حريق لندن الكبير هو حريق ضخم اجتاح المناطق الرئيسة في مدينة لندن الإنجليزية، واستمر من يوم الأحد الثاني من سبتمبر سنة 1666 حتى يوم الأربعاء الخامس من الشهر نفسه. هدمت النيران مدينة لندن القديمة التي بُنيت في القرون الوسطى، والتي يحيطها سور لندن الروماني الأثري. كما كادت النيران أن تلحق بحي وستمنستر الأرستقراطي، وقصر الملك تشارلز الثاني (قصر وايت هول)، وغالبية المناطق العشوائية الفقيرة. كذلك التهمت النيران حوالي 13000 منزلاً، و87 كنيسة رعوية، و كاتدرائية القديس بولس القديمة، وطالت غالبية مباني المدينة الخاصة بالهيئات والسلطات الرسمية. تشير التقديرات أن الحريق تسبب في هدم مساكن سبعين ألفٍ من السكان، البالغ عددهم حينها ثمانين ألفًا. كما أنه لم يُحدّد عدد الضحايا من الوفيات، والذي يقال أنه كان محدودًا للغاية؛ إذ بلغت حالات الوفاة المُثبَتة المسجلة ستًا فقط. غير أن هذا الزعم فُنِّدَ مؤخراً استنادًا إلى أن حالات الوفاة من بين الفقراء وأفراد الطبقة الوسطى لم تسجّل؛ إلى جانب أنه من الممكن للحرارة الكبيرة المنبعثة من الحريق أن تتسبب في تحول العديد من الضحايا بالكامل إلى رماد، ما يحول دون التعرف على أية بقايا لهم. لم يمر وقت طويل بعد منتصف الليل يوم الأحد الثاني من سبتمبر حتى اشتعل الحريق في مخبز توماس فارينور (أو فارينوي) (بالإنجليزية Thomas Farriner) في شارع بادينج لين، وما لبث أن انتشر غربًا عبر مدينة لندن. ويُعزى تعطل إجراءات مكافحة الحرائق، والتي تمثلت وقتها في إقامة حواجز للنار عن طريق أعمال الهدم، إلى تردد السير توماس بلودورث، عمدة مدينة لندن حينها، في اتخاذ قرار مناسب للموقف. وما إن صدرت أخيرًا أوامر بإجراء أعمال هدم واسعة النطاق مساء الأحد، حتى كانت الرياح قد قامت بالفعل بتعزيز النيران وتحويلها إلى عاصفة نارية كانت كفيلة بأن تقهر الحواجز. إذ اندفعت النيران يوم الاثنين إلى قلب المدينة. فضلاً عن ذلك، شاعت في هذا الوقت الاضطرابات في المدينة؛ حيث انتشرت شائعات تقول بأن مجموعة من الأجانب المشتبه في أمرهم تقوم بإضرام الحرائق، واشتبه الفقراء وسكان الشوارع أكثر ما اشتبهوا في الفرنسيين والهولنديين، أعداء إنجلترا إبان الحرب الإنجليزية الهولندية الثانية التي كانت رحاها لا تزال دائرة آنذاك، ما نتج عنه تعرض مجموعات كبيرة من المهاجرين للعنف، ومنهم من أعدم دون محاكمة. وبحلول يوم الثلاثاء، كانت النيران قد انتشرت في أغلب أجزاء المدينة، وحطمت في طريقها كاتدرائية القديس بولس، وتخطت نهر فليت لتهدد بلاط الملك تشارلز الثاني في وايت هول، في الوقت ذاته الذي تظافرت فيه جهود مكافحة الحرائق. ويُعزى نجاح عمليات إخماد الحريق إلى عاملين رئيسين هما: الانخفاض الشديد في حدة الرياح الشرقية، وكذلك استخدام حامية برج لندن البارود لتكوين حواجز نارية فعالة من شأنها أن تحول دون انتشار النيران بصورة أوسع في اتجاه الشرق. خلّف الحريق آثارًا اجتماعية واقتصادية بالغة؛ فقد شجع الملك تشارلز الثاني السكان على النزوح من لندن والإقامة في مناطق أخرى، وذلك بسبب خوفه من ثورة اللاجئين الذين نهبت ممتلكاتهم عليه، وعلى الرغم من هذا الاقتراح وغيره من الاقتراحات الخطيرة، أعيد بناء مدينة لندن طبقًا لخطة الطرق ذاتها، والتي كانت قيد الاستخدام قبل اندلاع الحريق. لندن في ستينيات القرن السابع عشر. أصبحت لندن المدينة الأعظم اتساعًا في بريطانيا، بحلول ستينيات القرن السابع عشر، كما بلغ تعداد سكانها حينها ما يُقدّر بنصف مليون نسمة. وقد وصفها الكاتب الإنجليزي جون إفلين، مقارنًا بينها وبين مدينة باريس في بهائها الباروكي آنذاك، بأنّها عبارة عن "مجموعة مزدحمة من البيوت الخشبية غير الاصطناعية، في الشمال"، كما أشار إلى وجوب الحيطة مما تشكله المباني الخشبية من خطر الحريق، ونبًه كذلك على مشكلة الازدحام. أراد الكاتب الإنجليزي من وراء وصف المدينة بـ "غير الاصطناعية" الإشارة إلى كونها معدومة التخطيط المسبق، وكذلك توحي بمظهر زائف وغير مكتمل للعمران، وهي نتيجة طبيعية للنمو السكاني والتمدد العمراني. وإذ أن لندن عاشت أربعة قرون كمستعمرة رومانية، أخذ معدل ازدحام المدينة يتصاعد في زيادة مطردة، داخل الحائط الحامي للمدينة. كذلك لم يتوقف الأمر عند الحائط، بل انتشر التمدد خارج أسوار المدينة، ليشكل مجموعة من المناطق شديدة العشوائية، مثل: شوريدتش، وهولبورن، وساوث وارك، كما امتدت المدينة كذلك لتضم مدينة ويستمنستر المستقلة. في أواخر القرن السابع عشر، لم يكن قوام المدينة (تلك المساحة التي يحدها حائط المدينة من جهة، ونهر التايمز من جهة أخرى) يشكل إلا جزءًا فقط من لندن، مغطيًا مساحة 2.833 كيلومتر مربع (أي 1.0937 ميلاً مربعًا، 700.0 آكرًا)، ويبلغ عدد سكانه ما يقرب من الثمانمائة ألف، أو ما يشكل سدس سكان لندن. كما أحاطت بالمدينة حلقة من الضواحي الداخلية، والتي عاش بها أغلبية اللندنيين (أو سكان لندن). شكلت المدينة آنذاك القلب التجاري للعاصمة، إذ ضمت أكبر أسواق إنجلترا وأكثر موانئها نشاطًا، والذي وقع بالكامل تحت قبضة الفئات التجارية والصناعية من المجتمع. عافت نفوس الطبقة الأرستقراطية عن العيش في المدينة، وآثروا الإقامة إمّا في الريف الواقع وراء الضواحي، أو في حي وستنمستر القصي (منطقة وست إند في وقتنا الحاضر)، بالقرب من بلاط الملك تشارلز الثاني في وايت هول. وكذلك فضل الأثرياء العيش بعيدًا عن المدينة الملوثة، مكتظة الزحام، ومناخها غير الصحي. وخاصة بعدما اجتاح المدينة طاعون دبلي المدمر في سنة 1665، أو سنة الطاعون. بلغ التوتر أقصاه في العلاقة بين البلاط الملكي والمدينة في ذلك الوقت؛ حيث كانت المدينة معقل للجمهوريين، إبان الحرب الأهلية، التي استمرت من سنة 1642 إلى سنة 1651. ولم تزل المدينة الثرية ذات النشاط التجاري الواسع تشكل تهديدًا مستمرًا للملك تشارلز الثاني، وهو ما بدا جليًا في الثورات الجمهورية العديدة، التي اندلعت في أوائل الستينات من القرن المذكور. وقد شارك قضاة المدينة في الحرب الأهلية، ولم يكن بمقدورهم –إذ ذاك- نسيان كيف أن قبضة الملك تشارلز الأول الصلبة على مقاليد السلطة المطلقة قادت الأمة إلى حافة الانهيار؛ ومن هنا جاء تصميمهم على الوقوف حيالا أي ميول أخرى من النوع ذاته قد تساور وريثه، وجاء رفضهم تامًا لوعود تشارلز الثاني لهم بالجنود والموارد، في الوقت الي هدد فيه الحريق الكبير المدينة. وحتى في ذلك الوقت المتأزم، كان نزول القوات الملكية غير المرغوب فيها إلى الشوارع بمثابة قنبلة سياسية، وعندما تولى تشارلز الثاني أخيرًا زمام الأمر من عمدة المدينة، كان الحريق قد خرج بالفعل عن السيطرة. مخاطر نشوب حريق في المدينة. تجلت مظاهر القرون الوسطى للمدينة في الوضع الذي كانت عليه خريطة طرقها آنذاك، فلم تكن إلا شبكة مكتظة الزحام من الحارات الضيقة المتشابكة رديئة الرصف. وقد سبق أن أصابها عدد من الحرائق الضخمة قبل حريق 1666، أقربها اندلع سنة 1632. وعلى مدار قرون، كان بناء البيوت الخشبية المسقوفة بالقش محظورًا، إلا أن الناس لم يتوقفوا بالرغم من ذلك عن استخدام المواد البنائية زهيدة السعر تلك. كما تمثل في قلب المدينة الجزء الوحيد الذي انتشرت فيه باتساع المباني المُشيَّدة بالحجارة، حيث حوى قصور التجار والسماسرة الذين أقاموا بنيانهم على مساحات شاسعة من الأرض. وقد أحاط بقلب المدينة حلقة داخلية من الأبرشيات الأقل ثراءً، شديدة الازدحام؛ حتى أن كل سنتيمتر فيها تم استغلاله لتوفير الإقامة للسكان المتزايدة أعدادهم في سرعة خطيرة. كما حوت تلك الأبرشيات العديد من الورش ومواقع العمل، والتي يشكل الكثير منها احتمالية خطرة لاندلاع حريق، مثل: ورش سبك المعادن، وورش الحدادة، وورش الزجاج. ومن المفترض أن مثل تلك المهن كانت محظورة في المدينة، إلا أن مزاولتها كان مسموحًا بها على أرض الواقع. كما زاد الازدحام الشديد للمساكن المحيطة وتداخلها مع مصادر الحريق والشرر والتلوث من خطر الاشتعال، وكذلك عززت الطريقة التي بُنيت بها تلك المساكن من الخطر؛ إذ أنه في الغالب احتوت المباني السكنية المكونة من ستة أو سبعة طوابق في لندن على بروزات (وهي الطوابق العليا الناتئة عن مستوى الطابق السفلي)، فقد بُنيت الطوابق الأرضية على مساحات ضيقة، ثم عمد الناس إلى توسيع الرقعة المستغلَّة من خلال "الاعتداء" على الشارع، متوسعين تدريجيًا في مساحة الطوابق العليا، كما يصف الوضع أحد ملاحظي البناء المعاصرين ؛ إذ ذاك، يتضح بسهولة خطر الحريق القائم عندما تتلاقى البروزات العليا المتقابلة عبر الحارات الضيقة. يقول أحد ملاحظي البناء: "هذا ليس من شأنه أن ييسر نشوب الحريق فحسب، بل يعيق عملية إخماده كذلك"، بيد أن "طمع المواطنين، وتغاض الحكام (بعبارة أخرى، فسادهم)" جاءا في صالح بناء البروزات. وفي عام 1661، أصدر الملك تشارلز الثاني منشور قانون يحظر النوافذ المعلقة والبروزات، ولكنه قوبل بالتجاهل من قبل الحكومة، وجاءت رسالة تشارلز الثاني الأكثر حدة في عام 1665 منذرًا من أن الشوارع الضيقة تلقي باحتمالية خطرة بنشوب حرائق، وأمر بالسجن لمن يتجاهل القانون من مقاولي البناء، وكذلك بدك المنازل التي تشكل خطرًا، بيد أن هذا القانون كذلك لم يكن له إلا قليل الأثر. لعب العمران القائم على ضفاف النهر كذلك دورًا هامًا في اشتداد الحريق. فبالرغم من أنّ نهر التايمز قد قام بتوفير المياه اللازمة لمكافحة الحريق، وكذلك أوجد وسيلة للهرب عن طريق القوارب، إلا أن الأحياء الفقيرة القائمة على طول الضفتين احتوت على مخازن لمواد قابلة للاشتعال، مما زاد من خطر نشوب الحريق. كما اتصفت المباني السكنية المتداعية وأكواخ الفقراء المصنوعة من الورق المقير متزاحمة بطول أرصفة الموانئ، فيما بين "المباني الورقية العتيقة، والمواد شديدة القابلية للاشتعال، مثل: القطران، والقار، والقنب، والراتنج، والكتان؛ والتي تم تخزينها جميعًا هنالك." بالإضافة إلى أن لندن وقتئذ كانت تعج بالبارود، وبخاصة في المناطق القائمة بطول ضفة النهر. حيث احتفظ الكثير من المواطنين العاديين بكميات كبيرة من البارود داخل منازلهم كانوا قد استبقوها منذ وقت الحرب الأهلية الإنجليزية، إذ احتفظ الجنود السابقون في الجيش النموذجي الجديد الذي أنشأه أوليفر كرومويل ببندقيات المسكيت التي استخدموها في الحرب، ومعها البارود اللازم لحشوها به. كذلك احتوى برج لندن، القائم على الطرف الشمالي لجسر البرج، على خمسة أو ستة أطنان من البارود. كما احتوت متاجر تموين السفن، القائمة بطول أرصفة الموانئ، على كميات هائلة من البضائع، والتي خزنوها في حاويات خشبية عديدة. تقنيات مكافحة الحرائق في القرن السابع عشر. شاع اندلاع الحرائق في المدينة الخشبية المزدحمة، بانتشار المدافئ المفتوحة والأفران واستخدام الشموع ومخازن المواد القابلة للاشتعال. وقتئذ لم يكن هناك نظام شرطة أو إدارة ، وتولت ميليشيا لندن المحلية، والمعروفة باسم ترين باندز (بالإنجليزية: Trainbands)، بمفردها مسؤولية الاستجابة للحالات الطوارئ المختلفة. وكانت مراقبة الحرائق واحدة من المهام التي تقوم بها فرقة الحراسة (بالإنجليزية: The Watch)، وهي تتكون من ألف من الحراس أو "قارعي النواقيس (بالإنجليزية: Bellmen)"، يطوفون بشوارع المدينة ليلاً. فضلاً عن ذلك، كانت الإجراءات الشعبية لمجابهة الحرائق جاهزة على الدوام، ومجدية في أغلب الأحيان. كذلك عملت الكنيسة على تنبيه السكان عندما تشب النيران بأحد المنازل، بواسطة قرع أجراس تعطي دويًا مكتومًا معلقة على نواقيس الكنيسة، فيحتشد عندها الناس مسارعين لإخماد الحريق. وتمثلت التقنيات المستخدمَة حينها في وسيلتين رئيستين: المياه، ودك المباني. وقد فرض القانون أن تحتوي كل كنسية رعوية داخل برجها على الأدوات اللازمة لتلك المهام، ومنها: سلالم طويلة، دلاء خشبية، فؤوس، خطاطيف حرائق يهدم بها السكان المباني (انظر الرسم التوضيحي، على اليسار). وكان يتم أحيانًا استخدام البارود للقيام بتفجيرات محكومة وفعالة لتسوية المباني المرتفعة بالأرض. وفي وقت الحريق الكبير، لم يكن ثمة مهرب في النهاية من اللجوء لوسيلة أكثر عنفًا وهي إقامة حواجز الحرائق بصورة كثيفة، ويعزى إليها أنها كانت الورقة الرابحة في القضاء على الحريق، وفقًا لما يقول به المؤرخون المعاصرون. الإخفاقات في مجابهة الحريق. كان جسر لندن آنذاك، والذي يعد الرابط الوحيد بين المدينة والجهة الجنوبية من نهر التايمز، مغطى بالعديد من البيوت، والتي عملت بمثابة فخ للنيران إبان حريق سابق في عام 1632. وقد اشتعلت النيران أولاً بتلك المباني في وقت الفجر من يوم الأحد، وقد قام صموئيل بيبس، والذي شاهد الحريق من موقعه في برج لندن وقتها، بتدوين في مذكراته ذعره البالغ على أصدقائه من قاطني تلك المنازل. وكذلك تبدت مخاوف من أن تتخطى ألسنة النيران الجسر لتهدد بلدة ساوث وارك الواقعة على الضفة الجنوبية من النهر، غير أن المسافات البينية بين البيوت الواقعة على الجسر حالت دون ذلك، إذ جعلت البيوت تعمل بمثابة حواجز للنيران. يجدر كذلك ذكر الخطر الذي داهم سكان الشوارع بأن حاصرتهم النيران ولم يجدوا منها مهربًا، ذلك نتيجة للحائط الروماني الذي يطوق المدينة والبالغ ارتفاعه خمسة أمتار نصف؛ إذ أنه عندما طالت النيران المناطق الواقعة على ضفة النهر، واستحالت على إثر ذلك محاولات الهرب عن طريق القوارب، ولم يكن ثمة مخرج إلا عن طريق بوابات الحائط الثمانية، والتي لم تكن بالطبع لتُفتح لقاطني الشوارع للهرب من خلالها. على مدار اليومين الأول والثاني من اندلاع الحريق، لم ير العديد من السكان ما يستدعي الهرب من المدينة بالكلية؛ بل اكتفوا بنقل ما استطاعوا نقله من حاجياتهم وأمتعتهم إلى أقرب "بيت آمن"، والذي كان في الغالب يتمثل في كنائس الأبرشيات، وكذلك فناء كاتدرائية القديس بولس، ليضطرهم الحريق بعدها إلى الانتقال مجددًا بعد ساعات قليلة، وقد اضطر بعضهم إلى الانتقال "أربع أو خمس مرات" في يوم واحد. ولم يدرك الناس أهمية اللجوء إلى الهرب خارج أسوار المدينة إلا في وقت متأخر من يوم الاثنين، وبدأ الذعر يسيطر على الناس رويدًا رويدًا، وبخاصة عند البوابات القريبة حيث، تزاحم السكان المذعورين للهرب بمدخراتهم وعرباتهم وجيادهم. تعد الشوارع الضيقة العامل الأهم في الإحباطات التي أصابت مجهودات إخماد الحريق؛ إذ أن مثل ذلك الزحام من العربات والمارة في الشوارع والحارات ذوات المساحات الضيقة من شأنه، في الظروف الطبيعية، أن يتسبب في العديد من الاختناقات المرورية المتكررة، والشلل التام لحركة المرور. وما زاد الأمر سوءً في وقت الحريق أن قام اللاجئين بنصب الخيام في منتصف الطرقات ورص أمتعتهم بجوارهم ليسدوا الطرقات بالكلية. كما زاد السكان الهاربين لخارج المدينة كذلك من الزحام، حيث تحركوا مبتعدين عن مركز الحريق، حيث جاهدت فرق دك المباني وأطقم مكافحة الحرائق في التحرك تجاهه، ولكن بلا جدوى. في الغالب كان يتم احتواء الحرائق بفاعلية عن طريق تدمير المباني الواقعة في طريق الحريق، باستخدام خطاطيف الحرائق والمتفجرات. إلا أنه في حالة الحريق الكبير، تسبب افتقار عمدة المدينة وقتها لمقومات القيادة وكذلك فشله في إعطاء الأوامر الضرورية لمواجهة للموقف في أن تعطل وصول فرق التدمير لعدة ساعات؛ وفي الوقت الذي جاءت فيه أوامر مباشرة من الملك "بألا يستبقوا أي من المباني"، كانت النيران بالفعل قد طالت العديد من المنازل، واستحالت عندها إمكانية اختراق أطقم دك المباني للطرق المزدحمة. وجاء اللجوء إلى المياه لإخماد الحريق كذلك بلا طائل. فنظريًا، عمل نظام من الأنابيب الخشبية المصنوعة من خشب الدردار على تغذية ما يقرب من ثلاثين ألفًا من المنازل، من خلال ضخ الماء من برج مائي مرتفع في مدينة كورن هيل يمتلئ بالمياه عند الفيضان، وكذلك من خزان مياه في مدينة أيسلينجتون، والذي كان يمتلئ بمياه الأمطار الربيعية التي تهطل على بلدة هارتفوردشير. في الغالب كان يتم فتح أنبوب مجاور للمبني الذي تشب فيه النيران، ويتم توصليه بخرطوم تُصوب به المياه على الحريق، أو تُملأ منه الدلاء. فضلاً عن أن شارع بادينج لين يقع في الأساس قرب النهر، فكان من المفترض أن يصطف في الشوارع البادئة من النهر والمؤدية للمخبز والمتاخمة له على صفين، أولهما ينقل الدلاء المملوءة بالمياه إلى الحريق، والثاني يعيد الدلاء الفارغة إلى النهر ليتم ملؤها مرة أخرى؛ إلا أن أي من ذلك لم يحدث، أو على الأقل لم يتم في الوقت الذي كان يراقب فيه بيبس الحريق في منتصف ظهر يوم الأحد. وقد أوضح في مذكراته أن أحدًا لم يحاول إخماد الحريق، بل فر الجميع من أمامه في ذعر، مهرعين "لنقل بضائعهم، مخلفين ورائهم كل شيء لتأكله النيران." وإذ لم يعترض الحريق أحد من السكان المأخوذين بالذعر، فقد امتدت النيران للمناطق الواقعة على ضفة النهر، وسرعان ما شبت النيران في المستودعات القائمة بطول أرصفة الموانئ. لم يحول الحريق الناتج عن هذه العوامل دون تمكن رجال الإطفاء من الحصول على إمدادات المياه من النهر فحسب، بل اشتعلت النيران كذلك في النواعير (أو السواقي) القائمة أسفل جسر لندن، والتي كانت تضخ المياه لبرج الماء في كورن هيل. إذ ذاك، باءت جميع محاولات الحصول على المياه إما عن طريق النهر مباشرة أو من خلال أنابيب ضخ المياه بالفشل الذريع امتلكت لندن عددًا من التقنيات المتقدمة في مكافحة الحرائق والتي تمثلت في سيارات إطفاء الحريق، وقد تم استخدامها في حرائق ضخمة سابقة. وعلى النقيض من خطاطيف الحريق، لم تنجح عربات الإطفاء وقتها في إثبات فاعلية أو مرونة كافيتين في إخماد الحرائق؛ إذ أن أكثرهم يتم نقله على زحافات، والقليل منها ما يتحرك على عجلات. كما أنه غالبًا ما تتأخر تلك العربات في الوصول، إذ يتم إحضارها من أماكن بعيدة عن مراكز الحرائق، بالإضافة إلى أن آلية ضخ الماء منها تتم بواسطة ضخ الماء مباشرة عن طريق فوهات واسعة في العربات، عوضًا عن الخراطيم، مما يحد من المسافة التي يصل إليها الماء ومداها. وفي وقت الحريق الكبير، تم استحضار عددًا من سيارات الإطفاء، إما عن طريق جرها على الزحافات أو توصيلها بالعربات عبر شوارع المدينة، إلا أن أنابيب المياه التي من المفترض أن تزود العربات بالمياه اللازمة كانت قد تلفت، ولمّا كانت بعض الطرق الموصلة للنهر لاتزال متاحة، عمد الناس إلى الرجوع بسيارات الإطفاء لضفة النهر لملئها، غير أن سيارات عديدة انزلقت إلى النهر في تلك المحاولات. وقتئذ، كانت النيران قد ارتفعت لدرجة أن حالت الحرارة الناتجة منها دون إمكانية وصول سيارات الإطفاء المتبقية إلى مسافة مناسبة لضخ الماء منها؛ إذ لم يتمكنوا حتى من الدخول لشارع بادينج لين من الأساس. مراحل نمو الحريق. سجل العديد من أبناء لندن تجاربهم الشخصية مع الحريق في خطاباتهم ومذكراتهم. وقام صموئيل بيبس وجون إفيلين (John Evylen) -اثنين من أشهر كاتبي اليوميات في عصر الإصلاح- بتدوين وقائع الحريق وتسجيل مشاهداتهما عليه يومًا بعد يوم، وبذلا جهدًا عظيمًا لجلب الأخبار والمعلومات عما يجري في أنحاء المدينة وخارجها؛ حيث سافر كلاهما إلى منطقة حدائق مورفيلدز الواقعة شمال المدينة، في يوم الأربعاء أو رابع أيام الحريق، ليشهدوا معسكرات التخييم الضخمة التي أقامها اللاجئون من السكان هنالك، وقد هالهم المنظر عندها. تشكل يوميات الكاتبين المذكورين أهم المصادر الي تستند إليها كافة الروايات الإخبارية الحديثة عن الحريق، كما اعتمدت كذلك الكتب الحديثة عن الحريق مثل كتب تينيسوود (Tinniswood) (2003) وهانسون (Hanson) (2001) على مذكرات ويليام تاسويل (William Taswell)، طالب مدرسة ويستمنستر وقتها عام 1666. يوم الأحد. بعد أن مر على لندن صيف ممطر في عام 1664 وأخر في العام الذي يليه، أُصيبت المدينة بعدها بموسم جفاف غير مسبوق بداية من شهر نوفمبر 1665، وأصبحت المباني الخشبية، على إثر ذلك ونتيجة للصيف الطويل الحار الذي شهده عام 1666، جافة شديدة القابلية للاشتعال. ما لبث أن مر وقت قصير بعد انتصاف ليل يوم الأحد الثاني من سبتمبر في تلك السنة حتى شبت النيران في مخبز توماس فارينور في شارع بادينج لين، وحُوصرت العائلة في أعلى المبني. غير أنهم تمكنوا من الهرب عن طريق التسلق من خلال إحدى النوافذ العلوية إلى المنزل المجاور، وقد جبنت إحدى الخادمات عن المحاولة فوقعت إثر ذلك أولى الضحايا. تعاون الجيران على استخدام المياه في محاولة لإخماد الحريق، ووصل رجال الحراسة بعد ساعة من نشوبه، ورأوا أنه يتوجب دك المباني المتاخمة للمخبز لئلا ينمو انتشار الحريق. فور سماعهم لذلك، تظاهر أصحاب المنازل محتجين، وعندها تم استدعاء السير توماس بلودوورث عمدة المدينة، وهو الوحيد صاحب السلطة للبت في الأمر. عندما وصل بلودوورث أخيرًا إلى موقع الحريق، كانت النيران قد التهمت بالفعل المباني المتاخمة للمخبز، وتمددت في طريقها نحو المستودعات ومخازن المواد القابلة للاشتعال القائمة على ضفة النهر. تصايح رجال الإطفاء المتمرسون مطالبين بدك المباني، إلا أن بلودوورث قابل هذا بالرفض التام، متعللًا بأن المباني وأراضيها جميعًا مُستأجرة، ومن العسير الوصول إلى مُلّاكها. يجدر بالذكر أنه شاعت الأقاويل أن بلدوورث قد وصل إلى منصبه باللجوء إلى تملق الحكام والخنوع لهم، على افتقاره للمقومات الأساسية والضرورية للمنصب؛ إذ بلغ منه الذعر مبلغه حين فاجأته أول حادثة طوارئ. ومع استمرار الضغط عليه قال مقولته الشهيرة "أف لهذا! لو تبولت عليه امرأة لأطفأته"، وغادر موقع الحريق بعدها. وكتب صموئيل بيبس في مذكراته بتاريخ السابع من سبتمبر عام 1666، مسترجعًا الأحداث وبعد أن تدمرت المدينة بالكامل قائلًا: "يصيح الجميع من شتى أنحاء العالم مـتألمين من بساطة [حماقة] عمدة المدينة على وجه العموم، وفي حادث الحريق على الأخص؛ إذ يلقون بكل اللائمة عليه وحده." قام صموئيل بيبس في صباح يوم الأحد بارتقاء قمة برج لندن ليستطلع الحريق من علٍ، إذ كان وقتها أحد المسؤولين الكبار في البحرية الإنجليزية، وقد سجل في مذكراته كيف زادت الرياح الشرقية من نمو الحريق؛ حيث قدر لحظتها أن النيران قد طالت عدة كنائس وما يقرب من ثلاثمائة منزل ووصلت إلى ضفة النهر، إذ شبت النيران في البيوت القائمة على جسر لندن. بعدها، أخد بيبس مركبًا ليستبين الحريق عن قريب، ووصف ما شاهده بأنه "يبعث على الأسى" حيث "يجاهد الجميع لنقل أمتعتهم ويتدافعون إلى النهر، أو يحملونها إلى المواعين (مراكب نقل) الكبيرة الراسية. الفقراء منهم قرروا المكوث في منازلهم حتى يصلهم الحريق، وقتها يهرعون إلى القوارب، أو يتدافعون لتسلق المباني القائمة على ضفة النهر واحدًا تلو الأخر." واستمر بيبس في توجهه في النهر غربًا إلى بلاط الملك في وايت هول، "حيث تجمهر الناس حولي، وأخبرتهم بمجريات الأمور مما أثار فيهم روعًا بالغًا، ونُقلت الأخبار المؤسفة إلى الملك، فأمر باستدعائي. عندها نقلت إليه ودوق يورك ما شاهدتُ، وأنه مالم يأمر الملك بهدم المباني، فلن يقف دون الحريق شيء. بدا أن الأخبار أزعجت الملك والدوق بشكل بالغ؛ إذ أمرني الملك مباشرة بالتوجه لعمدة المدينة، وتوصيل الأمر إليه بألا يستبقي من المباني واحدًا، وتسوية كل المباني التي تقف أمام الحريق في كل اتجاهاته بالأرض." كذلك عرض جيمس، أخو الملك ودوق يورك، الاستعانة بالقوات الملكية في التصدي للحريق. بالقرب من ويستمنستر، وعلى بعد حوالي ميل من شارع بادينج لين، هرع ويليام تاسويل خارجًا من الواجبات الصباحية في دير ويستمنستر، وشهد وصول اللاجئين من السكان على مراكب النقل ليس عليهم إلا بعض البطانين يدثرون بها. ويجدر ذكر أن عمال المراكب استغلوا الموقف ورفعوا تكلفة النقل للغاية، ولم يجد إلا الميسورون من الناس مكانًا على القوارب. أخذت الرياح العاصفة في زيادة سرعة انتشار الحريق أكثر فأكثر، وبحلول منتصف نهار يوم الأحد كان الناس قد يأسوا من محاولة إخماد الحريق، وبدأوا في الفرار. فاستحال وصول رجاء الإطفاء وسيارات الإطفاء إلى الحريق، نتيجة للكتلة البشرية المتحركة بأمتعتهم وعرباتهم في الشوارع. في ذلك الوقت، أقلت صموئيل بيبس عربة في الطريق من وايت هول إلى المدينة، واضطر عند وصوله إلى كاتدرائية القديس بولس إلى الترجل والتقدم على قدميه. لم يزل وقتها السكان مستمرين في الابتعاد عن الحريق، مثقلين بالعربات المحملة بالأمتعة والبضائع، وكذلك امتلأت الكنائس الرعوية التي لم تكن تحت تهديد مباشر بالأمتعة والممتلكات القيمة، والتي لم تكن لتظل هناك وقتًا طويلاً حتى يتم نقلها مجددًا. في غمرة ذلك، عثر بيبس على عمدة المدينة بلود وورث مشغولاً بتنسيق جهود إطفاء، وهو على وشك الانهيار "فبدا كامرأة موشكة على الإغماء"، وأخذ يصيح متباكيًا فور سماعه رسالة الملك بأنهم بالفعل يقومون بهدم المباني، "ولكن النيران تنتشر أسرع من محاولاتنا لإخمادها." وتبع العمدة ذلك الرفض التام لعرض دوق يورك باستخدام القوات الملكية، متمسكًا بالمحافظة على كرامته المدنية، وغادر بعدها إلى منزله لينام. وقتئذ، أخذ الملك تشارلز الثاني قاربه الملكي وأبحر إلى المدينة ليستبين الأمر بنفسه، وإذ رأى أن المباني لم يتم هدمها، على الرغم مما أكده العمدة لصموئيل بيبس، أقدم على الأمر بتفجيرات شاملة غرب منطقة الحريق، متخطيًا سلطة بلودوورث؛ إلا أن جميع تلك الإجراءات جائت دون جدوى، إذ جاءت متأخرة للغاية وقت خرج الحريق بالفعل عن السيطرة. بعد ثمانية عشر ساعة كاملة من انطلاق إنذار الحريق في شارع بادينج لين، بعد الزوال من يوم الأحد، كان الحريق قد تحول إلى عاصفة نارية تخلق لنفسها جوًا خاصًا. فأخذ الهواء الساخن في الاندفاع إلى الأعلى بشدة، تحت قوة تأثير المدخنة (حركة دخول الهواء الساخن وخروجه من المباني أو المداخن أو الحاويات الضيقة تحت تأثير الطفو) في الأماكن التي ساهمت فيها المباني ذات البروزات في تضييق تيار الهواء في الأعلى، تاركة على المستوى الأرضي فراغًا هوائيًا. لم تساعد مثل تلك التيارات الهوائية القوية الناتجة من ذلك التأثير في إطفاء الحريق، بل على النقيض من ذلك تمامًا؛ فقد عملت على تغذية النيران بإمدادات وفيرة من الأكسجين، كذلك عملت قوة الجريان المضطرب الناتجة عن اندفاع الهواء الساخن إلى أعلى على تغيير اتجاه الرياح بصورة عشوائية إلى الشمال والجنوب من اتجاه هبوب الرياح الشرقي الأساسي. في بداية المساء، اصطحب صموئيل بيبس زوجته ونفرًا من أصدقائه عائدا إلى النهر، "وإلى حيث الحريق يعلو ويهبط في اشتداد مطرد." وطلبوا من المراكبي أن "يقترب من النيران حتى ليصبح بمقدورنا إشعال سيجارة منها. وإذ صوب المرء وجه في مواجهة الرياح، وعلى كل رقعة في على نهر التايمز، تنهال عليك أمطار من قطع النيران حتى تكاد أن تحرقك بالكامل." ولما عسر على الحشد احتمال قطع النيران، توجهوا إلى حانة على الضفة الجنوبية ومكثوا فيها حتى هبوط الظلام، ومنها استطاعوا مشاهدة النيران على جسر لندن وعلى الضفة المقابلة "والتي يمتد منها قوس هائل من النيران إلى الجانب الأخر من الجسر، ويمتد منها قوس أخر أعلى التلة لمسافة تصل إلى أكثر من الميل. لقد أبكاني المشهد." ويمضي بيبس ليصف قوس النيران بأنه "قوس مسحوب فيه سهم الله، مضيئة مقدمته." يوم الاثنين. بحلول فجر يوم الاثنين الثالث من سبتمبر، كان الحريق قد انتشر شمالاً وجنوبًا بصورة واسعة؛ إذ عملت قوة الجريان المضطرب الناشئة عن العاصفة النارية المتكونة على دفع النيران مسافة أبعد في كلا الاتجاهين عما كانت في يوم الأحد. حال النهر بصفة أساسية دون تمدد وانتشار الحريق أكثر ناحية الجنوب، إلا أن النيران كانت بالفعل قد شبت في المنازل القائمة على الجسر، وهددت بالوصول إلى بلدة ساوث وارك القائمة على الضفة الجنوبية من النهر، لولا أن قام حاجز نيران واقع على الجسر، وهو عبارة عن فجوة طويلة بين المباني الواقعة على الجسر من ناحية الجنوب، بحماية البلدة من أن تطالها النيران، كما سبق أن قام بالدور ذاته في حريق سابق في عام 1633؛ ونجحت الشظايا المتطايرة ناحية الجنوب في إشعال حريق صغير في البلدة سرعان ما تم إخماده. وعلى الضفة الأخرى من النهر، وصل تمدد النيران شمالاً حتى طال قلب المدينة التجاري، وبدأت النيران تشب في منازل أصحاب البنوك في شارع لومبارد ستريت بحلول وقت الزوال، مما دفعهم إلى الإسراع بنقل أكداس العملات الذهبية المحفوظة في البنوك إلى بر الأمان قبل أن تذيبها حرارة الحريق؛ إذ يستند اقتصاد المدينة بصورة جوهرية إلى ذلك المخزون من العملات الذهبية. في ذلك الوقت، في اليوم الثاني تحديدًا، تملكت سكان المدينة حالة عارمة من الذعر واليأس وانعدام الحيلة، وتركوا الأحياء الثرية تهددها النيران وتحوطها. وبعض الأمثلة على تلك المناطق الثرية: منطقة بورصة التجارة في المدينة، والتي حوت مبنى البورصة والمراكز التجارية، ومنها كذلك شارع تشيبسايد الذي تقوم به محال السلع الاستهلاكية المترفة باهظة الثمن؛ وقد شبت النيران بالفعل في منطقة بورصة التجارة بحلول الزوال، والتهمتها في غضون ساعات قلائل. ويصف جون إفلين، وهو كاتب يوميات وكذلك أحد رجال الحاشية الملكية، المشهد فيقول: عاش إيفلين في بلدة دبتفورد الواقعة على بعد ستة كيلومترات من المدينة، ولم يتسنى له -إذ ذاك- مشاهدة المراحل الأولى للحريق. وكان قد توجه يوم الاثنين إلى المدينة، تقله ومجموعة من أثرياء الطبقة الغنية عربة من العربات ذات الجياد، ليشهدوا ما شهده صموئيل بيبس يوم الأحد؛ المدينة المشتعلة عبر الضفة الأخرى من النهر. كان الحريق وقتئذ قد كبر بشدة، إذ يصفه إفلين فيقول: "تجتاح المدينة ألسنة لهب مروعة؛ التهمت البيوت على الجسر، وشارع التايمز ستريت، نحو أعلى تجاه شارع تشيب سايد، وأسفل إلى شارع ذا ثري كراينز، والتهمتهم بالكلية. كما دون إفلين أنه بحلول المساء كان النهر يعج بالقوارب والمواعين المحملة بالناس والأمتعة فارين من الحريق، وكذلك شاهد نزحًا هائلاً من العربات والمشاة خارجين من بوابات المدينة خانقة الضيق، متجهين إلى المناطق المفتوحة الممتدة شمالاً وشرقًا، "والتي انتشر فيها الناس كالبذور المنثورة على الحقول يحملون كل ما استطاعوا حمله، ونُصبت الخيام ليأوي إليها الناس بأمتعتهم. رباه، ما أفجعه من مشهد، وما أشد تعاسته!" سرعان ما بدأت الشكوك تساور الناس في المدينة بأن الحرائق لم تكن حادثًا بأية حال. فحيث أن دوامات الرياح كانت تقذف بالشرر والشظايا المشتعلة بعيدًا عن مركز الحريق فتشب النيران في الأسقف القشية والمزاريب في مبانٍ نائية عن الحريق فتبدو للوهلة الأولى أن الحرائق في تلك المباني غير ذات صلة به، واستنادًا إلى تلك المشاهدات غير المبررة آنذاك انتشرت الشائعات التي تقول بأن تلك الحرائق البعيدة تشتعل فبفعل فاعل، وأول من ارتاب الناس في أمرهم الأجانب القانطين في المدينة، وجاء ظنهم هذا على خلفية للحرب الإنجليزية-الهولندية المشتعلة وقتها. ما لبث تبدل الشك إلى يقين يوم الاثنين، وتحدثت الأخبار عن غزو مرتقب واقع لا محالة، وأخبرت عن عملاء أجانب متخفيين شوهدوا يلقون "بكرات النار" داخل المنازل، أو تم القبض عليهم وبحوزتهم قنابل يدوية وثقاب. على إثر ذلك، عصفت بالمدينة موجات من العنف. وقد شاهد ويليام تاسويل عصابة تنهب مرسمًا يمتلكه رسام فرنسي ثم يسوونه بالأرض، وراقب مذعورًا كيف أوقف أحد الحدادين رجلاً فرنسيًا في الشارع ليهبط على رأسه بقضيب حديدي. مضى الحريق يلتهم مصالح ومرافق الدولة، مما أثار مخاوف انتشار الإرهاب عززتها وسائل الإعلام والصحف. ففي الصباح الباكر من يوم الاثنين التهم الحريق مكتب البريد العام الواقع في شارع ثريد نيدل، والذي يمر عبره بريد المدينة بأكمله. وكذلك شبت النيران مطبعة جريدة لندن جازيت، غير أن الجريدة تمكنت قبلها من نشر عدد يوم الاثنين والذي لم يحتو إلا على أخبار وشائعات المجتمع، ولم يحتل خبر الحريق إلا مساحة صغيرة تحدثت عن حريق اندلع صباح يوم الأحد "ولا يزال مستمرًا، يصحبه نوبات خطيرة من العنف." اعتمدت المدينة بأسرها على وسائل الإعلام والاتصال تلك، وعند توقفها أخذت الشائعات تملأ الفراغ الذي تركته، كما انتشرت الشائعات القائمة على أساس ديني والتي تنذر بمحاولات القيام بمؤامرة بارود ثانية. على إثر ذلك الذعر البالغ وحالة البارنويا الجماعية الي انتابت الناس يوم الاثنين، انصرفت قوات التريند باندز وفرق جنود الكولد ستريم عن مكافحة الحريق إلى مطاردة الأجانب، والكاثوليك، وكل من يرتابون في مظهرهم، والقبض عليهم أو تخليصهم من أيدي الناس أو كلاهما معًا. استمات السكان، وبخاصة أفراد الطبقة الغنية على إنقاذ أمتعتهم وحاجياتهم من الحريق بنقلها خارج المدينة، مما وفر مصدر مال لأقوياء البنية من الفقراء، الذين كانوا يُستأجرون لنقل الأمتعة (ومنهم من كان يفر بها)، وربح أصحاب العربات والقوارب من ذلك بشكل خاص؛ إذ أن تكلفة النقل بالعربات، بعدما كانت بالكاد تصل إلى شلنين يوم السبت، وصلت إلى أربعين جنيهًا إسترلينيًا (وهو ما يعادل 4000 جنيهًا إسترلينيًا في عام 2005). وبدا أن جميع قوارب وعربات بطول لندن وعرضها توافدت لتنال نصيبها من تلك الغنيمة، وتدافعت العربات المحملة بالأمتعة ومعها السكان المذعورين مزدحمين بشدة للخروج من المدينة، فهاجت الفوضى واشتد الهرج عند البوابات مما دفع بقضاة المدينة أن يصدروا أوامر بغلق البوابات تمامًا في وقت الزوال من يوم الاثنين، في محاولة لتحويل الناس من حماية ممتلكاتهم إلى المشاركة في إخماد الحريق، "وهكذا عندما ينقضي أي أمل في إنقاذ أي شيء، ربما يتحولون عندها لبذل قصارى الجهد في قهر الحريق؛" غير ان ذلك القرار المتعجل لم يجدي نفعًا، وتم التراجع عنه في اليوم التالي. يعد يوم الاثنين هو اليوم بدأ فيه القيام بإجراءات منظمة لإخماد الحريق، على الرغم من اشتداده بصورة عاتية وكذلك الفوضى التي تضرب المدينة. وعلى ما يبدو أن توماس بلودوورث، عمدة المدينة والمسؤول عن تنسيق جهود مكافحة النيران كان قد غادر المدينة في ذلك الوقت؛ إذ أن التسجيلات المعاصرة لوقائع يوم الاثنين لم تأت على ذكره مطلقًا. وعلى إثر تلك الطوارئ، وجد الملك تشارلز الثاني واجبًا تخطي سلطات المدينة، وكلف أخوه جيمس دوق يورك بمسؤولية إدارة الأمور في المدينة. أقام جيمس عددًا من المقرات القيادية العسكرية حول محيط الحريق، كما مضي يجند إجباريًا كل من يلقاه في الشوارع من أفراد الطبقة الفقيرة وتنظيمهم في فرق إطفاء وأجزل لهم العطاء، وكذلك ولى على كل مقر قيادة ثلاثة من رجال الحاشية الملكية، وخولهم الملك بنفسه سلطة إعطاء الأوامر بالقيام بعمليات هدم المباني. كان الهدف من ذلك التضامن الملحوظ من الملك طمأنة المواطنين من أنهم لن تتم مسائلتهم عن المباني التي يدمرونها كما كانوا يتصورون. وأخذ جيمس وحراسه يجوبون شوارع المدينة طيلة يوم الاثنين، ينقذون الأجانب من قبضة الغوغاء، ويعيدون النظام إلى المدينة. ويذكر شاهد عيان الموقف في خطاب له بتاريخ الثامن من سبتمبر مثنيًا على جهود جيمس: "لقد كسب دوق يورك قلوب الشعب بجهوده المستمرة التي لا تكل جاهدًا ليل نهار للقضاء على الحريق." تحطمت جميع الآمال بهبوط المساء يوم الاثنين، عندما جاءت الأخبار بأن الأسوار الحجرية العملاقة لقلعة باين يارد في منطقة بلاك فرايرز، وهي المبني المناظر لبرج لندن في الشمال، والتي كان المفترض أن تصد النيران، قد تدمرت. وظلت النيران مشتعلة في المبنى الأثري طيلة الليل، والتهمته بالكلية فلم تبق من شيئًا. قالت رواية إخبارية معاصرة عن الحريق بأنه في هذا اليوم أو بعده، قد شارك الملك تشارلز الثاني بنفسه في مكافحة الحريق وعمل بيديه على إطفاء النيران بالمياه وكذلك ساعد في تدمير المباني لصنع حواجز النيران. يوم الثلاثاء. كان يوم الثلاثاء الرابع من سبتمبر هو اليوم الذي شهدت فيه المدينة المقدار الأكبر من الدمار. وحتى يمنع دوق يورك الحريق من أن ينتشر غربًا فيصل لقصر وايت هول، قام بوضع قاعدة عسكرية عند منطقة تيمبل بار حيث يتلاقى شارع ستراند وشارع فليت، صانعًا سدًا من رجال الإطفاء يمتد من جسر نهر فليت حتى نهر التايمز. اعتقد جيمس الثاني أن نهر فليت من شأنه أن يعمل كحاجز نيران طبيعي أمام الحريق، غير أن الرياح الشرقية القوية صباح يوم الثلاثاء عملت على أن دفعت بالنيران لتتخطى النهر وتباغت رجال الإطفاء، الذين لم يجدوا أمامهم إلا مطاردة النيران التي تفادتهم. وانتشر في القصر الملكي جو من التوتر والذعر على إثر انتشار النيران غربًا بصورة سريعة. ويعلق إفلين على ذلك الموقف قائلاً: "بلغ الاضطراب حينها حتى البلاط الملكي." كان رجال الإطفاء قد أقاموا حاجزًا ناريًا واسعًا أمام اتجاه انتشار الحريق شمالاً، وقد نجح في احتواء الحريق حتى وقت الزوال، غير أن النيران لم تلبث أن تختطه، وبدأت في التهام منطقة التسوق الغنية والواسعة في شارع تشيبسايد. وجد الجميع في كاتدرائية القديس بولس الملاذ الآمن، نظرًا لجدرانها الحجرية السميكة وفنائها الفارغ والممتد، والذي يعمل بمثابة حاجز نيران طبيعي. وقد كوم فيها السكان ما استطاعوا انقاذه من أمتعتهم، وامتلأ سردابها بالكتب واللوحات التي كانت تحتويها المكتبات والمعارض القائمة في شارع باترنوستر رو. غير أن تلك الإجراءات لم تكن من التوفيق بمكان؛ إذ كان المبنى وقتها خاضعًا لعملية ترميم شاملة يقوم بها كريستوفر رن -ولم يكن على القدر ذاته من الشهرة وقتها-، ولهذا أقام عددًا كبيرًا من السقالات الخشبية التي غطت المبنى، وقد شبت النيران في تلك السقالات بحلول مساء يوم الثلاثاء. ومن مكانه على بعد ميل من الكاتدرائية من منطقة ويستمنستر، شاهد وليام تاسويل الصبي وقتها بعد مغادرته مدرسته كيف أحاطت النيران بالمبنى وكيف تمددت ألسنة اللهب من السقالات المشتعلة لتطول ألواح السقف الخشبية. وفي غضون نصف ساعة، أخذ الرصاص على السقف في الذوبان، وشبت النيران في الكتب والأوراق المكدسة في السرداب. يصف جون إفلين المشهد في مذكراته فيقول: "تطايرت أحجار الكاتدرائية كالقنابل اليدوية، وجرى نهر صغير من الرصاص الذائب على الشوارع، وتوهجت الأرصفة بحمى متقدة، فلم يقدر واحد من البشر أو جواد من الجياد ان يضع قدمًا أو حافرًا على الأرض." وهكذا استحالت الكاتدرائية بالكامل إلى حطام. مضت النيران على مدار اليوم في الانتشار شرقًا، على الرغم من الرياح القوية القادمة من الشرق، ونجحت في تخطي شارع بادينج لين متوجهة إلى شارع سيثينج لين والذي يقطن فيه بيبس، ويستقيم فيه كذلك برج لندن المكتظ بالبارود. ولما تعسر وصول النجدة من رجال الإطفاء طيلة اليوم، إذ كانوا منشغلين في مكافحة الحريق غربًا، قررت حامية برج لندن أن تبادر هي بالتحرك، وقاموا بنسف مساحة واسعة من البيوت القريبة عاملين على خلق حواجز نيران من شأنها أن تحول دون تقدم الحريق. يوم الأربعاء. بدأت الحواجز النارية عملها في وقف الحريق بفاعلية بحلول صباح يوم الأربعاء الخامس من سبتمبر، بعد أن توقفت الرياح عن الهبوب مساء الثلاثاء. وقتئذ خرج صموئيل بيبس ليجول بأرجاء المدينة المتفحمة، وارتقى برج كنيسة باركينج ليستطلع المدينة المدمرة من علِ، ويصفها فيقول: "لم يقع على ناظري مشهد أكثر إيلامًا للخراب." بحلول ذلك الوقت كان الحريق الكبير ذاته قد خمد، مع بعض الحرائق الصغيرة في أماكن متفرقة ما تزال تصارع نفسها وتنطفئ. وقد اتجه بيبس إلى منطقة مورفيلدز شمال المدينة لشيهد المخيمات الهائلة التي أقامها اللاجئون من السكان هنالك؛ "مجموعة من الفقراء البائسين الذي حملوا أمتعتهم إلى هناك، وكل قائم عليها يحرسها بذاته،" ويذكر أن أفران الخبز في المنطقة قد ضاعفت سعر منتجاتها. كما توجه إفلين كذلك إلى مورفيلدز، وراعه مشهد اللاجئين التعساء من السكان المحتشدين في المكان، منهم من يسكن الخيام ومنهم من يتناوبون على سكنى الأكواخ، كما يصف: "افتقر العديدون منهم إلى أي قطعة من الملبس ومايقيم حاجاتهم الأساسية أو سرير ووسيلة نقل. تواضعوا للحد الأقصى من البؤس والفقر." وقد أبدى إفلين إعجابه بما يمتازون به من عزة نفس فيقول أنهم "على شفا حفرة من الهلاك جوعًا ومن إملاق، وعلى ذلك لم يتسولوا قرشًا واحدًا". بلغ الذعر من احتلال فرنسي أو هولندي ومن الإرهاب الأجنبي مبلغه بين ضحايا الحريق، وبحلول المساء اندلعت موجة من الذعر العام في المخيمات القائمة في منطقة بارليمنت هيل ومنطقة مورفيلدز، ومنطقة أيسلنجتون. بدأ الأمر بأن انطلق خيط ضوئي في سماء شارع فليت، اعتقدوا بأنه السبب وراء اندلاع الحريق الكبير، وانتشرت شائعات على إثره تخبر عن خمسين ألفًا من المهاجرين الفرنسيين والهولنديين قادمين ناحية مورفيلدز لإنهاء ما بدأه الحريق، وهو بالطبع الإطاحة بأعناق الرجال، واغتصاب النساء، ونهب الممتلكات. وتدفقت الغوغاء المذعورة إلى الشوارع يفتكون بالأجانب، وقليل منهم من تمكنت فرق التريند باندز أو الحرس الملكي أو أعضاء البلاط الملكي من تخليصه "بعسر مطلق وآلام مبرحة"، على حد قول إفلين. إذ ذاك، اصبح المناخ العام مضطربًا للغاية ما أثار لدى تشارلز الثاني المخاوف من أن تندلع ثورة عارمة في لندن تطيح بسلطته. بحلول ذلك الوقت، كانت معدل إنتاج الطعام وتوزيعه قد توقف بالكلية، فأعلن تشارلز أنه سيرسل كميات من الخبر إلى المدينة بصفة يومية، وأنه ستقام المحلات والأسواق المؤمنة حول مركز المدينة، وقد كانت تلك المراكز مجرد محال وأسواق للبيع والشراء؛ إذ لم يكن هناك أي استعداد لتوزيع معونات للطواريء. أعداد الوفيات ومعدل الدمار. ساد الاعتقاد بأن الحريق لم يخلف عددًا كبيرًا من الوفيات، إذ أن الحالات التي تم تسجيلها رسميًا قليلة. يقدر بورتر (Porter) أن العدد لم يتخطى ثماني ضحايا، وكذا يقول تينسوود أن "العدد لا يعدو عن حالات فردية"، مع ذلك يضيف أنه بالتأكيد لم يتم تسجيل بعض الوفيات، إذا أضفنا لهذا من لقوا مصرعهم بالاحتراق أو جراء استنشاق الدخان، فهناك كذلك من هلك من السكان اللاجئين داخل المخيمات البدائية. كما يعارض هانسون فكرة قلة عدد الضحايا من الوفيات، حيث يأخذ في الحسبان الحالات من الناجين الذين راحوا ضحايا الجوع والبرد "جاثمين في الأكواخ، أو عاشوا على حطام ما كانوا من قبل يدعونه منزلاً"، في خلال الشتاء القارص الذي تلا الحريق، ومنهم الكاتب المسرحي جيمس شيرلي وزوجته على سبيل المثال. كما يذكر هانسون أنه "من السذاجة الاعتقاد بأن دوق يورك كان يقوم بتخليص الأجانب والبابويين الذين أجهز الناس عليهم بالفعل وفتكوا بهم،" بالإضافة إلى أن أعداد الضحايا الرسمية لم تأت على ذكر الفقراء غير المسجلين في الدولة، مع الأخذ في الاعتبار أن حرارة قلب العاصفة النارية، والتي تتخطى بمراحل حرارة الحرائق الاعتيادية، من شأنها أن تلتهم أجساد الناس بالكلية فلا تذر منها شيئًا إلا بعض شظايا عظام الجمجمة. ولما لم تتغذى النار على الخشب والأقمشة والقش فحسب، بل غذت النيران أيضًا مواد مثل الزيت والقار والفحم والودك والدهون والسكر والكحول وزيت التربنتين والبارود المخزون في المستودعات القائمة على ضفة النهر، جعلت حرارة الحريق من الارتفاع بمكان حتى أنها صهرت الحديد حديث الاستيراد المخزن بطول أرصفة الموانئ (والذي ينصهر عند نقطة انصهار تتراوح من 1250 درجة سليزية (2300 فارنهايت) إلى 1480 درجة سيلزية (2700 فارنهايت))، وصهرت كذلك السلاسل والأقفال الحديدية على بوابات المدينة (والتي تنصهر عند نقطة انصهار تترواح من 1100 درجة سيلزية (2000 فارنهايت) إلى 1650 درجة سيلزية (3000 فارنهايت)). ولم يكن الفقراء الجائلون في المدينة ينخلون حطام الحريق في بحث مضني عن أي متعلقات قيمة ليهتموا بشظايا العظام المتناثرة، ومثلهم العمال القائمون على إزالة الحطام أثناء عملية إعادة بناء المدينة لاحقًا. كما يؤكد هانسون، استنادًا للتفكير المنطقي وبناءً على "خبرتنا بكل حريق كبير أصاب مدينة حضرية على مر القرون الفائتة،" أن النيران قد باغتت بيوت الفقراء المتداعية بسرعة هائلة فلم ينجو منها "الشيوخ والرضع وأصحاب الإعاقات الجسدية" في أفضل الأحوال، وقد تكفل حطام الأسقف المتداعي بدفن الغبار والرماد من بقاياهم؛ مما يجعل معدل الخسائر في الأراوح أكثر بكثير من أربع ضحايا أو ثمانية، بل بلغع عدد الوفيات "بضعة مئات، أو دعنا نقول بضعة آلاف." بلغ مقدار الدمار المادي الذي لحق بالمدينة بما يقرب من 13500 منزلاً، و87 كنيسة رعوية، و44 نقابة تجارية. كما طال الدمار كذلك كاتدرائية القديس بولس، ومنطقة بورصة التجارة، ومصلحة الجمارك، وقصر برايد ويل وعددًا أخرًا من سجون المدينة، ومكتب البريد العام، كما أُلحق الضرر ببوابات المدينة الغربية الثلاثة لدجيت، ونيوجيت، وآلديرسجيت. وتُقدر الخسائر المالية الناتجة عن الحريق بحوالي مائة مليون جنيهًا إسترلينيًا بسعره ذلك العصر، وقد انخفض هذا التقدير بعدها إلى عشرة ملايين جنيهًا إسترلينيًا (وهو مبلغ يعادل ويفوق المليار من الجنيهات الإسترلينية في عام 2005). كما سجل إفلين أنه شاهد ما يقرب من "المائتي ألف من الناس، من جميع الطوائف والطبقات الاجتماعية، متفرقين كل راقد جوار كدسه من الأمتعة التي نجح في انقاذها"، في الحقول الممتدة ناحية أيسلنجتون وهايجيت. أحداث ما بعد الحريق. تملك الناس بعد الحريق تحفز تام لإيجاد كبش فداء يلقون عليه مسؤولية الحريق، ولهذا لم يجدوا غضاضة في قبول اعتراف الساعاتي الفرنسي روبرت هوبرت –على شهرته بين الناس ببساطة قدراته الذهنية- بأنه يعمل كجاسوس للبابا وأنه من بدأ الحريق الكبير في وستمنستر، ثم عدل ذلك الاعتراف بآخر ادعى فيه بأنه المسؤول عن إشعال النيران في المخبز في شارع بادينج لين. وعلى الرغم من بعض الشكوك حول إذا ما كان قادرًا على المثول أمام المحكمة، فقد تم إثبات التهمة على روبرت، وأُعدم شنقًا في بلدة تاي برن يوم الثامن والعشرين من سبتمبر 1666؛ وظهر بعد إعدامه أنه لم يصل إلى لندن من الأساس إلا بعد أن انقضى يومان من بداية الحريق. يجدر ذكر أن السبب وراء هذه الادعاءات التي تلقي بتهمة الحريق الكبير على الكاثوليك هي البروباجاندا السياسية التي عمل عليها معارضو حكم الملك تشارلز الثاني الموالي للكاثوليك، التي قامت غالبًا إبان فترة المؤامرة البابوية وأزمة الاستبعاد، في أواخر حكم تشارلز الثاني. رأي الهولنديون الحريق الكبير كنوع من القصاص الإلهي لحريق هولمز، وهو حادثة إحراق الإنجليز لبلدة هولندية أثناء الحرب الإنجليزية-الهولندية الثانية. على إثر الفوضى والشغب الذي عم البلاد، كبرت مخاوف تشارلز الثاني من أن تقوم ثورة ثانية في المدينة، وأخذ يستحث سكان الشوارع على النزوح من لندن والاستقرار في مناطق أخرى؛ وسرعان ما أصدر قانونًا بأنه "يلزم على جميع المدن والبلدات دون أية ممانعة استقبال السكان المتضررين، والسماح لهم بمزاولة مهنهم اليدوية والاتجار فيها بحرية تامة." بالإضافة إلى ذاك، تم إقامة "محكمة الحريق" والتي اختصت فقط بالنظر في الخلافات بين المستأجرين وأصحاب الأراضي حول من سيقوم بعملية إعادة بالبناء، والتي كان يتم الفصل فيها استنادًا إلى من لديه القدرة المالية لتغطية التكاليف. استمرت فترة انعقاد "المحكمة" من شهر فبراير 1667 حتى شهر سبتمبر 1672، وكانت تُقام الجلسات فيليها إصدار الحكم في غضون يوم واحد؛ وكانت النزاعات القضائية طويلة النفس لتعطل عملية إعادة بناء المدينة طويلاً، لولا وجود "محكمة الحريق". تدفقت خطط وتصميمات إعادة بناء المدينة بشكل شامل، بتشجيع من تشارلز الثاني، وإن كان تم العمل على واحدة من تلك الخطط، لنافست لندن مدينة باريس في بهائها الباروكي وقتها (انظر الخطة المقدمة من جون إفلين على اليسار). بالفعل حاول الملك مع سلطات المدينة الرسمية التيقن قانونيًا ممن "يمتلك بالفعل المباني والأراضي"، للتفاوض مع الملاك حول تعويض تقدمه الحكومة لهم لتنفيذ ما تنطوي عليه تلك الخطط الهندسية من إعادة هيكلة واسعة النطاق للمدينة، لكنهم تخلوا عن الفكرة لما رأوها غير عملية. وقوبلت إجراءات جذب العمال وجمع التصميمات التي تقوم عليها المباني بالتجاهل من قبل السكان الذين لم تتخطى اهتماماتهم ما تقتضيه الحياة للعيش اليوم بيومه، وكذلك ممن كانوا قد غادروا المدينة من الأساس؛ إذ كان من المستحيل للسلطات وقتها أن تضمن للعمال الأمان الذاتي والوظيفي نتيجة للعجز في العمالة الحادث بعد الحريق الكبير. كذلك لم يكن جون إفلين وكريستوفر رن فحسب من قدم تصميمات لإعادة بناء المدنية، فقد تقدم أيضًا روبرت هوك وفالنتين نايت وريتشارد نيوكورت بخطط هندسية مشابهة. ولما لم يتم البت في نزاعات الملكية، فلم تدخل أي من خطط الهندسية الكبرى لبناء المدينة الباروكية ذات الساحات الواسعة والحارات الثرية حيز التنفيذ؛ إذ لم يُعرف يقينيًا مع من يتم التفاوض، ولم تكن هناك ثمة طريقة فعالة لحساب مقدار التعويضات اللازم دفعها بدقة. وجاءت الموافقة على العدول عن فكرة إعادة هيكلة المدينة، وتمت عملية إعادة البناء على خطة الشوارع القديمة ذاتها، مع القيام بتحسينات في نظام النظافة والأمان من الحرائق، مثل: توسيع الشوارع، إقامة أرصفة موانئ مفتوحة وسهلة الوصول على طول نهر التايمز، والحرص على عدم إقامة مبان تعيق طرق الوصول إلى النهر، وأخيرًا والأهم تشييد المباني بالحجارة والطوب، بدلاً من الخشب. كذلك تم إعادة بناء المباني العامة في مواقعها السابقة، ولعل أشهر تلك المباني كاتدرائية القديس بولس، مع الكنائس الخمسين الجديدة التي قام على بناءها كريستوفر رن. قام كريستوفر رن مع روبرت هوك، بطلب من الملك تشارلز الثاني، بتصميم نصب حريق لندن الكبير، وإقامته بالقرب من شارع بادينج لين، ويبلغ ارتفاعه 61 مترًا (200 قدم) وشاعت الإشارة إليه من قبل سكان لندن بـ "النصب التذكاري" اختصارًا، وتم إطلاق اسمه على واحدة من محطات مترو الأنفاق في لندن، إذ يعد واحدًا من أشهر المعالم التاريخية في العاصمة الإنجليزية. في عام 1668، تم القيام بعدة إضافات للكتابة المنقوشة على النصب التذكاري وقد تضمنت اتهامات واضحة للكاثوليك، منها المقطع التالي: لم تمس تلك النقوش حتى في فترة حكم جيمس الثاني من عام 1685 إلى عام 1688، ولم تزل في مكانها حتى جاء عام 1830، وفيه بداية السير نحو حركة تحرير الكاثوليك. يشير نصب تذكاري أخر هو نصب صبي زاوية باي كورنر الذهبي (بالإنجليزية: The Golden Boy of Pye Corner) القائم في مدينة سميث فيلد إلى الموقع الذي توقف عنده الحريق. واستنادًا لما هو منقوش على النصب، فإن الحريق الذي بدا في بادينج لين وانتهى في زاوية باي كورنر هو دليل دامغ على غضب الله الواقع على مدينة لندن نتيجة لانغماسهم في خطيئة الشراهة. ينسب بعض الناس إلى الحريق الكبير بأنه قد أنقذ أرواحًا كثيرة على المدى البعيد؛ إذ أنه بحرقه وتدميره المنازل غير الصحية بما فيها من فئران وبراغيث تساهم في نقل عدوى الطاعون، قد أنهى وجود هذا المرض في المدينة، استنادًا إلى أنها بعد الحريق الكبير ظلت سالمة من أي موجات طاعون أخرى، بعد وباء الطاعون العظيم الذي أصاب المدينة قبل الحريق سنة 1665 والذي أودى بحياة سدس سكان لندن وقتها، أو ما يقرب من الثمانين ألف ضحية. يختلف المؤرخون حول صحة القول بأن الحريق الكبير هو السبب وراء توقف تفشي وباء الطاعون بعده؛ تقول صفحة متحف لندن على شبكة الإتنرنت أنه لابد من وجود ثمة رابط بين الحدثين، بينما يشير راي بورتر إلى أن الحريق لم يمس المناطق الأكثر وخامة في لندن، وهي الضواحي الشعبية الفقيرة. ويقدم علم الأوبئة تفسيرات علمية أخرى، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن أوبئة الطاعون في جميع المدن الأوربية الأخرى قد توقفت في الفترة ذاتها تقريبًا. بعد الحريق الكبير، تم وضع الخطة لبناء شارعين رئيسين حديثين هما شارع كوين ستريت وشارع كينج ستريت، والذان يتقاطعان مع عدة شوارع رئيسة قديمة عبر المدينة، ما يخلق طريقًا جديدًا يمتد من نهر التايمز حتى مبنى جيلد هول. لا يذُكر أن تم إنشاء أي شوارع جديدة غيرهما، بعد الدمار الذي ألحقته النيران بأغلبية مناطق المدينة. غمرة بلدة تابعة لمحافظة سميراء وتبعد عن مدينة حائل حوالي 190 كلم، إلى جهة الجنوب الشرقي، وهم من أقدم البلدات في المنطقة، أشهر المواقع بها جبل حبشي وهو جبل طويل القامة ومشهور منذ القدم، وموقع الهلالات ويوجد معالم وبيوت أثريه من معالمهم وهضبة عليا كذلك الواردت وهي تقع جنوب غمره وسكان المنطقة من قبيلة شمر من "الجنفا"، من الرموز التاريخية في بلدة غمرة عيون زبيدة الشهيرة والتي كانت ممراً للحجيج في قديم الزمن. ما يميز بلدة غمرة موقعها الإستراتيجي. وهي الأقرب في الفاصل بين منطقتي حائل والقصيم، إذ تتميز بلدة غمرة في وجود بيئة جغرافية مختلفة فمن الشرق تجد بلدة غمرة تقع على ضفاف جبل شاهق يُسمى "حبشي" وهو جبل صخري بلون أسود ومحاط بالأودية والشعاب، وقد تغنى بهذا الجبل الكثير من الشعراء، إذ اعتبروا هذا الجبل علامة مميزة وفارقة في الدلالة على الطرق والمواقع، وما يميز هذا الجبل كثرة الآثار به إذ وجد قبل حوالي 30 سنة بعض من الأسلحة القديمة والتي يعتقد البعض أنها تعود لعصر "الهلالات" ولا زالت قبور هؤلاء موجودة في ذلك الجبل.. كما يتواجد في داخل الجبل عين ماء تتواجد بها المياة على مدار السنة وفي جميع فصولها ولكن الوصول لها صعب. مايميز بلدة غمرة أيضاً الجبال المختلفة كلياً والتي تحدها من جهة الشمال على عكس جبل "حبشي" الصخري والبيئة التي حوله. فهذه الجبال والتي يطلق عليها اهالي بلدة غمرة بـ "الحُمر" نسبة للونها الأحمر الجميل والرمال الناعمة المحيطة بها إذ تعتبر متنفساً لكثير من زوار البلدة ولأهالي البلدة نفسها. كما أنه يوجد بها عدد من المدارس للبنين والبنات في الوقت الحاضر ومستوصف وغيرها من الدوائر الحكومية توزيعة دام لينكس المصغرة أو بالترجمة الحرفية "لينكس مفرط الصغر" هي إصدار مصغر من دبيان تخضع لبنود رخصة جنو العمومية، صنعت لتقلع من قرص مدمج، وهي قابلة للتثبيت على قرص قابل للإزالة، تتضمن أهم ما يحتاجه المستخدم من برامج مكتبية ومشغلات وسائط متعددة وأدوات تصفح إنترنت وبريد إلكتروني. أصل التوزيعة. التوزيعة أصلاً أسسها جون أندروز ثم تحولت إلى مشروع مجتمعي مكون من فريق كبير من المطورين أبرزهم روبرت شينغليديكر، وقد بدأت التوزيعة كنسخة مصغرة من توزيعة نوبكس المبنية أساساً على شيفرة مصدرية لتوزيعة دبيان، وكان حجمها في البداية حوالي 22 ميجابايت. طارق سعيد رمضان (ولد في 26 أغسطس 1962 في جنيف، سويسرا) هو مفكر سويسري من أصل مصري، وهو حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا من أمه، ونجل الدكتور سعيد رمضان سكرتير البنا. أخوه هو هاني رمضان أستاذ وإسلامي سويسري ومدير مركز جنيف الإسلامي. نهاية العام 2017، تقدمت امرأتين فرنسيتين بشكوى ضد رمضان متهمتان اياه بالاغتصاب. يعمل طارق رمضان كاستاذ دكتور متخصص في الفكر الإسلامي ومحاضر في جامعة أوكسفورد أعرق جامعات بريطانيا وجامعة فرايبورغ بألمانيا، يتركز اهتمامه في التجديد الإسلامي وبحث قضايا المسلمين في الغرب، ويعتبر أحد القيادات الإسلامية في أوروبا ومن أكثر الشخصيات المؤثرة فيها.يتكلم طارق رمضان بطلاقة العربية والفرنسية والإنجليزية، وخاصة الفرنسية أين له تأثير كبير جدا في الأواسط الفرانكوفونية خاصة في فرنسا والمناطق الفرنسية في سويسرا وبلجيكا، أين غالبا ما يشارك في حوارات هامة وبرامج تلفزيونية كثيرة. أعمال طارق رمضان تتركز على تفكير ديني وفلسفي وسياسي لها علاقة مع الدين الإسلامي والروحانيات ومختلف النظريات الفلسفية. منذ سنوات يعمل على دور الإسلام في الغرب وفي العالم. طارق رمضان هو مستشار وخبير لدى عدة لجان في البرلمان الأوروبي. يشارك أيضا في عدة غرف عمل عالمية لديها علاقة بالإلهيات والأخلاقيات، وبالحوار بين الأديان والثقافات، وعموما في المواضيع الاجتماعية. هو مدير مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق ومقره الدوحة. وهو عضو في الفريق الاستشاري لوزارة الخارجية البريطانية في حرية الدين والمعتقد. إلى جانب عمله كبروفيسور في جامعة أكسفورد، يعمل طارق رمضان كأستاذ زائر لدى كل من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في قطر، وجامعة مونديابوليس في المغرب، وجامعة ماليزيا برليس في ماليزيا، وكذلك هو باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة دوشيشا في كيوتو في اليابان. طارق رمضان هو عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ترجمت جل كتبه إلى العديد من اللغات، ومن أبرز هذه الكتب كتاب "خطورة الأفكار" قام بترجمته الدكتور محمد صلاح شياظمي. جاء هذا الكتاب تتويجا للقاء فكري غير متوقع بين المفكرين إدغار موران وطارق رمضان، والذي جرى في يونيو 2013 بمدينة مراكش المغربية. يتطرق الكتاب الحواري إلى القضايا الكبرى الراهنة بعمق ودقة، حيث يتناول مختلف القضايا المتعلقة بالدين، والعلمانية، والعقلانية، والعلوم، والفن، والمرأة، والتربية والتعليم، والديمقراطية، والقضية الفلسطينية، ومعاداة السامية، و معاداة الإسلام، والشعبوية، و”الربيع العربي” إلخ… يجمع بين هذه القضايا خيط ناظم يتمثل في الأخلاقيات. لقد كان الحوار مثيرا بشكل كبير بين إدغار موران، صاحب نظرية الفكر المركب، وبين أحد رواد الفكر الإصلاحي المعاصر طارق رمضان، مدير مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر. المثير في الكتاب الحواري هو أنه رغم تناقض المسارات الفكرية للرجلين بشكل كامل، تمكنا من التحاور بشكل هادئ، وحصل تقارب كبير في الأفكار و الآراء في العديد من القضايا الشائكة، نذكر منها القضية الفلسطينية، ووضعية المرأة، ومقاومة جميع أشكال الجور والقهر. وقد قام الفيلسوف كلود هنري ديبور بتسيير الحوار. ترتكزاعماله على تفكير ديني وفلسفي وسياسي لها علاقة مع الدين الإسلامي والروحانيات ومختلف النظريات الفلسفية. منذ سنوات يعمل على دور الإسلام في الغرب وفي العالم. نشأته. في 1949، حسن البنا، جد طارق رمضان، ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين، طورد من قبل الملك فاروق الأول واغتيل بسبب أعماله السياسية. وفي 1958، وقد نفاه جمال عبد الناصر من مصرو لجأت وفاء البنا، أم طارق رمضان، إلى سويسرا مع زوجها سعيد رمضان. وأقاموا في جنيف، حيث ولد طارق رمضان في 26 أغسطس 1962 وأخوه هاني رمضان. العائلة. طارق رمضان هو ابن سعيد رمضان، ووفاء البنا ابنة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وأخوه هو هاني رمضان رئيس مركز جنيف الإسلامي. دراسته. حصل طارق رمضان على درجة الماجستير في الفلسفة والأدب الفرنسي، وعلى درجة الدكتوراه في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من جامعة جنيف. وكتب أطروحة الدكتوراه حول فريدريك نيتشه، بعنوان "نيتشه مؤرخًا للفلسفة". وقد حصل على تدريب واحد / واحد في الدراسات الإسلامية الكلاسيكية من جامعة الأزهر ويحمل الإجازة في سبعة تخصصات. ثم عمل استاذًا في مدرسة سوسور، وهي مدرسة ثانوية في جنيف، ومحاضرًا في الدين والفلسفة في جامعة فريبورغ في الفترة من 1996 إلى 2003. في أكتوبر 2005 بدأ التدريس في كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد برتبة أستاذ زائر. في عام 2005، وأصبح باحثًا في مؤسسة لوكاهي. وفي عام 2007م، قدم طلبًا ناجحًا للأستاذية في الدراسات الإسلامية في جامعة ليدن، ولكنه رفض تولي المنصب متعذرًا بأسباب مهنية. وكان أيضًا أستاذًا زائرًا للهوية والمواطنة في جامعة إيراسموس في روتردام، حتى أغسطس 2009 عندما أعفته مدينة روتردام وجامعة إيراسموس من منصبه "مستشارًا للاندماج" وأستاذًا، متذرعة بأن البرنامج الذي استضافه على قناة برس تي في الإيرانية، "الإسلام والحياة"، "غير متوافق" مع واجباته في روتردام. وابتداء من سبتمبر 2009 عين رمضان في رئاسة الدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة أكسفورد. أنشأ طارق رمضان حركة مسلمي سويسرا، التي تشترك في مختللف حلقات النقاش بين الأديان. وهو مستشار للاتحاد الأوروبي حول القضايا الدينية، وطلب للمشورة في الاتحاد الأوروبي في لجنة حول "الإسلام والعلمانية". في سبتمبر 2005، دعي للانضمام إلى مهمة من قبل حكومة المملكة المتحدة. وهو أيضا مؤسس ورئيس شبكة المسلم الأوروبي، ومقرها بروكسل، وتسعى إلى جمع المثقفين المسلمين الأوروبيين والناشطين. وهو مستشار وخبير لدى عدة لجان في البرلمان الأوروبي. يشارك أيضًا في عدة غرف عمل عالمية لديها علاقة بالإلهيات والأخلاقيات، وبالحوار بين الأديان والثقافات، وعمومًا في المواضيع الاجتماعية. تنحى أعماله نحو اللاهوت، من الناحية السياسة الفلسفية والمتعلقة بالدين الإسلامي، والقيم الروحية والفلسفات المختلفة. ويشارك منذ سنوات في النقاش حول الإسلام في الغرب وفي العالم. يتركز اهتمامه في التجديد الإسلامي، وبحث قضايا المسلمين في الغرب، ويعد أحد القيادات الإسلامية في أوروبا، ومن أكثر الشخصيات المؤثرة فيها. يتكلم طارق رمضان بطلاقة العربية والفرنسية والإنجليزية، وخاصة الفرنسية حيث له تأثير كبير جدًا في الأواسط الفرانكوفونية، خاصة في فرنسا والمناطق الفرنسية في سويسرا وبلجيكا، ويشارك غالبًا في حوارات هامة وبرامج تلفزيونية كثيرة. في يناير 2011، استدعى مباشرة على قناة إي-تيليه الفرنسية للحديث حول الثورة التونسية والثورة المصرية، وقال أنه بعد دخوله لمصر للدراسة، تعرض للتعذيب من قبل النظام وقال: «جنسيتي سويسرية، ولكن من أصل مصري، وعند دخولي لبلدي مصر للدراسة، كنت أعبر عن كون النظام غير ديمقراطي، وعندما جاؤوا لضربي وتعذيبي، قال أحدهم لزميله، لا لا هذا أجنبي، هذا سويسري. ماذا سنفعل له إذن؟ فقاموا بجلب مصري أمامي، وقاموا بتعذيبه بصورة لا تصدق أمام عيني، لكي يقولا لي كيف نعامل المصريين هنا». المسيرة. في 1992، جاء إلى فرنسا وقدم عدة محاضرات. شارك بين 1993 و1994 في مؤتمر اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، بعد ذلك رفض دعوات المشاركة حتى سنة 2008. بعد ذلك وقع نداء السكان الأصليين للجمهورية الذي يندد بفرنسا كدولة لا تتحمل مسؤولية تاريخها الإستعماري. كذلك عين كمكلف بالدروس الدراسات الإسلامية في جامعة فريبورغ بين 1996 و2003. الجامعة الكاثوليكية لنوتردام في ساوث بند في ولاية إنديانا منحته في بداية سنة 2004 كرسي دائم مزودج في الدراسات الإسلامية. هو منتمي كذلك لمعهد جون بي كروك لتدريس العلاقة بين الديانات، النزاعات، وتعزيز السلام. في أغسطس من نفس السنة، الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة ألغت تأشيرة عمل تحصل عليها في مايو 2004 دون تقديم الأسباب، معللة ذلك بأن قانون باتريوت آكت يمنح حكومة الولايات المتحدة حق اتخاذ إجراء ات خاصة عند الاشتباه بقيام أنشطة إرهابية. بعد هذا الرفض، عدة مفكرين وقادة أمريكيين، من بينهم نعوم تشومسكي، وقعوا عريضة تندد بهذا فعل الذي يحد من الحرية الأكاديمية. في 17 يوليو 2009، محكمة إستتئناف في مانهاتن، تعطي الحق لطارق رمضان في دخول الولايات المتحدة ورفض ما قامت به الحكومة الفدرالية معللة ذلك بأنه غير مبني على شيء. في 20 يناير 2010، وزارة الخارجية الأمريكية تقرر في وثيقة موقعة من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، عدم صلوحية الأسباب التي حالت دون دخول طارق رمضان الولايات المتحدة. في صيف 2005، تحصل طارق رمضان على دعوة بصفة أستاذ زائر في جامعة أوكسفورد، وتم استدعائه للمشاركة في مجموعة تفكير أسسها توني بلير حول مشكلة الإسلام المتطرف في المملكة المتحدة، بعد التفجيرات التي وقعت في لندن في 7 يوليو من نفس السنة. في نوفمبر 2006، المجلة أوروبيان فويس أعطته جائزة أوروبي السنة في فئة الشخصيات الغير منتمية لدولة عضوة في الاتحاد الأوروبي. في 2000، تم تصنيفه واحد من بين سبعة مفكرين مجددين ومبتكرين في القرن الواحد والعشرين من قبل المجلة الأمريكية التايم. كذلك هو واحد من بين 100 مفكر الأكثر تأثيرا في العالم، وذلك في المرتبة الثامنة في 2004 من قبل مجلة التايم، وفي 2005 و2008 كذلك من قبل فورين بوليسي وبروسبكت، وفي 2009، 2010، 2012، 2013 من قبل مجلة فورين بوليسي. تحصل في 2007 على جائزة الامتياز مقدم من قبل المجلة البريطانية ذو مسلم نيوز. جاء أيضا في المرتبة 51 من بين أكثر 100 مفكر مؤثر في العالم من قبل فورين بوليسي في 2014. عين طارق رمضان في منصب كرسي حول الدراسات الإسلامية المعاصرة في معهد الدراسات الشرقية التابع لجامعة أوكسفورد، وكذلك هو يعمل في كلية سانت أنتوني في نفس الجامعة منذ 1 سبتمبر 2009. كذلك هو أستاذ علوم إسلامية معاصرة في إدارة العلوم الإسلامية التابعة لجامعة قطر ومؤسسة قطر، وباحث بارز في جامعة دشيشا في كيوتو في اليابان. في يناير 2012، أصبح مدير مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر. كذلك هو رئيس خلية تفكير المعروفة الشبكة الإسلامية الأوروبية الموجودة في بروكسل والعضوة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. الإتهام بالاغتصاب. تقدمت سيدة تدعى هنده عياري، الجمعة 20 تشرين أول/أوكتوبر 2017، بشكوى في فرنسا ضد طارق رمضان تتهمه فيها باغتصابها والاعتداء عليها جنسيا. وقدمت الشكوى إلى النيابة العامة في مدينة روان في شمال غرب فرنسا حيث تقيم المشتكية، التي تبلغ من العمر 40 عاما، وهي حاليا رئيسة جمعية تعنى بحقوق المرأة المسلمة. وتتضمن الشكوى، حسب ما ورد في النص اتهامات بارتكاب "جرائم اغتصاب واعتداءات جنسية وأعمال عنف متعددة وتحرش وتهديد". وكانت هند العياري قد وصفت حادثة الاغتصاب بكتابها المسمى "J'ai choisi d'être libre" (أخترت أن أكون حرة) وقد استخدمت اسم "زبير" كناية عن طارق رمضان في الكتاب. وقد رد طارق رمضان عبر محاميه المحامي ياسين بوزرو في بيان، حيث أكد أن موكله "ينفي قطعيا هذه المزاعم (..) وسيتم رفع دعوى بتهمة الافتراء امام مدعي عام الجمهورية في روان (شمال غرب فرنسا) الاثنين". في 31 يناير 2018، قامت السلطات الفرنسية بإيقاف الأستاذ الجامعي السويسري والمفكر الإسلامي طارق رمضان بباريس بغية إخضاعه للاستجواب على خلفية قضيتي اغتصاب تعودان إلى عامي 2009 و2012. وأكدت مصادر قضائية فرنسية أنه انتقل من تلقاء نفسه إلى مركز الشرطة استجابة لاستدعاء للشرطة. وفي الثاني من فبراير 2018، بعد يومين من توقيفه رهن التحقيق، طلبت النيابة العامة وضع طارق رمضان قيد التوقيف الاحتياطي.   في 23 أكتوبر 2018 أعترف طارق بإقامة علاقة جنسية مع الامرأتين لكنه شدد أن تلك العلاقة كانت بالتراضي وليس اغتصاباً وأجبر طارق على هذا الاعتراف بعد الكشف نهاية سبتمبر عن مئات الرسائل الهاتفية القصيرة من هاتف قديم لكريستال. في الثاني من ديسمبر 2018، كشفت صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية عن العثور على 776 صورة إباحية وجنسية على هواتف وحواسيب ووسائط حفظ البيانات الخاصة بطارق رمضان الطبشور أو الطباشير أو الحوار هو مادة بيضاء اللون تتكون من كبريتات الكالسيوم (CaSO4)، تستخدم في الكتابة على الألواح الخشبية والمعدنية كما أن بعض المدارس في الدول النامية لا تزال تستخدم هذه المادة في الكتابة على الألواح الدراسية. أصل الكلمة. أصل كلمة طباشير هو "تبشير" وهي كلمة ذات أصول تركية تعني الجبس المستخدم للكتابة، دخلت في اللغة العربية كسائر الكلمات الدخيلة لعدم وجود هذا النوع من استعمال الجبس عند العرب. تكوين الطباشير. يتكون الطباشير بشكل أساسي من كبريتات الكالسيوم بكميات بسيطة ومن الطمي والطين. التي تتشكل عادة تحت سطح الماء،  في قاع البحر، ثم تتحول نتيجة التعرض للضغط لشكل الطباشير المعروف . الاسم العلمي. كبريتات الكالسيوم. استخدامات الطباشير. يستخدم الطباشير في صنع الجير الحي والجير المطفي ويستخدم كـ مونة جير نورة في المباني. استبدلت الاستخدامات التقليدية للطباشير بمواد أخرى، بالرغم من أن كلمة «الطباشير»  ماتزال تطلق على هذه المواد، ومثال على ذلك: يستخدم الطباشير في " الزراعة " لرفع درجة  حموضة التربة. كما يستخدم في مجال الألعاب الرياضية، وفي الجمباز ورفع الأثقال لتجفيف اليد من العرق ومنع الانزلاق. يستخدم أيضا في الخياطة لرسم العلامات المؤقتة على القماش ويحتوي معجون الأسنان أيضا على كمية بسيطة من الطباشير ليساعد في عملية كشط وتنظيف الاسنان أصل الكلمة (بالانجليزية Stem) هو الجزء من الكلمة الذي يبقى على حاله، بدون تغيير، كلمات تصرفت تلك الكلمة. وقد يقصد به أيضا، ولكن نادرا، جذرها أو تأثيلها. في الحوسبة البرامج المكتبية تسمى في بعض الأحيان حزمة برامج مكتبية أو حزمة مكتبية، وسبب تسميتها بحزمة لأنها عبارة عن عدة برامج مع بعضها البعض، هي التطبيقات المستخدمة من قبل الأشخاص لتحرير النصوص أو تقديم العروض التقديمية أو إنشاء الجداول. في العادة تباع المحتويات مع بعضها البعض، لها واجهة رسومية وفي العادة هذه الحزمة تستطيع تتفاعل مع بعضها البعض، بطريقة يسمح بها نظام التشغيل. الحزم المهيمنة في الوقت الحالي هي مايكروسوفت أوفيس الذي يعمل على مايكروسوفت ويندوز ونظام تشغيل أبل ماك أو إس عشرة، أوبن أوفيس.أورج هو بديل مجاني ومفتوح المصدر لجميع أنظمة التشغيل. تنسيقات مايكروسوفت أوفيس أصبحت بشكل غير رسمي هي تنسيقات الافتراضيه والمدعومة من قبل "البرامج المكتبية" الأخرى. بينما تنسيقات أوبن أوفيس.أورج أوبن ديكيومنت أصبحت هي التنسيقات الافتراضيه للحكومات والجهات التعليمية والشركات التي تسعى إلى تبادل المعلومات بوثيقة ذات تنسيق محايد لتبادل المعلومات أو لتوفير المال. هناك العديد من ال"برامج المكتبية" التي تحاول أن تتحدى مايكروسوفت أوفيس وأوبن أوفيس.أورج. في الوقت الحاضر فإن الإتجاه إلى البرامج المكتبية خلال الإنترنت ، وهي عبارة عن تطبيق وب بدلاً من أن تكون برامج محملة في الجهاز، وأشهرها مستندات Google . عزت أحمد شفيق أبو عوف (21 أغسطس 1948 - 28 شوال 1440 هـ / 1 يوليو 2019)، ممثل وموسيقار مصري، ولد في القاهرة، وتخرج من كلية الطب، كانت بداياته الفنية عندما أصبح عضواً في فرقة "بلاك كوتس" وكانت فرقة شهيرة وقتها لكن تم حلها، ثم أسس مع شقيقاته الأربعة فرقة الفور إم التي ساهمت في شهرته وحققت الفرقة نجاحاً باهراً في عقد الثمانينات من القرن العشرين، وقدم الألحان والموسيقى التصويرية للعديد من الأعمال الفنية. اتجه عام 1992 للتمثيل، وكان أول عمل لهُ أيس كريم في جليم، وتوالت بعد ذلك أعمالهُ السينمائية والتلفازية وكان آخرها مسلسل ظل الرئيس عام 2017. شارك ايضاً في تقديم برامج تلفازية ومنها برنامج المسابقات هرم الأحلام وبرنامج القاهرة اليوم، كان أيضاً رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ عام 2008، وقدم دوراً بارزاً في إستكمال دورات المهرجان التي كانت مهددة بالتوقف بسبب الأحداث السياسية في مصر. ينتمي عزت أبو عوف إلى عائلة فنية بامتياز، فهو ابن الموسيقار الشهير أحمد شفيق أبو عوف ووالد المخرجة مريم أبو عوف وشقيق الممثلة مها أبو عوف. تعرض لأزمات نفسية وصحية عقب وفاة زوجته فاتيما عام 2015 وتأثرت صحته بشدة وتعرض لوعكة صحية خضع على إثرها لعملية قلب مفتوح، ونقل لوحدة العناية المركزة في المستشفى عدة مرات، قبل أن توافيه المنية في فاتح شهر يوليو 2019م. عن حياته. هو رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وخريج كلية الطب، ووالد المخرجة مريم أبو عوف وأخو الممثلة مها أبو عوف وقد كانت بدايته هو وأخواته في فرقة الفور إم التي ساهمت في شهرته. قدم أيضا مجموعة من البرامج الحوارية مع الفنانين. بدأ التمثيل عام 1992م، وساعد العديد من المطربين في السينما وغيرها، ويعتبر أول من اكتشف المطرب محمد فؤاد وقدمهُ لفرقتهِ الفور إم ومن ثم أصبح مستقلاً وتربطهُ علاقة محبة وتعاون مع المطرب عمرو دياب، الذي شاركهُ في العديد من الأعمال منها أيس كريم في جليم، وفيديو كليب راجعين، وصوته في برنامج الحلم وأتخذ تامر حسنى نفس النهج وشاركهُ أفلامه مثل عمر وسلمى في ثلاثة أجزاء. من أعماله. مسلسلات. موسيقى وفاته. توفي في وقت مبكر من صباح يوم الاثنين الموافق 1 يوليو 2019 عن 71 عاماً، بعد صراع مع المرض. نظام جمعية الفيلم الأمريكي لتقييم الأفلام هو نظام متبع في الولايات المتحدة الأمريكية وأقاليمها لتقييم الأفلام حسب ملاءمتها لقطاع معين من الجمهور وهو واحد من نظم تقييم الأفلام المختلفة التي تساعد رواد السينما لكي يقرروا ما هي الأفلام المناسبة للأطفال أو المراهقين . التقييمات الأساسية. قائمة جمعية الفيلم الأمريكي تحتوي حاليا على خمسة تقييمات هي: تقع مدينة غزالة في شمال شرق الجمهورية التونسية، وتبعد 50 كم غرب بنزرت و70 كم شمال غرب العاصمة تونس. المشير محمد حسين طنطاوي (31 أكتوبر 1935- 21 سبتمبر 2021) القائد العام السابق للقوات المسلحة المصرية ورجل دولة. عمل وزيرًا للدفاع والإنتاج الحربي. ولد لأسرة مصرية نوبية. تخرج في الكلية الحربية المصرية سنة 1956م، ثم كلية القادة والأركان. شارك في حرب 1967م وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973م حيث كان قائد وحدة مقاتلة بسلاح المشاة. وبعد الحرب حصل على نوط الشجاعة العسكري ثم عمل في عام 1975 ملحقا عسكريا لمصر في باكستان ثم في أفغانستان. تدرج في المناصب حتى أصبح وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة في عام 1991م وحصل على رتبة المشير في 1993م. تولى رئاسة مصر بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير 2011م وظل حتى قيام الرئيس المنتخب بأداء اليمين الدستوري وتسلم منصبه في 1 يوليو 2012م. أُحيل للتقاعد بقرار رئاسي من الرئيس السابق محمد مرسي في 12 أغسطس 2012، ومنح قلادة النيل وعين مستشاراً لرئيس الجمهورية. المسيرة المهنية. شغل طنطاوي مناصب قيادية عديدة في القوات المسلحة المصرية قبل تكليف الرئيس السابق محمد حسني مبارك له بتولي مسؤولية القيادة العامة للقوات المسلحة. فمن بين المناصب التي تولاها قائد الجيش الثاني الميداني 1987، ثم قائد الحرس الجمهوري 1988، ثم قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع في 1991 برتبة فريق ثم بعدها بشهر أصدر الرئيس مبارك قراراً بترقيته إلى رتبة الفريق أول. وفي 4 أكتوبر سنة 1993 أصدر الرئيس مبارك قرارا جمهوريا بترقيته إلى رتبة المشير ووزيراً للدفاع والإنتاج الحربي. الثورة المصرية. في 11 فبراير 2011، تنحي الرئيس حسني مبارك، بعد 18 يوما من المظاهرات الشعبية، تسلّم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة طنطاوي إدارة شؤون البلاد. ومن الأحداث التي وقعت أثناء توليها إدارة شئون البلاد حل البرلمان بإشراف رئيس المحكمة الدستورية العليا فاروق سلطان، واستفتاء على تعديل الدستور جرى في 19 مارس، وبلاغات ضد مبارك وشخصيات بارزة اخرى في دعوات لمحاكمتهم بالإضافة إلى مواجهات مع الشارع المصري. كان الظهور الشخصي للمشير طنطاوي قليلا نسبيا منذ تسليم السلطة للمجلس، فظهر في تخريج لفوج من أكاديمية الشرطة في 16 مايو 2011. ترك معظم الخطابات لأعضاء مخضرمين آخرين في المجلس؛ كما عيّن رئيس الوزراء عصام شرف وحكومته. كما استقبل مجموعة من المسؤولين الأجانب، ومنهم رئيس وزراء المملكة المتحدة ديفيد كاميرون ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. بعد سلسلة مظاهرات في نوفمبر 2011، والتي تصاعد فيها عنف الشرطة في 22 نوفمبر ليوصل عدد القتلى المدنيين فيها ل33 وأكثر من 2000 في مظاهرات التحرير ومحيطه (أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، وماسبيرو، والعباسية) ظهر طنطاوي على التلفزيون الرسمي مؤكدا التعهد بإكمال تسليم السلطة إلى جهة مدنية - وهو المطلب الرئيسي للمظاهرات - دون تأخير، مشددا على الاستعداد «لتسليم السلطة إذا أراد الشعب ذلك في استفتاء شعبي». في 12 اغسطس 2012، أعفى الرئيس المصري محمد مرسي طنطاوي من منصبه رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة وتعيين الفريق صدقي صبحي سيد أحمد مكانه، وإعفاءه من منصب وزير الدفاع وتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسي مكانه. كما مُنحت قلادة النيل لطنطاوي وتم تعيينه كمستشار لمرسي، الأمر الذي قُريء على أنه جزءًا من انسحاب الجيش من السلطة السياسية تم الترتيب له مسبقًا مقابل حصانة من الملاحقة القضائية لأعمال سابقة. انتقادات. حمله كثيرون المسئولية عن سقوط ما لا يقل عن 600 شهيد في أحداث عدة وقعت أثناء توليه إدارة شئون البلاد، مثل أحداث محمد محمود، وقتلى أحداث مجلس الوزراء، وأحداث ماسبيرو، وأحداث العباسية ومسرح البالون ومقتل جنود مصريين برفح وأحداث ستاد بورسعيد، ومحاكمة أكثر من 13 ألف مدني أمام المحاكم العسكرية. كما حمله كثيرون مسؤولية عدة انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان مثل القرار الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإجراء كشف العذرية عن الفتيات المصريات المحتجزات التي قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بوقفه، وقضت المحكمة بقبول الدعوى التي أقامتها سميرة إبراهيم، وألزمت المحكمة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمصروفات الدعوى.كما اعترف الرئيس عبد الفتاح السيسي بحدوث تلك الواقعة في حواره مع أمين منظمة العفو الدولية؛ بحجة حماية الجيش من مزاعم الاغتصاب التي قد تلحق بالجنود بعد الإفراج عن المحتجزات. وفاته. تُوفي طنطاوي يوم الثلاثاء 21 سبتمبر 2021، عن عُمر 85 عامًا، وأعلن الحداد الرسمي لثلاثة أيام. وتقرر تسمية قاعدة الهايكستب العسكرية باسمه. ماثيو بيج "مات" ديمون ولد في 8 أكتوبر 1970 في ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية. هو ممثل وسيناريست ومنتج أمريكي. أنطلقت مسيرته بعد نجاحه في عن فيلم جود ويل هانتنج (1997)، حيث كتب سيناريو الفيلم مع صديقه الممثل بن أفليك. الاثنان نالا بسببه على جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي وجائزة الغولدن غلوب لأفضل سيناريو. لدوره في الفيلم أيضاً، نال مات ديمون على ترشيح لجائزة الأوسكار وجائزة الغولدن غلوب وجائزة ستالايت وجائزة نقابة ممثلي الشاشة لأفضل ممثل. منذ ذلك الحين ظهر مات ديمون في العديد من الأفلام الناجحة تجارياً مثل إنقاذ الجندي رايان وثلاثية أوشن والأفلام الثلاثة الأولى من سلسلة بورن، بينما نال أيضاً إشادة من النقاد لدوره في السيد ريبلي الموهوب (1999) سريانا (2005) والراعي الصالح (2006) والمغادرون (2006). هو واحد من أكثر 40 ممثل على الإطلاق جلب للأرباح. تلقى مات ديمون في 2007 نجمة على ممر الشهرة في هوليوود. مهنة التمثيل. حياته المبكرة: 1988 – 1996. التحق ديمون بجامعة هارفارد عام 1988 حيث ظهر ضمن عدة مسرحيات طلابية مثل مسرحية بيرن ذيس أو «احرق هذا» (بالإنجليزية: Burn This) ومسرحية «إيه ... ماي نيم إز أليس» أو «أ ... اسمي أليس» (بالإنجليزية: A... My Name is Alice). في وقت لاحق، حقق ظهوره السينمائي الأول في سن 18 بدور من سطرٍ واحد في فيلم الكوميديا الرومانسية ميستيك بيتزا (بالإنجليزية: Mystic Pizza). بصفته طالبًا في هارفارد، لعب أدوارًا صغيرة كدوره في الفيلم الأصلي لشبكة تورنر التلفزيونية رايزينغ صن (بالإنجليزية: Rising Son) وشارك ضمن فيلم فرقة الكلية التحضيرية للدراما سكول تايز (بالإنجليزية: School Ties). غادر الجامعة عام 1992متخلفًا بفصل دراسي -12 نقطة دراسية معتمدة- عن إكمال شهادة البكالوريوس في الآداب باللغة الإنجليزية ليشارك في فيلم جيرونيمو: أسطورة أمريكية (Geronimo: An American Legend) في لوس أنجلوس متوقعًا بشكل خاطئ أن يحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا. بعد ذلك ظهر ديمون كجندي مدمن للمواد الأفيونية في الستينيات في فيلم الشجاعة تحت النار (Courage Under Fire) الذي خسر لأجله 40 باوند (18 كجم) في غضون 100 يوم معتمدًا على حمية غذائية ذاتية ونظام لياقة. أكسبه فيلم الشجاعة تحت النار أهمية ملحوظة بعدما وصفت صحيفة واشنطن بوست أداءه بأنه «مثير للإعجاب». النجومية: 1997 – 2000. في أوائل التسعينيات، كتب ديمون وأفليك نص غود ويل هانتينغ (1997) وهو سيناريو عن شاب عبقري في الرياضيات وقد كان امتدادًا لسيناريو كتبه كواجب في هارفارد بعدما أدرج فيه نصيحة المخرج روب راينر وكاتب السيناريو ويليام غولدمان والكاتب/المخرج كيفن سميث. طلب من أفليك تأدية المشاهد معه أمام الصف الدراسي، وعندما انتقل ديمون في وقت لاحق إلى شقة أفليك في لوس أنجلوس، بدأ العمل على النص بشكل أكثر جدية. تدور أحداث الفيلم جزئيًا في مسقط رأسهما في كامبريدج، وقد كتباه في الأساس أثناء جلسات الارتجال ثم استلهما من تجاربهما الخاصة. وقد باعا نص السيناريو لشركة كاسل روك عام 1994، ولكن بعد صراع مع الشركة أقنعا شركة ميرماكس بشراء النص. وقد حظي الفيلم بثناء نقدي، إذ وجد كوينتن كيرتس من صحيفة ديلي تلغراف في كتابتهما «ذكاءً وقوة حقيقيين، وبعض العمق» وكتب إيمانويل ليفي من مجلة فاريتي عن أداء ديمون: «[إنه] يقدم أداءً كاريزمي في دور يتطلب الكثير من الجهد والذي من المحتم أن يطلقه إلى النجومية. باختياره المثالي لهذا الدور يجسد التحول المؤلم خطوة بخطوة لشخصية ويل بشكل واقعي وموثوق» وقد حاز على تسعة ترشيحات لجوائز الأوسكار، بما في ذلك جائزة أفضل ممثل لصالح ديمون، وفاز هو وأفليك بجائزة أوسكار وجائزة غولدن غلوب لأفضل سيناريو. تقاضى هو وأفليك رواتب قدرها 600 ألف دولار كلًا على حدة، في حين حقق الفيلم أرباحًا تجاوزت 225 مليون دولار في شباك التذاكر في مختلف أنحاء العالم. وقد أدّى الاثنان لاحقا محاكاة ساخرة وتهكمية لدوريهما في فيلم كيفن سميث 2001 جاي آند سايلنت بوب سترايك باك (Jay and Silent Bob Strike Back). بحديثه عن نجاحه -بين ليلة وضحاها- من خلال فيلم غود ويل هانتينغ، يقول ديمون إنه بحلول ذلك الوقت كان قد مضى على عمله في السينما 11 عامًا، لكنه مع ذلك كان يجد التغيير «مستبعَدًا تقريبًا، إذ انتقل من الغموض والإبهام التام إلى السير في أحد شوارع نيويورك وجعل الجميع يلتفتون وينظرون إليه». قبل الفيلم، لعب ديمون دور البطولة في فيلم الدراما الذي نال استحسانًا كبيرًا، صانع المطر (1997) (The Rainmaker)، حيث اعترفت به جريدة لوس أنجلوس تايمز على أنه «ممثل شاب موهوب على شفير النجومية». في هذا الدور اكتسب ديمون معظم الوزن الذي فقده من أجل فيلم الشجاعة تحت النيران. بعد لقاء ديمون في موقع تصوير فيلم غود ويل هانتينغ، اختاره المخرج ستيفن سبيلبرغ للعب الدور الرئيسي القصير في فيلم الحرب العالمية الثانية لعام 1998 إنقاذ الجندي ريان (بالإنجليزية: Saving Private Ryan). شارك البطولة مع إدوارد نورتون في فيلم لعبة البوكر 1998 راوندرز (بالإنجليزية: Rounders) حيث يلعب ديمون دور مقامر تائب يرتاد كلية الحقوق والذي ينبغي عليه أن يعود إلى لعب البوكر عالية الرهان لمساعدة صديق لسداد ديون حيتان القروض (المرابين). وعلى الرغم من الأرباح الهزيلة التي حصل عليها هذا الفيلم في شباك التذاكر، إلا أن الفيلم نجح في تنمية جمهور معجبين مخلصين على مر السنين. مايكل أنتوني باول (Michael Anthony Powell)، المعروف باسم مايك باول، هو رياضي أمريكي يشارك في مسابقات ألعاب القوى، وبالأخص في القفز الطويل. ولد في 10 نوفمبر 1963، في فيلادلفيا بولاية بنسلفينيا. في عام 1991 شارك في بطولة العالم لألعاب القوى في طوكيو باليابان، واستطاع تحطيم الرقم القياسي في القفز الطويل الذي صمد لـ 23 عاماً بواسطة الأمريكي بوب بيمون بفارق 5 سم. الرقم الذي سجله (8.95 متراً) لا يزال الأعلى حتى الآن. في ذات العام، حصل على عدد من الجوائز الرياضية أبرزها جائزة جيمز إ. سليفان، وجائزة البي بي سي للشخصية الرياضية لعام 1991. في الأولمبياد فاز أيضاً بميداليتين فضيتين في كل من أولمبياد 1988 في سيئول، وأولمبياد 1992 في برشلونة. أما في بطولة العالم لألعاب القوى، فعلاوة على الرقم القياسي في عام 1991، فاز في عام 1993، كما حل في المركز الثالث في عام 1995. اعتزل بعد أولمبياد 1996. غوجارات أو گجرات هي ولاية تقع في شمال غرب الهند. عاصمتها غانديناغار التي سميت على اسم المهاتما غاندي كونه ولد في مدينة بوربندر الساحلية. وهي ولاية تاريخية وصناعية، وتشمل جزء من مومباي. تجاور منطقة غوجارات بحر العرب وباكستان والولايات التالية: راجاستان، وماديا، وبراديش، وماهاراشترا، ودادرا وناغار هافيلي. وتستخدم فيها اللغة الكجراتية بكثرة. كانت كجرات مملكة منفصلة منذ العام 1401م حتى احتلها المغول الكبار في عام 1572م. بلغ عدد سكانها 50,596,992 نسمة في عام 2001. مساحتها 196,024 . قد تشير كلمة هانزو إلى ما يلي: عبد الرزاق بن عفيفي بن عطية بن عبد البر العفيفي الربيعي ، ينتسب إلى بني ربيعة ولد في شنشور، وهي قرية تابعة لمحافظة المنوفية في مصر، سنة 1325 هـ وذكر البعض أنه ولد عام 1323 هـسيرة حياة الشيخ عبد الرزاق عفيفي، محمد بن أحمد سيد تلقى تعليمه العالي في الجامع الأزهر، وتخرج فيه سنة 1351 هـ، حاصلا على الشهادة العالمية، ثم درس في شعبة الفقه وأصوله طلبا للتخصص. واصل دراسته وتحصيله، نهلا من تواليف أهل العلم، ودراية لكتبهم ومصنفاتهم، ولقد وصفه من عايشه وخالطه بأنه موسوعي المعرفة، متنوع المدارك، متفننا في سائر العلوم. عمل مدرسا في المدارس الأزهرية في مصر، وكان رئيسا لجماعة أنصار السنة المحمدية. ثم اختار العودة إلى السعودية عام (1368 هـ - 1950) استجابة لدعوة ملك المملكة العربية السعودية آنذاك عبد العزيز آل سعود فدرس في مناطق شتى منها الطائف، حيث درس في دار التوحيد بها، ودرس في الرياض وعنيزة. تولى التدريس في كلية الشريعة في الرياض إبان إنشائها. ثم عين مديرا للمعهد العالي للقضاء سنة 1385 هـ. في عام 1391 هـ، انتقل إلى دار الإفتاء، فكان عضوا في هيئة كبار العلماء، وفي اللجنة الدائمة للإفتاء، حتى صار نائبا لرئيسها، وذلك إلى أن توفي. تولى الإشراف العلمي على عدد من الرسائل العلمية العالية، الدكتوراه والماجستير. كان له حلقات علمية في تفسير كتاب الله يلقيها في مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم في الرياض، ثم انتقلت دروسه إلى بيته. كان يؤم الناس في المسجد الذي يلي منزله، وكان يلقي فيه - في أوقات متباينة - الدروس العلمية والمواعظ الشرعية. كان صبورا على البلوى، يلهج بالحمد والثناء على الله سبحانه، فقد توفي - في حياته ثلاثة من ولده، وابتلي بالشلل النصفي قبل نحو عشرين عاما، فصبر واحتسب، ثم عافاه الله منه. له من الولد خمسة من الذكور، وثلاث من الإناث، سبقه منهم إلى ربه ثلاثة ذكور. من أحب كتب العلماء إليه، كتاب (المستصفى) للغزالي، و(الموافقات) للشاطبي، و(القاموس المحيط) للفيروز آبادي. كانت عنايته متوجهة إلى التدريس والتعليم والإرشاد والإفتاء، مما أدى إلى عدم تفرغه للتأليف والتصنيف ومع ذلك فقد طبعت له مذكرة التوحيد، وهي رسالة نافعة تمثل إملاءاته التي كان يلقيها على طلابه في الجامعة. له تعليقات نافعة على كتاب (الإحكام في أصول الأحكام) للآمدي. وما يدل على سعة علمه، ودقة نظره، وشمول معارفه تلكم التعليقات اليسيرة في حجمها، العظيمة في قيمتها التي أودعها حاشية (شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العز الحنفي في ذكر إحالات شرحه على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. وصفه شيخنا العلامة الألباني بأنه: (من أفاضل العلماء، ومن القلائل الذين نرى منهم سمت أهل العلم، وأدبهم، ولطفهم، وأناتهم، وفقههم). وقال فيه: (التقيته غير مرة في مواسم الحج، وكنت أستمع - أحيانا - إلى إجاباته العلمية على استفتاءات الحجاج المتنوعة، محكمة، تدل على فقه دقيق، واتباع ظاهر لمنهج السلف). شيوخه. وأما أشهر شيوخه وأكثرهم تأثيرا فيه فمنهم: مؤهلاته العلمية. وأما مؤهلات الشيخ العلمية فهي على النحو التالي : وقد تخرج الشيخ في الأزهر من أعلى مستوياته فقد تحصل على الشهادتين الابتدائية والثانوية ثم تحصل على شهادة العالمية في الرابع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1351 هـ الموافق السادس عشر من شهر أغسطس سنة 1923 م. وفي الرابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1355 هـ الموافق الثامن والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1936 م منح شهادة التخصص في الفقه وأصوله وهي التي تعرف اليوم بشهادة (الدكتوراه). وفاته. كانت وفاته صبيحة يوم الخميس لخمسة أيام بقين من ربيع الأول سنة خمس عشرة وأربع مئة وألف، الموافق 1 سبتمبر 1994م ودفن في الرياض بعد صلاة الجمعة. تلاميذ الشيخ. من أبرز تلاميذ الشيخ: وصلات خارجية. منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين المعتمديّة هي تقسيم إداري يستخدم في تونس. ويمثل المستوى الثاني للتقسيم الإداري بالجمهورية التونسية، حيث ترجع المعتمدية بالنظر إلى الولاية كما تنقسم إلى بلديات (مدن) ثم إلى عمادات (مناطق) ثم إلى مجالس قروية. فتيات الحلم هو فيلم موسيقي أمريكي أنتج عام 2006, ترشح لـ 8 جوائز أوسكار فاز بإثنتين منها. والفيلم من بطولة جيمي فوكس، بيونسيه نويلز، إيدي ميرفي, وجنيفر هدسون. ومن إخراج بيل كوندون. القصة. تدور أحداث الفيلم في ديترويت في مرحلة تبدأ في أوائل الستينيات وتنتهي في منتصف السبعينيات في القرن العشرين. وأبطال الفيلم فريق غنائي نسائي مؤلف من 3 فتيات يطلقن على أنفسهن اسم "دريميتس". إيفي (جنيفر هدسون) هي المغنية الرئيسية للفرقة، ودينا (بيونسيه نويلز) هي المغنية المساندة, بالإضافة للوريل (أنيكا نوني روز). كاتب كلمات الأغاني للفريق شقيق إيفي, ويدعى سي سي (كيث روبينسون), وكل ما ينقص الفرقة هو مدير أعمال قادر على منحهم فرصة للوصول بفنهن للناس. وفي إحدى الليالي وبعد مشاركة الفرقة في مسابقة للمواهب, تلفت الفتيات أنظار كرتيس تايلور جونيور (جيمي فوكس). والذي كلف بمهمة إيجاد مغنيات مساندات للأسطورة جيمس "ثندر" إيرلي (إيدي ميرفي). تتردد إيفي في البداية لأنها مغنية رئيسية ولا تغني ككورال, لكن إغراء المال جعلها توافق. وبمجرد أن يلقى كرتيس فرصة للنجاح يقرر إطلاق الفرقة بشكل مستقل ولكن ولأسباب تسويقية يقرر أن يضع الجميلة والفاتنة دينا بموقع المغنية الرئيسية, مع أن صوت إيفي هو الأفضل. وعلى الرغم من أن إيفي توافق على هذا الأمر في البداية، ويحقق الفريق نجاحا باهرا, تبدأ الغيرة التي تشعر بها إيفي بالظهور, وتواجه الفرقة ((دريم غيرلز)) أول أزماتها ولكنها ليست الأخيرة. الميزانية والإيرادات. بلغت تكلفة إنتاج الفيلم حوالي 80 مليون دولار بينما حقق أرباحا تقدر بـ103,365,956 مليون دولار. التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشاكل المتعلقة بالصحة واختصاره العالمي ICD هو تنصيف تقوم منظمة الصحة العالمية بنشره. يتم تصنيف الأمراض والأعراض والعلامات والمسببات على شكل شِفرات تتكون من 6 أرقام. - وصف تفصيلى للأمراضِ والإصابات المعروفة. - كل مرض (أَو مجموعة الأمراضِ ذات العلاقة) موصوف بكود (رمز) فريد. - يستعمل حول العالم لإحصاءات الوفيات والمراضة. - ينشر من قبل منظمة الصحة العالمية. - براجع بشكل دوري كل 10 سنوات. - وحالياً في طبعتِه العاشرة، المعروفة بالتصنيفِ الدوليِ للأمراضِ ICD-10.. - مترجم إلى 42 لغة. - يوجد إصدارات معدلة حسب احتياجات الدول.