الزهرة هي العضو المسؤول عن عملية التكاثر في النباتات المزهرة (أو التي يطلق عليها أيضًا كاسيات البذور). وتتمثل الوظيفة البيولوجية للزهرة في أنها تعمل على دمج حبوب اللقاح المذكرة مع البويضة المؤنثة من أجل إنتاج البذور والأبواغ . تبدأ هذه العملية بواسطة التأبير (التلقيح) الذي يعقبه الإخصاب ليؤدي في النهاية إلى تكون البذور وانتشارها. وبالنسبة للنباتات الأرقى في التصنيف، فإن البذور تمثل الجيل التالي لعملية التكاثر، كما أنها تعد الوسيلة الأساسية التي من خلالها يشيع نمو أفراد الشعبة الواحدة في المكان. ويطلق على مجموعة الأزهار على فرع من النبات وحاملها اسم النورة. وهي العضو المسؤول عن عملية التكاثر في النباتات الزهرية، فإن الزهور قد حظيت كذلك بإعجاب الإنسان على مر العصور، حيث استخدمها بصورة أساسية في تجميل البيئة المحيطة به وكمصدر للغذاء في بعض الأحيان. تتميز الأزهار غير المتفتحة بأنها ذاتية التلقيح، حيث يمكن أن تتفتح أوراقها بعد هذا النوع من التلقيح وقد لا تتفتح. وينتشر هذا النوع من الأزهار في البنفسج والمريمية. عادةً ما تحتوي أزهار النباتات التي تعتمد على ناقلات اللقاح الحية على غدد تسمى الغدد الرحيقية والتي تعمل بمثابة حافز لجذب الحيوانات إلى الزهرة. وتحتوي بعض الأزهار على أنماط من هذه الغدد يطلق عليها دلائل الرحيق، والتي تقوم بتوجيه ناقلات اللقاح للبحث عن الرحيق. وتعتمد الأزهار أيضًا في جذبها لناقلات اللقاح على الرائحة واللون. ولا تزال هناك بعض الأزهار التي تستخدم أسلوب المحاكاة من أجل جذب ناقلات اللقاح. فنباتات الفصيلة السحلبية، على سبيل المثال، تنتج زهورًا تشبه إناث النحل في اللون والشكل والرائحة. وتتميز الزهور أيضًا بأنها متخصصة من حيث الشكل وهناك ترتيب معين للأسدية يضمن انتقال حبوب اللقاح إلى أجسام ناقلات حبوب اللقاح التي تقف على الزهرة بحثًا عما جذبها (كالرحيق أو حبوب اللقاح أو أنثى للتزاوج). وفي أثناء بحثها عن ذلك عامل الجذب في العديد من أزهار الفصيلة الواحدة، تقوم ناقلات حبوب اللقاح بنقل تلك الحبوب إلى المياسم – المرتبة بدقة واضحة - في جميع الأزهار التي تحط عليها. تقوم الأزهار ذات التلقيح الريحي باستخدام الرياح لنقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى. ومن بين هذه الأزهار، الحشائش الأرضية وأشجار البتولا وعشبة الرجيد والقياقب. ونظرًا لعدم حاجتها إلى جذب ناقلات حبوب اللقاح، فإنه لا يشترط أن تكون هذه الأزهار جذابة سواء في الشكل أو اللون أو الرائحة. وعادةً ما توجد الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية في أزهار منفصلة، حيث تحتوي الأزهار المذكرة على عدد من الخيوط الطويلة التي تنتهي بالأسدية المكشوفة، بينما تحتوي الأزهار المؤنثة على المياسم الطويلة التي تشبه ريش الطيور. وبينما تتسم حبوب اللقاح في الأزهار حشرية التلقيح بكبر حجمها ولزوجتها وكونها غنية بالبروتين (وهو ما يمثل ميزة إضافية لناقلات حبوب اللقاح)، فإن حبوب اللقاح في الأزهار التي يتم التلقيح فيها عن طريق الرياح عادةً ما تكون صغيرة الحجم وخفيفة للغاية وذي قيمة غذائية منخفضة للحيوانات التي تتغذى عليه. أجزاء الزهرة وعلم شكلياء النبات. تعد النباتات الزهرية نباتات "متباينة الأبواغ"، حيث تنتج نوعان من الأبواغ التناسلية. يتم إنتاج حبوب اللقاح (الأبواغ الذكرية) والبويضات الملقحة (الأبواغ الأنثوية) في أعضاء مختلفة من النبات، ويعتبر "النبات ثنائي الأبواغ" هو الزهرة النموذجية حيث يحتوي على الأعضاء الذكرية والأنثوية معًا. الزهرة عبارة عن ساق متحورة تحتوي على سلاميات وتحمل، على العقد الخاصة بها، أجزاءً يمكن أن تكون أوراقًا متحورة هي الأخرى. وتتكون الزهرة على سويق متحور أو "محور" به بارض قمي لا ينمو باستمرار (حيث يكون نموه "محدودًا"). وترتبط الأزهار بالنبات من خلال مجموعة من الطرق. إذا كانت الزهور ليس لها عنق ولكنها نمت عن إبط الورقة، يطلق عليها زهرة جالسة. وعندما تنمو زهرة واحدة على الساق، فإن العنيقة التي تحملها تسمى محور النورة. إذا كان محور النورة ينتهي بمجموعة من الأزهار، فإن الساق التي تحمل الزهرة تسمى سويقة. ويكون للساق الزهرية نهاية طرفية تسمى "تخت الزهرة". تنمو أجزاء الزهرة مرتبة في محيطات دائرية زهرية على التخت. وفيما يلي توضيح الأجزاء الأربعة أو المحيطات الزهرية (بدءًا من قاعدة الزهرة أو أدنى عقدة بها ووصولاً إلى أعلى جزء فيها): على الرغم من أن التركيب الزهري المشار إليه أعلاه يعتبر التركيب النموذجي للأزهار، فإن فصائل النبات المختلفة قد تحورت عن هذا التركيب. ولهذا التحور دلالة في تطور النباتات الزهرية، كما أنه يستخدم على نطاق واسع من قبل علماء النبات لتحديد العلاقة بين فصائل النباتات المختلفة. فعلى سبيل المثال، يمكن تمييز الشعبتين الفرعيتين من النباتات الزهرية بعدد الأعضاء الزهرية في كل محيط زهري؛ فذوات الفلقتين تحتوي على 4 أو 5 أعضاء (أو مضاعفات 4 و5) في كل محيط زهري، بينما تحتوي ذوات الفلقة الواحدة على ثلاثة أعضاء أو مضاعفات الثلاثة. وقد يكون عدد الأخبية في المتاع المركب اثنان، وإذا لم يحدث ذلك، فإن الزهرة لا تكون مرتبطة بالخواص العامة السابق ذكرها عن ذوات الفلقة الواحدة وذوات الفلقتين. في معظم الفصائل، تحتوي الأزهار الفردية على الالأخبية والمياسم كما أشرنا من قبل. ويصف علماء النبات هذه الأزهار بأنها أزهار "كاملة" أو "ثنائية الجنس" أو "خنثى". وعلى الرغم من ذلك، ففي بعض فصائل النباتات، تكون الأزهار "غير كاملة" أو "أحادية الجنس"، حيث تحتوي على الأعضاء الذكرية (المياسم) فقط أو الأعضاء الأنثوية (الأخبية) فقط. وفي الحالة الأخيرة، إذا كان النبات مذكرًا أو مؤنثًا، فإن الفصيلة تعتبر "ثنائية المسكن". أما إذا ظهرت الأزهار المذكرة والمؤنثة أحادية الجنس على النبات نفسه، تعتبر الفصيلة "أحادية المسكن". ثمة المزيد من المناقشات عن التحورات الزهرية من التركيب الأساسي للنبات في المقالات التي تتحدث عن الأجزاء الرئيسية للزهرة. وفي الفصائل التي تحتوي على أكثر من زهرة على المحور – والتي يطلق عليها اسم "الأزهار المركبة" - فإن تجمع الأزهار هكذا يعرف "بالنورة"، ويمكن أن يشير هذا المصطلح أيضًا إلى الترتيبات المعينة للأزهار على الساق. وفي هذا الصدد، لا بد من مراعاة الدقة عند الإشارة إلى مصطلح "زهرة". ففي مصطلحات علم النبات، لا يطلق على الواحدة من نبات الأقحوان أو عباد الشمس اسم زهرة وإنما "رأس" زهرة – وهي عبارة عن نورة مكونة من مجموعة من الأزهار الصغيرة (المعروفة أيضًا باسم الزهيرات). ويمكن أن تتفق كل واحدة من هذه الأزهار من حيث الناحية التشريحية مع الوصف المذكور أعلاه. ثمة نوع من التناظر في العديد من الأزهار، فإذا كان الغلاف الزهري مقسوماً إلى جزأين عبر المحور المركزي من أية نقطة، يتم تكون الأنصاف المتناظرة – وتسمى الزهرة منتظمة أو متعددة التناظر مثل، الورد والتريليوم. أما إذا كانت الزهرة مقسومة إلى جزأين مع تكون خط واحد فقط يحتوي على أنصاف متناظرة، تكون الزهرة غير منتظمة أو وحيدة التناظر، كما هو الحال في زهرة أنف العجل ومعظم أزهار الأوركيد. القانون الزهري. يستخدم "القانون الزهري" لتوضيح تركيب أي زهرة باستخدام مجموعة معينة من الحروف والأرقام والرموز. ويتم استخدام قانون عام لتوضيح تركيب أزهار فصيلة نباتية بدلاً من الاقتصار على فصيلة بعينها. ويتم استخدام الرموز التالية: "X" تشير إلى "رقم متغير" ∞ تشير إلى "كثير العدد" وبالتالي، يمكن كتابة القانون الزهري لإحدى الزهور على الصورة التالية: وفي بعض الأحيان، يتم استخدام رموز إضافية أخرى (انظر Key to Floral Formulas) نمو الأزهار. التحول الزهري. يعتبر تمايز النبات إلى مرحلة تكون الأزهار واحدًا من مراحل التغير الرئيسية التي يمر بها النبات خلال دورة حياته. ولا بد أن يتم ذلك التحول في وقت مناسب للتأبير وتكون البذور، مما يساعد على نجاح عملية الإخصاب. وبتلبية مثل هذه الاحتياجات، يصبح النبات قادرًا على تفسير المؤثرات المتعلقة بالنمو والمؤثرات البيئية المهمة مثل التغيرات في مستوى الهرمونات في النبات والتغيرات الموسمية في درجات الحرارة وفي الفترة الضوئية. تحتاج العديد من النباتات ثنائية الحول والنباتات الحولية إلى إجراء عملية الارتباع بغية التعجيل بنمو أزهارها. ويتم التفسير الجزيئي لهذه الإشارات عبر إرسال إشارة مركبة تعرف باسم هرمون الفلورجين وتشتمل على مجموعة متنوعة من المورثات ومن بينها constans وflowering locus c وflowering locus t. ويتم إنتاج الفلورجين في أوراق النبات وذلك عندما تكون الظروف مناسبة لعملية التكاثر وتعمل في البراعم والأطراف النامية لتحفيز عدد من التغييرات التركيبية والشكلية. وتتمثل الخطوة الأولى في تحول الساق الخضرية إلى ساق زهرية. ويتم ذلك في صورة تغيرات كيميائية حيوية تحدث من أجل تغيير التمييز الخلوي لأنسجة الورقة والبرعم والساق إلى أنسجة تنمو بعد ذلك مكونة الأعضاء التناسلية. ويتوقف نمو الجزء المركزي من طرف الساق أو ينبسط وتنمو الجوانب حتى يكون لها نتوءات تتحول في صورة محيط زهري حول الجزء الخارجي من نهاية الساق. وتنمو هذه النتوءات إلى سبلات وبتلات ومياسم وكرابل. وبمجرد أن تبدأ هذه العملية، لا يمكن إيقافها في معظم النباتات ويستمر نمو أزهار على السوق حتى لو كانت البداية الأولى لتكون الزهرة معتمدة على أحد المؤثرات البيئية. وبمجرد أن تبدأ العملية أيضًا، سوف يستمر الساق في النمو مكونًا الزهرة حتى لو انتهى تأثير هذا المؤثر. نمو الأعضاء الزهرية. إن السيطرة الجزيئية لتحديد هوية العضو الزهري أمر يسهل توضيحه. فعلى سبيل المثال في نموذج زهرة بسيطة، هناك ثلاثة أنشطة للجينات تتفاعل مع بعضها البعض على نحو توافقي من أجل تحديد هوية العضو الناتج داخل المرستيم الزهري. ويطلق على وظائف الجينات هنا الرموز A وB وC. ففي المحيط الزهري الأول، تفرز جينات A فقط، مما يؤدي إلى تكون السبلات. وفي المحيط الزهري الثاني، تفرز جينات A وB معًا مما يؤدي إلى تكون البتلات. أما في المحيط الزهري الثالث، فتتفاعل جينات B وC من أجل تكوين المياسم؛ وفي منتصف الزهرة، تؤدي جينات C فقط إلى تكوين الكرابل. ويعتمد النموذج السابق على الدراسات التي أجريت حول الطفرات المثلية التي حدثت في أزهار ""أرابي دوبسيس ثالانيا" " و"أنف العجل" و""فم السمكة" ". فعلى سبيل المثال، عندما تفتقر الزهرة إلى وظيفة جينات B، تحدث طفرة في الزهور المثلية، حيث تتكون السبلات في المحيط الزهري الأول كالمعتاد، مع تكون السبلات أيضًا في المحيط الزهري الثاني بدلاً من تكون البتلات. وفي المحيط الزهري الثالث، يؤدي فقد وظيفة جينات B ووجود جينات C إلى محاكاة المحيط الزهري الرابع، حيث تتكون الكرابل في المحيط الزهري الثالث. انظر أيضًا The ABC Model of Flower Development. تنتمي معظم الجينات الرئيسية في هذا النموذج إلى جينات MADS-box، علاوةً على أنها عوامل نسخ تنظم ظهور الجينات المخصصة لكل عضو زهري. عملية التلقيح. يعتبر التكاثر الوظيفة الأساسية التي تقوم بها الأزهار. ونظرًا لكونها العضو المسؤول عن التكاثر في النبات، تعمل الأزهار على دمج النواة المذكرة في حبوب اللقاح مع البويضات المؤنثة الموجودة في المبيض. ويعرف التلقيح بأنه انتقال حبوب اللقاح من المتك إلى المياسم. ويطلق على اندماج النواة المذكرة مع النواة المؤنثة الإخصاب. من الطبيعي أن تنتقل حبوب اللقاح من نبات لآخر، ولكن هناك بعض النباتات التي يمكنها تلقيح نفسها ذاتياً. تقوم البويضات المخصبة بإنتاج البذور التي تمثل الجيل التالي من النبات الأصلي. وينتج التكاثر الجنسي جيلاً متفرداً من حيث الخصائص الجينية، مما يتيح حدوث عملية التكيف مع ما يستجد من ظروف بيئية جديدة. وتتمتع الأزهار بأشكال معينة تتيح عملية انتقال حبوب اللقاح من نبات لآخر من الفصيلة نفسها. وتعتمد معظم النباتات على عوامل خارجية لحدوث عملية التلقيح، مثل الرياح والحيوانات وبخاصة الحشرات. ويمكن استخدام الحيوانات العادية كالطيور والخفافيش وحيوانات البوسوم على وجه التحديد للقيام بذلك. ويطلق على الفترة الزمنية التي يمكن أن تحدث فيها تلك العملية (اكتمال نمو الزهرة تركيبياً ووظيفياً) اسم "فترة الإزهار". وسائل جذب الحشرات. لا يمكن للنباتات أن تنتقل من مكان لآخر، ولذلك فهي تعتمد على جذب الحشرات لنقل حبوب اللقاح بين النباتات المنتشرة في أماكن مختلفة. ويطلق على الأزهار التي يتم تلقيحها بواسطة الحشرات "حشرية التلقيح "، ومرادفها في اللغة اللاتينية يعني (محبة الحشرات). ويمكن أن تتحور هذه الأزهار مع الحشرات المسؤولة عن عملية التلقيح من خلال التطور المشترك. تحتوي الأزهار على غدد تسمى "الغدد الرحيقية" في العديد من الأجزاء التي تجذب الحشرات الباحثة عن الرحيق المغذي لها. تقوم الطيور والنحل بفضل تمييزها للألوان بالبحث عن الأزهار الملونة. وتحتوي بعض الأزهار على أنماط معينة من الغدد الرحيقية تسمى دلائل الرحيق لتوجيه ناقلات حبوب اللقاح إلى مكان وجود الرحيق. ويمكن رؤية هذه الدلائل فقط في ضوء الأشعة فوق البنفسجية الذي يعد مرئياً للنحل وبعض الحشرات الأخرى. وتعتمد الأزهار أيضاً على جذب ناقلات حبوب اللقاح من خلال الرائحة وتتميز هذه الروائح بأنها شذية. على الرغم من ذلك، فليست جميع روائح الأزهار عطرة بالنسبة للإنسان، فهناك مجموعة من الأزهار التي يتم تلقيحها بواسطة الحشرات التي تنجذب إلى رائحة اللحم العفن، وهناك بعض الأزهار التي تشبه رائحتها رائحة الحيوانات الميتة والتي يطلق عليها عادة اسم زهرة الجيفة مثل "زهرة الرفلسيا" وزهرة اللوف العملاقة وشجر الباوباو "(شجر الببو الفاكهة)" الذي ينمو في أمريكا الشمالية. أما الأزهار التي تلقح ليلاً بواسطة الخفافيش والعث، فإن رائحتها تؤثر تأثيراً كبيراً في جذب هذه الأنواع من ناقلات حبوب اللقاح، وتتميز معظم هذه الأزهار بلونها الأبيض. بعض أنواع الأزهار لا تزال تستخدم أسلوب المحاكاة لجذب ناقلات حبوب اللقاح، بعض أنواع الأوركيد على سبيل المثال، حيث تنتج أزهاراً شبيهة بإناث النحل في اللون والشكل والرائحة. وتنتقل ذكور النحل بين هذه الأزهار بحثاً عن أنثى للتزاوج. آلية التلقيح. تعتمد آلية التلقيح التي يستخدمها النبات على نوع التلقيح التي يعتمد عليها هذا النبات. ويمكن تقسيم معظم الأزهار إلى مجموعتين كبيرتين من حيث أنواع التلقيح: "حشرية التلقيح" : وهي الأزهار التي تجذب الحشرات والخفافيش والطيور وأنواع أخرى من الحيوانات لنقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى. وعادةً ما تتسم هذه الأزهار ببعض الخصائص المميزة من حيث الشكل ويكون لها ترتيب معين من الأسدية يضمن انتقال حبوب اللقاح إلى الناقل عندما يقف على الزهرة بحثًا عن عامل الجذب فيها (كالرحيق أو اللقاح أو أنثى التزاوج). وفي أثناء سعيها وراء عوامل الجذب هذه من زهرة إلى أخرى في الفصيلة نفسها، تقوم الناقلات بنقل حبوب اللقاح إلى المياسم – المرتبة بدقة واضحة – في جميع الأزهار التي تحط عليها. وتعتمد معظم الأزة& ار على عملية تقريب بسيطة بين أجزائها لضمان حدوث عملية التلقيح. أما الأزهار الأخرى مثل، "السراسينيا " وخف السيدة، فإن بنيتها التفصيلية تضمن إتمام عملية التلقيح الخلطي وتلافي عملية التلقيح الذاتي. "ريحية التلقيح" : وهي الأزهار التي تعتمد على الرياح في نقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى مثل الحشائش وشجرة القضبان وعشب الرجيد والقياقب. ونظرًا لعدم حاجتها إلى جذب ناقلات حبوب اللقاح، فإنه لا يشترط أن تكون هذه الأزهار جذابة سواء في الشكل أو اللون أو الرائحة. وبينما تكون حبوب اللقاح في الأزهار حشرية التلقيح كبيرة الحجم ولزجة وغنية بالبروتين (وهو ما يمثل ميزة إضافية لناقلات حبوب اللقاح)، فإن حبوب اللقاح في الأزهار ريحية التلقيح عادةً ما تكون خفيفة للغاية وذي قيمة غذائية قليلة للحشرات التي تتغذى عليه، على الرغم من إمكانية جمعها في أوقات التي يندر فيها انتشار الأزهار. يقوم نحل العسل والنحل الطنان بجمع كميات كبيرة من لقاح نبات الذرة ريحي التلقيح، على الرغم من انخفاض قيمته الغذائية بالنسبة له. تعتمد بعض الأزهار على التلقيح الذاتي وتستخدم الأزهار التي لا تتفتح أبدًا أو تقوم بعمل التلقيح الذاتي قبل تفتح الأزهار. ويطلق على هذا النوع الأزهار غير المتفتحة. ويكثر انتشار الأزهار غير المتفتحة في العديد من فصائل السلفيا أو المريمية وبعض فصائل البنفسج. العلاقة بين الأزهار وناقلات حبوب اللقاح. تتميز العديد من الأزهار بوجود علاقة قوية بينها وبين واحد أو أكثر من الكائنات الحية التي تساعد في إجراء عملية التلقيح. فعلى سبيل المثال، تقوم العديد من الأزهار بجذب فصيلة واحدة فقط من الحشرات؛ وبالتالي، فإنها تعتمد على هذه الفصيلة في نجاح عملية التكاثر. وعادة ما تعتبر هذه العلاقة القوية مثالاً للتطور المشترك، حيث يعتقد أن كلاً من الزهرة وناقل حبوب اللقاح قد تطورا معًا على مدار فترة زمنية طويلة؛ بحيث يفي كل منهما احتياجات الآخر. جدير بالذكر أن هذه العلاقة القوية تضاعف من الآثار السلبية للانقراض. فانقراض أي طرف في هذه العلاقة قد يؤدي إلى انقراض الطرف الآخر كذلك. وهناك بعض أنواع النباتات معرضة للانقراض بسبب تضاؤل أعداد ناقلات حبوب اللقاح التي تعتمد عليها هذه الأنواع.هي عملية الإخصاب وانتشار البذور. تقوم بعض الأزهار التي تحتوي على كل من المياسم والمدقة بالإخصاب الذاتي، وهو ما يزيد من فرص إنتاج البذور ولكنه يحد من التنوع الوراثي. ويتضح ذلك إلى حد بعيد في الأزهار التي تعتمد دومًا على الإخصاب الذاتي، مثل الهندباء البري. وفي المقابل، هناك فصائل عديدة من النباتات تستطيع أن تحول دون إتمام عملية الإخصاب الذاتي. فالأزهار أحادية الجنس سواء المذكرة أو المؤنثة الموجودة على نبات واحد قد لا تظهر أو تنضج في الوقت نفسه، وقد تكون حبوب اللقاح الموجودة في هذا النبات غير قادرة على تخصيب بويضاته. ويشار إلى هذه الخاصية، التي ينتج فيها النبات موادًا كيميائية مضادة لحبوب اللقاح التي يحملها، باسم العقم الذاتي (انظر أيضًا: Plant sexuality). تطور الأزهار. على الرغم من أن النباتات التي تنمو على اليابسة قد وجدت منذ ما يقرب من 425 مليون عام، فإن أول النباتات التي تكاثرت من خلال عملية تكيف بسيطة من نظراءها المائية كانت البذرة. وفي البحار، يمكن أن تقوم النباتات – وكذلك بعض الحيوانات – بترك نسخ وراثية خاصة بها حتى تطفو على سطح الماء وتنمو في مكان آخر. وهكذا كانت تتكاثر النباتات في البداية. ولكن سرعان ما قامت النباتات بتطوير وسائل يمكنها من خلالها حماية النسخ الخاصة بها كي تتمكن من التعامل مع الأوقات التي يسود فيها الجفاف ومع الظروف القاسية التي تتعرض لها على الأرض أكثر منها في البحر. وقد حازت البذرة على كل هذه الحماية، على الرغم من عدم إنتاجها للأزهار بعد. ويعد نبات كزبرة البئر والصنوبريات من النباتات الأولى التي كانت تحمل البذور. علاوةً على ذلك، فإن تاريخ أقدم حفرية في النباتات الزهرية ـ "أركافركتس لياننجينسيز" ـ يعود إلى نحو 125 مليون عام. وقد اعتقد أن العديد من عاريات البذور المنقرضة، خاصةً أبواغ السرخس، تمثل أسلاف النباتات الزهرية، على الرغم من عدم العثور على دليل حفري يوضح تمامًا كيفية تطور الأزهار. وقد أدى اكتشاف بعض الحفريات محتوية على آثار غير متوقعة لأزهار حديثة نسبيًا إلى افتراض عدم صحة بعض فروض نظرية التطور لدرجة أن "تشارلز داروين" اعتبر هذا الأمر لغز محيرًأ. وتشير حفريات كاسيات البذور التي تم اكتشافها حديثًا مثل ""أركافركتس" " بالإضافة إلى الاكتشافات الأخرى لحفريات عاريات البذور إلى كيف اكتسبت كاسيات البذور لصفات المميزة لها عبر سلسلة من الخطوات. يشير تحليل الحمض النوي (تحليل البنيات الجزيئية) في الوقت الحالي أن نبات أمبرولا تريكوبودا الذي عثر عليه على إحدى جزر المحيط الهادئ في "نيوكاليدونيا"، يمثل المجموعة الشقيقة لباقي النباتات الزهرية، كما أن الدراسات الخاصة بعلم دراسة الشكل توضح أن لهذا النبات بعض الخصائص التي تتشابه مع خصائص النباتات الزهرية الأولى. وقد كان الافتراض العام في هذا الصدد يتمثل في أن وظيفة الأزهار كانت منذ البداية استخدام الحيوانات الأخرى في عملية التكاثر. يمكن انتشار حبوب اللقاح الخاصة بالنباتات دون الحاجة إلى الأشكال الجذابة أو الألوان المبهرة. لذا قد تمثل الاستعانة ببعض قدرات النبات عائقًا إلا إذا كان هناك فوائد أخرى من وراء ذلك. ومن الأسباب المفترضة بصدد الظهور المتطور والمفاجئ للأزهار أنها قد تطورت في مكان معزول مثل جزيرة أو سلسلة من الجزر، حيث كانت النباتات الحاملة لهذا الأزهار قادرة على تطوير علاقة متخصصة للغاية مع حيوان معين (كحشرة الدبور على سبيل المثال)؛ وهي الطريقة نفسها التي تتطور بها معظم الفصائل الموجودة في الجزر حاليًا. ويمكن أن تكون هذه العلاقة التكافلية المتمثلة في افتراض حمل الدبور لحبوب اللقاح من نبات لآخر، كما يحدث في حشرة الدبور الخاصة بأشجار التين حاليًا، قد أدت إلى تطوير كل من النبات والحيوانات التي تتغذى عليها لدرجة عالية من التخصيص. ويعتقد أن أسس الوراثة على هذه الجزيرة الافتراضية يمثل مصدر التنوع في النباتات، خاصةً عندما يتعلق الأمر بعمليات التكيف التي لا بد أن يصاحبها أشكال أخرى من التحول. لاحظ أن ضرب مثال الدبور ليس أمرًا عشوائيًا، فالنحل الذي تطور خصيصًا لمناسبة العلاقة التكافلية الموجودة بينه وبين النباتات ينحدر أصله من الدبور. وبالمثل، فإن العديد من الفواكه المستخدمة في تكاثر النبات قد نتجت عن تضخم أجزاء معينة من الزهرة. فثمرة الفاكهة دائمًا ما تعتمد على رغبة الحيوانات في تناولها، ومن ثم نشر البذور التي تحتوي عليها. على الرغم من أن العديد من هذه العلاقات التكافلية لا يؤهل للانتشار أو للمنافسة على البقاء مع الحيوانات الأخرى غير الموجودة على تلك الجزيرة، فإن الأزهار قد أثبتت في بعض الأحيان أنها وسيلة فعالة للتكاثر والانتشار (بغض النظر عن أصلها الحقيقي) لتصبح الصورة السائدة للنباتات الموجودة على سطح الأرض. على الرغم من وجود بالكاد دليل مادي على وجود هذه الأزهار منذ 130 مليون عام مضت، فإن هناك أدلة عرضية تشير إلى أن تاريخها يعود إلى 250 مليون عام. فقد تم العثور على مادة كيميائية، يطلق عليها "أولينان"، يستخدمها النبات لحماية أزهاره في حفريات النباتات القديمة مثل نبات "جيجانتوبترايد" الذي تطور في ذلك الوقت والذي يحمل العديد من خصائص النباتات الزهرية الحديثة على الرغم من أنه لم يكن معروفًا عن هذه النباتات أنها نباتات زهرية، حيث لم يتم العثور سوى على السيقان والأشواك؛ وهو ما يعد من الأمثلة البدائية على عملية التحجر. قد يكون التشابه بين تركيب الورقة والساق مهمًا للغاية، وذلك لأن الأزهار من الناحية الوراثية تمثل نتيجة عملية تكيف قامت بها المكونات الطبيعية للورقة والساق، حيث يؤدي اتحاد مجموعة من الجينات بشكل طبيعي إلى تكون سوق نامية جديدة. ويعتقد أن الأزهار البدائية كانت تتكون من عدد متغير من أجزاء الزهرة، والتي عادةً ما تكون منفصلة عن بعضها على الرغم من وجود علاقة بينها. كما يعتقد أن الأزهار كانت تميل للنمو بشكل حلزوني كي تصبح ثنائية الجنس (بمعنى وجود الأعضاء المؤنثة والذكرية في الزهرة الواحدة) مع سيادة تأثير المبيض (عضو التأنيث). وكلما ارتقت الأزهار، قامت بعض الأنواع بتطوير أجزاء مندمجة ببعضها البعض مع تطوير عدد وشكل معين ومع اتخاذ جنس محدد لكل زهرة أو نبات أو على الأقل تتمتع بـ"مبيض ثانوي" ويستمر تطور الأزهار حتى وقتنا الحالي؛ ومن الجدير بالذكر أن الأزهار الحديثة متأثرة للغاية بفعل الإنسان لدرجة أن العديد منها لا يمكن تلقيحه تلقائيًا. وقد تم استخدام العديد من الأزهار الحديثة المنزلية باعتبارها أعشابًا بسيطة نبتت عند حدوث اضطراب ما في التربة. وبعض هذه الأزهار ينمو مع المحاصيل التي يقوم الإنسان بزراعتها. بل ولم تتوقف أجمل الأزهار عن التطور بسبب جمال شكلها، ولكنها استمرت في التطور بناء على أفعال الإنسان ومرت بالعديد من عمليات التكيف المعينة. الأزهار ودلالاتها الرمزية. تمتلك العديد من الأزهار معانٍ رمزية مهمة في الثقافة الغربية. وهناك علم متخصص في ربط الأزهار بدلالات معينة يطلق عليه لغة الزهور. ومن بين أشهر الأمثلة على ذلك ما يلي: أما في الفنون، فتستخدم الأزهار أيضاً عندما يراد وصف أنوثة المرأة كما ورد في أعمال بعض الفنانين مثل "جورجيا أوكيف" و"أموجن كننج هام" و"فيرونيكا رويز دي فيلاسكو" و"جودي شيكاغو"، كما استخدمت الأزهار كذلك في الفن الكلاسيكي الغربي والآسيوي. وتميل معظم الثقافات حول العالم إلى الربط بين الأزهار وبين الأنوثة. يعد التنوع الهائل في أشكال الأزهار وجمالها مصدر إلهام العديد من الشعراء خاصةً العصر الرومانسي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. من أشهر هؤلاء الشعراء "ويليام ووردث ورث" في قصيدته ""I Wandered Lonely as a Cloud" " وكذلك "ويليام بليك" في قصيدته ""Ah! " "Sun-Flower"." ونظرًا لأشكالها المتنوعة والملونة، اعتبرت الأزهار من الموضوعات المفضلة لدى الفنانين التصويريين. وقد كانت اللوحات المرسومة عن الأزهار من أشهر ما قدمه أشهر الرسامين المعروفين حول العالم مثل مجموعة أزهار عباد الشمس التي رسمها "فان جوخ" أو مجموعة أزهار زنبق الماء التي رسمها "مونيه". علاوةً على ذلك، يتم استخدام الأزهار المجففة والمجففة بالتبريد والتي تم حفظها بالضغط في بعض الأعمال الفنية عن الزهور لإضفاء بُعد ثلاثي دائم عليها. لقد كانت "فلورا" إلهة الأزهار والحدائق وفصل الربيع في الحضارة الرومانية القديمة. كما كانت "كلوريس" إلهة الربيع والأزهار والطبيعة في الحضارة الإغريقية. وفي الأساطير الهندوسية، تحظى الأزهار بمكانة مهمة. فعادةً ما كان يتم تصوير "فيشنو"، أحد الآلهة الثلاثة الكبرى في الحضارة الهندوسية، مع زهرة اللوتس. وبعيدًا عن الربط بين الأزهار وبين "فيشنو"، فإن التقاليد الهندوسية تنظر إلى زهرة اللوتس على أن لها أهمية روحانية. فعلى سبيل المثال، كان للأزهار دور في الأساطير الهندوسية التي تروي قصص الخلق. استخدامات الأزهار. في العصور الحديثة، سعى العديد من الأفراد وراء ابتكار سبل مختلفة لزراعة وشراء واستخدام الأزهار أو العيش في أماكن تحيط بها الأزهار، وذلك بسبب شكلها الرائع ورائحتها الجذابة. وفي مناطق كثيرة من العالم، يتم استخدام الأزهار في العديد من الأحداث والمناسبات التي يمر بها الإنسان في حياته، ومنها على سبيل المثال استخدامها: لذلك، يقوم الكثيرون بزراعة الأزهار حول منازلهم ويخصصون أجزاءً كاملة من المكان الذي يعيشون فيه لزراعة حدائقهم بالزهور وجمع الأزهار البرية أو يقومون بشراء الأزهار من بائعي الأزهار الذين يعتمدون على شبكة متكاملة من الموزعين الذين يتخذون من زراعة الأزهار عملاً تجاريًا. جدير بالذكر أن الفائدة الغذائية التي نحصل عليها من الأزهار أقل بكثير من أجزاء النبات الأخرى (مثل البذور والثمرة والجذور والسيقان والأوراق)، ولكننا في الوقت نفسه، نحصل