحلول الربع الأخير من القرن التاسع عشر القوة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المسيطرة في غربي صقلية، وكانت في بادئ الأمر في أعمال الحماية والابتزاز في منطقة بالرمو وما حولها من مزارع الليمون والبرتقال، وضمت بين طياتها بعض من أفراد الارستقراطية الحاكمة، حيث انقسم المجتمع في بداية الدولة الإيطالية الناشئة إلى الساسة وأصحاب الأراضي ودخلت المافيا بين هذين الفريقين كما كانت المحرك للعديد من أفراد الحكومة ورجال الأعمال، ويتبع أفرادها شفرة خاصة تمنع إفادة الشرطة بالجريمة.خلال الفترة الفاشية، هرب الكثير من أعضاء المافيا إلى الولايات المتحدة خشية الاضطهاد والسجن، من بينهم جوزيف بونانو الشهير ب (جو باناناز) والذي جاء ليسطر على فرع المافيا بالولايات المتحدة الأمريكية. الهيكل التنظيمي للمافيا. تنطلق فكرة المافيا من العائلة التي هي نواة المافيا التي يرتبط أعضاؤها فعلياً في ما بينهم بالانتماء إلى أسرة واحدة بالقرابة أو الزواج أو على الصداقة الوثيقة. اعتمدت في عملها على إرسال خطابات إلى الأثرياء لمطالبتهم بدفع مبالغ مالية لتأمين حماية شخصية لهم من المجرمين الذين غالبا ما يكونون هم أنفسهم، وكان مصير الأشخاص الذين لا يستجيبون لمطالب المافيا التفجير أو الخطف والقتل. ومع ذلك اشتهرت المافيا في إيطاليا باحترام الإيطاليات، وعدم النظر إليهن بسوء. بدأت الهياكل التنظيمية لجماعات المافيا، في صورة مجموعات، تعرف باسم (Cosche)، تكونت كل مجموعة من عشرين شخصاً لهم قانونهم ونظامهم الداخلي. يتخذ تنظيم تلك المجموعات تسلسلاً هرمياً، يتمثل بـ رئيس {كابو} أو الرأس، وهو الحاكم الفعلي الوحيد في العائلة وأقوى أفرادها ويمثل رأس السلطة الهرمية، وهو منفصل عن العمليات الفعلية بعدة طبقات من السلطة، يتلقى جزءاً من أرباح كل عملية يقوم بها أفراد الأسرة. يختار الكابو بنفسه مستشارين اثنين مهمتهما إسداء النصائح القانونية من دون أن تكون لهما أي صفة تقريرية، التوسط في نزاعات الأسرة، الاهتمام بالجانب الاقتصادي {للأعمال}، ويكونان عادة من رجال العصابات غير المشهورين الذين يمكن الوثوق بهم. من ثم هنالك مساعد الرئيس، وعادة يعينه الرئيس بنفسه، وهو (الرجل الثاني) في العائلة، ويعدّ الكابتن المسؤول عن بقية {كباتن} العائلة تحت رئاسة الرئيس، ويتقدم للرئاسة في حالة سجن الرئيس. يأتي بعد ذلك ملازمان (كابتنان) أو أكثر حسب كبر حجم العائلة وهما غالباً من أبناء الرئيس، يرشحهما الرجل الثاني ولكن في الأصل يختارهما الرئيس نفسه. عادة، الكابتن قائد مسؤول عن مجموعة، تتضمن العائلة في المتوسط من 4 إلى 6 مجموعات، تتكون كل واحدة من جنود يصل عددهم إلى 10. يدير الكابتن شؤون عائلاته الصغيرة، ولكن يجب أن يتبع الأوامر التي يضعها الرئيس، وأن يدفع له حصة من مكاسبه. يلي الكباتن أعضاء عاملون من ضباط وجنود {مافيوزو} لا تكون لديهم أي علاقة مباشرة بالرئيس الأعلى، والجندي من أعضاء الأسرة {المصنوعين}، أي الذين لا ينتمون مباشرة إلى العائلة إنما يمكن أن يكونوا من أصل إيطالي أو صقلي. يبدأ الجنود بصفة منتسبين أو مساعدين أثبتوا أنفسهم، وغالباً ما يرشحهم الكابتن