abdullah's picture
Add files using upload-large-folder tool
592b04b verified
raw
history blame
22.9 kB
1
00:00:04,990 --> 00:00:10,350
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و
2
00:00:10,350 --> 00:00:15,190
أصلي و أسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
3
00:00:15,190 --> 00:00:21,810
أما بعد، يسعدني أنا الباحث و الطالب مهيب جميل محمد
4
00:00:21,810 --> 00:00:26,430
أبو الأعوار، و تحت شرفي الدكتور الفاضل وليد محمود
5
00:00:26,430 --> 00:00:32,290
أبو ندا، في كلية الأداب بقسم اللغة العربية في
6
00:00:32,290 --> 00:00:37,830
الجامعة الإسلامية بغزة، أن أقدم لكم هذا اللقاء
7
00:00:37,830 --> 00:00:43,310
المتواضع حول كتابي البصائر و الذخائر لأبي حيان
8
00:00:43,310 --> 00:00:52,980
التوحيدي، بداية نقف مع ترجمة مؤلف الكتاب وهو فيلسوف
9
00:00:52,980 --> 00:00:59,380
و متصوف و أديب بارع، ويعد من أعلام القرن الرابع
10
00:00:59,380 --> 00:01:05,410
الهجري، هو علي ابن محمد ابن العباس التوحيدي، و كنيته
11
00:01:05,410 --> 00:01:10,590
أبو حيان، فقد اختلف في نسبته إلى التوحيد، وإن رجحت
12
00:01:10,590 --> 00:01:15,350
نسبته إلى نوع من تمور العراق يطلق عليه التوحيد.
13
00:01:15,350 --> 00:01:20,530
كان والده يتاجر فيه، وقيل نسبة إلى المعتزلة الذين
14
00:01:20,530 --> 00:01:26,560
يلقبون أنفسهم بأهل العدل و التوحيد. كانت ولادته في
15
00:01:26,560 --> 00:01:32,540
عام ثلاثمائة و عشرة للهجرة في مدينة شيراز، بني ...
16
00:01:32,540 --> 00:01:39,360
أي نيسابور، و أقام أغلب حياته ببغداد. و كانت طفولته
17
00:01:39,360 --> 00:01:46,000
صعبة، فهو من عائلة فقيرة عاشت في حرمان و شظف من
18
00:01:46,000 --> 00:01:51,220
العيش، و عندما صار يتيماً بوفاة والده و انتقاله إلى
19
00:01:51,220 --> 00:01:56,680
كفالة عمه، لم يجد في كنافه إغراء المأمول، فوجد
20
00:01:56,680 --> 00:02:03,160
ملاذه بين الكتب، حيث عمل بمهنة الورّاقة، فصار موسوعياً
21
00:02:03,860 --> 00:02:08,880
حاول الاتصال بابن العميد و الصاحب ابن عباد و الوزير
22
00:02:08,880 --> 00:02:15,020
المهلبي، و لكنه كان يعود في كل مرة خائب الأمل. و لعلّ
23
00:02:15,020 --> 00:02:20,500
تكرار هذه الإحباطات على مدار حياته هو ما حداه إلى
24
00:02:20,500 --> 00:02:26,020
إحراق كتبه بعد أن قارب العمر نهايته، و لم ينج منها
25
00:02:26,020 --> 00:02:31,340
إلا ما نُسخ قبل ذلك. يبدو أبو حيان التوحيدي من خلال
26
00:02:31,340 --> 00:02:37,220
كتبه مثقفاً متنوع المصادر، واسع الاطلاع، على وعي
27
00:02:37,220 --> 00:02:43,120
بالحركة الثقافية، و اتصال ببعض رموزها في عصره، كما
28
00:02:43,120 --> 00:02:50,070
يبدو أديباً يمتاز أسلوبه بالترسل. و له من المؤلفات
29
00:02:50,070 --> 00:02:56,630