مثل: ICD-10CA كندا ICD-10AM استرالياIreland, New Zealand, Slovenia, Samoa, Fiji,Romania ICD-10PHI الفلبين تاريخ ICD والغرض من التصنيف. يسمح بالتسجيل والتحليل والتقييم والمقارنة بين بيانات الوفيات والمراضة التي جمعت من دول مختلفة أو مناطق مختلفة لنفس الدولة. كما يسمح التصنيف بترجمة تشخيصات الأمراض والحالات الصحية إلى رموز يسهل معها تخزينها واسترجاعها وتحليل هذه البيانات. هذه المعلومات يمكن أن تستعمل للأغراضِ المتعددة والتي تؤدى في النهاية إلى التطوير والتخطيط السليم في المجال الصحى. يحتوى ICD-10 على ثلاثة أجزاء توضيح للاختصار ICD قد يدل هذا المصطلح على : قاعدة بيانات الأمراض هو موقع طبي مجاني باللغة الإنجليزية يوفر معلومات عن الأمراض من بداية العلامات والأعراض حتى طرق العلاج. وصلات خارجية. قاعدة بيانات الأمراض مدلاين بلس هو موقع متخصص بالأمور المتعلقة بالصحة والطب. المصدر الرئيسي للموقع هو مكتبة الولايات المتحدة الوطنية للطب. تحتوي على كم هائل من المعلومات ويتم تحديثها يوميا. ولديه عدد هائل من المقالات الطبية بعضها تفصيلي مرفق بالصور التوضيحية أو الصور البيانية وبعضها مختصر. حي العامل هو إحدى ضواحي العاصمة العراقية بغداد يقع في الشطر الغربي من المدينة المعروفة بإسم الكرخ. ويتميز بموقعها الواقع بمحاذاة شارع مطار بغداد وقرب منطقة البياع، يبلغ عدد سكان حي العامل (133500) نسمة، ولقد كان يتميز بأن سكانه هم غالبية من المسلمين الشيعة واقلية من السنة وغير المسلمين لكن بعد أحداث العنف الطائفي في العراق عامي 2006 و2007 شهد الحي اضطرابات طائفية كثيرة وشهدت انفجارات السيارات المفخخة من قبل التنظيمات الارهابية المتطرفة خصوصا القاعدة وداعش. من أبرز معالم هذا الحي، هو سوق 84 (حيث ان هذه التسمية جاءت من موقع السوق في نهاية خط 84 لمصلحة نقل الركاب)، وسوق الشعبية، وحسينية الأئمة، وبعض دوائر الدولة، والاسواق المركزية( سوق قادسية صدام المركزي لم يعد موجود حالياً)، وقد حدثت العديد من العمليات الارهابية بمنطقة حي العامل حيث تم تفجير المجلس البلدي لحي العامل من قبل داعش مما ادى إلى قيام المليشيات بعمليات انتقام وتطهير منظمة ضد أهل السنة. ويبدو أن تضييق الخناق لإجبارهم على ترك ديارهم تارة بالترهيب وتارة ثانية بالتهديد لا يهدأ وأدى والانتقام. ولعل ابرز عمليات التصفية هو اغتيال إمام وخطيب جامع أبو بكر الصديق، الشيخ عثمان الجنابي، في مساء يوم الأحد 4 أبريل 2016. وبحسب شهود عيان فإن مسلحين أمطروا سيارة الشيخ الجنابي بوابل من نيران أسلحتهم الرشاشة بعد خروجه من المسجد عقب صلاة المغرب ما أسفر عن مقتله في الحال. وبحسب المقربين فقد تلقى الشيخ الجنابي عدة تهديدات بالقتل عبر رسائل واتصالات هاتفية طالبته بالرحيل، قبل أسابيع من مقتله، لكنه رفض الخروج من المنطقة التي يسكن فيها مع عائلته منذ عقود. تفجيرات حي العامل. في 20 اكتوبر 2013 قتل سبعة وثلاثون شخصا واصيب اثنان وخمسون آخرون بتفجير انتحاري قرب مقهى شعبي في حي العامل. وفي 6 مارس 2014، قتل 19 شخصاً وأصيب 67 آخرون بجروح، إثر أنفجار سيارة مفخخة، وفي 20 ابريل 2017 أنفجرت سيارة مفخخة في شارع 84 في منطقة حي العامل، وأسفر الإنفجار عن مقتل 23 شخصا وجرح 45. حي الجهاد وهي إحدى مناطق الكرخ وتقع غربي العاصمة بغداد وايضاً تقع بمحاذاة شارع مطار بغداد، قرب منطقة العامرية هذا حي يعتبر حي شعبي، وتم بناء هذا الحي في ثمانييات القرن الماضي. تقسيم حي. وهنالك أيضا بعض الأحياء الأخرى الصغيرة ضمن حي الجهاد ومن ضمنها حي الالفين والامانة وحي بدر. طرق الوصول إلى حي الجهاد. طرق الوصول إلى حي الجهاد: 1- عن طريق مطار بغداد الدولي. 2- عن طريق منطقة العامرية الذي ترتبط بحي الجهاد بجسر العامرية. 3- الطريق المؤدي إلى حي العامل والبياع ماراً بشقق حي السلام السكني. 4- الطريق المؤدي إلى حي الشهداء. 5- الطريق المؤدي إلى قرية المكاسب والرضوانية وصف الحي. يوجد في الحي سوق شعبي كبير وايضآ شارع تجاري ووجود الكثير من المحلات التجارية بمختلف انوعها، وعدة مولات تجارية وهنالك مجمع مدارس اثنان للمرحلة المتوسطة اثنان للثانوية واحدة للبنين والثانية للبنات ومدرستان ابتدائية واحد للبنين والثانية للبنات، بالإضافة إلى بعض حدائق ورياضات اطفال وحضانات وهنالك تقريبآ 5 ساحات ملاعب لكرة القدم، بالإضافة إلى وجود مطاعم كثيرة لكن اشهرها واكبرها مطعم ريلاكس، ووجود كراج اسمه كراج حي الجهاد. الموقع. تقع حي الجهاد في الجانب الغربي من العاصمة بغداد في الكرخ، ويجاورة من شمال شارع مطار بغداد ومن شرق البياع ومن غرب مطار بغداد ومن جنوب منطقة البو عامر وحي المخابرات ومجمع حي السلام السكني. مساجد المنطقة. ويوجد في حي الجهاد 17 مسجد وحسينية السكان. يقدر عدد سكان الحي بي 550.000 نسمة حسب احصائية تم اجراؤها في 2015 . المدرسية أو المكتبية أو السكولاستية (وتُكتب السكولائية، أو فلسفة المدرسة، بالإنجليزية: Scholasticism، بالفرنسية: Scolastique) تطلق عادةً على مدرسة فلسفية سادت في أوروبا في العصور الوسطى، وكانت تستخدم منهجًا نقديًا في التحليل الفلسفي، بناءً على نموذج مسيحي ألوهي ولاتيني؛ وهو المنهج الذي كان مسيطرًا على التدريس في جامعات أوروبا خلال العصور الوسطى منذ حوالي عام 1100 حتى عام 1700. انحدرت السكولاستية من مدارس الرهبنة المسيحية التي كانت الأساس التي نشأت منه أقدم الجامعات الأوروبية خلال العصور الوسطى. وارتبط صعود السكولاستية بشكل مباشر مع صعود المدارس المزدهرة خلال القرن الثاني والثالث عشر، في كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا. وبلغت الفلسفة المدرسية أعلى مراحل تطورها في فلسفة توما الأكويني. كما يمكن التعريف على أنها فلسفة يحاول أتباعها تقديم برهان نظري للنظرة العامة الدينية للعالم بالاعتماد على الأفكار الفلسفية لأرسطو وأفلاطون. تنقسم الفلسفة المدرسية تاريخياً إلى ثلاث فترات هي: الأصول اللغوية. يُشتق مصطلح مدرسي Scholastic ومدرسية Scholasticism، من الكلمة اللاتينية Scholasticus، وهي صيغة لاتينية من الكلمة اليونانية σχολαστικός وصفة مشتقة من σχολή أي مدرسة. وتعني الكلمة اللاتينية أي شيء متعلق بالمدارس. وكان المدرسيون هم المعلمون أو أساتذة الجامعات في العصور الوسطى. التاريخ. تأسست أصول الفلسفة المدرسية المسيحية من خلال مقالات بوئثيوس اللاهوتية والمنطقية، وكان من رواد الفلسفة المدرسية اللاحقين أصحاب علم الكلام الإسلامي، والفلسفة اليهودية (وبخاصة علم الكلام اليهودي). المنهج المدرسي. وضح كورنيليوس أوبويل أن تركيز الفلسفة المدرسية ينصب على كيفية اكتساب المعرفة وكيفية التواصل بفعالية، لكي يتمكن الآخرون من اكتسابها. وكان يُعتقد أن أفضل طريق لتحقيق ذلك هو تكرار عمليات الاكتشاف. يختار المدرسييون كتابًا لمؤلف أو عالم معروف كموضوع مطروحًا للدراسة. ومن خلال قراءته بالكامل وبشكل نقدي، فإن الدارسين يتعلمون تقدير نظريات المؤلف. ويمكن الرجوع إلى الوثائق الأخرى المرتبطة بالكتاب مثل مجالس الكنيسة والخطابات البابوية وأي شيء آخر مكتوب حول الموضوع سواء كان قديمًا أو معاصرًا. وتدون نقاط الاختلاف والتنازع بين المصادر المتعددة أسفل في شكل جمل مفردة أو مقتطفات من النص، وهي الكلمة اللاتينية المعروفة باسم sententiae وبمجرد أن توضع مصادر ونقاط الاختلاف في سلسلة جدلية، فإن جانبي الحجة سوف تكون كاملة وبالتالي قد تظهر متوافقة وليست متناقضة. قد تُرفض الآراء أحيانًا بشكل كامل بطبيعة الحال، أو تُطرح مواقف جديدة. وكان يتم ذلك بطريقتين. كانت الطريقة الأولى هي التحليل اللغوي. تُفحص الكلمات ويحاجج بشأن تعددية معناها. وكان يُعتبر أيضًا أن المؤلف من المحتمل أن يكون لديه مقصد معين للكلمة يعني به شيء ما. واستخدم الالتباس لإيجاد أرضية مشتركة بطريقة أخرى بين عبارتين متناقضتين. وكانت الطريقة الثانية هي التحليل المنطقي، الذي يعتمد على قواعد المنطق الصوري، كما كانوا يعرفونه في عصرهم، لكي يُظهروا أن التناقضات ليست موجودة وإنما وجودها ذاتي بالنسبة للقارئ. التعليم المدرسي يتكون التعليم المدرسي من عدة عناصر. كانت البداية في المحاضرة: إذ يقرأ المعلم نص رسمي ويتبعه بالتعليقات دون أن يكون مسموحًا بطرح أسئلة. ويتبع ذلك التفكير أو التأمل الذي يقوم به الطلاب في النص واستيعابه بالكامل. وأخيرًا تأتي مرحلة يستطيع فيها الطلاب طرح الأسئلة التي تظهر لهم خلال التفكير في النص. وفي خاتمة المطاف أصبحت مناقشة الأسئلة منهجًا للبحث كجزء من المحاضرة ومستقلة عن النصوص الرسمية. وتُنسق المناقشات للإجابة على التساؤلات الخلافية. تُعلن الأسئلة المتنازع عليها بشكل مسبق في العادة، لكن يستطيع الطلاب طرح أسئلة دون سابق إعلان على المعلم. ويكون المعلم في هذه الحالة هو المجيب، والطلاب هم المفندون؛ ويقوم المعلم في اليوم التالي باستخدام الملاحظات المدونة خلال المناقشات، ويلخص كافة الحجج ثم يقدم موقفه النهائي، ويرد على كافة التفنيدات. استخدمت في البداية طريقة السؤال في الاستدلال، عندما بدا بشكل خاص وجود تناقض بين نصين رسميين مع بعضهما. ويُنظر إلى قضيتين متناقضتين في صيغة سؤال (إما أو)، ويُقبل أو يُرفض كل جانب من السؤال. تُقدم حُجج الموقف المتخذ بدورها، متبوعة بالحجج الموقف المضاد، وفي النهاية يُفند تضاد الحجج. وتُلزم تلك الطريقة الباحثين أن يأخذوا في اعتبارهم الآراء المضادة ثم يدافعون عن حججهم ضد تلك الآراء. قاموس سترونغ: هو قاموس إنجليزي لمصادر الكلمات العبرية واليونانية في العهد القديم والعهد الجديد حسب ترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس. ألف القاموس بمساعدة أكثر من مائة زميل للدكتور جيمس سترونغ (1822-1894) وطبع للمرة الأولى عام 1890. يعتمد القاموس على جذور الكلمات العبرية واليونانية ويشير لكل كلمة برقم يشير المختصون برقم سترونغ. ورغم اختصاره وقدمه ما زال مرجع معتمد ذو طبعات حديثة ومن أشهر قواميس كلمات الكتاب المقدس. مثال. الكلمة العبرية برقم 2533 (حمدان) المذكورة في التكوين مع الأصل واللفظ والمعنى: H2533 חמדּן chemdân khem-dawn' From H2531; pleasant; Chemdan, an Idumaean: - Hemdan تنقسم مالي إلى 8 مناطق تحمل كل واحدة منها اسم المدينة الرئيسية بها . والمناطق بدورها تنقسم إلى 49 دائرة . وتنقسم الدوائر ومنطقة العاصمة إلى 703 بلدية. تُرقم المناطق، من الغرب إلى الشرق، بالأرقام الرومانية. تدار العاصمة باماكو إدارة مستقلة في المنطقة الخاصة بها. يُظهر الجدول أسماء المناطق الثمانية ومنطقة باماكو. تعداد السكان يرجع إلى السنتين 1998 و 2009. أصول الفقه مركب من لفظين مفردين بإضافة لفظ: «أصول» إلى لفظ: «الفقه»، ومعنى الأصول باعتباره مفرداً هي: أدلة الفقه، وأصول الفقه بالمعنى الإضافي: «الأدلة الشرعية، التي يعتمد عليها علم الفقه، وتستمد منها أحكامه». و«أصول الفقه» بمعناه اللقبي، أي: المركب الإجمالي، بمعنى: العلم المسمى بـ: «أصول الفقه» هو: «العلم بالقواعد التي وضعت للوصول إلی استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية». وبعبارة أخری: أصول الفقه هو علم يضع القواعد الأصولية لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها الصحيحة. أو هو:«علم يدرس أدلة الفقه الإجمالية، وما يتوصل به إلى الأدلة، وطرق استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، والاجتهاد والاستدلال». فهو: «منهج الاستدلال الفقهي»، وموضوعه: أدلة الفقه الإجمالية، وما يتوصل به إلى الأدلة. ويبحث في كيفية الاستنباط، وقواعده وشروطه. أو هو: «علم يبحث في أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد (المجتهد)»، ويبين كيفية استنباط الحكم من دليله، كاستنباطه من صراحة نص الآية القرآنية، أو الحديث النبوي، أو من مفهومهما، أو من القياس عليهما، أو بغير ذلك، وعلم أصول الفقه يبحث في الأدلة بصفتها الإجمالية، وخصائص كل نوع منها وكيفية ارتباط أنواعها ببعض، والقواعد والشروط التي تبين للفقيه المسلك الذي يجب عليه أن يلتزمه في استخراج الأحكام من أدلتها. كانت أصول الفقه معرفة حاضرة في أذهان فقهاء الصحابة والتابعين في الصدر الأول، حيث لم يكونوا بحاجة لعلم قواعد الاستدلال التي أخذت معظمها عنهم؛ لأنهم أصحاب ملكة لسانية، وخبرتهم في معرفة نقل الشرع وقرب العصر، وبعد انتهاء فترة الصدر الأول وظهور عصر تدوين العلوم احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل قوانين الاستنباط وقواعده لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما برأسه سموه أصول الفقه. قال ابن خلدون: «وكان أول من كتب فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه، أملى فيه رسالته المشهورة تكلم فيها في الأوامر والنواهي والبيان والخبر والنسخ وحكم العلة المنصوصة من القياس، ثم كتب فقهاء الحنفية فيه وحققوا تلك القواعد وأوسعوا القول فيها وكتب المتكلمون أيضا كذلك». وفي مصادر أخرى فقد قيل إن أول من صنف في علم أصول الفقه وضبط القواعد: أبو يوسف، ومحمد تلميذا أبي حنيفة، وقيل: بل أبو يوسف وحده، وقيل: بل هو أبو حنيفة النعمان حيث كتب كتاباً أسماه كتاب الرأي، ولكن لم يصل من ذلك شيء، والذي اشتهر قديما وحديثا: أن الشافعي أول من دون في علم أصول الفقه، وكتب فيه بصورة مستقلة في كتابه المشهور: «الرسالة» -وهو كتاب متداول مطبوع- وقد صرح بذلك جمع كابن خلكان وابن خلدون. وأدلة الفقه الإجمالية: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وما عداها من الأدلة مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في إنكارها بالكلية، وتشمل: استصحاب الحال، والاستحسان والمصالح المرسلة، والعرف، وعمل أهل المدينة عند المالكية، وقول الصحابي. تعريف أصول الفقه. لفظ: «أصول الفقه» أي: اللفظ المركب الذي يتألف من جزئين مفردين يسمى عند علماء اللغة العربية: مركباً إضافياً، بمعنى: أنه مركب من إضافة كلمة: أصول إلى كلمة: الفقه، أي: الأصول المضافة إلى الفقه، فالأصول مضاف والفقه مضاف إليه. وهو باعتبار نسبته إلى الفقه بمعنى: فروع الفقه، تمييزاً لها عن أصول الدين المتعلقة بالعقيدة الإسلامية. والأصول المضافة للفقه بهذا اللفظ المركب تركيباً إضافياً تارة يقصد به الأصول المضافة إلى الفقه، وتارة يقصد به الفن أي: العلم المسمى بـأصول الفقه، فله معنيان عند علماء أصول الفقه أحدهما: أصول الفقه بالمعنى الإضافي، وثانيهما: أصول الفقه بالمعنى اللقبي. فأما أصول الفقه بالمعنى الإضافي أي: كلمة أصول مضافة إلى كلمة الفقه فهو: الأدلة الموصلة إلى العلم. وأما أصول الفقه بالمعنى اللقبي، أي: ما يلقب بـأصول الفقه هو: العلم المسمى بـعلم أصول الفقه. وأصول الفقه بمعنى العلم هو الذي يبحث في: الأدلة التي يبنى عليها الفقه، وما يتوصل بها إلى الأدلة على سبيل الإجمال، فهو يبحث في: الأدلة الموصلة إلى العلم، وما يتوصل به إلى الأدلة، وفي الاستدلال وصفات المجتهد. أما أصول الفقه بالمعنى الإضافي؛ فهو بمعنى أدلة الفقه. والفقه: بمعنى: معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد، والأحكام الشرعية فرض، ومندوب ومكروه وحرام ومباح وصحيح وباطل. والأصل في اللغة: مايبنى عليه غيره، حسيا كان البناء أو معنويا، وفي الاصطلاح بمعنى: الدليل وقد يكون لمعان أخرى منها: «الرجحان» أو «القاعدة» أو «الصورة المقيس عليها»، المقصود هو الأول. تعريف أصول الفقه بالمعنى الإضافي. أصول الفقه بالمعنى الإضافي: باعتباره مركباً إضافياً أي: لفظ «أصول الفقه»: مركب من جزئين مفردين أحدهما: «أصول» وثانيهما: «فقه»، والجزآن مفردان من الإفراد مقابل التركيب لا التثنية والجمع، والمؤلف يعرف بمعرفة ما ألف منه، وتتوقف معرفة اللفظ المركب على معرفة مفرداته من حيث التركيب لا من حيث كل وجه. فالأصل الذي هو مفرد الجزء الأول: ما يبنى عليه غيره، كأصل الجدار أي أساسه وأصل الشجرة أي: طرفها الثابت في الأرض. والفرع الذي هو مقابل الأصل ما يبنى على غيره كفروع الشجرة لأصلها وفروع الفقه لأصوله. وأصول الفقه بهذا المعنى الإضافي هي الأدلة الموصلة إلى فروع الفقه، فيقصد بها: أدلة الفقه، وقد ذكر ابن الحاجب في مختصره تعريف أصول الفقه بمعناه الإضافي فقال: «وأما حده مضافاً: فالأصول: الأدلة، والفقه: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال». تعريف الأصل. الأصل: أسفل كل شيء وجمعه أصول لا يكسر على غير ذلك، وهو اليأصول. يقال: أصل مؤصل، وأصل الشيء: صار ذا أصل، قال أمية الهذلي: والأصول: جمع أصل، وأصل الشيء: «ما منه الشيء»، أي: مادته كالوالد للولد، والشجرة للغصن. وقال الآمدي: «ما استند الشيء في تحقيقه إليه». وقال أبو الحسين: «ما يبنى عليه غيره»، وتبعه ابن الحاجب في باب القياس، ورد بأنه لا يقال: إن الولد يبنى على الوالد، بل يقال: فرعه. وقال أبو بكر الصيرفي في كتاب الدلائل والأعلام: «كل ما أثمر معرفة شيء ونبه عليه فهو أصل له»، فعلوم الحس أصل، لأنها تثمر معرفة حقائق الأشياء، وما عداه فرع له. قال الزركشي: وقال القفال الشاشي: الأصل: «ما تفرع عنه غيره، والفرع: ما تفرع عن غيره»، وهذا أسد الحدود، فعلى هذا لا يقال في الكتاب: إنه فرع أصله الحس؛ لأن الله تعالى تولاه وجعله أصلاً دل العقل عليه. قال: والكتاب والسنة أصل، لأن غيرهما يتفرع عنهما، وأما القياس فيجوز أن يكون أصلاً على معنى أن له فروقاً تنشأ عنه، ويتوصل إلى معرفتها من جهته، كالكتاب أصل لما ينبني عليه، وكالسنة أصل لما يعرف من جهتها، وهو فرع على معنى أنه إنما عرف بغيره وهو الكتاب أو غيره، وكذلك السنة والإجماع. قال: وقيل: إن القياس لا يقال له: أصل ولا فرع، لأنه فعل القائس، ولا توصف الأفعال بالأصل والفرع. وقال الأستاذ أبو منصور البغدادي: «الأصل ما عرف به حكم غيره، والفرع ما عرف بحكم غيره قياساً عليه». وقال الزركشي: وقال الماوردي في الحاوي: «قيل: الأصل ما دل عليه غيره، والفرع ما دل على غيره»، فعلى هذا يجوز أن يقال في الكتاب: إنه فرع لعلم الحس؛ لأنه الدال على صحته. هذا الاعتراض يصلح أن يدخل به كثير من العبارات السالفة على اختلافها فليتأمل. وقال ابن السمعاني في القواطع: قيل: الأصل ما انبنى عليه غيره، وقيل: ما يقع التوصل به إلى معرفة ما وراءه وهما مدخولان؛ لأن من أصول الشرع ما هو عقيم لا يقبل الفرع، ولا يقع به التوصل إلى ما وراءه بحال، كدية الجنين والقسامة وتحمل العاقلة، فهذه أصول ليست لها فروع، فالأولى أن يقال: الأصل كل ما ثبت دليلا في إيجاب حكم من الأحكام ليتناول ما جلب فرعا أو لم يجلب. الأصل بالمعنى الاصطلاحي. الأصل بالمعنى الاصطلاحي كما ذكر الزركشي أنه: يطلق على أمور: أحدها: الصورة المقيس عليها على خلاف يذكر في باب القياس في تفسير الأصل، الثاني بمعنى: الرجحان، كقولهم: الأصل في الكلام الحقيقة، أي: الراجح عند السامع هو الحقيقة لا المجاز. الثالث: الدليل، كقولهم: أصل هذه المسألة من الكتاب والسنة أي: دليلها، ومنه أصول الفقه أي: أدلته. الرابع: القاعدة المستمرة، كقولهم: إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل. ذكرها بدر الدين الزركشي على هذا النحو وقال: وهذه الأربعة ذكرها القرافي وفيه نظر؛ لأن الصورة المقيس عليها ليست معنى زائداً؛ لأن أصل القياس اختلف فيه هل هو محل الحكم أو دليله أو حكمه؟ وأياً ما كان فليس معنىً زائداً؛ لأنه إن كان أصل القياس دليله فهو المعنى السابق، وإن كان محله أو حكمه فهما يسميان أيضاً دليلاً مجازاً، فلم يخرج الأصل عن معنى الدليل. وبقي عليه أمور: أحدها: التعبد، كقولهم: إيجاب الطهارة بخروج الخارج على خلاف الأصل. يريدون أنه لا يهتدي إليه القياس. الثاني: الغالب في الشرع، ولا يمكن ذلك إلا باستقراء موارد الشرع. الثالث: استمرار الحكم السابق، كقولهم: الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يوجد المزيل له. الرابع: المخرج، كقول علماء الفرائض: أصل المسألة من كذا. تعريف أصول الفقه بالمعنى اللقبي. أصول الفقه بالمعنى اللقبي هو التعريف الثاني لأصول الفقه باعتباره علماً، ويقصد به العلم المسمى بـ«أصول الفقه»، من حيث إن العلماء أطلقوا هذا اللفظ على العلم المخصوص الذي لقبوه: بـ«أصول الفقه». قال ابن الحاجب: «أما حده لقباً؛ فالعلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية». وما يتوصل به إلى الأدلة على سبيل الإجمال هو: الكلام على هذه الأدلة ووجهها وترتيبها والاستنباط والترجيح والتعارض وكيفيات الاستدلال وشروطه وصفات المجتهد. والأدلة الموصلة إلى العلم هي: القواعد الكلية التي أخذت من الكتاب والسنة والإجماع؛ لأنها هي العمدة في الاستدلال، وهي: طرق الفقه. والفن المسمى بـ«أصول الفقه» هو: «طرق الفقه الإجمالية وكيفية الاستدلال بها وصفة المستدل بها»، والمقصود بأصول الفقه: طرقه على سبيل الإجمال، وطرق الفقه على سبيل الإجمال مثل: مطلق الأمر من حيث إنه للوجوب، والنهي من حيث إنه للتحريم عند الإطلاق، والصحة تقتضي النفوذ، قال إمام الحرمين في متن الورقات عند تعريف أصول الفقه باعتباره علماً: «وأصول الفقه طرقه على سبيل الإجمال». وبين ذلك جلال الدين المَحَلِّيُّ في شرح الورقات بقوله: . فيشتمل تعريف أصول الفقه بمعناه اللقبي على ثلاثة مكونات يتألف منها هي: «طرق الفقه وكيفية الاستدلال بها وصفات المستدل» وكيفية الاستدلال بطرق الفقه من حيث تفصيلها عند تعارضها لكونها ظنية من تقديم الخاص على العام والمقيد على المطلق وغير ذلك. وكيفية الاستدلال بها أو الاستفادة منها أي: معرفة كيفية استفادة الأحكام من أدلتها بدراسة أحكام الألفاظ ودلالاتها من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وناسخ ومنسوخ وغير ذلك. وكيفية الاستدلال بهذه الطرق تستلزم وجود من يقوم بالاستدلال وهو المجتهد، فإنه بإدراكه يستفيد من أدلة الفقه أحكامها والاستدلال بها، ومعرفة صفات من يستدل بها وهو المجتهد، وهذه الثلاثة هي الفن المسمى بأصول الفقه؛ لتوقف الفقه عليه. فالعلم المسمى بـ«أصول الفقه» هو: طرق الفقه الإجمالية، وكيفية الاستدلال بها، أو الاستفادة منها، ومعرفة حال المستفيد وهو المجتهد وسُمِّيَ مستفيداً؛ لأنه يستفيد أي: يستنبط بنفسه الأحكام من أدلتها لبلوغه مرتبة الاجتهاد، فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه ونحو ذلك. فيخرج بذلك الأدلة التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل على القاعدة. قال جلال الدين المحلي في شرح الورقات لإمام الحرمين: كما أخرجه الشيخان». قال ابن حجر العسقلاني: . وروى مسلم عن يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن نافع . وأيضا: [[إجماع (فقه)|كالإجماع]] على أن لبنت الابن [[فروض الإرث#فرض السدس|السدس]] مع بنت الصلب حيث لا [[تعصيب|عاصب]] لهما. [[قياس (إسلام)|وقياس]] الأرز على البر في امتناع بيع بعضه ببعض، إلا مثلاً بمثل يداً بيد، كما رواه مسلم في صحيحه. وأيضاً مثل: استصحاب [[الطهارة في الإسلام|الطهارة]] لمن شك في بقائها، فكلها ليست من أصول الفقه وإن ذكر بعضها في كتبه تمثيلاً. تعريف الفقه. [[ملف:Mustansiriya University CPT.jpg|تصغير|200بك|مبنى المدرسة المستنصرية التاريخي في بغداد]] حيث إن «أصول الفقه» مركب من جزئين والجزء الثاني هو: «[[فقه إسلامي|الفقه]]»، ومعناه في [[تعريف لغوي|اللغة]] الفهم. وبالمعنى الشرعي هو: «معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد»، كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة، وأن الوتر [[المندوب|مندوب]]، وأن ال[[نية (إسلام)|نية]] من الليل شرط في [[صوم شهر رمضان|صوم رمضان]]، وأن [[زكاة|الزكاة]] واجبة في مال الصبي، وغير واجبة في الحلي المباح، وأن القتل بمثقل يوجب القصاص، ونحو ذلك من مسائل الخلاف، بخلاف ما ليس طريقه [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]]، كالعلم بأن الصلوات الخمس واجبة، وأن الزنى [[حرام]]، وغير ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى فقهاً، فالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن. والْفِقْهُ في اللغة: الْفَهْمُ للشيء والعلم به، وفهم الأحكام الدقيقة والمسائل الغامضة، وهو في الأصل مطلق الفهم، وغلب استعماله في العرف مخصوصاً [[علوم شرعية|بـعلم الشريعة]]؛ لشرفها على سائر العلوم، وتخصيص اسم الفقه بهذا الاصطلاح حادث، واسم الفقه يعم جميع الشريعة التي من جملتها ما يتوصل به إلى معرفة الله ووحدانيته وتقديسه وسائر صفاته، وإلى معرفة أنبيائه ورسله عليهم السلام، ومنها علم الأحوال والأخلاق والآداب والقيام بحق العبودية وغير ذلك. قال [[بدر الدين الزركشي]]: «وذكر الإمام الغزالي أن الناس تصرفوا في اسم الفقه فخصوه بعلم الفتاوى ودلائلها وعللها» واسم الفقه في العصر الأول كان يطلق على: «علم الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستلاب الخوف على القلب». وعرفه [[أبو حنيفة النعمان|أبو حنيفة]] بأنه: «معرفة النفس ما لها وما عليها» وعموم هذا التعريف كان ملائماً لعصر أبي حنيفة الذي لم يكن الفقه فيه قد استقل عن غيره من [[علوم شرعية|العلوم الشرعية]]. وعرف [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] الفقه بالتعريف المشهور بعده عند العلماء بأنه: «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية». وفي اصطلاح علماء أصول الفقه: «العلم بالأحكام الشرعية المكتسبة من أدلتها التفصيلية». ويسمى في اصطلاح المتأخرين علم الفقه ويطلق في العصور المتأخرة من [[تاريخ إسلامي|التاريخ الإسلامي]] مخصوصاً [[علم فروع الفقه|بالفروع]]، وهو أحد أنواع [[علوم شرعية|العلوم الشرعية]]، وهو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من أدلتها التفصيلية. والفقيه العالم بالفقه، وعند علماء أصول الفقه هو المجتهد. المعنى اللغوي. الفِقْه بالمعنى اللغوي الْفَهْمُ، وأصله بالكسر وال[[فعل]] فَقِهَ يَفْقَهُ بكسر القاف في ال[[فعل ماض|ماضي]] وفتحها في [[فعل مضارع|المضارع]]، يقال: فَقِهَ الرجل أي: فهم، وال[[مصدر (لغة عربية)|مصدر]] الفِقْهُ، وفلان لا يَفْقَهُ وَلَا يَنْقَه، مادته: ([[ف|فِ]] [[ق|قْ]] [[ه]]ـ)، وهو في الأصل لمعنى: مطلق الْفَهْمُ، من فَقِهَ -بكسر الوسط- يقال: فَقِهَ الرجل فِقْهاً، وأَفْقَهْتُهُ الشيء، هذا أصله، ثم خص به علم الشريعة، والعالم به فَقِيهٌ، وقد فَقُهَ من باب ظَرُفَ أي: صار فقيهاً. وفَقَّهه الله تفقيهاً، وتفَقَّه إذا تعاطى ذلك، وفاقهه باحثه في العلم. قال ابن حجر: «يقال: فَقُهَ بالضم إذا