ليتم قبولهم لاحقاً في مجموعة الكابتن الذي رشحهم. وهنالك مجموعة من المساعدين من الخارج، ليسوا أعضاءً في العائلة، إنما يقومون بمهام محددة، وبدور الوسيط أحياناً، أو يبيعون المخدرات لدرء الخطر عن الأعضاء الفعليين. لا يمكن أن يصل الأعضاء غير الإيطاليين إلى أكثر من ذلك بالنسبة إلى العائلة ويعمل كل منهم في مكانه من دون أي أمل في الترقية. يبقى الجندي جندياً، ولا يطمح الملازم في منصب الكابو إلا إذا كان إبناً له فالزعامة وراثية، والمراكز هي لمدى الحياة. تراعى قواعد تسلسل القيادة بشكل حازم، وتدار الأموال بهذا التسلسل وبنسب معينة، ولا يسمح للعضو بأن يتعامل إلا مع القيادات التي تعلوه مباشرة من دون أن يعرف شيئاً بعد ذلك، كذلك يجهل بقية الضباط، وهذه القيادات تتعامل بدورها مع القيادات الأعلى وهكذا. بهذه الطريقة يستحيل على سلطات التحقيق أن تتبع خيطًا واحدًا لتصل إلى كشف القيادات العليا. مبادئ المافيا. يتبع أفراد المافيا قواعد وقوانين خاصة تشبه إلى حد بعيد التنظيم العسكري دقة وصرامة، وتسعى في أهدافها البعيدة إلى خدمة القضية (العائلية) الواحدة. على رأس تلك القواعد تأتي (Omertà) أو قاعدة "الصمت" التي تمنع إفادة الشرطة بالجريمة أو مرتكبها. فقد جرت العادة بين سكان المدن الإيطالية ألا يشي أحد بما يعلم إلى السلطات، ولا يتحدث عمّا رأى بأم عينيه ولا ما سمع بأذنيه، لأن الثمن هو حياة الواشي أو حياة أقربائه. وتحرم تلك القاعدة - القانون على المنتمي إلى المافيا البوح بأسرار العائلة، مهما كانت الأسباب والظروف، وإلا تعرض للعقوبة الوحيدة للقتل، وبعد الصمت تأتي قضية "الشرف" التي حافظ عليها رجال المافيا الصقليون لعقود، حيث على رجل المافيا الحقيقي أن يحترم نساء بلاده، وألا ينظر إليهن بسوء.، وحين بدأت المافيا الصقلية العمل في مجال الدعارة وشبكات الرقيق الأبيض، ظلت قوانينها تمنع جلب الفتيات الإيطاليات مع استبعاد القاصرات، والزنجيات بسبب قناعة لدى المافيا بأنهن يلتقطن الأمراض الفتاكة بسرعة. المافيا في القرن التاسع عشر. بحلول القرن التاسع عشر اتسعت المافيا وتحولت إلى مجتمع قائم على الجريمة لا يحترم أي شكل من أشكال السلطة. رافق صعود المافيا في إيطاليا وقبل أن تنتشر في العالم تغيرات عديدة تزامنت مع انتقال أنشطتها من الريف إلى المدن، وهو ما تسبب بنشوب معارك بين المافيا الريفية، التي سعت إلى إبقاء الفلاحين في جهلهم وشقائهم لتواصل استغلالهم، والمافيا الجديدة، التي وجدت آفاقاً أرحب في تطوير حركتها الاقتصادية لتجني الأرباح من أسواق باليرمو الداخلية وعبر تهريب المخدرات إلى خارجها، وهو ما كان يتنافى مع قواعد المافيا الأم التي حرمت في البداية الإتجار بالمخدرات، إلا أن هذا الأخير تحوّل لاحقاً إلى مورد أساسي من موارد عائلات المافيا داخل صقلية وخارجها. تنوعت أنشطة جماعات المافيا منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، وشملت إدارة مصانع ومطاعم ومتاجر وشركات تأمين ومصارف وفنادق وملاه كواجهة لأنشطة مربحة غير مشروعة في مجالات القمار وتهريب الخمور والمخدرات والدعارة والإقراض بفوائد (ربا) والابتزاز والاحتيال وسرقة