الكثير في عدة مجالات، أشهرها الإمتاع و المؤانسة
30
00:02:56,630 --> 00:03:02,210
و البصائر و الدخائر، وهو كتابنا الذي سنتحدث عنه في هذا
31
00:03:02,210 --> 00:03:07,990
اللقاء، و أيضاً كتاب الصداقة و الصديق و المقابسات و كتاب
32
00:03:07,990 --> 00:03:15,640
الهوامل و الشوامل و الإشارات الإلهية. و يعد أبو حيان من
33
00:03:15,640 --> 00:03:19,940
الشخصيات المثيرة للجدل حتى الآن، فما زال الناس فيه
34
00:03:19,940 --> 00:03:24,840
بين مادح و قاضح، و لعلّ تباين تلك المواقف يعود في
35
00:03:24,840 --> 00:03:31,380
جانب منه إلى شخصية الرجل، كما يعود في جانب آخر إلى
36
00:03:31,380 --> 00:03:40,190
ما نسب إليه أو تبناه هو من آراء و مواقف. و يعد أشهر
37
00:03:40,190 --> 00:03:45,610
من مدحه و شهد له بالإصلاح و التقوى تاج الدين السبكي
38
00:03:45,610 --> 00:03:52,210
و ياقوت الحموي، و ممن قدح فيه و اتّهمه بالضلال و الإلحاد
39
00:03:52,210 --> 00:03:57,510
و الزندقة الحافظ الذهبي و ابن الجوزي و ابن حجر
40
00:03:57,510 --> 00:04:04,380
العسقلاني. و كانت وفاته في شيراز عام أربعمائة و أربعة
41
00:04:04,380 --> 00:04:09,920
عشر للهجرة على أرجح الأقوال، و ذلك بعد هروبه من وعيد
42
00:04:09,920 --> 00:04:14,900
بالقتل من الوزير المهلبي بعد وشاية نالته من خصومه.
43
00:04:14,900 --> 00:04:21,580
و بعد أن أثرى المكتبة العربية بروائع الكتب، ننتقل
44
00:04:21,580 --> 00:04:28,610
للحديث عن كتاب البصائر و الدخائر. هذا الكتاب من أشهر
45
00:04:28,610 --> 00:04:35,490
موضوعات الاختيارات الأدبية و أجملها، و تضم النسخة
46
00:04:35,490 --> 00:04:45,210
المطبوعة بتحقيق الدكتورة وداد القاضي، و في الطبعة
47
00:04:45,210 --> 00:04:52,610
الأولى لعام ألف و تسعمائة و ثمانية و ثمانين ميلادية
48
00:04:53,220 --> 00:04:59,720
حتى تضم هذه النسخة سبعة آلاف و تسعة و سبعين قطعة
49
00:04:59,720 --> 00:05:05,460
أدبية اختارها أبو حيان من مروياته و قراءاته و
50
00:05:05,460 --> 00:05:10,380
أصدرها تباعاً في عشرة أجزاء ما بين سنة ثلاثمائة و
51
00:05:10,380 --> 00:05:15,730
خمسين للهجرة و ثلاثمائة و خمس و سبعين للهجرة. وقد
52
00:05:15,730 --> 00:05:20,410
وصلتنا تسعة منها
53
00:05:20,410 --> 00:05:25,130
في أجزاء متفرقة في مكتبات العالم في إسطنبول
54
00:05:25,130 --> 00:05:30,470
و Rambour و ميلانو و مانشستر و Cambridge. ننتقل للحديث
55
00:05:30,470 --> 00:05:35,890
عن سبب تأليف الكتاب. لقد ألف أبو حيان كتاب البصائر
56
00:05:35,890 --> 00:05:41,710
و الذخائر ليكشف لنا عن مدى غزارة علمه و وسعة ثقافته
57
00:05:41,710 --> 00:05:48,540
و رجاحة عقله، و لتزويد التراث الأدبي بأشكال نثرية
58
00:05:48,540 --> 00:05:55,560
متنوعة، كما أنه كتب ليكون مفيداً و مسلياً به تثقيف
59
00:05:55,560 --> 00:06:01,250