على العديد من الأطعمة والتوابل من الأزهار. ومن بين الخضروات التي يحتوي نباتها على الأزهار القنبيط الأخضر والقنبيط والخرشوف. كما أن أغلى أنواع التوابل، وهو الزعفران، يتكون من المياسم المجففة لنبات الزعفران. ومن التوابل الأخرى التي تستخلص من الأزهار، القرنفل والكبر. وتستخدم أزهار الجنجل في إضفاء نكهة على الجعة. كما تتم تغذية الدجاج على نبات الآذريون لإضفاء لون أصفر ذهبي على صفار البيض، وهو ما تفضله غالبية المستهلكين. وعادةً ما تستخدم أزهار الهندباء البرية في صناعة الخمور. كذلك، تعد حبوب لقاح التي يجمعها النحل غذاءً صحيًا للكثير من الأشخاص. ويتكون عسل النحل من رحيق الأزهار الذي يعالجه النحل بعد جمعه له، وفي أغلب الأحيان يسمى العسل تبعًا لنوع الزهرة المأخوذ منها الرحيق مثل، عسل البرتقال وعسل القرنفل وعسل الطوبال. ثمة المئات من الأزهار الطازجة التي تصلح للأكل ولكن القليل منها يتم تسويقه كغذاء. عادةً ما تستخدم هذه الأزهار لإضافة لون ونكهة إلى أنواع السلطة المختلفة. كما يتم غمس أزهار نبات القرع في دقيق البقسماط ثم يتم قليها. ومن بين الأزهار التي يمكن أكلها السلبوت الكبير والالأراولة (من فصيلة الأقحوان) والقرنفل وعشب التيفا وصريمة الجَدْي والشيكوريا والقنطريون وعشب القنّا وعباد الشمس. وفي بعض الأحيان، يتم حفظ الأزهار التي تؤكل في السكر مثل الأقحوان والورد وزهرة الثالوث (أحد أنواع زهرة البنفسج). يمكن استخدام الأزهار أيضًا في صناعة الشاي بالأعشاب. حيث يتم خلط الأزهار المجففة مثل الأراولة والورد والياسمين والبابونج بالشاي للاستمتاع بنكهتها وللاستفادة ببعض فوائدها الطبية. وفي بعض الأحيان، يتم خلط هذه الأزهار بأوراق الشاي من أجل إضفاء نكهة عليه. مسرح برودواي يعتبر من أكثر المسارح احترافا في الولايات المتحدة، وهو مسرح لأداء وتقديم مسرحيات ومنها الموسيقية. ومسرح برودواي يقع في مدينة نيويورك ويحوي 500 مقعد أو أكثر. انظر أيضا. لاري جروسمان هو ملحن المسرحيات الموسيقية لمسرح برودواي الشفرة المصدرية أو الكود المصدري أو مصدر البرنامج مصطلح في عالم الحاسوب يُعبِّر عن الأوامر والتعليمات المكتوبة بلغة من لغات البرمجة التي يمكن قراءتها عادة كنص بسيط. تم تصميم شفرة المصدر خصيصًا لتسهيل عمل مبرمجي الحاسوب، الذين يحددون الإجراءات التي يجب أن يقوم بها الحاسوب عن طريق كتابة شفرة المصدر. غالبًا ما يتم تحويل شفرة المصدر من خلال مجمع أو مترجم إلى رمز آلة ثنائية يفهمه الحاسوب. قد يتم تخزين رمز الجهاز للتنفيذ في وقت لاحق، أو يتم تفسير شفرة المصدر وتنفيذها على الفور. يتم توزيع معظم برامج التطبيق في نموذج يتضمن الملفات القابلة للتنفيذ فقط. إذا تم تضمين شفرة المصدر، فستكون مفيدة للمستخدم أو للمبرمج أو لمسؤول النظام، وقد يرغب أي منهم في دراسة البرنامج أو تعديله. تعريفات. يعرف نظام معلومات لينوكس الكود المصدري على النحو التالي: شفرة المصدر (يشار إليها أيضًا باسم المصدر أو الشفرة) هي إصدار البرنامج كما هو مكتوب في الأصل (مكتوبًا في الحاسوب) بواسطة شخص بنص عادي أي (الأحرف الأبجدية الرقمية مقروءة من البشر). يمكن أيضا أخذ فكرة بشكل أوسع من شفرة المصدر، لتضمين رمز الآلة والإشعارات باللغات الرسومية، ولا يعتبر أي منهما نصأ بطبيعته. مثال من مقالة تم تقديمها حول مؤتمر IEEE السنوي وحول تحليل تعليمات رمز المصدر. غالبًا ما تكون هناك عدة خطوات لترجمة البرنامج أو التلاعب به بين شفرة المصدر الأصلية المكتوبة بواسطة إنسان وقابل للتنفيذ. في حين أن البعض، مثل مؤسسة البرمجيات الحرة (FSF)، يجادلون بأن ملف وسيط «ليس رمز مصدر حقيقي ولا يحسب كشفرة المصدر»، يجد آخرون أنه من المناسب الرجوع إلى كل ملف بسيط ككود المصدر للخطوات التالية. نبذة تاريخية. تم إدخال أول البرامج الخاصة بأجهزة الحاسوب المخزنة في برنامج ثنائي من خلال مفاتيح اللوحة الأمامية للحاسوب. لم تكن الجيل الأول من لغات البرمجة هذه مميزة بين شفرة المصدر ولغة الآلة. عندما قدمت IBM لأول مرة برنامجًا للعمل مع الأجهزة، تم توفير شفرة المصدر بدون أي رسوم إضافية. في ذلك الوقت، تم تضمين تكلفة تطوير البرامج ودعمها في سعر الجهاز. لعقود من الزمان، قامت IBM بتوزيع كود المصدر مع تراخيص منتجات البرمجيات الخاصة بها، بعد عام 1999. نشرت معظم مجلات الحاسوب المبكرة شفرة المصدر باعتبارها نوع من البرامج. من حين لآخر يتم نشر شفرة مصدر لبرامج كبيرة مثل كتاب مقوى مثل أجهزة الحاسوب والتنضيد. منظمة. عادةً ما يتم الاحتفاظ بالكود المصدري الذي يشكّل برنامجًا في ملف نصي واحد أو أكثر مخزّنًا على القرص الصلب للحاسوب. عادة يتم ترتيب هذه الملفات بعناية في شجرة الدليل، والمعروفة باسم شجرة المصدر. يمكن أيضًا تخزين شفرة المصدر في قاعدة بيانات (كما هو شائع في الإجراءات المخزنة) أو في أي مكان آخر. Java مثال على تعليمات البرمجية الأكثر تعقيدًا. مكتوب في نمط البرمجة الشيئية، فإنه يدل على التعليمات البرمجية الأساسية. مع تعليقات مقدمة محددة باللون الأحمر، تشير التعليقات المضمنة باللون الأخضر، وبيانات البرنامج المشار إليها باللون الأزرق. قد يتم تضمين شفرة المصدر لجزء معين من البرنامج في ملف واحد أو العديد من الملفات. على الرغم من أن هذه الممارسة غير شائعة، يمكن كتابة شفرة مصدر البرنامج بلغات برمجة مختلفة. على سبيل المثال، قد يحتوي البرنامج المكتوب بشكل أساسي على لغة برمجة C على أجزاء مكتوبة بلغة التجميع لأغراض التحسين. من الممكن أيضًا أن يتم كتابة وتجميع بعض مكونات برنامج ما على حدة، بلغة برمجة عشوائية، ثم يتم دمجها لاحقًا في البرنامج باستخدام تقنية تسمى ربط المكتبة. في بعض اللغات، مثل جافا، يمكن القيام بذلك في وقت التنفيذ (يتم تصنيف كل فئة في ملف منفصل مرتبط بواسطة المترجم في وقت التشغيل). هناك طريقة أخرى تتمثل في جعل البرنامج الرئيسي مترجمًا للغة برمجة، إما مصمم خصيصًا للتطبيق المعني أو للأغراض العامة، ثم اكتب الجزء الأكبر من وظائف المستخدم الفعلية مثل وحدات الماكرو أو أشكال أخرى من الإضافة في هذه اللغة، وهو نهج أخذ على سبيل المثال من قبل محرر نص جنو ايماكس. إن القاعدة الأساسية لمشروع برمجة الحاسوب هي المجموعة الأكبر من جميع التعليمات البرمجية المصدر لجميع برامج الحاسوب التي تشكل المشروع. لقد أصبح ممارسة شائعة للحفاظ على قواعد رمز في أنظمة التحكم في الإصدار. يتطلب البرنامج المعقد باعتدال عادة تجميع أو تجميع عدة، أحيانًا عشرات أو حتى مئات، من ملفات شفرة المصدر المختلفة. في هذه الحالات، يتم تضمين تعليمات التجميعات، مثل صنع الملف، مع شفرة المصدر. هذه تصف علاقات البرمجة بين ملفات التعليمات البرمجية المصدر، وتحتوي على معلومات حول كيفية تجميعها. نظام التحكم في المراجعة هي أداة أخرى يتم استخدامها بشكل متكرر من قبل المطورين لصيانة التعليمات البرمجية المصدر المقاصد. تستخدم شفرة المصدر بشكل أساسي كمدخل في العملية التي تنتج برنامجًا قابلاً للتنفيذ (بمعنى أنه يتم تجميعه أو تفسيره). كما يتم استخدامه كطريقة لتوصيل الخوارزميات بين الأشخاص (على سبيل المثال، مقتطفات الشفرة في الكتب). غالبًا ما يجد مبرمجي الحاسوب أنه من المفيد مراجعة شفرة المصدر الحالية للتعرف على تقنيات البرمجة. وكثيرا ما يتم مشاركة شفرة المصدر بين المطورين كعامل يساهم في نضوج مهاراتهم في البرمجة. بعض الناس يعتبرون شفرة المصدر وسيلة فنية معبرة. عادةً ما يكون نقل البرامج إلى منصات الحاسوب الأخرى أمرًا صعبًا دون الحاجة إلى شفرة المصدر. بدون الشفرة المصدرية لجزء معين من البرامج، تكون قابلية الحمل مكلفة بشكل عام باستخدام الحاسوب. [بحاجة لمصدر] تشتمل خيارات النقل المحتملة على ترجمة ثنائية ومضاهاة للنظام الأساسي الأصلي. يمكن استخدام إلغاء ترجمة برنامج قابل للتنفيذ لإنشاء شفرة المصدر، إما في لغة التجميع أو بلغة عالية المستوى. يقوم المبرمجون بشكل متكرر بتعديل شفرة المصدر من قطعة واحدة من البرامج لاستخدامها في مشاريع أخرى، وهو مفهوم يعرف باسم إعادة استخدام البرامج. الجوانب القانونية. انظر أيضًا: تاريخ البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر يختلف الوضع في جميع أنحاء العالم، ولكن في الولايات المتحدة قبل عام 1974، لم تكن البرمجيات وشفرة المصدر محمية بحقوق التأليف والنشر، وبالتالي دائمًا برامج المجال العام. في عام 1974، قررت اللجنة الأمريكية للاستخدامات التكنولوجية الحديثة للأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر (CONTU) أن «برامج الحاسوب، إلى الحد الذي تجسد فيه الخلق الأصلي للمؤلف، هي موضوع مناسب لحقوق النشر». في عام 1983 في قضية المحكمة الأمريكية أبل ضد فرانكلين حكمت أن الشيء نفسه ينطبق على رمز الكائن. وأن قانون حق المؤلف أعطى برامج الحاسوب حالة حقوق التأليف والنشر للأعمال الأدبية. في عام 1999، في قضية الولايات المتحدة في قضية بيرنشتاين ضد الولايات المتحدة، قضت المحكمة كذلك بأن قانون المصدر يمكن اعتباره شكلاً من أشكال حرية التعبير المحمية دستوريًا. جادل أنصار حرية التعبير بأنه نظرًا لأن رمز المصدر ينقل المعلومات إلى المبرمجين، مكتوب بلغة، ويمكن استخدامه لمشاركة الفكاهة وغيرها من الأعمال الفنية، فإنه يعد شكلاً محميًا للتواصل. الترخيص. المادة الرئيسية: رخصة البرمجيات مؤلف العمل غير العادي مثل البرمجيات، لديه العديد من الحقوق الحصرية، من بينها حقوق النشر الخاصة بالكود المصدري ورمز الكائن. يمتلك المؤلف الحق وإمكانية منح العملاء ومستخدمي برامجه بعض حقوقه الحصرية في شكل ترخيص البرامج. يمكن ربط البرمجيات ورمز مصدرها المرفق بالعديد من نماذج الترخيص؛ التمييز الأكثر أهمية هو البرمجيات مفتوحة المصدر مقابل البرمجيات الاحتكارية. يتم ذلك عن طريق تضمين إشعار حقوق النشر الذي يعلن شروط الترخيص. إذا لم يتم العثور على أي إخطار، فيعني ذلك أن الافتراضي لجميع الحقوق محفوظة. وبوجه عام، يكون البرنامج مفتوح المصدر إذا كان رمز المصدر مجانيًا للاستخدام والتوزيع والتعديل والدراسة والملكية إذا كان الكود المصدري سرًا، أو مملوكًا ومقيّدًا بشكل خاص. من أول تراخيص البرامج التي يتم نشرها ومنح هذه الحريات بشكل صريح رخصة جنو العمومية في عام 1989؛ رخصة بي إس دي هي مثال مبكر آخر من عام 1990. بالنسبة للبرمجيات الاحتكارية، يتم استخدام أحكام مختلف قوانين حقوق النشر والسرية التجارية وبراءات الاختراع لإبقاء رمز المصدر مغلقًا. بالإضافة إلى ذلك، تأتي العديد من برامج البيع بالتجزئة مع اتفاقية ترخيص المستخدم النهائي (EULA) التي تحظر عادة فك أو إلغاء الهندسة أو التحليل أو التعديل أو التحايل على حماية النسخ. تتضمن أنواع الحماية من التعليمات البرمجية المصدر - بخلاف التجميع التقليدي إلى رمز الكائن - تشفير التعليمات البرمجية أو تشويش التعليمات البرمجية أو تشفير الشفرة الجودة. المقال الرئيسي: جودة البرمجيات يمكن أن يكون للطريقة التي يتم بها كتابة البرنامج عواقب مهمة بالنسبة لمشرفيها. تهدف اتفاقيات الترميز، التي تؤكد على سهولة القراءة وبعض الاتفاقيات الخاصة باللغة، إلى الحفاظ على شفرة مصدر البرنامج، والتي تتضمن تصحيح الأخطاء وتحديثها. الأولويات الأخرى، مثل سرعة تنفيذ البرنامج، أو القدرة على تجميع البرنامج لأبنية متعددة، غالبًا ما تجعل قراءة التعليمات البرمجية ذات أهمية أقل، حيث تعتمد جودة الشفرة بشكل عام على غرضها. مخلفات البيئة أو النفايات أو الفضلات هي أي مواد زائدة وغير مرغوبة، ويمكن ان تعني القمامة أو المهملات. وفي علم الأحياء، يقصد بالمخلفات المواد الزائدة أو السموم (الذيفانات) التي تخرج من الكائنات الحية. و من الصعب تعريف ماهية المخلفات. فما هو من المخلفات لبعض الناس يعتبر ذا قيمة لغيرهم. فالشعب الأمريكي يخلف يوميا ما نسبته 4.5 رطل (2.05 كيلو جرام) من المخلفات للشخص الواحد، 55 بالمائة منها قمامة منزلية. و إدارة المخلفات يقصد به التحكم بالجمع والمعالجة والتخلص من المخلفات. والهدف منه هو تقليص التأثير السلبي للمخلفات على البيئة والمجتمع. تطور الصناعة وتقدمها إلى الأمام أدى إلى المزيد من النواتج الثانوية سواء كانت في شكل غازات أو نفايات صلبة أو سوائل أو نصف صلبة تلقى في الماء أو الهواء أو على الأرض. كما هو معروف تحول المواد الخام إلى منتجات صناعية كاملة أو نصف كاملة وهي حينما لا تجد هذه النواتج الثانوية قدرا من النفع على المستوى الاقتصادي فإنها تلقى بها على الأرض أو الماء أو الهواء. من أهم النفايات التي تلوث الإنسان أو بيئته هي النفايات الصناعية خاصة إذا لم تكن عوُلِجت قبل إلقاءها خارج المصانع فعند إلقاء النفايات بجوار المصنع بلا حراك تقوم الرياح بحمل الغازات الخارجة منها وربما أجزاء منها إلى أماكن بعيدة ومن هذه الغازات ما هو سام ويمكن أن تؤثر على الصحة الإنسانية. التأثيرات البيئية. تعمل النفايات الصناعية الصلبة مثل مخلفات الأطعمة وقشور الفاكهة والخضروات على تجميع الحشرات التي تنقل السموم والأمراض إلى حيث يمتد بها والانتقال إلى الأماكن المزدحمة بالسكان بالإضافة إلى أن هذه النفايات تلوث الجو بالغازات المنطلقة منها أو الدخان الناتج عن احتراقها. و تكمن خطورة النفايات عند اقترانها بالمياه التي قد تصل إليها فتعمل على تلوث المياه الجوفية بالإضافة إلى أنها تعتبر مزرعة لتكاثر الكائنات الحية للأمراض مثل الفئران والصراصير والذباب. إذا لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند حرق النفايات فإن ذلك يؤدي إلى تلوث الأرض بدلا من تلوث الهواء. كما يؤدي وجود المواد العضوية في النفايات إلى تحللها البيولوجي بواسطة الميكروبات، كالبكتيريا، ويتخلف عن هذا التحلل المواد السائلة والغازية السامة، مثل أكاسيد الآزوت، وثاني أوكسيد الكبريت والنيتروجين، فضلاً عن تكاثر الحشرات الضارة، وهو ما يؤدي إلى تلويث التربة السطحية، والتأثير على نوعية المياه الجوفية، ورفع نسبة الأحماض فيها، مما يجعل التربة غير صالحة للإنبات. ومن ناحية أخرى، يؤدي تراكم النفايات، خصوصاً الصلبة، إلى شغل مساحات واسعة من الأرض. وهذا يحول دون استغلالها في الزراعة، أو البناء، كما أن ذلك يشوه المنظر الجمالي والحضري للمناطق التي توجد بها ويؤثر صحياً ونفسياً على الصحة العامة. أخطار النفايات على الصحة العامة. يؤدي تراكم النفايات سواء المنزلية أو الصناعية أو التجارية دون معالجتها أو التخلص منها بصورة نهائية إلى تشكيل مصدر للخطر يهدد صحة الأهالي فأكوام القمامة تشجع على تكاثر البكتريا والجراثيم والفيروسات والقوارض مما يؤدى إلي انتشار الأمراض وتفشي الأوبئة الفتاكة ؛ ما لم يتم عزل النفايات تماماً عن الدورة الغذائية للإنسان ومعالجتها لوقف تكاثر البكتريا. مكونات المخلفات. أغلب المخلفات تتكون من المواد التالية: منظومة التوافق البيئي مع النفايات. في التعامل غير العلمي مع النفايات تظهر أشكال غير متوافقة مع البيئة للتخلص من النفايات، مما يتسبب في تعقيد المشكلات ولا يقدم حلولاً عملية لها. ومن الأساليب غير المتوافقة: الحرق. ينطوي أسلوب الحرق على مخاطر عديدة، من أهمها تلويث الهواء بنواتج حرق خامات متعددة، قد يكون منها المواد البلاستيكية؛ مما ينشر غازات وأبخرة سامة في الجو. كما أنه ينتج عن حريق النفايات سائل سام ملوث للبيئة. فضلاً عن إهدار القيمة الاقتصادية لعناصر ومكونات صالحة لإعادة الاستخدام داخل القمامة. الطمر. الطمر هو الدفن، ومن مخاطره تولد سوائل سامة عن النفايات المطمورة تلوث التربة والمياه الجوفية. كما أن الطمر لا يمنع تسرب الفئران والحشرات للنفايات عن طريق أنفاق تتسرب منها الروائح الكريهة وغاز الميثان، وفيها تتكاثر الحشرات حاملة شتى الأمراض. الرمي في المجاري والمسطحات المائية. وهو السبب الرئيسي في تلوث مياه الأنهار والبحار، فالبحر الأبيض المتوسط يستقبل 14.2 مليون طن من المخلفات السامة سنوياً، إما بشكل مباشر من مخلفات صناعات الدول المطلة عليه -خاصة الدول الأوربية ومصر-، أو بشكل غير مباشر من المياه النهرية التي تنصرف إلى البحر المتوسط -خاصةً نهر النيل-، ومنها مياه تزيد عن 16 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي تصل إلى بحيرات مصر الشمالية ثم إلى البحر المتوسط المتصلة بها عن طريق البواغيز. حلف الفضول هو أحد أحلاف الجاهلية الأربعة التي شهدتها قريش، وقد عقد الحلف في دار عبد الله بن جدعان التيمي القرشي أحد سادات قريش وذلك بين عدد من عشائر قبيلة قريش في مكة، في شهر ذي القعدة سنة 590 م بعد شهر من انتهاء حرب الفجار بين كنانة وقيس عيلان. توافق عليه بنو هاشم وبنو تيم وبنو زهرة حيث تعاهدوا فيه على أن: (لا يظلم أحد في مكة إلا ردوا ظلامته). وقد شهد النبي محمد هذا الحلف قبل بعثته وله من العمر 20 سنة، وقال عنه لاحقًا: سبب عقد حلف الفضول. أتى رجل من زبيد خرج بتجارة فاشتراها منه العاص بن وائل وكان ذا قدر بمكة وشرف فحبس عنه حقه فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف لعقة الدم وهم: عبد الدار ومخزوم وجمح وسهم وعدي، فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل وانتهروه. فصعد الأسدي جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة ونادى بأعلى صوته: سبب التسمية. سمي بحلف الفضول لأنّ قريشاً تحالفوا على أن يردوا الفضول على أهله وقالوا بعد إبرامه: هذا فضول من الحلف. نص الحلف وأشعاره. قام في الدعوة للحلف الزبير بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، وقال: " ما لهذا منزل" فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان التيمي القرشي وكان سيد قريش، فصنع لهم طعاما، وتحالفوا في ذي القعدة، فتعاقدوا وتعاهدوا بالله ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدى إليه حقه ما بل بحر صوفة وما رسا حراء وثبير مكانهما، وعلى التأسي في المعاش فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول وقالوا : "لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر"، ثم مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه وقال الزبير بن عبد المطلب: وقال أيضا : قبائل حلف الفضول. عقدت حلف الفضول 5 أفخاذ من قريش هي: حلف الفضول بعد الإسلام. كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب، وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان منازعة في مال كان بينهما بذي المروة. والوليد يومئذ والي المدينة من قبل الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان. فكأن الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه فقال له الحسين: " أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي، ثم لأقومن في مسجد رسول الله ثم لأدعون بحلف الفضول". فقال عبد الله بن الزبير الأسدي القرشي: " وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا ". فبلغ الأمور المسور بن مخرمة الزهري القرشي، فقال مثل ذلك وبلغت عبد الرحمن بن عثمان التيمي القرشي فقال مثل ذلك. فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي. دادان أو ددن كما تعرف باسم لحيان(خط المسند: ) هي مملكة قامت في مستوطنة دادان وتيماء ومدائن الأسود وجبل عكمة إقليم الحجاز، غرب شبه الجزيرة العربية، ويقع حاليًا في دولة السعودية؛ كانت تسمى في الفترة الأولى ددان، ودامت ددان في مرحلتها الأولى في الفترة ( 700 ق.م - 100 ق.م) وثم في مرحلتها الثانية في الفترة الممتدة بين سنة 107م و150م. في عصر ما قبل الميلاد أقامت جالية معينية قادمة من الجوف باليمن دولة وحضارة في ددان وتيماء شمال الحجاز، كانت تسمى مستوطنتهم ددن أو دادان، وفي فترة من الفترات اتخذ المعينيون من مدينة ددان عاصمة ثانية لهم في الشمال، وكانت لهم قوة ومنعة. وقد أسهمت حضارتهم بقدر وافر في حركة الفنون والكتابة والتجارة والمعمار، ولاتزال آثارهم باقية هناك حتى اليوم. النقوش المعينية. عرفت مملكة ددان في الكتابات والنقوش المعينيه باسم ددن، وكان يحكمها كبراء/أقيال/ملوك تابعون لمملكة معين. كان ملوك معين يعينون حكامًا على مستوطنة دادان باسمهم، وأن درجتهم هي درجة «كبر»؛ أي من الكبراء، حسب طريقتهم في تقسيم مملكتهم إلى «محافد»أي أقسام، يكون على كل محفد، أي قسم من المملكة، رئيس من الكبراء، يتولى الحكم باسم الملك في المسائل العليا، وفي جمع الضرائب التي يبعث بها إلى العاصمة، وفي المحافظة على القوافل التِجارية. وقد عثر على كتابات معينية كثيرة ذكرت فيها أسماء «كبراء» حكموا دادان باسم ملوك معين، وقد ورد اسم الملك المعيني «اليفع بشر» في كتابات عثر عليها في دادان، أمر بتدوين إحداها القيل «وهبال بن حيو ذعم رتنع»، من أعيان المعينيين في الشمال ومن «الكبراء»في دادان. وأما الكتابة الأخرى فتعود إلى «يفعن»«يفعان»، من رؤساء «ددان»كذلك. وقد كان هذان الرجلان من أسرتين كبيرتين، عرفتا في أيام معين المتأخرة، وورد اسم الأسرتين في عدد آخر من الكتابات في دادان. وورد في النقش اسم الملك «وقهال نبط»، ملك معين الذي دبر موت العرب في مدينة «قرنو» عاصمة معين. في عهد «هنا يامن»، «هانئ يأمان»، الذي كان كبيرًا/ حاكمًا على مستوطنة دادان في منطقة الخريبة؛ أي في الأرض التي سكنها المعينيون الشماليون. والملك المذكور هو ابن الملك «اليفع بشر»وشقيق الملك «حفن ريام». الكتب اليهودية. أطلقت الكتب اليهودية اسم الددانيين على المعينيين، نسبة لمستوطنة دادان في العلا، وتذكر المصادر اليهودية أن الددانيين هم أبناء عمومة السبئيين. وقد جعلت الكتب اليهودية أراضي شبه الجزيرة العربية المتاخمة لأرض أدوم ضمن سلطان الددانيين (المعينيين)، وذكر في الكتب اليهودية أن الددانيين كانوا من الشعوب الجزرية التي ترسل بضاعتها إلى بني إسرائيل. 13 (وحي من جهة بِلاد العرب: في الوعر في بلاد العرب تبيتين، يا قوافل الدادانيين) 14 (هاتوا ماء لملاقاة العطشان، يا سكان أَرض تيماء. وافوا الهارب بخبزه.) مملكة ددان. بعد أن استوطن المعينيون في العلا شمال الجزيرة العربية أنشؤوا لهم بها مستوطنات صغيرة مثل تيماء وددن، والتي هي مقاطعة فيدرالية/ مملكة صغيرة "مملكة مدينة"، لا تتعدى سيطرتها حدود تلك المدينة، وأسموها «ددن«، نسبة إلى تلك المدينة. وقد بدأت مستوطنة ددان هذه في القرن 7 ق.م واستمرت حتى القرن 1 ق.م على رأي عالم الآثار «وليام البرايت«. وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن الحميريين استولوا على ددن مواطن المعينيين الشماليين في حوالي سنة 115ق.م، فخضعوا بذلك لحكم الحميريين. مملكة ددان هي مقاطعة فيدرالية/ مملكة صغيرة تابعة لمملكة معين من القرن السادس ق.م، حتى بدايات الأول ق.م، قامت في دادان وتيماء الأجزاء الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية، يعتقد بعض الباحثين أن قبيلة «ذو لحين»إحدى قبائل اليمن التي سكنت في العلا بالعصر الحميري، وكانوا من سكان اليمن بالأصل، لورود نص يشير إلى قيل لحياني تابع لمملكة حمير في اليمن اسمه «أب يدع ذو لحيان» واستوطنت قبيلة لحين» جنوب ددان، فلما برزت سلطة الحميريين في اليمن وضعفت حكومة المعينيين في اليمن انفصل المعينيون الشماليون عن مملكة معين، وأصبحوا تابعين لمملكة حمير، ويرى جواد علي أن المعينيين كوَّنوا مستعمرات في أعالي الحجاز منذ القرن السادس قبل الميلاد أيام قوة المعينيين، وهدف هذه المستعمرات هو تأمين القوافل اليمنية والطريق التجارية من اليمن إلى الشام. ووفقًا لورنر كاسكل: أغلب بضاعتهم القادمة من جنوب شبه الجزيرة العربية كانت موجهة لمصر واليونان، ويعتقد كاسكل أن المعينيين الشماليين (الددانيين/اللحيانيين) استقلوا عن مملكة معين في القرن الأول ق.م قرابة 100 ق.م عندما برز الحميريون في اليمن، كان المعينيون يسيطرون على دادان وأعالي الحجاز من القرن السادس ق.م بدلالة أن حكامهم كانوا تابعين لمملكة معين بشكل مباشر وفي القرن الأول قبل الميلاد استقل المعينيون الشماليون عن معين لما بدأت سلطة الحميريين بالتزايد في اليمن. يرى جواد علي أن الددانيين اسم أطلقه اليهود على التجار المعينيين القادمين بقوافلهم من مستوطنة ددن واليمن، وقد عدهم بلينيوس الأكبر في جملة الشعوب الجزرية. يقول د/ عبد الرحمن الأنصاري: أعتقد أن ددان هي مقاطعة تابعة لمملكة معين مصرن. ومن هنا يتضح أن المعينيين هم الددانيين المذكروين في الكتب اليهودية.