صار الفقه له سجية، وفقه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم، وفَقِهَ بالكسر إذا فهم». وكلمة «فِقْه» في اللغة مصدر ماضيه في الأصل فَقِهَ -بكسر ال[[ق]]اف- بمعنى: فَهْمُ الشي والعلم به مطلقاً، أو مخصوصاً بفهم الأشياء الغامضة والمسائل الدقيقة، ثم نقل لفظ «فقه» من معناه اللغوي بغلبة الاستعمال في العرف إلى معنى العلم بالدين. قال ابن منظور: «وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم كما غلب النجم على الثريا والعود على المندل». قال ابن الأثير: «واشتقاقه من الشق والفتح، وقد جعله العرف خاصا بـعلم الشريعة، -شرفها الله تعالى-، وتخصيصا [[علم فروع الفقه|بـعلم الفروع]] منها». قال ابن منظور: . وقال [[ابن سيده]]: «وفقه عنه بالكسر: فهم، ويقال: فقه فلان عني ما بينت له يفقه فقها إذا فهمه». والفقه بمعنى: العلم بالشّيء، والفهم له، والفطنة فيه، وغلب على علم الدين لشرفه، وما ذكر في [[القرآن]] حكاية ما قاله قوم النبي شعيب، في قول الله تعالى: ﴿قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ﴾؛ فهو بمعنى: عدم الفهم مطلقا. وقيل: هو عبارة عن كلّ معلوم تيقّنه العالم عن فكر. وخصه حملة الشرع بضرب من العلوم، ونقل ابن السمعاني عن ابن فارس: أنه إدراك علم الشيء، وقال الجوهري وغيره: هو الفهم، وقال الراغب هو التوسل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم. وفسر الفهم بمعرفة الشيء بالقلب، والعلم به، يقال: فهمت الشيء عقلته وعرفته، وفهمت الشيء فهما علمته، فلا يقصد فهم المعنى من اللفظ، ولا فهم غرض المتكلم، وقال أبو إسحاق وصاحب اللباب من الحنفية: «فهم الأشياء الدقيقة، فلا يقال: فقهت أن السماء فوقنا». قال القرافي: وهذا أولى؛ ولهذا خصصوا اسم الفقه بالعلوم النظرية، فيشترط كونه في مظنة الخفاء، فلا يحسن أن يقال: فهمت أن الإثنين أكثر من الواحد، ومن ثم لم يسم العالم بما هو من ضروريات الأحكام الشرعية فقيها. والفقه [[تعريف لغوي|اللغوي]] مكسور القاف في الماضي والاصطلاحي مضمومها فيه. يقال: فقه -بالكسر- فهو فاقه إذا فهم، وفقه -بالفتح- فهو فاقه أيضا إذا سبق غيره إلى الفهم، وفقه -بالضم- فهو فقيه إذا صار الفقه له سجية. ونقل الفقه إلى علم الفروع بغلبة الاستعمال كما أشار إليه ابن سيده بقوله: «غلب على علم الدين لسيادته وشرفه كالنجم على الثريا، والعود على المندل». بالمعنى الاصطلاحي. الفقه في اصطلاح علماء أصول الفقه هو: «العلم بالأحكام الشّرعيّة العمليّة المكتسب من [[أدلة الفقه|أدلّتها]] التّفصيلة». وعرفه [[أبو إسحاق الشيرازي]] بأنه: «معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد»، أو هو: «علم كل حكم شرعي بالاجتهاد»، أو «العلم بالأحكام الشرعية العملية بالاستدلال»، أو من طريق أدلتها التفصيلية، وفق أصول فقهية سليمة، واستدلالات منهجية، يتوصل منها إلى معرفة الأحكام الشرعية، المكتسبة من الأدلة التفصيلية. ومعنى العلم بالأحكام الشرعية أي: «المستنبطة بطريق الاجتهاد»، أو «ال[[علم]] بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من [[أدلة الفقه|الأدلة]] التفصيلية». والفقه بالمعنى الاصطلاحي يطلق على العلم المسمى بـ([[علم فروع الفقه]]). فالعلم بالذوات من أجسام وصفات وسواها ليس فقها؛ لأنه ليس علم أحكام. والعلم بالأحكام العقلية والحسية والوضعية كأحكام الحساب والنحو والصرف لا يسمى فقها؛ لأنه علم أحكام ليست بشرعية، وعلم أحكام أصول الدين وأصول الفقه ليس فقها، لأنها أحكام شرعية علمية وليست عملية، وعلم المقلد بالأحكام الشرعية العملية لا يسمى فقها؛ لأنه علم ليس عن استدلال، وما هو معلوم بالضرورة لا يسمى فقها؛ لأنه من غير استدلال. فهو: «العلم الحاصل بالاجتهاد»، والفقيه لا يطلق إلا على المجتهد. قال [[يحيى بن نور الدين العمريطي|العمريطي]] في منظومته على الورقات لإمام الحرمين: والفقه في اصطلاح الفقهاء هو: «استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها»، أو هو كما حكاه البغوي في تعليقه نقلا عن القاضي حسين حيث قال: الفقه افتتاح علم الحوادث على الإنسان، أو افتتاح شعب أحكام الحوادث على الإنسان. وقال ابن سراقة: حده في الشرع: عبارة عن اعتقاد علم الفروع في الشرع، ولذلك لا يقال في صفاته سبحانه وتعالى: فقيه. قال: وحقيقة الفقه عندي: الاستنباط، قال الله تعالى: ، واختيار ابن السمعاني في القواطع أنه استنباط حكم المشكل من الواضح، قال: ، وقال في ديباجة كتابه: وما أشبه الفقيه إلا بغواص في بحر در كلما غاص في بحر فطنته استخرج درا، وغيره مستخرج آجرا. ويؤخذ من تعريفهم الفقه بأنه (استنباط الأحكام): أن المسائل المدونة في كتب الفقه ليست بفقه في اصطلاح الفقهاء، وأن حافظها ليس بفقيه، وبه صرح العبدري في باب الإجماع من شرح المستصفى، قال: وإنما هي نتائج الفقه، والعارف بها فروعي، وإنما الفقيه هو المجتهد الذي ينتج تلك الفروع عن أدلة صحيحة، فيتلقاها منه الفروعي تقليدا ويدونها ويحفظها، ونحوه قول ابن عبد السلام: هم نقلة فقه لا فقهاء. وفي اصطلاح علماء [[علم فروع الفقه|الفروع]] هو: «العلم بالأحكام الشرعية العملية الناشئة عن [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]]». أو هو حفظ أو معرفة مجموعة من الأحكام الشرعية العملية الواردة بالكتاب والسنة وما استنبط منها، سواء كان مع أدلتها أو بغير الأدلة، أو هو: معرفة الأحكام الشرعية العملية التي نزل بها الوحى، قطعية كانت أو ظنية، وما استنبطه المجتهدون. علم فروع الفقه هو: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية المتعلقة بأفعال العباد في [[فقه العبادات في الإسلام|عباداتهم]] أو في [[فقه المعاملات في الإسلام|معاملاتهم]] وعلاقتهم الأسرية وجناياتهم والعلاقات بين المسلمين بعضهم البعض، وبينهم وبين غيرهم، في السلم والحرب، وغير ذلك. والحكم على تلك الأفعال بأنها [[فرض|واجبة]]، أو [[حرام|محرمة]]، أو [[المندوب|مندوبة]]، أو [[مكروه]]ة، أو [[مباح]]ة، وأنها [[الصحة والبطلان|صحيحية]] أو [[باطل|فاسدة]]، أو غير ذلك؛ بناء على الأدلة التفصيلية الواردة في الكتاب والسنة وسائر الأدلة المعتبرة. الفرق بين الفقه وبين أصول الفقه عند علماء الأصول هو: أن أصول الفقه هي: الأدلة الإجمالية الموصلة للفقه، والفقه هو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من الأدلة. وعلم فروع الفقه هو: أيضاً العلم بالدليل الشرعي التفصيلي، من الكتاب أو السنة أو غيرهما، لكل مسألة من المسائل. والفرق بين الفقه والعلم: أن الفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم لصدق العلم بالنحو وغيره، فكل فقه علم، وليس كل علم فقها. مقدمات. العلم والجهل. العلم معرفة المعلوم، أي إدراك ما من شأنه أن يعلم على ما هو به في الواقع، كإدراك الإنسان بأنه [[حيوان ناطق]]. ومقابل العلم ال[[جهل]]، وعرفه [[أبو المعالي الجويني|إمام الحرمين]] بأنه: تصور الشيء، أي: إدراكه على خلاف ما هو به في الواقع، كإدراك الفلاسفة أن العالم وهو ما سوى الله تعالى قديم. وعلى ما ذكره إمام الحرمين فعدم العلم لا يسمى جهلا. وبعض علماء الأصول قسم الجهل إلى قسمين: بسيط ومركب، فالجهل البسيط عدم العلم بالشيء، كعدم علمنا بما تحت الأرضين، وبما في بطون ال[[بحار]]، والجهل المركب: إدراك الشيء على خلاف ما هو به في الواقع، وهو أسوء القسمين؛ لأن الجاهل المركب يجهل الحقيقة ويجهل في نفس الوقت أنه جاهل بها. وينقسم العلم إلى ضروري ومكتسب، فالعلم الضروري ما لم يقع عن نظر واستدلال، كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس الظاهرة، وهي: ال[[سمع]] وال[[بصر]] واللمس والشم والذوق، فإنه يحصل بمجرد الإحساس بها من غير نظر واستدلال. وأما ال[[علم]] المكتسب؛ فهو الذي يفتقر في حصوله على النظر والاستدلال، كالعلم بأن العالم حادث، فإنه موقوف على النظر في العالم وما نشاهده فيه من التغير، فينتقل من تغيره إلى حدوثه. والنظر هو الفكر في حال المنظور فيه ليؤدي إلى المطلوب. والاستدلال طلب الدليل ليؤدي إلى المطلوب فمؤدى النظر والاستدلال واحد لكن جمع إمام الحرمين بينهما في الإثبات والنفي تأكيدا. والدليل هو المرشد إلى المطلوب؛ لأنه علامة عليه. وال[[ظن]]: تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر عند المجوز. وال[[شك]]: تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر عند المجوز، فالتردد في قيام زيد ونفيه على السواء شك، ومع رجحان الثبوت أو الانتفاء ظن. أبواب أصول الفقه. علم أصول الفقه عبارة عن مجموع طرق [[فقه إسلامي|الفقه]] وكيفية الاستدلال بها وكيفية حال المستدل بها، وأبواب أصول الفقه أو موضوعاته التي يتناولها البحث فيه تشمل: المقدمات وهي عبارة عن مبادئ وتعريفات وأوليات ومنها: تعريف أصول الفقه بمعناه الإضافي واللقبي، وتعريف الفقه في اللغة والاصطلاح، وتعريف الأصول، ومبادئ علم أصول الفقه ومنها: حده أي: تعريفه وموضوعه ومباحثه واسمه وحكمه وغير ذلك. والعلم والجهل والشك والظن والنظر والاستدلال. ثم اللغات إذ أن معرفة نصوص الأدلة الشرعية تحتاج إلى معرفة اللغة، وهي الألفاظ ودلالاتها و[[الحقيقة والمجاز]] والعام وصيغ العموم، والخاص والتخصيص وأقسام المخصص، والمجمل والبيان والنص والظاهر والمؤل، وال[[أمر (الإسلام)|أمر]] وال[[نهي]] والعموم والخصوص والمجمل والمبين، ومن أبواب أصول الفقه: أقسام [[الحكم الشرعي]]: [[خطاب التكليف|الخطاب التكليفي]] و[[خطاب الوضع]]، والصحيح والباطل أو الفاسد والشروط والموانع والأسباب، والأفعال والناسخ والمنسوخ والنسخ ومسائله بين الكتاب والسنة ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر، والتعارض، والإجماع وبيان حجيته، وحجية [[قول الصحابي]]، والأخبار والمسند والقياس والاستصحاب، والتراجيح والاستفتاء وشروط ال[[مفتي]] أو المجتهد وشروط المستفتي، والاجتهاد. والأمور التي اختلف المجتهدون في أنها هل هي طرق للأحكام الشرعية أم لا. وفي متن الورقات لأبي المعالي الجويني: أبواب أصول الفقه: أقسام الكلام وال[[أمر (الإسلام)|أمر]] وال[[نهي]] والعام والخاص ويذكر فيه المطلق والمقيد والمجمل والمبين والظاهر، وفي بعض النسخ والمؤول، والأفعال والناسخ والمنسوخ والإجماع والأخبار والقياس والحظر والإباحة وترتيب الأدلة وصفة ال[[مفتي]] والمستفتي وأحكام المجتهدين. قال [[يحيى بن نور الدين العمريطي|يحيى العمريطي]] في منظومته على الورقات ل[[أبو المعالي الجويني|إمام الحرمين]]: موضوع علم أصول الفقه. موضوع علم أصول الفقه هو: الأدلة السمعية، أو أقسام الأدلة. والموضوع لأي علم: قد يكون واحدا كالعدد للحساب، وقد يكون كثيرا، وشرطه أن يكون بينهما تناسب، أي: مشاركة. وموضوع أصول الفقه قد اجتمع فيه الأمران، فإنه إما واحد، وهو الدليل السمعي من جهة إنه موصل للحكم الشرعي، وإما كثير، وهو أقسام الأدلة السمعية من هذه الجهة، لاشتراكها إما في جنسها، وهو الدليل، أو في غايتها، وهو العلم بالأحكام الشرعية. فموضوع علم أصول الفقه هو: أدلة الفقه الكلية، وأحوالها الموصلة إلى الأحكام، وصفات المجتهد. كما يبحث هذا العلم في أقسام هذه الأدلة وإقامة الحجة على مصدر للأحكام الشرعية كما يبحث في ترتيب هذه الأدلة، وجعلها على مراتب مختلفة، وفي كيفية [[الاستنباط الفقهي|استنباط]] الأحكام منها على وجه كلي، فالأصول لا ينظر في الأدلة التفصيلية، ولا فيما تدل عليه من الأحكام الجزئية، وإنما ينظر في الأدلة التي يتوصل بها إلى الأحكام، وهذه القواعد يطبقها الفقيه على الأدلة التفصيلية فيحصل بذلك على الأحكام الجزئية، والمراد بالدليل الكلي هو: النوع العام من الأدلة الذي تندرج تحته عدة جزئيات كال[[أمر (الإسلام)|أمر]] مثلا فهو كلي تندرج تحته جميع الأوامر التي جاءت بها الشريعة الإسلامية على اختلاف أساليبها أو المراد بالحكم الكلي: النوع العام من الأحكام الذي تندرج تحته عدة جزئيات، كالإيجاب مثلا فهو يشمل إيجاب [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]] وال[[زكاة]] والصدق ووفاء العهد ونحو ذلك مما طلب الشارع الإتيان به على وجه الجزم والإلزام. ومسائله: كالأمر والنهي، والعام، والخاص، [[إجماع (فقه)|والإجماع]]، [[قياس (إسلام)|والقياس]]، وغيرها. ومسائل كل علم هي مطالبه الجزئية التي يطلب إثباتها فيه كمسائل [[فقه العبادات في الإسلام|العبادات]]، [[فقه المعاملات في الإسلام|والمعاملات]] ونحوها للفقه. الحكم الشرعي. الحكم الشرعي هو: «خطاب الشرع المتعلق بالمكلف، اقتضاء أو تخييرا أو وضعا». والشرع: «ماشرعه الله على لسان نبيه من أحكام». ف[[الحكم الشرعي]] هو: «ما اقتضى الشرع فعله أو تركه أو التخيير بين الفعل والترك، وما وضعه الشرع متعلقا بحكم شرعي». والحكم الشرعي إما أن يكون من قبيل الاقتصاء، أو التخيير، أو الوضع، فهو ثلاثة أقسام، لكن يدخل التخيير ضمن الاقتضاء فيكون له قسمان هما: (الاقتضاء والوضع)، "فالاقتضاء" هو: الحكم ال[[تكليف]]ي، والوضع هو: الحكم الوضعي، والمقصود بالحكم الوضعي في أصول الفقه: ما وضعه الشرع متعلقا بحكم، مثل: وضع المواقيت المتعلقة بالعبادة. الأحكام التكليفية. الحكم التكليفي باعتبار دخول التخيير ضمن الاقتضاء، هو: ما اقتضى الشرع فعله، أو تركه، أو التخيير بين الفعل والترك ويسمى: «تكليفيا»؛ لتعلقه بالمكلف، وتمييزا له عما هو من قبيل الوضع. وللحكم التكليفي، خمسة أقسام أساسية، وتدخل فيها باقي الأقسام الفرعية، وتؤخذ هذه الأحكام الخمسة، من تعريف الحكم التكليفي، في كونه يقتضي إما؛ "الفعل" أو "الترك" أو "التخيير"، فهذه ثلاثة أقسام على جهة الإجمال، وتتضمن خمسة أحكام هي كما يلي: خطاب الوضع. الحكم الشرعي الوضعي هو: [[الحكم الشرعي]] غير التكليفي. وهو: «ما استفيد بواسطة نصب الشارع علما معرفا لحكمه» ويشمل: [[سبب شرعي|السبب]] والمانع، والشرط، و[[العزيمة والرخصة]]، و[[الصحة والبطلان]]، والقضاء، والأداء، والإعادة. وهذا هو القسم الثاني من قسمي الأحكام الشرعية وهو: ما يرجع إلى [[خطاب الوضع]] وهو أنواع النوع الأول: في الأسباب، والنوع الثاني: في الشروط، والنوع الثالث: في الموانع، والنوع الرابع: في الصحة والبطلان، والنوع الخامس: في العزائم والرخص. قال [[إبراهيم بن موسى الشاطبي|الشاطبي]]: القسم الثاني من قسمي الأحكام وهو يرجع إلى خطاب الوضع، وهو ينحصر في الأسباب والشروط والموانع، والصحة والبطلان، والعزائم والرخص، فهذه خمسة أنواع. قال [[إبراهيم بن موسى الشاطبي|الشاطبي]]: الأفعال الواقعة في الوجود المقتضية لأمور تشرع لأجلها أو توضع فتقتضيها على الجملة ضربان: أحدهما: خارج عن مقدور المكلف، والآخر: ما يصح دخوله تحت مقدوره، فالأول قد يكون سببا، ويكون شرطا، ويكون مانعا. فالسبب مثل: الاضطرار فإنه يكون سببا في إباحة الميتة، وخوف العنت فإنه يكون سببا في إباحة نكاح الإماء، وزوال الشمس أو غروبها أو طلوع الفجر فإنه يكون سببا في إيجاب تلك الصلوات في تلك الأوقات المحددة لها، ونحو ذلك من الأسباب التي هي مما هو خارج عن مقدور المكلف. والشرط: مثل كون الحول شرطا في إيجاب [[زكاة|الزكاة]]، والبلوغ شرطا في التكليف مطلقاً، والقدرة على التسليم شرطا في صحة البيع، والرشد شرطا في دفع مال اليتيم إليه، وإرسال الرسل شرطا في الثواب والعقاب، وما كان نحو ذلك من الشروط التي هي مما ليس بمقدور المكلف. والمانع: مثل الحيض من حيث أنه يكون مانعا من الوطء حال الحيض، وكونه مانعا من الطواف بالبيت، ووكونه مانعا من وجوب الصلوات وأداء الصيام، وكون الجنون مانعا من القيام بالعبادات وإطلاق التصرفات، وما أشبه ذلك من الموانع مما ليس بمقدور المكلف، بمعنى: أن غروب الشمس أو حلول الحول مثلا: مما لا يدخل تحت مقدور المكلف. وأما الضرب الثاني وهو ما يصح دخوله تحت مقدور المكلف: فله نظران الأول: من حيث هو مما يدخل تحت [[خطاب التكليف]]، -سواء كان مأمورا به أو منهيا عنه أو مأذونا فيه- من جهة اقتضائه للمصالح أو المفاسد جلبا أو دفعا، مثل البيع والشراء للانتفاع، قال الله تعالى: ، فاقتضاء جلب المصلحة من حيث أن الله أحل البيع من أجل انتفاع الناس، واقتضاء دفع المفسدة في تحريم [[ربا|الربا]]. وأيضا مثل النكاح للنسل، والانقياد للطاعة لحصول الفوز، وما أشبه ذلك. والنظر الثاني: من جهة ما يدخل تحت خطاب الوضع إما سببا أو شرطا أو مانعا. أما السبب: فمثل كون النكاح سببا في حصول التوارث بين الزوجين وتحريم المصاهرة وحلية الاستمتاع، والذكاة سببا لحلية الانتفاع بالأكل، والسفر سببا في إباحة القصر والفطر، والقتل والجرح سببا للقصاص، والزنى وشرب الخمر والسرقة والقذف أسبابا لحصول تلك العقوبات، وغير ذلك فهذه الأمور وضعت أسبابا لشرعية تلك المسببات. وأما الشرط: فمثل كون النكاح شرطا في وقوع الطلاق أو في حل مراجعة المطلقة ثلاثا، وكون الإحصان شرطا في [[حد الرجم في الإسلام|رجم الزاني]]، وكون [[الطهارة في الإسلام|الطهارة]] شرطا في صحة الصلاة، والنية شرطا في صحة العبادات ونحو ذلك، فهذه الأمور ليست بأسباب، ولكنها شروط معتبرة في صحة تلك المقتضيات. وأما المانع فككون نكاح الأخت مانعا من نكاح الأخرى؛ لتحريم الجمع بين المرأة وأختها، وكون نكاح المرأة مانعا من نكاح عمتها وخالتها، وكون الإيمان مانعا من القصاص للكافر، والكفر مانعا من قبول الطاعات، وأشباه ذلك. ذكره الشاطبي وقال: وقد يجتمع في الأمر الواحد أن يكون سببا وشرطا ومانعا كالإيمان هو سبب في الثواب، وشرط في وجوب الطاعات أو في صحتها، ومانع من القصاص منه للكافر، وأمثلة ذلك كثيرة غير أن هذه الأمور الثلاثة لا تجتمع للشيء الواحد، فإذا وقع سببا لحكم شرعي فلا يكون شرطا فيه نفسه ولا مانعا له؛ لما في ذلك من التدافع، وإنما يكون سببا لحكم وشرطا لآخر ومانعا لآخر، ولا يصح اجتماعها على الحكم الواحد، ولا اجتماع اثنين منها من جهة واحدة، كما لا يصح ذلك في أحكام [[خطاب التكليف]]. تاريخ علم أصول الفقه. التأسيس والتطور. كان الاستدلال الفقهي للأحكام الشرعية في بدايات التاريخ الإسلامي يبنى على أصول الفقه التي كانت حاضرة في أذهان [[فقهاء الصحابة]] وكانوا إذا استنبطوا أحكاماً شرعية لتطبيقها على وقائع جديدة؛ يصدرون استنباطهم عن أصول مستقرة في أنفسهم، علموها من نصوص الشريعة وروحها، ومما أخذوه وعايشوه، وربما صرح بعضهم في بعض المسائل بالأصل الذي استند إليه في استنباطه للحكم الفرعي، كقول [[علي بن أبي طالب|علي]] رضي الله عنه في [[حد (عقوبة)|عقوبة]] شارب الخمر: «إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحده حد المفترين». والمفتري هو [[قذف (رمي بالزنا)|القاذف]] الذي ورد في قول الله تعالى: . فيكون علي قد قرر أن علة الافتراء هي السكر، فيحكم على السكران بحكم المفتري أو القاذف، وبذلك يكون قد قرر قاعدة أصولية. وفي عهد التابعين ومن بعدهم كثرت الحاجة إلى الاستنباط، لكثرة الحوادث التي نشأت عن دخول بلاد شاسعة تحت الحكم الإسلامي. فتخصص في الفتيا كثير من [[فقهاء التابعين]]، فاحتاجوا إلى أن يسيروا في استنباطهم على قواعد محددة، ومناهج معروفة، وأصول واضحة، وكان لبعضهم كلام واضح في أثناء كلامهم في علم الفقه، غير أن علم أصول الفقه بمعناه العلمي الذي يقصد به الفن الموضوع بقوانين، لم يتميز عن غيره إلا في القرن الثاني الهجري تقريبا، وكان للإمام [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] الدور الأساسي في جمع مباحث الأصول في كتابه: «[[الرسالة (كتاب)|الرسالة]]»، إضافة إلى تجديد وإضافة القواعد الأساسية في علم الأصول حتى تم تعديله وشرحه وإضافة القواعد الأخرى على يد العلماء العاملين من مختلف المذاهب الإسلامية. قال [[ابن خلدون]] في تاريخه: «واعلم أن هذا الفن من الفنون المستحدثة في الملة»، حيث لم يكن موجودا بهذا المسمى في الصدر الأول من عصر السلف؛ لأنهم كانوا في غنية عنه بما أن استفادة المعاني من الألفاظ لا يحتاج فيها إلى أزيد مما عندهم من الملكة اللسانية، وأما القوانين التي يحتاج إليها المجتهد في استفادة الأحكام خصوصا؛ فمنهم أخذ معظمها، وأما الأسانيد فلم يكونوا يحتاجون إلى النظر فيها لقرب العصر وممارسة النقلة وخبرتهم بهم. وبعد حقبة الصدر الأول من [[سلف (إسلام)|السلف]] وتحول العلوم كلها صناعة، بدء تطور العلوم الشرعية، من خلال تدوين [[مذهب (فقه)|المذاهب الفقهية]]، وكانت هناك طريقتان في الاستدلال: طريقة أصحاب الرأي في العراق، وكان أشهر أعلامهم [[أبو حنيفة النعمان]] ثم أصحابه من بعده، وطريقة أصحاب الحديث في الحجاز، وكان أشهر أئمتهم [[مالك بن أنس]] ثم الشافعي من بعده، وكانت المذاهب الفقهية تعمتد على أصول فقهية تبنى عليها، وكان أصحاب الرأي أكثر اهتماما بقواعد الاستدال العقلي، بينما كان أهل الحديث لكثرة اعتمادهم على النص كانوا أكثر تعرضا لذكر الدلائل من أهل الرأي. وكان اتجاه المذاهب الفقهية قبل الشافعي إلى جمع المسائل وترتيبها وردها إلى أدلتها التفصيلية عندما تكون دلائلها نصوصا. فلما جاء الشافعي بمذهبه الجديد كان قد درس المذهبين ولاحظ ما فيهما من نقص بدا له أن يكمله وأخذ ينقض بعض التفريعات من ناحية خروجها عن متابعة نظام متحد في طريق الاستنباط. وذلك يشعر باتجاهه الجديد في الفقه الذي لم يقتصر على الفروع فقط، بل اتجه إلى الاهتمام بأصول الفقه، التي لم تكن مقصورة على مذهبه الفقهي، بل لتكون منهجا عاما للاستدلال. قال [[ابن خلدون]]: «احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه القوانين والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما برأسه سموه أصول الفقه. وكان أول من كتب فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه أملى فيه رسالته المشهورة تكلم فيها في الأوامر والنواهي والبيان والخبر والنسخ وحكم العلة المنصوصة من القياس ثم كتب فقهاء الحنفية فيه وحققوا تلك القواعد وأوسعوا القول فيها وكتب المتكلمون أيضا كذلك». وقد كان الشافعي من المتصدرين في وضع القواعد اللغوية، وتأسيس قواعد مهمة في علم التفسير والحديث. أول من صنف في الأصول. قال [[بدر الدين الزركشي]]: «الشافعي رضي الله عنه أول من صنف في أصول الفقه صنف فيه كتاب الرسالة، وكتاب أحكام القرآن، واختلاف الحديث، وإبطال الاستحسان، وكتاب جماع العلم، وكتاب "القياس" الذي ذكر فيه تضليل المعتزلة ورجوعه عن قبول شهادتهم، ثم تبعه المصنفون في الأصول». وقال الإمام [[أحمد بن حنبل]]: «لم نكن نعرف الخصوص والعموم حتى ورد الشافعي». وقال الجويني في شرح الرسالة: «لم يسبق الشافعي أحد في تصانيف الأصول ومعرفتها». وقد حكي عن [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: تخصيص عموم، وعن بعضهم: القول بالمفهوم، ومن بعدهم لم يقل في الأصول شئ ولم يكن لهم فيه قدم، فإنا رأينا وكتب السلف من التابعين وتابعي التابعين وغيرهم لم ينقل عنهم فيها أنهم صنفوا فيه. قال [[بدر الدين الزركشي]]: «واعلم أن الشيخ أبا الحسن الأشعري كان يتبع الشافعي في الفروع والأصول وربما يخالفه في الأصول، كقوله بتصويب المجتهدين في الفروع، وليس ذلك مذهب الشافعي، وكقوله: "لا صيغة للعموم"». قال الشيخ [[أبو محمد الجويني]]: «ونقل مخالفته أصول الشافعي ونصوصه وربما ينسب المبتدعون إليه ما هو بريء منه كما نسبوا إليه أنه يقول: ليس في المصحف قرآن، ولا في القبور نبي، وكذلك الاستثناء في الإيمان ونفي قدرة الخالق في الأزل، وتكفير العوام، وإيجاب علم الدليل عليهم. وقد تصفحت ما تصحفت من كتبه، وتأملت نصوصه في هذه المسائل فوجدتها كلها خلاف ما نسب إليه». وقال [[ابن فورك]] في كتاب شرح كتاب [[مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين (كتاب)|المقالات]] للأشعري في مسألة تصويب المجتهدين: «اعلم أن شيخنا أبا الحسن الأشعري يذهب في الفقه ومسائل الفروع وأصول الفقه أيضا [[شافعية|مذهب الشافعي]] ونص قوله في كتاب التفسير في باب إيجاب قراءة الفاتحة على المأموم: خلاف قول أبي حنيفة، والجهر بالبسملة: خلاف قول مالك، وفي إثبات آية البسملة في كل سورة آية منها قرآنا منزلا فيها، ولذلك قال في كتابه في أصول الفقه بموافقة أصوله». من جهة أخرى فقد قيل إن أول من صنف في علم أصول الفقه وضبط القواعد هما: [[أبو يوسف]]، [[محمد بن الحسن الشيباني|ومحمد]] تلميذا [[أبو حنيفة النعمان|أبي حنيفة]]، وقيل: بل [[أبو يوسف]] وحده هو أول من صنف في علم أصول الفقه، إلا أنه لم يصل من ذلك شيء من الكتب في هذا المجال. وفي قول ثالث: إن أول من كتب في أصول الفقه هو [[أبو حنيفة النعمان]] حيث كتب كتاباً أسماه كتاب الرأي، ولكن لم يصل من ذلك شيء، والذي اشتهر قديما وحديثا: أن الشافعي أول من دون في علم أصول الفقه، وكتب فيه بصورة مستقلة في كتابه المشهور: [[الرسالة (كتاب)|الرسالة]] -وهو كتاب متداول مطبوع- وقد صرح بذلك جمع كابن خلكان وابن خلدون. قال الرازي: «اتفق الناس على: إن أول صنف في هذا العلم -أي: علم أصول الفقه- الشافعي، وهو الذي رتب أبوابه وميز بعض أقسامه من بعض وشرح مراتبها في القوة والضعف». وروى: أن عبد الرحمن بن مهدي التمس من الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا يذكر فيه شرائط الاستدلال بالقران والسنة، والإجماع والقياس، وبيان الناسخ والمنسوخ ومراتب العموم والخصوص فوضع الشافعي رضى الله عنه: «الرسالة» وبعثها إليه، فلما قرأها عبد الرحمن بن المهدي قال: ما أظن أن الله عز وجل خلق مثل هذا الرجل. قال الرازي: «واعلم: أن نسبة الشافعي إلى علم الأصول كنسبة ارسططاليس إلى علم المنطق وكنسبة الخليل بن أحمد إلى علم العروض». بمعنى أنه أول من جمع كتابا شاملا حول هذا الموضوع بالذات، ف[[الخليل بن أحمد الفراهيدي|الخليل بن أحمد]] هو أول من وضع علم العروض، وصاغ قواعده، وقد كان نظم الشعر قبله يعتمد على القريحة وبمجرد الطبع. وكذلك قبل الإمام الشافعي، وأضاف [[فخر الدين الرازي]]: كان الذين يتكلمون في مسائل أصول الفقه ويستدلون ويعترضون، ولكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة وفي كيفية معارضتها، وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي علم (أصول الفقه) ووضع للخلق قانونا كليا يرجع إليه في معرفة أدلة الشرع. ويقول الرازي: «واعلم إن الشافعي صنف كتاب: الرسالة ببغداد ولما رجع إلى مصر أعاد تصنيف كتاب: الرسالة وفي كل واحد منهما علم كثير». وفي كتب طبقات الفقهاء للقاضي شمس الدين العثماني الصفدي: «وابتكر الشافعي ما لم يسبق إليه من ذلك أصول الفقه فانه أول من صنف أصول الفقه بلا خلاف». قال صاحب كتاب كشف الظنون: «وأول من صنف فيه الإمام الشافعي» ذكره الأسنوي في التمهيد وحكى الإجماع فيه. وذكر [[ابن النديم]] في كتاب الفهرست في ترجمة [[محمد بن الحسن الشيباني|محمد بن الحسن]] ذكر كتاب له يسمى كتاب أصول الفقه. ويقول الموفق المكي في كتابه: مناقب الإمام الأعظم نقلا عن طلحة بن محمد بن جعفر: إن أبا يوسف أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة. ونقل ذلك طاش كيري زاده في كتابه مفتاح السعادة. ولم يرد كتاب في هذا العدد فيما أورده صاحب الفهرست لأبي يوسف من الكتب، وإذا صح إن لأبي يوسف أو لمحمد كتابا في أصول الفقه؛ فهو فيما يذكر فيه لتأييد ما كان يأخذ به أبو حنيفة مما يخالف فيه أهل الحديث من الاستحسان، والقول بان أبا يوسف هو أول من تكلم في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة لا يعارض القول بان الشافعي هو الذي وضع أصول الفقه علما ذا قواعد عامه يرجع إليها كل مستنبط لحكم شرعي وقد لا يكون بعيدا عن غرض [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] في وضع أصول الفقه: إن يقرب الشقة بين أهل الرأي وأهل الحديث ويمهد للوحدة التي دعا إليها الإسلام. تدوين علم أصول الفقه. بدء تدوين علم أصول الفقه بعد فترة الصدر الأول من السلف، وظهور عصر التدوين للعلوم الشرعية، الذي احتاج فيه الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه القوانين والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة فكتبوها فنا قائما برأسه مستقلا عن غيره من العلوم سموه أصول الفقه. قال ابن خلدون: «وكان أول من كتب فيه الشافعي رضي الله تعالى عنه أملى فيه رسالته المشهورة تكلم فيها في الأوامر والنواهي والبيان والخبر والنسخ وحكم العلة المنصوصة من القياس». ثم كتب فقهاء الحنفية في هذا الفن بعد الشافعي، وحققوا تلك القواعد وأوسعوا القول فيها، وكتب المتكلمون أيضا كذلك، إلا أن كتابة الفقهاء فيها أمس بالفقه وأليق بالفروع لكثرة الأمثلة ومنها والشواهد وبناء المسائل فيها على النكت الفقهية. وأما المتكلمون فإنهم يجردون صور تلك المسائل على الفقه ويميلون إلى الاستدلال العقلي ما أمكن؛ لأنه غالب فنونهم ومقتضى طريقتهم. قال ابن خلدون: «فكان لفقهاء الحنفية فيها اليد الطولى من الغوص على النكت الفقهية والتقاط هذه القوانين من مسائل الفقه ما أمكن، وجاء أبو زيد الدبوسي من أئمتهم فكتب في القياس بأوسع من جميعهم وتمم الأبحاث والشروط التي يحتاج إليها فيه، وكملت صناعة أصول الفقه بكماله وتهذبت مسائله وتمهدت قواعده». وعني الناس بطريقة المتكلمين في هذا الفن وكان من أحسن ما كتب فيه المتكلمون كتاب: «البرهان» لإمام الحرمين، وكتاب «المستصفى» لأبي حامد الغزالي، وهما من الأشعرية، وكتاب: «العهد» لعبد الجبار وشرحه «المعتمد» لأبي الحسين البصري وهما من المعتزلة، وكانت هذه الأربعة الكتب قواعد هذا الفن وأركانه، ثم