عميق و تعليم و متعة، فهو من الكتب النفيسة. لم يصرح أبو
60
00:06:01,250 --> 00:06:06,550
حيان باسم الأمير الذي جمع هذه الاختيارات له، و يفهم
61
00:06:06,550 --> 00:06:12,410
من مقدمة الجزء الثالث أنه جمعها لخزانة أحد متنفذي
62
00:06:12,410 --> 00:06:19,170
عصره. و من المؤكد أنه فرغ منه قبل تبيض كتابه أخلاق
63
00:06:19,170 --> 00:06:25,570
الوزيرين، وقد أتى في مقدمات أجزائه على تسجيل أصداء
64
00:06:25,570 --> 00:06:31,530
انتشار الكتاب في مختلف الأوساط، كقوله في مقدمة الجزء
65
00:06:31,530 --> 00:06:36,910
الثامن: "فمن قائل ما أحسن هذا الكتاب لو لا ما حواه
66
00:06:36,910 --> 00:06:42,850
من السخف و القادورة، و من قائل كل ما فيه ... كل ما فيه
67
00:06:42,850 --> 00:06:49,590
حسن لو خلُ من اللغة و النحو إلى آخره". وقد رأى أنه سيقع
68
00:06:49,590 --> 00:06:57,990
في أربعة آلاف صفحة. ننتقل للحديث عن منهج أبي حيان في
69
00:06:57,990 --> 00:07:04,070
الكتاب. ذكر أبو حيان في منهجه أنه توخّى أخبار
70
00:07:04,070 --> 00:07:10,230
القصارى دون الطوال، و النادرة دون الفاشية. من فقرة
71
00:07:10,230 --> 00:07:17,750
مكنونة و لمعة ثاقبة و إقناع مؤنس و عقل ملقّح و قول منقّح
72
00:07:17,750 --> 00:07:27,610
و حجة استخلصت من شوائب الشبه، و شبهة
73
00:07:27,610 --> 00:07:35,680
أنشئت من فرط الجهالة. و وصفه بأنه تذكرة لجميع ما
74
00:07:35,680 --> 00:07:40,880
حوته الأذن و حفظاه القلب، و ثبت في الكتب على طول
75
00:07:40,880 --> 00:07:48,850
العمر. آبط هزلاً و تحمل مزاحاً، و توشّح حكمة و فصاحة، و نشر
76
00:07:48,850 --> 00:07:55,750
حكم الله رواية و استخراجا، كما إن أسلوبه رائع جزل
77
00:07:55,750 --> 00:08:01,990
يلتزم المزاوجة، و لا يلتزم السجع، و لا يتفخّخ في
78
00:08:01,990 --> 00:08:08,150
الأسلوب على حساب المعنى، و لا يتذفّق في المعنى و ينسى
79
00:08:08,150 --> 00:08:13,890
الأسلوب. أهم القضايا التي يعالجها أبو حيان في كتابه
80
00:08:13,890 --> 00:08:21,830
البصائر و الذخائر، و منها علاقة الإنسان بالله الذي
81
00:08:21,830 --> 00:08:26,670
أودع العقول ما تمت به العبودية، و دفع عنها ما تعلق
82
00:08:26,670 --> 00:08:32,160
بالإلهية. قال له بعض أهل الشرف و الأدب: "لقد شقيت في
83
00:08:32,160 --> 00:08:38,020
جمعه". فقال: "لو قلت لقد ساعدت في جمعه لكان أحلى في
84
00:08:38,020 --> 00:08:45,770
عيني، و أولج في منافسي روحي". أما أهمية الكتاب فتأتي
85
00:08:45,770 --> 00:08:49,870
أهمية الكتاب من تعليقات أبي حيانة على كثير من
86
00:08:49,870 --> 00:08:54,270
اختياراته و تقيماته الأدبية لكثير من رجالات عصره،
87
00:08:54,270 --> 00:09:00,530
كقوله في الخليلي: "كان ذا لسان بليل و قلب مكوي له
88
00:09:00,530 --> 00:09:08,090
مذاهب استأثر بها و توحد فيها، و أشياء طريفة كان