، وحيث إنه لم تُجْرَ في المنطقة حفريات أثرية جادَّة تزوّدنا بتفاصيل أكثر عن هذه الفترة إلاّ ما قام به العالمان الفرنسيان «جوسن»Jaussen و»سافيناك»Savignac من دراسـة لبعض نقوش المنطقة الظاهرة على سطح الأرض ثم تحليلها والتي كشفت أسماء بعض حكام دادان في هذه الفترة: وقد وثق حكام هذه الفترة علاقاتهم التجارية مع الدول المجاورة كالإدوميين والمصريين، لكن هذه العلاقة كانت أكثر عمقًا مع حكام مصر. حيث كان المعينيون يُصَدِّرُون لهم المواد العطرية والبهارات والخيول العربية الأصيلة، عبر ميناء (أمبليوني) المقام على السواحل المصرية باتفاق الدولتين، وعبر الميناء المعيني (لويكي كومي). كما أعطى المجتمع المعيني في دادان حُرِّية التملك للمرأة، وقد ثبت هذا في نقوشهم. كما أنهم كانوا ينحتون جبال العلا، ويتخذونها مقابر لدفن موتاهم. وتتميز مدافنهم التي في مدائن الأسود عن مدافن أصحاب الحجر (النبط) التي في مدائن صالح (الحجر) بأنها شبه مربعة الشكل، لا تزيد فتحتها عن متر مربع واحد، وعمقها في داخل الصخر حوالي مترين. ومن أشهر المدافن «بيت الأسدين». يقع المعبد المعيني وسط مدينة «ددان»، ويسمى حديثًا «معبد محلب الناقة» وله فناء واسعٌ، وينتشر فيه الكثير من النقوش بخط المسند، ويوجد بالمعبد مرر وضع فيه 16 تمثالًا ضخمًا نحتت بإتقان، وهذه التماثيل تظهر رجالًا يرتدون الزي السبئي الصحراوي/ الزي التهامي، وتحمل الطابع المعيني السبئي المتمثل في شكل الوجه والرأس واللبس، وتشبه لحد كبير التماثيل التي اكتشفت في الجوف ومأرب، ولم يعلن علماء الاثار بعد هل كانت ديانة الددانيين الرئيسية تقوم على عبادة الله أم وثنية أم تلبست بطقوس وثنية وشركية مع عبادة الله . وقد سجل بعض التجار القادمين من مملكة معين أسماء أوثان معين؛ مثل ود ونكرح في مدافنهم ومقابرهم الصخرية في مدائن الأسود (مقابر الأسود). أمَّا لغتهم في ذلك العصر فهي اللغة المعينية، ولغتهم هي الاقرب إلى اللغة العربية واللغة السبئية المتأخرة، وخطهم هو الخط المسند الجنوبي. ويدل انتشار الكتابات المعينية بهذا الحجم الكبير في العلا وما حولها على أن طبقة متعلمة هاجرت من اليمن، مما يؤكد اهتمامهم بالقراءة والكتابة. ظهرت الأنباط في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد، وقد قاموا باتخاذ الحجر (مدائن صالح) مقبرة لهم، ولا يوجد ما يدل على احتلال الأنباط لمدينة ددان أو تيماء، لكن وجدت نقوش باللغة العربية بالخط النبطي (ليس باللغة النبطية) على بعض واجهات المقابر في مدائن صالح، يذكر فيها اسم صاحب المقبرة واسم النحات والقبيلة واسم الملك النبطي حارثة، مما يدل على اتخاذ النبط الحِجر (مدائن صالح) كمقابر، ولا يعرف بالضبط من نحت الواجهات الصخرية النبط أم أناس من العلا تابعون للمملكة النبطية، لكن يتبين حسب لغتهم أنهم قوم جزريون يتحدثون بإحدى اللغات العربية البدائية وليس باللغة النبطية، وأسماؤهم يمنية؛ مثل كهلان وجندب ونحوه، ولم يكتشف أي نقش يدل على سيطرة النبط على تيماء أو ددان مستقر المعينيين، ولم يذكر النبط مدينة ددن في نقوشهم على الإطلاق. وحيث إن المعلومات التي وصلتنا عن هـذه الفترة تعتبر ضئيلة جدًّا، إذا ما قورنت بالمعلومات التي وصلتنا عن طريق نقوش مملكة معين في الجوف، فإننا سنكتفي بهذه المعلومات إلى أن تُبْدي لنا الأيام القادمة ما خفي علينا من تاريخ مملكة ددان، خاصة عند إجراء الحفريات الأثرية الجادَّة، والْمُنْتَظَر القيام بها في المنطقة. قضى الرومان على الأنباط سنة 106م، وللموقف الودِّي الذي وفَفَهُ سكان العلا من الرومان أثناء حربهم مع الأنباط جعل الرومان يوقفون زحفهم عند نهاية الأراضي النبطية، ولم يتوغلوا في صحاري الجزيرة العرببة. ويبدو أن عدم رغبة الرومان في حكم صحاري الجزيرة العرببة القاحلة، وعلاقتهم الجيدة مع سكان دادان والعلا، شجع سكان العلا على إدارة شؤونهم والتحكم بالتجارة من جديد. وتقع دادان والعـلا على الطريق التجاري الذي يربط المحيط الهنـدي بالبحر الأبيض المتوسـط، والمار بغرب الجزيرة العربية، وتمتـد العلا من السور الجنوبي المعروف اليوم في المنطقة بجدار السـبعة، وحتى السور الواقع شـمال جبل عكمة، وهي محصورة بين الجبل الشرقي والجبل الغربي، ومما ساعد على هـذا التحديد انتشـار الكتابات المسندية في هذه المنطقة، وترتفع العـلا 674 م فوق سـطح البحر. وكذلك ما ذَكَرَتْهُ الْمَسَلَّة الآرامية عن وجــود الحاكم المعيني بتيماء، وقــد امتــد نفوذها إلى مدينـة «إســتريانا«، التي ذكرها بطليموس في كتابه، وشملت أيضًا بلدة «العُذَيب« الواقعة شـمال العـلا غرب ســكة حديد الحجاز، وذلك لوجود 40 نقشـًـا معينيًّا شماليًّا بها، يحمل أحدها اسـم الملك المعيني الشمالي «سلح« الموسـوم. وقد تحدَّثت بعض النقوش المسندية، والتي منها النقوش عن التجار الذين قاموا بتقديم زكواتهم عن ممتلكاتهم التي تقع في (يمنت) بلاد الجنوب أي اليمن. ويقوم اقتصاد سكان دادان على عدَّة مقوِّمات وموارد تعتبر من الأهمية بمكان لإنعاش اقتصاد مدينتهم، ومن هذه المقوِّمات والموارد: الموقع، التجارة، الزراعة، الرعي. الموقع. تُعَدُّ «ددان« من أهم المحطّات التجارية على طريق القوافل، مما جعل هذا الموقع يقوم بدور مهم في الحالة الاقتصادية للمجتمع المعيني. وتتميَّز العلا بقربها من ساحل البحر الأحمر؛ فهي لا تبعد عنه أكثر من مسيرة خمسة أيَّام، حيث يتوجَّه التجَّار إلى الموانئ القريبة لإجراء عمليات البيع والشراء، مع التجَّار الإغريق والمصريين وغيرهم. وتَحْتَلُّ ددان العلا موقعًا استراتيجِيًّا على الطريق التجاري القادم من جنوب الجزيرة العربية، والمتَّجِهِ إلى بلاد الشام وسواحل البحر الأبيض المتوسط شمالًا، وإلى بلاد الرافدين في الشمال الشرقي. التجارة. من المعروف أنَّ ددان تقع على طريق تجاري مُهِم يصل بين الجنوب والشـمال، تُنْقَلُ عَبْرَهُ البضائع المختلفة من بخور وعطور وبهارات وغيرها، إلى بلاد الشام ومصر وسواحل البحر الأبيض المتوسط وإلى بلاد الرافدين، مما أكسب المعينيين مكانة رفيعة في عالم التجارة؛ فمرور القوافل بددان العلا أعطاها حركة تجارية نشطة، ولِتَوَفُّر المواد الغذائية بالمنطقة من حبوب وتمور وغيرها جعل أصحاب القوافل يتاجرون مع سكان هذه المدينة أثناء توقُّفِهِم بها، مما جعل السكان يستفيدون من عائد الخدمات التي يقدِّمونها لتلك القوافل وأصحابها، من طعامٍ وشرابٍ وأعلافٍ لدوابِّهم، كما استفاد كبار القوم في دادان أيضًا من المكوسِ والأعشار التي يأخذونها من التجَّار المارِّين بأرضهم مما أنعش اقتصادهم. والمكوس: جمع مكس، والمكس هو: الضريبة التي يأخذها الماكس من بائعي السلع في الأسواق من التُّجَّار، والماكس هو: الجابي والجامع للمكوس (الضرائب). والأعشـار: جمع عُشْــرٍ، والعُشْــرُ هو: واحد من عشـرة من الأموال، أي عُشْر ما يُباع، والعَشَّـارُ هو: الجابي للعُشْرِ والقابض له. يقول كاسكل: إنَّ المعينيين الشماليين كانوا من أكثر الشـعوب تُجَّارًا؛ فقد كانت تجارتهم في الدرجة الأولى مع مصر. الزراعة. مما لا شك فيه أنَّ الزراعة لا تقوم في مكانٍ ما إلَّا إذا توفرت لها المياه، سواءٌ أكانت هذه المياه جوفية يتم استخراجها عن طريق حفر الآبار، أم كانت ببناء السدود التي تحجز خلفها مياه السيول والأمطار، وعلى هذا الأساس قامت الزراعة في مدن شمال الجزيرة العربية كددان وما جاورها. وتشير النقوش المعينية التي وُجِدَتْ في العلا عامة إلى وجود محاصيل زراعية؛ أهمها ثمار النخيل، كما ورد ذلك في النقش «أبو الحسن 18«. ويُعَد التمر مصدرًا رئيسيًّا في الغذاء للحاضرة والبادية، لاحتوائه على أهم العناصر الغذائية، وكذلك لسهولة تخزينه وقابليته للتخزين لمدَّة طويلة، وكذلك لسهولة نقله من مكان إلى آخر. وللنخيـل فوائد كثيرة؛ فمن سـعفه تُصْنـَعُ البُسُطُ، ومــن ليفه تُصْنَـعُ الحبال، ومــن جذوعه تُسْـقَفُ المنازل؛ فالنخيل كله فوائد، لذلك نرى المعينيين الشماليين اهتموا بزراعتـه في ذلك الوقت. وللقيام بالأعمال الزراعية لابد من وجود بعض المعاملات التي لها صلة بالزراعة لم تتطرق لها النقوش المسندية؛ فمن هذه المعاملات: المحاقلة: أي اسـتئجار الأرض والمزارعة، وهي اتفاق بين صاحب الأرض وشــخصٍ آخر يقوم بزراعة الأرض مقابل نســبة مُعَيَّنَة من الثمر؛ كالثلث أو الربع مثلًا. والمساقاة، وهي أن يقوم شخصٌ بتوصيل الماء إلى أرض المســتفيد مقابل حصّة مُعَيّنـة من نتاج الأرض. كما أنشــأت الدولة المعينية شـبكة كبيرة من القنوات لسـحب المياه المخزونة في باطن الأرض، بطريقـة متقدِّمة تقنيًّا تُسَــمَّى في عصرنا الحاضر بالعيون. الشيخ نصر فريد محمد واصل (1937- )، فقيه إسلامي مصري ورئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ومفتي الديار المصرية السابق في الفترة من 11 نوفمبر 1996م وحتى عام 2002م. ولد في مارس سنة 1937م بقرية ميت بدر حلاوة التابعة لمركز سمنود بمحافظة الغربية. ويعمل أستاذاً للدراسات العليا ورئيساً بقسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بالقاهرة- جامعة الأزهر، وقد انتدب لشغل منصب عميد كلية الشريعة والقانون بالدقهلية منذ عام 1995م، وحتى صدر القرار الجمهوري بتعيينه مفتياً للديار المصرية في 11 نوفمبر 1996م. حياته. حصل على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن في عام 1972م، بدأ العمل في النيابة العامة عام 1966م، ثم مدرساً فأستاذاً بقسم الفقه بجامعة الأزهر، ثم رئيساً للقسم، قبل أن يُعار لجامعة صنعاء ثم للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السعوديتين كأستاذ للفقه المقارن. بعد ذلك عمل عميداً لكلية الشريعة والقانون بأسيوط في الفترة من عام 1981م حتى عام 1983م. وانضم لجبهة علماء الأزهر في 1995، وصدر له أكثر من عشرين كتاباً وبحثاً علمياً ودراسات في الشريعة الإسلامية والفقه والتشريع. عيّن مفتياً للديار المصرية في 11 نوفمبر 1996م، وظل بهذا المنصب حتى عام 2002. تعرض الشيخ نصر فريد لضغوط من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لإصدار فتوى بشأن إجازة تصدير الغاز للاحتلال أثناء توليه منصب مفتي الديار المصرية. حيث أن النظام المصري أقاله من منصبه بعدها بفترة وجيزة في سابقة نادرة الحدوث بمصر، لرفضه إصدار فتوى بإجازة تصدير الغاز لإسرائيل من حيث رؤية الشريعة الإسلامية . ومن أسباب إقالته أيضاً أنه كان ضد توريث الحكم، وكانت إجابته عن التوريث: نمرين هي قرية لبنانية في قضاء المنية الضنية من محافظة شمال لبنان. وهي عضو في اتحاد بلديّات الضنية. جغرافيتها. تبلغ مساحتها 7،57 كلم مربع. تبعد عن مدينة طرابلس حوالي 35 كلم. تحدها من الشمال قرصيتا ومن الجنوب جبل المكمل (الجبل الأبيض) وجرد مربين. ومن الغرب قرى عين التينة والحازمية. تفصلها عن بقرصونا وادي عميق يسمى بوادي الحمام في أسفل ووسط القرية وتربطهما طريق عند أسفل جبل المكمل وفوق نبع السكر (الطريق الدولي) .و تربطها ببلدة عين التينة طريق أنشئت حديثاً، كما يعمل حالياً في وسط البلدة على بناء جسر يربطها ببلدة بقرصونا. تقسيماتها. تقسم نمرين إلى قسمين: نمرين السفلى (الطريق المؤدي إلى وسط البلدة، مقر البلدية، المستوصف، السنترال، المدرسة، مسجد نمرين الكبير) ونمرين العليا – بكوزا (الطريق المؤدي إلى جرد نمرين ونبع السكر وإلى الطريق الدولي الذي يربط طرابلس بالهرمل عبر سير وبقرصونا). سكانها. لا يوجد احصاء رسمي بعدد سكان القرية. تشير احصاءات 2010 الانتخابية إلى ان عدد ناخبيها هو 1714. تعاني نمرين مثل بعض القرى في الضنية من أزمة النزوح في الشتاء إذا يبقى 25٪ من سكانها فيها بينما ينزح الباقي إلى مدينة طرابلس وضواحيها في فصل الشتاء لممارسة أعمالهم في عدة مناطق اهمها الفوار والقبة وعلما والعيرونيه وأبي سمراء. كما يتواجد قسم من عائلات وشباب نمرين في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وألمانيا ودول الخليج العربي. ينابيعها. تكثر في نمرين الينابيع العذبة من اهمها نبع السكر الذي يغذي القرى المجاورة مثل قرصيتا وبيت الفقس والسفيرة وعين التينة والحازمية وطاران وجزء من بقرصونا . محاصيلها. تكثر فيها كباقي القرى المحيطة الأشجار المثمرة كالخوخ والمشمش والتفاح والإجاص والدراق والكرز وغيرها بالإضافة إلى المزروعات المختلفة. الاثار. يوجد في نمرين بعض المعالم الأثرية غير المعروفة العهد مثل القبور المنحوتة في الصخر في منطقة تل نمرين. بالإضافة إلى محراب وبعض المنحوتات ومغارة قديمة يطلق عليها مغارة الذهب. الاماكن السياحية. بعض الأماكن الأثرية في البلدة: أنشأت دار الإفتاء المصرية في 12 نوفمبر 1895 الموافق جمادى الآخرة 1313 هـ وذلك بالأمر الصادر من خديوي مصر عباس حلمي الثاني. وتولّى منصب مفتي الديار حتى الآن 20 مفتيًا. حرب الفِجَار (43 ق هـ / 580م - 33 ق هـ / 590م) هي إحدى حروب العرب في الجاهلية وحصلت بين قبيلة كنانة (ومنها قريش) وبين قبائل قيس عيلان (ومنهم هوازن وغطفان وسليم وثقيف ومحارب و عدوان وفهم). وسميت بالفجار لما استحل فيه هذان الحيان من المحارم بينهم في الأشهر الحرم ولما قطعوا فيه من الصلات والأرحام بينهم، وفي بعض اللهجات العامية تُنطق "حرب الفُجّار" بضمّ الفاء وتشديد الجيم، وهذا النطق خطأ. الفِجَار الأول. ويعرف باسم فجار الرجل وخبره أن أوس بن الحدثان النصري الهوازني باع من رجل من كنانة ذودا له إلى عام قابل يوافي السوق فوافى سنة بعد سنة ولا يعطيه وأعدم الكناني، فوافى النصري سوق عكاظ بقرد فوقفه في السوق ثم قال: "من يبيعني مثل قردي هذا بمالي على فلان الكناني ؟ " يريد أن يخزي الكناني بذلك، فمر رجل من بني كنانة فضرب القرد بالسيف فقتله آنفا مما فعل النصري، فصرخ النصري في قيس عيلان وصرخ الكناني في بني كنانة فتحاور الناس حتى كاد يكون بينهم قتال ثم كفوا وقالوا: " أفي رَباح -أي قرد- تريقون دماءكم وتقتلون أنفسكم"، فيسر الخطب في أنفسهم وكف بعضهم عن بعض. الفِجَار الثاني. وبعرف باسم فجار الفخر أو فجار الرجل وخبره أن أبو منيعة، وقيل أبو معشر بن مكرز وقيل بدر بن معشر، وكان رجلا من بني غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وكان عارما منيعا في نفسه قدم سوق عكاظ فمد رجله ثم قال يرتجز: (الرجز) ثم قال: "أنا والله أعز العرب فمن زعم أنه أعز مني فليضرب هذه بالسيف"، فضربها رجل من بني قشير بن كعب بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن فخدش بها خدشا غير كبير فتحاور الناس عند ذلك حتى كاد يكون بينهم قتال، ثم تراجع الناس ورأوا أنه لم يكن كبير قتال ولا جراح فقال ابن أبي أسماء بن الضريبة النصري الهوازني: (الخفيف) فأجابه أمية بن الأسكر الليثي الكناني قائلا: وقيل بل ضرب رجل الغفاري الكناني رجل من بني دهمان بن نصر بن معاوية بن بكر هوازن وقال يرتجز:<ref name="المنمق من أخبار قريش 1/44">المنمق من أخبار قريش (1/44)</ref> (الرجز) الفِجَار الثالث. ويعرف باسم فجار المرأة وخبره أن امرأة من بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن وافت عكاظ وكانت امرأة جميلة طويلة عظيمة فأطاف بها فتيان أهل مكة ينظرون إليها وعليها برقع مسير على وجهها فسألوها أن تبدي عن وجهها فأبت عليهم، وكان النساء إذ ذاك لا يلبسن الأزر، إنما تخرج المرأة فضلا في درع بغير إزار، فلما امتنعت عليهم وقد رأوا خلقها وشمائلها لزموها، فقعدت تشتري بعض حاجتها فجاء فتى من أولئك الفتيان رجل يقال له أبو الغشم بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم القرشي الكناني وهي قاعدة فحل أسفل درعها بشوكة إلى ظهرها، فلما فرغت من حاجتها قامت فإذا هي عريانة، فضحك الفتية منها وقالوا: " منعتنا وجهك فقد نظرنا إلى سفلتك "، فكشفت المراة عن وجهها فاذ وجه وضيء فكانوا أشد إغراما عما كانوا بها، وصاحت: " يا لقيس انظروا ما فعل بي "، فاجتمع الناس واجتمع إليها عشيرتها ودنا بعضهم من بعض، وحملوا السلاح وحملته كنانة ثم ترادوا بعد شيء من مناوشة وقتال ووقعت بينهم دماء فتوسط حرب بن أمية سيد كنانة ودفع ديات القتلى وأرضى بني عامر بن صعصعة. الفِجَار الرابع. ويعرف باسم فجار البراض أو فجار اللطيمة ولهذا قال الشاعر أبو تمام حبيب بن أوس الطائي: وقالت العرب في الأمثال: أفتك من البراض لفتكه، وكان البراض بن قيس بن رافع الضمري الكناني فتاكا من فتاك العرب في الجاهلية وخليعا خلعه وطرده قومه بنو ضمرة من كنانة، فحالف بني سهم من قريش، فعدا على رجل من قبيلة هذيل فقتله، فقام الهذليون إلى بني سهم يطلبون دم صاحبهم، فقالت بنو سهم: "قد خلعناه وتبرأنا من جريرته"، فقالت هذيل: "من يعرف هذا؟"، فقال العاص بن وائل: "أنا خلعته كما يخلع الكلب"، فأسكت الهذليون، ولم يروا وجه طلب، فأتى البراض إلى حرب بن أمية العبشمي القرشي وكان سيد كنانة يطلب أن يحالفه، فقال حرب: "إني قد رايت حلفاءك خلعوك وكرهوك"، فقال البراض: "وأنت إن رأيت مني مثل ما راوا فأنت بالخيار إن شئت أقمت على حلفك وإن شئت تبرأت مني"، قال حرب: "ما بهذا بأس"، فحالفه حرب بن أمية فعدا البراض على رجل من قبيلة خزاعة فقتله وهرب في البلاد فطلب الخزاعيون دمه فلم يقدروا عليه. فأقام البراض باليمن سنة ثم دنا من مكة فإذا الهذليون يطلبونه وإذا الخزاعيون يطلبونه وقد خلع، فقال: "ما وجه خير من النعمان بن المنذر، نلحق به"، فانطلق حتى قدم الحيرة فقدم على وفود العرب حين وفدوا على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، فأقام يطلب الإذن معهم فلم يصل إلى النعمان حتى طال عليه المقام وجفي، وحان بعث النعمان بلطيمة كان يبعث بها إلى سوق عكاظ، فخرج النعمان فجلس للناس بفنائه بالحيرة وعنده وفود العرب وكانت عير النعمان ولطائمه إذا دخلت إلى تهامة لا يهيجها أحد حتى عدا النعمان بن المنذر على أخ بلعاء بن قيس الليثي الكناني وكان سيد بني بكر من كنانة فقتله، فجعل بلعاء بن قيس يتعرض للطائم التي للنعمان بتهامة فينهبها، قد فعل ذلك بها مرتين، فخاف النعمان على لطيمته، واللطيمة هي العير التي تحمل المتاع للتجارة، فقال النعمان يومئذ: "من يجيز هذه العير؟" فوثب البراض وعليه بردة له صغيرة ومعه سيف له قد أكل غمده من حدة فقال: "أنا أجيزها لك"، فقال عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب العامري الهوازني وكان سيدا من سادات قيس عيلان يقال له الرحال لرحلاته إلى الملوك: "أكلب خليع يجيزها لك؟، أبيتَ اللعن، أنا أجيرها لك على أهل الشّيح والقَيْصوم من أهل نجد وتهامة"، فقال البراض: "أعلى بني كنانة تُجيرها يا عُروة؟"، فقال: "وعلى الناسِ كلِّهم". فدفع النعمان اللطيمة إلى عروة الرحال وخرج الرحال بالعير، وخرج البراض في أثر عروة الرحال حتى إذا كان في بعض الطريق أدركه البراض فتقدم أمام عيره وأخرح الأزلام يستقسم بها، فمر به الرحال فقال له: "ما تصنع؟" فقال: "إني أستخير في قتلك"، فضحك الرحال وهو لا يَخشى منه شيئاً، لكونه بين ظَهراني قومه من غطفان وهم من قيس عيلان دون الجريب إلى جانب فدك بأرض يقال لها أوارة قريب من الوادي الذي يقال له تيمن فأنزل عروة اللطيمة وسرح الظهر، فدخل البراض على عروة نصف النهار وهو في قبة من أدم فناشده عُروة قائلا: "كانت مني زلّة، وكانت الفعلة مني ضلّة". فضربه البراض بالسيف حتى برد، وخَرج يرتجز قائلا: وقال البراض في ذلك أيضا: ويعني ببني بكر قومه بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وأما بنو كلاب قوم عروة فهم بنو كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. وقال البراض أيضا: ثم كتب البراض إلى أهل مكة وهم بعكاظ قائلا: " أما بعد ذلكم فإني قتلت عروة بن عتبة الرحال بأواره يوم السبت، حين وضح الهلال من شهر ذي الحجة فررت، ومن أجرى ما حضر فقد أجرى ما عليه، إن غدا حيث يثور الريح ينكثني الأمر لك القبيح". ثم استاق البراض اللطيمة حتى انتهى إلى خيبر، فتبعه إلى خيبر رجلان من قيس عيلان هما المُساور بن مالك الغطفاني وأسد بن خيثم الغنوي، فلقياه بخيبر فلما رأهما نسبهما فانتسبا له إلى سعد بن قيس عيلان فاعتزى هو إلى فزارة فقالا له: " هل أحسست رجلا يقال له البراض من بني بكر؟"، فقال البراض: " سألتما عن لص عاد خليع لبس أحد من أهل خيبر يدخله داره ولكن أقيما ههنا وتلطفا له عسى تظفرا به"، فقالا: "نعم"، ثم مكث ذلك اليوم وجاءهما فقال: "قد دللت عليه فأيكما أجرأ عليه، وأمضى مَقْدماً، وأحدّ سيفاً؟" قال أحدهما: "أنا"، فقال البراض:" انطلق"، وقال للآخر: "إياك أن تريم المكان"، ثم أخرجه حتى أدخله خربة من خربات يهود ثم قال البراض: "هو في هذه الخَرِبة وإليها يَأْوي، فأَنظرني حتى أنظرُ أثمَّ هو أم لا". فوقف له ودخل البرّاض، ثم خرج إليه البراض وقال: "هو نائم في البَيت الأقصى خلفَ هذا الجدار عن يمينك إذا دخلت، فهل عندك سيفٌ فيه صرامة؟"، فقال الغنوي: "نعم"، فقال البراض: " يا أخا غنى! هاتِ سَيفك أنظرُ إليه أصارم هو؟"، فأخذ بقائم السيف فسله والغمد في يد الغنوى فرفع البراض السيف فضربه به حتى قتله، ثم رجع إلى صاحبه فقال: ما رأيت أجبن ولا أكهم من صاحبك، تركته قائماً في الباب الذي فيه الرجل، والرجلُ نائم لا يتقدم إليه ولا يتأخَر عنه، فانطلق معي أنت"، فقال الغطفاني وقيل قال الغنوي:"يا لَهْفاه، انطلق بي حيث أحببت"، فانطلق الغنويُّ والبراض خلفه، حتى إذا جاوز الغنويّ بابَ الخَرِبة أخذ البرَّاض السيفَ من خلف الباب، ثم ضرَبه حتى قتله وأخذ سِلاحَيهما وراحلتيهما، وخرج رجل من اليهود يريد تلك الخربة لحاجته فوجد الرجلين مقتولين، فخرج فزعا مذعورا إلى قومه، فخرجوا فنظروا إلى القتيلين وطلبوا البراض، ونذر بهم فهرب من ساعته وفرق من يهود خيبر أن يظفروا به فخرج من خيبر، ثم أرسل إلى بشر بن أبي خازم الأسدي من بني أسد بن خزيمة فأخبره بقتل الرحال والغطفاني والغنوي واستكتمه وأمره أن ينهي بهذا الخبر إلى عبد الله بن جدعان التيمي القرشي الكناني وهشام بن المغيرة المخزومي القرشي الكناني وحرب بن أمية العبشمي القرشي الكناني ونوفل بن معاوية الدؤلي الكناني وبلعاء بن قيس الليثي الكناني وكانوا سادات كنانة وأشرافها، وقال البراضُ لبشر الأسدي أن قيس عيلان لن ترضى أن تقتل بسيدها غير سيد مثله. يوم نخلة. خرج بشر بن أبي خازم الأسدي من عند البراض حتى قدم سوق عكاظ فوجد الناس بعكاظ قد حضروا السوق والناس محرمون للحج، فذكر الحديث للنفر الذين أمره بهم البراض، فقالت قريش فيما بينهم: انطلقوا بنا إلى أبي براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب فنخبره بعض الخبر ونكتم بعضا ونقول: أن بين أهل نجد وأهل تهامة حدث ولم تأتنا لذلك جلية أمر، فاحجز بين الناس وأقم لهم السوق، ولا ينصرفن ولم تقم السوق وقد ضربوا آباط الإبل من كل موضع، ونقول: "كن على قومك ونحن على قومنا"، فخرجوا حتى جاؤوا أبا براء فذكروا له ذلك، فأجابهم إلى ما أحبوا، وقال: "أنا أكفيكم ذلك وأقيم السوق"، ورجع القوم فقال بعضهم لبعض: "ما هذا برأي أن نقيم ههنا ونخشى أن تُخبر قيس عيلان فيناهضونا ههنا على غير عدة منا وهم مستعدون فيكثرونا في هذا الموسم فيصيبوا منا، الحقوا بحرمكم"، فخرجت قريش مولية إلى الحرم منكشفين، وبلغ قيسا الخبر آخر ذلك اليوم، فقال لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك العامري الهوازني يحض على الطلب بدم عروة الرحال: وقال أبو براء العامري الهوازني: "ما كنا من قريش إلا في خدعة"، فخرجوا في آثارهم وقريش على حاميتها وهي تبادر إلى حرمها حتى دخلوا الحرم من الليل ونزعت قيس عنهم ولهم عدد كثير، ونادى الأدرم بن شعيب العامري الهوازني بأعلى صوته: "إن ميعاد ما بيننا وبينكم هذه الليالي من قابل فإنا لا نأتلي في جمع"، فقال حرب بن أمية القرشي الكناني لابنه أبي سفيان: "قل لهم إنّ موعدكم قابِل في هذا اليوم". فاستشرى الخبر وتأهبت كنانة وتأهبت قيس عيلان عاما يجمعون لهذه الحرب ويعدون لها. وقال خداش بن زهير بن ربيعة العامري الهوازني: البسيط ولم تقم تلك السنة سوق عكاظ، وكان يوم نخلة كفافا لا على هؤلاء ولا على هؤلاء. يوم شمطة. توافوا على قرن الحول في الليالي التي واعدت فيها قيس عيلان كنانة من العام المقبل، فسبقت قيس عيلان كنانة بيومين فنزلوا شمطة من عكاظ متساندين على كل قبيلة منهم سيدها، وفي هذا اليوم اجتمعت كنانة وقيس عيلان كلهم. وأعطى عبد الله بن جدعان خاصة من ماله مئة رجل من كنانة أسلحة تامة وأداة، وجعلت كنانة لكل قبيلة رأسا يجمع أمرهم، فعلى بني عبد مناف حرب بن أمية ومعه أخواه سفيان وأبو سفيان وهو عنبسة ابنا أمية وعلى بني هاشم الزبير بن عبد المطلب ومعه النبي صلى الله عليه وسلم والعباس بن عبد المطلب، ومعهم بنو المطلب عليهم عبد يزيد بن هاشم بن المطلب، وعلى بني نوفل بن عبد مناف مطعم بن عدي بن نوفل، وعلى بني أسد بن عبد العزى خويلد بن أسد وعثمان بن الحويرث بن أسد، وعلى بني زهرة مخرمة بن نوفل بن أهيب، وعلى بني مخزوم هشام بن المغيرة، وعلى بني جمح أمية بن خلف بن وهب ومعمر بن حبيب، وعلى بني عدي زيد بن عمرو بن نفيل، وعلي بني عامر بن لؤي عمرو بن عبد شمس أبو سهيل بن عمرو، وعلى بني محارب بن فهر ضرار بن الخطاب بن مرداس، وعلى بني الحارث بن فهر عبد الله ابن الجراح أبو أبي عبيدة بن الجراح، وعلى بني سهم العاص بن وائل، وعلى بني عبد الدار عامر بن عكرمة بن هاشم، وعلى بني تيم عبد الله بن جدعان، وعلى الأحابيش وهم الحارث بن عبد مناة وعضل والقارة والديش والمصطلق من خزاعة نحلفهم بالحارث بن عبد مناة الحليس بن يزيد الحارثي وسفيان بن عويف فهما قائداهم، وعلى بني بكر بن عبد مناة بلعاء بن قيس بن عبد الله الليثي، وعلى بني فراس بن غنم عمر بن قيس جذل الطعان، وعلى بني أسد بن خزيمة بشر بن أبي خازم، وأمر الناس إلى حرب بن أمية، وقيل خرجوا متساندين ليس عليهم أمير يكفهم وقيل كانت إمرتهم إلى ابن جدعان لقول زوجة النبي محمد عائشة بنت أبي بكر: "كان حرب الفجار ولم يك يوم في العرب أذكر منها مكث الناس سنة يجمعون ويتعبون للقتال فخرجت قريش من دار عبد الله بن جدعان ورأس الناس يومئذ عبد الله بن جدعان قادهم وسلح الرجال وقسم الأموال"، ولم يحضر من بني تميم أحد إلا من كان محالفا لقريش في مكة كآل زرارة وآل أبي إهاب وأبو يعلى أمية بن أبي عبيدة بن همام الحنظلي ولم يحضر من هذيل أحد. وتجمعت قيس عيلان وجمعوا الجموع وقادوا الخيل فكانت خيلهم كثيرة يومئذ، واستعانت بثقيف وتجمعت هوازن وسليم جميعا وثقيف وجسر بن محارب وغيرهم ممن لحق بهم من قيس عيلان متساندين على كل قبيلة منهم سيدها، فكان أبو أسماء بن الضريبة النصري وعطية بن عفيف النصري علي بني نصر والخيسق الجشمي على بني جشم وبني سعد بن بكر، وكان وهب بن معتب بن مالك الثقفي وأخوه مسعود على ثقيف؛ وكان على بني عامر بن ربيعة محارب، وعلى الأبناء أبناء صعصعة سلمة بن سعلاء أحد بني البكاء ومعه خالد بن هوذة، وعلى بني هلال بن عامر بن صعصعة ربيعة بن أبي ظبيان بن ربيعة الهلالي، وكان في بني عامر أبو براء وكان في جشم دريد بن الصمة، وكان في بني نصر سبيع بن ربيعة وفي سليم عباس بن حي الأصم الرعلي، فاختلفوا في الرئاسة، فقالت بنو عامر: نرأس أبا براء عامر بن مالك بن جعفر، وقالت بنو نصر بن معاوية وسعد بن بكر وثقيف: نرأس سبيع بن ربيعة بن معاوية النصري، وقالت بنو جشم: بل نرأس دريد بن الصمة؛ حتى كادوا يقتتلون بينهم فمشى بينهم أبو براء فقال: "اجعلوا من ذلك من شئتم فأنا أول من أطاعه وأجاب"، فكف القوم ورضوا وجعلوا على بني عامر أبا براء وعلى بني نصر وسعد بن بكر وثقيف مسعود بن معتب الثقفي وهو رأس ثقيف وأمره إلى سبيع بن ربيعة، وعلى غطفان عوف بن حارثة المري، وعلى بني سليم عباس بن حي الرعلي أبا أنس، وعلى فهم وعدوان كدام بن عمير الجديلي. فلما نزلوا عكاظ وأقاموا اليوم الثاني قال سبيع بن ربيعة النصري الهوازني: "يا معشر قيس ما كان مسيركم إلى قريش بشيء"، قالوا: "ولم؟" قال: لا ترون لهم جمعا العام"، قال أبو براء: " فما تكره من ذلك؟ تقوم سوقنا وننصرف والغلبة لنا"، فقال له رجل من بني أسد بن خزيمة يسمع كلامه: " بلى والله لتوافين كنانة ولا تتخلف ولا ترى غير ذلك"، فتقاولا حتى تراهنا مائة بعير لمائة بعير فتواثقا على ذلك، فلم يتفرقوا من مجلسهم حتى أوفى موف فقال: "قد طلع من مكة الدهم وجاءت الكتائب يتلو بعضها بعضا"، فقام الأسدي مسرورا وهو يرتجز: الرجز فقال مسعود بن معتب الثقفي لقيس حين عرف أن قريشا قد جاءت: "دعوني أنظر لكم في القوم فإن يكن في القوم عبد الله بن جدعان فلم يتخلف عنكم من كنانة أحد"، فلم يرعه إلا بعبد الله بن جدعان على جمل معتجرا ببردة حبرة فرجع مسعود بن معتب إلى قيس فقال: "أتتكم قريش بأجمعها"، وتهيأ الناس وصفوا صفوفهم، وقام حرب بن أمية القرشي يسوي صفوف كنانة ومعه إخوته سفيان وأبو سفيان وهو عنبة بن أمية وأبو العاص بن أمية ويومئذ سموا العنابس وقد لبس حرب بن أمية درعين وقيد نفسه ولبس سفيان درعين وقيد نفسه ولبس أبو سفيان درعين وقيد نفسه ولبس أبو العاص درعين وقيد نفسه، وكان معهم العباس بن عبد المطلب في العنابس يومئذ قيد نفسهن معهم أيضا، وقالوا: " لن نبرح حتى نموت أو نظهر عليهم"، وصفت قيس صفوفها وكان الذي يسوي صفوفها أبو براء عامر بن مالك الكلابي العامري الهوازني وأخذ راية كنانة حرب بن أمية وأخذ راية قيس عيلان أبو براء، وخرج الحليس بن يزيد الحارثي الكناني وهو يومئذ سيد الأحابيش فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه أبو حرب بن عقيل بن خويلد العقيلي العامري الهوازني فتطاعنا ساعة حتى كسر العقيلي عضد الحليس بن يزيد ثم تحاجزا ونهض الناس بعضهم إلى بعض فاقتتلوا قتالا شديدا وأبو العاص يرتجز ويقول: الرجز فكانت قيس عيلان من وراء المسيل وقريش من دون المسيل وبنو كنانة في بطن الوادي وقال لهم حرب بن أمية: " إن أبيحت قريش فلا تبرحوا مكانكم"، وكان على إحدى المجنبتين أبن جدعان وعلى الأخرى كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وقيل هشام بن المغيرة وفي القلب حرب بن أمية، فكانت الدبرة أول النهار لكنانة على قيس عيلان حتى إذا كان آخر النهار صبرت قيس فاستحر القتل في قريش، وانهزمت من قريش بنو زهرة وبنو عدي وقتل معمر بن حبيب ورجال من بني عامر بن لؤي فانهزمت طائفة من قريش وثبت حرب بن أمية وإخواته وسائر قبائل قريش، فلما رأى ذلك الذين في الوادي من بني الحارث الأحابيش من كنانة مالوا إلى قريش وتركوا مكانهم، فلما فعلوا ذلك استحر القتل بهم وصبروا، فقتل تحت رايتهم ثمانون رجلا، فلما رأت ذلك بنو بكر من كنانة قال بلعاء بن قيس استبقاء لهم: "ألحقو برخم "، فاعتزل بهم إلى جبل رخم، وقال: "دعوهم فوددت أنه لم يفلت منه أحد"، وانهزمت كنانة ولم يقتل من قريش أحد يذكر، وزالت قريش آخر النهار بانزيال بني بكر. فكان حكيم بن حزام الأسدي القرشي يقول: " شهدت عكاظ فبنو بكر كانوا أشد علينا من قيس انكشفوا علينا وتركونا "، وكان سعيد بن يربوع المخزومي القرشي يقول: " رأيتنا يومئذ وما أتينا أول النهار إلا من بني بكر انكشفو عنا وتركونا". وقال خداش بن زهير بن ربيعة العامري الهوازني: يوم العبلاء. وهو يوم عكاظ الأول، وفيه تجمع الحيان فالتقوا على قرن الحول من اليوم الأول من يوم عكاظ والتقوا بالعَبْلاءِ وهو أعبل صخرة بيضاء إلى جنب عكاظ، ورؤساؤهم هم الذين كانوا عليهم يوم شمطة بأعيانهم، فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت كنانة، وقتل العوام بن خويلد الأسدي القرشي الكناني، قتله العاقر مرة بن معتب بن مالك الثقفي، فقال في ذلك رجل من ثقيف: وقال خداش بن زهير العامري الهوازني: وقال أيضا: وقال أيضا: يوم الشرب. وهو أعظم أيام حرب الفجار وقيل أنه أعظم أيام العرب في الجاهلية، وهو رابع أيام حرب الفجار، ويعرف باسم يوم عكاظ الثاني، وفيه احتشد وحضر جميع كنانة وقيس عيلان فالتقوا في شرب من عكاظ قرب مكة على رأس الحول في اليوم الثاني من يومي عكاظ وعليهم رؤساؤهم الذين كانوا قبل، فحمل يومئذ عبد الله بن جدعان التيمي القرشي ألف رجل من بني كنانة على ألف بعير، ويُروى أن زهير بن ربيعة العامري الهوازني والد خداش بن زهير الشاعر قد قتل في حرب الفجار. وفي هذا اليوم قيد حرب بن أمية القرشي الكناني وسفيان بن أمية القرشي الكناني وأبو سفيان بن أمية القرشي الكناني فسمي هؤلاء الثلاثة يومئذ العنابس وهي الأسود وأحدها عنبسة وقيد العباس بن عبد المطلب القرشي الكناني عم النبي محمد نفسه معهم وقالوا: " لا نبرح حتى نموت مكاننا"، وعلى أبي سفيان يومئذ درعان قد ظاهر بينهما وقيل أن أبا سفيان بن أمية هو الوحيد الذي قيد نفسه، وخرج الحليس بن علقمة الحارثي الكناني وهو رئيس الأحابيش بني الحارث من كنانة يومئذ فدعا إلى المبارزة فبرز إليه الحدثان بن سعد النصري الهوازني فطعنه الحدثان فدق عضده وتحاجزا ولم يقتل أحدهما الآخر. فاقتتل الناس يومئذ قتالا شديدا واستحر القتل بينهم وثبت الفريقان ثم همت بنو بكر بن عبد مناة من كنانة بالهرب وكانت بنو مخزوم من قريش تلي بني بكر من خلفهم فحافظت بنو مخزوم حفاظا شديدا وكان أشدهم يومئذ بنو المغيرة بن عبد الله وأشد بني المغيرة: أبو عبد مناف هاشم بن المغيرة المخزومي القرشي وذو الرمحين أبو ربيعة بن المغيرة المخزومي القرشي إذا صابروا وأبلوا بلاء حسنا فقال عبد الله بن الزبعري السهمي القرشي يمدح بنى المغيرة من بني مخزوم: وكان أبناء المغيرة المخزومي الأربعة قد تقدموا جيش كنانة، وهم أبي ربيعة والفاكه وأبي أمية وحفص، واستبسلوا وقاتلوا حتى قتل منهم ثلاثة هم حفص والفاكه وأبي امية، فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة من كنانة صنيع بني مخزوم تذامروا فعطف بلعاء بن قيس الليثي الكناني وعطفت معه بنو بكر وهو يقول : واقتتل القوم قتالا شديدا وحملت قريش وكنانة على قيس عيلان من كل وجه فانهزمت قيس عيلان كلها، وقد صبر أول الأمر من قيس عيلان بنو نصر ثم هربوا فثبت منهم بنو دهمان بن نصر فلم يغنوا شيئا فانهزموا وكان عليهم سبيع بن أبي ربيعة الدهماني النصري الهوازني أحد بني دهمان فعقل نفسه ونادى: " يا آل هوازن يا آل هوازن يا آل نصر" فلم يعرج ويعطف عليه أحد وأجفلوا منهزمين، فكر بنو أمية بن عبد شمس من قريش على بني دهمان خاصة فحاول الخنيسق الجشمس وقشعة الجشمي نصرة بني دهمان وقاتلوا فلم يغنوا شيئا. وانهزمت قيس، وقتل من أشرافهم عباس الرعلي في بشر من بني سليم، وانهزمت ثقيف وبنو عامر، وقتل يومئذ من بني عامر عشرة، فلما رأى ذلك شيخ من بني نصر صاح: " يا معشر بني كنانة! أسرفتم في القتل"، فأجابه عبد الله بن جدعان: " إنا معشر سرف "، ولما رأى أشراف قيس ما تصنع قبائل قيس من الفرار عقل رجال منهم أنفسهم منهم سبيع بن ربيعة وغيره ثم أضطجع وقال:" يا معشر بني نصر! قاتلوا عني أو ذروا"، فعطف عليه بنو نصر وبنو جشم وبنو سعد بن بكر وفهم، وهربت قبائل قيس غيرهم، فقاتلوا حتى انتصف النهار ثم انهزموا. و قال حرب بن أمية القرشي الكناني لابن أبي براء العامري الهوازني: وقال ضرار بن الخطاب الفهري القرشي: وقال جذل الطعان علقمة بن فراس المالكي الكناني: وقال أمية بن الأسكر الليثي الكناني: وقالت عاتكة بنت عبد المطلب الهاشمية القرشية الكنانية: وقال خداش بن زهير: فأجابه حرب بن أمية القرشي الكناني قائلا: كان مسعود بن معتب بن مالك الثقفي سيد هوازن وأحد سادات قيس عيلان قد ضرب على امرأته سبيعة بنت عبد شمس القرشية الكنانية خباء وكان يجمع الكبول والجوامع فرآها تبكي حين تدانى الناس فقال لها: " ما يبكيك"، فقالت: "لما يصاب غدا من قومي"، فقال لها: " من دخل خباءك فهو آمن"، فجعلت توصل فيه القطعة بعد القطعة والخرقة والشيء ليتسع فقال لها: " لا يتجاوزني خباؤك فإني لا أمضي لك إلا من أحاط به الخباء، لا يبقى طنب من أطناب هذا البيت إلا ربطت به رجلا من بني كنانة وأرجو والله أن أملأ منها قومك"، فأحفظها فقالت: "أنت وذاك أما والله لئن رأيتهم لتعرفن غير ذلك وإني لأظن أنك ستود أن لو زدت في توسعته"، فلما صف القوم بعضهم لبعض والتقت كنانة وقيس عيلان خرجت سبيعة فنادت قومها بأعلى صوتها قائلة: " إن وهبا يأتلي ويحلف ألا يبقى طنب من أطناب هذا البيت إلا ربط به رجلا من كنانة فالجد الجد"، فلما انهزمت قيس عيلان خرج مسعود بن معتب الثقفي لا يعرج على شيء حتى أتى سبيعة بنت عبد شمس القرشية الكنانية زوجته فجعل أنفه بين ثدييها وقال: " أنا بالله وبك"، فقالت: " كلا زعمت أنك ستملأ بيتي من أسرى قومي اجلس فأنت آمن". فدخل من استطاع من قيس عيلان خباءها مستجيرين بها فأجار لها حرب بن أمية القرشي الكناني سيد كنانة جيرانها وقال لها: " يا عمة من تمسك بأطناب خبائك أو دار حوله فهو آمن"، فنادت سبيعة: "من تعلق بطنب من أطناب بيتي فهو آمن من ذمتي"، فاستدارت قيس عيلان بخبائها حتى صاروا حلقة وكثروا جدا فلم يبق أحد لا نجاة عنده إلا دار بخبائها فقيل لذلك الموضع مدار قيس وكان يضرب في الجاهلية بمدار قيس المثل ويعير قيس عيلان بمدارهم يومئذ بخباء سبيعة بنت عبد شمس القرشية الكنانية فتغضب قيس عيلان من ذلك. وأخرج مسعود بن معتب أبناءه: عروة ولوحة ونويرة والأسود، فأمرتهم أمهم سبيعة أن يدورون وهم غلمان في قيس عيلان يأخذون بأيديهم إلى خباء أمهم الكنانية ليجيروهم فيسودوا بذلك. وقال خداش بن زهير بن ربيعة العامري الهوازني وقيل عوف بن الأحوص بن جعفر العامري الهوازني: يوم الحُرَيرَة. ثم كان اليوم الخامس وهو يوم الحُرَيرَة وهي حرة قرب نخلة إلى جانب عكاظ مما يلي مهب جنوبها ثم تقبل تريد مكة من مهب صباها حتى تنقطع دوين قرن، وكان فيه الرؤساء الذين كانوا عليهم إلا أبو مساحق بلعاء بن قيس اليعمري الليثي الكناني سيد بني بكر من كنانة فإنه قد مات قبل يوم الحُرَيرَة فصار على بني بكر أخوه جثامة بن قيس الليثي الكناني، فاقتتلوا فانهزمت كنانة وقتل يومئذ أبو سفيان بن أمية القرشي الكناني، وممن أبلى بلاء حسنا من قيس عيلان في يوم الحُرَيرَة: عثمان بن أسيد بن مالك العامري الهوازني وابن عمه ورقاء بن الحارث بن مالك العامري الهوازني. وقال خداش بن زهير بن ربيعة العامري الهوازني: وقال الحارث بن كَلَدة الثَّقفيّ: انتهاء الحرب والصلح. بعد يوم الحريرة تواعد الحيان من العام المقبل إلى عكاظ فوافوا الموعد وجاءت كنانة وقيس عيلان. وكان عتبة بن ربيعة العبشمي القرشي الكناني يتيما في حجر ابن عمه حرب بن أمية سيد قريش وكنانة فضربه حرب وأشفق من خروجه معه، فخرج عتبة بغير إذن حرب، فلم يشعر إلا وعتبة على بعيره بين الصفين ينادي: " يا معشر مضر علام تفانون ؟" فقالت له هوازن: "ما تدعو إليه ؟"، قال: " الصلح، انصرفوا فيعد هذا الأمر إلى أحسنه وأجمله فإنكم في شهر حرام وقد عورتم متجركم وانقطعت موادكم وخاف من قاربكم"، قالوا: " لا ننصرف أبدا ونحن موتورون ولو متنا من آخرنا"، قال: "فالقوم قد وتروا وقد قتلوا نحوا مما قتلتم وجرحوا كلما جرحتم"، فقالت قيس عيلان: " قتلانا أكثر من قتلاهم "، فقال عتبة بن ربيعة: " فإني أدعوكم إلى خطة هي لكم صلاح ونصفة، عدوا القتلى فإن كان لكم الفضل ودينا فضلكم، وإن كان لهم وديتم فضلهم". قالوا: " ومن لنا بذلك"، قال: "أنا"، قالوا: " ومن أنت ؟"، قال: " أنا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس" فرضيت قيس عيلان بذلك وقال أبو البراء العامري الهوازني: " لا يرد هذه الخطة أحد إلا اخذ شرا منها، نحن نفعل "، وأجابوا فاستوثق من رؤساء قيس عيلان من أبي براء وسبيع بن ربيعة، ثم انطلق إلى حرب بن أمية وابن جدعان وهشام بن المغيرة فاستوثق منهم، فرضت كنانة وتحاجز الناس وأمنوا وعدوا القتلى فوجدوا أن قتلى قيس عيلان كانوا أكثر من قتلى كنانة بعشرين رجلا فودتهم كنانة ورهن يومئذ حرب بن أمية ابنه أبا سفيان بن حرب ورهن الحارث بن علقمة العبدري القرشي ابنه النضر بن الحارث ورهن سفيان ان عويف الحارثي الكناني ابنه الحارث في ديات القوم عشرين دية حتى يؤدوها وانصرف الناس كل وجه وهم يقولون: " حجز بين الناس عتبة بن ربيعة فلم يزل يذكر بها آخر الأبد"، ووضعت الحرب أوزارها فيما بينهم وتعاهدوا وتعاقدوا أن لا يؤذي بعضهم بعضا فيما كان بينهم من أمر البراض وعروة والغطفاني والغنوي، وانصرفت قريش فترافدوا في الديات فبعثوا بها إلى قيس وافتكوا أصحابهم، وقدم أبو براء معتمرا بعد ذلك فلقيه ابن جدعان فقال: " أبا براء! ما كان أثقل على موقفك يومئذ؟"، فقال أبو براء: " ما زلت أرى أن الأمر لا يلتحم حتى رايتك فلما رأيتك علمت أن الأمر سيلتحم وقد آل ذلك إلى خير وصلح"، وقيل ودى القتلى حرب بن أمية القرشي الكناني، وزعم بنو كنانة أن القتلى الفاضلين فتلاهم وأنهم هم ودوهم، وبذلك انقضت حرب الفجار فاجتمعت القبائل على الصلح وتعاقدوا ألا يعرض بعضهم لبعض. وأبى وهب بن معتب بن مالك بن كعب الثقفي الصلح، وخالف قومه قيس عيلان وجعل لا يرضى بذلك حتى يدركوا بثأرهم، فقال فيه أمية بن حرثان بن الأسكر بن سربال الموت الليثي الكناني: الكامل واندس وهب بن معتب حتى أغار بقوم معه من هوازن على بني الملوح وبني مدلج وهما حيان من كنانة بصحراء الغميم بين مكة والمدينة المنورة، وفي القوم سلمة بن سعلاء وقيل ابن سعدي البكائي الهوازني وخالد بن هوذة العامري الهوازني، وناس من بني هلال عليهم ربيعة بن أبي ظبيان الهلالي الهوازني، وناس من بني نصر بن معاوية عليهم مالك بن عوف النصري الهوازني وهو يومئذ أمرد وهذا أول يوم ذُكر فيه، فقاتلوهم وجعل مالك يقاتل ويرتجز: الرجز فقتلت بنو مدلج يومئذ عبيد بن عوف البكائي الهوازني وسبيع بن المؤمل الجسري المحاربي، وأما بنو الملوح فكان النصر أول النهار لهم ثم انهزموا واستحر فيهم القتل، فقتل منهم ثلاثين رجلا وسيقت البهائم. ثم كان الرجل من الحيين بعد ذلك يلقى الرجل والرجلان يلقيان الرجلين فيقتل بعضهم بعضا، ومن ذلك ابن محمية بن عبد بن جابر الدؤلي الكناني لقي زهير بن ربيعة العامري الهوازني والد الشاعر خداش بن زهير، فقال زهير: " إني حرام جئت معتمرا"، فقال له ابن محمية: " ما تلقى طوال الدهر إلا قلت أنا معتمر"، فقتله ثم ندم فقال يرتجز: الرجز وقال في ذلك ربيعة بن علس الشويعر الليثي الكناني: وبعد انقضاء الحرب أرسل عبد الله بن جدعان التيمي القرشي ستين بعيرا مع رجل من حضرموت يرعى له بنجد فعدا أهل نجد على الحضرمي فقتلوه وانتهبوا الإبل، وكان عبد الله بن جدعان قد اتهم خداش بن زهير العامري الهوازني فأمسك خداش عن الحج وخاف قريشا، ثم بعث خداش بعد ذلك بهدي له ينحر بمنى فلما وقف هديه بالمنحر من منى رآه رجال من قريش، فقالوا: " لمن هذه البدن"، فقيل: " لخداش بن زهير"، فقالوا: " ألعدو الله المستحل أموال أهل الحرم لا والله لا تنحر ههنا أبدا"، ثم ضربوا وجوهها من منى فبلغ ذلك خداش بن زهير فقال يهجو ابن جدعان: ما روي عن مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحرب. روي ان النبي شهد جميع أيام حرب الفجار الرابع إلا يوم نخلة وروي انه كان ضمن بني كنانة لكونه منهم.<ref name="الأغاني 22/77">الأغاني (22/77)</ref> وروي ان عمر النبي أول ما شهد حرب الفجار 14 سنة وانتهت وهو ابن 20 سنة. وروي ان النبي قال :، وروي ان النبي قال:، وروي ان النبي قال : . ولم تثبت صحة هذه الروايات وفقاً لرأي أكرم ضياء العمري الذي قال في حرب الفجار "ولم يثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهدها". مملكة سبأ ( نحو 1000 ق.م- 275 م) (خط المسند: ) هي مملكة عربية قديمة، وهناك اختلاف حول مرحلة نشأتها، فهي موجودة من القرن الحادي عشر قبل الميلاد على الأقل. إلا أنها ظهرت بوضوح في القرن العاشر ـ التاسع قبل الميلاد كانت أقوى الاتحادات القبلية في اليمن القديم ولم يرتبط اسم إقليم اليمن بأي مملكة بقدرها. استطاعت المملكة تكوين نظام سياسي وصفه علماء العربية الجنوبية بأنه "فيدرالية" ضمت مملكة حضرموت ومملكة قتبان ومملكة معين وكل القبائل التابعة لهذه الممالك، وأسسوا عددا من المستعمرات قرب فلسطين والعراق كما تشير نصوص آشورية وبعض الوارد في العهد القديم يعطي لمحة عن وجود سبئي قديم في تلك المناطق. الكثير من تاريخ المملكة السياسي غامض، على أن المستشرقين نجحوا في كشف النقاب عن عدة جوانب منه. أبحاث واكتشافات أثرية حديثة ساعدت في إعطاء وجهة نظر عن تاريخ مملكة سبأ، ولكن لا زالت معضلة الكرونولوجيا تواجه الباحثين بتاريخ هذه المملكة. ثراء سبأ وشعبها يظهر في العديد من الأدبيات الكلاسيكية اليونانية والبيزنطة والعربية والعبرية كذلك، وللمملكة أهمية خاصة لدى الشعوب القديمة حول البحر الأبيض المتوسط كونها مصدر القوافل التجارية المحملة بالبخور وغيرها من التوابل العطرية. ذكرت سبأ في ثلاث كتب مقدسة لأتباع الأديان الإبراهيمية وأشهر القصص هي قصة ملكة سبأ وزيارتها لملك بني إسرائيل الأشهر سليمان. سبأ أحد الأقوال أنه اسم جد قبيلة من القبائل العربية القديمة، القول الأخر أنه اسم مملكة، أما معنى الاسم فقد وردت نظريات كثيرة، وجدت اثار حجرية بـخط المسند تشير إلى معنى قاتل أو حارب بلفظة "سبأ". ضمت هذه القبيلة عشائر عديدة إما بالحلف أو القوة، وسبأ في عرف النسابة وأهل الأخبار هو جد من الأجداد القدامى التي تعود إليه أصول كثير من القبائل العربية، بل نصف القبائل العربية تعود بسلسلة نسبها إلى سبأ، والأدلة الأثرية بشأن ذلك لم تكتشف بعد، وقال بذلك النبي محمد وسرد النسابة هذا الرأي أيضاً. تأثر بعض الإخباريين بطريقة اليهود في تعقب الأنساب وشبه تأليه الشخصيات القديمة، بل كانت التوراة مصدرهم الذي استقوا منه تلك الأسماء، بالإضافة لزيادات من عندهم وتعريب لأسماء تبدو في ظاهرها عبرية كان السبئيون منذ القرن الثامن قبل الميلاد يعبدون القمر والشمس وكوكب الزهرة، وفي القرن الرابع قبل الميلاد مع تغير الأسرة الحاكمة أصبح السبئيون يعبدون الصنم تألب ريام أحد أجداد الهمدانيين تليه أصنام القبائل الخاصة، فلكل قبيلة صنم خاص يعقب الأصنام السبئية الرئيسية كانوا آباءً للقبائل وفق معتقداتهم القديمة بالإضافة لحيوان (الوعل) الذي يرمز أيضاً لكوكب الزهرة ، وفي القرن الأول قبل الميلاد بدأ السبئيون بالتخلي عن الوثنية واتجهوا إلى عبادة إله واحد هو رحمن ، اشتهرت المملكة بسدودها وأشهرها سد مأرب القديم وسيطرتهم على الطرق التجارية التي أهمها طريق البخور وطريق اللبان، ونقلوا نظام كتابتهم القديم المعروف بخط المسند إلى المواقع التي سيطروا عليها في شمال الجزيرة العربية، وشمال إثيوبيا وكان لهم نظام كتابة آخر عرف باسم الزبور. الأصول ومصادر التاريخ. كان السبئيون/اليمنيون القدماء ينسبون أنفسهم إلى سبأ قبل الإسلام، في القرنين الأول والثاني الهجري كان السبئيون/اليمنيون يفضلون اتخاذ لقب "السبئي" نسبةً لمملكة سبأ، ولم يكونوا ينسبون أنفسهم لقحطان، ظهرت شخصية قحطان في كتب الروائيين العرب في القرن الثاني الهجري، بالنقوش ظهر "قحط" أو "قحطن" كقرية في مملكة كندة ولم تكن قبيلة. وتصف النقوش قبيلة مذحج وكندة بأعراب سبأ، وقد كان لهم مكانة مهمة عند السبئيين وملوكهم، وبينما كانوا يطلقون على العرب تسمية "عربن" أي العرب. كان ملوك سبأ الأوائل حسب نظرية الباحثين في النقوش الحجرية من قبيلة فيشان، وقد ذكر في الكتب اليهودية أن يقشان شقيق مدين وأن "ولد يقشان سبا وددان". وتطلق الكتب اليهودية اسم الدادانيين على المعينيين نسبة لمستوطنة ددن في العلا التي كانت محطة استراحة القوافل القادمة من إقليم اليمن. ورُوى عن النبي محمد حديث مختلف في صحته أن: . هناك عدة نظريات بشأن أصول السبئيين القديمة، عند الإخباريين والنسابة العرب هم أبناء حمير وكهلان بني سبأ ("سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن يقطان/قحطان بن هود") سبأ كان والد كهلان وحِميَّر وهم القسمان الذين يعود إليهم قسم من العرب عرفوا في الأدبيات بالعرب السبئية أو اليمانية اأخبر المؤرخين أن "عبد شمس" أو سبأ قبيل وفاته بعد خمسمئة سنة من الحياة، أوصى حمير بالملك ووزع كهلان خارج بلاد اليمن ليحموا المملكة وسردوا عددا من الأسماء لملوك مثل مزيقياء "الملطوم" ومزيقياء اسمه "عامر بن عمرو الأزدي" وسمي بمزيقياء لأنه كانت تنسج له في كل سنة ثلاث مائة وستون حلة، ثم يأذن للناس في الدخول فإذا أرادوا الخروج استلبت عنه وتمزق قطعاً فسمي على ما زعموا ثم خرج مزيقياء هذا من مأرب قبيل انهيار سد مأرب وبقي الملك لبني حِميَّر وعلى هذا تنتهي قصة مملكة سبأ عند النسابة وأهل الأخبار. وهناك في المصادر الإثيوبية، أن ملكة سبأ تزوجت من الملك سليمان وأنجبت منليك الأول ليكون جد "السلالة السليمانية" من أباطرة إثيوبيا وفقا لكتاب مجد الملوك الإثيوبي الذي تم تأليفه في القرن الرابع عشر بعد الميلاد. ولليهود روايتهم الخاصة عن سبأ فتخبطوا في ذكر نسبه فزعموا أنه من أبناء نبي الله إبراهيم من زوجته قطورة التي تزوجها عقب وفاة سارة. قطورة أنجبت لإبراهيم عددا من الأولاد منهم مدين ويقشان. مدين خلف ديدان ويقشان خلف سبأ. وكلمة "يقشان" بالعبرية تعني "مهاجم" أو "صعب" وشيء من هذا القبيل وأمر أبناءهم باستعمار الأرض بعيدا عن ابنه إسحق المُختار وكلمة "قِطورة" بالعبرية مشتقة من الفعل "قطوريث" وتعني "يبخِّر" فمعنى اسمها له علاقة بالبخور وقد كانت سبأ محتكرة لتجارة تلك التوابل. ثم ذكروا في موضع آخر أن "شبا" شقيق حضرموت وأنهم من أبناء يقطان بن عابر وهذا الادعاء دون غيره هو ما تمسك به النسابة العرب بعد الإسلام. والرواية اليهودية الثالثة أن سبأ من أبناء كوش. ولكن الدراسات الحديثة المبنية على نقوش حجريه عن مملكة سبأ تعطي رأي تاريخاً أخر، اعتمد العلماء في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين على العهد القديم، والأساطير العربية والإثيوبية لمحاولة تدوين تاريخ متسلسل عن هذه المملكة فيستنبط من العهد القديم وجود ثلاثة شخصيات تحمل اسم سبأ واحدة على حدود الهلال الخصيب وأخرى بجنوب الجزيرة العربية وأخرى فيما يعرف بإثيوبيا اليوم. لا يمكن التأكد من أي هذه الادعاءات سواء نظريات الإخباريين والنسابة العرب أو العهد القديم، أو نظريات النقوش الحجرية، أو الأساطير الإثيوبية ولكن لا يمكن استبعاد أي منها تماماً فهي تحوي لمحات عن تاريخ مملكة سبأ. لا يمكن التسليم بما جاء في العهد القديم كحقائق تاريخية لسبب عدم وقوف العلماء على فترة كتابة هذه القصص، فهي لم تُكتب في الفترة المفترض أن شخصيات الإنجيل العبري عاشت فيها. وهو أمر مفروغ منه عند علماء الآثار بالإضافة للطبيعة الأسطورية لهذه الكتابات. أما القصص الإثيوبية عن الملكة ماكيدا أو "ماجدة" وابنها منليك الأول، فهي قصص دونت في القرن الرابع عشر بعد الميلاد ـ مايزيد عن ألف ومائتان سنة بعد زوال مملكة سبأ ـ فلا يمكن اعتبار كتاب مجد الملوك مصدراً تاريخياً موثوقاً بأية حال لإنه وجد لتثبيت مزاعم الأسرة الإثيوبية الحاكمة بأنهم من نسل الملك سليمان، خصوصا الملك أمدا تسيون ومعنى اسمه "دعامة صهيون" الذي حكم في الفترة ما بين 1314 ـ 1344 للميلاد، فهو أول ملك إثيوبي يأمر بتدوين مآثره، فهدف المخترعين ومعيدي كتابة التاريخ الإثيوبي خلال تلك الفترة كان لإيجاد سرد قومي لتاريخ إثيوبيا والإجابة على العديد من التساؤلات حول الهوية الإثيوبية، تساؤلات من قبيل لماذا تتشابه المسيحية في إثيوبيا مع اليهودية وعن سبب ملامحهم الهجينة بين "ساميين" وأفارقة وليس لوصف حقائق تاريخية بالضرورة. لا توجد دلائل أثرية تحكي تاريخ إثيوبيا قبل مملكة أكسوم لتثبت المزاعم الواردة في كتاب مجد الملوك، والآثار السبئية الحديثة المكتشفة في اليمن تصرف النظر عن المزاعم الإثيوبية. على صعيد آخر تم اكتشاف آثار قصر بلقيس الملكة الأثيوبية المغيبة، وتم العثور على آثار تعود أعمارها إلى ما قبل 800 قبل الميلاد. وهناك كتابات الإخباريين والنسابة العرب عن تاريخ مملكة سبأ، وقد حصروا ملك سبأ في سلالته الأزد وحِميَّر، وكلها كتابات ظهرت في عصور متقدمة مثل الدراسات الحديثة المبنية على النقوش الحجريه. فقصة الملك المدعو مزيقياء، لا يوجد دليل حجري واحد أن سبأ كان اسم شخصية عربية وله ولدان كهلان وحمير، فمملكة حِميَّر ظهرت في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد ونصوص المسند تظهر أنهم كانوا أقرب لمملكة قتبان من سبأ والملك في سبأ كان بيد عوائل لا ذكر لها في كتابات النسابة وأهل الأخبار مثل "قبيلة فيشان" ومن نصوص المسند المكتشفة لحد الآن فإن القبيلة الوحيدة التي تمتعت بكرامة الملوك في سبأ، وكانت متواجدة في العصور الإسلامية وإلى العصر الحديث كانت فرعي همدان حاشد وبكيل، وحتى هولاء ظهروا في النصوص السبئية بوقت متأخر وفترة مضطربة من تاريخ سبأ بناء على الدراسات الحديثة المبنية على نقوش حجرية ولا شيء غيرها، فهناك مملكة سبأ واحدة وهي التي قامت بجنوب شبه الجزيرة العربية وعاصمتها مأرب ولكن الوارد في المصادر الأخرى يعطي لمحات عن تاريخ مملكة سبأ وإن شابه الأسطورة، فسبب ذكر اليهود لثلاث أنساب مختلفة لسبأ يعود إلى سياسة السبئيين التوسعية وإقامتهم لمستعمرات تجارية بمواضع متعددة واختلاطهم وتزاوجهم مع السكان الأصليين في تلك المناطق في إثيوبيا وحدود الهلال الخصيب، لإن التقسيم اليهودي في كتابهم المقدس للأمم كان تقسيما جغرافياً بالدرجة الأولى. كل المواضع المذكورة شهدت تواجدا بالفعل ولكنه ليس كقوة تواجدهم في اليمن. كتابات اليهود تفيد في إثبات وجود سبئي قرب مناطقهم، ، وتفيد تلك الكتابات في تكوين لمحة عن طبيعة وجودهم هناك، فقد تم ذكرهم كأعراب يغيرون على المساكن والمدن في موضع ولا شك أنهم كانوا في أقصى جنوب فلسطين، وكشعب ثري يتاجر بالذهب والفضة والأحجار الكريمة حتى أن ملكتهم أتت لزيارة ملك اليهود سليمان في موضع آخر. في القرن الثامن والسابع قبل الميلاد، أنشأ السبئيون مستعمرة لهم في أكسوم بشمال إثيوبيا، ونقلوا معهم دينهم ونظام كتابتهم وطرازهم المعماري وفنونهم، وتصاهروا مع السكان الأصليين في تلك المناطق. وهو السبب الرئيس وراء اشتراك اليمن وإثيوبيا في اسطورة ملكة سبأ، واقتراب ملامح سكان الشمال الإثيوبي من الإثنيات التي توصف بالسامية وقد سيطر السبئيون وأنشأوا عدة مستعمرات على طول الطريق التجارية بمحاذاة البحر الأحمر حتى حدود فلسطين. أما كيفية حدوث ذلك وطبيعته ومداه، فلا زالت معارف الباحثين بشأنه ضئيلة ولكن الآثار إلى جانب الكتابات الكلاسيكية تفيد أن الوارد في كتب التراث العربية بشأن قبائل كثيرة تنحدر نسباً من جدهم سبأ لم يأت من فراغ، فوجودهم كان جزءا من سياسة توسع سبئية للسيطرة على الطرق التجارية فقد ذكر اليونان أن السبئيين كانوا يكونون مستعمرات بداية بعاصمتهم "ماريب" (مأرب) حتى العقبة، كانت المسافة قرابة السبعين يوماً وهدف المستعمرات (القبائل) تأمين الطرق وتخفيف مشقة السفر ، كانوا حضارة سامية بلا شك، والغالب أن مملكة سبأ لا تتجاوز القرن الثاني عشر ق.م ولكن كانت هناك نشاطات سبئية تجارية متطابقة لنفس الأنشطة التي كان يقوم بها التجار السبئيون منذ بداية القرن الثاني عشر تعود إلى القرن الخامس عشر ق.م منها ما ورد عن تقديم هدايا من البخور للفرعون المصري تحتمس الثالث والذي كان مسيطرا على سورية حينها وأبحاث قصيرة في عام 2001 كشفت عن وجود حضارة زراعية تعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد ومنذ القرن الثاني عشر ق.