لخص هذه الكتب الأربعة من المتأخرين الإمام فخر الدين بن الخطيب، في كتاب: «المحصول»، و[[سيف الدين الآمدي]] في كتاب: «الأحكام». واختلفت طرائقهما في الفن بين التحقيق والحجاج، فقد كان فخر الدين ابن الخطيب أميل إلى الاستكثار من الأدلة والاحتجاج، وكان سيف الدين الآمدي أكثر اهتماما بتحقيق المذاهب، وتفريع المسائل. وكتاب المحصول لابن الخطيب اختصره تلميذه سراج الدين الأرموي في كتاب: «التحصيل»، واختصره تاج الدين الأرموي في كتاب: «الحاصل»، واقتطف شهاب الدين القرافي منهما أي: من الكتابين: مقدمات وقواعد في كتاب صغير سماه«التنقيحات»، وكذلك فعل البيضاوي في كتاب: «المنهاج». واعتنى المبتدئون بهذين الكتابين، وشرحهما كثير من الناس. وأما كتاب: «الأحكام» ل[[سيف الدين الآمدي]] فقد كان أكثر تحقيقا في المسائل، وقد لخصه أبو عمر [[ابن الحاجب]] في كتابه المعروف بـ«المختصر الكبير»، ثم اختصره في كتاب آخر تداوله طلبه العلم وعني أهل المشرق والمغرب به وبمطالعته وشرحه وحصلت زبدة طريقة المتكلمين في هذا الفن في هذه المختصرات. وأما طريقة الحنفية في هذا الفن؛ فقد كتبوا فيها كثيرا، وكان من أحسن كتابة فيها للمتقدمين تأليف أبي زيد الدبوسي، وأحسن كتابة المتأخرين فيها تأليف سيف الإسلام البزدوي -من أئمة الحنفية- وهو مستوعب لطريقتهم، وجاء ابن الساعاتي -من فقهاء الحنفية- فجمع بين كتاب الأحكام، وكتاب البزدوي في الطريقتين في كتابه الذي سماه: بـ«البدائع»، قال عنه ابن خلدون: «فجاء من أحسن الأوضاع وأبدعها وأئمة العلماء لهذا العهد يتداولونه قراءة وبحثا وأولع كثير من علماء العجم بشرحه والحال على ذلك لهذا العهد». استمداده. استمداده أي: ما يستمد منه علم أصول الفقه من ثلاثة أشياء: من أصول الدين، ومن اللغة العربية، ومن تصور الأحكام. ووجه الحصر في هذه الثلاثة ثبت بالاستقراء. واستمداد علم أصول الفقه أي: مادته التي منها يستمد، قال الزركشي: «وأما المادة: فذكر إمام الحرمين وتابعوه: أن أصول الفقه مستمد من ثلاثة علوم: الكلام، والفقه، والعربية». وذلك أن علم أصول الفقه يبحث في الأدلة الشرعية فيستمد من أصول الدين لتوقف الأدلة على معرفة الباري تعالى بقدر الممكن من ذاته وصفاته وأفعاله. ومعرفة صدق رسوله، ويتوقف ثبوته على أن المعجزة تدل على دعوى الرسالة، وذلك كله مبين في علم الكلام فيسلم هنا. فاستمداده من أصول الدين من حيث ثبوت الأدلة، قال [[ابن النجار الفتوحي|أبو البقاء الفتوحي]]: . وإنما يكون هذا مادة لبعض أنواع الأصول، وهو الخطاب دون مسائل الأخبار، والإجماع، والنسخ، والقياس، وهي معظم الأصول. ثم إن المادة فيه ليست على نظير المادة من الكلام، فإن العلم بها مادة لفهم الأدلة. كما أنه يستمد أيضا من اللغة العربية؛ لتوقفه عليها من جهة دلالة الألفاظ على الأحكام، بمعنى: أن فهم ما يتعلق بها من الكتاب والسنة وغيرهما متوقف على اللغة العربية. وإما تصور الأحكام؛ فيكون التوقف من جهة تصور ما يدل به عليه من تصور أحكام التكليف؛ لإنه إن لم يتصورها لم يتمكن من إثباتها ولا من نفيها؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره. قال [[ابن الحاجب]]: «وأما استمداده؛ فمن الكلام والعربية والأحكام». ثم بين هذه الثلاثة الأشياء بقوله: «أما الكلام؛ فلتوقف الأدلة الكلية على معرفة الباري تعالى وصدق المبلغ هو يتوقف على دلالة المعجزة». والأدلة الكلية وهي [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]] [[إجماع (فقه)|والإجماع]] [[قياس (إسلام)|والقياس]]، والأدلة الكلية تشمل: الأدلة الإجمالية التي يستفاد منها الأدلة التفصيلية، والأدلة التي تثبت بها مسائل الأصول. قال في بيان المختصر: . وذكر الزركشي أن النظر في دليل الحكم في علم أصول الفقه يكون بعلم خمسة أشياء هي: كلام الله تعالى لمخاطب، وقدرة العبد كسبا ليكلف، وتعلق الكلام القديم بفعل المكلف ليوجد الحكم، ورفع التعلق فينسخ، وصدق المبلغ ليبين. وقال [[بدر الدين الزركشي]]: والأولى أن يقال في وجه استمداده من علم الكلام: إن علم أصول الفقه فيه ألفاظ لا تعلم مسمياتها من غير أصول الدين لكنها تؤخذ مسلمة فيه، على أن يبرهن في غيره من العلوم، أو تكون مسلمة في نفسها. وهي العلم، والظن، والدليل، والإمارة، والنظر؛ لأن لفظ الطرق يشمل ذلك كله، والحكم أيضا، إذ لا بد فيه من خطاب شرعي، ولا يثبت ذلك بالدليل في غير أصول الدين، وما ذكر منه غير ما عددناه، فهو تبع، ولا بد من معرفة هذه الأمور في معرفة هذا العلم، ليتوقف منه إذن على بعضه لا على كله. وإلى هذا أشار ابن برهان وغيره. اللغة العربية. اللغة العربية مادة من المواد الأساسية التي يبنى عليها علم أصول الفقه؛ لأن الأدلة الشرعية جاءت بلسان العرب، وهي تشتمل على ثلاثة فنون: [[علم النحو]]: وهو علم مجاري أواخر الكلم رفعا ونصبا وجرا وجزما. و[[علم اللغة (لغة عربية)|علم اللغة]]: وهي تحقيق مدلولات الألفاظ العربية في ذواتها. و[[علم الأدب]] وهو: علم نظم الكلام، ومعرفة مراتبه على مقتضى الحال. فعلم أصول الفقه يبحث في الأدلة الشرعية، وقد أنزل الله [[القرآن]] بلسان عربي مبين، على نبي عربي، فخطاب الله وخطاب رسول كلاهما خطاب شرعي، وفهمها يتوقف على معرفة اللغة العربية. وتوقف علم أصول الفقه على اللغة من جهة دلالة الألفاظ على الأحكام، وفهم ما يتعلق بها من الكتاب والسنة وغيرهما: متوقف على اللغة العربية، فإن كان من حيث المدلول: فهو [[علم اللغة (لغة عربية)|علم اللغة]] (أي: علم معاني المفردات)، أو من أحكام تركيبها وهو علم النحو، أو من أحكام أفرادها وهو [[علم التصريف]]، أو من جهة مطابقته لمقتضى الحال، وسلامته من التعقيد، ووجوه الحسن وهو [[علم البيان]] بأنواعه الثلاثة. قال [[ابن الحاجب]]: «وأما العربية؛ فلأن الأدلة من [[القرآن|الكتاب]] [[حديث نبوي|والسنة]] عربية». ويقتصر علم أصول الفقه في مباحثه اللغوية على ما يتوقف معرفة الدليل الشرعي عليه. وذكر في بيان مختصر ابن الحاجب: أن الأدلة التي تستفاد منها الأحكام الشرعية مأخوذة من الكتاب والسنة وهما [[اللغة العربية|عربيا]] الدلالة، فيتوقف دلالتهما على معرفة الموضوعات اللغوية من جهة [[الحقيقة والمجاز]]، والخصوص والعموم، والإفراد والتركيب، والاشتراك والترادف، والنقل والإضمار وغيرها. الفقه. الفقه في اصطلاح علماء أصول الفقه يقصد [[علم فروع الفقه]] إذ هو المقصود بالذات، فلا يراد به [[فقه إسلامي|الفقه]] بمعناه العام، وقد ذكر علماء أصول الفقه: أن الفقه مادة من المواد الأساسية التي يبنى عليها علم أصول الفقه؛ لأن الفقه مدلول أصول الفقه، وأصول الفقه أدلته، ولا يعلم الدليل مجردا من مدلوله. واستمداد الأصول من الأحكام إنما يكون من جهة التصور؛ لأن قصد الأصولي يتوجه إلى معرفة كيفية استنباط الأحكام من الأدلة. وإلى هذا أشار [[ابن الحاجب]] بقوله: «وأما الأحكام؛ فالمراد: تصورها ليمكن إثباتها ونفيها، وإلا جاء الدور». ومعرفة كيفية استنباط الأحكام يتوقف على تصور الأحكام. ولأن الأحكام إما محمولات المسائل، كقولنا: مقتضى الأمر: الوجوب، ومقتضى النهي: التحريم، أو متعلقاتها كقولنا: العام إذا خصص يكون حجة في الباقي فلا بد من تصورها ليمكن إثباتها أو نفيها. أما التصديق بالأحكام من حيث هي متعلقة بأفعال المكلفين على سبيل التفصيل، فلا يكون استمداد علم الأصول منه؛ لأن التصديق بها من مسائل فروع الفقه، وفروع الفقه يتوقف استنباطها على الأصول، فلو استمد الأصول منه لزم الدور وهو محال، بمعنى: أن علم أصول الفقه لا يستمد من من المسائل الفرعية ولا تكون مادة للأصول بل هي فرع الأصول؛ لأن هذا يؤدي إلى الدور وهو أن يكون الفرع أصلا والأصل فرعا. وذكر الزركشي ما قاله [[أبو العز المقترح]] في تعليقه على [[البرهان (أسماء الله الحسنى)|البرهان]]: أن ذكر الفقه في الأصول أمر لا بد منه من حيث الجملة، فيذكر الواجب بما هو واجب، والمندوب بما هو مندوب، لأن هذا القدر مبين حقيقة الأصول. وإنما المحذور أن يذكر جزئيات المسائل، فإن ذكرها يؤدي إلى الدور. أصول الدين. علاقة علم أصول الفقه بعلم الكلام هي علاقة قوية، لكن هذه العلاقة لا تخلو من بعض الاختلافات. وتعريف علم أصول الفقه هو النظر في الأدلة الشرعية من حيث تؤخذ منها الأحكام والتكاليف. وهو يعني بالأحكام الكلية العامة ووضع قواعد استنباط الأحكام الشرعية الكلية، أما ال[[فقه إسلامي|فقه]] فهو يعني بالأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية ب[[استدلال|الاستدلال]]. ومن هنا يمكن القول بأن علمي الكلام وأصول الفقه يتناولان الأحكام الكلية العامة ولا يعنينان بالمسائل الجزئية الفرعية، فعلم الكلام يتناول مسائل الاعتقاد العامة، وعلم أصول الفقه يتناول أصول الأحكام الكلية التي تندرج تحتها المسائل الفرعية الشرعية، فعلى هذا فعلم الكلام يتناول الجانب الاعتقادي في [[شريعة إسلامية|الشريعة]]، وهو جانب نظري لا صلة له بالعمل، أما بالنسبة لعلم أصول الفقه فعلى الرغم من أن موضوعه الأحكام العامة، إلا أن هذه الأحكام الكلية تندرج تحتها مسائل عملية فرعية، ونجد [[إبراهيم بن موسى الشاطبي|الشاطبي]] في [[الموافقات (كتاب)|كتاب الموافقات]] وهو يبين المقدمات التي ينبني عليها علم أصول الفقه، يقرر أن كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عوناً في ذلك، فوضعها في أصول الفقه عارية، أي أنه يرى أن المسائل التي يختص بها علم أصول الفقه تندرج تحتها مسائل فرعية فقهية فقط، وعلى هذا يتميز علم أصول الفقه عن سائر العلوم ك[[علم النحو]] واللغة و[[اشتقاق (لسانيات)|الاشتقاق]] و[[علم التصريف|التصريف]] و[[علم المعاني (توضيح)|علم المعاني]] والبيان والعدد والمساحة وغير ذلك من العلوم التي يتوقف عليها تحقيق الفقه وينبني عليها من مسائله، فليس كل ما يفتقر إليه الفقه يعد من أصوله، وإنما اللازم أن كل أصل يضاف إلى الفقه لا ينبني عليه فقه فليس بأصل له. بل لقد عد الشاطبي أن كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأن الاشتغال بالمباحث النظرية التي ليس لها ثمرة عملية مذموم شرعاً. وعلى هذا يمكن القول بأن علمي الكلام وأصول الفقه ينفصلان من حيث طبيعة الأحكام الكلية العامة التي يتناولها كل منهما، فهي نظرية اعتقادية في علم الكلام، وهي أحكام عامة تندرج تحتها المسائل الفقهية العملية في علم أصول الفقه. لكن ليس معنى ذلك انقطاع الصلة بين العلمين، فإن علم أصول الفقه يستند إلى علم الكلام ويستمد منه، ويبين [[ابن الحاجب]] ذلك فيقول: "وأما استمداده - أي علم أصول الفقه - فمن الكلام والعربية والأحكام، أما الكلام فلتوقف الأدلة الكلية على معرفة الباري وصدق نسبة خطاب التكليف إليه، ويتوقف على أدلة حدث العالم، وعلى دلالة المعجزة على صدق المُبلغ، وتتوقف دلالتها على العلم بحدثها، وامتناع تأثير غير القدرة الأزلية فيها، وتتوقف على قاعدة خلق الأعمال، وتتوقف على العلم والإرادة، ولا تقليد في ذلك لاختلاف العقلاء فلا يحصل علم". وعلى هذا فعلم أصول الفقه كسائر العلوم الشرعية يستند إلى علم الكلام، من حيث أن هذه العلوم لا تقوم إلا بعد تقرير مسائل الاعتقاد وهي مبحث الكلام، لكن استناد علم أصول الفقه إلى ذلك أكثر من غيره من سائر العلوم الشرعية، إذ على هذه الأصول الاعتقادية تنبني قواعد أصول الفقه، وقد يبين ذلك اختلاف الأصوليين بينهم باختلافهم في فهم الأصول الاعتقادية على طريقة أهل السنة أو على طريقة المعتزلة، ولا نريد الدخول في تفصيل ذلك بل يكفي الإشارة إلى أهمية الأصول الاعتقادية في على أصول الفقه. ويقوم كل من علم الكلام وعلم أصول الفقه، على إقامة الأدلة، وهذه الأدلة إما سمعية (نقلية) أو عقلية، وهناك اتفاقاً واختلافاً في كلا العلمين، على سبيل المثال: استخدام كلا العلمين للأدلة الشرعية وهي [[القرآن|الكتاب]] و[[سنة (إسلام)|السنة]] و[[إجماع (فقه)|الإجماع]] و[[قياس (إسلام)|القياس]]. وبالنسبة للكتاب وهو [[القرآن]]، فلابد لل[[فقيه]] من أن يعرف تأويله ووجوه الخطاب فيه من الخصوص والعموم و[[نسخ (إسلام)|الناسخ والمنسوخ]] والأمر والنهي والإباحة والحظر ونحوها. ويلاحظ استخدام المتكلمين وعلماء أصول الفقه للأدلة العقلية، لكن بينما يستخدم المتكلمون الأدلة العقلية المبنية على مقدمات سمعية، والأدلة العقلية المحضة، نجد أن علماء أصول الفقه لا يستخدمون الأدلة العقلية المحضة، ويستخدمون فقط الأدلة العقلية المبنية على مقدمات سمعية، فيبين الشاطبي استخدام الأدلة العقلية في علم أصول الفقه، فيقول: "الأدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم (يقصد علم أصول الفقه) فإنما تستعمل مركبة على الأدلة السمعية، أو معينة في طريقها، أو محققة لمناطها، أو ما أشبه ذلك، لا مستقلة بالدلالة، لأن النظر فيها نظر في أمر شرعي، والعقل ليس بشارع". أي أن الأدلة في علم أصول الفقه لا تكون مركبة من مقدمات عقلية محضة، بل قد تكون إحدى المقدمات عقلية والأخرى شرعية، وذلك بالنظر إلى طبيعة العلم التي تقوم على المسائل الشرعية، فالعقل يستخدم معيناً لإثبات تلك المسائل. ونرى اتفاقاً بين المتكلمين وعلماء أصول الفقه على عدم معارضة النقل للعقل، وأن الأدلة الشرعية لا تتناقض مع الأدلة العقلية، وعلم الكلام كما سبق القول يقول أساساً على استخدام العقل في الدين وإثبات ما جاء به النقل بالأدلة العقلية، فلا تناقض بين العقل والشرع. وبالنسبة لعلم أصول الفقه، يدلل [[إبراهيم بن موسى الشاطبي|الشاطبي]] على أن الأدلة الشرعية لا تنافي قضايا العقول، والدليل على ذلك من وجوه: أحدها: أنها لو نافتها لم تكن أدلة للعباد على حكم شرعي ولا غيره، لكنها أدلة باتفاق العقلاء، فدل أنها جارية على قضايا العقول، وبيان ذلك أن الأدلة إنما نصبت في الشريعة لتتلقاها عقول المكلفين، حتى يعلموا بمقتضاها من الدخول تحت أحكام التكليف، ولو نافتها لم تتلقها فضلاً أن تعمل بمقتضاها، ويسوي الشاطبي بين الأدلة التي تنصب على مسائل الاعتقاد والأدلة التي تنصب على المسائل العملية. والثاني: أنها لو نافتها لكان التكليف بمقتضاها تكليفاً بما لا يطاق، وذلك من جهة التكليف بتصديق ما لا يصدق العقل ولا يتصوره، بل يتصور خلافه ويصدقه، فإن كان كذلك امتنع على العقل التصديق ضرورة، وورود التكليف المنافي للتصديق هو معنى تكليف ما لا يطاق، وهو باطل كما هو مذكور في الأصول، وهنا نرى الشاطبي يعتمد على ما يقرره بعض علماء الكلام بعدم جواز تكليف ما لا يطاق. الثالث: أن مورد التكليف هو العقل، وإذا فقد العقل ارتفع التكليف، وهذا يعني اعتبار تصديق العقل بالأدلة في لزوم التكليف، كما في حال المعتوه والصبي والنائم، إذ لا عقل لهؤلاء يصدق أو لا يصدق، وهؤلاء يسقط عنهم التكليف. الرابع: أنه لو كان كذلك لكان الكفار أول من رد الشريعة به، لأنهم كانوا في غاية الحرص على رد ما جاء به الرسول، ولقد كانوا يفترون عليه، ويقولون إنه ساحر، وكان من الأولى أن يقولوا إن هذا لا يعقل، أو هو مخالف للعقول، فلما لم يكن من ذلك شيء دل على أنهم عقلوا ما فيه، وعرفوا جريانه على مقتضى العقول. الخامس: أن الاستقراء دل على جريانها على مقتضى العقول بحيث تصدقها العقول الراجحة، وهذا يعني جريانها على مقتضى العقول. وعلى هذا فإن الأدلة العقلية لها مكانتها في أصول الفقه ولا تعارض بينها وبين الأدلة الشرعية، بل إننا نجد حجج [[إبراهيم بن موسى الشاطبي|الشاطبي]] في مجملها لا تخرج عما قرره المتكلمون. ويلاحظ أن كلا من المتكلمين وعلماء أصول الفقه يأخذون بالنظر كسبيل لل[[معرفة]]، وهم بهذا يرفضون المعرفة ال[[صوفية]] التي تقوم على الإلهام، وبالنسبة لعلماء أصول الفقه فهم يرون أن النظر وسيلة إلى المعرفة، وأنه لابد من معلم ولابد من أن يكون المعلم متحققاً بالعلم، وطريق أخذ ال[[علم]] من معلم تتم مشافهة أو من الكتب. الأصول التي يبنى الفقه عليها. الأصول التي يبنى عليها الفقه هي الأدلة الإجمالية للفقه أو هي: أدلة الأحكام الشرعية، قال [[أبو حامد الغزالي]] في أدلة الأحكام وهي أربعة: الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل المقرر على النفي الأصلي، فأما [[قول الصحابي]] وشريعة ما قبلنا فمختلف فيه. والأصل الأول من أصول الأدلة: كتاب الله تعالى، ثم [[أدلة الفقه#السنة|السنة]] ثم الإجماع ثم القياس، قال [[بدر الدين الزركشي]]: اختلف العلماء في عدد الأصول التي يبنى عليها الفقه، فالجمهور على أنها أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. قال [[أبو القاسم الرافعي القزويني|الرافعي]] في باب القضاء: وقد يقتصر على الكتاب والسنة، ويقال: الإجماع يصدر عن أحدهما، والقياس الرد إلى أحدهما فهما أصلان. قال في المطلب: وفيه منازعة لمن جوز انعقاد الإجماع لا عن إمارة، ولا عن دلالة، وجوز القياس على المحل المجمع عليه. قال أبو حامد الغزالي في [[المستصفى (كتاب)|المستصفى]]: . وفي كلامه: أنا إذا نظرنا إلى ظهور الحكم في حق من تعلق به؛ فلا يظهر إلا بقول الرسول إذ لا يصل إلينا ما جاء من عند الله إلا بواسطته، فباعتبار المظهر لهذه الأحكام فهو قول الرسول فقط، إذ الإجماع يدل على أنهم استندوا إلى قوله. وإن اعتبرنا السبب الملزم فهو واحد وهو حكم الله تعالى، لكن إذا لم نجرد النظر وجمعنا المدارك صارت الأصول التي يجب النظر فيها أربعة كما سبق. واختصر بعضهم فقال: أصل ومعقول أصل، فالأصل للكتاب والسنة والإجماع، ومعقول الأصل هو القياس. قال [[أبو المظفر السمعاني|ابن السمعاني]]: وأشار [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]] إلى أن جماع الأصول نص ومعنى، فالكتاب والسنة والإجماع داخل تحت النص، والمعنى هو [[قياس (إسلام)|القياس]]، وزاد بعضهم العقل فجعلها خمسة. وقال أبو العباس بن القاص: الأصول سبعة: الحس، والعقل، والكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، واللغة. قال الزركشي: والصحيح: أنها أربعة، وأما العقل: فليس بدليل يوجب شيئا أو يمنعه، وإنما تدرك به الأمور فحسب، إذ هو آلة العارف، وكذلك الحس لا يكون دليلا بحال؛ لأنه يقع به درك الأشياء الحاضرة. وأما اللغة: فهي مدركة اللسان، ومطية لمعاني الكلام، وأكثر ما فيه معرفة سمات الأشياء ولا حظ له في إيجاب شيء. وقال الجيلي في الإعجاز: أنها أربعة: الكتاب والسنة والقياس ودليل البقاء على النفي الأصلي، وردها القفال الشاشي إلى واحد فقال: أصل السمع هو كتاب الله تعالى، وأما السنة والإجماع والقياس فمضاف إلى بيان الكتاب؛ لقوله تعالى: وقوله: . وفي الحديث: «ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه». روي عن [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] أنه لعن الواصلة والمستوصلة، وقال: «ما لي لا ألعن من لعنه الله». فقالت امرأة: قرأت كتاب الله فلم أجد فيه ما تقول، فقال: . وجاء في رواية مسلم بلفظ: «لعن الله الواصلة والمستوصلة». فأضاف عبد الله بن مسعود بلطيف حكمته قول الرسول إلى كتاب الله، وعلى هذا إضافة ما أجمع عليه مما لا يوجد في الكتاب والسنة نصا. قال بدر الدين الزركشي: «قلت: ووقع مثل ذلك للشافعي في مسألة قتل المحرم للزنبور». قال الأستاذ أبو منصور: وفي هذا دليل على أن الحكم المأخوذ من السنة أو الإجماع أو القياس مأخوذ من كتابه سبحانه؛ لدلالة كتابه على وجوب اتباع ذلك كله. الأدلة. عند الشيعة الجعفرية أدلة الفقه. وأدلة الفقه الإجمالية: [[أدلة الفقه#الكتاب|القرآن]] [[حديث نبوي|والحديث]] فهما الدليلان الذان تعتمد علهما باقي الأدلة الشرعية، ويليهما [[إجماع (فقه)|الإجماع]]؛ لأنه يقوم على أساس من [[أدلة الفقه#الكتاب|الكتاب]] [[أدلة الفقه#السنة|والسنة]]، ويليه [[قياس (إسلام)|القياس]]، ويعتمد على الأحكام الكلية العامة، من الكتاب والسنة، في الاستدلال به على الأحكام الفرعية التي لم يرد بخصوصها نص في الكتاب والسنة، وفق أحكام وقواعد للاستدلال، فهذه الأربعة الأدلة هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وما عداها من الأدلة، هي: أصول ثانوية بمعنى: أنها أدلة شرعية يستدل بها المجتهد، عند عدم ظهور الحكم بالأدلة الأربعة، كما أن هذه الأصول الثانوية، مختلف في تفاصيل الاستدلال بها، لا في إنكارها بالكلية، وتشمل: [[استصحاب]] الحال، وال[[استحسان]] وهو: الحكم بالأحسن عند عدم وجود نص صريح في المسألة، بشرط أن يكون موافقا للشرع، وألا يخالفه، أو هو العدول عن دليل [[قياس (إسلام)|القياس]] في المسألة عن مثل ما حكم به في نظائرها لوجه أقوى يقتضي هذا العدول عن المجتهد. و[[مصالح مرسلة|المصالح المرسلة]]: وهي المعاني أو الأمور التي يتم ربط الحكم بها وبناؤه عليها جلب منعفة أو دفع مضرة عن الناس دون أن يوجد نص بخصوص هذا الموضوع، [[عرف (إسلام)|والعرف]]: وهو ما تعارف عليه الناس وألفوه من قول أو فعل تكرر حتى امتزج بأفعالهم وصارت عقولهم تتلقاه بالقبول، وليس في الشرع مايخالفه. وهناك أدلة أخرى مختلف عليها بين الفقهاء بالإضافة إلى أن ما عدا [[إجماع (فقه)|الإجماع]] [[قياس (إسلام)|والقياس]] مختلف أيضاً في حجيتهم. و[[عمل أهل المدينة]] عند [[مالكية|المالكية]]. و[[قول الصحابي]]. الكتاب. الأصل الأول من الأصول الشرعية المتفق عليها عند جميع المسلمين هو الكتاب أي: [[القرآن|القرآن الكريم]] وعرفه علماء أصول الفقه بأنه . ويبحث علم أصول الفقه في الكتاب من حيث: المباحث اللغوية و[[استعمال الألفاظ]] ودلالاتها على الأحكام الشّرعيّة، ومعرفة [[الحقيقة والمجاز]] [[نسخ (إسلام)|والناسخ والمنسوخ]] والخاص والعام والمجمل والمبين، والظاهر والمفهوم والمؤول وأوجه الدلالات فيه، وغير ذلك. ومعرفة [[علم التفسير|تفسير القرآن]] وأسباب النزول وأهميته، وأوجه الاستدلال بالكتاب، وأقسام العلوم المضافة إلى القرآن، والظاهر والباطن في تفسير القرآن، وكون الظاهر في تفسير القرآن هو المفهوم العربي مجردا لا إشكال فيه، والاعتبارات القرآنية الواردة على القلوب الظاهرة للبصائر، والمدني من السور ينبغي أن يكون منزلا في الفهم على المكي، وتفسير القرآن على التوسط والاعتدال، ومعرفة الضابط المعول عليه في مأخذ الفهم في التفسير على الاعتدال والتوسط، وحكم إعمال الرأي. الكتاب كلية الشريعة وعمدة الملة وينبوع الحكمة وآية الرسالة ونور الأبصار والبصائر وأنه لا طريق إلى الله سواه ولا نجاة بغيره ولا تمسك بشيء يخالفه وهذا كله لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم من دين الأمة. والقرآن معجزة الله الباقية الذي أفحم الفصحاء وأعجز البلغاء أن يأتوا بمثله، فلا يقدر البشر على الإتيان بسورة مثله ولو اجتمعوا وكان بعضهم لبعض ظهيرا، وهو مع ذلك لا يخرج عن كونه عربيا جاريا على أساليب كلام العرب ميسرا للفهم فيه عن الله ما أمر به ونهى. قال الله تعالى: وقال: وفي القرآن علم الأولين والآخرين، والحكم بين الناس بمنهاجه القويم، وفيه كليات الشريعة ومقاصدها. واختص بكونه نزل بلسان عربي مبين، وكان السلف من [[فقهاء الصحابة]] والتابعين يفهمون معاني القرآن والسنة بالملكة التي اختصوا بها، والوصول إلى فهمه وتعقل معانيه يحتاج إلى معرفة واسعة بأساليب اللغة في استعمالاتها المختلفة، والتدبر والتعقل والاتعاظ لتحصيل المقاصد، قال تعالى: . وقد حث الشرع الإسلامي على تعلم أحكام القرآن والعمل به نظرا وعملا دون الاقتصار على أحدهما، إذ لا يتحقق مقصود الشرع إلا بهما، والمقصود الأهم هو تدبر معاني القرآن وفهمها على الوجه الصحيح من أجل الحصول على العلم والخشية، وعدم تفسير القرآن بحسب الأهواء والقول بالرأي الناشئ عن الجهل بالمعنى الذي نزل فيه القرآن، فقد روى ابن وهب عن بكير أنه سأل [[نافع مولى ابن عمر|نافعا]] كيف كان رأي [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] في الحرورية قال: «يراهم شرار خلق الله أنهم انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين». أحكام الكتاب. واستنباط أحكام الشريعة لا يتأتى إلا لمن تتوفر فيه شروط الاجتهاد، ومنها المعرفة بالعلوم المتعلقة بالقرآن، وأهمها: علم اللغة والمباحث اللغوية، ومعرفة السنة؛ لأنها بيان القرآن، ومعرفة أسباب التنزيل وهي لازمة لمن أراد علم القرآن والدليل على ذلك أمران أحدهما أن علم المعاني والبيان الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن فضلا عن معرفة مقاصد كلام العرب إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال حال الخطاب من جهة نفس الخطاب أو المخاطب أو المخاطب أو الجميع إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالين وبحسب مخاطبين وبحسب غير ذلك كالاستفهام لفظه واحد ويدخله معان آخر من تقرير وتوبيخ وغير ذلك وكالأمر يدخله معنى الإباحة والتهديد والتعجيز وأشباهها ولا يدل على معناها المراد إلا الأمور الخارجة وعمدتها مقتضيات الأحوال وليس كل حال ينقل ولا كل قرينة تقترن بنفس الكلام المنقول وإذا فات نقل بعض القرائن الدالة فات فهم الكلام جملة أو فهم شيء منه. ومعرفة الأسباب رافعة لكل مشكل في هذا النمط فهي من المهمات في فهم الكتاب بلا بد ومعنى معرفة السبب هو معنى معرفة مقتضى الحال وينشأ عن هذا الوجه. الوجه الثاني وهو أن الجهل بأسباب التنزيل موقع في الشبه والإشكالات ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال حتى يقع الاختلاف وذلك مظنة وقوع النزاع. روى أبو عبيد عن إبراهيم التيمي قال خلا عمر ذات يوم فجعل يحدث نفسه كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة فقال ابن عباس يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيم نزل وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرءون القرآن ولا يدرون فيم نزل فيكون لهم فيه رأي فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا فإذا اختلفوا اقتتلوا قال فزجره عمر وانتهره فانصرف ابن عباس ونظر عمر فيما قال فعرفه فأرسل إليه فقال أعد علي ما قلت فأعاده عليه فعرف عمر قوله وأعجبه وما قاله صحيح في الاعتبار، والقائلون في كتاب الله بغير علم يعدون ممن كذبوا على الله وشرعوا في دينه ما لم يأذن به، والغفلة عن أسباب التنزيل تؤدي إلى الخروج عن المقصود بالآيات. جاء رجل إلى [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] فقال تركت في المسجد رجلا يفسر القرآن برأيه يفسر هذه الآية يوم تأتى السماء بدخان مبين قال يأتي الناس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفسهم حتى يأخذهم كهيئة الزكام، فقال ابن مسعود: «من علم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به الله أعلم إنما كان هذا الآن قريشا استعصوا على النبي دعا عليهم بسنين كسنى يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد فأنزل الله فارتقب يوم تأتى السماء بدخان الآية إلى آخر القصة». وهذا شأن أسباب النزول في التعريف بمعاني المنزل بحيث لو فقد ذكر السبب لم يعرف من المنزل معناه على الخصوص دون تطرق الاحتمالات وتوجه الإشكالات وقد قال عليه الصلاة والسلام خذوا القرآن من أربعة منهم عبد الله ابن مسعود وقد قال في خطبة خطبها والله لقد علم أصحاب النبي إني من أعلمهم بكتاب الله وقال في حديث آخر والذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم أنزلت ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه وهذا يشير إلى أن علم الأسباب من العلوم التي يكون العالم بها عالما بالقرآن وعن الحسن أنه قال ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم فيم أنزلت وما أراد بها وهو نص في الموضع مشير إلى التحريض على تعلم علم الأسباب وعن ابن سيرين قال سألت عبيدة عن شيء من القرآن فقال اتق الله وعليك بالسداد فقد ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن وعلى الجملة فهو ظاهر بالمزاولة لعلم التفسير. السنة. السنة هي الأصل الثاني من أصول أدلة الأحكام الشرعية، وتطلق في [[علم الحديث]] مرادفة للحديث وتعرف بأنها: . مما أفاد حكما شرعياً، ونقله رواة الحديث، مثل قول راوي الحديث: قال رسول الله كذا، أو فعل كذا، أو فعل بحضرته كذا فأقره ولم ينكره، ومباحث علم أصول الفقه في السنة من حيث أنه دليل شرعي، تؤخذ منه الأحكام الشرعية، ومن حيث أوجه دلالة النص، وما يوجد فيه من عموم أو خصوص أو نسخ أو غير ذلك، وأفعال الرسول، وما يكون منها للخصوصية مثل: وجوب قيام الليل. وقد تستعمل كلمة: «سنة» بمعنى الطريقة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم، و[[الخلفاء الراشدون]]، إلا أن المقصود بالسنة النبوية في أصول الفقه: الدليل الثاني بعد القرآن وهو الحديث النبوي. تعريف السنة. السنة في اللغة: الطريقة، فسنة كل أحد ما عهدت منه المحافظة عليه والإكثار منه، سواء كان ذلك من الأمور الحميدة أو غيرها. قال في شرح الكوكب المنير: «ومنه قوله : «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها» إلى آخره» وتسمى بها أيضا: العادة والسيرة، قال في البدر المنير: السنة السيرة حميدة كانت أو ذميمة، وقال في القاموس: السنة السيرة، ومن الله تعالى حكمه وأمره ونهيه. وتطلق السنة في الشرع لمعان متعددة، فقد تطلق على ما كان من العبادات نافلة منقولة عن النبي عليه السلام، وتطلق في اصطلاح أهل الشرع تارة على ما يقابل [[القرآن]]، ومنه حديث مسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة». وتطلق تارة على [[المندوب]] أو المستحب الذي يقابل [[فرض|الفرض]] وغيره من الأحكام الخمسة. وتطلق تارة على ما يقابل البدعة. قال تقي الدين الفتوحي: واحترز بقوله: «اصطلاحا» من السنة في العرف الشرعي العام، فإنها تطلق على ما هو أعم من المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين؛ لأنها في اصطلاح علماء الأصول: أي: غير القرآن. وقد تطلق على ما صدر عن الرسول من الأدلة الشرعية مما ليس بمتلو، ولا هو معجز ولا داخل في المعجز، وهذا النوع هو المقصود بالبيان هاهنا، قال الآمدي: ويدخل في ذلك أقوال النبي عليه السلام، وأفعاله وتقاريره، أما الأقوال من الأمر والنهي والتخيير والخبر وجهات دلالتها فسيأتي إيضاحها في الأصل الرابع المخصوص ببيان ما تشترك فيه الأدلة المنقولة الشرعية. قال تقي الدين الفتوحي: . وقال أيضا: «السنة شرعا واصطلاحا: «قول النبي وفعله وإقراره على الشيء»، يقال أو يفعل، فإذا سمع النبي إنسانا يقول شيئا، أو رآه يفعل شيئا فأقره عليه فهو من السنة قطعا». الإجماع. الإجماع هو الأصل الثالث من أصول الفقه ويطلق في اللغة على أحد معنيين هما: التصميم على الأمر والعزم على فعله وإمضائه، ومنه قوله تعالى على لسان نوح: الآية. وقوله تعالى في شأن أخوة يوسف: ومنه قول الرسول: «من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له». ومن معانيه التواطؤ والاتفاق فيقال: أجمع الناس على كذا أي اتفقوا عليه. وفي الاصطلاح عرفه [[بدر الدين الزركشي]] بقوله: . فيختص بكونه من أهل الاجتهاد، أما العوام فلا عبرة بوفاقهم ولا بخلافهم ولا يعد دليلا شرعيا، وكونهم من أمة محمد، فخرج به اتفاق الأمم السابقة، وبعد وفاته، على أمر من الأمور الحادثة فخرج بالحادثة: انعقاد الإجماع على الحكم الثابت بالنص والعمل به، وكونه: على أمر من الأمور، يتناول الشرعيات والعقليات والعرفيات واللغويات. وقد كان [[فقهاء الصحابة]] يجتهدون فيما يستجد وما يطرأ من معضلة وكان الخلفاء يستشيرونهم وانعقد إجماع الصحابة في مسائل مثل إجماعهم على وجوب تنصيب خليفة للمسلمين و[[جمع القرآن]] في مصحف واحد وغير ذلك، وقد اهتم العلماء بالكتابة عن معاقد الإجماع وبيان أحكامه. ومباحثه في النظر في مسماه لغة واصطلاحا، وفي إمكانه في نفسه، وفي جواز العلم به، وجواز نقله، ثم في كونه حجة، وبماذا ثبتت حجيته، ثم في كونه قطعيا، ثم في استحالة الخطأ فيه، ثم في وجوب العمل به، ثم في استصحابه بعد ثبوته، وفي كونه من خصائص هذه الأمة، وغيرها من مباحث الأحكام المتعلقة به في علم أصول الفقه. والمجمع عليه هو ما يكون الإجماع فيه دليلا وحجة وهو كل أمر ديني لا يتوقف ثبوت حجة الإجماع على ثبوته. أحكام الإجماع. يكون الإجماع على حكم شرعي في حادثة لم يرد نص صريح من الكتاب والسنة بخصوصها، ويلزم في حصول الإجماع غياب النص باطراد، ومن الإجماع ما لا يتعلق بغياب النص بل يكون بمعنى: الإجماع على دلالة النص، مثل قول الله تعالى: فظاهر ال[[أمر (الإسلام)|أمر]] الوجوب لكن انعقد الإجماع على أن دلاة النهي في هذا النص تقتضي الإباحة، فالاصطياد بعد التحلل من ال[[مباح]]ات، لا من الواجبات، فهذا الإجماع على خلاف ظاهر النص، وقد يكون الإجماع على دلالة النص، بمقتضى الظاهر.