89
00:09:08,090 --> 00:09:14,200
يكتمها". و قوله في أبي حامد المرور: "ذي شيخ أصحاب
90
00:09:14,200 --> 00:09:19,580
الشافعي، و أنبلوا من شاهدته في عمري، كان بحراً يتدفق
91
00:09:19,580 --> 00:09:24,620
حفظاً للسيار و قياماً بالأخبار و ثباتاً على الجدل، و كان
92
00:09:24,620 --> 00:09:30,380
من العرب من بني عامر". وقد أكثر من ذكر آرائه، حتى ذهب
93
00:09:30,380 --> 00:09:35,480
ابن أبي الحديد إلى القول: "و هذه عادته في كتابه
94
00:09:35,480 --> 00:09:40,320
البصائر، يسند إلى القاضي أبي حامد كل ما يريد أن
95
00:09:40,320 --> 00:09:48,120
يقوله هو من تلقائي نفسه". مصادر الكتاب، بين أبو حيان
96
00:09:48,120 --> 00:09:53,420
منذ البداية أنه اعتمد في هذا الكتاب على مجموعة من
97
00:09:53,420 --> 00:10:00,100
المؤلفات التي تقدّمته، و عدد بعضاً منها في مقدمته على
98
00:10:00,100 --> 00:10:06,980
الجزء الأول، فقال: "جمعت ذلك من كتب شتى، حكيت عن أبي
99
00:10:06,980 --> 00:10:14,460
عثمان عمر بن بحر الجاحظ الكِناني، و كتبه ... و كتبه هي
100
00:10:14,460 --> 00:10:20,880
الدر النثير و النور المطير و كلامه الصرف الحلال، ثم
101
00:10:20,880 --> 00:10:25,840
كتاب النوادر لأبي عبد الله بن زياد ... ابن زياد
102
00:10:25,840 --> 00:10:32,420
الأعرابي، ثم كتاب ... ثم كتابه الكامل لأبي العباس محمد
103
00:10:32,420 --> 00:10:38,060
بن يزيد الثماني، المحرّف بالمبرد، ثم كتابه عيون
104
00:10:38,060 --> 00:10:43,060
الأخبار لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكاتب
105
00:10:43,060 --> 00:10:48,080
الدينوري، ثم مجالساته ثعلب، ثم كتابه ابن أبي طاهر
106
00:10:48,080 --> 00:10:52,880
الذي وسمّه بالمنظومي و المنثور، ثم كتاب الأوراق
107
00:10:52,880 --> 00:10:58,360
للصولي، ثم كتاب الوزراء لابن عبدوس، و الحيوانات
108
00:10:58,360 --> 00:11:05,180
لقدامة، هذا إلى غير ذلك من جوامع للناس، مضافات إلى
109
00:11:05,180 --> 00:11:09,720
حفظ ما فاهوا به، و احتجوا له، و اعتمدوا عليه في
110
00:11:09,720 --> 00:11:15,540
محاضرهم و نواديهم و حواضرهم و بواديهم، مما يطول
111
00:11:15,540 --> 00:11:23,650
إحصاؤه و يملّ استقصاؤه. ننتقل للحديث و الوقوف على قيمة
112
00:11:23,650 --> 00:11:30,770
هذا الكتاب. لهذا الكتاب قيمة أدبية كبيرة أشار إليها
113
00:11:30,770 --> 00:11:37,770
المؤلف في مقدمته، حيث قال إنه أودع كتابه جميع ما في
114
00:11:37,770 --> 00:11:43,990
ديوان السماع، و رتّب ما أحاطت الرواية به، و اجتملت
115
00:11:43,990 --> 00:11:49,970
الرؤية عليه، كما قال إن القارئ سيشرّف منه على رياض
116
00:11:49,970 --> 00:11:55,990
الأدب و قرائح العقول من لفظ مصون و كلام شريف و نثر
117
00:11:55,990 --> 00:12:03,150
مقبول و نظم لطيف و مثل سائر و بلاغة مختارة و خطب محبة.