السيارات، فضلاً عن الخطف والقتل. المافيا في إيطاليا. يطلق على المافيا الإيطالية (الصقلية) عبارة "La Cosa Nostra " باللغة الإيطالية بمعنى " الشيء أو الأمر الخاص بنا " تطورت جمعية سرية أخرى تدعى كامورا في سجون نابولي بإيطاليا. وانتشر نفوذها في بداية القرن التاسع عشر في المدينة والمناطق الريفية المجاورة. واكتسبت منظمة إجرامية أخرى هي أونوراتا سوسيتا (الجمعية المحترمة) نفوذًا في إقليم كالابريا الإيطالي حوالي عام 1900 م. وتعتقد الشرطة أن هذه المنظمات لا تزال موجودة. وهناك أمثلة كثيرة على تلك الأسر والجماعات. وفي إيطاليا، حارب بينيتو موسوليني المافيا بدون رحمة، بسجن الكثير من الرجال لمجرد الشك في انتمائهم للمافيا، ولم تقوى شوكة المافيا في إيطاليا مرة أخرى حتى استسلامها في الحرب العالمية الثانية. إلا أنه في الثمانينيات والتسعينيات، أدت سلسلة من حروب العصابات فيما بينهم إلى اغتيال الكثير من أعضاء المافيا البارزين، ركز جيل جديد من رجال المافيا على الأنشطة الإجرامية " للياقات البيضاء" بعكس الأنشطة الإجرامية التقليدية ونتيجة لهذا التغير، قامت الصحافة الإيطالية باستحداث عبارة " La Cosa Nuova" أو " الشيء الجديد"، بدلا من العبارة القديمة التي كان يطلقها المافيا الإيطالية على نفسها وهي " La Cosa Nostra " في إشارة إلى التجديدات الجديدة التي طرأت على المنظمة. المافيا في الولايات المتحدة. وقد أبلغت الجهات القانونية الرسمية ـ لأول مرة ـ عام 1891 م عن وجود مافيا في أمريكا. ففي ذلك العام قتلت جماهير نيو أورليانز 11 شخصًا دون محاكمة، وذلك لاتهامهم بارتكاب جرائم قتل. ومنذ صدور قانون الحظر في العشرينيات من القرن العشرين أصبح الأمريكيون الذين ينحدرون من أصل إيطالي يسيطرون على كل الجرائم المنظمة في الولايات المتحدة. نمت المافيا بالولايات المتحدة الأمريكية في بدايات القرن العشرين بهجرة الصقليين، حتى قام مكتب التحقيقات الفيدرالي في السبعينات والثمانينات بتقليص نفوذ المافيا إلى حد ما. اليوم تظل المافيا الإيطالية-الأمريكية هي أقوى منظمات إجرامية بالولايات المتحدة الأمريكية وتستخدم هذه المكانة للسيطرة على غالبية أنشطة شيكاغو ونيويورك الإجرامية، كما أنها لا زالت تحتفظ بعلاقات بالمافيا الصقلية التي نشأت منها. حيث أن قوة المافيا في صقلية أكثر تكاملاً واستقراراً، حيث أن الفساد مستشري والحكومة المحلية هي تقريباً فرع من فروع المنظمة ذاتها، حيث لهم تأثير حتى على القضاء. بدأت المافيا نشاطاتها في أمريكا بالسيطرة على مدينة نيويورك، وتوسعت المافيا إلى أن أصبحت 26 أسرة عبر الولايات المتحدة الأمريكية، بالمركز في نيويورك، وبعد العديد من حروب العصابات، انتهى الأمر إلى سيطرة 5 عائلات على الأنشطة الإجرامية في نيو يورك : عائلات بونانو، كولومبو، جامبينو، جينوفيز، لوتشيز. دور المافيا في اجتياح إيطاليا وصقلية خلال الحرب العالمية الثانية. لاكي لوتشيانو. لقد استخدمت أمريكا الاتصالات الإيطالية بالمافيا الأمريكية خلال اجتياح إيطاليا وصقلية في الحرب العالمية الثانية عام 1943، فقد قام لاكي لوتشيانو وأعضاء آخرين في المافيا الذين اعتقلوا خلال هذا الوقت بأمريكا بمد المعلومات للاستخبارات الأمريكية، الذين استخدموا نفوذ لوتشيانو لتسهيل الطريق أمام القوات الأمريكية المتقدمة. وطبقاً لدكتور ألفرد. و. ماكوي، خبير تجارة المخدرات، فقد سمح للوتشيانو بإدارة شبكته من زنزانته جزاء مساعداته، وبعد الحرب تمت مكافأته بترحيله إلى إيطاليا، حيث استكمل نشاطاته هناك. فقد ذهب إلى صقلية عام 1946 لاستئناف نشاطه، وطبقاً لكتاب ماكوي الهام الذي صدر عام 1972 بعنوان " The politics of Heroin in South-East Asia" أو "سياسات الهروين في جنوب-شرق أسيا" ذهب لوتشيانو لإبرام اتحاد مع المافيا الكورسيكية ـ كورسيكا، مما أدى إلى تطور في شبكة التهريب العالمية للهروين، والذي كان يورد أساساً من تركيا ومقره في مرسيليا - وهو ما يطلق عليه " The French connection" أو " الحلقة الفرنسية " ومؤخراً، عندما بدأت تركيا في وقف إنتاجها للأفيون، استخدم اتصالاته مع المافيا الكورسيكية، لفتح حوار مع رجال المافيا الكورسيكية بالمهجر في جنوب فيتنام، فقد استغلوا الأوضاع الفوضوية في الحرب الفيتنامية لتأمين مورد لا ينضب وقاعدة توزيع في " المثلث الذهبي " والذي بعد فترة قصيرة بدأ في ضخ كميات كبيرة من الهيرويين الأسيوي إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وبلدان أخرى عبر العسكرية الأمريكية. نشاط المافيا اليوم. تقترب أرباحها اليوم من ميزانيات الكثير من دول العالم. غير أن الجرائم المنظمة تغيرت طبيعتها في الفترة الأخيرة واتخذت شكلاً في غاية الدقة والتعقيد بسبب تعقيد النشاط الاقتصادي في العالم بشكل عام.وقد أصبحت المافيا وعالم الجريمة المنظمة محوراً للعديد من الأعمال السينمائية والأدبية وحيكت حولها الكثير من الحكايات والأساطير. وبرغم كل المحاولات المبذولة للقضاء عليها في الكثير من الدول، لا يزال تأثيرها القوي على الساحة السياسية والاقتصادية العالمية والإيطالية خاصة بشكل يقلق الساسة والشعوب على حد سواء. واليوم تستخدم كلمة المافيا مجازاً للدلالة على أقصى درجات الإجرام تنظيماً ووحشية مثل المافيا الروسية والمافيا اليابانية الياكوزا. وينتظم حوالي 6 آلاف إيطالي أمريكي يشاركون في الجريمة المنظمة في شبكة عصابات إقليمية تسمى العائلات وتشارك هذه المنظمات في العديد من النشاطات غير القانونية مثل المقامرة، والدعارة، وبيع المخدرات، والربا. ويقدر المسؤولون عن القانون أن هذه العائلات تكسب حوالي 50 مليار دولار أمريكي سنويًا من هذه النشاطات الإجرامية. ويعتقدون أنها أصبحت تمارس كثيرًا من الأنشطة المشروعة، بجانب أنشطتها غير القانونية (غسيل الأموال). المافيا في السينما. العراب رواية ماريو بوزو، قدمت في أفلام من إخراج فرانسيس فورد كوبولا. جسد الفنان العالمي مارلون براندو شخصية دون فيتو كورليوني في الجزء الأول والجزء الثاني والثالث كان بطلها آل باتشينو في شخصية دون مايكل فيتو كورليوني ، وتعتبر هذه الثلاثية من أكثر الأفلام الروائية تأثيراً والتي جسدت وقدمت المافيا إلى الثقافة الأمريكية الشعبية والعالمية على حد سواء. عائلة كورليوني التي..قدمت في.الفيلم.هي.مزج.لقصص.عدة عائلات حقيقية من المافيا الأمريكية. القرن السابع عشر هو الفترة الزمنية الممتدة من اليوم الأول لعام 1601 إلى اليوم الأخير من عام 1700 حسب التقويم الميلادي. شهد هذا القرن صراع الإمبراطوريات على انشاء مستعمرات في أمريكا وجزر الهند الشرقية للتجارة. شهدت بداية هذا القرن انتصار الدولة الصفوية على الدولة العثمانية واستردوا أذربيجان وكردستان والموصل وبغداد. شهد أيضا حرب الثلاثين عاما التي بدأت بالثورة البوهيمية بأعتراض البروتستانت على تعيين الكاثوليكي المتعصب فرديناند الثاني كولي لعهد الإمبراطور الروماني المقدس ماثياس وانضم لهم نبلاء النمسا ثم تدخلت دول أوروبا حيث دعمت اسبانيا هابسبورغ علي الجانب الأخر تدخلت الدنمارك والسويد وأخيرا فرنسا، انتهت حرب الثلاثين عاما بصلح وستفاليا بعد هزيمة هابسبورغ وانتصار السويديين والفرنسيين واعلان استقلال سويسرا وهولندا. شهد ايضا اندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية بين أنصار تشارلز الأول ملك إنجلترا من جهة وجيش البرلمانيين والأسكتلنديين من جهة. وبعد هزيمة الملكيين اسس أوليفر كرومويل كومنولث إنجلترا الحر. ولكن بعد عشر سنوات تم استعادة الحكم الملكي بعد وفاة كروميل. شهد ايضا اندلاع الحروب الإنجليزية الهولندية للسيطرة علي البحار والمستعمرات. تلقي العثمانيين في نهاية هذا القرن هزائم منكرة وأجبرت على توقيع معاهدة كارلوفجة تنازل فيها العثمانيون عن معظم أراضي المجر وترانسلفانيا وسلافونيا للنمسا في حين عادت بودوليا إلى بولندا ودالاماتيا وبلاد المورة لجمهورية البندقية. في اليابان نهاية فترة أزوتشي موموياما وبداية فترة إيدو اما في الصين فتمكن نورهس من توحيد قبائل جورشن وشن هجوماً على سلالة مينغ الحاكمة في الصين حتي استطاع القضاء عليها وتأسيس سلالة تشينغ الحاكمة. داوود بن عمر الإنطاكي (ولد بإنطاكية، وتوفي عام 1008 هـ/1599م، في مكة المكرمة) المعروف بالرئيس الضرير، ولد كسيحا ثم شفي من كساحه. ولد بقرية الفوعة في محافظة إدلب بشمال سورية، عاش بأنطاكية ونسب إليها، زار طلبا للاستزادة بالعلم دمشق والقاهرة وبلاد من الأناضول ومكة حيث استقر بها إلى حين وفاته. وكان عالما بالصيدلة والطب. الألقاب. الحكيم، الماهر، الطبيب الحاذق، العلامة الطبيب، والصيدلاني الضرير. الأماكن التي عمل بها. نزح من إنطاكية إلى مصر بعد أن حفظ القرآن الكريم، وعمل كرئيس للأطباء والصيادلة في القاهرة ونال شهرة عظيمة في مداواة المرضى. أشهر مؤلفاته. هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع نزهة الأبدان ويقال الإنسان في إصلاح الأبدان، ولها (9) نسخ خطية في المكتبات العالمية. مؤلفاته في الفلك. وهي ثلاث: مؤلفاته في المنطق والكلام. وله رسالة في الأدب وهي: الشاه عباس الأول (27 يناير، 1571 - 19 يناير، 1629) كان الحاكم الأكثر سمواً من سلالة الصفويين. كان يعرف أيضاً باسم عباس الأكبر (بالفارسية: شاه عباس بزرگ). أصبح شاه إيران في بداية شهر أكتوبر عام 1588، بعدما تمرد على أبيه محمد خدا بنده وسجنه. في وسط الفوضوية العامة في بلاد فارس، عين عباس الأكبر حاكماً على خراسان، في عام 1581، ووصل إلى العرش الفارسي بمساعدة مرشد غولي أوستاجلو، الذي قُتِل لاحقاً في يوليو عام 1589. وهو مصمم على رفع الثروات الساقطة من بلاده، أفرغ جهوده أولاً ضد الأوزبكيين الذين احتلوا خراسان. بعد كفاح طويل وحاد، استعاد مشهد، وهزمهم في معركة عظيمة قرب هرات في 1597، وأبعدتهم من بلاده. حرك عاصمته من قزوين إلى أصفهان في عام 1592. توفي في التاسع عشر من يناير عام 1629. صراعه مع العثمانيين. خاض العديد من المعارك مع العثمانيين وطلب مساعدة الملك الإسباني في تقديم دعم حربي خلال حروبه مع العثمانيين وذلك خلال استقباله مبعوث الملك الإسباني في مدينة مشهد سنة 1602. توصل عام 1612، 998 هـ إلى صلح اسطنبول مع الامبراطورية العثمانية الذي أنهى إلى حين الحرب الطويلة بين الجانبين. علاقته مع البرتغاليين. طلب مساعدة الملك الإسباني في حربه مع العثمانيين وكانت علاقته مع البرتغاليين والأسبان علاقة مد وجزر. قام عام 1603 بمحاصرة بندر عباس مما اضطر ملك إسبانيا لالتماس فك الحصار، فأجاب طلبه. قام عام 1614 بانتزاع جمبرون نهائياً من أيدي البرتغاليين حيث دمرت القلعة البرتغالية وبنيت قلعة جديدة على أطلالها. علاقته مع الإنجليز. أنشأ علاقة طيبة مع الإنجليز من خلال شركة الهند الشرقية البريطانية التي حصلت على فرمان عام 1615 بالحصول على امتيازات خاصة في بلاد فارس. التحالف الأنكلو-فارسي. قام تحالف بين شاه فارس والإنجليز على طرد البرتغاليين واقتسام الغنيمة التي كانت احتكار التجارة في الخليج والسيطرة على هرمز. جيرايا واحد من النينجا الثلاثة الأسطوريين من كونوها مع تسونادي وأوروتشيمارو الذين تدربوا على يد الهوكاجي الثالث، كما أنه كاتب أشهر سلسلة إباحية، كما يدعى بالناسك الضفدع وناروتو يدعوه بالناسك الضفدع المنحرف. حياته. كان جيرايا الأسوء في فريقه، دائما ما يقع في الفخاخ ويكره التمارين كما أنه كان يحب تسونادي لكنها كانت تكرهه وتفضل أوروتشيمارو عليه، ولكنه في إحدى المرات التي يتدرب فيها على الاستدعاء انتقل إلى جبل ميوبوكو وأتضح أن حكيم هذا الجبل كان قد تنبأ بقدوم إنسان إلى الجبل وسيكون هو طفل النبوءة الذي سوف يغير في عالم الشينوبي، ومن تلك اللحظة كرس جيرايا وقته في التدريب متنقلاً بين الجبل والقرية إلى أن أتقن النينجتسو، وبمرور الوقت أصبح جيريا قويا ً، وبدأت حرب النينجا الثالثة عندها عاد جيرايا إلى القرية وشارك في الحرب وأثناء الحرب تواجه النينجا الثلاثة الأسطوريون ضد هانزو السماندر وهو من لقبهم بـ(النينجا الثلاثة الأسطوريين) وثم قام بحماية ثلاثة أطفال وتبين له بعد ذلك أن أحدهم يملك عين الرينيجان وهو (ناقاتو) عندها كان جيريا يعتقد أنه هو طفل النبوءة وقرر أن يدربهم على النينجتسو لحماية أنفسهم من الحرب، وبعد فترة وصلته أخبار أن الثلاثة قد قتلوا في إحدى المعارك، عندها تأكد له أن ناقاتو ليس طفل النبوءة، وكان والد ناروتو قد طلب منه أن يدرب أبنهم قبل وفاته، فقرر أن يدرب ناروتو وأعتقد أن ناروتو هو طفل النبوءة، ثم أتته أخبار من قرية المطر بأن زعيم الأكاتسكي هناك؛فانتقل إلى هناك لمقاتلته فوجد أن الزعيم الذي هنالك هم أول من دربهم كونان وناقاتو دارت بينهم معركة انتهت بمقتل جيرايا.