وفائدة الإجماع مع وجود النص: أن النص دليل نقلي، ولا يكون حجة إلا بنقل صحيح، فإذا كان النص قطعي الثبوت؛ لا يلزم منه أن يكون قطعي الدلالة على ظاهره كالأمر بالصيد بعد التحلل، وإذا دل النص على حكم؛ فدلالته إما أن تكون قطعية، وإما غير قطعية، فقطعي الدلالة هو الذي انعقد الإجماع على دلالته على حكم مخصوص متفق عليه، مثل: [[فرض]] الزكاة، فعلماء الفقه يعبرون بالقول: «والزكاة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع»، أو: «والأصل في وجوبها قبل الإجماع: نصوص الكتاب والسنة». وأما النص غير قطعي الدلالة؛ فهو الذي لا تكون دلالته على المقصود منه أمرا متفقا عليه مثل قول الله تعالى: ، أي: ([[صلاة العيدين|صلاة العيد]]) فظاهر الأمر يقتضي الوجوب، لكن دلالته على [[واجب شرعي|الوجوب]] حكم غير مجمع عليه. قال بدر الدين الزركشي: . قال العبدري بعد تعريف الإجماع: هكذا رسم الأصوليون الإجماع، وفيه نظر، فإنه لفظ مشترك، يقال على ما هو إجماع على العمل يستند الحكم، أي بدليله من الكتاب والسنة، ويقال: ما هو إجماع على استنباط الحكم من الكتاب والسنة بالاجتهاد والقياس، والذي هو إجماع على العمل بمستند الحكم ينقسم إلى إجماع نقل مستنده إلى المجتهدين، وإلى إجماع درس مستنده فلم ينقل إليهم. فهذه ثلاثة معان متباينة، فيحتاج إلى ثلاثة رسوم. القياس. القياس في علم أصول الفقه هو الدليل الرابع من أدلة [[فقه إسلامي|الفقه الإسلامي]] بعد [[القرآن|الكتاب]] و[[حديث نبوي|السنة]] و[[إجماع (فقه)|الإجماع]]، وإنما يعد دليلا شرعيا عند عدم وجود دليل شرعي للحكم من نص من الكتاب والسنة والإجماع، فلا قياس مع النص. والقياس دليل ثبت تقرير العمل به بأدلة شرعية ومن أشهر ما يدل عليه من القرآن قوله تعالى: وقد سئل أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وهو من أئمة اللسان عن "الاعتبار" فقال: أن يعقل الإنسان الشيء فيعقل مثله. فقيل: أخبرنا عمن رد حكم حادثة إلى نظيرها أيكون معتبرا؟ قال: نعم هو مشهور في كلام العرب. حكاه البلعمي في كتاب: «الغرر في الأصول». ونقل القاضي أبو بكر في "التقريب": اتفاق أهل اللغة على أن الاعتبار اسم يتناول تمثيل الشيء بغيره واعتباره به، وإجراء حكمه عليه، والتسوية بينهما في ذلك، وإنما سمي الاتعاظ والفكر اعتبارا؛ لأنه مقصود به التسوية بين الأمر ومثله، والحكم فيه بحكم نظيره، ولولا ذلك لم يحصل الاتعاظ والازدجار عن الذنب بنزول العذاب والانتقام بأهل الخلاف والشقاق، ثم حكي ما سبق عن ثعلب. واحتج الشافعي في «[[الرسالة (كتاب)|الرسالة]]» بقوله تعالى: وقال: فهذا تمثيل الشيء بعدله وقال: وأوجب المثل ولم يقل أي مثل فوكل ذلك إلى اجتهادنا، وأمرنا بالتوجه إلى القبلة بالاستدلال فقال: واحتج ابن سريج في الودائع بقوله تعالى: فأولو الأمر هم العلماء، والاستنباط هو القياس، فصارت هذه الآية كالنص في إثباته. وقوله تعالى: الآية؛ لأن القياس تشبيه الشيء فإذا جاز من فعل من لا تخفى عليه خافية ليريكم وجه ما تعلمون فهو ممن لا يخلو من الجهالة والنقص أجوز. واحتج غيره بقوله تعالى: فهذا صريح في إثبات الإعادة قياسا. وقال الزركشي: واحتج أصحابنا بقوله تعالى: قال: والاستنباط مختص بإخراج المعاني من ألفاظ النصوص، مأخوذ من استنباط الماء إذا استخرج من معدنه. والدليل على القياس السنة مثل حديث [[معاذ بن جبل]]: «أجتهد برأيي ولا آلو»، وقال النبي في خبر المرأة: ، وقال لرجل سأله أيقضي أحدنا شهوته ويؤجر عليه؟ قال: «أرأيت لو وضعها في حرام كان عليه وزر؟» قال نعم، قال: «فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر». وفي صحيح مسلم: . قال المزني: فأبان له بما يعرف أن الحمر من الإبل تنتج الأورق فكذلك المرأة البيضاء تلد الأسود، فقاس أحد نوعي الحيوان على الآخر، وهو قياس في الطبيعيات؛ لأن الأصل ليس فيه نسب حتى نقول قياس في إثبات النسب. وصنف الناصح الحنبلي جزء في أقيسة النبي، وثبت ذلك عن الصحابة كقول [[عمر بن الخطاب]] [[أبو موسى الأشعري|لأبي موسى]]: «واعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور عندك». وقد تكلم الصحابة في زمن النبي في العلل، ففي البخاري عن عبد الله بن أبي أوفى لما نهى عن تحريم الحمر يوم خيبر قال فتحدثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تخمس وقال بعضهم نهى عنها ألبتة لأنها كانت تأكل العذرة. ومن الأدلة على ثبوت القياس: إجماع الصحابة فإنهم اتفقوا على العمل بالقياس، ونقل ذلك عنهم قولا وفعلا. قال [[أبو الوفاء بن عقيل|ابن عقيل الحنبلي]]: وقد بلغ التواتر المعنوي عن الصحابة باستعماله، وهو قطعي. وقال الهندي: دليل الإجماع هو المعول عليه جماهير المحققين من الأصوليين، وقال ابن دقيق العيد: عندي أن المعتمد اشتهار العمل بالقياس في أقطار الأرض شرقا وغربا قرنا بعد قرن عند جمهور الأمة إلا عند شذوذ متأخرين قال: وهذا من أقوى الأدلة. وقال ابن برهان: أوجز بعض العلماء العبادة فقال: انعقد الإجماع على أن التعبد بالدليل المقطوع بدليله جائز، فكذلك ينبغي أن يجوز التعبد بالقياس المظنون دليله. ودليل القياس بطريق العقل: أن النصوص لا تفي بالأحكام؛ لأنها متناهية والحوادث غير متناهية، فلا بد من طريق آخر شرعي يضاف إليه، لكن لهم أن يمنعوا تناهي النصوص فإن المعنى إذا ظهر تناول ذلك الفرع على سبيل العموم في جميع الأذهان، فإن أفراد العموم لا تتناهى، فإذا تصور عدم التناهي في الألفاظ ففي المعاني أولى، قال القفال: ولأنه لا حادثة إلا ولله فيها حكم اشتمل القرآن على بيانه لقوله تعالى: ورأينا المنصوص لم يحط بجميع أحكام الحوادث فدل على أنا مأمورون بالاعتبار والقياس. قال [[إسماعيل بن يحيى المزني|المزني]] في كتاب «إثبات القياس»: «لو لم يكن للنظير حكم نظيره في الحلال والحرام لبطل القياس ولما جاز لأحد أن يقول إلا بنص كتاب أو سنة وكان ما اختلف فيه مهملا لا حكم له، وهذا غير جائز». والمقصود من هذا القياس القائم على طرق شرعية سليمة من غير المجازفة، كما أنه لا يكون إلا عند الحاجة لتعذر الحصول على نص أو إجماع. قال الزركشي: قلت: ومن البلية اقتصار كثير من الفقهاء على الاستدلال على القياس وعدم بحثهم عن النص فيها وهو موجود لو تطلبوه. مصادر الفقه عند الشيعة الإمامية. مصادر الفقه التي يستمد منها الفقه الشيعي الإمامي هي: الكتاب والسنة والإجماع والعقل، فالأصل الأول هو: الكتاب باعتباره الدستور الإلهي الخالد وهو: [[القرآن|القرآن الكريم]]، الذي لا يعدل عنه إلى غيره أبدا. والمصدر الثاني: [[حديث نبوي|الحديث النبوي]] وهو: السنة النبوية المأثورة عن رسول الله، والتي نقلت عن طريق أهل بيته خصوصا، وعن سائر الثقات عموما. وكذلك أحاديث العترة أهل البيت، حيث أنهم في معتقد [[إمامية|الشيعة الإمامية]] معصومون، ويطلقون عليهم لقب: الأئمة المعصومين، ويرون ما جاء عن أئمة [[أهل البيت]] من قول أو فعل أو تقرير أصل من أصول الفقه، فيستمد فقه الشيعة الإمامية مادته من الكتاب والسنة النبوية، بالإضافة إلى حديث [[أهل البيت|العترة]] أو ما يسمونه: حديث المعصوم، وهو أقوال أهل البيت، ويوازيه في الحجية والأهمية عندهم فعل أهل البيت وتقريرهم. والأصل الثالث: [[إجماع (فقه)|الإجماع]]، والمراد منه إجماع المسلمين على حكم شرعي، أو إجماع الشيعة الإمامية، فيكون هذا الإجماع كاشفاً عن وجود نص واصل إلى يد المجمعين، وإن لم يكن قد وصل إلى من بعدهم، ويرون أن الإجماع ليس حجة بنفسه، وإنما يكون حجة لكشفه عن وجود دليل شرعي لدى المجمعين، فيقصدون به: إجماع الفقهاء الكاشف عن وجود نص وارد في المسألة من جهة المعصوم، وإن لم يصل ذلك النص إلى يد المجتهد، ولم يقف على مستند ذلك الإجماع. والأصل الرابع عند الشيعة الإمامية: العقل فيستمد الحكم مادته من العقل في إطار خاص مثل: باب الملازمات العقلية، كالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته، وحرمة الشيء وحرمة ضده، وحرمة الشيء وفساده، وغير ذلك. والمراد من العقل عندهم: الإدراكات القطعية العقلية التي لا يتردد فيها ولا يشك في صحتها، ويعتبرون العقل حجة الله الباطنية التي يحتج بها على العباد، ثم بحكم العقل الذي له صلاحية الحكم والقضاء يُستكشف حكم الشرع، للملازمة بين حكم العقل والشرع واستحالة التفكيك بينهما، فمثلاً إذا استقلّ العقل بقبح العقاب بلا بيان فيفتي المجتهد في الموارد التي لم يرد فيها دليل شرعي على الحكم الشرعي، بالبراءة أو الحلّية. وهذه هي أهم الأُسس التي يقوم عليها الفقه الإسلامي للشيعة الإمامية. وهذه المصادر التي يستند إليها فقه الشيعة الإمامية وليس هناك مصدر آخر يعتمد عليه، أما العرف فلا يعتبرونه أصلا شرعيا، بل يكون الرجوع إليه لتحديد المفاهيم وتبيين الأوضاع كالرجوع إلى قول أهل اللغة. كما رفضت الشيعة -منذ زمن مبكر-: القياس والاستحسان وسد الذرائع وما يماثلها من الأدلة الظنية التي لم يقم دليل عندهم على حجيتها. الاجتهاد. الاجتهاد عند علماء أصول الفقه هو «بذل الجهد في إدراك الأحكام الشرعية» أو هو: «بذل الجهد في تعرف [[الحكم الشرعي]]»، ويقابله: [[تقليد (إسلام)|التقليد]]. والاجتهاد إما تام أو ناقص، فالتام هو: «استفراغ القوة النظرية حتى يحس الناظر من نفسه العجز عن مزيد طلب»، والناقص هو: «النظر المطلق في تعرف الحكم». وهناك شروط وتفاصيل مذكورة في علم أصول الفقه. روى [[أبو عيسى محمد الترمذي|الترمذي]] و[[أبو داود]] و[[الدارمي السمرقندي|الدارمي]]: . وفي الحديث: دليل على إقرار معاذ بن جبل على الاجتهاد، وشهادة له بتلك الأهلية حيث بعث واليا وقاضيا في اليمن، وفيه امتحان له بسؤاله كيف يقضي إذا عرض له قضاء؟ وقد أجاب معاذ بن جبل بأنه يقضي بكتاب الله فإن لم يجد فبسنة رسول الله، فإن لم يجد فيهما اجتهد. ومعنى قوله: أجتهد رأيي: أي أطلب حكم تلك الواقعة بالقياس على المسائل التي جاء فيها نص وأحكم فيها بمثل المسألة التي جاء فيها نص لما بينهما من المشابهة. ومعنى ولا آلو: ما أقصر للاعتمال والسعي وبذل الوسع، ونسبته إلى الرأي. قال الخطابي: لم يرد به الرأي الذي يسنح له من قبل نفسه أو يخطر بباله على غير أصل من كتاب أو سنة، بل أراد رد القضية إلى معنى [[القرآن|الكتاب]] [[حديث نبوي|والسنة]] من طريق [[قياس (إسلام)|القياس]] وفي هذا إثبات للحكم بالقياس. قال الطيبي: وهذا معنى قولهم: كل مجتهد مصيب، ولا ارتياب أن المجتهد إذا كدح في التحري وأتعب القريحة في الاستنباط استحق أجرا لذلك، وهذا بالنظر إلى أصل الاجتهاد، فإذا نظر إلى الجزئيات، فلا يخلو من أن يصيب في مسألة من المسائل، أو يخطيء فيها، فإذا أصاب ثبت له أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن أخطاء فله أجر واحد هو أجر الاجتهاد ولا شيء عليه في في الخطأ. المجتهد. المجتهد في اصطلاح علماء أصول الفقه هو: الفقيه بمعى: الذي لديه قدرة على ممارسة [[اجتهاد (إسلام)|الإجتهاد]] وهو: ملكة علمية تمكنه من استنباط الأحكام من [[أدلة الفقه|أدلتها]]، وتمكنه من تولي [[قاضي|القضاء]] والإفتاء بشروطه. ولا يطلق الفقيه عند علماء الأصول إلا على المجتهد من أصحاب المذاهب الفقهية، الذي استوفى شروط الاجتهاد، وأما عند غير علماء الأصول فيطلق لفظ: (فقيه) على المشتغل بالفقه، وأيضا ليتمز عن (المحدث) وهو المشتغل بعلم [[حديث نبوي|الحديث]]، كما قد يطلق لفظ (مجتهد) بمعنى: [[تحر (فقه)|المتحري]] أو الباحث، أو غير ذلك. وأصول الفقه: هو الذي يبين لنا من الشخص الذي يستطيع الاستنباط، وما هي مؤهلاته، سواء كان ممن أسسوا المدارس الفقهية، أو من غيرهم كالمقلد الذي يتولى منصب الإفتاء أوالقضاء. الاستنباط. الاستنباط في [[تعريف لغوي|اللغة]]: استخراج ال[[ماء]] من العين من قولهم: نبط الماء إذا خرج من منبعه، والنبط: الماء الذي ينبط من قعر البئر إذا حفرت، واستنبطه واستنبط منه علما وخبرا ومالا: استخرجه، والاستنباط: الاستخراج. وفي الاصطلاح: استخراج المعاني من النصوص بفرط الذِّهن وقوَّة القريحة. وفي الفقه: استخراج المجتهد المعاني والأحكام الشرعية من النصوص ومصادر الأدلة الأخرى. أو هو: استنتاج الأحكام من الأدلة. ومنه في [[القرآن]] قول الله تعالى: ، قال [[محمد بن جرير الطبري|ابن جرير]]: وكل مستخرج شيئا كان مستترا عن أبصار العيون أو عن معارف القلوب فهو له: مستنبط، يقال: استنبطت [[بئر|الركية]] إذا استخرجت ماءها، ونبطتها أنبطها، والنبط الماء المستنبط من الأرض. وفي الآية دليل على مشروعية الاستنباط، الذي هو في الأصل مخصوص بالبحث عن معرفة حكم خفي يستدعي [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]] في تحصيله بطريق الاستنباط، وأن مرده إلى العلماء الذين لديهم أهلية النظر والاجتهاد. روى ابن جرير بسنده: عن قتادة: «: يقول: إلى علمائهم؛ لعلمه الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك». وعن ابن جريج: «ولو ردوه إلى الرسول، حتى يكون هو الذي يخبرهم: وإلى أولي الأمر منهم: الفقه في الدين والعقل». وعن أبي العالية: : العلم : يتتبعونه ويتحسسونه. والاستنباط في اصطلاح علماء أصول الفقه هو: استخراج المعاني من النصوص بفرط الذهن وقوة القريحة كما في [[التعريفات (كتاب)|تعريفات الجرجاني]]. أو هو: استنتاج الأحكام من الأدلة. فهو بمعنى: استنتاج الأحكام الشرعية من [[أدلة الفقه|أدلتها]] التفصيلية واستخراجها واستخلاصها منها، والحصول على المعرفة بحكم لم يرد في الشرع نص يدل عليه بخصوصه، فمثلا: تحريم الخمر فإنه ورد في الشرع نص بخصوصه، والمسكرات التي لم يرد نص شرعي بخصوصها يلحق حكمها بالخمر قياسا عليه بجامع الإسكار، وبناء على [[قاعدة فقهية|قاعدة]] شرعية عامة في حديث: . وكتحريم ضرب الوالدين قياسا على تحريم التأفف. وقد ذكر علماء أصول الفقه في تعريفهم الفقه بأنه: استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وأن المسائل المدونة في كتب الفقه ليست بفقه اصطلاحا، وأن حافظها ليس بفقيه، وبه صرح العبدري في باب الإجماع من شرح المستصفى. قال: وإنما هي نتائج الفقه، والعارف بها فروعي، وإنما الفقيه هو المجتهد الذي ينتج تلك الفروع عن أدلة صحيحة، فيتلقاها منه الفروعي تقليدا ويدونها ويحفظها. وقال أبو إسحاق في كتاب الحدود: الفقيه من له الفقه، فكل من له الفقه فقيه، ومن لا فقه له فليس بفقيه. قال: والفقيه هو العالم بأحكام أفعال العباد التي يسوغ فيها الاجتهاد. قال الشافعي: «إذا رفعت إلى المجتهد واقعة فليعرضها على نصوص الكتاب فإن أعوزه فعلى الأخبار المتواترة ثم على الآحاد فإن أعوزه لم يخض في القياس بل يلتفت إلى ظواهر القرآن فإن وجد ظاهرا نظر في المخصصات من قياس أو خبر فإن لم يجد تخصيصا حكم به وإن لم يعثر على لفظ من كتاب ولا سنة نظر إلى المذاهب فإن وجدها مجمعا عليها اتبع الإجماع، فإن لم يجد إجماعا خاض في القياس». مفهوم القول بالرأي في الاجتهاد. لا يكون الاجتهاد إلا فيما يعرض من إشكالات وفيما هو غامض أو من الدقائق الخفية عند عدم وجود نص شرعي يدل عليه بعينه، ولا يكون الاجتهاد بالرأي إلا في هذه الحالة، فلا رأي في ثبوت نص ثابت، ولا في أمر مجمع عليه، والمقصود بالرأي في الحكم الشرعي: المستند إلى دليل شرعي ووفق شروط مخصوصة لل[[اجتهاد (إسلام)|اجتهاد]]، وممن لديه أهلية الاجتهاد. أما إذا كان مجرد رأي عادي فهو موصوف بالخطأ دائما، وعليه يحمل قول [[علي بن أبي طالب]]: . فالاجتهاد والإفتاء لا يكون بالرأي الشخصي وإن وافق الحق. وفي الحديث: . وسبب الخطأ: تقديم الرأي على الشرع، وكون الحكم مبنيا على اتباع الهوى، وعدم وجود الأهلية. ومن تعلم أو قرأ شيئا من العلم؛ لا يجوز له الإقدام على الإفتاء في الأحكام الشرعية؛ لأن الأحكام الظاهرة قد تأخذ منحى آخر ربما يقصر فهمه عن إدراكة، فقد أصيب رجل بشج وصل إلى باطن رأسه، فأصابته جنابة فسأل عن الحكم، فقيل له: عليك الاغتسال بتعميم جميع البدن ولا مخرج لك من ذلك، وكانت الفتوى أخذا بظاهر الشرع، فاغتسل الرجل فوصل الماء إلى دماغه فمات، وقد جاء في ذلك حديث، يدل على ذلك، وجاء في الحديث: مراتب الاجتهاد. مراتب الاجتهاد هي درجات ومراتب علمية محددة في [[فقه إسلامي|الفقه]] وأصوله، ويقصد بها ترتيب المستويات العلمية للمجتهدين ودرجاتهم. وقد ذكر علماء الشرع الإسلامي مراتب الفقهاء، وبينوا خصائص كل صنف من المجتهدين وشروطه في الاجتهاد، كما قسم العلماء مراتب المجتهدين إلى قسمين أساسيين وهما: المجتهد المستقل وغير المستقل، فالمجتهد المستقل أو المجتهد المطلق المستقل، هو الذي بلغ رتبة [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]] في جميع أبواب الشرع وفق شروط محددة لذلك، وتعد رتبة المجتهد المستقل من أعلى [[مراتب الاجتهاد]]، فالمستقل ك[[الأئمة الأربعة]]، وغير المستقل هو المنتسب إلى مذهب إمام من أئمة المذاهب الفقهية. وقد فقد الاجتهاد المستقل في القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا اجتهاد المنتسبين إلى المذاهب الفقهية، الذين عملوا في استكمال بناء المذاهب الفقهية، حتى نضج [[علم فروع الفقه]] خصوصا في العصور المتأخرة، فالمسائل والأحكام الفقهية ومعاقد الإجماع أصبحت مقررة، والفقهاء بعد الانتهاء من تمهيد الأحكام مقلدون لأئمة مذاهبهم في الأحكام المفروغ منها. قال [[جلال الدين السيوطي|السيوطي]]: وقد نص العلماء ك[[ابن الصلاح]] و[[يحيى بن شرف النووي|النووي]] وغيرهما على وجود اختلاف بين [[مراتب الاجتهاد]]، وأنه من دهر طويل فقد المجتهد المستقل، ولم يبق إلا المجتهدون المنتسبون إلى المذاهب. وقرروا أن المجتهدين أصناف: مجتهد مطلق مستقل، ومجتهد مطلق منتسب إلى إمام من الأئمة، كالمنتسبين إلى [[الأئمة الأربعة]]، ومجتهد مقيد. وأن الصنف الأول فقد من القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا الصنفان الآخران: المطلق المنتسب والمقيد. وقال السيوطي: وممن نص على ذلك من [[شافعية|أصحابنا]] أيضا [[ابن برهان]] في الوجيز، ومن المالكية [[ابن المنير السكندري|ابن المنير]]، وذكر السيوطي عباراتهم وعبارات غيرهم في كتاب الرد على من أخلد على الأرض. الإفتاء. الإفتاء في أمور الدين من مهمات العلماء المتخصصين، وله مكانة مهمة في الإسلام، وهو [[فرض كفاية]]، وهو مسؤولية دينية وأمانة لا يتصدر لها إلا من كان من أهل [[مراتب الفقهاء|الفتوى]]، وقد كان الكثير من الصحابة يتورعون عن الفتيا؛ خشية الوقوع في الزلل. وتعد الفتوى في أمور الدين من مهمات العلماء المتخصصين للفتوى. ويشترط فيمن يتولى الإفتاء والقضاء أن يمتلك الأهلية والكفاءة العلمية، والقدرة على استنباط الأحكام الشرعية. قال النووي: . ويشترط في المفتي أن يكون من [[مراتب الاجتهاد|المجتهدين]]، إلا أنه لا يشترط ذلك في الأحكام المفروغ من تمهيدها، خصوصا في الأزمنة المتأخرة بعد تدوين المذاهب الفقهية وعمل الناس عليها على مدى قرون من الزمن، فيفتي المفتي وفق ما هو مقرر في مذهبه. ولا يجوز الإفتاء بغير علم، وفي الحديث: . فيأثم المفتي بغير علم، ويتحمل إثم من عمل بفتواه، ومن وقع في خطأ بفتوى عالم؛ فالإثم على ذلك العالم، وهذا إذا لم يكن الخطأ في محل [[اجتهاد (إسلام)|الاجتهاد]]، أو كان في محل الاجتهاد إلا أنه وقع لعدم بلوغه في الاجتهاد حقه. قاله في فتح الودود. إذا لم يكن في المفتي أهلية الإفتاء فقد وقع في الخطأ، . . وقد كان أئمة السلف وفضلاء الخلف يتورعون عن تولي مهمة القضاء والإفتاء؛ خشية الزلل. انظر أيضًا. وصلات خارجية. [[تصنيف:فقه إسلامي|*]] [[تصنيف:أصول الفقه|*]] [[تصنيف:علوم الحديث]] [[تصنيف:علوم القرآن]] [[تصنيف:علوم شرعية]] [[تصنيف:مصطلحات إسلامية]] الحد الأدنى من بقايا المرض هي الحالة التي يتم فيها وجود خلايا سرطانية بأعداد قليلة في جسم المريض ولا يمكن كشفها بواسطة الطرق التقليدية. في حالة اكتشاف الحد الأدنى من بقايا المرض لمريض يتم علاجه من مرض السرطان هذا يدل على أن العلاج غير مكتمل بعد. يمكن أيضا التحري عن الحد الأدنى من بقايا المرض كوسيلة للوقاية وكشف وجود السرطان في وقت مبكر من المرض. يمكن التحري عن هذه الخلايا بوساطة فحص تفاعل البوليميريز التسلسلي وجهاز عداد الخلايا (Flow Cytometry) خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، الابن الأكبر للأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود. ولد سنة 1948 شغل منصب نائب وزير الدفاع إلى أن تم إعفاؤه في 20 أبريل 2013 وهو أحد خريجي أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية وهو الرئيس الفخري لنادي الشباب السعودي. حرب الخليج الثانية 1991. كان الأمير خالد بن سلطان هو قائد القوات العربية في عملية عاصفة الصحراء لتحرير دولة الكويت، وكان أحد الحاضرين والموقعين على اتفاقية خيمة صفوان لوقف إطلاق النار مع العراق. حملة اليمن 2009. في نوفمبر 2009، قاد الأمير خالد حملة عسكرية ضد الحوثيون انتهت بتوقيع هدنة يوم 12 فبراير 2010, التي طلبها زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، فيما أعلن الأمير خالد أن الحوثيين "لم ينسحبوا من أراضي المملكة طوعاً بل دحروا عنها بالقوة، في إشارة إلى إعلان الحوثيين إنهائهم الانسحاب من الأراضي السعودية في إطار الهدنة التي عرضوها على المملكة على لسان زعيمهم عبد الملك الحوثي، وأعلن الأمير خالد أن القوات السعودية اعتقلت في الحملة ما لا يقل عن 1,500 من الحوثيين. من جهة أخرى يرى البعض أن الجيش السعودي قد ارتكب أخطاء تكتيكية عدة وانتقد البعض دور خالد بن سلطان في الحملة. تأذت سمعته وقد أزعجت هذه الأخطاء الملك عبد الله. شكى عبد الله من طول فترة الحرب، وعدد الخسائر الكبير، كما كان هناك عدد من ألوية الجيش السعودي. وقيل أن فرص خالد في خلافة والده كوزير للدفاع تلاشت بعد هذه الحملة. الإعلام. يملك الأمير خالد بن سلطان جريدة الحياة اللندنية وقد أوردت السفارة الأمريكية في الرياض في أحد تقاريرها عن الأمير خالد أنه لا يتدخل في أعمال الصحيفة طالما ابتعدت عن انتقاد سياسة الحكومة السعودية، وأن على الصحيفة أن تكون أجرأ من أي صحيفة ورقية سعودية. المناصب التي كلف بها. المناصب العسكرية. تولى خلال خدمته العسكرية التي امتدت من عام 1968 حتى تقاعده سنة 1991 العديد من المناصب: بتاريخ 16 ربيع الأول 1412 الموافق 24 سبتمبر 1991 أصدر الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود أمراً ملكياً بترقيته إلى رتبة "فريق أول ركن" وإحالته إلى التقاعد، بناءً على طلبه. الأوسمة والنياشين. حاصل علي عدد من الأوسمة والنياشين التالية: 1-الأوسمة الوطنية : 2-الأوسمة الأجنبية: وقد حصل علي الأنواط التالية: النشاطات والاهتمامات. كما أن له نشاطات استثمارية وتجارية : منها إعلامية تتمثل في صحيفة الحياة التي يمتلكها وقناة الـ LBC اللبنانية والتي يشاركه في رأسمالها ابن عمه الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز، وله اهتمامات بالماء وماتمثلة من أهمية إستراتيجية للبقاء. مؤلفاته. للأمير خالد العديد المقالات المنشورة في عدد من الصحف المحلية والعالمية وحاضر في عدد من الجامعات والكليات العسكرية والمدنية المحلية والإقليمية والدولية. من مؤلفاته الوقف هو مصطلح إسلامي، لغويا يعني الحبس أو المنع، واصطلاحاً هو "". ويشمل الوقف الأصول الثابتة كالعقارات والمزارع وغيرها، ويشمل الأصول المنقولة التي تبقى عينها بعد الاستفادة منها كالآلات الصناعية والأسلحة أما التي تذهب عينها بالاستفادة منها فتعتبر صدقة كالنقود والطعام وغيرها. ويختلف الوقف عن الصدقة في أن الصدقة ينتهي عطاؤها بانفاقها، أما الوقف فيستمر العين المحبوس في الانفاق في أوجه الخير حتى بعد الوفاة. مشروعيته. الوقف الخيري مشروع ومستحب ومن الدلائل على ذلك: - ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: " أصاب عمر بخيبر أرضاً فأتى النبي فقال: أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه فكيف تأمرني به، قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه ". تعريف الوقف. ونظام «الوقف» هونور الصيغة التاريخية التي ابتكرها المسلمون للتقرب إلى الله من خلال المشاركة في بناء مجتمعاتهم وإعمار الأرض، وقد اقتبسها الغربيون ونقلوها عن الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر...أطلق عليها الغربيون لاحقا اسم"منظمات المجتمع المدني" والتي -ومن المفارقة - استوردنا مصطلحها منهم في القرن العشرين بعد أن همشنا دور الأوقاف ومحوناه من عندنا. من المسلم به أن نظام الوقف الإسلامي ظل يمثل على مدى ثلاثة عشر قرناً صورة من أروع صور التعاون الإنساني وينبوعاً فياضاً من ينابيع الخير حتى آلت حال الأوقاف في العصور الأخيرة من عصور الدولة العثمانية إلى التدهور والجمود والإهمال، وتعرضت ممتلكاتها بسبب ذلك، إلى الانهيار والخراب، فقلت عائداتها وتضاءلت منافعهاورغم محاولات الإصلاح إلا انها لم تؤت الثمار المرجوة خصوصا بعد دخول البلاد الإسلامية مرحلة الاستعمار الأوروبى وخصوصا الفرنسي الذي أدرك أن أهم المؤسسات التي تدعم الطبقـــة المتعلمة الواعية في وقوفها في وجه سياسة الاستعمار وخططه هي المؤسسات التي تعتمد على الوقف كالمساجد والمدارس والزوايا والأربطة. لهذا عمد المستعمر إلى التدخل المباشر في شؤون الوقف ومؤسساته، تحت ستار إصلاح إدارتها وتحديث أنظمتها، وكان هدفه الحقيقي هو الحد من الدور الإيجابي للوقف ومؤسساته، خاصة في تنشيط الوعي الوطني ودفع حركة مقاومة المستعمر. وبانتهاء عهد الاستعمار، دخلت البلاد الإسلامية عهداً جديداً من التطور السياسي والاجتماعي تمثل في نشوء نظام الدولة الوطنية الحديثة على النمط الغربي.