118
00:12:03,770 --> 00:12:10,770
و يكشف الكتاب بوضوح عن غزارة علمه و ثقافته الواسعة
119
00:12:10,770 --> 00:12:18,210
و اطّلاعه الهائل و قوة ذاكرته. و من أهم ما يشير إليه
120
00:12:18,210 --> 00:12:23,250
الكاتب أمانته العلمية في النقل، فكثيراً ما تقع على
121
00:12:23,250 --> 00:12:29,350
أمثال هذه العبارات: "هكذا قالت الثقات"، أو "هذا التفسير
122
00:12:29,350 --> 00:12:35,850
حفظته سماعا"، أو "أحكمته رواية"، أو "سمعت شيخاً من النحويين
123
00:12:35,850 --> 00:12:40,910
يقول" إلى غير ذلك مما يدل على الأمانة المطلوبة. و في
124
00:12:40,910 --> 00:12:46,790
الكتاب أحداث تاريخية مهمة، ربما لا يجرؤ إلا القليل
125
00:12:46,790 --> 00:12:53,000
على ذكرها خوفاً من بطش الخلفاء و الحكام، خوفاً من بطش
126
00:12:53,000 --> 00:12:59,340
الخلفاء والحكام مثل القصة التي ذكر فيها أن عليًّا
127
00:12:59,340 --> 00:13:04,200
بن أبي طالب استعمل ابن عباس على البصرة فأخذ من بيت
128
00:13:04,200 --> 00:13:09,780
المال وخرج إلى مكة وطالبه عليّ برده فرفض وقال لأن
129
00:13:09,780 --> 00:13:13,900
ألقى الله بجميع ما في الأرض من ذهبها وفضتها أحب
130
00:13:13,900 --> 00:13:19,780
إليه من أن ألقاه بدم غئن مسلم والسلام، للكتاب قيمة
131
00:13:19,780 --> 00:13:25,640
في الكشف عن حصيلة مطالعة التوحيدي وتجاربه، وعن
132
00:13:25,640 --> 00:13:31,700
اتجاه مناحي الثقافة عنده، وفي المجالس التي كان
133
00:13:31,700 --> 00:13:39,780
يرأسها أساتذته وأرباب المعرفة في زمنه، أما بالنسبة
134
00:13:39,780 --> 00:13:45,500
لتقسيم الكتاب فقد عني التوحيدي في المقدمة بذكر
135
00:13:45,500 --> 00:13:51,660
المصادر التي قرأها واستمد منها مادة كتابه، فذكر في
136
00:13:51,660 --> 00:13:59,060
المقام الأول كتب الجاحظ الذي تأثر التوحيدي
137
00:13:59,060 --> 00:14:04,240
بخطّه واقتدى به في حياته الفكرية.
138
00:14:08,560 --> 00:14:14,440
ويبدو للمطالع للكتاب مدى تأثير طريقة الجاحظ في
139
00:14:14,440 --> 00:14:18,480
التأليف أو في التأليف من حيث حشر الموضوعات
140
00:14:18,480 --> 00:14:24,620
المتنوعة دون ترتيب أو تبويب أو تصنيف، ومزج الجد
141
00:14:24,620 --> 00:14:33,500
بالهزل والهزل بالجد ترويحًا عن القارئ، ثم بدأ
142
00:14:33,500 --> 00:14:39,580
التوحيدي كتابه بالدعاء على طريقة الجاحظ، وبه فتح
143
00:14:39,580 --> 00:14:46,440
ذلك الكتاب ليفتح مستغلقة... ليفتح مستغلقة كل... كل
144
00:14:46,440 --> 00:14:52,740
باب... كل باب في نفس القارة، وجرى فيه على نسق بديع
145
00:14:52,740 --> 00:14:58,300
... على نسق بديع ممتاز رسم أعلى طريقة... أعلى طريقة
146
00:14:58,300 --> 00:15:04,780
كتابية للجزالة والإيقاع في مختلف عصور الأدب العربي
147
00:15:04,780 --> 00:15:09,540
التي تلت القرن الرابع الهجري، ثم يوجه كلامه إلى من
148
00:15:09,540 --> 00:15:15,760
ألف لأجله الكتاب بعد ثناء على كتب الجاحظ والمبرد
149
00:15:15,760 --> 00:15:21,660
وابن قتيبة وابن الأعرابي وثعلب والصولي وقدامة، ثم
150
00:15:21,660 --> 00:15:26,820
يرجع إلى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدة...
151
00:15:26,820 --> 00:15:33,220
وعدة فضلاء من جهابذة الفكر والقلم، مازجًا النثر...
152
00:15:33,220 --> 00:15:38,060
مازجًا النثر بال... مازجًا النثر بالشعر والأدب
153
00:15:38,060 --> 00:15:43,280
بالعلم والدين بالصوفية والحكمة بالمثل والتاريخ
154
00:15:43,280 --> 00:15:44,480
بالفلسفة.