م كما هو مُعتقد حالياً، وسبأ واحدة من أهم ممالك التجارة في العالم القديم أما ماهية الحضارة الأولى التي انبثقت منها سبأ فلا يزال أمراً غامضا نظرية تعيدهم إلى فلسطين التاريخية مستندة للتشابه اللغوي والتقارب في المعتقدات والممارسات والأسماء الثيوفورية وحقيقة اكتشاف آثار "لأعراب" سبئيين في تلك المناطق وأن هجراتهم لليمن حدثت تدريجياً خلال نهاية العصر البرونزي وهي نظرية لعلماء المدرسة الألمانية في القرن التاسع عشر ولكن هذا ليس كافياً ليعتبر دليلاً مصادر التاريخ اليمني القديم بشكل عام عديدة منها كتابات المؤرخين الذين نقلوا المعارف تواتراً من الناس جيل يورثها لجيل مثل كيفية التعبد أو الوضوء فلا يوجد نقش حجري لكيفية الوضوء ولكن نقلت كيفيته بالتواتر، بالإضافة إلى كتابات خط المسند فهي أحد المصادر يليها كتابات اليونان وبعض كتابات الممالك الأخرى القديمة المعاصرة لممالك إقليم اليمن القديم. كتابات اليونان ينبغي أن تقرأ بحذر فالتبادل التجاري كان مصدر كتاباتهم وهو ما عرضهم لعدد من الأخطاء والخلط واللبس وكان لحملة الرومان المخفقة ضد "العربية السعيدة" أثر بالغ فيهم وعلى سياستهم اتجاه جنوب شبه الجزيرة العربية والتي تحولت إلى دعم مستمر لأي عدو للسبئيين في نفس الوقت، فإن المكتشف من نصوص خط المسند يمثل نسبة ضئيلة للغاية من تاريخ سبأ واليمن بشكل عام، والدراسات قليلة وغير وافية ومعظم النقوش نُسخ من قبل سياح ومستشرقين دخلوا إقليم اليمن متنكرين خوفاً على حياتهم ولم تتوفر لهم فرصة لدراسة النصوص والمعابد بشكل دقيق بعيدا عن المنغصات فضلاً أن كل المُكتشف الذي تم دراسته عثر عليه على ظاهر الأرض وماتحتها يتجاوز ذلك بلا شك. فهذه معوقات لا تسمح بتكوين صورة دقيقة ومكتملة عن التطور السياسي للسبئيين ومع ذلك تم التمكن من تكوين صورة دقيقة وذكر تفاصيل ومجريات احداث يومية لهم، وهو مافتح بابا للجدال واختلاف الآراء والتفسيرات حول دلالات المُكتشف من النصوص وهناك اختلاف بين علماء الآثار حول تواريخ الأحداث، الباحث العراقي جواد علي اعتمد على أبحاث علماء المدرسة الألمانية القديمة وهي مدرسة كان لها الفضل في اعادة كتابة تاريخ اليمن القديم، ولكنها كانت تقوم بأبحاثها لإثبات قصص العهد القديم، وألفوا مؤلفات عديدة وطويلة يربطون فيها النصوص المكتشفة بالوارد في الإنجيل العبري ولكن أبحاثاً حديثة قام بها أمثال كينيث كيتشن وكريستيان روبن وألفريد فيليكس لندن بيستون في الألفية الجديدة، ناقضت استنتاجات العلماء الأوائل وفندتها مثل إدورد جلازر وجوزيف هاليفي وهيوغو وينكلر وجون فيلبي وغيرهم. التاريخ. كانت سبأ مملكة تشكل اتحاداً قبلياً في بقعة جغرافية محددة، وعلى رأس الاتحاد كاهن يقال له مكرب وتعني "مُقَـرِّب " ويراد بها الآلهة ولكن هناك من اعترض على هذه التفسير وفسرها بمعنى " موحد " ضم الاتحاد عددا كبيرا من القبائل لا يعرف عنها شي في العصر الحالي فمعظمها تم اختفائها لأسباب مجهولة باستثناء عدد من القبائل لا زالت متواجدة باسمها إلى اليوم أبرزها همدان وكندة مذحج وهي القبائل التي ذكرت صراحة باسمها أما "الأزد" فلم تذكر بهذا الاسم ولكن وردت ولكن وردت أسماء قبائل يعدها أهل الأخبار منهم في نصوص خط المسند أحد مصادر تاريخ اليمن القديم والقبائل المذكورة آنفا كان وجودهم على شكل أذواء وأقيال ولم يرد نص أن أحد منهم وصل لدرجة مكرب فقد هناك قبائل أخرى تتمسك بهذه الطبقة جاء ذكر بعضها مثل "ذي معاهر" و"ذي خليل" و"ذي سحر" فيبدو أن همدان كانت أرضا تابعة للسبئيين وعليهم رؤساء من بيت "ذي سمعي " أما كندة فقد كان جزء منهم يتواجدون في قرية الفاو على مقربة من وادي الدواسر بالسعودية حالياً وتشير إليهم النصوص السبئية بلفظة "ذو آل ثور" و"أبعل قريتم كهلم وقحطن" أي أرباب قرية كاهل وقحطان وكانت مذحج وقبائلها من ضمنهم وأقدم نقش يشير إليهم حكى عن انضمامهم لتمرد ضد الأسر الحاكمة في مأرب وقد ورد ذكر إقليم اليمن ومملكة سبأ كثيرًا في كتابات اليونانيين إذ وصفوهم بأن بلادهم المسماة "العربية السعيدة" كانت من أثري الأماكن في شبه الجزيرة العربية وأن السبئيين كانوا يسيطرون على الطرق التجارية من بلادهم حتى حدود فلسطين في كتب التراث العربية، فإن الغساسنة والمناذرة سبئيين بينما لم يكتشف نص يشير إليهم بهذه الأسماء وأورد أهل الأخبار قصصا بشأن ذلك منها أن الغساسنة سُمُّوا بذلك عند نزولهم ماء غسان بعد هجرتهم عقب انهيار سد مأرب وهو مالا يؤيده دليل حجري مكتشف. في نفس الوقت، فإن الوجود السبئي في أماكن الغساسنة والمناذرة مؤيد بالنقوش الآشورية وكتابات اليونان وإن كانت أسمائهم لم تظهر صراحة إلا في عهد مملكة حمير والوجود السبئي في تلك المناطق يظن أنه ليس مرتبطا بتصدع أصاب سد مأرب القديم فالنص الآشوري الذي يشير إلى سبئيين في تيماء يعود إلى فترة كانت مملكة سبأ في أوجها وقد ذكر سترابو أن السبئيين والأنباط هم ذات الشعب وهو قد يظهر الخلط التي وقع فيه الرومان ولكنه دلالة على وجود سبئي قرب الشام وذكر أن عاصمتهم كانت "ماريبا" (مأرب) وذكر بلينيوس الأكبر أن السبئيين كانوا يسيطرون على جزر كثيرة ووصفهم بأنهم شعب من "السكونيين" وهي دلالة أن جزءاً من السبئيين كان بدوياً فالسكونيين وفقاً لسترابو شعب عربي يعيش جنوب ماسوباتوميا (بلاد الرافدين) وكان النشاط السبئي واضحا في مناطق الأنباط بدلالة ورود اسم ملك سبئي اسمه "زبد إيل" كان من سلم رأس "أليكساندر بالاس" الذي هرب لمناطق الأنباط هربا من البطالمة، إلى بطليموس السادس ولم يكن ليذكر اليونان ذلك لولا النفوذ السياسي السبئي في المنطقة ولكن كل هذه الكتابات متأخرة للغاية ولا تفيد الباحثين في تحديد فترة نشوء السبئيين ومراحلهم الأولى وأغلب الظن أنهم كانوا يستوطنون حاضرة صرواح وهي موقع قرب مدينة مأرب القديمة ولم يختلفوا عن أي قبيلة أخرى، إلى أن توصلوا لحل للاستفادة من مياه الأمطار فأقاموا سدا صغيرًا في صرواح لحصر المياه ويعتقد أن تلك كانت المرحلة الأولى لهم. فلا يوجد أنهار في إقليم اليمن تعينهم على الزراعة ومحصول الأمطار ليس مرتفعا مما خلق لهم عددا من المشاكل فحرص السبئيون على الاستفادة من كم الأمطار الضئيل عن طريق تشييد أول سدودهم الصغيرة في مدينة صرواح تجمعهم رابطة قبلية حول الإله عثتر الذي جعلوه والدهم بل والد البشرية جمعاء قبل دخول عدد من القبائل معهم وجلبهم لآلهتهم في ذلك المجتمع الصغير استطاعت القبائل التوصل إلى وفاق وتفاهم بشأن الآلهة فاعتبرو المقه (ال مقه) إله قبيلة تدعى "فيشان"، إلها للقمر بينما عثتر الإله الرئيسي لسبأ إلها للشمس لإيجاد رابطة عصبية تجمع هذا الحلف ضد التحالفات الأخرى القريبة منهم والتي هي بدورها اجتمعت حول آلهة خاصة بها كالسبئيين، اعتبروهم آباء وأن لهم منها ذرية ونسلا ويبدو أن قبيلة "فيشان" هذه استطاعت بسط نفوذها في المراحل الأولى للدولة حتى تصدر الإله المقة أغلب صيغ التعبد السبئية في النقوش ابتداءً من القرن الثامن ق.م. قسم السبئيون قبائلهم على هذا الأساس فيمكن معرفة ارتباط القبيلة من نقوش خط المسند بعبارات مثل "ولد إل مقه " وتعني أبناء الإله إلمقه وقامت القبائل الأخرى كقتبان ومعين وحضرموت بنفس الشئ مع قبائلها فقد كان الأوس أحد قبائل أزدالأزد من أبناء الإله ود وهو إله مملكة معين وليس سبأ وكانوا مملكة صغيرة لايعرف الكثير عنها حتى الآن لم تبلغ مبلغ أي من الممالك الأربعة الرئيسية في اليمن القديم. حكم الكهنة. يُعتقد أن سبعة عشر كاهناً تولوا سدة الحكم في سبأ وقد يتغير الرقم بزيادة الاكتشافات يعتقد أن أول مكرب أو أول من سمى نفسه بهذا اللقب عاش في القرن العاشر قبل الميلاد كانت الكتابات السبئية القديمة غير واضحة وقصيرة لكنها تحسنت بمرور الوقت وحرص السبئيون على تزيين شواهدهم وتنميقها في عصور لاحقة. وهذا وهو المكرب أو الكاهن "سمح علي". ووردت عدة كتابات قصيرة في زمنه دونها رجل اسمه "صباح بن يثع كرب" يذكر فيها الآلهة المقة وعثتر وذات بعدان وقبيلة "فيشان" واسم المكرب وهو نقش ناقص وأُكتشف نقش آخر يعود إلى نفس الفترة ويُعتقد أنه تكملة النقش الناقص يشير إلى ابن المكرب واسمه "يدعئيل ذارح" وقيامهم ببناء جدار إضافي لمعبد أوام في مأرب وفيه دلالة أن المعبد بني قبل هذه الفترة وأن ما أجري عليه كان مجرد إصلاحات بل أن أبحاثاً أثرية حديثة قامت بها جامعة كالغيري الكندية على المعبد، تعيده إلى القرن الرابع عشر ق.م ومع ذلك بالكاد يُعرف شي عن ملوك قبل القرن العاشر، فما كادت البعثة الكندية تتم أبحاثها حتى عادت البعثة بسبب الاضطرابات الأمنية وقلق حراسهم المعينين من الحكومة اليمنية على سلامتهم ذكر في النقش إلى جانب الآلهة عثتر والمقه وذات حميم إلهة اسمها هبس وجاء أنها كانت زوجة الإله المقة وقد اهتم يدعئيل ذارح هذا ببناء المعابد وأهمها معبد أوام والنصوص تتحدث عن إصلاحات وإضافات عليه ولا يُعرف حتى الآن من الذي أمر ببنائه لم تُكتشف كتابات كثيرة عن المكاربة وأغلب نصوصهم المكتشفة بهذا النمط واستنبط الباحثون أن ليدعئيل ذارح ابن اسمه "سمح علي ينوف" وكان الحاكم الثالث في قائمة حكام سبأ كان يحكم بالتشارك مع عدد من الكهنة كذلك هم "يدعئيل بين" و"يثع أمر" وهم إخوته ويظهر أن عددا من زعماء القبائل تبرع لتشييد عدد من الإصلاحات على المعبد وكان زعيما من قبيلة قديمة اسمها "ذي يبرن" وزعيم قبيلة أخرى اسمها "ذو رحضن" وهذه النون التي تزين آخر الأسماء هي أداة التعريف المطلق في لغة العرب الجنوبيين القديمة وسبقت أسماء زعماء تلك القبائل لفظة "مودد" وتعني رجلا يتودد للحاكم وقريب منه وأُكتشف نص آخر يتحدث عن تبرع رجل من قبيلة اسمها "ذو لحد" ببناء "مردع" (سور) لمدينة اسمها "منية" قام "يثع أمر وتر بن يدعئيل ذارح" بتجديد بناء معبد الإلهة هبس حاول السبئيين في تلك الفترة تجاوز مرحلة مملكة المدينة في مأرب وصرواح وأغاروا على الجوف وأستولوا عليها من مملكة معين وقاموا بتسوير عاصمتها لتكون منطلقا لغاراتهم فيما بعد للسيطرة على باقي الممالك اليمنية القديمة ومن ثم الطريق التجارية وكان المكرب يدعئيل بين بن يثع أمر وتر قائد هذه الحملة في نفس الوقت، هناك دلائل على وجود سبئي في نفس الفترة في شمال الجزيرة العربية وورد في نص آشوري للملك سرجون الثاني اسم "يثع أمر" واختلف الباحثون في المقصود ماإذا كان هو مكرب سبأ في مأرب أم أنه زعيم قبيلة سبئية في مناطق قريبة من الآشوريين. يحكي النص الآشوري أن "يثع أمر" هذا قدم هدية للملك واختلف الباحثون في سبب ذلك ومغزاه. فلا توجد دلائل أن الآشوريين وصلوا لليمن فالهدية قد تكون من أحد زعماء المستعمرات السبئية في جنوب فلسطين والغالب كان من باب التلطف للآشوريين وكسب ثقتهم في القوافل السبئية التي لها تجارة كبيرة في أسواق العراق حينها ولكن تطابق الأسماء يرجح أن الهدية مرسلة من اليمن فإن كانت كذلك فالأرجح أن غزو الآشوريين لـ"آدوماتو" (دومة الجندل) أثر على القوافل السبئية فعمل السبئيون في اليمن على تقليل أي ضرر ناتج عن هذه الغزوة على تجارتهم بتقديم هدية لإيصال رسالة للآشوريين أنهم لايريدون حربا والإبقاء على سلامة العلاقات التجارية بينهم قدر الباحثون فترة حكم "يثع أمر وتر" في القرن الثامن ق.م حكم بعد يثع أمر وتر هذا ابنه كربئيل بين وقام بتوسيع وتحسين مدينة "نشق" وهي في محافظة الجوف وأرسل كربئيل بين هدية إلى ملك آشوري آخر هو سنحاريب ومثل النص القديم الذي يشير لتقديم يمنيين لهدايا من البخور لفرعون مصر المسيطر على سورية، فإن هدف الهدية المقدمة للملك الآشوري كان تسهيل التبادل التجاري بين العراق واليمن ولكسب ثقة الآشوريين بالقوافل السبئية تولى الحكم ابن كربئيل بين المدعو ذمار علي وتر والذي قام بتوسيعات إضافية لمدينة "نشق" التابعة لمملكة معين أصلاً قام ببناء سد صغير فيها لحصر مياه الأمطار وهذه النصوص على صعوبتها وشحها تفيد أن السبئيين كانوا يتوسعون تدريجياً وببطء للاستيلاء على ممتلكات جيرانهم ولا يعرف الكثير عنه سوى أنه يحكم بمشاركة أخيه "يثع أمر بين" الذي قام بدوره بثقب عدد الصخور لإنشاء ثغور تسير منها المياه وتزويدها بأبواب جديدة لزيادة التحكم بالمياه وكل هذه المشروعات تمت في مدينة مأرب ويسمي السبئيون السد بلفظة "عرمن" (العرم) في نصوص خط المسند وازدهرت مدينة مأرب في هذه الفترة التي يعتقد أنها في القرن الثامن ق.م ونافست مدينة صرواح العاصمة الدينية للسبئيين. وقام يثع أمر بين هذا بتقوية حصون الجوف التي استولوا عليها من المعينيين وسيطر على أبين وبنى فيها سدا كذلك شارك يثع أمر بين مكرب يدعى سمح علي ينوف الثاني وقام ببناء سد آخر يدعى "رحاب" للسيطرة على مياه الأمطار ويعتقد أن سد رحاب هذا هو سد مأرب الشهير وتعود زمن الكتابة إلى العام 750 ق.م (القرن الثامن) وقام نفس المكرب (يثع أمر بين) ببناء "مردع" (سور) آخر حول قلعة في حريب وهو موقع على حدود شبوة عاصمة مملكة حضرموت وفيه دليل على النوايا السبئية للسيطرة على أملاك جيرانهم تدريجيا وعلى حين غفلة منهم فهذه القلاع والحصون أصبحت محطات لانطلاق المقاتلين وبالفعل شن المكرب المذكور آنفا هجوماً على مملكة قتبان وقتل منهم أربعة آلاف رجل وهاجم مملكة معين وقتل عدداً لم يتسن للباحثين معرفته بسبب التلف الذي أصاب النقش وهاجم نجران كذلك وكان عدد القتلى فيها مرتفعاً فقتل خمسة وأربعين ألف من أهل نجران وأسر ثلاثة وستين ألف واستولى على واحد وثلاثين ألف رأس من الماشية وقام بإحراق مدن وقرى نجران بالكامل وذكر أن على نجران رئيسا اسمه "عذرائيل" وقام نفس المكرب بأعمال بنائية فقد أمر ببناء بابين إضافين لمدينة مأرب على كل باب برجين من حجر البلق الكريم وجاء في معاجم اللغة أن البلق "حجر باليمن يُضيء ما وراءه كما يُضيء الزُّجاج" وقام ببناء سد أطلق عليه اسم "مقرن" لإيصال المياه إلى أبين وسدين إضافين هما سد "منهيت" و"كاهل" وحفر عددا من المسايل وقام بتوسيع مجرى السيل لسد "رحاب" (سد مأرب) وفي هذه النقوش دلالات على تفوق السبئيين في بناء السدود وإبداعهم فيها فمن سدهم الصغير الأول في مدينة صرواح، توسعوا فبنوا سدودا في كل المدن والقرى التي سيطروا عليها وحولوا صحراء جنوب شبه الجزيرة العربية إلى أرض زراعية وهم من الحضارات القليلة في العالم القديم من فكر بإنشاء مثل هذه المشاريع للتغلب على صعوبة تضاريس بلادهم إلا أن مشكلة كبيرة كانت تواجههم وهي إيصال المياه إلى المرتفعات الجبلية. وردت أسماء خمس أو ستة كهنة آخرين ولكن لا شي يذكر عنهم أو لم يُكتشف عنهم شي مهم. التخلي عن الكهانة وإنشاء المملكة. وقائع كربئيل وتر الأول. في القرن السابع ق.م، قام المكرب كربئيل وتر بتغيير لقبه إلى ملك. فقد بدأ حكمه كمكرب ودون كتابة طويلة بخط المسند يحكي فيها متى صارا ملكا. قام هذا الملك بتوسيع نفوذ سبأ وشن حملة عسكرية خلفت تسعة وعشرين ألف وستمائة قتيل وعددا أكبر من الأسرى أسمى الباحثون كتابته "كتابة صرواح" كونه كتبها في معبد الإله المقة في تلك المدينة. وتعد هذه الكتابة من أهم النقوش السبئية المكتشفة حتى الآن وللأسف فإن الإهمال طالها وطمست كثير من الحروف الواردة فقد ذكر شيخ الأثريين المصري أحمد فخري بأن النقش معرض لعبث العامة بدأ النقش بعبارة: تمكن هذا الملك كما يتضح من النقش، من حصر مياه الأمطار وري المرتفعات الجبلية فقام بكساء صنمي الآلهة عثتر وهبس بعد أن شكر إله سبأ المقه على تمكينه من توحيد شعب سبأ أو "معشره" كما يذكر النص وأتباعهم دون تفرقة ولا طبقية وأن منحتهم الآلهة أرضا طيبة حتى روت المياه كل أراضي سبأ. ثم انتقل إلى ذكر مواقعه لتوحيد القبائل والممالك ويبدأ كل موقعة بعبارة و"يوم" وكانت مملكة أوسان في عدن أو "أوسن" وترجمتها الأوس لإن النون آخر العلم هي أداة التعريف كما ورد آنفا ،أكثر الممالك المتضررة من حملاته فقتل منهم ستة عشر ألف نسمة وهرب منهم من هرب ولم يحدد الجهة التي فروا إليها. ولكنه ابتدأ مواقعه بحملة على المعافر وهي أرض وقبيلة في تعز نسبها الإخباريون لحمير رغم أن ذكرهم أقدم بكثير، وجاء أنه "يوم مخض" (يوم ضرب) سادة ونقباء المعافر وأحرق مدنهم وقراهم ثم قهر "ضلم" و"ضبر" و"أروى"، قتل منهم ثلاثة آلاف وأسر ثمانية آلاف وضاعف عليهم "غرمت" (غرامة) من الماشية وهاجم "ذبحن ذو قشر" و"شرجب" واستولى على جبل عسمة ووادي صير وجعلها وقفا لشعب سبأ كان هدف كربئيل وتر من هذه الحملة هو تقليص نفوذ مملكة أوسان على البحر الأحمر وإن لم يذكر كربئيل ذلك في كتابته وعزى سبب حملاته إلى وحي من إلهه ثم ابتدأ الحديث عن حملته على "أوسن" وقتل منهم ستة عشر ألف قتيل وأسر أربعين ألفا وأمر بإحراق كل أراضيهم وهدم قصر ملكهم وإزالة كل الكتابات والنقوش عليه وهو ما قد يفسر قلة الكتابات الواردة عن "أوسن" وأمر بتقديم ملكهم وسادات القوم قرابين لإله سبأ إلمقه أظهر الملك حقداً وإمعاناً في القسوة ضدهم تحديداً ويبدو أن تلك المملكة كانت مملكة قوية وشكلت تهديداُ لسبأ وبدأت بمهاجمة الممالك المجاورة فكان العقاب السبئي تقديم الملك وسادات القوم قرابين لإله سبأ. في البداية، أمر الملك جنوده بقتل كل من يرونه أمامهم وأن يأتوا بسادة "أوسن" (الأوس) أمامه وقرر أن يقدمهم قربانا لإلهه ثم أمر شعب سبأ بالتراجع. عمد كربئيل على إحراق وإتلاف كل مدنهم حتى وصل إلى قصر "مزودهم" وأمر بهدمه وإزالة كل الكتابات والنقوش والإشارة إلى "مزودهم" (مزود) هي دلالة أن الأوس كانوا معينيين فعلا لإن المزود هو لقب حكام مملكة معين ثم توجه نحو "دهس" (يافع) وقتل منهم ألفين وأسر خمسة آلاف وأحرق مدنهم بالكامل وأمر بضم أراضيهم و"دثنت" (دثينة) باستثناء أرض "عودم" (عود) وهم قوم من "دهس" تركها ولم يتعرض لها لإن أبنائها عظموا إله سبأ إلمقه أي استسلموا وخضعوا دون مقاومة بمعنى آخر ثم تحدث عن منطقة اسمها "أنف" و"رشأي" لا يعرف عنها شي ولكنه ذكر بعدها جردان وهو واد في شبوة وكل المدن التابعة لـ"سيبن" (سيبان وهو اسم قبيلة من حضرموت) و"كحد" ومدن "أتخ" وميفعة و"رتح" وكل وادي عبدان حتى الساحل ذكر أن كل من في هذه المناطق من جنود وعبيد وأحرار وأموال وأملاك أصبحوا ملكاً لسبأ وإلهها إلمقه ثم أمر بإعادة (وهب) الأراضي "من تحت ذي أوسن" (التي سقطت بيدهم) للإلهين سين (إله مملكة حضرموت) وعم (إله مملكة قتبان) لإنهم حالفوه في حملاته إلا أن أهالي "كحد" المذكورة آنفاً تمردوا، فسار إليهم وقتل خمسمائة نسمة وأخذ منهم ألف طفل رهينة مقابل الولاء وألفي حائك منهم أسير وعلى كل مواشيهم ومقتنياتهم. تمردت مملكة نشق وكانت في محافظة البيضاء حالياً هي ومملكة صغيرة أخرى تدعى "نشأن" فادعى كربئيل وتر أن الإله عثتر قد أنبئه بذلك فقتل منهم ألف وأعاد الأراضي إلى ملكية سبأ من جديد وسور كل أراضيهما وفرض عليهم إسكان السبئيين في أراضيهم وبناء معبد للإله المقة ثم قام بضم أحد سدودهم لسبأ وتأجيره لملك مملكة محالفة للسبئيين وفرض عليهم جزية سنوية يدفعونها لسبأ ثم انتقل للحديث عن مملكة هرم الصغيرة وكيف أنها صارحته العداء فقتل منهم ثلاث آلاف وأسر خمسة آلاف وغنم مئة وخمسين ألف رأس من الماشية ثم تحدث عن مجموعة قبائل اسمها "مهأمر" قتل منهم خمسة آلاف قتيل وأسر إثني عشر ألف طفل وغنم مئتي ألف رأس من الماشية وذكر أنهم كانوا في "نجرن" (نجران) وفرض على نجران جزية يؤدونها للإله إلمقه وختم النص بإن قدم تمثالا من الذهب للإله عثتر وانتهى بذلك من سرد مواقعه لتوحيد البلاد وانتقل ليتحدث عن أعماله العمرانية. كان لحملات كربئيل وتر أثر كبير على البلاد فقد أحرق كل المدن التي أبدت مقاومة له وقتل كل المحاربين وأمعن في استذلال أهل القرى المعارضة بل أصبح كربئيل وتر رمزاً لمن أتى بعده بدلالة ورود نصوص عن أشخاص يحلفون باسمه ولم يكن آخر حكام اليمن الذين يحرقون ويقتلون أهل القرى المستسلمة بالكامل فقد كانت سياسة معروفة عند ملوك سبأ وحِميَّر من بعدهم ولم تُكتشف كتابات حضرمية ومعينية بنفس الأسلوب. قام كربئيل وتر بإسكان "معشره" كما يذكر باللفظة السبئية في كل الأماكن التي سجلها باسم سبأ أو باسم الإله المقة وانتقل للحديث عن أعمال العمارة والبناء وإصلاح نظم الري. قام بتعلية قصره في مأرب وتقوية دعائم الطابق السفلي منه، ثم قام بإصلاح المسايل وتقوية جدران السدود وقام بتسجيل أراضي كثيرة لملكيته منها "ذو حبَّاب" و"ذو شمَّر" و" ذو فدهم" و"ذو مهجم" وذكر أرض اسمها "خندف" و"عتب" و"الورخ" وأراضي استولى عليها من زعيم قبلي يدعى "يعتق ذي خولن" وذي خولن هي خولان وقام بتسوير مدن كثيرة منها رداع لم تكن مسورة قبل ذلك وسور وحصن كل الأراضي السبئية ولكنه هدم أسوار المدن الحضرمية والقتبانية رغم أنه أمنهم على أراضيهم وظهر بعد هذه الحملات اسم إلهة هي ذات غضران والحقيقة أن اسمها ورد بصيغة "ذات غضرن" وبما أن النون هي أداة التعريف فإن ترجمتها تصبح "ذات الغضر" والغضر في اللغة هو سعة المال فيبدو أنها كانت إلهة مسؤولة عن المال والرزق وما يتعلق بهما واكتشف نص آشوري في نفس الفترة، عن تلقي الملك سنحاريب لهدية من ملك سبأ "كرب إيلو " ولا شك أنه كرب إيل وتر ولها نفس الغرض وهي تأمين تجارة السبئيين في العراق. ويُعتقد أن فترة الامتداد السبئي في إثيوبيا كانت خلال هذه الفترة فقد وردت نصوص بلغة سبئية في شمال إثيوبيا ومعابد للإله المقة تعود إلى هذه الفترة أو قبلها بزمن غير بعيد. ولا يعرف على وجه الدقة طبيعة الوجود السبئي في شمال إثيوبيا قرب منطقة أكسوم التاريخية، فقد كانت هناك مستعمرات سبئية في تلك المناطق بلا شك بدلالة انتقال خط المسند إليهم ولكن لا يعرف مدى ارتباطها السياسي بمأرب فكثير من الباحثين يؤمنون أن مملكة أكسوم التي ظهرت قرابة الأول قبل الميلاد أو الأول بعده، كانوا امتداداً لهذه المستعمرة السبئية لكنها لم تكن سبئية نقية بل هم نتاج تزواج السبئيين في تلك المناطق مع السكان الأصليين كانت صرواح أرض السبئيين ومنبعهم عاصمة لسبأ إلا أن كربئيل وتر اتخذ من مدينة مأرب عاصمة لمملكته حيث موضع السد ومنذ ذلك الحين ومأرب عاصمة لسبأ ورمزاً لها ولا زالت آثار عدد من القصور باديا وغالبه مطمور تحت الأرض ولا يظهر منها سوى الأعمدة بعد التوحيد. توفي كربئيل وتر وخلفه ابنه "سمح علي ذارح" ويُعتقد أنه حكم في أواخر القرن السابع ق.م واستطاع الآثريون استنباط جوانب قليلة من حياته منها ابناه "إيلي شرح " و" كربئيل" لا يعرف الكثير عنه ولا عن ابناه سوى نص ورد عن إيفاء "إيلي شرح" هذا بنذر كان قد نذره للآلهة وأمر بتخليد فعله في شاهد بخط المسند ليراه الناس وتولوا الحكم في المملكة فقد كان إشراك الإخوة في الحكم أمراً شائعاً في اليمن القديم وكان لعلي ذارح أخ آخر هو ابن كربئيل وتر واسمه يدعئيل بين ولم يُكتشف شي مهم عنهم سوى بضعة كتابات لزعماء قبائل يشكرون آلهتهم على تحقيق مطالبهم ويختمون نصوصهم بذكر أسماء هولاء الملوك إلا نصاً واحدا من هذه النصوص يذكر اسم بكيل وهي قبيلة يمنية لا زالت موجودة إلى اليوم تولى الحكم ملك يدعى "يكرب ملك وتر" وأقر هذا الملك قانونا يحدد فيه الضرائب على ملاك الأراضي والخدمة العسكرية المناطة بالقبائل وختم القانون بإدراج اسمه وأسماء الأقيال المؤيدين للقرار وهم أقيال "ذو حزفر" و"ذو كريم" و"ذو ثور" و"ذو خليل" إذ جاء في النص عبارة "سمعم ذات علم" أي سمع أو شهد هذا الإعلام زعماء القبائل أو المقاطعات المذكورة آنفاً.ويُعتقد أنه أقر ما عُرف بالـ"فيدرالية" عند السبئيين فلم يجد الملك حرجاً في تدوين زعماء القبائل نصوصاً يصفون فيها أنفسهم بالملوك فجعل لكل مقاطعة حكماً ذاتياً يتبع المملكة عسكرياً مقابل ضرائب تدفعها هذه المقاطعات للعاصمة وجعل الباحثون مبدأ حكمة بدايات القرن السادس ق.م وقد صعب ذلك من جهود الباحثين في تمييز الملوك من زعماء الإقطاعيات فتفاوتت أرائهم كثيراً حول دلالات النصوص ثم تولى الحكم الملك "يثع أمر بين الثاني" وابتدأ حكمه بتقديم نذر للإله عثتر وأصيب بقية النقش بتلف صعبت على الباحثين معرفة النذر ولكن اكتشف عن تمرد من القتبانيين وفرضهم لسلطتهم على مناطق سبئية، فقد ورد نص قتباني لملك يدعى "يدع أب يجل بن ذمار علي" يحكي فيها ضمه لأراضي قبيلة اسمها "ذبحان" و"رعين" و"صبر" وجعلها من أملاك الإله عم أكبر آلهة القتبانيين فترأس كاهن سبئي يدعى "تبع كرب" المفاوضات مع قتبان وقام بخفر خنادق وبناء أبراج حراسة بعد نجاح المفاوضات التي لم يذكر نتيجتها إلى أنه ذكر أنه توصل إلى اتفاق من نوع ما مع مملكة قتبان تولى الحكم بعد "يثع أمر بين الثاني" على رأي الباحثين، ابنه "كربئيل وتر الثاني" الذي ابتدأ حكمه بسلسلة تعديلات على قوانين الضرائب وقام بحفر أنهار وأغيلة وبناء سدود مائية جديدة ووردت نصوص من أشخاص يذكرون فيها الملك وإبنه "سمح علي" منها الكتابة المعروضة في متحف اللوفر بباريس والمقدمة من شخص يدعى "عميمر بن معديكرب" لم يُكتشف شي يستحق الذكر عن حياة "سمح علي ينوف الثاني" ولا عن ابنه "إيلي شرح الثاني" وكلهم حكموا في القرن الخامس قبل الميلاد ومعظم النصوص التي يرجعها العلماء لهذا العهد تتحدث عن إصلاحات وأعمال زراعية ومن ثم ملك "يدعئيل بين الثالث" وإبنه "ذمار علي الأول" وعلى رتابة النصوص فهي دلالة على استقرار الأمور سياسياً ويظهر من النصوص ورود أسماء آلهة أخرى مثل ود أكبر آلهة مملكة معين إلى جانب آلهة سبئيين وهي دليل على الاستقرار والهدوء السياسي الذي ساد هذه الفترة من القرن السادس وحتى نهايات الخامس ق.م ثم ملك "إيلي شرح بن سمح علي ينوف" ومن بعده "ذمار علي بين" وكان شقيق "إيلي شرح" وكان "يدعئيل وتر" ابن ذمار علي بين من تسلم الحكم بعد والده وذلك وسط القرن الخامس ق.م ثم ملك "كربئيل وتر الرابع" بدايات القرن الرابع ق.م وهناك فجوات كثيرة في التسلسل التاريخي لهذه الفترة جراء النقص في المُكتشف وكل ما فعله الباحثون هو رص أسماء الملوك في قوائم دون استنباط الكثير عن التطورات السياسية والاجتماعية ولكن ذكر آلهة سبأ إلى جانب آلهة إلى جانب آلهة القبائل الأخرى في النصوص المدونة من المواطنين دلالة على الهدوء السياسي بين القبائل وتفأهمها سلالة ملكية جديدة. وفقًا لجون فيلبي في كتابه "خلفية الإسلام"، فإن كربئيل وتر الرابع كان خاتمة سلالة ملكية لتظهر بعده سلالة ملكية جديدة بقيادة ملك يدعى "إيل كرب يهنعم" الذي اكتشفت عنه كتابة شمال صنعاء اكتشف نص أن ملكًا يدعى "وهبئيل" (وهب إيل) وصل إلى الحكم ولم يكن من الأسرة الحاكمة المدعوة "فيشان" ولا يعرف من أي الأسر هو على وجه الدقة إلا أن نصًا يعود إلى ابنه "أنمار" يشير إلى الإله تألب ريام وهو إله قبيلة همدان وذلك أواخر القرن الرابع ق.م قليل المعروف عن "وهبئيل" وإبنه أنمار ولكن ورد نص لشخص من قبيلة "ذي بتع" وهذه القبيلة من حاشد أو "حشدم" حسب نصوص المسند ورد في النص أن الحاشدي هذا شن حملة عسكرية ولكن لا يعرف تفاصيلها بسبب التلف الذي أصاب الكتابة فأضاعت منها الكثير ولكن الواضح أنه قدم تمثالاً للإله تألب ريام وهو أكبر آلهة همدان ووالدهم وفق معتقداتهم القديمة وذكر أن الملك "أنمار" أمده بقوات عسكرية لدعمه تولى الحكم بعد "أنمار" ابنه "ذمار علي ذارح" ولم يُكتشف عنه شي مهم وتولى بعده الملك "نشأكرب يهأمن" وكلمة "يهأمن" تعني "يأمن" وردت عدة نصوص تعود لأيامه منها نص إصلاحه لأصنام في معبد للإله عثتر كان قد أصابها تلف، ونص آخر لتقديمه أربعة وعشرين صنمًا لآلهة اسمها "شمس" لإنها باركت قصره وأهله ثم ذكر الآلهة إلمقه وعثتر ويبدو أن الملك أصيب بعارض صحي بدلالة ورود نص لأقيال "جرت" زعماء قبيلة اسمها "ذمري" التي تنتمي لقبيلة اسمها "سمهر" وفق الكتابة ولا يعرف شي عن هذه القبائل ولم يرد لها ذكر في كتابات النسابة، قدموا تمثالين من البرونز "لإل مقه بعل أوام" (إل مقه رب معبد اوام) على شفاء الملك وأن يستمر إل مقه بإسعادهم بمنح ملكهم الصحة والعافية وورد نص لزعيم قبلي من "آل جميل العرج" زعماء قبيلة اسمها "ميدع" شكروا فيها إلههم إل مقه على رجوعهم سالمين غانمين بعد غزوة أمر بها الملك نحو "أرضم عربن" (أرض العرب) وتمكنهم من استعادة ما سرقه البدو وأخذهم أسرى وذكروا آخر النص الآلهة عثتر وذات بعدان وذات حمم وشمس ويبدو أن أعراباً اعتدوا على قافلة سبئية عائدة إلى اليمن أو ربما يكون الاعتداء على مزارع سبئية ولا يعرف على وجه الدقة ما هي "أرض عربن" هذه وحرفيًا تعني "أرض العرب" وكلمة عربي في كل النصوص السامية القديمة تشير إلى البدو دائمًا وليست بدلالة قومية وبدأت تظهر بشكل أكثر وضوحاً في الكتابات السبئية ابتداءً من القرن الأول ق.م أثناء الحرب الأهلية بين همدان وحِميَر. فقد استغل البدو هذا الاضطراب كعادتهم للنهب والسلب واستفاد منهم الملوك فطوعوهم لمصالحهم. كان عهد نشأكرب يهأمن أو يأمن هذا عهداً مستقراً ويبدو زاهراً بدلالة كثرة النصوص التي دونها زعماء قبائل وأناس عاديين تطلب من الآلهة أن تديم عليهم نعمها وتزيد من هذه الأفضال هناك اختلاف بين الباحثين حول قبيلة هذا الملك فمنهم من يعتبره همدانيًا ولكن غياب الإله تألب ريام من كتاباته يضعف هذا الاحتمال والغالب أنه من قبيلة اسمها "جرت" الوارد ذكرها آنفا من "سمهر" أما كيفية وصوله لقصر الحكم في مأرب فهو أمر غامض قد تكشف أسراره اكتشافات أثرية جديدة في اليمن فهذه المشكلة تواجه الباحثين من القرن التاسع العشر فلا زال الغموض يحيط بجوانب كثيرة من تاريخ البلاد. ملوك همدان. دخلت البلاد القرن الثالث ق.م وأدرج الباحثون اسم ملك هو "ناصر يهأمن" وهناك إجماع أنه من قبيلة همدان ولكن الاختلاف حول ما إذا كان ملكاً أم لا. فجون فيلبي اعتبره ملكاً وافتتح به السلالة الملكية الرابعة لسبأ ولكن وردت نصوص لأناس ينتمون لهمدان يشيرون فيها إلى "ناصر يهأمن" بلفظة "أميرهمو" (أمير) ولم تدرج لقب ملك قبل اسمه دون هذا الأمير كتابة يشكر فيها الإله تألب ريام على سلامته وعائلته بمناسبة بناء بيت وختم النص بسؤال إلههم أن يزيد من قوة ونفوذ أبناء همدان وهو أمر شائع في اليمن، فبالرغم أن نعت "يهأمن" هو نعت تعظيم إلا أن هذا الزعيم القبلي لم ينظر لنفسه بدرجة أقل من الملك وكان نافذًا وله قوات وأتباع وقد افتتح هذا القيل بادرة استقلال زعماء القبائل وتحديهم للسلطة المركزية ولا شك أن الملك السبئي خلال أيام هذا الأمير الهمداني كان ضعيفا وإلا لذكره أبناء همدان عوضًا عن تجاهله والتيمن باسم شيخهم ورد اسم ملك يدعى وهبئيل يحز الأول خلف الملك الضعيف الذي لم تهتم القبائل بذكر اسمه في كتابتها وذلك منتصف القرن الثالث ق.م وورد نص أيام هذا الملك مدون من رجل يدعى "رب أوم" من قبيلة "دوسم" (دوس) يُعتقد أن دوس هذه هي القبيلة المعروفة باسم "الدوسي" يعدها الإخباريون من الأزد قدموا تمثالاً للإله إلمقه حمداً له على الإيفاء بمطالبهم وحمايتهم في كل غزواتهم وأنهم أرضوا ولقيوا حظوة عند ملك سبأ وهبئيل يحز وهذا هو النقش الوحيد المكتشف حتى الآن الذي يشير إلى هذه القبيلة ولم يشر إلى أن "رب أوم" هذا كان ملكاً ولم يكتشف حتى الآن أن أسرة من القبائل التي يعدها أهل الأخبار من الأزد ملكو سبأ فوهبئيل يحز همداني رغم أن هولاء الأزد ادعوا أنهم كانوا ملوكًا على سبأ واختلقوا الكثير من الأساطير والقصص وراء هذا الإدعاء في العصور الإسلامية ومرور قرون وأجيال مديدة بعد سقوط المملكة. ولكن الكتابة التي دونها "رب أوم" الدوسي هذا تشير إلى حرب وبالفعل وردت نصوص عديدة مدونة من زعماء "ذي خولن" (خولان) و"مرثد بن بكل" (بكيل) تشير إلى حروب وهبئيل يحز مع زعيم "ريدان" (حمير) المدعو "ذمار علي" وهو أقدم النصوص التي تشير إلى محاولة الحميريين انتزاع الملك من سبأ وورد في النص الذي دونه زعيم بكيل مدينة "صنعو" (صنعاء) وهي أقدم كتابة تشير إليها كذلك. وورد نص آخر لقبيلة همدان يشيرون فيه إلى الإله المقة وإلههم الخاص تألب ريام أن من عليهم وجعلهم مقربين من ملك سبأ "وهبئيل يحز" ووفق قبيلتهم "حشدم" (حاشد) في تأديب "عربن" (الأعراب) الذين تعدوا على "أسيادهم وأربابهم ملوك سبأ" وسألوا الإله المقة أن يديم عليهم نعمه بحق عثتر والمقة وحاميهم ووالدهم الإله تألب ريام والملاحظ في هذه النصوص أن السبئيين ميزوا أنفسهم في النصوص عن البدو لم يهتموا بذكر أسمائهم وذلك إمعانًا في احتقارهم عكس البدو السبئيين فقد كانوا يذكرون كندة ومذحج رغم أنهم بدو إلا أنهم سبئيين كذلك وفي هذا دلالة أن البدو الذين "أدبهم" مقاتلي حاشد كانوا غرباء عنهم وقد كان زعماء القبائل المذكورة في النص وهم "حشدم" (حاشد) و"مرثد بن بكل" (بكيل) يلقبون أنفسهم بلقب "أملك سبأ" بعد اسم الملك الفعلي وهو وهبئيل يحز وكذا فعل "رب أوم" الدوسي رغم أنه لم يشر لنفسه كملك ولهذا عدة دلالات أن زعماء همدان كانوا يحكمون أراضيهم ذاتياً ويعتبرون أنفسهم ملوكاً مشاركين في الحكم لوهبئيل يحز الذي كان ينتمي إليهم بدوره بدأ يتزايد نفوذ قبيلة همدان في الدولة واختفى ذكر "فيشان" وظهرت أسماء قبائل "ذي خولن" (خولان) إلا أن النصوص السبئية تشير صراحة إلى خولان بأنهم من "ذو ريدان" (حمير) يعتقد باحثي المدرسة الألمانية أن "وهبئيل يحز" هذا لم يكن ملكًا فلا يعرف شي عن أباه فلم يذكره في أي نص ويعتقد أنه كان من سواد الناس وقاد ثورة ضد ملوك سبأ الأصليين في زمن وظرف لا يعرف عنه الباحثون واستمر الحكم بعدها بيد ملوك من همدان ملك ابنه "كربئيل وتر الخامس" بعد وفاته الذي ورد نص عن توكيله زعيماً من حاشد ليرأس "معهر" ومعهر هو مجلس تداول ومشاورة القوانين دونت في عهد هذا الملك كتابات عديدة تتيمن به عند بناء البيوت أو تقديم القرابين واكتشفت كتابة بدلالة هامة عن إله جديد لم يظهر من قبل وهو الإله ذو سماوي (صاحب السماء) ويرجع الباحثون فترة كربئيل وتر الخامس إلى بدايات القرن الثاني ق.م ويبدو أن عهده كان هادئًا مستقراً بدلالة كثرة النصوص التي تشكر الآلهة على وفرة الحصاد وأن يبعد عنهم "الحسد" إلا أن هذا الملك اتخذ قرارا أغضب أهل مأرب وهو تعيين رجل من منطقة غيمان حاكماً إداريًا عليهم ولم يعجبهم هذا التعيين فأهل مأرب كانوا يكرهون أهل غيمان فاحتج أهل مأرب وألحَّ الملك على الحاكم الإداري قمع الاحتجاجات بقوة الجيش وهو ما حدث وحكم هذا الملك لمدة ثلاثين سنة ليتولى رجل آخر سدة الحكم وهو "يريم أيمن" زعيم قبيلة حاشد وتدخل البلاد مرحلة جديدة هي مرحلة مملكة سبأ وذو ريدان، فقد بدأ الملوك بتغيير ألقابهم هذه الفترة وحرصوا على إضافة أسماء الأراضي التي يملكوها إلى لقبهم الملكي. ويعتبر "يريم أيمن" الحاشدي فاتح سلالة جديدة من الملوك فرغم أن من أتى قبله كانوا همدانيين كذلك لكنهم لم يكونوا من حاشد فهمدان في نصوص المسند ليس اسم قبيلة بالضرورة بل هو منطقة وإن جعلها النسابة والإخباريون بعد الإسلام شخصاً وله أب اسمه "زيد" وجاء ذكر همدان في نصوص المسند بصيغة "أرضم همدن" (أرض الهمد) والنون آخر العلم هي أداة التعريف والأرض الهمد تعني الأرض الجافة التي لا نبات فيها الحرب بين همدان وحِميَّر. كانت سبأ تضم عددًا كبيرًا من القبائل ومقر الحكم الأساسي كان في مدينة "مرب" (مأرب)، وكل قبيلة أو اتحاد بالأصح تحكم أراضيها ذاتيًا وعلى رأسهم قيل أو ذو قد تتفاهم هذه القبائل مع بعضها أو تزاحم الملوك على سلطانهم. في القرن الثاني ق.م، كانت سبأ تتمتع بوضع مستقر يتخلله بعض الاضطرابات ولكن لا شواهد على ضعف المملكة فالكتابات اليونانية في تلك الفترة تصف سبأ بكثير من البذخ إذ وصفوا السبئيين بأنهم أكثر القبائل العربية عددًا، بلادهم خصبة تنتج اللبان والبخور ووصف مدينة مأرب بأنها محاطة بالأشجار و"ملكهم لا يغادر قصره ويقضي أغلب أوقاته مع النساء" بينما غالب الشعب تجار ومزارعين في أغلبهم وذكروا أنهم كانوا يزودون سورية بالذهب ولهم ارتباط وعلاقات تجارية وثيقة بالفينقيين وذلك في القرن الثالث ق.م وهذه الكتابات أفضل وأكثر واقعية من تلك التي سبقت حملات الإسكندر المقدوني والتي كانت تصف السبئيين بكثير من المبالغات منها أنهم يمتلكون ثعابين مجنحة لونها أحمر وما إلى ذلك من الأساطير. مع نهايات القرن الثاني ق.م وفي العام 115 ق.م تحالفت سبأ وحضرموت وأحرقت عاصمة مملكة قتبان تمنع ومنذ ذلك الحين اعتبر اليمنيون عام 115 ق.م مبدأ لتاريخهم فقد كانوا قبله يؤرخون شواهدهم بطرق أخرى اعتمادًا على حوادث معينة أو على أسماء الملوك، فيختمون شواهدهم بذكر أن الفعل المعين وقع في سنة الملك الفلاني دون ذكر أي أرقام ولكن ذلك تغير بداية من العام 115 ق.م أما استقلال قتبان فحدث آخر القرن الرابع ق.م وحتى أواخر الثاني ق.م وبعدها اندمجت في سبأ من جديد كان هذا الهجوم بادرة حرب أهلية طويلة بين الحميريين (أبناء الإله عم أكبر آلهة قتبان) والسبئيين والحضارم تبدلت خلالها التحالفات أكثر من مرة ولكن بلا شك أن من الانتقام لقتبان كان أحد أسباب الحميريين لاستمرار القتال كان لهذا الصراع للانفراد بالملك أثر سيء على اليمن أنهك الممالك كثيراً وانتشرت الأمراض والأوبئة وأطمع الإمبراطورية الرومانية بالـ"عربية السعيدة" فالمنتصر كالخاسر فيها بالضبط فلا دلائل أن أي المتقاتلين كسب مكاسب عظيمة من حربه، فكل كتابة عن نصر ما تُعقب بعدها بانتصار آخر للعدو. ولكن هناك أسباب أخرى لاندلاع الحرب الأهلية قد تتجاوز مجرد الرغبة الحميرية بالانتقام، فقد ضعفت مملكة سبأ في أواخر القرن الثاني ق.م بسبب هبوط تجارتهم البحرية وهيمنتهم على التجارة البحرية على البحر الأحمر فآثر ذلك على مصادر الدخل ودفع اليمنيين القدماء للاعتماد على الزراعة لتعويض خسائرهم من هبوط تجارة البحر مما دفع القبائل للمحاولة على السيطرة على كافة البلاد وإلغاء النظام "الفدرالي" الذي كان سائداً صعود حاشد. في العام 145 ق.م تمكن زعيم حاشد يريم أيمن من اغتصاب العرش بطريقة ما من كربئيل وتر الخامس وكانت تلك فاتحة سلالة جديدة من الهمدانيين بقيادة "يريم أيمن" وإبنه علهن نفهن وكان "يريم أيمن" الحاشدي قيل ولم يكن ملكاً بدلالة ورود نص دونه بنفسه عن توفيقه في مهمة صلح بين ملوك سبأ وحضرموت وقتبان وختم النص بشكر إله قبيلة همدان تألب ريام أن رفع مكانته عند ملك سبأ "كربئيل وتر يهنعم" (كربئيل وتر الخامس) ويُعتقد أن نجاحه في مهمة الصلح بين الملوك رفع مكانته في أعينهم فطمع بالملك لذلك فقد اختاره الملك كوسيط أو مفاوض عن طرف سبأ مع الممالك المجاورة ولا يعرف كيف ومتى أصبح ملكاً على سبأ ولكن ورود نص دونه زعيم قبيلة همدانية تدعى "يرسم"، يشكر فيه الإله الهمداني "تألب ريام" على سلامة حصنه حصن "ريمان" وأن يبارك في أرضه ومزروعاته وختم النص بأن سأل تألب ريام أن يبارك في ملكي سبئي يريم أيمن وكربئيل وتر الخامس فهو دلالة أنه تلقب الملك أو اشترك في حكم سبأ خلال حياة الملك كربئيل وتر الخامس والملاحظ في النص وغيره من النصوص الأخرى المكتشفة في هذا العهد أن اسم يريم أيمن يسبق اسم الملك الأصلي على سبأ وهناك نصوص أخرى ذكرت يريم أيمن وحده دون ذكر كربئيل وتر الخامس بل اكتفت بذكر تألب ريام إله الهمدانيين دون باقي الآلهة وهو ماله دلالات عديدة أهمها أن الهمدانيين كانوا متربعين على عرش سبأ من أيام وهبئيل يحز وأن أبناء همدان كانوا يتيمنون بأسماء أقيالهم ويتجاهلون الملوك الضعفاء وبالفعل فقد كان ليريم أيمن ابنان هما علهن نفهن وبارج يهرجب (بارج يرجب) وكان لكربئيل وتر ابن واحد هو فارع ينهب الذي كان والد إيلي شرح يحضب زعيم بكيل الذي ظهر في النصف الثاني من القرن الأول ق.م وهي دلالة على نزاع بين الهمدانيين على عرش سبأ. ورد نص مدون من شخص يدعى "هعَّان أشوع" من "آل يدوم" يصف فيه زعيم همدان بلفظة "أميرهمو" (أميرهم) وكان المقصود ابن زعيم حاشد "يريم أيمن"، وجاء في الكتابة عن شكر "هعَّان" هذا لإله قبيلة همدان تألب ريام على نجاته في كل غزوة غزاها وأن يهلك ويكسر ويصرع كل عدو لشعبهم "حشدم" (حاشد) لا يعرف الكثير عن فترة حكم يريم أيمن كملك ومتى خلفه ابنه علهن نفهن هذا (علهان نفهان كما قرأها أبو محمد الهمداني) فالنص الذي دونه "هعان أشوع" يشير إلى أنه كان أميراً. وصل علهان نفهان هذا لسدة الحكم وأشرك ابنه "شاعر أوتر" في الحكم. كانت البلاد تمر بفترة عصيبة وتقلص ملك سبأ كثيراً ونشبت الحروب والنزاعات بينها وبين الحميريين والحضارم. حاولت حاشد تثبيت ملكها عن طريق تقوية تحالفها مع مملكة حضرموت فقد ورد نص تعبدي من "علهن نفهن" ابن "يريم أيمن" يدعو فيه إلهه "تألب ريام" أن يمن عليه في المفاوضات مع ملك حضرموت "يدع أبو غيلان" حتى "يتآخيا تآخيا تاماً" (يصبحوا إخوة) ضد "ذو ريدان" (حِميَر) وكانت المفاوضات بين همدان وحضرموت تجرى في مكان يقال له "ذات غيلن" (ذات الغيل) هاجم الهمدانيون حمير من الشمال وساندهم الحضارم من الشرق وهُزم الحميريين في موقعة "ذات عرمن" (ذات العرم) وورد نص آخر لنفس الملك يصف معركة بين همدان و"ذي خولن" (خولان و"عميانس بن سنحان") و"ريدان" بقيادة رجل حِميري أو حليف لهم يدعى "سبت بن عليان" وانتهى النص بشكر تألب ريام على توفيقه للهمدانيين في المعركة وتخريب حقول الخولانيين وتقديمهم لأبنائهم رهائن مقابل الولاء وقبيلة خولان قبيلة حِميَرية بينما سنحان عند الإخباريين من مذحج ولكن من نصوص خط المسند يظهر أنها وخولان من أصل واحد فلا يوجد نص يشير لخولان إلا وأشار إليهم كان هناك زعيم قبلي آخر من همدان ومن بكيل تحديداً وهو "أوسئيل رفشان" الذي تصفه نصوص خط المسند بأنه قيل "شبام أقيان" ويُعتقد أن المقصود بـ"شبام أقيان" هو شبام كوكبان في محافظة المحويت حالياً ولا زال غالبية سكانها من بكيل شنَّ أوسئيل هذا غارة على "عربن" (العرب) وختم النص بشكر "تألب ريمم" (تألب ريام) على توفيقه في "تأديبهم" ورد نص آخر لزعيم همدان "علهان نفهان" هذا يدعو فيه إلهه لتوفيقه على عقد تحالف آخر مع الحضارم وسبب ذلك أن ملك مملكة حضرموت "يدع أبو غيلان" كان قد توفي وخلفه ابنه "يدعئيل" وهي دلائل أن الهمدانيين وإن لقبوا أنفسهم بملوك سبأ فإن أسر أخرى كانت تهددهم ورأوا في الحميريين أكبر أعدائهم. قام الملك شاعر أوتر وهو ابن "علهان" المذكور آنفاً، بتقديم ثلاثين تمثالاً من الذهب للإله تألب ريام لتوفيق همدان بعقد تحالف ثان مع حضرموت ضد حمير لقب شاعر أوتر هو من حاشد نفسه بـ"ملك سبأ" ولم يشر لذو ريدان (حِميَّر) وهي دلالة أنه رغم الانتصار في "ذات عرمن" وعلى خولان وسنحان لم تُخضع حمير بعد ولكنه ذكر قبيلة سبئية قديمة اسمها "فيشان" كان لها الملك على سبأ ومنهم عدد كبير من المكاربة، بأنهم من "آدمهمو" (عبيده) وادعى أن الإله إلمقه أمره بمحاربة الحميريين في حريب وهو موقع في محافظة مأرب وانتصرت همدان في هذه المعركة كذلك فهم ورغم جحود القبائل لهم كانوا أقوى الاتحادات القبلية في تلك الفترة وأكثرها تنظيماً تبدلت خارطة التحالفات وورد نص عن معركة بين همدان ومرتزقة تابعين لملك مملكة حضرموت انتهت بانتصار همدان واستيلاء شاعر أوتر على "شبوت" (شبوة) و"ذات غيلم" (ذات غيل) و"ذات غربن" (ذات الغرب) وتعيين "مقتوى" (ضابط) يدعى "سعد أحرس" لمراقبة الحدود ودون "سعد أحرس" هذا كتابة يحكي فيها غزوة قام بها على موقع يقال له "صوارن" في مديرية القطن حاليًا في حضرموت غنم منها غنائم كثيرة وشكر إلهه "تألب ريام" على شفائه من جروح أصابته في المعركة ووردت كتابة أخرى تحكي المعارك مع حضرموت بقيادة ثلاث قوات برية وواحدة من البحر بقيادة "مهقب بن وزعان" و"ظبن أثقف" و"أسد بن أسعد" و"هيثع بن كلب" وكلهم شكروا إلههم إلمقه على الغنائم التي غنموها في شبوة وقنا وتجاهلهم للإله تألب ريام (إله قبيلة همدان) يدل أنهم لم يكونوا همدانيين بل من قبائل أخرى محالفة لهم حاول شاعر أوتر الاستيلاء على ظفار (في سلطنة عمان حاليًا) من مملكة حضرموت وتوجه بنفسه وخاض عدة معارك ضد الحضارم وانتصر فيها إلا أنه فوجئ بقوات بدوية موالية لحضرموت فاضطر للتراجع إلى مأرب ولكنه سيطر على "شبوت" (شبوة) وهي عاصمة مملكة حضرموت وأرسل قائد جيوشه المدعو "سعد أحرس بن غضب" لبسط سيطرته على ظفار يبدو أن المعركة مع حضرموت كانت فاصلة فسيطرت همدان على الحميريين وعلى شبوة عاصمة مملكة حضرموت وانضمت كل القبائل ودانت بالولاء لملك سبأ ودلالة سيطرته على الحميريين هو إضافته لـ "ذو ريدان" للقبه الملكي فأصبح لقبه في النصوص "شاعر أوتر بن ذي بتع بن حشدم ملك سبأ وذو ريدان" (شاعر أوتر من ذي بتع من حاشد ملك سبأ وحمير) بعد تمكن همدان من الحميريين وجه شاعر أوتر قوة بقيادة قائد اسمه "أبو كرب بن أحرس" نحو "نجرن" (نجران) و"أشعرن" (الأشاعرة) وانتصر في المعارك واستطاع إخضاع التمرد ثم توجه نحو "ربيعة آل ثور" بعل قريتم ذات كهلم وملك كندت وقحطن" (ربيعة آل ثور سيد قرية كاهل (قرية الفاو) وملك كندة وقحطان) انتهت المعارك باستسلام ملك مملكة كندة في نجد واستيلاء الهمدانيين وأحلافهم على أموال وخيول كثيرة وقد ورد نص مقتضب للكندي يشكر فيه إلهه إلمقه على توفيقه في معركة ما لصالح ملك سبأ شاعر أوتر وهو نص مقتضب للغاية ولم يورد فيه أي تفاصيل انضمام قبيلة كندة المسيطرة على قرية الفاو حينها إلى تحالفات ضد السبئيين أدى إلى اضطراب سلامة القوافل الخارجة من اليمن أو العائدة عليه. فقرية الفاو كانت محطة إستراتيجية للقوافل وكعادة النصوص السبئية فإنها لا تعطي سببًا للحروب والاضطرابات وتكتفي بذكر الوقائع. وكانت العلاقة بين مملكة كندة وممالك اليمن علاقة شد وجذب فقد غزت أراضيهم من قبل السبئيين والمعينيين كذلك غير مرة وكانت هي نفسها تغزو هذه الممالك وظهر ذلك جليًا خلال مساعي الحميرييين لإسقاط سبأ رغم أنهم سبئيين، فالنصوص المسندية تشير إلى بني كندة ومذحج صراحة بلفظة "أعرب سبأ" أي أعراب أو بدو سبأ ولم تكن النصوص السبئية تشير إلى ملوك كندة ومذحج بشكل إيجابي دائماً وبالذات تلك المدونة من ملوك همدان والعلاقة بين كندة ومذحج وثيقة للغاية فلم يُكتشف نص يشير إلى معركة بينهم بل على العكس كل الانتصارات وكل الهزائم تظهر أنهم كانوا أشبه بجسم واحد في تلك العصور القديمة شن حميري من خولان هجوماَ على مأرب وخرب معبد الإله إلمقه فأرسل شاعر أوتر قوة ضد خولان أنزلت بهم خسائر كبيرة وختم النص بأن ما حل بقبيلة خولان جزاء وعقاب من الإله إلمقه رغم عداوة الحِميَّريين فقد ساعدهم الحاشدي في غير موضع، إذ حاول الأحباش على الضفة المقابلة استغلال الاضطرابات ليجدوا لهم موطئ قدم فقد أعتقدوا أن تردي الأوضاع هذا سيمكنهم من التوسع فورد نص أنهم حاولوا مهاجمة الحميريين فأرسل شاعر أوتر قوة لتعقبهم ويستدل على ذلك أن ضابطًا يدعى "لحيثعة يرخم" حارب "نجشن" (النجاشي) الذي "تطاول على أسياده ملوك سبأ" كما يُقرأ من النص، فحاربهم لحيثعة هذا من "بحرن ويبسن" (البحر واليابسة) وقطع رؤوس أربع مائة رجل منهم وتعقب منهم من احتمى في عسير وذكر أنه توجه نحو "جدرت ملك حبشت" (جدرة ملك الحبشة) وفيها دلالة أنه سلك البحر نحو أراضيهم وختم النص بأن قدم تمثالاً للإله المقة أن من عليه بغنائم كثيرة ومنحه أرضًا خصبة طيبة وسأله أن يمن عليه وعلى أرضه وأراضي قبيلته بالبركة في فصول الصيف والشتاء على آخر أيام شاعر أوتر، ظهرت أسر أخرى تشارك حاشد لقب "ملك سبأ وذي ريدان"، أسرة من بكيل بقيادة "إيل شرح يحضب" وشقيقه "يآزل" وأسرتين حِميَريتين واحدة بقيادة "لعزز يهنف يصدق" (العزيز يهنف يصدق) وأخرى بقيادة "لحيثعة يرخم" وهي إن دلت على شي إنما تدل على حالة الفوضى والاقتتال التي سادت سبأ منذ أواخر القرن الثاني ق.م وتوفي شاعر أوتر قرابة العام 60 ق.م صعود بكيل. انتقلت زعامة همدان إلى بكيل وكانوا متواجدين في "هجر صنعو" (مدينة صنعاء). في تلك الأيام، كانت حِميَر منقسمة لثلاث أقسام، قسم أُجبر على محالفة شاعر أوتر، وقسم أُجبر على محالفة إيلي شرح يحضب وقسم ثالث بقي مستقلاً واستمر في قتال زعيمي قبيلة همدان كان إيلي شرح يحضب ملكاً محارباً وقد وردت نصوص سبئية له وهو في شبابه يقاتل إلى جانب أباه وكان عهده مضطرباً كسائر عهد همدان إلى أن طعن في السن وأصيب بالأرق قبيل وفاته لكثرة الاضطرابات والمعارك في عهده هاجم إيل شرح قبائل محافظة ريمة المذكورة في النص باسم "ريمت" وهم قوم من خولان وانتصر عليهم واجه إيل شرح معركة أُخرى مع قائد اسمه "صاحب بن جياش" ولا يعرف من أي قبيلة كان إلا أن خاض معارك ضارية مع همدان واستمرت فترة من الزمن ولم يخرج إليه إيل شرح بنفسه بل أرسل قائدًا من حاشد لتولي المعارك وانتهت بانتصار "نوف" القائد الحاشدي المكلف وتقديم رأس ويدان "بن جياش" إيلي الشرح يحضب في صنعاء عاد الحميريين من جديد بقيادة "شَمَّر ذي ريدان" واقتتلوا في عدة معارك مع إيلي شرح يحضب وأنصاره كانت الغلبة فيها لهمدان كما يتضح من النصوص التي دونوها بأنفسهم ودونوا كتابات كثيرة لمواضع لا يعرف عنها شي في العصر الحالي ولكن لا دلائل أن شمَّر الحميري كان قد قُتل وعاد ليتحصن في صنعاء، وكلمة صنعاء أو "صنعو" تعني الحصن حرفيًا ولا بد أنها كانت حصنًا منيعًا للغاية استغل شمر عودة إيل شرح إلى صنعاء ليتصل بـ"أكسمن" (مملكة أكسوم) وفي خطوة اليائس، طلب منهم الدعم ضد قبيلة همدان ويبدو أن إيلي شرح يحضب كان على دراية بخطة شمَّر فخرج على رأس ألف وخمسمائة فارس وستة عشر ألف راكب على الجمال لاحقت الحميريين في ذمار وفي عسير بقيادة إيل شرح نفسه بينما وجَّه قوات أخرى من همدان تضم ألف وستة وعشرين فارس للتصدي للإمدادات القادمة من أكسوم لمساعدة الحميريين وذكر في نص أنهم أُسروا وفر منهم من فر "خائبًا" على حد تعبير كاتبه وقد كانت مملكة أكسوم قد ظهرت حينها وحاولت استغلال الحرب الأهلية وحالة الاقتتال والنزاع لإيجاد موطئ قدم لها في اليمن بدعم وإيعاز من الإمبراطورية الرومانية فبعد اكتشاف الرومان للرياح الموسمية وتضاؤل تجارة السبئيين البحرية وانخراطهم في نزاعات وخصومات ضارية، قرر الرومان أن يجعلوا منهم "أصدقاء" وهي ليست صداقة بل أرادوا إخضاع سبأ وكل أراضيها واليمن كافة لحكمهم إما مباشرة أو من خلال حكومة "صديقة" وقد اشتبك إيلي شرح يحضب مع خمسة وعشرين جماعة، بدأ بحملة على الحديدة أقرب مناطق اليمن لباب المندب وهي في تهامة ثم أكمل مسيره شمالاً لعسير (جرش كما تعرف في نصوص المسند) وخاض معارك ضد قبيلة عك وهي تهامية قديمة يعدها أهل الأخبار من الأزد، و"أحزب حبشت" حتى جبل جمدان وهو موقع في محافظة خليص شمال جدة في السعودية حالياً فقد وقعت تلك المناطق تحت حكم الأحباش من زمن طويل بدلالة أن اليونان ذكروا أن ساحل "Cinaedocolpitae" (كنانة) بين مكان يدعى "يمبو" و"leith" (محافظة الليث) كان خاضعًا للأحباش وذكروا أن تحت ساحل كنانة هذا مملكة معين ومن ثم مملكة سبأ كتب التراث ذكرت أن قريش كانت تسمي بني الحارث بن عبد مناة و"بني المصطلق" وبني الهون وهم من كنانة بالأحابيش وهي دلالة على خضوعهم للأحباش واختلاطهم بهم ولكنهم لم يذكروا شيئًا عن سبب التسمية ولا عن حدود معين وسبأ ولا توجد أبحاث أثرية تطرقت لتاريخ الحجاز فكل ما لدى الباحثين حالياً هو كتابات اليونانيين. على كل حال، أكمل ملك سبأ وزعيم بكيل مسيره شمالاً وأنزل بسكان تلك المناطق خسائر فادحة وغنم غنائم كثيرة من مواشي وأنعام وأسر أعدادًا كبيرة وعاد إلى "هجر صنعو" (صنعاء) وقصره قصر غمدان وقدم سكان جبال جمدان في محافظة خليص أطفالهم رهائن عنده مقابل الولاء وتمردت نجران وكثرة النصوص المشيرة إلى حالات تمرد تدل على وهن السيطرة السبئية في تلك الفترة ومع ذلك وجه إيل شرح قوة بقيادة ضابط من حاشد يدعى "نوف" حاصر نجران لمدة شهرين وقتل 924 شخص وأسر 662 واستبيحت 68 مدينة وأحرق ستين ألف حقل ودفن 97 بئراً وكل ذلك إمعاناً في استذلال أهل نجران حتى خضعوا وقدموا ألف طفل رهينة مقابل ولائهم وذكر إيلي شرح يحضب نجران كاسم قبيلة بعد أن فرغ قام بتوزيع "دلول" (أدلاء) لمعرفة مواقع المنشقين وإخماد أي تمرد فأخبروه أن جماعة منهم لا زالت في عسير وقد حرص هولاء على التمركز في مناطق بعيدة عن نسائهم وأطفالهم حتى لا يأخذهم البكيلي رهائن أمر إيلي شرح يحضب جيشه بقتلهم وتعقب من يحاول الهرب عبر البحر وعندما عاد لم يعد لصنعاء بل اتجه نحو مأرب حيث شقيقه "يآزل" وورد نص لقيل اسمه رب شمس "قول بكل ذي ريدت" (قيل بكيل ذي ريدة ويقصد بها مديرية ريدة حالياً) قدَّم تمثالين من الذهب للإله إلمقه لأنه مكنه من نصرة سيده إيلي شرح يحضب وأذل أعداءه وأجبرهم على تقديم الرهائن وفروض الطاعة وانتهت ثورة "شمَّر الحِميَري" وقاد جيش إيلي شرح يحضب بنفسه للاستيلاء على حضرموت تجمع الحِميَريين من جديد بقيادة "كربئيل ذو ريدان" ويذكر اليونانيين في نفس الفترة أن حميرياً يدعى "كربئيل" كان مسيطراً على ساحل أفريقيا حتى تنزانيا ولا يُعرف كيف ومتى حدث ذلك إلا أنه دلالة على الهزائم التي لحقت بهم لم تؤثر عليهم كثيراً توجه إيلي شرح يحضب مع أخاه "يآزل" نحو العرش وهي موقع في رداع وتراجعت قوات الحميريين إلى إب حيث موطن الحميريين وتحصن كربئيل في حصن يقال له "ظلمان" لا يعرف عنه الكثير حاليًا ولكن توجد منطقة في شمال إب تدعى "ظلمة" قرب وادي سحول وإب هي أرض الحميريين وموطنهم طلب إيل شرح من كربئيل الاستسلام إلا أنه رفض فاقتحم الحصن ونهب ما فيه وانتهت المعركة باستسلامه ولم يُقتل لأنه فوجئ بهجوم من قبيلة كندة بقيادة "امرئ القيس بن عوف" وذكر أن إلهه إلمقه وفقه في التصدي للهجوم وأسر سيد كندة وقدم تعهداً بعدم التمرد على الإله إلمقه وفيه دلالة على طبيعة الحكم الكهنوتية لمملكة سبأ فالخروج على الملك هو خروج على الآلهة وكان سيد كندة شاباً يافعاً وموضع قبيلة كندة حينها كان في موضع يقال له القشم في مأرب حاكم مصر الروماني. انتصارات إيلي شرح يحضب لم ترضِ الرومان وقرر أغسطس قيصر تيسير قوة بقيادة حاكم مصر الروماني أيليوس غالوس للاستيلاء على "العربية السعيدة" وإخضاعها ولا شك أنهم اتصلوا بالأكسوميين في الضفة المقابلة للمساعدة ويُعتقد أنهم حاولوا الاستفادة من الشِقاق الحِميري وكانوا على علم ودراية به ولكن رغبة الرومان باحتلال جنوب شبه الجزيرة العربية تعود إلى أيام الإسكندر المقدوني ولكنه توفي قبل تحقيق مسعاه فحاول أغسطس قيصر استكمال رؤيته ورد نص لإيلي شرح يحضب ولا شك أنه عاصر الحملة الرومانية بدلالة ورود اسمه في كتابات سترابو مرافق أيليوس غالوس والذي حاول تبرير إخفاق الحملة بشتى الطرق والأساليب وهناك اتفاق بين باحثي العصر الحديث على لجوءه للكذب والتبرير وإيجاد الأعذار لصديقه غالوس وإلقاء اللائمة على دليلهم النبطي "صالح" لإن سترابو كان مؤمنًا بالتفوق والسمو الثقافي والعرقي للرومان على سواهم من الناس ولم تكتشف كتابة بخط المسند عن هذه الحملة ويأمل الباحثون باكتشافها يوماً ما ولكن ورد نص لإيل شرح يشير لقوة غريبة معادية "تجرأت على آلهة سبأ" وشكر إيل شرح الآلهة وأمر شعب سبأ بشكرها على نجاتهم منها وتصديه لها وضع اليمن كان مضطربًا فيحتمل أن الجيش الروماني عاد بفعل العطش فعلا ولكن الماء الناتج عن سد مأرب وفير وقد ذكر سترابو أنهم حاصروا مأرب ستة أيام فالوصول للماء كان متاحاً مما يضعف التبرير الذي وضعه سترابو وقد ذكر سترابو أن عشرة آلاف عربي تصدوا للرومان في اليمن وهو عدد ضخم وذكر أن الرومان قتلوهم جميعاً وهي مبالغة وكذب واضح فإن قتلوا هذا العدد الضخم لبقيوا في اليمن ولا مبرر لانسحابهم توفي إيلي شرح يحضب بعد مرض أصابه بدلالة ورود نصوص عديدة من أنصاره تتضرع الآلهة بحفظه وشفائه وتوفي إيل شرح في العام 20 ق.م أو بعده بقليل أي بعد عدة سنوات من حملة أيليوس غالوس والتي كانت بالعام 25 ق.م وقد أشار القرآن إلى قدرات الجيش السبئي في سورة النمل عندما طلبت ملكة سبأ المشورة من "الملأ" حول الرد المناسب لرسالة الملك سليمان إليهم فردوا عليها قائلين وفقاً للقرآن : وإن لم يُعثر لهذه الملكة ولا لسليمان أثر. ولكن حظ إيلي شرح يحضب وافر في كتابات أهل الأخبار فقد كانوا يعرفونه بل جعلوه والداً لبلقيس إذ زعموا أن اسمها "بلقيس بنت إيلي شرح" ولا شك أنهم قصدوا بذلك إيلي شرح يحضب فجعلوه معاصراً لسليمان وهو لا يصح بكل حال فسليمان إن وجد له أثر، عاش في القرن العاشر قبل الميلاد أي أيام فترة الكهنة على سبأ وليس القرن الأول ق.م كان عهد همدان مليئًا بالاضطرابات وترك أثرًا بالغ السوء على اليمن إذ تصحرت الكثير من الأراضي الزراعية نتاج نزاعات وحروب القبائل حتى أن زعيمهم أصيب بالقلق والأرق أو "مقيظ" بلغة السبئيين واضطر الكثير من المزارعين إلى الرحيل وترك أعمالهم نتاج الاضطراب وقسوة ملاك الأراضي عليهم كلفت هذه الحروب والمعارك للانفراد بالملك البلاد ثمناً باهظاً، أهلكت الأرواح وأجدبت الأراضي لانشغال القبائل بالقتال عن الزراعة والإنتاج وأثرت على نفسيات الناس ونغصت عليهم معيشتهم بدلالة كثرة النصوص التي تسأل الآلهة أن تمن عليها بوقف الاقتتال على أرض سبأ هجوم على محرم بلقيس. حكم وتر يهأمن وهو ابن إيلي شرح يحضب ووردت عدة نصوص في عهده منها نص لإخماد تمرد جديد من خولان ونص آخر لأقيال قبائل يشكرون آلهتهم على إتمام بناء صهريج للمياه وختموا النص بذكر اسم الملك ونصوص أخرى لأناس تطلب الآلهة أن تمن عليهم بأبناء ذكور استمر الملك في بكيل وخلف الملك "نشأ كرب يهأمن" والده وتر يهأمن وكان عهده مستقراً وبدأ الناس بالعودة إلى وضعهم الطبيعي بعد الحرب بدلالة النصوص التي تتحدث عن شكر الآلهة لإنهم أجابوا طلبات الناس وتقديمهم تماثيل من ذهب وفضة ولكن ورد نصان عن تمرد الأول من حضرموت وكان صغيراً للغاية ولم يدونه الملك بل "مقتوى" (ضابط) قدم تمثالاً من الذهب على قتله رجلين من هناك وإخماده للتمرد ولكن هناك نص يشير إلى قبائل تذكر أول مرة في نصوص المسند هي قبائل "حكم" وقبيلة اسمها "غمد" وقبائل أخرى لا يعرف عنها شي حالياً امتنعوا عن دفع الضرائب فأرسل الملك قوة عسكرية كبيرة أخذت منهم غنائم وأسرى حكم قبيلة معروفة من مذحج وأحدهم الحكمي أما "غمد" فلم يورد المستشرق باحث النص رأيًا فيها. في العام 30 بعد الميلاد، ظهر اسم ملك يدعى "ذمار علي بين" حكم لمدة خمسة عشرة سنة ولا يُعرف عنه الكثير خلفه ابنه كربئيل وتر يهنعم وعثر على اسمه منقوشاً على عدة عملات نقدية وحكم حتى السنة 75 للميلاد ثم حكم بعدها ذمار علي ذارح لمدة خمس سنين ولا يعرف عن هولاء الملوك الثلاث الكثير ولكن ورد نص عن تمرد في مأرب ضد ذمار علي ذارح بقيادة رجل يدعى "لحيثعة بن هميسع" من قبيلة "شداد" وهي أحد قبائل مذحج، قام لحيثعة هذا باقتحام قصر الحكم في مأرب واحتمى بداخله ولم يرد أن الملك ذمار علي ذارح أصيب بأذى وهي دلالة أنه لم يكن متواجداً في مأرب حينها تصدى له ضابط سبئي يدعى "أوسئيل" (أوس إيل) وحرر القصر وأرسل قوة لتعقب ثلاثمائة مقاتل تابعين لقائد التمرد فروا من مأرب وختم النص بشكر الإله إلمقه على توفيقه في بعث السرور على قلب ملك سبأ وذو ريدان لأنه أفنى وقتل كل المتمردين وكان أوسئيل هذا من غيمان وفيه دلالة على استمرار نفوذ همدان لكن الباحثين ليسوا متأكدين حول قبائل هذه الملوك بصورة دقيقة. ملك بعد ذمار علي ذارح ابنه كربئيل بين وورد نص عن رجل من قبيلة اسمها "هلال" اسمه "حرب" على شفائه من مرض أصابه بعد معركة في حضرموت خرجت حضرموت بقيادة "يدعئيل" وتحرشت بمواضع سبئية في محافظة الجوف واستولت على مدينة براقش فأرسل الملك كربئيل بين قوة بقيادة رجل يدعى "ثوبان" وجاء في نص حضرمي أن "منذر" (جاسوس) أبلغ الحضارم عن المدد فتحصن الحضارم في براقش وأرادوا استدراج الملك إليهم وبالفعل خرج لهم بنفسه فهاجم الحضارم مأرب وأرادوا تخريب معبد برأن أو "محرم بلقيس" كما يسميه اليمنيون اليوم كلف ذلك الهجوم الحضارم ألفي رجل منهم وأمر كربئيل بين بالاستيلاء على كل أموال وخيول وجمال الحضارم ومقاتلة كافة عشائرهم حضراً وأعراب توجد فجوة بعد هذا الانتصار إذ ظهرت أسرة حميرية جديدة قرابة العام مائة للميلاد وهي أسرة ياسر يصدق الأول والتي من سلالته كان ملوك مملكة حمير ولكن لم تستتب الأمور لهم بعد فقد جابهتهم ثورات عديدة من أسر وقبائل مختلفة كلها تطمح للسلطان أو الثأر لهزيمة لحقت بها فأصبحت البلاد مسرحاً للعبث لا تخمد حرب إلا وتقوم أخرى المراحل الأخيرة. ورد نص لأقيال قبيلة من بكيل يشكرون الآلهة على إتمامهم بناء "معهر" (مجلس استشارات) وختموا النص بذكر اسم الملك "ياسر يصدق ملك سبأ وذو ريدان" وهو دلالة على خضوع بكيل وهم قبيلة سبئية للحميريين أخيراً وياسر يصدق هو والد ذمار علي يهبر الأول قام ذمار بإنشاء سد في أبين وأسماه على اسمه وحكم بعد ذمار علي يهبر ابنه ثارن يعب ولا يعرف عنه شيء وخلفه ابنه ذمار علي يهبر الثاني ومن ثم شمَّر يهرعش الأول ولا يعرف الكثير عنهم سوى ورود أسمائهم على عملات نقدية وعثر على كتابة تشير لذمار علي يهبر الأول في صنعاء وهي دلالة على سيطرته على أقوى مراكز الهمدانيين وأرسل ثارن يعب هذا مبعوثين لحضرموت لتهنئة ملكها الجديد في احتفال التنصيب إلى سنة 160 - 180 بعد الميلاد تقريبًا، كانت أسرة من الحميريين على عرش سبأ ثم أجلتها أسرة من حاشد وكيفية حدوث ذلك غامضة حالياً وأول ملوكهم بعد جلاء الحميريين كان الملك رب شمس بن نمران وحكم لعشرين سنة ورد نص يشير إلى قبيلة اسمها "بلجرش" يعتقد أن لها علاقة ببلجرشي وخاض الملك الحاشدي "رب شمس نمرن" معركة ضدهم ودوَّن "المقتوى" (ضابط) نصًا يشكر فيها الآلهة المقه وذات بعدان عن توفيقه في الغزوة ونجاته من مرض كان قد عمَّ في البلاد حينها وكان القائد على رأس الكتيبة رجل يدعى "عبد عثتر" ويعتقد الباحثون أن وباءٍ ما انتشر في الجزيرة العربية قادمًا من الهند وبالفعل وردت عدة نصوص لأناس تشكر الآلهة على نجاتهم من "خوم" (وباء) و"موت" حكم بعد رب شمس ملك يدعى "سخمان يصبح" عثر على بضعة كتابات تشير إليه وقد أصابها التلف ثم حكم بعده سعد نمران حتى العام 245 بعد الميلاد ثم وصلت أسرة حميرية لسدة الحكم من جديد لأسباب غامضة بقيادة العزيز يهنف يصدق والذي كان والد ياسر يهعنم (ينعم) وجد شمر يهرعش الذي استطاع إخضاع القبائل ويعد مؤسس مملكة سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت (المملكة الحِميَّرية) وذلك عام 275 ميلادية ودخلت البلاد مرحلة جديدة وهي مرحلة الحكم المطلق للحميريين فقد أرسل شمّر قوات من خولان نحو "جرش" (عسير) عسير لإخماد تمرد انتهى بإخضاع تلك القبائل وجلب قائد الكتائب "بأهل أسعد " لألفين وأربعمائة أسير عسيري إلى مأرب ووجه قوة أخرى من "سفيان" وهم حاليًا أحد قبائل خولان كذلك نحو همدان وأخضعها وشكر السفياني الآلهة أن منت عليه في مهمته التي كُلف بها وأن مكنه من تقوية سد مأرب وفي إقامة حواجز وموانع تمنع لتحول بين السيول واكتساحها المدن إرضاء لسيده شمّر وقد استفاد شمّر من كندة ومذحج خلال مساعيه لضم حضرموت ومن ثم تخليص نجد والبحرين والإحساء من المناذرة في مرحلة متقدمة من عهده فكندة ومذحج أعراب أشداء ويحبون الغزو والقتال ويجيدونه وأستفاد منهم ملوك حِميَّر لتخويف أعدائهم بهم وبذلك انتهى عهد مملكة سبأ وقامت مملكة حمير بعد ما يقارب ألف ومائتان سنة تخللتها سنوات غير قليلة من النزاع والاقتتال والصعود والهبوط ولا زال المُكتشَف يمثل نسبة ضئيلة من هذا التاريخ الذي يكتنفه الظلام من كل جانب، وهناك اختلاف كبير بين الباحثين في تأريخ الكثير من النصوص المكتشفة وتوجد فجوات كثيرة في التسلسل التاريخي للأحداث. فالآثاريين وعلماء الإنسان أعادوا كتابة تاريخ اليمن من المذكرات التي تركها رحالة مثل إدورد جلازر وجوزيف هاليفي ولم يكن هولاء ضمن بعثة أثرية منظمة وتتعرض الحملات الاستكشافية الحديثة لعدة معوقات أبرزها الوضع الأمني المضطرب في اليمن ويأمل الباحثون إمكانية إجراء أبحاث جديدة تساهم في سرد تاريخ البلاد القديم بشكل أدق وأوضح نظام الحكم والمجتمع. كان نظام الحكم عشائريًا بدأ بالكهنة أو المكاربة ثم إلى الملوك ويعد كربئيل وتر مؤسس المملكة الحقيقي والذي ادعى أن الآلهة أمرته بشن غزواته والتي سيطر من خلالها على مصادر اللبان والبخور ووصل إلى ظفار وثبت نفوذه في الضفة المقابلة في إثيوبيا فازداد ثراء مملكته وكل ذلك بإيعاز من الآلهة بالطبع وأُقيم نظام يمكن تسميته بفدرالية فقد أوغل كربئيل في القسوة ضد أعدائه ووضع رؤساء على الأراضي التي استولى عليها من مملكة أوسان، لم يكن هولاء الرؤساء سبئيين بل من صميم الممالك والإقطاعيات التي دمرها. كما أنه رد أراضي حضرموت وقتبان لملوكها زاعمًا أن إلهه المقة أمره بوهبها إلى الإلهين سين وعم وهم أكبر آلهة الحضارم والقتبانيين. في نفس الوقت، أقدم كربئيل على هدم أسوار هذه المدن الممنوحة لهم بينما حرص على تقوية تحصينات مأرب والجوف والإقطاعيات التي سجلها باسم سبأ وباسم قبيلته فيشان. والسبب في ذلك هو ضمان سيطرته على حضرموت وقتبان فلا يقومون بتقوية حصونهم ومن ثم مهاجمته الملاحظ في طريقة الحكم هو العقلية القبلية الإقطاعية وهو أمر كان موجودًا في كثير من المجتمعات القديمة وإن كان كربئيل وتر استثناءًا لمن أتى بعده من الملوك. فقد عمد كربئيل على إضعاف زعماء القبائل المنافسة بكل الأشكال واستخدم الإرهاب والقسوة المفرطة لتحقيق ذلك إلا أن أبنائه كانوا أكثر مرونة منه وأسسوا المجالس المحلية المكونة من "ثمينتن" (ثمانية) في كل مقاطعة مهمتها اقتراح القانون وتقديمه للملك نفسه وفي حال الموافقة يدرج اسم الملك وأسماء أعضاء المجلس الذين يكونون من أقيال القبائل عادة في نص القانون. نصوص خط المسند لا تعطي تفصيلاً واضحًا لنظام الحكم والقوانين ولكن استنبط من بعض الكتابات المكتشفة عددًا من الأحكام والشرائع وكلها تدرج اسم الملك وأسماء زعماء القبائل الموافقين على القانون مما يدل على وجود نظام تشريعي من نوع ما لم يقف الباحثون على ماهيته بعد. وهناك إشارات عديدة لضرائب يدفعها ملاك الأراضي والتجار للدولة وهي من أهم الدلائل على الحضارة، فالمجتمعات التي لا تدفع الضرائب لا يمكنها بناء أي حضارة فالضرائب أحد اللبان الأساسية لأي مجتمع متحضر اليونان كتبوا عن ذلك ولكن لا يمكن الاعتماد على كتابتهم كليًا، فهي أشبه بقصص السياح والتجار ولم تكن بتمحيص وتدقيق وقد تتعرض للمبالغات أو الأخطاء، إلا أن سترابو ذكر أن هناك قانونًا صارمًا يمنع تغيير المهن وأن كل عائلة أو طبقة ملزمة بوظيفة ما، فالمزراع لا يمكن أن يكون تاجرًا على سبيل المثال ويسري هذا القانون على أبنائه وفقا لسترابو ولا شك أن النظام كان ملكيًا وقد يشرك الملك أبنائه أو إخوته في الحكم ولا يجد حرجًا في تدوينهم لكتابات يصفون فيها أنفسهم بملوك أو مكارب سبأ ولكنهم كانوا يحسبون حسابًا لأقيال القبائل فتركوا لهم تسيير شؤون مقاطعتهم بل وردت نصوص تظهر ضعفًا من بعض الملوك اتجاههم وكانت الدولة تضم قبائل عديدة وتُعرف القبيلة في نصوص خط المسند باسم "شعب" فذُكرت ألفاظ من قبيل "سبأ وأشعبوهمو" وتعني سبأ وقبائلهم وكان المجتمع طبقياً بامتياز فهناك الكهنة وهم غالب الملوك ثم موظفي الدولة المقربين منهم كالمسؤول عن الضرائب في المعبد ويشاركهم المنزلة زعماء القبائل ويشار للزعماء أو المشايخ أو "أبعل" أو "أسود" وكلها صيغ جمع لمصطلحات قيل وبعل وسيد ثم بقية الشعب ويقال لهم "جوم" والجيم تنطق مصرية في لغة السبئيين وأدنى طبقة كانوا العبيد ويشار لهم بلفظة "آدم" أو "عبد" وكان الملك محصورًا في أسر معينة ولا عبرة لما ورد في كتب النسابة وأهل الأخبار أن الملوك في اليمن كانوا لا يتجاوزون مخاليفهم وقد قصدوا بذلك الأذواء وهم من عظم شأنهم في عصور متأخرة قبيل الإسلام على حساب مركز الدولة، أما الأصل في نظام الحكم فقد كان الملكية التي تورث للأبناء أو الإخوة يليهم هولاء المشايخ والأذواء بشكل عام، عاش الشعب اليمني القديم في قرى زراعية ومدن صغيرة تحيط بها جدران دفاعية. وقد اكتشف علماء الآثار الفرنسيون أن المنازل المتعدد الطوابق تشبه المنازل التي ينظر إليها في اليمن اليوم. في أوقات مختلفة عبر التاريخ القديم، قد تشكل القبائل تحالفات قوية وتطيح بالأسر الحاكمة وتم تشكيل اتحاد كونفدرالي سبأ، قتبان، مملكة معين، وحضرموت كان السبئيون يستعملون تقويماً شمسياً للزراعة، إذ كانوا يزرعون ويحصدون في شهور معينة ويدفعون الضرائب للدولة في مواسم ثابتة وأسماء الشهور لديهم كانت متصلة بحالة الجو واستعملوا تقويماً قمرياً للأمور التجارية الجيش. يسمي السبئيون الحرب بألفاظ "حرب" و"ضرو" و"غزت" و"هغر" (بمعنى سيغير) ويصفون المعركة بلفظة "حربت" (حربة) و"حريب" لوصف مجموعة من المعارك ولفظة "تأدم" بمعنى استعد للقتال ويقال للحملة "مسبأ" أما الجيش فيشار إليه في النصوص السبئية بلفظة "خمس" و"عسكر" و"أجيش" أما المعسكر فيصفه السبئيون بلفظة "حيرت" (حيرة) ليس من الواضح بعد ما إذا كان لذلك علاقة بمملكة الحيرة. يتولى إدارة الجيش أناس معينين من الملك ويقال لهم "مقتوى ملكن" (ضابط أو قائد الملك) وللجنود التابعين للدولة لفظة "أسدم ملكن" فكلمة "أسد" بمعنى جندي عندهم ولقائد منطقة معينة "آمر" (أمير) أما قيادة مقدمة الجيش فيقال له "مقدم" كان لزعماء القبائل قواتهم الخاصة من المرتزقة ويسمي السبئيين المقاتلين الغير مدربين "قاسد" وهم المقاتلين الذين يضطرون للقتال ثم يعودون لمزاولة أعمالهم من زراعة وتجارة الفن والعمارة. كانت المدن في اليمن القديم كبيرة نسبياً مقارنة بغيرها من المستوطنات في شبه الجزيرة العربية وبُني غالبها بشكل مستطيل وتسمى المدينة "هِجَر" وهي أكبر من "قريتن" (القرية) كل المدن كانت مسورة وعليها أربعة أبراج وبابان متقابلان تفتح أبوابها من الفجر وتغلق مع مغيب الشمس مع بعض استثناءات للعواصم حيث يصل عدد أبواب المدينة إلى ستة أو سبع ويُبنى بجانب كل باب برجان حراسة يسهر الجنود على مراقبتها ليلاً ونهارًا وهذا بالنسبة للأبواب الرئيسية والتي كانت تؤدي إلى ساحة مسورة كذلك بها غرف للجنود ومن ثم باب إضافي يؤدي إلى المدينة أُستخدم الرخام لبناء أعمدة القصور والمحافد وصقلت الصخور بجعل نهايتها متطابقة ليسهل انطباقها وقاموا بنقر الرخام بالرصاص والحديد لتربط بين القطع فيصمد البناء أمداً طويلاً ولا يسقط أُقيمت الأعمدة على قواعد أكبر منها وصب فيها الرصاص لتقوية الدعائم وقد حرص المعماريون على إخفاء هذه القواعد بتزيينها برسومات لوعول أو ثيران وحيوانات لها دلالة دينية عندهم وقد تعمد المعماريون جعل الجدران الخارجية أقرب إلى واجهة الجدران الداخلية في أعالي البناء من القواعد، فتكون المسافة بين الجدارين عند السقف أقرب وأقصر منها عند القاعدة وذلك لأغراض اقتصادية للتقليل من استهلاك مواد البناء وتتكون الأعمدة من ثمانية أو ستة عشر ضلعاً تتكون تيجانها من ست درجات، ثلاث منها على هيئة نصف أسطوانة بطونها إلى الخارج وقاعدتها العمود، وثلاث على هيئة صفائح مستطيلة ذات ستة عشر ضلعًا. وهذا الطراز المعماري الموجود في القصور القديمة يمثل طابعاً عربياً جنوبياً أصيلاً لم يتأثر بالخارج ولكن مع ذلك فقد أخذ السبئيون بعض الخصائص المعمارية من الشعوب التي اتصلوا بها مثل اليونان والمصريين ووجدت آثار محاولات لمحاكاة الطراز المعماري في تلك المناطق وقد لاحظ الآثاريون من فحص لمواقع قديمة أنهم استخدموا حجارة منحوتة بأشكال مربعة لتبليط المدن وقاموا بتبليط الطرق التي تصل المدن ببعضها البعض منها طريق يصل بعضها لأربعة أو خمسة أميال وكانت الطرق داخل المدن مرصوفة بحجارة منحوتة وضعت فوق بعضها وأُستخدم الجبس لتثبيتها وعُثر على آثار لاستخدام الإسفلت العمارة في اليمن القديم وطراز البناء لا يختلف كثيرًا عن ما هو ظاهر اليوم في اليمن على الأبنية، هناك اختلاف بلا شك ولكن من فحص المواقع الأثرية ووصوف بعض كتب التراث لمباني وقصور في اليمن، يتضح أن الطراز المعماري اليمني القديم هو نفسه ما يُشاهد على أبنية البيوت في صنعاء وقد تعرضت الكثير من المباني الأثرية القديمة كقصر غمدان وقصر ذي يهر وقصر ريدان للهدم والإحراق في العصور الإسلامية إما لبناء أبنية جديدة أو لهدف التخريب كما فعل القرامطة بقصر ذي يهر القديم كان غالب البيوت تتألف من ثلاثة إلى خمسة طوابق كما استنبط علماء الآثار من دراستهم لعمق الحفر التي بُنيت عليها البيوت وتوجد جهة أو باحة خلفية لكل بيت تسميها نصوص خط المسند حسب اختلاف اللهجات، فالسبئيون سموها "خلفتن" (خلفية) ووجد بها آثار لزراعة ويطلق على النوافذ لفظة "مصبح" كونها الجهة التي يدخل منها النور أما الزجاج الملون الذي يوضع مكان بعض النوافذ فسماه السبئيون "مولج" ولا زال اليمنيون يستخدمونه ويسمونه "التخريم" وللسلالم التي تقود للطبقات العليا لفظة "علوه" في نصوص خط المسند أغلب البيوت بُني باستخدام الحجارة بعد نحتها ويتم تثبيتها باستخدام الجبس ومادة "الزلت" ويُعتقد أنها الزفت والرصاص ويشار للسقف بلفظة "مسقف" عند السبئيين وتُغطى الجدران الداخلية للمنازل بأخشاب عليها رسومات بدلالة دينية كصور للوعول أو الثيران وتُسمى الزخرفة والتزيين "موسم" بلغة السبئيين وعثر الآثريون على آثار لزيوت طُليت فجوات الحجارة لتقليل الرطوبة وتسرب الماء لداخل البيت وكان الملوك والطبقات الثرية والتجار يكسون أعمدة بيوتهم وأبوابهم ذهبا وفضة عدد من المبان والقصور القديمة أصبحت مساجد مثل قصر غمدان والذي أصبح يُعرف بالجامع الكبير وجامع الجند في تعز فهذه المبان لم تبنى بوصول الإسلام إلى اليمن فالملاحظ فيها هو تشابهها مع أبنية المعابد القديمة مبانٍ قليلة للغاية تمت دراستها فأبحاث حديثة وأوسع قد تغير الاستنتاجات الحالية بشأن العمارة اليمنية القديمة المنحوتات. التماثيل والمنحوتات السبئية تختلف عن الحميرية أو القتبانية إلى حد ما. بشكل عام الفن اليمني القديم كله متشابه خلا بعض الاختلافات في الأساليب. وقد كتب عدد من المستشرقين أن الفنون كانت متأثرة باليونان ومرد ذلك فحصهم لعدد من التماثيل المكتشفة أغلبها حميري وقتباني وهي تشبه التماثيل اليونانية كثيرًا ولكن المكتشف قليل ولايفيد بتكوين صورة مكتملة عن الفنون اليمنية القديمة، فبعضها يشبه اليونانيين بالفعل ولكن غالبه انعكاس لثقافتهم وقد كان الفن يخدم أغراضاً عديدة، منها تمثيل للملوك وغالبها يوجد قرب المعابد وصور لكهنة وفلاحين ومقاتلين وراقصات كذلك وهي لها دلالات مهمة على واقع الحياة والثقافة في ذلك المجتمع القديم ومزيدا من الاكتشافات سيساعد على رسم صورة صحيحة ودقيقة عنهم، فاليمن لم يحظى بنفس القدر من الأبحاث كالذي حظت به بلاد أخرى ومعظم الأبحاث كانت فردية ومن قبل سياح فلا زال الغموض يحيط بهذا الجانب ولم يتسرع الباحثون بإطلاق الأحكام على الفنون في اليمن القديم. كان غالب المنحوتات مصنوع من البرونز وحجر الجير وعدد بسيط أُستخدم فيه الذهب والفضة. واستخدم البلاستيك والصمغ لتمثيل الشعر وهو سبب فقدان بعض التماثيل لشعر رأسها فالصمغ والبلاستيك لا يصمدان طويلاً. اختلفت الأعمال باختلاف الصانع وطبقة الشخصية المنحوتة فالأعمال المصورة للفلاحين والمزارعين البسطاء كانت بسيطة ومتواضعة أما الأعمال المصورة لطبقات ثرية فتظهر دقة عالية عمل النحاتون في اليمن على الحفر على الحجر أو المرمر فكانوا ينقشون الصور أو الآثار التي يريدون تخليدها على سطح المادة المحفور عليها هناك تماثيل تظهر رجالاً متقلدين لخناجر على أوساطهم ولا زالت هذه العادة في الملبس متواجدة إلى اليوم عند رجال القبائل وأًستنبط من التماثيل أن بعض السبئيين كان يحلق لحيته ويبقي على الشارب وقد كان السبئيون يعبرون عن شعر الوجه بنقط صغيرة وعن الشعر الأجعد بخوذة على الرأس مثل تمثال "معديكرب" الذي يعود للقرن السادس قبل الميلاد، فهو يظهر رجلا بمرتبة اجتماعية كبيرة أحاط القسم العلوي من جسده بيدين من جلد أسد وعبر عن اللحية بنقط على وجهه لا يُستطاع رؤيتها من بعيد وكان الرجل كاتم أسرار الملك ويظهر من التماثيل أن السبئيين كانوا يرتدون نعالاً ثقيلة وسميكة وتختلف الأزياء باختلاف الطبقة استعمل السبئيون الأحجار الكريمة لارتدائها كخواتم لليد بعد تزيينها بكتابات بخط المسند ولختم الوثائق والمستندات الرسمية وقاموا بنحت الأحجار لصنع الكراسي والأسرة وإن ذكر اليونان أنها ذهب وفضة فالغالب أنها مبالغة منهم وأستعملوا البرونز لصناعة المصابيح التي تضاء بالزيت وحرصوا على إقحام رموزهم الدينية فيها وقد ظهر اختلاف في المنحوتات عزاه بعض الباحثين إلى احتمالية أن يكون الصناع عبيداً جُلبوا من مناطق مختلفة بدلالة ظهور مؤثرات يونانية ومصرية وفارسية على طريقة الصناع فلم يكن كل النحاتة يمنيين وقد لا يكونون عبيداً بالضرورة فشعوب كثيرة استقرت باليمن خلال أيام ازدهارها وافتتحوا لهم مشاغل في البلاد أبرزهم اليونان مثل النحاث اليوناني "فوكاس" والذي عاش في اليمن آخر القرن الثاني للميلاد ولم يكن عبداً بل كان نحاتاً مقرباً من الملك الدين. لا زالت معارف الباحثين بشأن البانثيون اليمني القديم ضئيلة إلا أن طبيعته النجمية أو الكوكبية أمر لا جدال فيه يقول المستشرق الإنجليزي ألفريد فيليكس لندن بيستون أن الآثار القليلة المكتشفة للحضارات العربية الجنوبية تدل على حضارة متقدمة للغاية في زمنها بينما المعطيات عن مراحلها الأولى تكاد تكون شبه معدومة حاليًا فلا ينبغي للباحثين التسرع في إطلاق الأحكام والنظريات أهمهما نظرية ثالوث الشمس والقمر وإبنتهما كوكب الزهرة، فلا يمكن تأكيد نظريةٍ ما بشأن معتقدات السبئيين القديمة ما لم يقف الباحثون على مراحلهم الأولى فكل النظريات الحالية هي احتمالات ومحاولة فهم الدين اليماني القديم من خلال مقارنته بحضارات الشرق الأدنى من وجهة نظر إسلامية، فإن السبئيين اعتنقوا دين الملك سليمان بعد الزيارة الشهيرة التي قامت بها ملكة سبأ أو "بلقيس" كما عرفتها كتب التراث العربية الإله إيل كان أكبر آلهة السبئيين وهو إله قدَّسه العبرانيون بدلالة ظهوره في أسمائهم وهناك اعتقاد عند باحثين مسلمين أن السبئيين بقوا على دين سليمان لفترة ثم عادوا للوثنية ولكن لا آثار مُكتشفة حتى الآن تثبت ذلك بصورة قطعية أكبر آلهة البانثيون اليمني القديم هو عثتر وله عدة صفات فهو "عشتر شرقن" (عثتر الشرق) و"عثتر غربن" (عثتر الغرب) و"عثتر ذو قبضم" (عثتر ذو قبض) و"عثتر نورو" (نور عثتر) و"عثتر سمعم" (عثتر السميع) و"عثتر قهحم" (عثتر القدير) و"عثتر يغلن" (عثتر الموغل في الدمار) و"عثتر قهرم" (عثتر القاهر) هو إله اليمن الأكبر باختلاف القبائل والممالك، إله الأعاصير، القتال والانتقام، ممثل كوكب الزهرة والنسخة الذكرية من عشتار ووالد البشرية جمعاء الذي تغلب على الإله إيل الذي كان يطلب من اليمنيين أن يقدموا بناتهم أضاحي له ولم يعد يظهر (أو كان يظهر) إلا في أسمائهم الثيوفورية ككربئيل ويدعئيل وشرحبيل ووهبئيل وأوسئيل وما شابهها ذكر جواد علي أن عثتر هو النجم الثاقب المذكور في سورة الطارق في القرآن كان المجتمع متدينًا للغاية حتى أن اليونانيين لاحظوا ذلك وكتبوا أنهم أكثر تدينًا أو تعلقًا بالآلهة والأسحار أكثر من أي مجتمع آخر وكان مفهوم الدولة نفسها متمحورًا حول الإله قومي وأبنائه (الذين هم الشعب نفسه) وبُني لهذا الإله معابد يطلق عليها لفظة "حُرُم" وبنيت هذه الحُرُم بشكل دائري لتمسح لزائريها مريدي الطهارة الروحية الطواف حول أصنامهم الخاصة والتي كانوا يعتقدون أنها أبناء إلههم القومي الأكبر وكان هذا المفهوم ساريًا في كل ممالك اليمن القديم فالإله تألب ريام مثلاً، كان إلهًا سبئيًا بالفعل ولكنه إله مخصوص لقبائل همدان وكذا الحال مع "كهلن" (كهلان) أو بشكل أدق كاهل إله كندة ومذحج والإله قينان إله بني سخيم وقد تحولت هذه الآلهة إلى بشر كما يقرأ من سلسلة الأنساب التي وضعها الإخباريون فقد زعم الهمداني في الإكليل أن تألب ريام جد همدان الأكبر وجعل له زوجه هي "ترعة" وترعة في الحقيقة هو اسم معبد تألب ريام فجعل الإخباريون واليمنيون منهم تحديدًا الآلهة أجدادًا وكأنهم أحيوا سنة أجدادهم الذين هم بدورهم كانوا يعتقدون أنهم أبناء آلهتهم هذا لا يعني تجاهل الهمداني وكتابه الإكليل فهو على بعض أخطائه ومبالغته مثله مثل غالب ما كُتب عن التاريخ القديم في العصور الوسطى، إلا أنه أكثر كتب هذه العصور موثوقية ما تعلق بتاريخ اليمن القديم ووصوفاته مهمة بشأن العمارة والاقتصاد والسبب في أخطاء أبو محمد الهمداني هو أنه كان يحسن قراءة الحروف السبئية ولكنه أخطأ في ترجمتها فقد قرأ نص بالمسند يقول "تآلب ريام بعل ترعة" وتعني تألب ريام رب ترعة إلا أن الهمداني فهم كلمة بعل بمعنى زوج. إله سبأ القومي كان الإله المقه اسمه أصلاً هو "إل مقه" وتكتب "إلمقه" لا "المقة" ويعتقد أنه زوج الإلهة "شمس" ولم يكن بالضرورة إلهًا للقمر والآلهة "شمس" كانت آلهة الحميريين القومية وهو ما يعطي دلالة عن علاقتهم "الأخوية" المزعومة في كتب الإخباريين، فأهل الأخبار زعموا أن حمير اسم رجل كان أخًا "لكهلان" وكلاهما أبناء لسبأ بينما يستنبط من نصوص خط المسند أن آلهة الحميريين الكبرى كانت زوجة إله السبئيين الأكبر ودورها ضئيل جدًا في مجمع الآلهة السبئي كان إلمقه "سيد الأرض " أي إلهًا مسؤولاً عن الزراعة وجلب الأمطار وإلهًا محاربًا كذلك مسؤولاً عن حماية السبئيين وترمز النقوش له غالبًا على هيئة ثور هذا لا يعني أن الثور تجسيد له بل هي حيواناته المفضلة وأكثر السبئيون من التضحية بها إما تقربًا للآلهة وشكرًا لها على عطاياها أو لإتقاء غضبها وإبعاد الشرور والمصائب عنهم. وهناك سبب آخر لرمزية الثور إذ يترافق موسم حجهم الأصغر مع اقتران الشمس ببرج الثور معنى اسمه اختلف حوله الباحثون، فإيل هو الإله الكنعاني المشهور بينما كلمة مقه غامضة المعنى وأغلب الظن أنها بمعنى "قوي" وفسرها البعض بمعنى "معبد" فيصبح معنى إل مقه هو "رب المعبد" وكان السبئيون يلفظون حرف القاف كافا مثل كلمة مكرب هي "مُقرِب" أصلاً ويعتقد أن لاسم الملكة الأسطورية بلقيس علاقة به، فعدد من الإخباريين أورده بصيغة "يلمقه" وكذا ذهب الآثاري الأميركي ويندل فيليبس مؤمنًا أن لاسمها في كتب التراث علاقة بهذا الإله ويعتقد أنه كان أحد أبناء عثتر. فعثتر حسب معتقدات اليمنيين كلهم وليس السبئيين فحسب، كان والد البشرية جمعاء بمثابة آدم عند أتباع الأديان الإبراهيمية باختلاف بسيط. فزوجة عثتر لم تخرج منه بل العكس عثتر كان أنثى وخرج منها الذكر فتزاوجوا وخلفوا أبنائهم آلهة اليمن القديم الأربعة والذين هم بدورهم خلفوا آلهة آخرين لكل قبيلة كتألب ريام الهمداني و"كهلان" (كاهل) القحطاني (كندة ومذحج) ولم يكن إلمقه إلهًا للخصوبة، فقد ورد نص لقيل من قبيلة خولان يشكر فيه إلمقه على توفيقه في غزوة غزاها لإخماد تمرد في عسير وشفائه من جرح أصاب ساقه خلال الحملة وختم النص بدعاء لعثتر أن يهب له ذرية وهو نص متأخر إلى حد ما ويعود لعصر سيطرة حمير. وورد نص سبئي عن تقديم امرأة أربعة تماثيل من الذهب لعثتر لأنه منَّ عليها ووهب لها ثلاث بنات وولد واحد وكل النصوص المتعلقة بالخصوبة والنسل تشير إلى عثتر وهي دلالة أنه كان إلهًا للخصوبة كذلك بالإضافة لعثتر وإبنه إلمقه ثم أبنائه (على مايعتقد) وردت نصوص سبئية عن إله اسمه نسر وقد ورد ذكره في القرآن وكان إله قبيلة تدعى "ذو قلاع" وله شهر خاص به الآلهة هبس زوجة عثتر والآلهة ذات حميم وقد تكون كناية عن الشمس أو شي آخر وذات بعدان وذات غضرن وكل هذه الآلهة إناث وذُكروا كثيرًا في نصوص خط المسند ولم يرد نص أنهم ذُكروا وحدهم أو تقدموا على آلهة القبائل الرئيسية. بُني للإله إلمقه معابد رئيسية في صرواح ومأرب كمعبد أوام وبرأن وحوالي واحد وثلاثين معبدًا فرعيًا واكتشف له معبد بني في القرن الثامن ق.م في شمال أثيوبيا. كان المتعبدون يقصدون معبد أوام في مأرب في شهري "ذو أبهي" أو "ذبحي" و"ذو حجتن" (ذو الحجة) ويسمي المستشرقين معبد أوام "بالمعبد الفدرالي" كون كل "أبناء إل مقه" يجتمعون فيه مرتين في السنة ليؤدوا واجباتهم اتجاه آلهتهم ويقدموا الأضاحي ويقووا من الرابطة القبلية التي تجمعهم ويعد موسمًا للتربح كذلك إذ حرصت الدولة على فرض ضرائب لداخلي المعبد ويعفى المعبد نفسه عن تسديد أي ضريبة يحضر الموسمين كل طبقات المجتمع من الملك مرورًا بالأقيال والأذواء وسواد الناس إلى العبيد المسخرة وقد يحضر ممثلون من ممالك مجاورة كذلك ويتم إقامة الولائم من الأضاحي عقب الطواف في قاعات مخصصة لذلك وكل مملكة من الممالك الأربعة كان لديها نظام مشابه وكلها ذات هدف واحد وهو إثبات "فدرالية" الدولة والحرص على إبقاء الرابطة القبلية التي تجمع القبائل "بأبائها الآلهة" ويلاحظ أنه فور سيطرة الحميريين وإلغائهم النظام "الفيدرالي"، قاموا بتوحيد جميع الآلهة في إله واحد. يتخلل موسم بالإضافة للطواف أو "طوف" والولائم، جلسات اعتراف للكهنة بالذنوب وتمنع النساء منعًا قطعيًا من دخول الحرم في فترة الحيض أغلب المعابد بني في قمم الجبال وبعضها اتخذ صبغة إسلامية مثل جبل النبي شعيب الذي كان موقعًا لمعبد قديم لا علاقة له بشعيب هذا خلال سيطرة أسر من قبيلة همدان واعتبارهم "هجر صنعو" (مدينة صنعاء) عاصمة ومركزًا لهم، ادعى الهمدانيون أن إلههم تألب ريام ترك لهم كتابة بخط المسند قائلا فيها: "لقد عليتنن سم ذبحي من حضرن لمقه ذي مرب" وترجمتها أنه أعلى أو رفع شأن اسم شهر ذبحي من الحضور أو الذهاب لمقه (ذي مأرب). وللباحثين عدة تفسيرات للنص منها أن قبيلة همدان أرادت رفع شأن إلهها على باقي الآلهة وتحويل موسم الحج من مأرب إلى صنعاء، وعلى كل حال يبدو أن مساعيهم لم تنجح واستمر معبد أوام يؤدي دوره إلى القرن الثالث الميلادي ورغم ترك الحميريين للوثنية في القرن الرابع وتواجد المسيحيين واليهود فإن القرآن في سورة سبأ لم يذكر السبئيين بأنهم من أهل الكتاب وهي دلالة أنه مع نبوة النبي محمد كان لا يزال عدد من اليمنيين وثنيين. الاقتصاد. الزراعة والتجارة بما تنتجه الأرض كان عماد اقتصاد السبئيين وقد استطاع الباحثون الإسهاب في هذا الجانب من تاريخهم أكثر من جوانب أخرى للنصوص المكتشفة المتعلقة بالزراعة وتنظيمها من قوانين كانت تكتب على صخور كبيرة توضع على مدخل السوق إن كانت متعلقة بتجارة أو تحفظ في المعابد ما تعلق الأمر بالضرائب والمزروعات ويختلف اليمنيون قديمًا وحديثًا بشأن نظرتهم للزراعة عن معظم سكان شبه الجزيرة العربية ومردَّ ذلك طبيعة بلادهم بدرجة أولى الماء قليل في شبه الجزيرة العربية بما فيها اليمن قديمًا وحديثًا وهو ما دفع السبئيين والمعينيين لإنشاء مستعمرات على طول الطريق التجارية عوضًا عن بناء حكومة مركزية ومجتمع كبير ولكن حظ اليمن من الأمطار أوفر رغم أنه غير منتظم وهزيل مقارنة بمناطق أخرى من العالم. وعدم انتظام الأمطار وهطولها بشكل مفاجئ قد يسبب كوارث طبيعية أهمها السيول ولا شك أن اليمن عانى منها فعمل السبئيون على بناء السدود للاستفادة من هذه السيول قدر المستطاع. وبالفعل فقد رويت أراضيهم أيام الاستقرار وجدبت أيام الاقتتال والنزاع القبلي، فكل الوارد في نصوص خط المسند عن تصدعات أصابت سد مأرب، كان يرد في فترات القتال والنزاع غالبًا لانشغال القبائل بالقتال وإهمالهم صيانة السدود. الزراعة. قاموا ببناء السدود لتجميع السيول في أحواض وتوجيهها الجهة التي يريدون عن طريق أبواب تفتح وتغلق حسب الحاجة ويعتبر سد مأرب أحد أقدم السدود في العالم وكان يروي ما يقارب 24,000 آكر (قرابة 98,000 كم مربع) وعده الباحثون معجزة تاريخ الجزيرة العربية ودفع السبئيون الأجور وقدموا المواد الغذائية للعمال الذين يقومون بصيانة السدود وبنائها إلا في حالات الطوارئ، فحينها كان الملوك يجبرون زعماء القبائل والمواطنين وكل من يجدونه أمامهم على العمل لتجنب الكارثة هناك اختلاف بين الباحثين حول مرحلة بناء السد، فقد مر بعدة أطوار وأبحاث أثرية حديثة قام بها المعهد الألماني للآثار تشير إلى نظم زراعية قرب مأرب تعود إلى الألفية الرابعة ق.م إلا أن السد الشهير نفسه يعود إلى القرن الثامن ق.م وبقي صامدًا يؤدي عمله حتى عام 575 ب.م بعض الباحثين أعاده إلى القرن العاشر ق.م تعرض لعدة تصدعات ولكن نهايته كانت في العام 575 بعد الميلاد لغياب حكومة مركزية واضطراب الأمن في البلاد وتدخل القوى الأجنبية (الفرس) واستقلال زعماء القبائل بإقطاعياتهم في القرن الثامن، وردت نصوص لمكاربة تشير إلى تعلية وإصلاحات على السد فبلغ طوله 577 متراً وعرضه 915 متر وهو ضعف سد هوفر الأمريكي وبُني في الجهة التي تسيل منها السيول فتمكن السد من حصر الماء وزُود بثقوب أو أبواب لتسمح بقدر أكبر من التحكم بجهة المياه عقب استقرارها في الحوض وتم اقتطاع حجارة السد من صخور الجبال ونحتت بدقة ووضعت فوق بعضها البعض واستخدم الجبس لربط الحجارة المنحوتة ببعضها البعض واستخدام قضبان إسطوانية من النحاس والرصاص يبلغ طول الواحدة منها ستة عشر مترًا وقطرها حوالي أربع سنتيمترات توضع في ثقوب الحجارة فتصبح كالمسمار فيتم دمجها بصخرة مطابقة لها وذلك ليتمكن من الثبات أمام خطر الزلازل والسيول العنيفة وقد بلغ عدد السدود السبئية قرابة الثمانين سدًا صغيرًا منها سد في نجران بحوض يسع مئة مليون غالون من الماء حسب تعليقات المستشرق الإنجليزي جون فيلبي أو عبد الله كما سمى نفسه عندما ادعى اعتناقه للإسلام ويطلق على السد لفظة "عرمن" (العرم) في كل اللهجات الصيهدية ويشار للأرض المزروعة نخلاً بلفظة "أنخل" وللأرض بنفس اللفظ المستخدم في العربية المستخدمة حاليًا "أرض" ولإضافة أداة التعريف يضاف حرف النون في آخر الكلمة (أرضن) والأرض التي تزرع عنباً بلفظة "أعنب" وعن الأرض الثرية والموفرة بألفاظ من قبيل "أثمر" و"موفرن" وكان العنب يُنتج مرتين في السنة وقد كان من أهم المحاصيل الزراعية وعرفت اليمن بجودة عنبها كانت الحكومة تمنع المزارعين من قطف المحاصيل ولديها أجهزة متخصصة لمراقبة المحصول لتحديد الضريبة أو تسديد ديون عليها لمالك الأرض. ويقال للدقيق "طحنم" (طحين) في نصوص المسند وذكر سترابو أن العسل مشهور في اليمن وأنه كثير جداً كان السبئيون يواجهون الآفات الزراعية بعدة أساليب أولها وأكثرها بدائية كان تسمية البستان باسم أحد الآلهة وتخصيص جزء من المحصول للإله إذا نجح في المهمة المطلوبة وحمى الزرع وقد يكون المقصود تقديم جزء من المحصول للمعبد وأكبر آفاتهم كان الجراد ويشير السبئيون إليه بلفظة "أربى" وعملوا على رش حقول القمح بتربة خاصة لحمايتها منه لم يكن إيصال المياه إلى الجبال والزراعة عليها أمراً سهلا مما اضطر السبئيين إلى تمهيدها على شكل مدرجات ولا زالت ظاهرة إلى اليوم في اليمن وقد ذكر اليونان ذلك وكيف أن جبال اليمن تبدو كسلالم وهو ليس نتاج الطبيعة بل لإن اليمنيين القدماء أرادوها كذلك لتسهل عليهم الزراعة في المرتفعات وللأسف قليل من هذه المدرجات أو "جروبن" (مفردها جربت أو جربة والجمع في اللغة الصيهدية يكون بإضافة الواو فيقال جروب لجمع جربة) بقي مزروعًا إذ أن غالبها تصحر نتيجة الإهمال عبر السنين وقام السبئيون مثل غيرهم من اليمنيين الآخرين ببناء الصهاريج لحفظ المياه وتزويدها بمجاري تحت الأرض تصل لعدة كيلومترات لإيصال المياه للسكن والمزارع ولا زالت الصهاريج تستخدم في أرياف اليمن وبنفس الطريقة القديمة كان في كل مقاطعة أو "هِجّر" مجلس مكون من "ثمينتن" (ثمانية) أعضاء لمناقشة القضايا الزراعية من ضرائب يدفعها المزارعون للحكومة إلى تقديم طلبات بحصص وقروض من خزانة الدولة وغالبًا ما تكون في المعبد لإمداد المزارعين أو ملاك الأراضي بصورة أدق وفرضت عقوبات على المزارعين الذين يتركون الأرياف ليعيشوا في المدن وهو ما يؤكد قول سترابو بشأن صرامة القوانين الاجتماعية. فكثير من المزارعين كان يترك الأرض ويذهب إلى المدينة خلال أيام القحط أو الاضطرابات وتسميهم نصوص المسند بلفظة "مهجرت" (مهجرة) وردت عدة نصوص عن معاملات زراعية في نصوص المسند وقد يؤجر المعبد أرضاً يملكها لمزارعين للاستفادة منها على أن يسدد المزارعين الأجرة سنوياً أو حسب العقد المتفق عليه مع الآلهة ولا تمضِ أي معاملة زراعية إلا بعد أن يحصل المتعاملون على قرار رسمي برضا الآلهة عن العقد التجارة. تصف نصوص خط المسند التاجر بلفظة "مكر" والتجار أدنى طبقة حسب السلم الاجتماعي اليمني القديم من الملوك والأقيال رغم أن هولاء الأقيال والملوك كانوا تجاراً كذلك ولم يفهم الباحثون ما إذا كان هناك طبقات بين التجار في المجتمع القديم. كانوا يتاجرون بما تنتجه الأرض من بخور ولبان ومر وكانوا محتكرين لتجارتها في العالم القديم وكانت سبباً أغسطس قيصر لغزو العربية السعيدة بعد عقده "صداقة" حسب مفاهيم الرومان مع الأنباط وهذا ما قاله سترابو، أن الإمبراطور أراد السبئيين أن يصبحوا أصدقاءًا لروما وهي ليست صداقة بالمعنى المعروف بل المقصود منها تبعية وخضوع لشروط الرومان والمتاجرة بالبضائع العربية الجنوبية بأرخص الأسعار لم يتم حلم الرومان وفنى غالب جيش أيليوس غالوس ووضع الرومان باللائمة على العطش وقلة المياه رغم وفرة المياه الناتجة من السدود وعلى دليلهم النبطي. وللباحثين في العصر الحديث عدة اعتراضات سترابو، فسترابو جغرافي ولكنه سياسي كذلك ويأمل الباحثون اكتشاف كتابات بخط المسند تشير إلى هذه الحملة للوقوف على سبب إخفاقها فالنصوص المكتشفة تمثل جزءًا بسيطًا من تاريخ البلاد وعُثر على أغلبه من سياح لا بعثات إسكتشافية منظمة لمعرفة الجانب الآخر من الحكاية خاصة أن الرومان غيروا أسلوبهم في التعامل مع "العربية السعيدة" عقب هذه الحملة وبدأوا بدعم مملكة أكسوم على الضفة المقابلة لليمن بعد حملة رومانية أخرى أخفقت كذلك بقيادة ابن سيبتيموس سيفيروس رغم أنه نجح في ضم في العربية الصخرية (أقصى الشمال الغربي) دومة الجندل تحديدًا كان السبئيون وكل اليمنيين القدماء يتاجرون بما تنتجه أرضهم ويشترونه من الهند وكانت لهم سيطرة على سواحل أفريقيا كونها أحد مصادر اللبان والبخور كذلك وقد ذكر اليونان أن سيطرتهم كانت تمتد حتى تنزانيا وردت في العهد القديم عدة نصوص تلمح إلى قوافل السبئيين وتجارتهم منها أنهم سيأتون بالذهب معظمين لمسيح اليهود المنتظر وهذه النصوص توافق الوارد عنهم في كتب الرومان واليونانيين ما شأنه أنهم تجار بخور وطيب وذهب وأحجار كريمة وعن تواجد سبئي في تيماء وعن سياراتهم (قوافلهم) وهذه النصوص عن تواجد سبئي في شمال غرب الجزيرة العربية تؤيدها نصوص آشورية ولكنها كانت مستعمرات تجارية لا أكثر فكل هذه النصوص تشير أنهم كانوا يتاجرون بالطيب والبخور وكلها مزروعات كانوا يأتون بها من اليمن حيث موطنهم فأرض الحجر وتيماء ليست بأراض زراعية، فيُحتمل أن ملكة سبأ الوارد ذكرها في العهد القديم والقرآن إن ثبت وجودها والملك سليمان من ناحية أثرية، كانت ملكة على إحدى هذه المستعمرات الكتاب المقدس لم يذكر طبيعة الأرض التي قدمت منها ولكن القرآن ذكر أن مسكن سبأ "جنتان عن يمين وشمال" وهي دلالة أنها أرض زراعية واليمن وجنوب الجزيرة بشكل عام أكثر خصوبة من سواها من الأقاليم ويرجح عدد من الناقدين أن القصة مختلقة بالكامل من كتبة التوراة لإيجاد شاهد أجنبي ثري على ثروة سليمان وحكمته وعظمته وقد بلغت مملكة سبأ مبلغًا أعظم من أي أثر مكتشف لمملكة قد أقامها العبرانيون أو اليهود ليتعجب أي سبئي من بلاط سليمان أو حاشيته لم يأخذ إدورد جلازر برأي هومل بشأن ملكة سبأ وآمن الأثري الأمريكي الراحل ويندل فيليبس أن التنقيب في مأرب وما حولها سيؤدي للعثور عليها إلا أن مهمته التي قام بها في خمسينات القرن العشرين توقفت بسبب تهديدات بالقتل وعاد فيليبس إلى بلاده وتوفي بعدها بفترة قصيرة وبقيت جمعيته التي أسسها المعروفة باسم الجمعية الأمريكية لدراسة الإنسان (إنجليزية: The American Foundation For The Study of Man) تؤدي عملها إلى اليوم وقد أدرك العبرانيون ذلك بوصفهم السبئيين بأنهم أمة بعيدة خلال تهديد يهوه لأهل صور لبنان ببيعهم كعبيد إلى السبئيين "الأمة البعيدة" وهو ما يستنبط من خلاله أن مراكز السبئيين الرئيسية لم تكن قريبة منهم وما كان القريب إلا فرعاً أو مستعمرة ودلالة أن السبئيين كانوا من شراة العبيد والرقيق وهذه نصوص تدل على تجارة السبئيين وإن كان لا يُنبغي لها أن تؤخذ حرفياً لما يفسدها من التوجهات الدينية والسياسية المختلفة. أشار اليونان إلى تجار السبئيين وأنهم كانوا يتاجرون بالطيب وله نفس اللفظة في نصوص خط المسند والذهب والفضة ويصدرونها لأسواق العراق أو "عبر نهرن" (عبر النهر) كما كان يسميها السبئيين بالإضافة للمر أو "أمرر" في النصوص القديمة والصبر وهذه كلها كانت تنتج في اليمن وشرق أفريقيا أما المسك والعود فقد كان السبئيون وكل العرب الجنوبيين يستوردونه من الهند إذا كان تجار مملكة حضرموت أكثر اتصالاً بالهند منهم ولهم سيطرة على ظفار، ولا شك أن السبئيين كانوا يشترونه منهم ومن ثم يتاجرون به والعلاقة الاقتصادية بين الممالك الأربعة في اليمن القديم لا تزال غير واضحة إلا أنه في فترات السلم كان هناك تعاون اقتصادي من نوع ما وقد سار السبئيون وقبلهم المعينيين وفق سياسة توسع تجارية فكانوا يسيطرون على غرب الجزيرة العربية من خلال مستعمرات ومهدوا الطرق للقوافل ووضعوا حراسات على هذه المواضع لحراستها من الأعراب وغالبهم كانوا قطاع طرق ولا شك أن أهل يثرب كانوا إحدى هذه الأغراس التي غرسها السبئيون على الطريق التجارية وهذا للقوافل المتجهة للشام ومن ثم إلى مصر أما للقوافل المتجهة نحو العراق فقد مهدوا الطريق من نجران مرورٌا بنجد حيث مملكة كندة القديمة لحماية القوافل المتجهة للعراق وفارس كان هناك صناعات مثل الدباغة والخياطة والحدادة والنجارة فالسبئيون كانوا أهل حاضرة وليسوا أعراباً ولكن لا توجد دلائل أنهم صدَّروا مصنوعاتهم للخارج باستثناء الجزيرة العربية حيث ورد في كتب التراث عن جودة السيوف اليمانية وأن بردة النبي محمد ونعاله كانت من اليمن ويُطلق على الذهب لفظة "ذهبن" وعلى الفضة "صرفن" في نصوص خط المسند ورغم كتابات اليونان التي وصفت آنية الأكل والشرب عند اليمنيين بأنها ذهب وفضة، الغالب أنها مبالغة منهم فقد أُستخدم الرصاص لصنع الأكواب والصحون ونوع من السيوف كذلك بالإضافة للتجارة والزراعة، فإن موانئ اليمن وبالذات ميناء المخا وعدن كانا من أهم الموانئ في العالم ومصدر دخل مرتفع من الضرائب التي يفرضها السبئيون على السفن وفرصة للتجار للتواصل مع العالم الخارجي وتبادل المنتوجات معهم اللغة والخط. كان السبئيون يتحدثون باللغة السبئية وهي فرع أو لهجة من العربية الجنوبية القديمة وهي لغة سامية. الأبحاث القديمة في القرن التاسع عشر جعلتها من ضمن اللغات السامية الجنوبية إلا أن أبحاثاً حديثة تجعلها فرعًا ثالثًا من السامية الوسطى والمسألة لا زالت موضع نقاش بين المختصين فالتصنيفات الداخلية للغات السامية صعبة عمومًا. المميز في اللغة العربية الجنوبية القديمة هو تقديمها لأداة التعريف "نون" في آخر الكلمة هو ما لم يوجد في أي لغة سامية أخرى أما ما يميز اللهجة السبئية عن باقي اللهجات العربية الجنوبية القديمة هو استخدامها للحرف "هاء" كأفعال سببية فيقول السبئيون "هحدث" بمعنى "سأفعل" بينما العرب الجنوبيين الآخرين يستعملون الحرف سين أما للتدوين فقد كان السبئيون يخلدون ذكراهم بكتابة شواهد باستخدام خط المسند أو "متسندن ـ م ت س ن د ن " كما كانوا يطلقون عليها. وهي كتابات تتعلق بتقديم القرابين أو لتخليد انتصار وبناء منزل وما شابهها من الأنشطة. أما للمعاملات اليومية فقد استخدموا الزبور أو "زبرن" الأبجدية العربية الجنوبية القديمة تتكون من تسعة وعشرين حرف ودونت في أوائل الألفية الأولى وهو ما يجعلها من أقدم الأبجديات في العالم وعدّها اللغويون أبجدية شقيقة للفينيقية ولم تُقتبس أو تتطور عنها وهي فرع من أبجدية سينائية أولية حسب بعض النظريات حسونة بن عبد الله النواوي الحنفي (1255 - 1343 هـ) شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية، كان من نوابغ رجال الأزهر، وعمل بتدريس الفقه في كليتي الحقوق، ودار العلوم. ووضع مؤلفًا بعنوان «سلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين»، وقد رزق هذا الكتاب الذيوع والانتشار، واشتهر شهرة واسعة جعلت القائمين على نظارة المعارف يقررون تدريسه بالمدارس الأميرية. مولده ونشأته. ولد بقرية نواي بمركز ملوي بمحافظة المنيا سنة 1255 هـ، ولما ترعرع حضر إلى الأزهر وتلقَّى به العلم على شيوخ وقته، وكان حضوره الفقه الحنفي على الشيخ عبد الرحمن البحراوي، والمعقول على الشيخ محمد الإنبابي، والشيخ علي بن خليل الأسيوطي وغيرهم، وامتاز بقوة الحفظ، وجودة التحصيل، وشدة الذكاء، واستمر في دراسته حتى حصل على شهادة العَالِمية. مناصبه. عيّن أستاذاً للفقه بكلية دار العلوم، وفي مدرسة الحقوق، قبل أن ينتدب وكيلا للأزهر الشريف سنة 1894، تم تعيينه في مشيخة الأزهر الشريف في 8 من محرم سنة 1313 هـ الموافق آخر يونيو عام 1895 م خلفاً للشيخ الإنبابي بعد أن استقال الأخير، كما صدر قرار بتعيين فضيلته في المجلس العالي بالمحكمة الشرعية في العام نفسه مع بقائه شيخًا للأزهر الشريف، ثم في عام 1899 أصدر الخديوي قرارًا بتنحيته في 25 من المحرم سنة 1317 هـ الموافق 4 يونيو عام 1899 م وتولية ابن عمه الشيخ عبد الرحمن القطب النواوي بعد أن عارض ندب قاضيين من مستشاري محكمة الاستئناف الأهلية ليقوما بمشاركة قضاة المحكمة الشرعية في الحكم. وفي 16 من ذي الحجة سنة 1324 هـ الموافق 30 من يناير 1907 م، أعيد الشيخ حسونة إلى مشيخة الأزهر مرة ثانية بعد أن توالى على المشيخة أربعة من المشايخ بعد الفترة الأولى لمشيخة الشيخ حسونة النواوي، ولكنه آثر ترك المنصب بعد أقل من ثلاث سنوات، فاستقال في 1327 هـ. تولى منصب الإفتاء جنباً إلى جنب مع مشيخة الأزهر في الفترة ما بين عام 1895 إلى عام 1899، وأصدر خلال هذه الفترة حوالي 287 فتوى. وفاته. توفي في صباح الأحد 24 من شوال سنة 1343 هـ/ 1924 م. المراجع. د. محمد الجوادي في كتابه «أصحاب المشيختين: سيرة حياة خمسة من علماء الأزهر جمعوا بين مشيخة الأزهر والإفتاء». مكتبة الشروق الدولية.القاهرة 2008. مملكة حضرموت هي مملكة قديمة قامت في جنوب جزيرة العرب وكانت عاصمتها شبوة ذكر اليونانيون والرومان حضرموت بشيء من التحريف، هي إرابإسلرو، ونبوفراستوس باسم (لاتينية: Hadramyta) وذكرها كتبة العهد القديم باسم (عبرية: חֲצַרְמָוֶת Hazar maveth) وحرفياً تعني "فناء الموت" وأنه الابن الثالث من أبناء قحطان وحضرموت حسب نصوص العربية الجنوبية القديمة هو اسم قبيلة. البت في تاريخ حضرموت القديم أمر صعب لإن الكتابات المكتشفة أقل بكثير من نظيرتها السبئية ملوك حضرموت. وغيرهم وهم بنو حضرموت بن قحطان بن عابر قسمهم أهل النسب إلى تسعة أقسام : نبذة. ليس هناك اتفاق بين الباحثين عن مبدأ قيام هذه المملكة وما اكتشف من النقوش والآثار لملوك مملكة حضرموت يعتبر 1 % من تاريخ وهوية حضرموت القديم قبل سقوطها بيد تحالف كندة بالداخل مع الحميريين وآخر رحلة استكشافية كانت في موضع يقال له حريضة بحضرموت حيث عثر المنقبون على آثار لمعبد الإله سين يعود للألفية الأولى ما قبل الميلاد حضرموت اسم مركب لشعب من قوم قحطان بن عابر أول كتابة حضرمية مكتشفة على رأي الباحثين هي كتابة فيها الملك يفع يثع ابن ملك حضرموت صدق أيل أول ملوك معين التي أسسوها ملوك حضرموت حوالي 1020 ق.م حيث يكون ملك معين من نفس الأسرة الحاكمة في مملكة حضرموت وكان الغرض إنشاء مملكة معين لغرض تأمين خط التجارة الممتدة إلى الحجاز أنشأت لأسباب التقطع من عرب بني إسماعيل لتجارة مملكة حضرموت أرض العربية السعيدة المشهور بالبخور والطيوب واللبان والصبر إلى شمال الجزيرة العربية على رأي (مورد تمن - كليمان هوار - البرايت)، أيضاً في إحدى النقوش ذكر للملك الحضرمي يهرعش بن أبيشع يعود للقرن الخامس قبل الميلاد ويحكي النقش بناء سور لحماية حضرموت من الحِمْيَريين خط تصدير اللبان والبخور من حضرموت للعالم القديم. بدأ إنشاء الخط التجاري البري لتصدير المنتجات الحضرمية من اللبان والبخور إلى بلاد الرافدين و كنعان و مصر في حدود مابين القرنين التاسع عشر-السابع عشر قبل الميلاد ونتيجة ذلك الإزدهار والثراء الذي عكس على ملوك بلاد البخور بدأت تتشكل في المناطق التي تمر بها تلك القوافل عده دويلات مثل مملكة معين و مملكة أوسان ثم مؤخرا مملكة قتبان ومملكة سبأ وقد قامت معين بدور الوسيط مابين حضرموت وشمال الجزيرة العربية لمدة خمسة قرون وكانت دولتا قتبان وسبأ تنافسان الهيمنة على هذا الشريان المهم والذي يمثل لهم أسباب القوة والازدهار لما تكتسبة تلك الممالك من ضرائب جراء عبور هذه القوافل التي تحمل اللبان والبخور من حضرموت ثم عبر مدنهم إلى شمال الجزيرة والرافدين ومصر ويعتقد الباحثون سبب نشوء مملكة سبأ في المنطقة وقدومها من إثيوبيا إلى غرب اليمن هو محاولة الإثيوبيين إنشاء مملكة أو مستعمرة تكون بمثابة يد لهم بقرب خط البخور في الجزيرة العربية وتشير لذلك عدة نصوص كتبت بخط المسند عثر عليها في إقليم تجراي في اثيوبيا تعود لمكاربة "دولة دعمت وسبأ" من بينهم المكرب ردام بن سريت والمكرب رباح وابنة وعران والمكرب ليمان تعود لما بين القرنين التاسع-السابع ق.م في آخر الألفية الأولى قبل الميلاد بدأ الحضرميون بالتركيز على الخطوط البحرية للتجارة من أهم طرق التجارة البحرية في حضرموت بنى الحضارم ميناء خور روري القديم المتواجد في ظفار ضمن سلطنة عمان حالياً هناك نص من المسند الحضرمي مهم يعود للعام 85 بعد الميلاد يشير إلى ثائر إسمه يدعئيل بن رب شمس خرج على الحاكم في شبوة وجمع جمع من القبائل القحطانية خولان وكلب ويام وانتصروا في هذه الحملة وهذا النص هو أقدم النصوص الذي يشير إلى قبيلة يام وقبيلة كلب ولم تذكر نصوص المسند الياميين من قبيلة أو شعب همدان كما هو وارد في كتب النسابة وأهل الأخبار بل يظهر أنهم مشرب من مشارب حضرموت مباشرة واقعة انتصار "يدعئيل بن رب شمس" وكانت خلال الحرب بين ذي ريدان (حِمْيَر) وسبأ وكان الحضارم طرفاً فيها حتى سيطرت أخيرًا مملكة حمير على مملكة حضرموت بتحالفها مع كندة ومذحج في الداخل بقيادة شمر يهرعش حضرموت بن قحطان. وهم بنو حضرموت بن قحطان بن هود قسمهم أهل النسب إلى تسعه أقسام : الديانة. كان الحضارم يتعبدون الإله سين. المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث (بالإنجليزية: The European Council For Fatwa and Research ; بالفرنسية: Conseil européen pour la fatwa et la recherche) هي هيئة إسلامية متخصصة ومستقلة، تتكون من مجموعة من العلماء المسلمين من عدة أماكن من العالم. تم تأسيسها يومي 29 و30 مارس 1997 وذلك بمبادرة من اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا. يقع مقرها في دبلن في جمهورية أيرلندا. من أهم القرارات التي اتخذها المجلس هي الاعتماد على الحساب الفلكي للدخول في الأشهر القمرية وخاصة شهر رمضان وذلك في أوروبا خاصة وبقية العالم عامة وذلك بهدف توحيد المسلمين ولم شملهم وذلك في 2009. اللقاء التأسيسي. عقد اللقاء التأسيسي للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في مدينة لندن في بريطانيا بين 29 و30 مارس 1997، بحضور ما يزيد عن خمسة عشر عالما من علماء المسلمين. كان ذلك تلبية لدعوة من قبل اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا. في هذا اللقاء تم إقرار مسودة النظام الأساسي لهذا المجلس. أهدافه. حدد المجلس أهدافه كما يلي: وسائل تحقيق الأهداف. يعتمد المجلس لتحقيق أهدافه على عدة وسائل وهي: المؤتمرات (اللقاءات الدورية). منذ تأسيسه عقد المجلس 24 مؤتمرا أو ما يسميه لقاءات دورية: طريقة إصدار الفتاوى والقرارات. تصدر الفتاوى والقرارات باسم المجلس في الدورات العادية أو الطارئة بإجماع الحاضرين إن أمكن، أو بأغلبيتهم المطلقة، ويحق للمخالف أو المتوقف من الأعضاء إثبات مخالفته، حسب الأصول المعمول بها في المجامع الفقهية. وينص النظام الأساسي على أنه لا يحق لرئيس المجلس ولا لعضو من أعضائه إصدار الفتاوى باسم المجلس ما لم يكن موافقا عليها من قبل المجلس نفسه، ولكل منهم أن يفتي بصفته الشخصية، من غير أن يذيل فتواه بصفة عضويته في المجلس، أو أن يكتبها على أوراق المجلس الرسمية. القاضي الفقيه المستشار فيصل مولوي (مواليد 1941م طرابلس - 5 جمادى الآخرة 1432 هـ / 8 مايو 2011م لبنان)، داعية ومفكّر إسلامي، معروف في لبنان والعالم العربي والإسلامي والأوروبي. من العاملين في الحقل الإسلامي في لبنان، وكان رئيساً لجمعية التربية الإسلامية في لبنان وهو شغل منصب الأمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان، ورئيس بيت الدعوة والدعاة منذ تأسيسه سنة 1990 وعضو اللجنة الإدارية للمؤتمر القومي الإسلامي. ، في الوسط القاضي المستشار فيصل مولوي الأمين العام السابق للجماعة، وفي اليسار القاضي زكريا غندور في أوروبا. أمضى الشيخ فيصل مولوي في أوروبا خمس سنوات من 1980 حتى 1985. وأسس في فرنسا اتحاد الطلبة المسلمين، ثم اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وأنشأ الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية. وأصبح مرشداً دينياً لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا ثم في أوروبا منذ سنة 1986. وبقي على تواصل مع أكثر المراكز الإسلامية في أوروبا حتى وفاته. ساهم في تأسيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في المملكة المتحدة في آذار 1997 تحت رئاسة الشيخ يوسف القرضاوي وهو نائب الرئيس. أصبح العميد المؤسس للكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية في "شاتو شينون" في فرنسا منذ تأسيسها سنة 1990، وهي كلية للدراسات الشرعية بالمستوى الجامعي، وهي مخصّصة للمسلمين الأوروبيين أو المقيمين بصفة دائمة في أوروبا وسائر بلاد الغرب، واستمرّ في هذا المنصب حتىّ سنة 1994. وشغل منصب نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. العمل في الحقل الإسلامي. بدأ العمل في الحقل الإسلامي في عام 1955 وهو: وفاته. توفي يوم الأحد 5 جمادى الآخرة 1432 هـ الموافق 8 مايو 2011م ودفن في مسقط رأسه مدينة طرابلس. لقاءاته علي قناة الجزيرة. فيلم يرصد ذكريات وآثار العلامة الشيخ فيصل مولوي وتراثه السياسي والعلمي والفقهي المتنوع عبر التنقل في مختلف الأماكن التي عاش فيها سماحته، ومن خلال اللقاء مع أقرب المقربين إليه سواء من عائلته أو أصدقائه أو شركائه في عمله السياسي والاجتماعي والعلمي، وينسج الفيلم بين الروايات المختلفة لمن عايشوا الشيخ في مناطق ومجالا تمتعددة، ليشكل هذا النسيج الجمعي في الرواية إضاءة مكثفة على حياة الشيخ وتراث وتجربته. ذو الشرى ومعناه «سيد الجبال» أحد آلهة العرب قديماً، يعتبره الأنباط كبير الآلهة وإله السماء، كان معبوداً في المنطقة، حيث يظهر واضحاً في نقوش الأبنية في منطقة حوران السورية، وفي وفي النقوش المنحوتة على الصخور في البتراء ومدائن صالح في شمال غرب الجزيرة العربية.