وكانت تركيا أول دولة إسلامية تقوم بإلغاء النظام القديم للأوقاف ووضع ممتلكاته تحت الإدارة الحكومية الرسمية، وذلك عقب تعطيل نظام الخلافة الإسلامية مباشرة، أي في العشرينيات من هذا القرن. وقد صدرت قوانين إلغاء الوقف الأهلي(الذري) في عدد من الأقطار الإسلامية الأخرى، ففي لبنان صدرت سنة 1947، وفي سوريا 1947م، ومصر 1952م، وفي العراق 1954م، وفي المغرب 1977م. فانحصر دوره، أو كاد، في رعاية المساجد وصيانتها، وفي بعض الأنشطة الدينية والثقافية. كما كانت سبباً في انقطاع الوقف بنوعيه الأهلي والخيري، وفي صمت العلماء والمفكرين عن الحديث عنه، والبحث في أبعاده وقضاياه. جاء في نهاية المحتاج قول ابن شهاب الرملي: "الوقف شرعاً: حبس مال يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه _أصله_ بقطع التصرف في رقبته، على مصرف مباح وممنوع"، وقد تختلف الأوقاف بحسب الديانات والمذاهب حيث يفرد لكل مذهب أو دين ديوان للوقف الذي يحكم بحسب الأحكام الفقهية لهذا المذهب أو الدين كما هو الحال في العراق، حيث يعرف الوقف بأنه: (تحبيس الأصل وإطلاق منفعته وفق شروط وأحكام المذاهب الإسلامية والأديان السماوية) مشروعية الوقف. تستند مشروعية الوقف إلى الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فيدل على مشروعيته بعموم قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}. وقد بادر بعض الصحابة إلى التصدق بأحب أمواله إليه، عند نزول هذه الآية. روى البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، عن أنس بن مالك قال: "كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة نخلاً، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله ، يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما أنزلت>لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون<قام أبو طلحة وقال: يارسول الله: إن الله يقول:>لن تنالوا البر...الآية، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يارسول الله حيث أراك الله<، فقال : إجعلها (أي ريعها) في قرابتك. أ)مارواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي قال:"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". ويفصل معنى الصدقة الجارية ماورد في سنن ابن ماجه يقول النبي : "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً نشره أوولدًا صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته". ب) وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قدم النبي ، المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: "من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة"، قال عثمان:"فاشتريتها من صلب مالي<، ومعنى الحديث أن عثمان اشترى البئر وجعلها وقفاً على المسلمين. ج) روى أبو هريرة، رضي الله عنه أن خالد بن الوليد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله. د) مارواه البيهقي من أن عدداً من الصحابة تصدقوا بدورهم ومساكنهم، وجعلوها وقفاً في سبيل الله أو على ذريتهم. ويكون الوقف باطلا غير مشروع إذا قصد به الواقف مضارة ورثته، كمن يقف على ذكور أولاده دون إناثهم، لأن ذلك مما لم يأذن به الله سبحانه، بل إنه تعالى نهى عن الضرر والضرار، قال رسول الله : "لاضر ولاضرار". أول وقف في الإسلام. كان أول وقف في الإسلام هو مسجد قباء الذي أسسه النبي حين قدومه إلى المدينة مهاجراً. ثم المسجد النبوي الذي بناه بالمدينة بعد أن استقر به المقام. وأول وقف خيري عرف في الإسلام هو وقف سبع بساتين بالمدينة، كانت لرجل يهودي اسمه مخيريق، أوصى بها إلى النبي حين عزم على القتال مع المسلمين في غزوة أحد، قال في وصيته: "إن أصبت ـ أي قتلت، فأموالي لمحمد ـ يضعها حيث أراه الله، فقتل، وحاز النبي تلك البساتين السبعة، فتصدق بها، أي حبسها. ومضى الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ على ما سنه النبي ، وعملوا بما حث عليه من الإكثار من الصدقة والإنفاق مما يحبون، وسجلوا أروع الأمثلة في التطوع بأحب أموالهم إليهم. من تلك الأمثلة وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل هو ثاني وقف في الإسلام، ففي الحديث أنه أصاب أرضاً بخيبر، فجاء إلى النبي وقال: يا رسول الله: أصبت مالاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس منه، فبم تأمرني؟ فقال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". فتصدق بها عمر على ألا تباع ولا توهب ولا تورث، وتكون (أي منافعها وثمارها) في الفقراء وذوي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل، ولاجناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول. ثم تتابعت الأوقاف بعد ذلك في أوجه البر والخير. وفي العصر الأموي حدث تطور كبير في إدارة الأوقاف، فبعد أن كان الواقفون يقومون بأنفسهم على أوقافهم ويشرفون على رعايتها وإدارتها، قامت الدولة الأموية بإنشاء هيئات خاصة للإشراف عليها، وأحدث ديوان مستقل لتسجيلها. وفي عهد العباسيين أصبحت للأوقاف إدارة خاصة مستقلة عن القضاء، يقوم عليها رئيس يسمى "صدر الوقوف" وواكب هذا التطور الإداري جهد علمي مفيد، لضبط أحكام الوقف وطرق التصرف فيه ولحماية أملاكه من الضياع، فخصه الفقهاء بمؤلفات خاصة، وأفردوا له فصولا واسعة في مدونات الفقــه الكبرى. وهذا التطور والتوسع في العناية بالأوقاف أدى إلى قيام الوقف بدور كبير في التنمية الاجتماعية على مر التاريخ الإسلامي. أركان الوقف. للوقف أربعة أركان رئيسة، لابد من توافرها في كل وقف، وهي كالتالي: أنواعه. ينقسم الوقف إلى نوعين ويشتق الثالث منهما وهم كالتالي: 1- الوقف الأهلي (الذري):ما جعلت فيه المنفعة لأفراد معينين أو لذريتهم سواء من الأقرباء أو من الذرية أو غيرهم. 2- الوقف الخيري: ما جعلت فيه المنفعة لجهة بر أو أكثر وكل ما يكون الإنفاق عليه قربة لله تعالى. 3- الوقف المشترك: ما يجمع بين الوقف الأهلي والخيري. أهدافه. تتعدد أهداف الوقف وهي كالتالي: 1- امتثال أوامر الله عز وجل بالبذل والإنفاق. 2- تحقيق مبدأ التكافل بين أفراد الأمة والتوازن الاجتماعي حتى تسود المحبة والأخوة ويعم الاستقرار. 3- ضمان بقاء المال ودوام المنفعة به واستمرار العائد من الأوقاف المحبوسة. 4- تحقيق أهداف تنمية المجتمع في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها. 5- صلة الرحم وضمان مستقبل ذوي القربى وذوي الحاجة ألا يكونوا عالة يتكففون الناس. شروطه. للوقف شروط معتبرة لصحته وهي كما فصلها الرحيباني الحنبلي: 1- كون الوقف من مالك جائز التصرف وهو المكلف الرشيد؛ فلا يصح من صغير أو سفيه أو مجنون. 2- كون الموقوف عينا؛ فلا يصح وقف ما في الذمة 3- كون الوقف على بر وهو اسم جامع للخير. 4- كون الواقف على معين من جهة كمسجد كذا، أوشخص ما، غير نفسه. 5- من شروط الوقف كذلك أن يقف ناجزاً غير معلق ولا موقت ولا مشروط بنحو خيار. 6- أن لا يشترط الواقف في الوقف أي شرط ينافيه من الشروط الفاسدة كشرط نحو بيعه أو هبته متى شاء، أو شرط خيار فيه. مجالات الوقف. للوقف مجالت كثيرة ومتعددة منها: - الوقف بإنشاء المساجد ورعايتها والقيام بشؤونها وتزويدها بالمصاحف. - الوقف على الجهاد في سبيل الله. - الوقف على توزيع الكسوة للفقراء والأرامل والمحتاجين. - الوقف على المكتبات العامة كإنشائها وإيقاف الكتب الشرعية بها. - إنشاء المدارس العلمية التي تكفل مجانية التعليم لأبناء المسلمين. - حفر الآبار وإجراء الماء. - الأوقاف على الدعاة والوعاظ. - الوقف على نشر دعوة التوحيد وتبليغ الإسلام؛ وذلك بطبع الكتب والأشرطة وتوزيعها. - إقامة مراكز للمهتدين الجدد. - بناء مراكز الأيتام ورعايتهم والعناية بهم. - الوقف على تطوير البحوث المفيدة والنافعة. - الوقف على جماعات تحفيظ القرآن الكريم التي نفع الله بها أبناء المسلمين. - الوقف على مدارس تحفيظ القرآن النسائية. - الأوقاف على الدعوة على شبكة المعلومات (الإنترنت). تطور الوقف على مر العصور الإسلامية. الوقف في العصر الأول (عهد الصحابة). كانت أوائل الوقفيات في عهد الرسول وصحابته وكانت تشمل المساجد والمزارع وغيرها. الوقف في العصر الأموي. كثرت الأوقاف نظراً لاتساع الفتوحات الإسلامية التي بلغت مشارف الصين شرقاً، وحدود فرنسا غرباً وأنشئت إدارة خاصة للإشراف على الأوقاف، وخضعت إدارة الأوقاف لإشراف السلطة القضائية مباشرة، وكانت مستقلة عن السلطة التنفيذية. الوقف في العصر العباسي. ازداد التوسع في إنشاء الأوقاف، وكان يتولى ديوانها من يطلق عليه(صدر الوقف)، وشملت مصارف ريع الوقف الأوقاف الحضارية المدنية كالمستشفيات والمكتبات ودور الترجمة ومعاهد التعليم وغيرها.. الوقف في عصر المماليك. اتسعت الأوقاف في عهد المماليك وكثرت كثرة ملحوظة واتسع نطاقها وأنشئت ثلاثة دواوين للإدارة والإشراف على الاوقاف هي: 1. ديوان لأحباس المساجد. 2. ديوان لأحباس الحرمين الشريفين وجهات البر المختلفة. 3. ديوان للأوقاف الأهلية. الوقف في العصر العثماني. اعتنى سلاطين العثمانيين بالأوقاف بدرجة ملحوظة وخاصة عند نساء بني عثمان، وتوسعت مصارف ريع الوقف لتشمل كليات الطب والخدمات الطبية لمستشفيات قائمة، مواكبة للتطور والتقدم العلمي في العصور الحديثة. الوقف في العصر الحاضر. قامت كثير من الدول الإسلامية في العصر الحاضر اهتماماً بالأوقاف في مجالات شتى، كما أنشأت كثير منها وزارات خاصة بالأوقاف أو إدارات خاصة تعنى بشئونها وأمورها. انظر أنواع الوقف. للوقف أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية وثقافية وإنسانية غطت أنشطتها سائر أوجه الحياة الاجتماعية وامتدت لتشمل المساجد والمرافق التابعة لها والدعوة والجهاد في سبيل الله، والمدارس ودور العلم والمكتبات، والمؤسسات الخيرية، وكفالة الضعفاء والفقراء والمساكين والأرامل، والمؤسسات الصحية. ويستند شرعيته لأحاديث نبويه كثيرة منها: مارواه أبو هريرة، رضي الله عنه أن النبي قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" كذلك قول النبي : "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته:علماً نشره أوولدًا صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته". 1.بنـــاء المســـــــاجد. أهم الوظائف التي يشتمل عليها المسجد: الإمامة - الأذان -الصيانة -النظافة -التربية والتعليم -الخطابة -الوعظ والإرشاد -قراءة القرآن -تعليم أبناء المسلمين، ومن المرافق الهامة التي ترتبط بالمسجد: محلات الطهارة والوضوء، وتحتاج بدورها إلى دعم متصل لتزويدها بالماء الطاهر وتنظيفها وإصلاحها، وهناك مرافق أخرى: كالإنارة والتدفئة أو التبريد وكل هذه الوظائف دامت واتصلت بفصل الوقف. كان أول وقف في الإسلام هو بناء مسجد "قباء" الذي أسسه النبي حين قدومه إلى المدينة مهاجراً. ثم "المسجد النبوي" الذي بناه بالمدينة بعد أن استقر به المقام. 2.الوقف والجهاد في سبيل الله. يؤكد مشروعيته هنا ماروى أن خالد بن الوليد حبس دروعه وأكراعه في سبيل الله. ويغطى الوقف هنا: وبفضل ما تدره الأوقاف من أموال سخية في هذا المجال، قاومت الأمة الإسلامية أعداءها على مر العصور، وصدت جيوش الاستعمار في العصر الحديث، ولم ينجح المستعمر في اختراق حدودها إلا بعد أن ضعفت مؤسسة الوقف وتقلص دورها في حياة المسلمين. 3.الوقف والمواسم الدينية. تعتبر المواسم والأعياد الإسلامية شعائر تعبدية، فضّلها الله تعالى على غيرها وأمر بإحيائها من هذه المواسم: شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى ويوم عاشوراء.وحرصاً على إقامة هذه الشعائر، أقام المسلمون أوقافاً خاصة بها، وشرطوا أن تخصص لإحيائها، وأن يصرف ريعها على المحتاجين للتفريج عنهم وإدخال السرور على أنفسهم. هناك وثائق نصت على أن يصرف من ريع الوقف كل سنة: هناك أوقاف أخرى يتجلى فيها هذا البعد الديني كتلك التي كانت مخصصة للحرمين الشريفين، والزوايا، وأهل التصوف ونسخ المصاحف وقراءة القرآن، ولايتسع المجال هنا للحديث عنها. ومن منافع ذلك النوع من أنواع الأوقاف انها تدخل السرور على قلب المرءالمحتاج حسب قول النَّبيّ أنه قال: إن من موجبات المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم: إشباع جوعته وتنفيس كربته. 4.الوقف على المدارس. عرف تاريخ الإسلام إيقاف أموال المسلمين على التعليم وبناء المدارس. ولدينا العديد من الأمثلة على عظمة ورقى المسلمين في هذا الصدد. من امثلة ذلك ما روى في كتب التاريخ حول: كل واحدة منها في قصر وبناية كبيرة... أشهرها وأكبرها "المدرسة النظامية". ولهذه المدارس أوقاف وعقارات للإنفاق عليها وعلى العلماء والدارسين فيها، وكان وقف "نظامية بغداد" خمسة عشر ألف دينار شهرياً، وتخرج منها أكابر العلماء. 5.الوقف على المكتبات. انتشرت المكتبات التي أوقفها المسلمون في جميع بلاد المسلمين في بغداد ومصر والشام والأندلس والمغرب على مَرِّ التاريخ. وهناك أمثله عديدة توضح المستوى الذي كانت عليه تلك المكتبات: (أ)حوت المكتبة التي أوقفها ابن مليس الوزير الفاطمي على: غرف عديدة للمطالعة، وقاعات خاصة للمحاضرات والمناظرات، وقاعة خاصة لتوجيه الباحثين والناشئين. وأعطيت من ريع وقفها مرتبات لطلبة العلم والعلماء والقائمين عليها. (ب)يقال أن المكتبة التي أوقفها بنو عَمَّار في طرابلس الشام، كانت آية في السعة والضخامة، وإنها اشتملت على مليون كتاب. (ج)يصف لنا ابن جبير عن المكتبات التي أوقفها المسلمون في مصر فيقول: "ومن مناقب هذا البلد (أي مصر)، ومفاخره أن الأماكن في هذه المكتبات قد خصصت لأهل العلم فيهم، فهم يفدون من أقطار نائية فيلقى كل واحد منهم مأوى يأوي إليه ومالاً يصلح به أحواله. وبلغ من عناية السلطان بهؤلاء الذين يفدون للاستفادة العلمية، أن أمر بتعيين حمامات يستحمون فيها، وخصص لهم مستشفى لعلاج من مرض منهم، وخصص لهم أطباء يزورونهم وهم في مجالسهم العلمية، وخصص لهم الخدم لقضاء حاجاتهم." 6.الوقف في المجال الصحي. بلغ من عناية المسلمين بالرعاية الصحية وتطوير خدماتها، أن خصصت أوقافا وقفت على رعاية المرضى جميعا دون تمييز بين فقير وغنى.. ويجب أن نشير إلى أن الخدمات الصحية التي تقدمها هذه المراكز الطبية، من علاج وعمليات وأدوية وطعام، كانت مجــــــــــانــــــــــــاً بفضل الأوقاف التي كان المسلمون يرصدونها لهذه الأغراض الإنسانية، إذ كانت الرعاية الصحية في سائر البلاد الإسلامية إلى وقت قريب من أعمال البــــر والخيــــــــــر، ولم تكن هناك وزارات للصحة العمومية كما في العصر الحاضر. وكان للأوقاف أثر حميد في النهوض بعلوم الطب، لأن دور المستشفيات التي ينفق عليها من الأوقاف لم يقتصر على تقديم العلاج، وإنما تعدى ذلك ذلك إلى تدريس علم الطب، فكانت تخصص قاعات داخل المستشفيات الكبيرة للدروس والمحاضرات. بعض الأمثلة لبيان مستوى تلك الخدمات الطبية: (أ)كان أول مستشفى كبير في تاريخ الحضارة الإسلامية هو "البيمارستان" الذي أمر ببنائه هارون الرشيد ببغداد. ثم توالت بناء المستشفيات حسب نظام الوقف حتى أصبح ببغداد وحدها في مطلع القرن الرابع الهجري خمسة مستشفيات. (ب)وصل الأمر إلى بنــــــــاء أحيــــــاء طبيــــة متكـــامـــــلــة: فقد تحدث ابن جبير في رحلته: أنه وجد ببغداد حياً كاملاً من أحيائها يشبه المدينة الصغيرة، كان يسمى بسوق المارستان، يتوسطه قصر فخم جميل وتحيط به الغياض والرياض والمقاصير والبيوت المتعددة، وكلها أوقاف وقفت على المرضى، وكان يؤمه الأطباء والصيادلة وطلبة الطب، إذ كانت النفقات جارية عليهم من الأموال الوقفية المنتشرة ببغداد. (ج)تحدثت كتب التاريخ عن المستشفيات التي أنشئت في مصر بفضل أموال الوقف: مثل:مستشفى أنشأه الفتح بن خافان ومستشفى أمير مصر أحمد بن طولون والمستشفى التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي. وتحدث المؤرخون والرحالة عن المستشفى التي أنشأه الملك قلاوون بمصر، وجعله وقفاً لعلاج مرضى المسلمين، قال عنه ابن بطوطة:>إنه يعجز الوصف عن محاسنه، وقد أعد فيه من الأدوية والمرافق الخدمية ما لايحصى<. (د)وكثرت المنشآت الصحية بمدن الأندلس حتى ان مدينة قرطبة وحدها كان بها خمسون مستشفى، أوقفها الخلفاء والأمراء والموسرون. وكذلك الحال في المغرب الأقصى حيث انتشرت المستشفيات في أهم المدن وتحدث عنها المؤرخون بإسهاب، ومن أهمها مستشفى سيدي فرج بفاس التي خصص جزءا منها لعلاج طير اللقلاق، وجزءا خصص للموسيقيين الذين يزورون المرضى مرة كل أسبوع للترفيه عنهم 7.الرعاية الاجتماعية. تعددت أنواع الوقف في هذا المجال عبر التاريخ الإسلامي فهناك: ثيودور روبرت بندي (ولد ثيودور روبرت كويل; نوفمبر 24, 1946 – يناير 24, 1989) كان سفاحا، وخاطفا، ومغتصبا أميريكيا، وأدين بمجامعة الموتى وكان قد اعتدى وقتل العديد من النساء والفتيات خلال 1970، وربما في وقت سابق. قبل إعدامه بفترة وجيزة، وبعد أكثر من عقد من النفي، اعترف ب 30 من جرائم القتل التي ارتكبت في سبع ولايات بين عامي 1974 و1978. ولا يزال عدد الضحايا الحقيقي غير معروف، ويمكن أن يكون أعلى من ذلك بكثير. واعتبر بندي وسيما وكاريزميا لدى ضحاياه الشباب من النساء، والصفات قد إستغلها لكسب ثقتهم. وكان يقترب عادة منهم في الأماكن العامة، متظاهرا بالإصابة أو الإعاقة، أو انتحال شخصية السلطة، قبل أن يتغلب ويتمكن منهم في أماكن أكثر انعزالا. وكان يعود أحيانا إلى مسرح الجريمة الثانوية لساعات في كل مرة، متجملا ومتبهرجا لإداء أفعال جنسية مع جثث متحللة حتى تتعفن أو تنهش من قبل الحيوانات البرية حيث يصبح من المستحيل تكرار الفعلة. وكان قد قطع الرأس لمالا يقل عن 12 من ضحاياه، وأبقى بعض الرؤوس المقطوعة في شقته لفترة من الزمن كتذكارات. في مناسبات قليلة، وقال انه إقتحم ببساطة المساكن ليلا وحطم روس ضحاياه وهم نيام. سجن في البداية في يوتا في عام 1975 لجرائم خطف واعتداء إجرامي مع سبق الإصرار، أصبح بندي أحد المشتبه بهم في قائمة طويلة تدريجية من جرائم القتل التي لم تحل في دول متعددة. وواجه اتهامات بالقتل في كولورادو، وقال انه كان المخطط لإثنين من محاولات الهروب المثيرة وارتكب اعتداءات أخرى، بما في ذلك ثلاث جرائم قتل، قبل اعتقاله في نهاية المطاف في فلوريدا في عام 1978. وحصل على ثلاثة أحكام بالإعدام في اثنين من محاكمات منفصلة لجرائم القتل في فلوريدا. توفي تيد بندي في الكرسي الكهربائي في سجن رايفورد في ستارك، فلوريدا، في 24 يناير عام 1989.وصفه كاتب السير آن رول بأنه شخصية ".. سيكوباتية سادية الذي أخذ المتعة من ألم إنسان آخر، وكان يتلذذ بالسيطرة عى الكثير من ضحاياه، إلى درجة الموت، وحتى بعد." ودعا نفسه ذات مرة "... ابن العاهرة صاحب أكثر القلوب برودة الذي لن ترى مثيلا له على الإطلاق." النائبة بولي نيلسون، وهي عضو في فريق الدفاع عنه سابقا، وافقت. "تيد"، كتبت "، وكان أبلغ تعريف للشر المطلق." الحياة المبكرة. مرحلة الطفولة. ولد بندي ثيودور روبرت كويل في منزل إليزابيث لوند (الآن مركز العائلة لوند)في برلنغتون، فيرمونت في 24 نوفمبر 1946 إلى والدته إليانور لويز كويل (1924-2012)، وتعرف لمعظم حياتها ب (لويز). لم يتم تحديد هوية والده على وجه اليقين. شهادة ميلاده تشير إلى أبيه كمندوب البيع والمحارب القديم بالقوات الجوية وإسمه لويد مارشال،ولكن لويز ادعت فيما بعد أنها كانت قد تم استدراجها من قبل "بحار" قد يكون اسمه جاك ورثينجتون. (بعد عدة سنوات، المحققين لم يجدوا أي سجل لأي شخص بهذا الاسم في البحرية أو محفوظات البحرية التجارية .) وأعرب بعض أعضاء الأسرة عن شكوكهم ان يكون انجبه، والده لويز السئ السمعة، صموئيل كويل كان رجل عنيف، ولكن لم يستشهد بأي أدلة مادية تدعم أو تدحض هذا. خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته عاش بندي في فيلادلفيا بمنزل جديه والدي أمه، صموئيل واليانور كويل، الذين إعتبرا أنه ابنهما لتجنب وصمة العار الاجتماعية التي رافقت ولادته خارج إطار الزواج في ذلك الوقت. قيل للأسرة والأصدقاء، وحتى الشباب ان جدي تيد كانوا والديه وأن والدته كانت أخته الأكبر سنا. في نهاية المطاف اكتشفت الحقيقة؛ وقال لصديقته أن ابن عم له أظهر له نسخة من شهادة ميلاده بعد وصفه بأنه "غير شرعي"، لكنه أخبر كاتب السيرة ستيفن ميشود وهيو آينسورث أنه وجد الشهادة بنفسه. سيرة وكاتب صحيفة الجريمة الحقيقية آن رول، الذي كان يعرف بندي شخصيا، يعتقد أنه قد رصد سجل الولادة الأصلي له في ولاية فيرمونت في عام 1969. وأعرب بندي عن استيائه مدى الحياة تجاه والدته بتهمة الكذب حول أصل ميلاده الصحيح، وتركه ليكتشف ذلك بنفسه. حياته. ولد في ولاية فيرمونت بالولايات المتحدة في 24 نوفمبر 1946. لاسرة كاثوليكة متدينة حسب قوله، كان في طفولته طفلا ذكيا وخجولا ليس له علاقات اجتماعية، التحق بكلية الحقوق بولاية واشنطن في عام 1968 يعتبر بندي من أشهر القتلة المتسلسلين في تاريخ الولايات المتحدة.وقد كان وسيما وجذابا ومثقفا. اسمه الأصلي ثيودور روبرت كويل، واخذ اسمه(بندي)من زوج والدته.وتمت تربيته بواسطة جديه الذين اقنعاه بأنهما والداه وأن أمه هي أخته(نسبة لانها حين ولدته لم تكن متزوجة وكانت في الثانية والعشرين من العمر) أول الجرائم. حدثت أول جريمة في 31 يناير 1974 عندما تم أكتشاف مقتل فتاة اسمها (ليندا ان هيلي)، بدون وجود بصمات أو اي شيء يستدل به علي القاتل.. تتابع الجرائم. تكررت حالات اختفاء فتيات، ولوحظ أن هناك تشابه في انتقاء الضحايا؛ فكلهن نحيلات، بيضاوات، بشعر طويل مفروق من المنتصف، غير متزوجات، وكن يلبسن السراويل قبل اختفائهن، إلى جانب أن آخر وقت شوهدن فيه دائمـًا ما يكون ليلاً. وكان بندي مصابا بالنيكروفيليا(الهوس المرضي بالأموات) إذ كان يمارس الجنس مع ضحاياه بعد قتلهن، وقد برر جرائمه بأنه مهووس بالصور الاباحية. كان بندي يستدرج ضحاياه بالتظاهر بأنه مصاب في يده وفي بعض الأحيان يدعي بأنه رجل شرطة أو رجل أطفاء.وبعد استدراج الضحايا إلى سيارته يقوم بضربهم برفش على رأسهم ثم يعتدي على الضحايا جنسيا.كما كان يزور ضحاياه عدة مرات ويقوم بوضع مساحيق التجميل على الضحايا ثم ينام مع الضحايا أو يمارس معهم الجنس. يقول بعض الخبراء بأن بندي بدأ عمليات القتل عندما كان في14 من عمره.أذ أن كل الضحايا كن يذكرنه بحبيبته الأولى التي هجرته وقد حاول لعدة سنوات استعادتها بدون فائدة. وعندما بدأ عمليات القتل هجر حبيبته كما هجرته هي القبض عليه. في 16 أغسطس عام 1975 تم القبض على تيد بندي بطريق الصدفة، حيث قد قبض عليه بتهمة الاشتباه في السرقة بعد محاكمة استغرقت أسبوعـًا، أدانت المحكمة "تيد" وتم الحـُكم عليه في الأول من مارس عام 1976 بخمسة عشر عامـًا في سجن المقاطعة بولاية يوتا من أشهر أقوال بندي (نحن القتلة المتسلسلون أبناؤكم، أزواجكم، نحن في كل مكان، وسيكون المزيد من أبنائكم موتى بحلول الغد) الهروب. في عام 1977 حاول تيد الهروب مرتين، فشل في المرة الأولى ولكن نجح في المرة الثانية وذلك عن طريق عمل حفرة مربعة في سقف زنزانته بمنشار للمعادن، حيث تسلق عبر الحفرة وخرج من الباب الرئيسي للسجن مستغلاً غياب الحارس، وصل للرواق الرئيسي للسجن ليهرب مرة أخرى مستعملاً إحدى السيارات التي سرقها من موقف العربات ثم ابتاع تذكرة طائرة إلى (دنفر) مدينةشيكاجو، ومنها ذهب بالقطار إلى (آن آربور) بميتشيجان، ليسرق سيارة إلى أتلانتا ويتركها لركوب الباص الذاهب إلى (تالهاسي) بـ(فلوريدا)، وقتل هناك 3 فتيات أخريات. الحكم بالإعدام. القي القبض على تيد مرة اخرى وحكم عليه هذه المرة بالإعدام بالكرسي الكهربائي ونفذ فيه الحكم في الرابع والعشرين من يناير عام 1989 عندما وجد مذنباً في 40 جريمة قتل ترتيب الأحداث زمنيا. هذا ترتيب للضحايا التي اعترف تيد بقتلهن فقط وليس حصرا شاملا للعدد الكلي للضحايا المتوقعين يناير 1974: الإعتداء على كارن سباركس (المكان: سياتل، واشنطن). فبراير 1974: قتل ليندا هيلي (المكان: سياتل، واشنطن). مارس 1974: قتل دونا مانسون (المكان: سياتل، واشنطن). أبريل 1974: قتل سوزان رانكورت (المكان: سياتل، واشنطن). مايو 1974: قتل روبرتا باركس (المكان: سياتل، واشنطن). يونيو 1974: قتل بريندا بول، وجورجان هوكينز (المكان: سياتل، واشنطن). يوليو 1974: قتل جانيس أوت، ودينيس نزلوند (المكان: سياتل، واشنطن). أكتوبر 1974: قتل نانسي ويلكوكس، وميليسا سميث، ولورا أيمي (المكان سولت لايك سيتي، يوتا) 8 نوفمبر 1974: محاولة خطف كارول دارونش وهروبها، وقتل ديبي كينت بعدها بساعات (المكان سولت لايك سيتي، يوتا) 12 يناير 1975: قتل كارين كامبل (المكان: أسبن، كولرادو). 16 أغسطس 1975: الاعتقال الأول، تم توقيف باندي وهو يتجول بسيارته وإعتقاله. 1 مارس 1976: إدانته بمحاولة خطف كارول دارونش، وبدأ التحقيق معه باعتباره مشتبها به في مقتل كارين كامبل. 7 يونيو 1977: هروب تيد باندي من شباك المحكمة، واعتقاله ثانية بعد 6 أيام. 16 يونيو 1977: تم إضافة تهم إضافية: أربع تهم جناية، وتهمتان بالهروب من تهم جناية، وتهمة واحدة لكل من السطو وسرقة سيارة، وعدد من جنح السرقة. 30 ديسمبر 1977: هروب تيد باندي للمرة الثانية من سجنه بمقاطعة غارفيلد 15 يناير 1978: قتل مارجريت بومان، وليزا ليفي، وضرب كارين تشاندلر وكاثي كلاينر، اللتان نجون من الهجوم، وذهب على بعد عده بنايات هاجم شيريل آن توماس وكسر فكها وقطع عصبًا بالقرب من أذنها (المكان: تالاهاسي، فلوريدا).  9 فبراير 1978: قتل الطفلة كيمبرلي ليتش (9 سنوات)، (المكان: تالاهاسي، فلوريدا). 15 فبراير 1978: أعتقل للمرة الثالثة أثنياء قيادته سيارة مسروقة 25 يونيو 1979: محاكمته بتهم الهجوم على بيت الطالبات في تالاهاسي وقتلهن. 30 يوليو 1979: حكم عليه بالإعدام. 7 يناير 1980، محاكمته بتهمة قتل الطفلة كيمبرلي ليتش (9 سنوات) 7 فبراير 1980: حكم عليه بالإعدام للمرة الثانية. 24 يناير 1989، تنفيذ حكم الإعدام علم الفرائض أو علم المواريث هو أحد أهم العلوم الإسلامية وهو العلم الذي يعنى بأحوال تَرِكة الميت وميراثه من حيث قسمها على مستحقيها، وهو أول العلوم التي ترفع من الأرض. علم الفرائض. علم الفرائض أو علم المواريث أحد أنواع العلوم الإسلامية، المتفرعة من علم الفقه الإسلامي، ويندرج موضوعه في علم فروع الفقه، كما يعد تصنيفه ضمن العلوم الشرعية. تعريف. التعريف اللغوي: الفرائض جمع فريضة، وهي في اللغة مشتقة من الفرض، والفرض يأتي لمعانٍ عدة منها: التقدير والقطع والحز. التعريف الاصطلاحي: هو علم يعرف به من يرث ومن لا يرث ومقدار ما لكل وارث. تأسيس علم الفرائض. تأسيس علم الفرائض بمعنى: الدراسة العلمية المتخصصة لعلم الفرائض، واستنتاج أحكامه التفصيلية من أدلتها، أو بمعنى: العلم المخصوص بأصوله وقواعده المستفادة من نصوص الشرع، (الكتاب والسنة). وقد بدء تأسيس علم الفرائض في بداية تأسيس المدارس الفقهية، حيث كان هناك اجتهادات لبعض الصحابة. وكان من أبرزها اجتهادات زيد بن ثابت، الذي صاغ أصول التوريث، ونقلها عنه من بعده. بالإضافة إلى اجتهادت بعض فقهاء الصحابة، مثل:أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وغيرهم من كبار فقهاء الصحابة، لكن اختص من بينهم زيد بن ثابت بكونه صاغ أصول التوريث بمنهجة المتخصص في هذا المجال، بمعنى آخر: أن اجتهادته تركزت في صميم علم الفرائض ليصبح علما معروفا بخصوصية موضوع دراسته، بينما كانت هناك اجتهادات أخرى مماثلة، لكنها كانت مدرجة ضمن: علم فروع الفقه. خصوصية زيد بن ثابت. اختص زيد بن ثابت بكونه أعلم الصحابة بعلم الفرائض، وقد ثبتت هذه الشهادة له بحديث: «أفرضكم زيد». وقد جاء في كتب الحديث أن أعلم الصحابة بالمواريث هو: (زيد بن ثابت) وفي الحديث: ومعنى: "نحاه الشافعي" أن الشافعي كان إماما مجتهدا، ولم يكن مقلدا لزيد ابن ثابت، وإنما كانت اجتهادت الشافعي موافقة لاجتهادات زيد بن ثابت، ولم يقتصر هذا على المذهب الشافعي، بل في أكثر المذاهب الفقهية. الحقوق المتعلقة بتركة الميت. ومعنى تركة الميت: مايتركه الميت من مال. ويتعلق بالتركة خمسة حقوق: استندت العناصر الخمسة على قول الله : ( مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ). أركان الإرث. أركان الإرث ثلاثة: مُورِّث، ووَارث، وحق مَورُوث. موانع الإرث في مذهب الإمام مالك. موانع الإرث المتفق عليها عند الأئمة الأربعة هي: (القتل، والرق، واختلاف الدين) وإن اختلفوا في بعض تفاصيلها وهناك مانع رابع أجمعوا عليه أيضاً وهو: النبوة، فهي مانعة من الإرث لقوله (لا نورّث، ما تركناه صدقة) رواه البخاري ومسلم، لكن مع ذلك فقد جرت عادة المصنفين في الفرائض على عدم عدّ النبوة مع موانع الإرث لندرتها، ولشرفها، حيث رأوا أنه لا يليق عدها كقسيم للرق والقتل واختلاف الدين. وموانع الإرث في مذهب المالكية سبعة وحروفها الأولى مجموعة في جملة "عش لك رزق": أسباب الإرث. أسباب الإرث ثلاثة: موانع الإرث. موانع الإرث ثلاثة وهي: أقسام الإرث. الإرث ينقسم إلى قسمين: إرث بفرض وإرث بتعصيب. فالإرث بالفرض أن يكون للوارث نصيب مقدر كالنصف والربع. والإرث بالتعصيب أن يكون للوارث نصيب غير مقدر بتقدير محدد وإنما يأخذ الباقي إن كان هناك باق. والفروض الواردة في كتاب الله ستة فروض هي: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس. وبطريقة أخرى يمكن القول أن الفروض هي الربع وضعفه ونصفه، والثلث وضعفه ونصفه، أما ضعف الربع فهو النصف، ونصف الربع هو الثمن، وأما ضعف الثلث فهو الثلثان، ونصف الثلث هو السدس. الوارثون من الرجال. الوارثون من الرجال بالإتفاق عند جماهير الفقهاء بلاخلاف، خمسة عشر، وهم: وعدد الوارثين من الرجال بطريق الاختصار عشرة وهم: وقد وضع علماء الفرائض رموزا للوارثين تستعمل في تصوير المسائل، وهذا جدول رموز الوارثين من الرجال. الوارثات من النساء. الوارثات من النساء بالإجماع عشر، وهن: علماء الفرائض. علماء علم الفرائض هم الذين اهتموا بدراسة هذا العلم، واستنباط أصول التوريث، وقواعده العملية، وقد بدء ذلك خلال تأسيس المدارس الفقهية، ومراحل تطوير علم الفقه الإسلامي، حيث كان هناك علماء متخصصون قاموا بتدوين هذا العلم، ووضع مصطلحاته ورموزه، وتقعيد أعمال حساب الفرائض. ومن أبرز علماء هذا العلم الصحابي زيد ابن ثابت.