155
00:15:47,090 --> 00:15:52,810
وسأعرض هنا مختارات
156
00:15:52,810 --> 00:16:00,610
من هذا الكتاب القيم، مدح رجل هشام بن عبد الملك فقال
157
00:16:00,610 --> 00:16:05,470
له: "هشام يا هذا إنه قد نهي عن مدح الرجل في وجهه"
158
00:16:05,470 --> 00:16:11,370
فقال له: "ما مدحتك وإنما ذكرتك نعم الله عليك لتجدد
159
00:16:11,370 --> 00:16:17,290
له شكرا"، فقال له هشام: "هذا أحسن من المدح"، وأمر له
160
00:16:17,290 --> 00:16:23,940
بصلة ثانيًا. قال فليح بن سليمان: "لقيت المنصورة في
161
00:16:23,940 --> 00:16:30,100
الطريق سنة توفي فيها"، فقال: "يا فليح كم سنوك؟" قلت
162
00:16:30,100 --> 00:16:35,920
ثلاثًا وستين سنة، قال: "هذه سنو أمير المؤمنين، أتدري
163
00:16:35,920 --> 00:16:41,300
ما كانت العرب تسميها؟ كانت تسميها دقاقة الرقاب".
164
00:16:41,950 --> 00:16:48,670
ثالثًا: قيل لأعرابي: "هل تحدث نفسك بدخول الجنة؟" قال
165
00:16:48,670 --> 00:16:53,550
والله ما شككت قط أني سوف أخطو في رياضها وأشرب من
166
00:16:53,550 --> 00:16:58,630
حياضها وأستظل بأشجارها وأكل من ثمارها وأتفيأ
167
00:16:58,630 --> 00:17:03,970
بظلالها وأترشف من قلالها وأستمتع بحورها في غرفها
168
00:17:03,970 --> 00:17:11,270
وقصورها"، قيل له: "أف بحسنة قدمتها أم بصالحة أسلفتها؟"
169
00:17:11,650 --> 00:17:17,770
قال: "وأي حسنة أعلى شرفًا وأعظم خطرًا من إيماني بالله
170
00:17:17,770 --> 00:17:22,870
تعالى وجحودي لكل معبود سوى الله تبارك وتعالى؟" قيل
171
00:17:22,870 --> 00:17:27,190
له: "أفلا تخشى الذنوب؟" قال: "خلق الله المغفرة للذنوب
172
00:17:27,190 --> 00:17:32,510
ورحمة للخطأ والعفو للجرم، وهو أكرم من أن يعذب
173
00:17:32,510 --> 00:17:38,190
محبيه في نار جهنم". فكان الناس في مسجد البصرة يقولون
174
00:17:38,190 --> 00:17:43,550
لقد حسن ظن الأعرابي بربه، وكانوا لا يذكرون حديثه
175
00:17:43,550 --> 00:17:49,110
إلا انجلت غمامة اليأس عنهم وغلب سلطان الرجاء عليهم.
176
00:17:50,680 --> 00:17:56,600
وختامًا، وقبل أن ننهي هذا اللقاء، فإني سأقف أو سأذكره
177
00:17:56,600 --> 00:18:03,420
مأخذين من مآخذ هذا الكتاب، وهما: أولًا أن هذا الكتاب
178
00:18:03,420 --> 00:18:09,830
لم يكن مرتبًا على الأبواب، وربما كما ذكرنا سابقًا أن
179
00:18:09,830 --> 00:18:18,370
سبب ذلك تأثره بابن المبرد والجاحظ في كتبه عندما
180
00:18:18,370 --> 00:18:24,490
نقل عنهم هذه الاختيارات. ثانيًا: عدم اهتمام المؤلف
181
00:18:24,490 --> 00:18:30,470
بالإسناد، حيث أشار إلى سبب حدفه للإسناد وهو أن
182
00:18:30,470 --> 00:18:38,100
الغرض يقرب والمراد يسهل، والإسناد يطيل ويمّل المستفيد
183
00:18:38,100 --> 00:18:44,700
على أن الإسناد زين الحديث وعلامة السنة وسبب
184
00:18:44,700 --> 00:18:50,100
الرواية، هذا وبارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير.