id
stringlengths
4
6
url
stringlengths
34
789
title
stringlengths
3
152
text
stringlengths
100
1.13M
210236
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB%20%D9%81%D9%8A%D9%87%20%D8%A3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%89%20%D9%8A%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%20%D8%B9%D9%86%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D9%84%D9%87%20%D8%A8%D9%87%20%D8%B9%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%85%D9%86%20%D8%B8%D9%84%D9%85%D9%87%20%D8%A8%D9%85%D8%A7%20%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D9%87%20%D9%85%D9%86%20%D9%82%D8%B5%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9%20%D9%88%D9%86%D8%B9%D9%8A%D9%85%D9%87%D8%A7
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/حديث فيه أن الله تعالى يصالح عن عبده الذي له به عناية من ظلمه بما يريه من قصور الجنة ونعيمها
قال أبو يعلى: حدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا عباد بن شيبة الحبطي، عن سعيد بن أنس، عن أنس، قال: بينا رسول الله جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر ؟ ما أضحكك يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ؟ فقال: " رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة، تبارك وتعالى، فقال أحدهما: يا رب، خذ لي مظلمتي من أخي. قال الله تعالى: أعط أخاك مظلمته. قال: يا رب، لم يبق من حسناتي شيء. قال [ص:40] الله تعالى للطالب: كيف تصنع بأخيك ؟ لم يبق من حسناته شيء. قال: يا رب، فليحمل عني من أوزاري ". قال: وفاضت عينا رسول الله بالبكاء، ثم قال. فقال رسول الله عند ذلك. إسناد غريب، وسياق غريب، ومعنى حسن عجيب. وقد رواه البيهقي، من حديث عبد الله بن بكر، به، وحكى عن البخاري أنه قال: سعيد بن أنس عن أبيه في المظالم لا يتابع عليه. ثم أورده البيهقي من طريق زياد بن ميمون البصري، عن أنس مرفوعا، بنحوه، وفيه نظر أيضا، وقد يستشهد له بما رواه البخاري في " صحيحه " أن رسول الله قال. [ص:41] وقد روى أبو الوليد الطيالسي، عن عبد القاهر بن السري، ورواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي، من حديثه، عن ابن لكنانة بن عباس بن مرداس السلمي، وفي رواية ابن ماجه، عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس أن رسول الله دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، فأكثر الدعاء، فأجابه الله تعالى. فقال. فلم يجبه تلك العشية، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء، فأجابه الله. فتبسم رسول الله ، فقال بعض أصحابه: يا رسول الله، تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها ؟ فقال. قال البيهقي: وهذا العفو يحتمل أن يكون بعد عذاب يمسهم، ويحتمل أن يكون خاصا ببعض الناس، ويحتمل أن يكون عاما في كل أحد. وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا صدقة بن موسى، حدثنا أبو عمران [ص:42] الجوني، عن قيس بن زيد - أو زيد بن قيس - عن قاضي المصرين شريح، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، أن رسول الله قال. وثبت في صحيح مسلم، عن أبي ذر، عن النبي في الرجل الذي يقول الله عز وجل قال: وضحك رسول الله حتى بدت نواجذه. وتقدم حديث ابن عمر في حديث النجوى. [ص:43] وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا سيار بن حاتم، أنبأنا جعفر بن سليمان، أنبأنا أبو عمران الجوني، عن أبي هريرة، قال: يدني الله تعالى العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه ليستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه، في ذلك الستر، فيقول تعالى. فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه، ويسر بها قلبه، فيقول الله تعالى فيقول: نعم، يا رب، أعرف. فيقول. قال: فيخر ساجدا، قال: فيقول الله تعالى أتعرف يا عبدي ؟ " فيقول: نعم، يا رب، أعرف. فيقول الله سبحانه. " فيخر ساجدا فيقول الله عز وجل. فلا يزال في حسنة تقبل، وسيئة تغفر، وسجود عند كل حسنة وسيئة، لا يرى الخلائق منه إلا ذاك السجود، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط. ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين الله عز وجل، مما قد وقفه عليه. وقال ابن أبي الدنيا: وقال أبو ياسر عمار بن نصر: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة، أو غيره، قال: من أوتي كتابه بيمينه أتي [ص:44] بكتاب في باطنه سيئاته، وفي ظاهره حسناته، فيقال له: اقرأ كتابك. فيقرأ باطنه، فيساء بما فيه من سيئاته، حتى إذا أتى على آخرها قرأ فيه. ويغبطه بها الأشهاد - أو قال: أهل الجمع - مما يقرءون في ظاهر كتابه من حسناته، ويقولون: سعد هذا. ثم يؤمر بتحويله، وقراءة ما في ظاهره، فيحوله، ويبدل الله عز وجل ما كان في باطنه من سيئاته، فيجعلها الله حسنات، ويقرأ حسناته حتى يأتي على آخرها، ثم يقول. فعند ذلك يقول لأهل الجمع: هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه [الحاقة: 19، 20]. قال: ومن أوتي كتابه وراء ظهره يأخذه بشماله، ثم يقال له: اقرأ كتابك. فيقرأ كتابه في باطنه حسناته، وفي ظاهره سيئاته، فيقرؤها أهل الموقف - أو قال: أهل الجمع - ويقولون: هلك هذا. فإذا أتى على آخر حسناته، قيل. ويؤمر بتحويله، فيقرأ سيئاته. حتى يأتي على آخرها، فعند ذلك يقول لأهل الجمع: يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه [الحاقة: 25 - 29]. وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول الله : " يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج - والبذج ولد الشاة - فيقول له ربه عز وجل: أين ما خولتك ؟ أين ما ملكتك ؟ أين ما أعطيتك ؟ فيقول: يا رب، جمعته وثمرته، وتركته أكثر ما كان. [ص:45] فيقول: ما قدمت منه ؟ فلا يرى قدم شيئا، فيطلب من الله الرجعة إلى الدنيا وليس براجع إلى الدنيا أبدا ". وحدثني حمزة بن العباس، أنبأنا عبد الله بن عثمان، أنبأنا ابن المبارك، أخبرنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، وقتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي ، نحوه، وزاد فيه. ثم ساقه من طريق يزيد الرقاشي، عن أنس، عن النبي بنحوه. وقد قال تعالى: ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم [الأنعام: 94]. وفي صحيح مسلم: أن رسول الله قال، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس ". وقال تعالى: يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد [البلد: 6، 7]. وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا سريج بن يونس، حدثنا سيف بن محمد، ابن أخت سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سليم، عن عدي بن عدي، عن الصنابحي، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله " لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ; عن عمره: فيم أفناه ؟ وعن جسده: فيم أبلاه ؟ [ص:46] وعن علمه: ما عمل فيه ؟ وعن ماله: من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ " وقد تقدم عن ابن مسعود نحوه. وروي عن أبي ذر قريب منه، والله أعلم. وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا سريج بن يونس، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الغضور بن عتيق، عن مكحول، قال: قال رسول الله وقد روي من وجه آخر موقوفا " على أبي الدرداء، رضي الله عنه، فالله أعلم. كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210237
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D9%85%D8%A7%20%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3%20%D9%8A%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%A9%20%D8%A8%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A6%D9%87%D9%85
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/فصل ما يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم
قال البخاري، رحمه الله: باب ما يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم. ثم أورد حديث عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله . [ص:47] وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا علي بن الجعد، ومحمد بن بكار، قالا: حدثنا هشيم، عن داود بن عمرو، وعن عبد الله بن أبي زكريا، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله . وقال البزار: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثني أبي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله . كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210238
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%AD%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3%20%D8%B9%D9%86%D8%AF%20%D8%A3%D8%AE%D8%B0%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%8A%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%A9
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/فصل حال الناس عند أخذ الكتاب يوم القيامة
قال الله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه [آل عمران: 106]. وقال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة [القيامة: 22 - 25]. وقال تعالى: وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة [ص:48] [عبس: 38 - 42]. وقال تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [يونس 26، 27]. وقال البزار: حدثنا محمد بن معمر، ومحمد بن عثمان بن كرامة، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي في قوله تعالى: يوم ندعو كل أناس بإمامهم [الإسراء: 71]. قال. ثم قال: لا نعرفه إلا بهذا الإسناد. ورواه ابن أبي الدنيا، عن العباس بن محمد، عن عبيد الله بن موسى العبسي، به. [ص:49] وروى أبو داود من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عن النبي قال. قالوا: يا رسول الله، فخبرنا من هم ؟ قال: وقرأ هذه الآية: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم [يونس: 62 - 64]. وروى ابن أبي الدنيا، عن بعض السلف، وهو الحسن البصري، أنه قال: إذا قال الله تعالى للملائكة: خذوه فغلوه [الحاقة: 30]. ابتدره سبعون ألف ملك، فتسلك السلسلة من فيه، فتخرج من دبره، فينظم في السلسلة كما ينظم الخرز في الخيط، ويغمس في النار غمسة، فيخرج عظاما، فتقعقع، ثم تسجر تلك العظام في النار، ثم يعاد غضا طريا. وقال بعضهم: إذا قال الله: خذوه. ابتدره أكثر من ربيعة ومضر. وعن معتمر بن سليمان، عن أبيه، أنه قال: لا يبقى شيء إلا ذمه، فيقول: أما [ص:50] ترحمني ؟ فيقول: كيف أرحمك، ولم يرحمك أرحم الراحمين ؟!. كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210239
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D9%85%D8%A7%20%D9%8A%D8%B1%D8%AC%D9%89%20%D9%85%D9%86%20%D8%B1%D8%AD%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D9%8A%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%A9
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/فصل ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة
قال ابن ماجه في الرقائق ; باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي ، قال. ورواه مسلم، عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، عن النبي ، بنحوه. وقال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله يقول: " إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المسلم بكل [ص:51] الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار ". انفرد به البخاري من هذا الوجه. ثم قال ابن ماجه: حدثنا أبو غريب، والإمام أحمد بن سنان، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله . انفرد به، وهو على شرط الصحيحين. ثم أورد ابن ماجه ما أخرجاه في الصحيحين من طرق عن أبي هريرة، عن النبي قال. وفي رواية. وفي رواية. وفي رواية. وكلها روايات صحيحة. وقد قال تعالى: كتب ربكم على نفسه الرحمة [الأنعام: 54]. وقال: ورحمتي وسعت كل شيء الآية: [الأعراف: 156]. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما [غافر: 7]. هذا إخبار من الملائكة عن الله سبحانه أنه وسع كل شيء رحمة وعلما. وقال: فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين [ص:52] [الأنعام: 147]. ثم أورد ابن ماجه حديث ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، عن النبي ، أنه قال له قلت: الله ورسوله أعلم. قال. ثم قال. وهو ثابت في صحيح البخاري، من طريق الأسود بن هلال، وأنس بن مالك، عن معاذ. وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سهيل بن عبد الله، أخو حزم القط‍عي، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، أن رسول الله قرأ - أو تلا - هذه الآية: هو أهل التقوى وأهل المغفرة [المدثر: 56]. قال. وقال ابن ماجه: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إبراهيم بن أعين، حدثنا إسماعيل بن يحيى الشيباني، عن عبد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كنا مع النبي في بعض غزواته، فمر بقوم فقال قالوا: نحن المسلمون. وامرأة تحصب تنورها، ومعها ابن لها، فإذا ارتفع وهج [ص:53] التنور تنحت به، فأتت النبي فقالت: أنت رسول الله ؟ قال. قالت: بأبي أنت وأمي، أليس الله بأرحم الراحمين ؟ قال. قالت: أوليس الله أرحم بعباده من الأم بولدها ؟ قال. قالت: إن الأم لا تلقي ولدها في النار. فأكب رسول الله يبكي، ثم رفع رأسه إليها، فقال. إسناده فيه ضعف، وسياقه فيه غرابة. وقد قال تعالى: لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى [الليل: 15، 16]. وقال تعالى: فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى [القيامة: 31، 32]. وقال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان، حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: قدم على النبي سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسعى، فإذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها، فأرضعته، فقال لنا النبي قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال: " لله [ص:54] أرحم بعباده من هذه بولدها ". ورواه مسلم عن حسن الحلواني، ومحمد بن سهل بن عسكر، كلاهما عن سعيد بن أبي مريم، عن أبي غسان محمد بن مطرف، به. وفي رواية. ثم قال ابن ماجه: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا عمرو بن هاشم، حدثنا ابن لهيعة، عن عبد ربه بن سعيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله . قيل: يا رسول الله، ومن الشقي ؟ قال. وفى إسناده ضعف أيضا. وفى صحيح مسلم من حديث أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال: قال رسول الله . وفي رواية. قال: [ص:55] فاستحلف عمر بن عبد العزيز أبا بردة بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات، أن أباه حدثه عن رسول الله ، قال: فحلف له. وفي رواية لمسلم أيضا، قال رسول الله . وقال ابن ماجه: حدثنا جبارة بن المغلس، حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن أبي بردة، عن أبيه، قال: قال رسول الله . وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا سعد أبو غيلان الشيباني، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، قال: قال رسول الله . كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210240
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D8%B0%D9%83%D8%B1%20%D9%85%D9%86%20%D9%8A%D8%AF%D8%AE%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9%20%D9%85%D9%86%20%D9%87%D8%B0%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9%20%D8%A8%D8%BA%D9%8A%D8%B1%20%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/ذكر من يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب
[ص:56] قال البخاري: حدثنا عمران بن ميسرة، حدثنا ابن فضيل، حدثنا حصين ( ح ) وحدثنا أسيد بن زيد، حدثنا هشيم، عن حصين، قال: كنت عند سعيد بن جبير، فقال: حدثني ابن عباس، قال: قال النبي . فقام إليه عكاشة بن محصن، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال. ثم قام إليه رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال. [ص:57] ورواه مسلم، عن سعيد بن منصور، عن هشيم به، بنحوه، وهو أطول من هذا. ثم أورد البخاري ومسلم أيضا من طريق يونس، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي بنحوه، وقال فيه: ثم قام رجل من الأنصار، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال. وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله قال. وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا إسماعيل، عن زياد المخزومي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، أول زمرة من أمتي يدخلون الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهم، صورة كل رجل [ص:58] منهم على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد ضوء كوكب في السماء، ثم هم بعد ذلك منازل ". ثم رواه الإمام أحمد، عن حسن، عن ابن لهيعة، عن أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة، عن النبي بنحو ما تقدم. وكذا رواه الإمام أحمد، عن ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، وفيه ذكر عكاشة. ورواه الطبراني من حديث إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة، كما سيأتي. حديث آخر: قال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال النبي . وقد رواه البخاري ومسلم، عن قتيبة، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، به. [ص:59] حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المسعودي، حدثني بكير بن الأخنس، عن رجل، عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله . قال أبو بكر، رضي الله عنه: فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى، ومصيب من حافات البوادي. حديث آخر: وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود، أن رسول الله أري الأمم بالموسم، فراثت عليه أمته، قال. فقال عكاشة: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فدعا له، ثم قام - يعني آخر - فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال. قال الحافظ الضياء: هذا عندي على شرط مسلم. طريق أخرى عنه: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، [ص:60] عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، عن ابن مسعود، قال: أكثرنا الحديث عند رسول الله ذات ليلة، ثم غدونا عليه، فقال. فقال النبي . فقام عكاشة بن محصن، فقال: ادع الله لي يا رسول الله، أن يجعلني من السبعين ألفا. فدعا له، فقام رجل آخر، فقال: ادع الله لي يا رسول الله أن يجعلني منهم. فقال. قال: ثم تحدثنا فقلنا: من ترون هؤلاء السبعين الألف ؟ [ص:61] قوم ولدوا في الإسلام، لم يشركوا بالله شيئا، حتى ماتوا ؟ فبلغ ذلك رسول الله ، فقال. حديث آخر: قال الطبراني: حدثنا محمد بن محمد الجذوعي، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب ". قيل: من هم يا رسول الله ؟ قال. ورواه مسلم عن يحيى بن خلف، عن المعتمر بن سليمان، عن هشام بن حسان، به، وعنده ذكر عكاشة، وليس عنده في هذه الرواية. وقال الحافظ الضياء: وقد روي عن عمران من غير طريق. حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله [ص:62] . فذكر حديثا، وفيه. وذكر بقيته. ورواه مسلم، من حديث روح، فلم يرفعه. وقد روى البزار عن عمر بن إسماعيل بن مجالد، عن أبيه، عن جده، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، عن النبي ، نحو الذي قبله سواء. حديث آخر: قال البزار: حدثنا محمد بن مرداس، حدثنا مبارك، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، عن النبي ، أنه قال. حديث آخر: قال البزار: حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا أبو عاصم العباداني، حدثنا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله . وهذا يحتمل أن يكون مع كل واحد من الألوف، ويحتمل أن يكون مع كل واحد من [ص:63] الآحاد، وهو أشمل وأكثر. وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن قتادة، عن أنس - أو عن النضر بن أنس، عن أنس - قال: قال رسول الله . فقال أبو بكر، رضي الله عنه: زدنا يا رسول الله. قال. وجمع كفيه. فقال: زدنا يا رسول الله. قال. فقال عمر: حسبك يا أبا بكر. فقال أبو بكر: دعني يا عمر، وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا ؟! فقال عمر: إن الله إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحد. فقال النبي . طريق أخرى عنه: قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي، حدثنا حميد، عن أنس، عن النبي قال. قالوا: زدنا يا رسول الله. قال. قالوا: زدنا يا رسول الله. وكان على كثيب، فحثا بيده، قالوا: زدنا يا رسول الله. فقال. وحثا بيده. قالوا: يا نبي الله، أبعد الله من دخل النار بعد هذا. قال الحافظ الضياء: لا أعلمه روي عن أنس إلا بهذا الإسناد. وقد سئل ابن معين عن عبد القاهر، فقال: صالح. [ص:64] حديث آخر غريب: قال الطبراني: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي، ومحمد بن يحيى بن منده الأصبهاني، قالا: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه، عن النبي ، قال. فقال عمير: يا رسول الله، زدنا. فقال " وهكذا ". بيده. فقال عمير: يا رسول الله، زدنا. فقال عمر: حسبك يا عمير. فقال: ما لنا ولك يا ابن الخطاب، وما عليك أن يدخلنا الله تعالى الجنة ؟ فقال عمر: إن الله تعالى إن شاء أدخل الناس الجنة بحفنة أو بحثية واحدة. فقال رسول الله . قال الحافظ الضياء: لا أعرف لعمير حديثا غيره. حديث آخر: قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا إسماعيل بن عياش، سمعت محمد بن زياد يحدث عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي ( ح ) وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي، والحسين بن إسحاق التستري قالا: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إسماعيل بن عياش، أخبرني محمد بن زياد، قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله يقول: وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا، مع كل ألف سبعين ألفا، لا حساب [ص:65] عليهم ولا عذاب، وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل ". واللفظ لابن أبي شيبة، وليس عند الطبراني. طريق أخرى عنه: قال أبو بكر بن أبي عاصم: حدثنا دحيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، وأبي اليمان الهوزني، عن أبي أمامة، عن رسول الله ، قال. قال يزيد بن الأخنس: والله ما أولئك في أمتك يا رسول الله إلا مثل الذباب الأصهب في الذبان. فقال رسول الله . قال الضياء: رجاله رجال الصحيح إلا الهوزني، واسمه عامر بن عبد الله بن لحي، وما علمت فيه جرحا. حديث آخر: قال الطبراني: حدثنا أحمد بن خليد، حدثنا أبو توبة، حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عامر بن زيد البكالي، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي، قال: قال رسول الله : " إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، [ص:66] ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا، ثم يحثي ربي تعالى بكفيه ثلاث حثيات " فكبر عمر، وقال: إن السبعين الأولى يشفعهم الله في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم، وأرجو أن يجعلني الله في أحد الحثيات الأواخر. قال الحافظ الضياء: لا أعلم بهذا الإسناد علة، والله أعلم. حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا هشام - يعني الدستوائي - حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، أن رفاعة الجهني حدثه، قال: أقبلنا مع رسول الله حتى إذا كنا بالكديد، أو قال: بقديد. فذكر حديثا فيه: ثم قال. ورواه يعقوب بن سفيان، عن آدم بن أبي إياس، عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، به. قال الحافظ الضياء: هذا عندي على شرط الصحيح، والله سبحانه أعلم. حديث آخر: قال الطبراني: حدثنا عمرو بن إسحاق بن زبريق [ص:67] الحمصي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني أبي، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان قال: سمعت رسول الله يقول. حديث آخر: قال الطبراني: حدثنا أحمد بن خليد، حدثنا أبو توبة، حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عبد الله بن عامر، أن قيسا الكندي حدثه أن أبا سعيد الأنماري حدثه، أن رسول الله قال. قال قيس: فقلت لأبي سعيد: أنت سمعت هذا من رسول الله ؟ قال: نعم، بأذني‌‌‌‌، ووعاه قلبي. قال أبو سعيد: فقال رسول الله . قال الطبراني: لم يرو عن أبي سعيد الأنماري إلا بهذا الإسناد، تفرد به [ص:68] معاوية بن سلام. وقال الحافظ الضياء: وقد رواه محمد بن سهل بن عسكر، عن أبي توبة الربيع بن نافع، بإسناده، قال أبو سعيد: فحسب ذلك عند رسول الله ، فبلغ أربعة آلاف ألف ألف وتسعمائة ألف، قال: فقال رسول الله . حديث آخر: قال البزار: حدثنا محمود بن بكر، حدثنا أبي، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله . فقام عكاشة فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فقال. فقال رجل آخر: ادع الله أن يجعلني منهم. قال. فسكت القوم، ثم قال بعضهم لبعض: لو قلنا: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنا منهم. قال. حديث آخر: رواه البيهقي في كتاب " البعث والنشور "، من حديث [ص:69] الضحاك بن نبراس، حدثني ثابت بن أسلم البناني، عن أبي يزيد المديني، عن عمرو بن حزم الأنصاري، قال: تغيب عنا رسول الله ثلاثا، لا يخرج إلا لصلاة مكتوبة، ثم يرجع، فلما كان يوم الرابع خرج إلينا، فقلنا: يا رسول الله، احتبست عنا، حتى ظننا أنه قد حدث حدث ؟ فقال. قال. الضحاك هذا قد تكلموا فيه، وقال النسائي: متروك. وتقدم في أحاديث الحوض من حديث سعيد، عن حذيفة، عن النبي في حديث طويل، وفيه. رواه الإمام أحمد. وذكر ابن الأثير في ترجمة عامر بن عمير، وكان قد شهد حجة الوداع، قال: قال رسول الله . قال: رواه ثابت البناني، عن أبي يزيد المدني عنه. [ص:70] حديث آخر: قال الطبراني: حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثنا أبي، حدثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك، قال: قال رسول الله . كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210241
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D8%B0%D9%83%D8%B1%20%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%AA%D9%81%D8%B1%D9%82%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%20%D8%B9%D9%86%20%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8%20%D9%88%D9%85%D8%A7%20%D8%A5%D9%84%D9%8A%D9%87%20%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%87%D9%85%20%D9%8A%D8%B5%D9%8A%D8%B1%20%D9%81%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9%20%D9%88%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%B1
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/ذكر كيفية تفرق العباد عن موقف الحساب وما إليه أمرهم يصير ففريق في الجنة وفريق في السعير
قال الله تعالى: وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون [مريم: 39]. وقال تعالى: ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون [الروم: 14 - 16]. وقال تعالى: فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون [الروم: 43]. وقال تعالى: ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون الآيات إلى قوله: وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين [ص:71] [الجاثية: 27 - 31] إلى آخر السورة. وقال تعالى: ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا [الزمر: 70، 71] الآيات إلى آخر السورة، وذكر أن هؤلاء سيقوا إلى الجنة، وهؤلاء سيقوا إلى جهنم، بعد موقف الحساب وانصرافهم عنه. وقال تعالى: يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ [هود 105 - 108]. وقال تعالى: وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير [الشورى: 7]. وقال تعالى: يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير [التغابن: 9، 10]. وقال تعالى: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [مريم: 85، 86]. وقال تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون [آل عمران: 106، 107]. والآيات في هذا كثيرة جدا، ولنذكر من الأحاديث ما يناسب هذا المقام، وهي مشتملة على مقاصد كثيرة غير هذا الفصل، وسنشير إليها. [ص:72] وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عثمان العجلي، حدثنا أبو أسامة، عن مالك بن مغول، عن القاسم بن الوليد، في قوله تعالى: فإذا جاءت الطامة الكبرى [النازعات: 34]. قال: حين سيق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار. إيراد الأحاديث في ذلك: قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني سعيد وعطاء بن يزيد، أن أبا هريرة أخبرهما عن النبي ( ح ). وحدثني محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، قال: قال أناس: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال ؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال ؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: " فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمع الله الناس فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا [ص:73] جاء ربنا عرفناه. فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. فيتبعونه، ويضرب جسر جهنم ". قال رسول الله قالوا: نعم، يا رسول الله. قال: " فإنها مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله عز وجل، فتخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق بعمله، ومنهم المخردل، ثم ينجو، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرجه، ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمر الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجونهم قد امتحشوا، فيصب عليهم ماء، يقال له: ماء الحياة. فينبتون نبات الحبة في حميل السيل، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار، فيقول: يا رب، قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فاصرف وجهي عن النار. فلا يزال يدعو الله، فيقول: لعلك إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ؟ فيقول: لا، وعزتك لا أسألك غيره. فيصرف وجهه عن النار، ثم يقول بعد ذلك: يا [ص:74] رب، قربني إلى باب الجنة. فيقول: أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك ! يا بن آدم، ما أغدرك ! فلا يزال يدعو، فيقول: لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ؟ فيقول: لا، وعزتك، لا أسألك غيره. فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره، فيقربه إلى باب الجنة، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: رب، أدخلني الجنة. فيقول: أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك يا بن آدم، ما أغدرك !. فيقول: يا رب، لا تجعلني أشقى خلقك. فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها، فإذا دخل فيها قيل له: تمن من كذا. فيتمنى، ثم يقال له: تمن من كذا. فيتمنى، حتى تنقطع به الأماني، فيقول: هذا لك، ومثله معه ". قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا. قال: وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه، حتى إذا انتهى إلى قوله. قال أبو سعيد: سمعت رسول الله يقول. قال أبو هريرة: ما حفظت إلا. وهكذا رواه البخاري من حديث إبراهيم بن سعد، عن الزهري، به، وزاد: فقال أبو سعيد: أشهد أني حفظت من رسول الله قوله، وهذا الإثبات من أبي سعيد مقدم على ما لم يحفظه أبو هريرة، حتى ولو نفاه أبو هريرة قدمنا إثبات أبي سعيد، لما معه من زيادة الثقة المقبولة، لا سيما وقد تابعه غيره من الصحابة، كابن مسعود، كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى. [ص:75] وقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا ؟ قال قلنا: لا. قال. قال: " ثم ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون. فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر، وغبرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون ؟ قالوا: كنا نعبد عزيرا ابن الله. فيقال لهم: كذبتم ; لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون ؟ قالوا: نريد أن تسقينا. قال: فيقال: اشربوا. فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله. فيقال لهم: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد. فيقال: ما تريدون ؟ فيقولون: نريد أن تسقينا. فيقال: اشربوا. فيتساقطون فيها حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يجلسكم وقد ذهب الناس ؟! فيقولون: إن لنا إلها كنا نعبده، فارقنا الناس، ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا [ص:76] يعبدون. وإنا ننتظر ربنا، عز وجل ". قال. قلنا: يا رسول الله، وما الجسر ؟ قال: " مدحضة مزلة، عليه خطاطيف، وكلاليب، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفة تكون بنجد، يقال لها: السعدان. المؤمن عليها كالطرف، وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل، والركاب، فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم، من المؤمنين يومئذ للجبار، إذا رأوا أنهم قد نجوا، في إخوانهم، يقولون: ربنا، إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا. فيقول الله تعالى: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوهم. ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدميه، وإلى أنصاف ساقه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه. فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه. [ص:77] فيخرجون من عرفوا ". قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرءوا: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها [النساء: 4]. " فيشفع النبيون، والملائكة، والمؤمنون، فيقول الجبار، عز وجل: بقيت شفاعتي. فيقبض قبضة، فيخرج أقواما قد امتحشوا، فيلقون في نهر بأفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة. فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، وإلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل في رقابهم الخواتيم، فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه. فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه ". وقال مسلم: حدثنا عبيد ‌‌الله بن سعيد، وإسحاق بن منصور، كلاهما عن روح، قال عبيد الله: حدثنا روح بن عبادة القيسي، حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود، فقال: نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا - انظر: أي ذلك فوق الناس - قال: فتدعى الأمم [ص:78] بأوثانها وما كانت تعبد، الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنتظرون ؟ فيقولون: ننتظر ربنا. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: حتى ننظر إليك. فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم، ويتبعونه، ويعطى كل إنسان منهم ; منافق أو مؤمن نورا، ثم يتبعونه، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك، تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفا لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة، فيشفعون، حتى يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل، ويذهب حراقه ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا، وعشرة أمثالها معها. وقال مسلم: حدثنا محمد بن طريف بن خليفة البجلي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وأبو مالك، عن ربعي، عن حذيفة، قالا: قال رسول الله . قال: " فيقول إبراهيم: لست [ص:79] بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما. فيأتون موسى. فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه. فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى محمد. فيأتون محمدا ، فيقوم ويؤذن له، وترسل الأمانة والرحم، فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق ". قال: قلت: بأبي أنت وأمي، أي شيء كمر البرق ؟ قال. قال. والذي نفس أبي هريرة بيده، إن قعر جهنم لسبعون خريفا. وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمارة القرشي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله : " يحشر الله تعالى الأمم في صعيد واحد، فإذا أراد أن يصدع بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون، فيتبعونهم حتى يقحمونهم النار، ثم يأتينا ربنا ونحن في مكان رفيع، فيقول: ما أنتم ؟ فنقول: نحن المسلمون. فيقول: ما تنتظرون ؟ فنقول: ننتظر ربنا. فيقول: هل تعرفونه [ص:80] إن رأيتموه ؟ فنقول: نعم. فيقول: وكيف تعرفونه ولم تروه ؟ فنقول: إنه لا عدل له. فيتجلى لنا ضاحكا، فيقول: أبشروا معشر المسلمين ; فإنه ليس منكم أحد إلا قد جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا ". وهكذا رواه الإمام أحمد، عن عبد الصمد وعفان، عن حماد بن سلمة، به مثله، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه، ولكن روى مسلم من حديث سعيد بن أبي بردة وعون بن عبد الله بن عتبة، عن أبي بردة، عن أبيه أبي موسى الأشعري، عن رسول الله ، أنه قال. كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210242
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D9%81%D9%8A%20%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3%20%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9%D9%87%D9%85%20%D8%AC%D9%87%D9%86%D9%85
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/فصل في ورود الناس جميعهم جهنم
قال الله تعالى: فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا الآيات إلى قوله: ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا [ص:92] [مريم: 68 - 72]. أقسم سبحانه بنفسه الكريمة أنه سيجمع بني آدم ممن كان يطيع الشياطين ويعبدها مع الله، عز وجل، ويطيعها فيما تأمره به من معاصي الله عز وجل، فإن طاعة الشياطين هي عبادتها، فإذا كان يوم القيامة جمع الشياطين ومن أطاعهم وأحضرهم حول جهنم جثيا، أي جلوسا على الركب، كما قال تعالى: وترى كل أمة جاثية [الجاثية: 28]. وعن ابن مسعود: قياما. وهم يعاينون هولها، وبشاعة منظرها، وقد جزموا أنهم داخلوها لا محالة، كما قال تعالى: ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا [الكهف: 53] وقال تعالى: ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم [الشورى: 22]. وقال: إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا إلى قوله: كان على ربك وعدا مسئولا [الفرقان: 12 - 16]. وقال تعالى: لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين [التكاثر: 6، 7]. ثم أقسم تعالى أن الخلق كلهم سيردون جهنم، فقال: وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا [مريم: 71]، قال ابن مسعود: قسما واجبا. وفى الصحيحين من حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي [ص:93] هريرة، أن رسول الله قال. وروى الإمام أحمد، عن حسن، عن ابن لهيعة، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، أن رسول الله قال التفسير "، أنه المرور على الصراط. والله أعلم. كما قال تعالى: ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا [مريم: 72]. وقال مجاهد: الحمى حظ كل مؤمن من النار، ثم قرأ: وإن منكم إلا واردها. وقد روى ابن جرير في " تفسيره " حديثا يشبه هذا، فقال: حدثني عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله يعود رجلا من أصحابه وعكا، وأنا معه، ثم قال: " إن الله [ص:94] يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة ". وهذا إسناد حسن. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، عن إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود: وإن منكم إلا واردها. قال: قال رسول الله . وهكذا رواه الترمذي من حديث إسرائيل، عن السدي، به، مرفوعا، ثم رواه من حديث شعبة، عن السدي به، فوقفه، وهكذا رواه أسباط عن السدي، عن مرة، عن ابن مسعود، قال: يرد الناس جميعا الصراط، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر كمر البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل، حتى إن آخرهم مرا رجل نوره على موضعي إبهامي قدميه، يمر يتكفأ به الصراط، والصراط دحض مزلة، عليه حسك كحسك القتاد، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس. وذكر تمام الحديث. وله شواهد مما مضى، ومما سيأتي إن شاء الله تعالى. [ص:95] وقال سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود، قال: يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم، فيمر الناس عليه على قدر أعمالهم ; أولهم كلمح البرق، ثم كمر الريح، ثم كأسرع البهائم، ثم كذلك، حتى يمر الرجل سعيا، حتى يمر الرجل ماشيا، ثم يكون آخرهم يتلبط على بطنه، ثم يقول: يا رب، لم أبطأت بي ؟ فيقول: لم أبطئ بك، إنما أبطأ بك عملك. وروي نحوه من وجه آخر عن ابن مسعود مرفوعا، والموقوف أصح. والله أعلم. وقال الحافظ أبو نصر الوائلي في كتاب " الإبانة ": أخبرنا محمد بن محمد بن الحجاج، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الربعي، حدثنا علي بن الحسين، أبو عبيد، حدثنا زكريا بن يحيى أبو السكين، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا أبو همام القرشي، عن سليمان بن المغيرة، عن قيس بن مسلم، عن طاوس، عن أبي هريرة، قال: قال لي رسول الله : " علم الناس سنتي وإن كرهوا ذلك، وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل [ص:96] الجنة فلا تحدثن في دين الله حدثا برأيك ". ثم قال: وهذا غريب الإسناد، والمتن حسن. أورده القرطبي. وقال الحسن بن عرفة: حدثنا مروان بن معاوية، عن بكار بن أبي مروان، عن خالد بن معدان، قال: قال أهل الجنة بعدما دخلوا الجنة: ألم يعدنا ربنا الورود على النار ؟! فيقال: قد مررتم عليها وهى خامدة. وقد ذهب آخرون إلى أن المراد بالورود الدخول، قاله ابن عباس، وعبد الله بن رواحة، وأبو ميسرة، وغير واحد. وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد البرساني، عن أبي سمية، قال: اختلفنا في الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن. وقال بعضنا: يدخلونها جميعا، ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله، فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعا - وقال سليمان مرة: يدخلونها جميعا. وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه، وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله يقول: " لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجا من بردهم ; ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا [مريم: 72]. لم يخرجوه في كتبهم، وهو حسن. [ص:97] وقال أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد، حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة السليطي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي‌‌‌‌، حدثنا سليم بن منصور بن عمار، حدثني أبي منصور بن عمار، حدثني بشير بن طلحة الجذامي، عن خالد بن دريك، عن يعلى بن منية، عن رسول الله قال. وهذا حديث غريب جدا. وقال ابن المبارك "، عن سفيان، عن رجل، عن خالد بن معدان، قال: قالوا: ألم يعدنا ربنا أنا نرد النار ؟ فيقال: إنكم مررتم عليها وهي خامدة. وفي رواية عن خالد بن معدان، قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا: ألم يقل ربنا أنا نرد النار ؟ فيقال: إنكم وردتموها فألفيتموها رمادا. وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، عن الجريري، عن أبي [ص:98] السليل، عن غنيم بن قيس، قال: ذكروا ورود النار، فقال كعب: تمسك النار للناس كأنها متن إهالة، حتى يستوي عليها أقدام الخلائق، برهم وفاجرهم، ثم يناديها مناد أن أمسكي أصحابك، ودعي أصحابي. قال: فتخسف بكل ولي لها، فلهي أعلم بهم من الرجل بولده، ويخرج المؤمنون ندية ثيابهم وروي مثله أيضا عنه. وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن إدريس، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة، قالت: كان رسول الله في بيت حفصة، فقال. قالت حفصة: أليس الله عز وجل، يقول: وإن منكم إلا واردها قالت: قال رسول الله : " فمه ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ورواه الإمام أحمد أيضا، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر، عن حفصة، عن النبي ، فذكر مثله. ورواه مسلم من حديث ابن جريج، عن أبي الزبير، سمع جابرا، عن أم مبشر، فذكر نحوه، وقد تقدم، وسيأتي في أحاديث الشفاعة كيفية جواز [ص:99] المؤمنين على الصراط، وتفاوت سيرهم عليه، بحسب أعمالهم، وقد تقدم من ذلك جانب، وتقدم عنه، عليه السلام، أنه أول الأنبياء إجازة بأمته على الصراط. وعن عبد الله بن سلام قال: محمد أول الرسل إجازة على الصراط، ثم عيسى، ثم موسى، ثم إبراهيم، حتى يكون آخرهم إجازة نوح، عليه السلام. قال: فإذا خلص المؤمنون من الصراط تلقتهم الخزنة يهدونهم إلى الجنة، فإنهم إذا خلصوا من الصراط وأتوا على آخره، فليس بعد ذلك إلا دخول الجنة. كما سيأتي. وثبت في " الصحيح ". فقال أبو بكر: يا رسول الله، ما على أحد يدعى من أيها شاء من ضرورة، فهل يدعى أحد منها كلها ؟ قال ؟ " نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر، فإذا دخلوا الجنة هدوا إلى منازلهم، فلهم أعرف بها من منازلهم التي كانت في الدنيا ". كما سيأتي بيانه في " الصحيح " عند البخاري. وقد قال الطبراني: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عطاء بن يسار، عن [ص:100] سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله . وقد رواه الحافظ الضياء، من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، أن رسول الله قال. وقد روى الترمذي في " جامعه "، عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله . ثم قال: غريب. وفى صحيح مسلم. وتقدم أن الأنبياء كلهم يقولون ذلك، وكذلك الملائكة كلهم يقولون ذلك. وثبت في صحيح البخاري من حديث قتادة، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله قال. [ص:101] وقد تكلم القرطبي على هذا الحديث في " التذكرة "، وجعل هذه القنطرة صراطا ثانيا للمؤمنين خاصة، وليس يسقط منه أحد في النار. قلت: هذه القنطرة تكون بعد مجاوزة النار، فقد تكون هذه القنطرة منصوبة على هول آخر مما يعلمه الله، ولا نعلمه نحن. والله أعلم. وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا صالح بن موسى، عن ليث، عن عثمان، عن محمد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله . وهذا حديث غريب. وقد رواه أبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن قتادة، عن عبد الله، من قوله، مثله، وهو منقطع، بل معضل، وقد قال بعض الوعاظ، فيما حكاه القرطبي في " التذكرة ": فتوهم نفسك يا أخي إذا صرت على الصراط، ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مظلمة مدلهمة، وقد تلظى سعيرها، وعلا لهيبها، وأنت تمشي أحيانا، وتزحف أخرى. ثم أنشد: أبت نفسي تتوب فما احتيالي إذا برز العباد لذي الجلال وقاموا من قبورهم حيارى بأوزار كأمثال الجبال وقد نصب الصراط لكي يجوزوا فمنهم من يكب على الشمال [ص:102] ومنهم من يسير لدار عدن تلقاه العرائس بالغوالي يقول له المهيمن يا وليي غفرت لك الذنوب فلا تبالي كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210243
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D9%81%D9%8A%20%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B4%D8%B1
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/فصل في كيفية الحشر
قال الله تعالى: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [مريم: 85، 86]. ورد في حديث سيأتي أنهم يؤتون بنجائب من الجنة يركبونها، وأنهم يؤتون بها عند قيامهم من قبورهم. وفي صحته نظر، إذ قد تقدم في الحديث أن الناس كلهم يحشرون مشاة حفاة عراة، ورسول الله يحشر راكبا وحده ناقة حمراء، وبلال ينادي بالأذان بين يديه، فإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله. صدقه الأولون والآخرون. فإذا كان هذا من خصائص رسول الله فإنما يكون إتيانهم بالنجائب بعد جواز الصراط، وهو الأشبه، والله أعلم. وقد روي في حديث الصور أن المتقين يضرب لهم حياض يردونها بعد مجاوزة الصراط، وأنهم إذا وصلوا إلى باب الجنة، يستشفعون بآدم، ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، ثم بمحمد، صلى الله عليهم جميعا [ص:103] وسلم، فيكون رسول الله هو الذي يشفع لهم في دخول الجنة، والله أعلم، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم، ورواه الإمام أحمد عنه، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، عن رسول الله ، أنه قال. وقال مسلم: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله . وفي صحيح مسلم. وذكر تمام الحديث كما تقدم "، وهو شاهد قوي لما ذكر في حديث الصور من ذهاب الناس إلى الأنبياء مرة ثانية يستشفعون إلى الله بهم في دخولهم الجنة، فتنحصر القسمة أيضا ويتعين لها رسول الله ، كما تعين للشفاعة الأولى العظمى في الفصل بين الخلائق، كما تقدم. [ص:104] وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا سويد بن سعيد، أنا علي بن مسهر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنا النعمان بن سعد، قال: كنا جلوسا عند علي، فقرأ هذه الآية: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا [مريم: 85]. قال: لا والله، ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب، فيركبون عليها، حتى يضربوا أبواب الجنة. ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وزاد: عليها رحائل من ذهب، وأزمتها الزبرجد. والباقي مثله. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي، سمعت أبا معاذ البصري، قال: كان علي بن أبي طالب يوما عند رسول الله فقرأ علي هذه الآية: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا. فقال: ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله. فقال النبي : " والذي نفسي بيده، إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون - أو يؤتون - بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب، شراك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما، فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا، وتجري عليهم نضرة النعيم، فينتهون - أو قال: يأتون - باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء، على [ص:105] صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفيحة، فيسمع لها طنين يا علي، لم يسمع الخلائق مثله، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتبعث قيمها فيفتح له، فإذا رآه خر له - قال مسلمة: أراه قال: ساجدا - فيقول: ارفع رأسك، إنما أنا قيمك، وكلت بأمرك. فيتبعه ويقفو أثره، فتستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت، حتى تعتنقه، ثم تقول: أنت حبي وأنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أبأس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظعن. فيدخل بيتا من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع، بني على جندل اللؤلؤ والياقوت، طرائق حمر وخضر وصفر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، وفي البيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون حشية، على كل حشية سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الحلل، يقضي جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه، الأنهار من تحتهم تطرد، أنهار من ماء غير آسن - قال: صاف لا كدر فيه - وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، لم يخرج من ضروع الماشية، وأنهار من خمر لذة للشاريين، لم تعصرها الرجال بأقدامها، وأنهار من عسل مصفى، لم يخرج من بطون النحل، فيستحلي الثمار، فإن شاء أكل قائما، وإن شاء قاعدا، وإن شاء متكئا ". ثم تلا: " ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا [الإنسان: 14]. فيشتهي الطعام، فيأتيه طير أبيض - قال: وربما قال: أخضر - فترفع أجنحتها، فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء، ثم تطير فتذهب، فيدخل الملك، فيقول: سلام عليكم، تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون. ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت إلى الأرض لأضاءت الأرض منها، ولكانت الشمس معها سوادا [ص:106] في نور " . وقد رويناه في " الجعديات " من كلام علي بن أبي طالب موقوفا عليه، وهو أشبه بالصحة، والله سبحانه أعلم، فقال أبو القاسم البغوي: حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، قال: ذكر النار فعظم أمرها، ذكرا لا أحفظه. قال: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين [الزمر: 73]. حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى إحداهما، كأنما أمروا بها، فشربوا منها، فأذهبت ما في بطونهم من قذى أو أذى أو بأس، ثم عمدوا إلى الأخرى، فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، ولم تغبر أشعارهم بعدها أبدا، ولا تشعث رءوسهم، كأنما دهنوا بالدهان، ثم انتهوا إلى الجنة، فقالوا: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ثم تلقاهم الولدان فيطيفون بهم، كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم يقدم عليهم، يقولون: أبشروا بما أعد الله لكم من الكرامة. ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين، فيقول: جاء فلان. باسمه الذي كان يدعى به في الدنيا. قالت: أما رأيته ؟ قال: نعم أنا رأيته، وهو بإثري. فيستخف إحداهن الفرح، حتى تقوم على أسكفة بابها، فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه، فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح أحمر وأخضر وأصفر من كل لون، ثم [ص:107] رفع رأسه، فنظر إلى سقفه، فإذا مثل البرق، ولولا أن الله قدر أن لا يذهب بصره لألم أن يذهب ببصره، ثم طأطأ رأسه، فإذا أزواجه، وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، ثم اتكئوا، فقالوا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ثم ينادي مناد: تحيون فلا تموتون أبدا، وتقيمون فلا تظعنون أبدا، وتصحون فلا تمرضون أبدا. وهذا الأثر يقتضي أن تغيير الشكل من الحال الذي كان الناس عليه في الدنيا إلى طول ستين ذراعا، وعرض سبعة أذرع، كما هي صفة كل من دخل الجنة من صغير وكبير، كما ورد به الحديث، يكون عند هاتين العينين اللتين يغتسلون من إحداهما، فتجري عليهم نضرة النعيم ويشربون من الأخرى فتغسل ما في بطونهم من الأذى، فيتجدد لهم الطول والعرض، وذهاب الأذى، وجريان نضرة النعيم بعد الغسل والشرب. وهذا أنسب وأقرب مما جاء في الحديث المتقدم، أن ذلك يكون في عرصات القيامة، وهو ضعيف الإسناد، وأبعد من هذا من زعم أن ذلك يكون عند الخروج من القبور ; لما يعارضه من الأدلة الدالة على خلاف ذلك، والله أعلم. وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: ذكر لنا أن الرجل إذا دخل الجنة صور صورة أهل الجنة، وألبس لباسهم، وحلي حليتهم، وأري أزواجه وخدمه، يأخذه سوار فرح، لو كان ينبغي له أن يموت لمات من شدة سوار فرحه، فيقال له: أرأيت سوار فرحك هذا، فإنه قائم [ص:108] لك، وباق أبدا. وقال ابن المبارك: أخبرنا رشدين بن سعد، عن زهرة بن معبد القرشي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال: إن العبد أول ما يدخل الجنة يتلقاه سبعون ألف خادم، كأنهم اللؤلؤ. قال ابن المبارك: أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثني عبيد الله بن زحر، عن محمد بن أيوب، عن أبي عبد الرحمن المعافري، قال: إنه ليصف للرجل من أهل الجنة سماطان، لا يرى طرفاهما من غلمانه، حتى إذا مر مشوا وراءه. وروى أبو نعيم، عن سلمة، عن الضحاك بن مزاحم، قال: إذا دخل المؤمن الجنة دخل أمامه ملك، فيأخذ به في سككها، فيقول له: انظر، ما ترى ؟ قال: أرى أكثر قصور رأيتها من ذهب وفضة، وأكثر أنيس. فيقول الملك: إن هذا أجمع لك. حتى إذا دفع لهم استقبلوه من كل باب ومن كل مكان: نحن لك. ثم يقول: امش. فيقول: ماذا ترى ؟ فيقول: أكثر عساكر رأيتها من خيام، وأكثر أنيس. فيقول: إن هذا أجمع لك. فإذا دفع لهم استقبلوه: نحن لك. [ص:109] وقال الإمام أحمد بن أبي الحواري، عن أبي سليمان الداراني، أنه قال في قوله تعالى: وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا [الإنسان: 20]، قال: الملك الكبير أن الملك يأتي إلى ولي الله بالتحفة من عند الله سبحانه، فلا يصل إليه إلا بإذن بعد إذن، يقول الملك لحاجبه: استأذن لي على ولي الله. فيعلم ذلك الحاجب حاجبا آخر، وحاجبا بعد حاجب، ومن دار إلى دار حتى ينتهي إلى ولي الله، عز وجل، بما أمر به، ومن داره إلى دار السلام باب يدخل منه الولي على ربه، متى شاء بلا إذن، ورسول رب العزة لا يدخل عليه إلا بإذن. وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن خداش، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن بشير بن شغاف قال: كنا جلوسا إلى عبد الله بن سلام، فقال: إن أكرم خليقة على الله أبو القاسم ، وإن الجنة في السماء، وإن النار في الأرض، فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة، ونبيا نبيا، ثم يوضع جسر على جهنم، ثم ينادي مناد: أين أحمد وأمته ؟ فيقوم وتتبعه أمته، برها وفاجرها، فيأخذون على الجسر، ويطمس الله تعالى أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال ويمين، وينجو النبي والصالحون معه، وتتلقاهم الملائكة، ويبوئونهم منازلهم من الجنة، على يمينك، على يسارك، حتى ينتهي إلى ربه، فيلقى له كرسي على يمين الله عز وجل، ثم ينادي المنادي: أين عيسى وأمته ؟ فذكر نحو ما تقدم إلى أن قال: فيلقى له كرسي من [ص:110] الجانب الآخر، ثم يتبعهم الأنبياء والأمم، حتى يكون آخرهم نوح، عليه السلام. وهذا موقوف على ابن سلام، رضي الله عنه. وتقدم في حديث سلمان الفارسي الذي رواه ابن أبي الدنيا عن أبي نصر التمار، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، قال: يوضع الصراط يوم القيامة، وله حد كحد الموسى، فتقول الملائكة: ربنا، من يطيق أن يجوز على هذا ؟ فيقول الله عز وجل. فيقولون: ربنا ما عبدناك حق عبادتك. كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210244
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85/%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A3%D9%88%D9%84%20%D8%B2%D9%85%D8%B1%D8%A9%20%D8%AA%D9%84%D8%AC%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9%20%D8%B5%D9%88%D8%B1%D9%87%D9%85%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%B1%20%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%B1
البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/فصل أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر
فصل: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله . وهكذا رواه مسلم، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، وأخرجه البخاري عن محمد بن مقاتل، عن ابن المبارك، كلاهما عن معمر، به. [ص:111] وقال أبو يعلى: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله . ورواه مسلم عن أبي خيثمة، واتفقا عليه، من حديث جرير. وروى الإمام أحمد، والطبراني، واللفظ له، من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، [ص:112] قال: قال رسول الله . وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن إسماعيل العدوي، حدثنا عمرو بن مرزوق، أنا عمران القطان، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، أن النبي قال. ورواه الترمذي من حديث عمران بن داود القطان، ثم قال: هذا حديث حسن غريب. وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا القاسم بن هاشم، حدثنا صفوان بن صالح، حدثني رواد بن جراح العسقلاني، حدثنا الأوزاعي، عن هارون بن رئاب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله . وقد رواه أبو بكر بن أبي داود، حدثنا محمود بن خالد وعباس بن الوليد، [ص:113] قالا: حدثنا عمر، عن الأوزاعي، عن هارون بن رئاب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله " يبعث أهل الجنة على صورة آدم، في ميلاد ثلاث وثلاثين سنة، جردا مردا مكحلين، ثم يذهب بهم إلى شجرة في الجنة، فيكسون منها، لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم ". وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، أن دراجا أبا السمح حدثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله قال. ورواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، فذكره. والله أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف العجلي، عن سعيد، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن معاذ، قال: [ص:114] قال نبي الله : " يبعث المؤمنون يوم القيامة جردا مردا مكحلين بني ثلاث وثلاثين. وهذا منقطع بين شهر ومعاذ انقطاعا لو كان ساقه لكانت أبعد من شهر، وهو يفهم بعثهم من قبورهم كذلك، وقد تقدم أن كل أحد يبعث على ما مات عليه، ثم تغير حلاهم إلى الطول والعرض، كل أحد بحسبه بعد ذلك عند دخول الجنة والنار، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور العظام يوم القيامة
210963
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D8%A8%D9%86%20%D8%AE%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%86/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3%20%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D9%88%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%20%D8%A5%D8%B0%D8%A7%20%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%A8%D9%88%D8%A7%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%A3%D9%88%D8%B7%D8%A7%D9%86%20%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%B9%20%D8%A5%D9%84%D9%8A%D9%87%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%A8
مقدمة ابن خلدون/الفصل السادس و العشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب
الفصل السادس و العشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب والسّبب في ذلك أنّهم أمّة وحشيّة باستحكام عوائد التّوحّش وأسبابه فيهم فصار لهم خلقا وجبلّة وكان عندهم ملذوذا لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد للسّياسة وهذه الطّبيعة منافية للعمران ومناقضة له فغاية الأحوال العاديّة كلها عندهم الرّحلة والتّغلب وذلك مناقض للسّكون الّذي به العمران ومناف له فالحجر مثلا إنّما حاجتهم إليه لنصبه أثافيّ القدر فينقلونه من المباني ويخرّبونها عليه ويعدّونه لذلك والخشب أيضا إنّما حاجتهم إليه ليعمّدوا به خيامهم ويتّخذوا الأوتاد منه لبيوتهم فيخرّبون السّقف عليه لذلك فصارت طبيعة وجودهم منافية للبناء الّذي هو أصل العمران هذا في حالهم على العموم وأيضا فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي النّاس وأنّ رزقهم في ظلال رماحهم وليس عندهم في أخذ أموال النّاس حدّ ينتهون إليه بل كلّما امتدّت أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه فإذا تمّ اقتدارهم على ذلك بالتّغلب والملك بطلت السّياسة في حفظ أموال النّاس وخرب العمران وأيضا فلأنّهم يكلّفون على أهل الأعمال من الصّنائع والحرف أعمالهم لا يرون لها قيمة ولا قسطا من الأجر والثّمن والأعمال كما سنذكره هي أصل المكاسب وحقيقتها وإذا فسدت الأعمال وصارت مجّانا ضعفت الآمال في المكاسب وانقبضت الأيدي عن العمل وابذعرّ السّاكن وفسد العمران وأيضا فإنّهم ليست لهم عناية بالأحكام وزجر النّاس عن المفاسد ودفاع بعضهم عن بعض إنّما همّهم ما يأخذونه من أموال النّاس نهبا أو غرامة فإذا توصّلوا إلى ذلك وحصلوا عليه أعرضوا عمّا بعده من تسديد أحوالهم والنّظر في مصالحهم وقهر بعضهم عن أغراض المفاسد وربّما فرضوا العقوبات في الأموال حرصا على تحصيل الفائدة والجباية والاستكثار منها كما هو شأنهم وذلك ليس بمغن في دفع المفاسد وزجر المتعرّض لها بل يكون ذلك زائدا فيها لاستسهال الغرم في جانب حصول الغرض فتبقى الرّعايا في ملكتهم كأنّها فوضى دون حكم والفوضى مهلكة للبشر مفسدة للعمران بما ذكرناه من أنّ وجود الملك خاصّة طبيعيّة للإنسان لا يستقيم وجودهم واجتماعهم إلّا بها وتقدّم ذلك أوّل الفصل وأيضا فهم متنافسون في الرّئاسة وقلّ أن يسلّم أحد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلّا في الأقلّ وعلى كره من أجل الحياء فيتعدّد الحكّام منهم والأمراء وتختلف الأيدي على الرّعيّة في الجباية والأحكام فيفسد العمران وينتقض. قال الأعرابيّ الوافد على عبد الملك لمّا سأله عن الحجّاج وأراد الثّناء عليه عنده بحسن السّياسة والعمران فقال: «تركته يظلم وحده» وانظر إلى ما ملكوه وتغلّبوا عليه من الأوطان من لدن الخليقة كيف تقوّض عمرانه وأقفر ساكنه وبدّلت الأرض فيه غير الأرض فاليمن قرارهم خراب إلّا قليلا من الأمصار وعراق العرب كذلك قد خرب عمرانه الّذي كان للفرس أجمع والشّام لهذا العهد كذلك وإفريقية والمغرب لمّا جاز إليها بنو هلال وبنو سليم منذ أوّل المائة الخامسة وتمرّسوا بها لثلاثمائة وخمسين من السّنين قد لحق بها وعادت بسائطه خرابا كلّها بعد أن كان ما بين السّودان والبحر الرّوميّ كلّه عمرانا تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم وتماثيل البناء وشواهد القرى والمدر والله يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. حواش مقدمة ابن خلدون
210964
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D8%A8%D9%86%20%D8%AE%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%86/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9%20%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D9%88%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%20%D9%84%D8%A7%20%D9%8A%D8%AD%D8%B5%D9%84%20%D9%84%D9%87%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83%20%D8%A5%D9%84%D8%A7%20%D8%A8%D8%B5%D8%A8%D8%BA%D8%A9%20%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D9%85%D9%86%20%D9%86%D8%A8%D9%88%D8%A9%20%D8%A3%D9%88%20%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D8%A3%D9%88%20%D8%A3%D8%AB%D8%B1%20%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%84%D8%A9
مقدمة ابن خلدون/الفصل السابع و العشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة
الفصل السابع و العشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة والسّبب في ذلك أنّهم لخلق التّوحّش الّذي فيهم أصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض للغلظة والأنفة وبعد الهمّة والمنافسة في الرّئاسة فقلّما تجتمع أهواؤهم فإذا كان الدّين بالنّبوءة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم فسهل انقيادهم واجتماعهم وذلك بما يشملهم من الدّين المذهب للغلظة والأنفة الوازع عن التّحاسد والتّنافس فإذا كان فيهم النّبيّ أو الوليّ الّذي يبعثهم على القيام بأمر الله يذهب عنهم مذمومات الأخلاق ويأخذهم بمحمودها ويؤلّف كلمتهم لإظهار الحقّ تمّ اجتماعهم وحصل لهم التّغلّب والملك وهم مع ذلك أسرع النّاس قبولا للحقّ والهدى لسلامة طباعهم من عوج الملكات وبراءتها من ذميم الأخلاق إلّا ما كان من خلق التّوحّش القريب المعاناة المتهيّئ لقبول الخير ببقائه على الفطرة الأولى وبعده عمّا ينطبع في النّفوس من قبيح العوائد وسوء الملكات فإنّ كلّ مولود يولد على الفطرة كما ورد في الحديث وقد تقدّم. حواش مقدمة ابن خلدون
210965
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D8%A8%D9%86%20%D8%AE%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%86/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%85%D9%86%20%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D9%88%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%20%D8%A3%D8%A8%D8%B9%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85%20%D8%B9%D9%86%20%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83
مقدمة ابن خلدون/الفصل الثامن و العشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك
الفصل الثامن و العشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك والسّبب في ذلك أنّهم أكثر بداوة من سائر الأمم وأبعد مجالا في القفر وأغنى عن حاجات التّلول وحبوبها لاعتيادهم الشّظف وخشونة العيش فاستغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإيلافهم ذلك وللتّوحّش ورئيسهم محتاج إليهمغالبا للعصبيّة الّتي بها المدافعة فكان مضطرّا إلى إحسان ملكتهم وترك مراغمتهم لئلّا يختلّ عليه شأن عصبيّته فيكون فيها هلاكه وهلاكهم وسياسة الملك والسّلطان تقتضي أن يكون السّائس وازعا بالقهر وإلّا لم تستقم سياسته وأيضا فإنّ من طبيعتهم كما قدّمناه أخذ ما في أيدي النّاس خاصّة والتّجافي عمّا سوى ذلك من الأحكام بينهم ودفاع بعضهم عن بعض فإذا ملكوا أمّة من الأمم جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ ما في أيديهم وتركوا ما سوى ذلك من الأحكام بينهم وربّما جعلوا العقوبات على المفاسد في الأموال حرصا على تكثير الجبايات وتحصيل الفوائد فلا يكون ذلك وازعا وربّما يكون باعثا بحسب الأغراض الباعثة على المفاسد واستهانة ما يعطي من ماله في جانب غرضه فتنمو المفاسد بذلك ويقع تخريب العمران فتبقى تلك الأمّة كأنّها فوضى مستطيلة أيدي بعضها على بعض فلا يستقيم لها عمران وتخرب سريعا شأن الفوضى كما قدّمناه فبعدت طباع العرب لذلك كلّه عن سياسة الملك وإنّما يصيرون إليها بعد انقلاب طباعهم وتبدّلها بصبغة دينيّة تمحو ذلك منهم وتجعل الوازع لهم من أنفسهم وتحملهم على دفاع النّاس بعضهم عن بعض كما ذكرناه واعتبر ذلك بدولتهم في الملّة لمّا شيّد لهم الدّين أمر السّياسة بالشّريعة وأحكامها المراعية لمصالح العمران ظاهرا وباطنا وتتابع فيها الخلفاء عظم حينئذ ملكهم وقوي سلطانهم. كان رستم إذا رأى المسلمين يجتمعون للصّلاة يقول أكل عمر كبدي يعلّم الكلاب الآداب ثمّ إنّهم بعد ذلك انقطعت منهم عن الدّولة أجيال نبذوا الدّين فنسوا السّياسة ورجعوا إلى قفرهم وجهلوا شأن عصبيّتهم مع أهل الدّولة ببعدهم عن الانقياد وإعطاء النّصفة فتوحّشوا كما كانوا ولم يبق لهم من اسم الملك إلّا أنّهم من جنس الخلفاء ومن جيلهم ولمّا ذهب أمر الخلافة وامّحي رسمها انقطع الأمر جملة من أيديهم وغلب عليهم العجم دونهم وأقاموا في بادية قفارهم لا يعرفون الملك ولا سياسته بل قد يجهل الكثير منهم أنّهم قد كان لهم ملك في القديم وما كان في القديم لأحد من الأمم في الخليقة ما كان لأجيالهم من الملك ودول عاد وثمود والعمالقة وحمير والتّبابعة شاهدة بذلك ثمّ دولة مضر في الإسلام بني أميّة وبني العبّاس لكن بعد عهدهم بالسّياسة لمّا نسوا الدّين فرجعوا إلى أصلهم من البداوة وقد يحصل لهم في بعض الأحيان غلب على الدّول المستضعفة كما في المغرب لهذا العهد فلا يكون ماله وغايته إلّا تخريب ما يستولون عليه من العمران كما قدّمناه وَالله يُؤْتِي مُلْكَهُ من يَشاءُ 2: 247. حواش مقدمة ابن خلدون
210966
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D8%A8%D9%86%20%D8%AE%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%86/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9%20%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D9%88%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A3%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%AF%D9%8A%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D8%A7%D8%A6%D9%84%20%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D9%85%D8%BA%D9%84%D9%88%D8%A8%D9%88%D9%86%20%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%B1
مقدمة ابن خلدون/الفصل التاسع و العشرون في أن البوادي من القبائل و العصائب مغلوبون لأهل الأمصار
الفصل التاسع و العشرون في أن البوادي من القبائل و العصائب مغلوبون لأهل الأمصار قد تقدّم لنا أنّ عمران البادية ناقص عن عمران الحواضر والأمصار لأنّ الأمور الضروريّة في العمران ليس كلّها موجودة لأهل البدو. وإنّما توجد لديهم في مواطنهم أمور الفلح وموادّها معدومة ومعظمها الصّنائع فلا توجد لديهم في الكلّيّة من نجّار وخيّاط وحدّاد وأمثال ذلك ممّا يقيم لهم ضروريّات معاشهم في الفلح وغيره وكذا الدّنانير والدّراهم مفقودة لديهم وإنّما بأيديهم أعواضها من مغلّ الزّراعة وأعيان الحيوان أو فضلاته ألبانا وأوبارا وأشعارا وإهابا ممّا يحتاج إليه أهل الأمصار فيعوّضونهم عنه بالدّنانير والدّراهم إلّا أنّ حاجتهم إلى الأمصار في الضّروريّ وحاجة أهل الأمصار إليهم في الحاجيّ والكماليّ فهم محتاجون إلى الأمصار بطبيعة وجودهم فما داموا في البادية ولم يحصل لهم ملك ولا استيلاء على الأمصار فهم محتاجون إلى أهلها ويتصرّفون في مصالحهم وطاعتهم متى دعوهم إلى ذلك وطالبوهم به وإن كان في المصر ملك كان خضوعهم وطاعتهم لغلب الملك وإن لم يكن في المصر ملك فلا بدّ فيه من رئاسة ونوع استبداد من بعض أهله على الباقين وإلّا انتقض عمرانه وذلك الرّئيس يحملهم على طاعته والسّعي في مصالحه إمّا طوعا ببذل المال لهم ثمّ يبدي لهم ما يحتاجون إليه من الضّروريّات في مصره فيستقيم عمرانهم وإمّا كرها إن تمّت قدرته على ذلك ولو بالتّغريب بينهم حتّى يحصل له جانب منهم يغالب به الباقين فيضطرّ الباقون إلى طاعته بما يتوقّعون لذلك من فساد عمرانهم وربّما لا يسعهم مفارقة تلك النّواحي إلى جهات أخرى لأنّ كلّ الجهات معمور بالبدو الّذين غلبوا عليها ومنعوها من غيرها فلا يجد هؤلاء ملجأ إلّا طاعة المصر فهم بالضّرورة مغلوبون لأهل الأمصار والله قاهر فوق عباده وهو الواحد الأحد القهّار. حواش مقدمة ابن خلدون
210967
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثاني/الفصل الثاني
أما المساحة فيحصل يضرب الطول في العرض اعنى أحد الأضلاع فيما يجاوزه طريق آخر نضرب أحد قطريه في العمود الخارج اعنى أحد الزاويتين الباقيتين عليه وذلك في المربع يكون نصف القطر أما استخراج أبعاده بعضها من بعض فنأخذ جذر مجموع مربعي الضلعين المتجاوزين فهو القطر فيكون مربع قطر المربع مثلي مربع ضلعه وأن نضرب ضلع المربع في خامسة يحصل ضلعه واستخراج العمود الخارج عن زاوية اعني خامسة يحصل ضلعه واستخراج العمود الخارج عن زاوية المستطيل على قطره كاستخراج عمود المثلث.
210968
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثاني/الفصل الثالث
أما المساحة فيحصل نضرب أحد القطرين في نصف الآخر ويشترك فيه المربع ويختص بمساحة المعيّن أن تنقص مربع الفصل بين نصفي القطرين عن مربع أحد أضلاعه فيكون الباقي مساحته مثاله معين يكون كل واحد من أضلاعه عشرة وقطره الأول ستة عشر وقطره الأقصر اثنا عشر فإذا أضربنا ستة في ستة عشر حصلت المساحة وهي ستة وتسعون وإذا أخذنا تفاضل نصفي القطرين وهو اثنان ونقصنا مربعه وهو أربعة عن مربع أحد أضلاعه وهو مائة بقي ستة وتسعون ويختص بمساحة ذوات اليمينين أن ننقص مجموع مربعي التفاضل بين نصف قطره الذي ينصف بالآخرين وبين كل واحد من قسمي الآخر الذين ينفصلان بالقطر الأول عن مجموع مربعي الضلعين المختلفين وينصف الباقي فهو المساحة مثاله في ذي اليمنين يكون كل واحد من ضلعيه الأقصرين عشرة ومن إلا طولين وقطره الأقصر ستة عشر والأطول أحداً وعشرين فإذا ضرينا الثمانية في يحصل المساحة فإذا أخذنا فضل نصف قطره الأقصر على كل واحد من قسمي الأطول كان أحدهما والأجزاء كما ظهر في المثلث الأول في الفصل الثاني من باب الأول وسيظهر أيضاً ههنا في استخراج الأبعاد جمعنا مربعيها كان نقصناه عن مجموع مربعي الضلعين المختلفين وهو بقي نصفناه صار وهو المساحة موافقاً للحساب الأول وما كان زاويتان منه قائمة فالحاصل مساحته يضرب أحد الضلعين المختلفين في الآخر وإما استخراج أبعادها بعضها عن بعض فنضرب جيب نصف أحدى زوايا المعين في أحد الضلعين المحيطين بها ونقسم الحاصل على ستين فما خرج نصف القطر الذي يوتر تلك الزاوية وكذا الحكم في ذوات اليمينين إذا عمل بإحدى زاويتها المختلفين المتساويين ذلك العمل وضعف الخارج من القسمة هو القطر الموتر لتلك الزاوية اعني الواصل بين الزاويتين المتساويتين وإن أردنا استخراج القطر الواصل بين الزاويتين المختلفتين نأخذ نصف تمام كل واحده من الزاويتين المختلفتين ونضرب جيبه في الضلع المحيط بتلك الزاوية ونقسم الحاصل على ستين لنخرج كل واحد من تسمى القطر المذكور نجمعهما ليحصل القطر وإن كان قطري المعين معلوماً فينقص مربع نصفه عن مربع أحد أضلاعه يبقى مربع نصف قطره الآخر وإن كان القطر الواصل بين الزاويتين المتساويين لذوات اليمينين معلوماً ينقص مربع نصفه عن كل واحد من مربعي الضلعين المختلفين ليبقى كل واحد من مربعي قسمي قطره الآخر مثاله في ذي اليمينين المذكور كان نصف قطره الأقصر مربعه نقصنا تارة عن مربع ضلعه الأقصر وهو بقي جذره وهو أصغر قسمي قطره الأطول ونقصنا عن ضلعه الأطول وهو بقي خذره وهو أطول قسميه وإن كان قطره الواصل بالزاويتين المختلفتين فهي يصير بذلك القطر مثلثين فيحصل نصف قطره الآخر كما حصلنا عمود المثلث.
210969
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثاني/الفصل الرابع
أما المساحة فيحصل يضرب العمود الخارج أحدى زواياه على أحد المتوازيين في نصف مجموع المتوازيين اللذين وقع العمود عليهما ويشترك فيه المعين أيضاً وأما معرفة العمود فيها أما بعمل اليد فعلى قياس ما مر في المثلث وأما بالحساب ففي ذي الزنقتين المتساويتين نأخذ جذر التفاوت بين مربع نصف تفاضل المتوازيين ومربع أحد الآخرين وفي ذي زنقة واحدة هو أقصر الضلعين اللذين ليسا بمتوازيين وهو مساو لجذر التفاضل بين مربع الضلع الأعظم من الضلعين المذكورين ومربع تفاضل المتوازيين وفي ذي الزنقتين المختلفين إذا كانت الزاوية التي يحيط بها أطول المتوازيين وأقصر الآخرين حادة أعنى يكون جناحاه في جهة واحدة يحصل العمود كما يحصل في المثلث أي يسقط أقصر المتوازيين ومثله من الأطول ليصير كمثلث يجعل الباقي قاعدة المثلث ويحصل العمود بوجه من الوجوه المذكورة في المثلث وهذا الطريق شامل لجميع أنواع ذوات الزنقتين وفيما لا يكون في جهة واحدة وفي الشبيه بالمعين إن كانت إحدى زواياه معلومة نضرب جيب تلك الزاوية في أقصر الضلعين المحيطين بها منحطا فما حصل فهو العمود كما ذكرنا في المثلث وأن نضرب جيب تلك الزاوية في الشبيه بالمعين في أطول الضلعين المحيطين بها منحطا يحصل العمود الواقع على الضلعين وإن لم يكن معلومة فلا مخلص سوى عمل اليد.
210970
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثاني/الفصل الخامس
نصل بين زاويتين متقابلتين منه خطا مستقيما ليصير مثلين ويمسحهما ونجمع الحاصلين فهو المطلوب ويشترك فيه جميع أنواع ذوات الأربعة الأضلاع وما تختص بذي الرجلين أن نصل بين زاويتي رجليه خطا مستقيما ونمسح المثلث الأصغر الحادث وننقصه عن مساحة المثلث الأعظم فما بقي فهو المراد ونضرب نصف ذلك الخط في الخط الواصل بين زاويتيه الباقيتن وما قيل في مساحة الشكل المسمى بَقَشاً وهو أيضاً منحرف ليس بصحيح فلا نورده وأما استخراج أبعاده إن كان بعض زواياه معلومة فيحصل بعض الأبعاد على قياس المثلث بعد تقسمه بمثلثين وإلا نحصل الاعمدة يعمل اليد علم ما سبق.
210972
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثالث
الفصل الأول في التعريف الفصل الثاني في مساحتها عموماً واستخراج الأبعاد الفصل الثالث فيما يخص بمتساوي الأضلاع والزوايا واستخراج أبعاده الفصل الرابع فيما يخص بالمسدس المتساوي الأضلاع والزوايا الفصل الخامس فيما يختص بالمثمن المتساوي الأضلاع والزوايا غير ما مر واستخراج أبعاده
210973
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثالث/الفصل الأول
ذو الأضلاع الكثيرة سطح يحيط به خطوط مستقيمة أكثر من أربعة كالمخمس والمسدس والمسبع والمثمن وما بعدها وهو أما متساوي الأضلاع والزوايا وأما مختلفة فيهما وأما أحديهما متساوية والآخرى مختلفة وقد يمكن أن نرسم في الأول دائرة تماس جميع أضلاعه وكذا في بعض من الثاني مفتاح الحساب
210974
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثالث/الفصل الثاني
أما المساحة فما يعم الجميع هو أن يقطعها بمثلثات و نمسحها ونجمع الجملة نوع آخر إن أمكن أن نرسم في داخله دائرة بحيث يمس جميع أضلاعه، وهي في المتساوي الأضلاع يماس منتصف جميع أضلاعه فيضرب نصف قطر تلك الدائرة في نصف جميع الأضلاع يحصل المساحة، وأما استخراج نصف قطر هذه الدائرة فإما بعمل اليد ننصف زاويتين منه بخطين متلاقيين، فموضع التقاطع مركز تلك الدائرة يخرج منه عموداً على أحد أضلاعه ونمسح وإما بالحساب نضرب جيب نصف أحدى زواياه في جيب نصف تمام الزاوية اخرى التي يكون مجاورة للأولى ونقسم الحاصل على جيب نصف الزاوية الثانية فما خرج نزيده على جيب تمام نصف الزاوية الأولى ونقسم على المجموع مضروب جيب نصف الزاوية الأولى في مقدار الضلع الذي وقع بين الزاويتين فما خرج فهو مقدار نصف قطر تلك الدائرة بالأجزاء التي تكون الضلع بها معلوماً.
210975
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثالث/الفصل الثالث
أما المساحة فنضرب مربع ضلع واحد من المخمس في خامسة والمسدس في خامسة والمسّبع في خامسة والمثمن في خامسة والمتّسع في خامسته والمعشر في خامسة وذي اثنى عشر ضلعاً في خامسته وذي خمسة عشر ضلعاً في خامسة ليحصل مساحة ذلك المضلع وهذه الأعداد هي أمثال مربع ضلع واحد وأجزائه لذلك المضلّع وقد وضعناها بالأرقام والكتابة معا مع أضعافها في جدول إذ لو وقع نقل النسخة منه غلط ليسهل تصحيحه كارتباط بعضها ببعض وأيضًا حولنا هذا المقادير إلى الرقوم الهندية ليس بتلك الدّقة بل أخذنا الكسور كلها من مخرج واحد وهو ألف ألف ليكون على قياس حساب المنجمين إذ يحصل للصحيح أعشار ثم للأعشار أعشار وهي الّتي سمّيناها بثاني الأعشار ثمّ لأعشاره بثالث الأعشار وهكذا إلى سادس الأعشار ووضعنا هذه المقادير أيضاً في جدول آخر بالأرقام والكتابة والتضعيف أيضاً كما وضعنا في جدول الأول والجدول هذه مثاله أردنا أن نمسح مسدسًا متساوي الأضلاع كل ضلع منه عشرون ذراعًا ونصف ذراع وضعاها هكذا ربعناه صار دقيقة ضربناه في خامسة حصلت المساحة هكذا وإن فرضنا كل ضلع منه ألفا ومائتين وثلاثين ذراعاً لكان الحاصل أيضاً تلك الأرقام بعينها لكن الرقم الرابع وهو يكون ذراعاً وما في يمينه مرفوعاته والباقي كسوره وقس عليه مثاله المساحة المذكورة بالأرقام الهندية أخذنا نصف ذراع الذي مع ذرعان ضلع واحد من مخرج العشرة فكانت خمسة وضعناها على يمين العشرين هكذا فإذا فرض كل ضلع منه مائتان وستة ذراع فيكون الحاصل هذه الأرقام بعينها لكن الأربعة يكون آحادها اعني يكون صحاحًا والأرقتم الباقية كسورا وأعلم أن كل متساوي الأضلاع والزوايا سوى المربع إذا كان ضلعه منطقا فهو غير منطق بمساحته وأما استخراج الأبعاد فمنها استخراج نصف قطر الدائرة المذكورة اعني التي وقعت في المضلع وتماس انصاف أضلاعه أما بعمل اليد بأن نصل فيما كان عدداً ضلاعه زوجًا منتصفي الضلعين المتقابلين بخط مستقيم قنصف ذلك الخط يكون نصف نصف القطر الدائرة المطلوبة وفيما كان عددًا أضلاعه فردًا نصل بين منتصف ضلع آخر والزاوية المقابلة لهذا الضلع فمن تقاطع الخطين إلى منصف الضلع يكون نصف قطر الدائرة المذكورة والتقاطع هو مركزها وأما بالحساب بأن نقسم مائة وثمانين إما على عدد الأضلاع فما خرج نأخذ جيبه وجيب تمامه ثم نضرب نصف ذرعان ضلع واحد في جيب تمامه تارة وفي ستين اخرى ونقسم كل واحد على جيبه خرج من الأول مقدار نصف قطر الدائرة الداخلة ومن الثاني نصف قطر الدائرة الخارجة اعني التي تماس زوايا للشكل ويقال لهما القطر الأطول والأقصر نوع أخر نقسم مساحة المضلع على نصف مجموع أضلاعه فما خرج فهو نصف القطر الأصغر ومنها استخراج الضلع فإن كان نصف قطر الأطول والأقصر معلومًا وكان الضلع مجهولا نضرب ما كان معلومًا في الجيب المذكور ونقسم الحاصل على جيب تمامه إن كان المعلوم نصف قطر الأقصر وعلى ستين إن كان نصف قطر الأطول فما خرج نضعفه ليحصل الضلع. نوع آخر لو كانت المساحة معلومة نقسمها على أرقام ذلك المضلع ونأخذ جذر الخارج فهو المطلوب. مفتاح الحساب
210976
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثالث/الفصل الرابع
أما المساحة فنضرب مال مال أحد أضلاعه في سبعة وعشرين وننصف جذر الحاصل فهو المساحة نوع آخر نضرب مال مال نصف قطر الدائرة الداخلة في اثنا عشر ونأخذ جذر الحاصل فهو المطلوب طريق آخر نضرب مكعب ضلع واحد في مجموع الأضلاع ونزيد عليه ثمن الحاصل يحصل مربع المساحة ولإن المسدس هو ستة أمثال مثلث متساوي الأضلاع يكون ضلعه كضلعه وإما استخراج أبعاده فنأخذ جذر ثلاثة أمثال مربع ضلعه يكون قطره الأقصر وهو عمود المثلث المتساوي الأضلاع هو سدسه وقطره الأطول ضعف ضلعه. مفتاح الحساب
210977
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثالث/الفصل الخامس
أما المساحة فنقص مربع ضلعه عن مربع قطره الأقصر بقيت مساحته طريق آخر نضعف مربع أحد أضلاعه ونزيد عليه حاصل ضرب جذره في ضعف أحد أضلاعه فهو المطلوب وأما استخراج أبعاده فننصف مربع أحد أضلاعه ونزيد جذره على أحد أضلاعه يحصل قطره الأقصر فإذا كان قطره الأقصر معلوما والضلع مجهولا نضعف مربع قطره الأقصر ونأخذ جذر الحاصل وننقص منه قطر الأقصر فما بقي فهو ضلع منه مفتاح الحساب
210982
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الرابع
الفصل الأول في التعريفات الفصل الثاني في مساحة الدائرة واستخراج المحيط عن القطر وبالعكس الفصل الثالث في مساحة قطع الدائرة وقطعتها واستخراج الأبعاد بعضها عن بعض الفصل الرابع في مساحة سائر السطوح التي يحيط بها الخطوط المستديرة الفصل الخامس في جدول الجيب وكيفية العمل به
210983
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الرابع/الفصل الأول
الدائرة سطح مستو يحيط به خط مستدير وفي داخله نقطة يكون جميع الخطوط المستقيمة الخارجة عنها إليه متساوية وذلك الخط محيطها وتلك النقطة مركزها والخطوط الخارجة انصاف أقطارها وكل خط مستقيم يقطع الدائرة بقسمين فيقال لما وقع منه فيها وتر وما يفرز من المحيط قوس قطاع الدائرة سطح يحيط به قوس من محيط الدائرة وخطان متساويان هما نصف قطر تلك الدائرة يلتقيان عند مركزها قطعة الدائرة سطح يحيط به قوس أقل من النصف أو أكثر وخط مستقيم واصل بين طرفي القوس اعني وتر تلك القوس ويقال له قاعدة القطعة ونصف وتر القوس جيب لنصف ذلك القوس والعمود الخارج من منتصف القوس على منتصف الوتر سهم لتلك القوس عند بعض ولنصف القوس عند الأكثر من الاهليجي هو المحاط بقوسين متساويتين كل منهما أصغر من نصف المحيط فإن كانا أكبر فنسميه بالشلجمي وصورتها هكذا الحلقة المسطحة هي سطح يحيط به محيطاً دائرتين مركزهما واحد فإذا قطعت بالخطين المارين بالمركز ويسمى كل واحد من قطعتها بقطعة الحقلة الهلالي سطح مستو يحيط به قوسان ليستا أكثر من النصف من دائرتين أما متساويتين أو مختلفتين محدبهما إلى جهة واحدة وإن كان كل واحدة منهما أكثر من النصف يسمى نعليًا
210984
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الرابع/الفصل الثاني
ولنقدمة في الفصل ثم نشرح في المساحة أعلم أن المحيط ثلاثة أمثال القطر وكسر وهو أقل من سبع القطر لكن القوم أخذوه سبعا لسهولة الحساب وقال ارشميدس ذلك الكسر أقل من السبع وأكثر من عشرة أجزاء من أحد وسبعين وعلى ما حصلنا وذكرناه في رسالتنا المسماة بالمحيطية وهو ثالثة بعد طرح الروابع وما بعدها إذا كان القطر واحد وهذا أدق من حساب ارشميدس بكثير على ما بيناه في الرسالة المذكورة وأقرب منه إلى الصواب لكنه لا يعرف بالحقيقة إلا الله تبارك وتعالى فإذا كان قطر دائرة معلومًا ومحيطها مجهولا نضرب القطر في ذلك العدد ليحصل المحيط وإن كان بالعكس نقسم المحيط على ذلك العدد ليخرج القطر وإن كانا مجهولين نضع على المحيط نقطتين كيف اتفق وتدير عليهما دائرتين متساويتين بحيث تتقاطعان ونصل بين هذين التقاطعين خطا مستقيما ونخرجه إلى أن يتصل إلى المحيط في الجهتين فهو القطر هكذا وإن كانت المساحة معلومة نضربهما في ونقسم الحاصل على ونأخذ جذر الخارج فهو القطر أو نضربها في السبعة ونقسم الحاصل على ونأخذ جذر الخارج فهو نصف القطر وهما بحساب المشهور وأما بحسابنا فنقسم المساحة على ثلاثة ونأخذ جذر الخارج فهو القطر وأن نقسم المساحة على ثالثة ونأخذ جذر الخارج يحصل نصف القطر، ولنا حيلة في تحصيل ذرعان المحيط وهي أن نطبق خيطاً عليها ثم نمسح الخيط أو نضع أحد راسي الضلع على نقطة من المحيط وتحرك الذراع بحيث يماس جزء فجزء منه على محيطها إلى أن يمسح الجميع وأما المساحة فنضرب نصف القطر في نصف المحيط يحصل المساحة. نوع أخر نضرب مربع نصف القطر في نسبة المحيط إلى القطر اعني في ثلاثة وسبع بالحساب المشهور أو بأن نضربه في ونقسم الحاصل على وبحسابنا في ثالثة فما خرج فهو المساحة طريق أخر نضرب مربع القطر في أحد عشر ونقسم الحاصل على أربعة عشر فما خرج فهو المساحة بالحساب المشهور وبحسابنا نضربه في ثالثه وهو نسبة المساحة إلى مربع القطر يحصل المطلوب وهذا العدد ربع العدد الأول لإن نسبة مساحة الدائرة إلى مربع نصف القطر كنسبة العدد الأول وهو ثالثة إلى الواحد ونسبة مربع نصف القطر إلى مربع القطر هي نسبة الربع وقد وضعنا حواصل ضروب هذين العددين في الأرقام الستنية في جدول لسهولة العمل وحولناها أيضاً إلى الرقوم الهندية والجدول هذا مثال مساحة يكون نصف قطرها سبعة وسبعين ذراعًا فيما ذهب إليه القوم ضربناه في بأن ضربناه في الكسر المجنس وهو حصل قسمنا على المخرج وهو سبعة خرج من القسمة وهو نصف المحيط تقريبًا أو بأن نضربه تارة في الثلاثة حصل وتارة في السُبْعِ حصل جمعناهما حصل وهو نصف المحيط وإن كان المحيط معلومًا وأوردنا معرفة نصف القطر نضرب نصف المحيط وليكن في بأن نضربه في الكسر وهو سبعة وقسمنا الحاصل على المخرج خرج من القسمة وهو نصف القطر فضربنا نصف القطر في نصف المحيط حصل وهو المساحة طريق أخرى نربع القطر وهو حصل نضربه في حصل قسمناه على خرج من القسمة مطابقًا للأول ثم عملنا برقوم الجمل هكذا ضربنا نصف القطر وهو ذراعًا في حصل قسمناه على إن كانت نسبة القطر إلى المحيط حسب مدعائهم نسبة السبعة إلى اثنين وعشرين فخرج من القسمة ذراعًا وهو نصف المحيط ضربناه في نصف القطر حصل ذراعًا وهو مرفوع ذراعان المساحة مطابقا للأول وإما على ما استقصينا فضربنا نصف القطر في نسبة المحيط إلى القطر وهذه المساحة أدق مما حصل بالحساب المشهور منه بسبعة أذرع و نصف تقريبًا طريق آخر ربعنا القطر صار ضربنا في نسبة الدائرة إلى مربع القطر حصل ثالثة وفيما كانت المساحة معلومة وأردنا معرفة القطر قسمناها وهي ما سبق على ثالثة عملنا بالجدول هكذا فخرج من القسمة أخذنا جذره فكان وهو مائة واربعة وخمسون وأما العمل بالرقوم الهندية فهكذا طريق أخر كان مربع القطر أخذنا بإزاء كل واحد من مفرداته من جدول نسبة المساحة إلى مربع القطر وضعناه متدرجا هكذا وقد ستبطنا الكلام في كيفية العمل هذه الجداول في رسالتنا الموسومة بالمحيطية
210988
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الرابع/الفصل الثالث
أما المساحة فنضرب ذرعان نصف القطر في ذرعان نصف القوس نوع أخر نحصل مساحة دائرة القطاع ونضرب مقدار قوس القطاع بالأجزاء التي بها يكون المحيط ثلاثمائة وستين ويقال لهاالأجزاء المحيطية في سُدس مساحة تلك الدائرة، طريق أخر يضرب مربع ذرعان نصف القطر في مقدار نصف قوسه بالأجزاء التي بها نصف القطر ستون والمحيط ثلاثمائة وسبعة وسبعون تقريبًا وإذا اسقطنا مثلث القطاع الذي هو أصغر من نصف الدائرة عنه بقيت القطعة الصغرى، وإذا زدناه على الذي هو أعظم من النصف حصلت القطعة الكبرى وإما، استخراج الأبعاد بعضها عن بعض فإن كان نصف القطر والوتر معلومين بمقياس واحد وأردنا معرفة قوسه نقسم نصف الوتر على نصف قطره منحطًا ونقوس الحاصل في الجيب فما خرج فهو نصف قوسه بالأجزاء التي بها المحيط ثلاثمائة وستون فإذا زدنا عليه ثلث سبعة بالحساب المشهور أو نضرب ثلاثة في نسبة المحيط إلى القطر التي وضعناها في الجدول فما حصل فهو مقدار نصف قوسه بالأجزاء التي بها نصف القطر ستون ثم إذا ضربناه في ذرعان نصف القطر حصل ذرعان نصف المحيط وإن نضرب ذرعان نصف القطر حصل في نسبة المحيط إلى القطر وهو بحسابنا وبالحساب المشهور ثلاثة وسبع ونضرب الحاصل في مقدار نصف قوسه بما به المحيط ثلاثمائة وستون ونقسم الحاصل على مائة وثمانين يخرج ذرعان نصف القوس وإن كان نصف القطر والسهن معلومين والباقي مجهولا ينقص السهم عن نصف القطر فما بقي العمود الخارج عن زاوية القطاع على منصف الوتر نزيده على نصف القطر ونضرب المجموع في السهم ونأخذ جذر الحاصل فهو نصف وتره والباقي كما سبق مثال جامع للمجموع قطاع كان نصف قطره اثنى عشر وسهمه اثنين نقصنا الأثنين عن بقي زدنا على بلغ ضربناه في حصل أخذنا جذره فكان قسمناه على نصف القطر منحطا خرج وهو جيب نصف قوسه قوسناه صار وهو نصف القوس بالأجزاء التي بها المحيط ثلاثمائة وستون أخذ ثلث سبعة بالحساب المشهور بأن قسمناه على فكان زدنا عليه بلغ ثانية وهو نصف قوسه بالأجزاء التي بها نصف القطر ستون وبحسابنا ضربنا ثُلث وهو في حصل ثالثة هذا نصف القوس بالأجزاء التي بها نصف القطر ستون ضربناه في نصف القطر المعلوم اعنى حصل بالحساب المشهور ثانية وهو ذرعان نصف قوسه وبحسابنا ثالثة طريق أخر ضربنا نصف القطر وهو في ثلاثة وسُبع بالحساب المشهور حصل ويكون برقوم الجمل ضربناه في نصف القوس بالأجزاء المحيطة وهو حصل ثانية قسمناه على مائة وثمانين خرج ثالثة كما سبق وإن كان الوتر والسهم معلومين والباقي مجهولاً نقسم مربع نصف الوتر على السهم فما خرج نزيد عليه السهم ونأخذ نصف المجموع فهو نصف القطر وإن كان ذرعان الوتر معلومًا وكذا القوس بالأجزاء المحيطية معلومة نقسم نصف الوتر على جيب نصف القوس منحطًا فما خرج فهو ذرعان نصف القطر وإن كان ذرعان القوس والوتر معلومين فقط ونريد معرفة نصف القطر يحصل أما بعمل اليد أو بأن نطلب باستقراء جدول الجيب يكون نسبة إلى قوسه كنسبة مقدار الوتر المعلوم إلى القوس المعلوم فتلك القوس يكون نصف قوس القطاع بالأجزاء التي بها المحيط ثلاثمائة وستون وإن كان ذرعان القوس ونصف القطر معلومين وإردنا معرفة الوتر لمساحة القطر نضرب القطر في نصف المحيط إلى القطر ونقسم عليه حاصل ضرب نصف القوس في مائة وثمانين فما خرج فهو نصف القوس بما به المحيط ثلاثمائة وستون نضرب جيبه في ذرعان نصف القطر منحطًا فما حصل فهو ذرعان نصف الوتر وأعلم أن القطاع الذي يكون قوسه ربع دائرة أو ثُلثها إذا وقعت في دائرة بحيث يماس طرفا قوسه وزاويته محيط الدائرة فالقطاع نصف تلك الدائرة والدائرة التي وقعت في القطاع الربعي يكون نسبتها إلى ذلك القطاع كنسبة الواحد إلى وهو نصف قطرخت الأجزاء التي بها نصف قطر القطاع ستون
210989
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الرابع/الفصل الرابع
أما مساحة الأهليجي فهو مجموع مساحة القطعتين عن جنبتى قطره الأطول ومساحة الهلالي والنعلي هي الفضل بين القطعتين إذا توهم خط وصل بين طرفهما وأما السطح الذي يحيط به قوسان من دائرتين مختلفتين محدبهما أما في جهتين مختلفتين كالسطح المنخفس أو المنكسف في صفحتي النيرين في الخسوفات والكسوفات الجزئية وأما في جهة واحدة كالنوراني الباقي منهما وإذا كان نصف قطريهما وقطره الأصغر معلومًا فقط فطريق مساحته ذكرناه في زيجنا المسمى بالزيج الخاقاني ومن أراد معرفته فعليه الرجوع إلى ذلك ومساحة الحلقة المسطحة فهي فضل مساحة الدائرة العظمى على الدائرة الصغرى أو حاصل ضرب البعدين الدائرتين في نصف مجموع محيطي الدائرتين ومساحة قطعة الحلقة المسطحة هي حاصل ضرب نصف مجموع القوسين المحيطين بها في البعدين القوسين.
210990
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الرابع/الفصل الخامس
بأن نأخذ بإزاء درجات القوس من الجدول جيبها وإن كانت معها دقائق نضربها في تفاضل السطرين ونضع الحاصل تحت جيب الدرجات منحطا بمرتبة وإن كانت معها ثوان نضربها في التفاضل المذكور أيضًا ونضع الحاصل تحت حاصل الدقائق منحطًا بمرتبة أخرى ثم نجمع الجميع يحصل جيب تلك القوس وقد وضعنا تفاضل ما بين كل سطرين لكل جيب بإزائه في جدول أخر مثاله أردنا جيب وإن كان معنا جيب نريد قوسه نطلب في الجدول أكثر جيب يمكن نقصانه عن الجيب المحفوظ فإذا وجد ننقصه منه ويحفظ قوسه اعني العدد الموضوع بإزائه على حاشية الجدول وهي الدرجات وما بقي من الجيب نقسمه على تفاضل ما بين االسطرين فما خرج فهو دقائق القوس وثوانيها مثاله كان معنا جيب وهو وأردنا قوسه فطلبنا في الجدول أكثر جيب يمكن نقصانه عن فوجدنا بإزاء من الدرجات من الجيب نقصناه الجيب المحفوظ اعنى بقي قسمناه على تفاضل ما بين السطرين وهو كان خرج من القسمة من الدقائق والثواني جمعناه مع الدرجات فصار وهو القوس المطلوب ومن أراد التدقيق فعليه الرجوع إلى جدول الزيج الايلخاني أو زيجنا المعروف بالخاقاني إذا كان هذا المقدار كافيًا في هذا الكتاب والجدول هذا
211145
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الخامس
أما مساحة السطح الذي تحيط به خط شبيه بالمستدير فبأن يجعل فيه ذا أضلاع كثيرة، أما بحيث لا يعتد التفاوت بين السطح المحاط بالخط المستدير، والسطح المحاط بالإضلاع وإما بحيث يكون القطعات الباقية التي محيط بكل واحدة منها واحد من الأضلاع المعلومة وقطعة من الخط الشبيه بالمستدير قريبة بقطعات الدائرة الحقيقة لا يعتد بينهما بشيء فمجموع مساحة القطعان مع مساحة الكثيرة الأضلاع يكون مساحته تقريبًا، وأما مساحة سائر السطوح المستوية كالمطبل والمُدَرَّج وذوات الشرفات وذوات الأضلاع المستديرة وغيرها فيسهل على من أطلع على ما ذكرنا بأن يقطعه إلى الأشكل المذكورة أو يزيد فيه شيئًا، إلى أن يصير إلى الأشكال المذكورة وبعد المساحة ينقص مساحة ما زاد فيه
211146
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السادس
الفصل الأول في التعريفات الفصل الثاني في مساحة سطح الاسطوانة الفصل الثالث في مساحة سطح المخروط الفصل الرابع في مساحة سطح الكرة واستخراج قطرها الفصل الخامس في مساحة السطح المستدير لقطعة الكرة واستخراج أبعادها الفصل السادس في مساحة السطح المستدير لضلع الكرة
211148
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السادس/الفصل الأول
الاسطوانة المستديرة مجسم به يحيط به دائرتان متساويتان متوازيتان هما قاعدتاها، وسطح مستدير في العرض مستقيم في الطول واصل بين قاعدتها بحيث إذا أدير مستقیم واصل بين محیطى القاعدتين عليهما موازيا المستقيم واصل بين مرکزی القاعدتين ماس السطح والخط الواصل بين المركز سهم الاسطوانة ويدعى بمحورها أيضًا فإن كان عمودا على الدائرتين فالاسطوانة قائمة وإلا فمائلة تعريف أخر للاسطوانة القائمة إذا أدير ذو أربعة أضلاع قائم الزوايا على أحد أضلاعه فالشكل الحادث هو الأسطوانة المستدير القائمة المخروط المستدير مجسم يحيط به دائرة هي قاعدته وسطح مستدير مرتفع عن محيطها على التضايق إلى نقطة هي رأسه بحيث إذا أدير المستقيم الواصل بين رأسه ومحيط قاعدته عليه ماس السطح والخط الواصل بين رأسه ومركز قاعدته هو سهم المخروط، فإن كان عمودا على قاعدته فالمخروط قائم وإلا فمائل وإذا توهم قطعه بسطح يكون سهمه في ذلك السطح قائما على قاعدته سواء كان المخروط قائما أو مائلا فالمثلث الحادث فيه يسمى مثلث المخروط، وكل مخروط إذا فصل بسطح مواز لقاعدته كان ذلك الفصل دائرة، والسهم يمر بمركزها، وينقسم به إلى مخروط أصغر منه مشابه له، ومجسم يسمى بمخروط الناقص. وإذا ادير مثلث قائم الزواية على أحد أضلاعه القائمة فالشكل الحادث هو المخروط المستدير القائم وإذا ادير ذو زنقة واحدة على ضلعه القائم على المتوازيين فالشكل الحادث هو المخروط الناقص القائم وذلك الخط سهمه محوره، وإرتفاعه والمركب من مخروطين قائمين قاعدتهما دائرة واحدة سمى بالمعين المجسم، وإذا افرز عن مخروط قائم مجسم معين يكون أحد رأسيه مركز قاعدة المخروط فاسمى المجسم الباقي بفضل المخروط وهو كمخروط الناقص افرز منه مخروط رأسه مركز قاعدة المخروط الأول وقاعدة السطح الأعلى للمخروط الأول، وإذا أفرز عن معين مجسم معيّن مجسم آخر يكون رأسا أحدهما رأسى الآخر فسمي المجسم الباقي بفضل المعين وهو كمركب عن مخروطين قائمين أحدهما تام والأخر ناقص قاعدتهما واحدة، أفرز منه مخروط رأسه رأس المخروط وقاعدته السطح الأعلى من المخروط الناقص، وأعلم أن الأسطوانة والمخروط قد يكونان مضلعين فقاعدتها ذوات أضلاع والسطح المحيط بالأسطوانة مستطيلات وبالمخروط مثّلثات المنشور أسطوانة قاعدتاها مثلثان متساويان أضلاع أحدهما يوازي أضلاع الآخر الكرة جسم يحيط به سطح مستدير وفي داخله نقطة يكون كل الخطوط الخارجة منها إليه متساوية وتلك النقطة مركزها والخطوط انصاف أقطارها وذلك السطح محيطها وأعظم دائرة نفع فيها ما يمر بمركزها ولابد أن ينصفها، وإذا قطعت الكرة الكرة بسطح مستو إلى قسمين فيقال لكل احد منهما قطعة الكرة، والدائرة التي حدثت فيها هي قاعدة القطعة، ورأس القطعة نقطة على سطحها المسدير يتساوي جميع الخطوط الخارجة منها إلى محيط القاعدة، فقال لها قطب القطعة أيضاً، والخط الواصل بين مركز القاعدة ورأس القطعة هو ارتفاع القطعة وسهمها أيضاً، قطاع الكرة هو مجموع قطعة الكرة ومخروط مستدير قاعدته قاعدة القطعة ورأسه مركز الكرة ضلع الكرة هو ما أحـاط به نصفا عظيمتين وسطح كرى يكون نصف قطرها مساويا لنصف قطر الدائرتين، وهو يشبه أضلاع البطيخ. الفلكة اسطوانة مجوفة متساوية الثخن لا يكون سمكها أكثر من قطر قاعدتها ويكون قطر قاعدة تجويفها أقل من نصف قاعدتها أو مساوياً له سواء كان تحته أقل من سمكها أو أكثر، وما كان قطر قاعدة الجويف أكثر من نصف قطر قاعدته بحيث يكون ثخنه أقل من سمكه نسميه بالدفي، وما كان سمكه أكثر من قطر القاعدة مطلقاً فهو الأنبوبة. وبعبارة أخرى إذا ادير سطح مستطيل حول خط خارج منه مواز لضلعه الأقصر بعده عنه لا يكون من ضلعه الأطول وكان ذلك الخط موازيا لضلعه الأطول ولا يكون ضلعه الأقصر أقل من بعده ولا يكون مجموعهما أكثر من ضلعه الأطول والشكل الحادث هو ما سميناه بالفلكة، وإن كان ذلك الخط موازيا لضلعه الأطول ويكون ضلعه الأقصر أقل من بعده عنه ومجموعهما اكثر من ضلعه الأطول فالشكل الحادث ما سميناه بالدّفي وإن كان مجموعهما أقل من سواء كان بعد الخط أقل من ضلعه الأقصر أو أكثر منه وهو الأنبوبة، وكل سطح أدير حول خط خارج عنه غير مواز لضلعه الأطول إن كان مستطيلاً مطلقاً أو مواز لضلعه الأقصر أو لأحد أضلاع المربع، ويكون بعده عنه أكثر من أعظم أضلاعه وأقطاره فالشكل الحادث نسميه بالحلقة وننسبه إلى سطح حادث فيها عن تصور قطعها بسطح يكون محورها فيه فالحلقة المربعة ما كان السطح الحادث فيها مربعاً والمستديرة ما كان دائرة وعلى هذا القياس والحلقة المربعة إما أن يكون أحد أضلاعه مربَعه موازيا لمجوره أولاً، ويقال للثاني المربعة الموربة، وبعض يرسم الدّفي بكرة مجوفة متساوية الثخن أفرز عنه قطعتان تكونا قاعدتاهما متساويتين متوازيتين، وما قلنا أشبه بالدف من هذا.
211150
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقدمة
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت. العظمة لك والكبرياءُ لجلالك يا قائم الذات، ومفيض الخيرات، واجب الوجود وواهب العقول، وفاطر الأرض والسمـٰوات، مبدي الحركة والزمان ومبدع الحين والمكان، فاعل الأرواح والأشباح، وجاعل النور والظلمات، محرك الأفلاك المدبرات، ومزيّنها بالنجوم الثوابت والسيارات، ومقرر الأرض وممهدها لأنواع الحيوان وأصناف المعادن والنبات، دام حمدك وجل ثناؤك، وتعالى ذكرك وتقّدست أسماؤك، لا إله إلا أنت وسعت رحمتك، وكثرت آلاؤك ونعماؤك، أفض علينا أنوار معرفتك، وطهّر نفوسنا عن كدورات معصيتك، وأمطر علينا سحائب فضلك ورحمتك، واضرب علينا سُرادقات عفوك ومغفرتك، وأدخلنا فى حفظ عنايتك ومكرمتك، وصل على ذوي الأنفس الطاهرات والمعجزات الباهرات، خصاصاً على سيّد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغرّ المحجلين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، الذي اخترته للنبوة، وآدم بين الماء والطين، وأرسلته رحمة للعالمين، وأيدته بنصرك وبالمؤمنين، وختمت به الأنبياء والمرسلين، وعلى إخوانه من النبيّين والصالحين، وآله وصحبه أجمعين. يقول العبد الأصغر زكرياءُ بن محمد بن محمود القزويني تولّاه الله بفضله، وهو من أولاد بعض الفقهاء الذين كانوا موطنين بمدينة قزوين، وينتهي نسبه إلى أنس بن مالك خادم رسول الله : لما حكم الله تعالى ببعد الدار والوطن، ومفارقة الأهل والسكن، أقبلت على مطالعة الكتب على رأي من قال: وكنت مستغرقاً بالنظر في عجائب صنع الله تعالى في مصنوعاته، وغرائب إبداعه في مبدعاته كما أرشد الله سبحانه إليه حيث قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ وليس المراد من النظر تقليب الحدقة ونحوها فإِنْ البهائم تشارك الإنسان فيه، ومن لم ير من السماء إلا زرقتها ومن الأرض إلا غبرتها فهو مشارك للبهائم في ذلك، وأدنى حالاً منه، وأشد غفلة، كما قال تعالى: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ ﴾ إلى أن قال: ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾ والمراد من هذا النظر التفكر في المعقولات والنظر في المحسوسات والبحث عن حكمتها وتصاريفها ليظهر له حقائقها، فإِنّها سبب اللذات الدنيوية والسعادات الأخروية، ولهذا قال : «أرني الأشياء كما هي» وكلما أمعن النظر فيها ازداد من الله تعالى هداية ويقيناً ونوراً وتحقيقاً، ولهذا قال : «تفكروا في خلق الله» والفكر في المعقولات لا يتأنى إلا لمن له خبرة بالعلوم والرياضات، بعد تحسين الأخلاق وتهذيب النفس، فعند ذلك ينفتح له عين البصيرة ويرى في كل شيء من العجب ما يعجز عن إدراك بعضها، فلو ذكر طرفاً منها لغيره لأنكره، ولله در القائل: ومن هذا القبيل ما أخبر اللّه تعالى في كتابه عما جرى بين الخضر وموسى عليهما الصلاة والسلام، وما ذكر أيضا أن موسى اجتاز بعين ماء في سفح جبل فتوضأ ثم ارتقى الجبل ليصلي إذ أقبل فارس وشرب من ماء العين، وترك عندها كيساً فيه دراهم، فجاء بعده راعي غنم فرأى الكيس فأخذه ومضى، ثم جاء بعده شيخ عليه أثر البؤس والمسكنة، على ظهره حزمة حطب فحط حزمته هناك، واستلقى ليستريح فما كان إلا قليل حتى عاد الفارس يطلب كيسه، فلما لم يجده أقبل على الشيخ يطالبه به، فلم يزل يضربه حتى قتله، فقال موسى: يا رب كيف العدل في هذه الأمور؟ فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه: إن الشيخ كان قد قتل أبا الفارس، وكان على أبي الفارس دين لأبي الراعي مقدار ما في الكيس، فجرى بينهما القصاص، وقضى الدين، وأنا حكيم عادل. ولقد حصل لي بطريق السمع والبصر والفكر والنظر حكم عجيبة، وخواص غريبة، فأحببت أن أقيدها لتثبت، وكرهت الذهول عنها مخافة أن تفلت، وقد كثرت على عواطف المولى الصاحب الصدر الكبير العادل المؤيد المظفر شمس الدولة ظهير الملة علاء الدين عماد الإسلام نظام الملك غياث الأمة عطاء الملك بن محمد بن محمد، ضاعف اللّه جلاله وأدام في العز العلاء إقباله، فإنه مع شريف منزلته وعلو مرتبته مشهور بالكرم والإحسان مذكور لوفور الفضل عن أهل الزمان وقد خصه اللّه تعالى بمكارم الأخلاق وفضائل الحسب والمجد الموروث والمجد المكتسب، فخدمت بهذا الكتاب مجلسه الرفيع أدام اللّه رفعه وكبت أعداءه حسدته، فإنه منبع الخيرات ومعدن المسرات، شكرا لأياديه السابقة وقضاء لحقوقه اللاحقة ورجاء أن يتخلد اسمي بتخليد ذكره الشريف، ويتأبيد وسمي بتأبيد عزه المنيف، والله ولي التوفيق، وعلى ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير. وعلى الناظر في كتابي هذا أن يعنى في جمع ما كان مبدداً، وتلفيق ما كان مشتتاً وقد ذكر فيه أسباباً تأباها طباع الغبي الغافل، ولا ينكرها نفس الذكي العاقل، فإنّها وإن كانت بعيدة عن العادات المعهودة والمشاهدات المألوفة لكن لا يستعظم شيء مع قدرة الخالق وجبلة المخلوق وجميع ما فيه إِما عجائب صنع الباري تعالى وذلك إما محسوس أو معقول، لا ميل فيهما ولا خلل، وإما حكاية ظريفة منسوبة إلى رواتها لا ناقة لي فيها ولا جمل، وإما خواص غريبة، وذلك مما لا يفي العمر بتجربتها، ولا معنى لترك كلها لأجل الميل في بعضها، فإن أحببت أن تكون منها على ثقة، فَشمّر لتجربتها، وإيّاك أن تغتر أو تلم أو تمل إذا لم تصب في مرّة أو مرتين فِإِنٌّ ذلك قد يكون لفقد شرط أو حدوث مانع، وحسبك ما ترى من حال المغناطيس وجذبه الحديد، فإنّه إذا أصابه رائحة الثوم بطلت تلك الخاصية، فإذا غسلته بالخل عاد إليه، فإذا رأيت مغناطيساً لا يجذب الحديد فلا تنكر خاصيته، فأصرف عنايتك إلى البحث عن أحواله حتى يتضح لك أمره، على أني أشهد الله تعالى أن شيئاً منها ما افتريته بل كتبت الكل كما اقتريته، فإن نظرت إليها بعين الرضا فإنها عن كل عيب كليلة، وإن نظرت بعين السخط فالمساوى كثيرة، وعين الكريم عن المعائب عمياء، وأذنه عن المساوئ صماء، ولله در القائل: وسميته «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» ولا بد من ذكر مقدمات أربع في شرح هذه الألفاظ، ليتبين منها مقصود الكتاب، والله الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211151
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقدمة الأولى
قالوا العجب حيرة تعرض للإنسان لقصوره عن معرفة سبب الشيء أو عن معرفة كيفية تأثيرة فيه مثاله أنْ الإنسان إذا رأى خليّة النحل ولم يكن شاهده قبل لكثرته حيره لعدم معرفة فاعله، فلو علم أنه من عمل النحل لتحيّر أيضاً من حيث أنَّ ذلك الحيوان الضعيف كيف أحدث هذه السدسات المتساوية الأضلاع الذي عجز عن مثلها المهندس الحاذق مع الفرجات والمسطرة، ومن أين لها هذا الشمع الذي اتخذت منه بيوتها المتساوية التى لا تخالف بعضها بعضاً كأنها أفرغت في قالب واحد، ومن أين لها هذا العسل، الذي أودعته فيها ذخيرة للشتاء، وكيف عرفت أن الشتاء يأتيها وأنّها تفقد فيه الغذاء، وكيف اهتدت إلى تغطية خزانة العسل بغشاء رقيق ليكون الشمع محيطاً بالعسل من جميع جوانبه، فلا ينشفه الهواء ولا يصيبه الفأر، ويبقى كالبرنية المنضمة الرأس، فهذا معنى العجب، وكل ما في العالم بهذه المثابة. إلا أن الإنسان يدركه في زمن صباه عند فقد التجربة ثم تبدو فيه غريزة العقل قليلاً قليلاً وهو مستغرق الهم في قضاء حوائجه وتحصيل شهواته، وقد أنس بمدركاته ومحسوساته، فسقط عن نظره بطول الأنس بها، فإذا رأى بغتة حيواناً غريباً أو فعلاً خارقاً للعادات انطلق لسانه بالتسبيح فقال: سبحان الله، وهو يرى طول عمره أشياء تتحيّر فيها عقول العقلاء، وتدهش فيها نفوس الأذكياء، فمن أراد صِحّة أو صدق هذا القول، فلينظر بعين البصيرة إلى هذه الأجسام الرفيعة، وسعتها وصلابتها وحفظها من التغيّر والفساد، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، فإن الأرض والهواء والبحار بالإضافة إليها كحلقة ملقاة في فلاة، قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾. ثم إلى دورانها مختلفاً، فإن بعضها يدور بالنسبة إلينا رحوية، وبعضها حمائلية، وبعضها دولابية، وبعضها يدور سريعاً، وبعضها يدرر بطيئاً، ثم إلى دوام حركاتها من غير فتور وإلى إمساكها من غير عمد تعمد بها أو علاقة تدلى بها. ثم لينظر إلى راكبها وكثرتها واختلاف ألوانها، فَإنّ بعضها يميل إلى الحمرة، وبعضها إلى البياض، وبعضها إلى لون الرصاص. ثم إلى مسير الشمس وفلكها مدة سنة، وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار ومعرفة الأوقات، وتمييز وقت المعاش عن وقت الاستراحة. ثم إلى إمالتها عن وسط السماء حتى وقع الصيف والشتاء والربيع والخريف. وقد اتفق الباحثون على أنّها مثل كرة الأرض مائة مرّة ونيّفاً وستّين مرّة، وفي لحظة تسير أكثر من قطر كرة الأرض، وقد عرض ذلك جبريل عليه السلام حيث قال للنبي من وقت لا إلى أن قلت نعم سارت الشمس خمسمائة عام. ثم لينظر إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس لينوب عنها بالليل. ثم إلى امتلائه وانمحاقه، ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر، ومن العجائب السواد الذي في جرم القمر، فإنّه لم يسمع فيه قول شاف إلى زماننا هذا. وكذلك أي المجرّة وهي البياض الذي يقال له شرج السماء وهو على ذلك يدور بالنسبة إلينا رحوية. وعجائب السمـٰوات لا نستطيع إحصاء عشر عشيرها، لكن القدر الذي جرى في جرم القمر ذكرناه تبصرة لكل عبد منيب. ثم لينظر إلى ما بين السماء والأرض من انقضاض الشهب والغيوم والرعود والبروق والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب وليتأمل السحاب الكثيف المظلم كيف اجتمع في جو صاف لا كدورة فيه، وكيف حمل الماء وتسخر الرياح، فإنّها تتلاعب به وتسوقه إلى المواضع التي أرادها الله تعالى، فترش وجه الأرض وترسله قطرات متفاصلة لا تدرك قطرةٌ منها قطرة لصيب وجه الأرض برفق، فلو صبّه صبَاً لأفسد الزرع بخدشه وجه الأرض، ويرسلها مقداراً كافياً لا كثيراً زائداً على الحاجة، فيعفن النيات ولا قليلاً ناقصاً عن الحاجة، فلا يتم به النمو كما قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ ﴾. ثم إلى اختلاف الرياح، فِإنَّ منها ما يسوق السحب، ومنها ما ينشرها، ومنها ما يجمعها، ومنها ما يعصرها، ومنها ما يلقح الأشجار، ومنها ما يربي الزرع والثمار، ومنها ما يجففها. ثم لينظر إلى الأرض وجعلها قراراً لتكون فراشاً ومهاداً، ثم إلى سعة أكنافها، وبعد أقطارها حتى عجز الأدميون عن بلوغ جميع جوانبها، ﴿ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴾، ثم إلى جعل ظهرها محلاً للأحياء وبطنها مقرا للأموات، فتراها وهي ميتة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأظهرت أجناس المعادن وأنبتت أنواع النبات وأخرجت أصناف الحيوان، ثم إلى إحكام أطراقها بالجبال الشامخات كأوتاد لها يمنعونها من أن تميد، ثم إلى إيداع أوشال المياه في خزانات ليخرج منها قليلاً قليلاً، فتنفجر منها العيون، وتجري منها الأنهار دائماً. ثم لينظر إلى البحار العميقة التي هي خلجان من البحر الأعظم المحيط بجميع الأرض حتى أن جميع المكشوف من البوادي والجبال، بالإضافة إلى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم، وبقية الأرض مستورة بالماء. ثم إلى ما فيها من الحيوان والجواهر وما من صنف من أصناف حيوان البر إلا وفي البحر أمثاله وأضعافه، وفيها أجناس لا يعهد لها نظير في البر. ثم لينظر إلى خلق اللؤلؤ في صدفه تحت الماء، ثم إلى إنبات المرجان في صميم الصخر تحت الماء، وهو نبات على هيئة شجرة ينبت من الحجر، ثم إلى ما عداه من العنبر وإلى أصناف النفائس التي يقذفها البحر وتُستخرج منه. ثم إلى السفن كيف سيرت في البحار وسرعة جريها، وإلى إيجاد الأنهار، ومعرفة النواتي موارد الرياح ومهابها وسواقيها. وعجائب البحار كثيرة لا مطمع في إحصائها، وقد قيل: حدّث عن البحر ولا حرج وفيما ذكرناه كفاية. ثم لينظر إلى أنواع المعادن المودعة تحت الجبال فمنها ما ينطبع كالذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص، ومنها ما لا ينطبع كالفيروزج والياقوت والزبرجد، ثم إلى كيفية استخراجها وتنقيتها واتخاذ الحلي والآلات والأواني منها، ثم إلى معادن الأرض كالنفط والقير والكبريت وغيرها، وأقلها الملح فلو خلت منه بلدة لتسارع الفساد إلى أهلها. ثم لينظر إلى أنواع النبات وأصناف فواكهها مختلفة الأشكال والألوان والطعوم والأرابيج تسقى بماء واحد، وتفضل بعضها على بعض في الأكل مع اتحاد الأرض والهواء والماء، فيخرج من نواة نخلة مطوقة بعناقيد الرطب وبرة حبة سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، ثم لينظر إلى أرض البوادي وتشابه أجزائها، فإنّها إذا نزل القطر عليها ﴿ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾. ثم إلى كثرتها وأختلاف أصنافها متشابهة وغير متشابهة، ثم إلى كثرة أشكالها وألوانها وطعومها وروائحها واختلاف طبائعها، وكثرة منافعها، فلم ينبت من الأرض ورقة إلا وفيها منفعة أو منافع يقف فهم البشر دون إدراكها. ثم لينظر إلى أصناف الحيوان وانقسامها إلى ما يطير ويقوم ويمشي، وانقسام الماشي إلى ما يمشي على بطنه، وإلى ما يمشي على رجلين، وإلى ما يمشي على أربع، وإلى أشكالها وألوانها وصورها وأخلاقها وأفعالها ليرى عجائب تدهش منها العقول بل في البقة أو النمل أو العنكبوت أو النحل، فإنُها من ضعاف الحيوانات ليري ما يتحير منه من بنائها البيت وحجمعها الغذاء، وادخارها القوت لوقت الشتاء وحلقها في هندستها ونصبها الشبكة للصيد، ولا من حيوان صغير ولا كبير إلا وفيه من العجائب ما لا يحصى، وإنما سقط التعجب هنا للأنس وكثرة المشاهدة. وعجائب السمـٰوات والأرض كما قال تعالى: ﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ بحار لا يدرى سواحلها ولا يعرف أوائلها ولا أواخرها، والله الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211152
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقدمة الثانية
المخلوق كل ما هو غير الله سبحانه وتعالى، وهو إما أن يكون قائماً بالذات أو قائماً بالغير، والقائم بالذات إما أن يكون متحيزاً أو لم يكن، فإن كان متحيّزاً فهو الجسم، وإن لم يكن فهو الجوهر الروحاني، وهو إما أن يكون متعلقاً بالأجسام تعلق التدبير، وهو النفس، أو لا يكون، وهو إمًا أن يكون سليماً عن الشهوة والغضب وهو الملك أو لا يكون وهو الجن. والقائم بالغير، إن كان قائماً بالمتحيّزات فهو الأعراض الجسمانية، وإن كان قائماً بالمفارقات فهو الأعراض الروحانية كالعلم والقدرة، والأعراض الجسمانية إما أن يلزم من صدقها حصول صدق النسبة، أو صدق قبول النسبة أولا هذا ولا ذاك، فإن كان الأول، فالنسبة إِما حصول في المكان وهو الأين أو في الزمان وهو الشيء أو نسبة متكرّرة وهو الإضافة أو تأثير الشيء في الشيء وهو الفعل، أو تأثر الشيء عن الشيء وهو الانفعال وكون الشيء محيطاً بالشيء يجب أن ينتقل المحيط بانتقال المحاط به وهو الملك أو هيئة حاصلة بمجموع الجسم يسبب حصول النسب بين أجزاء بعضها إلى بعض، وبين أجزائه والأمور الخارجية وهو الوضع. وإن كان يلزم من حصولها صدق قبول النسبة، فهو إما أن يكون بحيث لا يحصل بين أجزائه حدود مشتركة وهو العدد، أو يحصل وهو المقدار، وإن كان لا يلزم من حصولها صدق قبول النسبة، فِإمًا أن يكون مشروطاً بالحياة أو لم يكن، فإن كان فإِمًا أن يتوقف على الشهوة والنقرة وهو التحريك أو لا يتوقف، وهو الإدراك، ثم الإدراك إِما إدراك الكليّات وهو العلوم والظنون والجهالات أو إدراك الجزئيات، وهو الحواس الخمس، وإن لم يكن مشروطاً بالحياة فهو الأعراض المحسوسة بالحواس الخمس، أمّا المحسوسات بالقوة الباصرة فكالأضواء والألوان، وأمًا المحسوسات بالقوة الشامة فكالطيب والنتن، وأما المحوسات بالقوة السامعة فالأصوات والحروف، وأمًا المحسوسات بالقَوّة اللامسة فكالحرارة والبرودة والرطوية واليبوسة والثقل والخفة والصلابة واللين والخشونة والملاسة، فهذه جملة أقسام الممكنات، وسيأتي الكلام في كل قسم منها إن شاء الله تعالى. ذكر أهل السير أنه وجد في السفر الأوّل من التوراة أن الله تعالى خلق جوهراً، ثم نظر إليها نظر الهيبة فذاب الجوهر وصعد منه دخان ورسب منه رسوب، فخلق سبحانه من الدخان السمـٰوات، ومن الرسوب الأرض. ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾. وأحكم جلت قدرته خلق المجموع في سّتة أيام. قال بعض العلماء إن اليوم في اللغة الكون الحادث والأيام ههنا مراتب مصنوعاته لأنّ قبل الزمان لا يمكن تجدد الزمان، فمن الأيام الستة يوم لمادة الأرض، ويوم لصورتها، ويوم لمادة السماء، ويوم لصورتها، ويوم لمكملاتها من الجبال والكواكب والنفوس وغيرها. وقال أيضاً كل ما فوق الأرض فهو سماء في طريق اللغة يقولون: ما علاك فهو سماؤك، وما دون فلك القمر فهو بالنسبة إلى الأفلاك أرض، قال تعالى: ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ يعني سبعاً، فالأوّل كرة النار، والثانية كرة الهواء، والثالثة كرة الماء، والرابعة كرة الأرض، وثلاث طبقات ممتزجات بين الأربعة الأولى من النار والهواء، والثانية من الهواء والماء، والثالثة من الماء والأرض، ثم دبر بعنايته بعد الجماد أمر المعادن الداخلة في الجماد ثم النبات ثم الحيوان، فهذا هو القول الكلي في المخلوقات، وسيأتي القول في جزئياتها في مقالتين إن شاء الله تعالى. والله الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211153
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقدمة الثالثة
الغريب كل أمر عجيب قليل الوقوع مخالف للعادات المعهودة والمشاهدات المألوفة، وذلك إِمّا من تأثير نفوس قوية، وتأثير أمور فلكية، أو أجرام عنصرية، كل ذلك بقدرة الله تعالى وإرادته. فمن ذلك معجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كانشقاق القمر، وانفلاق البحر، وانقلاب العصا ثعباناً، وكون النار برداً وسلاماً، وخروج الناقة من الصخرة الصمّاء، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، ومنها كرامات الأولياء الأبرار، فإِن تأثير نفوسهم تتعدّى إلى غير أبدانهم حتى يحدث عنها انفعالات غريبة في العالم فيشفى المريض باستشفائهم وتسقى الأرض باستسقائهم، وربما يحدث الخسف والزلزلة والطوفان والصواعق بدعواتهم، ويصرف الوباء والموتان باستدعائهم، وتبدل لم نفرة الطيور بالهدوء والوقوع وصولة السباع وشدتها باللين وخضوع. ومنها أخبار الكهنة والكهانة اندرست بمبعث النبي وكانوا يأتون الجاهلية بأمور غريبة زعموا أنْها كانت بواسطة اختلاط نفوسهم بنفوس الجن، ومنها الإصابة بالعين، فإن العائن إذا تعجب من شيء كان تعجبه مهلكاً للمتعجب منه بخاصية لنفسه لا يوقف عليها، ومنها اختصاص بعض النفوس من الفطرة بأمر غريب لا يوجد مثله لغيرها، كما ذكر أنَّ في الهند قوماً إذا اهتموا بشيء اعتزلوا عن الناس وصرفوا همتهم إلى ذلك الشيء، فيقع على وفق اهتمامهم. ومن هذا القبيل ما حكي أنّ السلطان محمود غزا بلاد الهند، وكان فيها مدينة كل من قصدها مرض، فسأل عن ذلك، فقالوا: إن عندهم جمعاً من الهند يصرفون هممهم على ذلك، فيقع المرضى على وفق اهتمامهم، فأشار إليه بعض أصحابه بدق الطبول ونفخ البوقات الكثيرة ليشوش همههم ففعلوا ذلك، فزال المرض، واستخلصوا المدينة. ومن هذا القبيل ما ذكر أن رجلاً فيلسوفاً في زمن خوارزم محمد بن تكش جاء من بلاد الهند إلى خراسان فأسلم، وكان يقال له داناي هند يستخرج طالع كل إنسان أراد حتى جربوه بالطوالع الرصدية فلم يخط شيئاً، وزعم أن ذلك له بواسطة حساب يعرفه، فرفع أمره إلى السلطان، فقال له: هل تقدر على استخراج غير الطوالع؟ قال: نعم، قال: أخبرني عمًا رأيت البارحة في نومي، فرجع إلي نفسه وحسب ثم قال: رأى السلطان أنّه في سفينة، وبيده سيف، فقال السلطان: لقد أصاب، لكنًا لا نقنع بهذا القدر لأني على طرف جيحون كثيراً ما أركب السفينة، والسيف لا يفارقني، فربما قال اتفاقاً، فامتحنه مرّة أخرى فأصاب، فقرّبه من نفسه، وكان يستعين به في أموره. ومن ذلك أمور سماوية كظهور الكواكب ذوات الأذناب، والتماثيل والشانين، وانقضاض شهب يستضيء الجو منها، ومنها سقوط جسم من الجو ثقيل كما ذكر الشيخ الرئيس أنه سقط في زمائه بأرض جوزجانان جسم كقطعة حديد قدر خمسين منّاً مثل حبات الجاورش المنضمة، فأرادوا كسرها، فما كان يعمل فيها الحديد البتة. ومنها سقوط ثلج أو برّد في غير أوانه كما حكي عن بعض شيوخ قزوين أنّه أتاهم في زمن المشمش برد عظيم كل واحدة على قدر الجوزة، فأهلك كثيراً من الحيوان والنبات، والمشمش لا يدرك بقزوين إلا في الصيف. ومتها سقوط أحجار من الحديد والنحاس في وسط الصواعق، وذلك يوجد بلاد الترك، وربّما يوجد بأرض جيلان أيضاً. وحكى أبو الحسن علي بن الأثير الجزري فى تاريخه أنه نشأت بإفريقية في سنة إحدى عشرة وأربعمائة سحابة شديدة الرعد والبرق، فأمطرت حجارة كثيرة وأهلكت كل من أصابته. وأغرب من هذا ما حكاه الجاحظ أنه نشأت سحابة بأيدج وهي مدينة بين أصبهان وجوزستان سحابة طحيا تكاد تمس رؤوس الناس، وسمعوا منها كهدير الفحل، ثم إنها دفعت بأشد مطر ثم استسلموا للغرق، ثم دفعت بالضفادع والشبابيط العظام السمان، والشبوط نوع من السمك، فأكلوا وملحوا وادّخروا كثيراً. ومن ذلك أمور أرضية مثل صيرورة اليبس بحراً كأرض يونان، فإنها كانت بلاداً معمورة والآن استولى الماء عليها، وصيرورة البحر يبساً كأرض ساوة، فإنها كانت بحراً والآن لا يرى فيها أثر البحر. ومنها ما زعموا أنّه يصعد من الأرض بخار لا يصيب شيئاً من الحيوان والنبات إلا جعله حجراً صلداً، وآثار ذلك ظاهرة بانضا من أرض مصر، ومثله شم بأرض قزوين، ومنها وقوع خسف بناحية من الأرض، وخروج ماء أسود منها، وقد شوهد ذلك في كثير من النواحي، منها مدينة عنجرة بأرض الروم، وقرية دركزين من أعمال همدان، ومنها زلزلة تبقى شهراً أو أكثر ببعضي النواحي، وقد شوهد ذلك بأرض نيسابور والري، وحدّثني أبو القاسم الرافعي قدّس الله روحه أنه شاهد في هذه الزلزلة سقفاً قد أنشق حتى رأى الكواكب من جانبه، ثم عاد إلى حاله ولم يظهر عليه أثر الشق. ومنها ظهور معدن ببعض الأصقاع لم يعرف قبل ذلك من الزمان كصهور معدن الذهب عند الإسماعيلية. ومنها ظهور نبت بأرض لا عهد للناس بوجوده هناك كظهور الترنجبين بأرض ساوة. ومنها تولد حيوان غريب الشكل لم ير مثله، كما روي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه رأى باليمن إنساناً من وسطه إلى أسفله بدن امرأة، ومن وسطه إلى فوق بدنان مفترقان بأربع أياد ورأسين ووجهين، وهما يأكلان ويشربان ويختصمان ويصطلحان، وذكر أن امرأة بكلوسامان من قرى بلخ ولدت شخصاً له نصف بدن ونصف رأس، ويد واحدة ورجل واحدة على صورة النسناس الذي يوجد في غياض الشجر باليمن، ثم حملت مرّة أخرى فولدت بدناً له رأسان، وزعم الحكماء أنهم وجدوا ثلاثة معان من الأمور غريبة، وقد وضعوا لكل معنى اسماً، وأحد هذه المعاني: الآثار النفسانية والانفعالات التابعة للتصورات من غير واسطة أمر طبيعي، فاستعمال تلك التصورات في الخير معجرة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وكرامة من الأولياء عليهم الرحمة والرضوان واستعمالها في الشر سحر من النفوس الشرية، وثانيها: أمور غريبة تحدث من قوى سماوية وأجسام عنصرية مخصوصة بهيئات وأشكال وأوضاع تسمّى الطلسمات، وثالثها: أمور غريبة تحدث من أجساد أرضية كجذب المغناطيس الحديد، وتسمّى النيرنجات، وهذا هو القول الكلي في الأمور الغريبة: وسيأتي الككلام في جزئياتها إن شاء الله تعالى. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211154
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقدمة الرابعة
كل موجود سوى الواحد سبحانه مخلوق، وكل ذرّة من جوهر وعرض وصفة وموصوف فيها غرائب وعجائب يظهر فيها حكم الله تعالى وقدرته، وإحصاء ذلك غير ممكن، لكنّا نشير إلى ذلك وتقول إجمالاً، فنقول: الموجودات منقسمة إلى ما لا نعرف أصلها، ولا يمكننا النظر فيها، فكم من موجود لا نعلمه كما قال الله تعالى: ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾، وإلى ما نعرف جملها ولا تعرف تفصيلها، وهي منقسمة إلى ما لا يدرك بالبصر كالعرش والكرسي والملائكة والجن والشياطين وغيرها، فمحال النظر فيها، ولا يمكن أن يقال فيها إلا ما صحّ بالنصوص والأخبار والآثار. وأمّا المدركات بالبصر كالسمـٰوات والأرض وما بينهما، والسمـٰوات مشاهدة بكواكبها وشمسها وقمرها ودورانها، والأرض مشاهدة بما فيها من جبالها وبحارها وأنهارها ومعادنها ونباتها وحيوانها وما بين السماء والأرض، وهو الجو مدرك بغيومها وأمطارها وثلوجها ورعودها وبروقها وصواعقها وشهبها وعواصف أرياحها، فهذه هي أجناس المشاهدات من السمـٰوات والأرض وما بينهما، وكل جنس منها ينقسم إلى أنواع، وكل نوع ينقسم إلى أصناف، وكل صنف ينقسم إلى أقسام، ولا نهاية لاستيعاب ذلك، وانقسامها في اختلاف صفاتها وهيئاتها ومعانيها الظاهرة والباطنة، وفي جميع ذلك مجال البصر، فلا تتحرك ذرة في السمـٰوات والأرض إلا وفي تحريكها حكمة، أو حكمتان أو عشرة أو ألف، وكل ذلك دليل على وحدانيته وعظمته، كما قال بعضهم: عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211155
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السادس/الفصل الثاني
أمّا القائمة فنضرب محيط القاعدة في الخط الواصل بين محيطي القاعدتين الموازي لسهم الأسطوانة وهكذا يكون مساحة الداخلة والخارجة للفلكة والدفي والأنبوبة والحلقة المربعة والمستطيلة التي كان ضلعان منها موازيا لمحورها. نوع آخر مخصوص بالمستدير نضرب قطر القاعدة في ذلك الحظ ثم نضرب الحاصل في نسبته المحيط إلى القطر وأمّا المائلة فنضرب لخط المذكور في محيط قطع يكون سهمه قائماً عليه.
211156
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الأول
ذهب العلماء إلى أنّ الفلك جسم بسيط كروي مشتمل على الوسط متحرك عليه ليس بخفيف ولا ثقيل ولا بارد ولا حار ولا رطب ولا يابس ولا قابل للخرق ولا للالتئام، ولهم على ذلك أدلة مذكورة في الكتب الحكمية، وكتابنا هذا ليس بصددها، والأفلاك كرات محيطة بعضها ببعض حتى حصلت من جملتها كرة واحدة يقال لها العالم، وأدناه إلى العناصر فلك القمر، ثم فلك عطارد، ثم فلك الزهرة، ثم فلك الشمس، ثم فلك المريخ، ثم فلك المشتري، ثم فلك زُحل، ثم فلك الثوابت، ثم فلك الأفلاك، واعلم أن لكل فلك مكاناً لا ينتقل عنه، لكنه متحرك فيه بأجرامه لا يقف طرفة عين، وسرعة حركاتها أسرع من كل شيء شاهده الإنسان حتى صح في الهندسة أنْ الفَرَس في حالة الركض الشديد من الوقت الذي يرفع يديه إلى أن يضعها يتحرك الفلك الأعظم ثلاثة آلاف فرسخ، ثم إن الأفلاك منها ما يتحرك من المشرق إلى المغرب كالفلك الأعظم، ومنها ما يتحرك من المغرب إلى المشرق كفلك الثوابت وأفلاك السيارات، ومنها ما بتحرك بالنسبة إلينا دولابية، ومنها ما يتحرك حمائلية، ومنها رحوية، ومنها ما يشتمل على الوسط ولكن ليس مركزه مركز العالم كالأفلاك التسعة، ومنها ما يشتمل على الوسط، لكن مركزه مركز العالم كخارج المراكز، ومنها ما ليس مشتملاً على الوسط كأفلاك التداوير، وسيأتي إن شاء الله تعالى. من الأفلاك ما لم يعرف له إلا كوكب واحد كأفلاك السيارات، ومنها ما لم يعلم عدد كواكبها إلا الله تعالى كفلك الثوابت، ومنها ما ليس له كوكب أصلاً كالفلك الأعظم ويقال له الفلك الأطلس. وجميع الحركات الموجودة في العالم بحسب ما عرف من آراء المتقدمين وأصحاب الأرصاد سيما بطليموس فإِنْ اعتماد القوم على رصده خمسة وأربعون حركة للفلك الأعظم، وحركة لفلك الثوابت، وثمان عشرة لأفلاك الكواكب العلوية لكل واحد منها ست حركات، وحركتان لفلك الشمس، وست حركات لفلك الزهرة، وتسع حركات لفلك عطارد، وست حركات لفلك القمر، وحركتان لما دون كفلك القمر، وهما حركتا الثقل والخفة، هذا ما بلغ إليه فهم العقلاء، وذهن الأذكياء، والله الموفق. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211157
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الثاني
وهو يحدّه سطحان كرويان متوازيان مركزهما مركز العالم، السطح الأعلى منهما لمقعر فلك عطارد، والأدنى لمحدب كرة النار، ويتم دورته في كل ثمانية وعشرين يوماً بحركته التي تختص به من المغرب إلى المشرق، وفلك تدويره يدور في الفلك الحاوي في كل أربعة عشر يوماً مرة، ففي الدورة الأولى يكون القمر بوجهه المملىء إلى مركز الأرض، ثم إن فلكه الكلى ينقسم إلى أربعة أفلاك: ثلاثة منها شاملة للأرض، وواحد صغير غير شامل، أما الشاملة فالأول منها يسمّى فلك الجوزهر، وهو الذي يماس السطح الأعلى منه السطح الأدنى من فلك عطارد، والثاني منها يماس السطح الأعلى منه مقعر فلك الجوزهر، والثالث منها فلك خارج المركز في الفلك المائل من مركزه خارج عن مركز العالم، مائل إلى جنب من الفلك الكلي بحيث يماس مقعر سطحيه السطح الأعلى من الفلك الكلي على نقطة مشتركة بينهما، ويسمّى الأوج، ويماس مقعر سطحيه السطح الأدنى من الفلك الكلي على نقطة مشتركة بينهما، ويسمى الحضيض، فيحصل سطحان مختلفا الثخن، أحدهما حاو للفلك الخارج المركز، والآخر محوي فيه ورقة الحاوي مما يلي الأوج، وغلظه مما يلي الحضيض، ورقة المحوي وغلظه بالعكس، يقال لكل واحد منهما المتمم، وأما الفلك الصغير فهو في ثخن الفلك الخارج المركز يقال له فلك التدوير، والقمر مركوز فيه يتحرك بحركته، وحركة هذا الفلك حركة مختصة مغايرة لحركة الفلك الكلي، وزعموا أن ثخن فلك القمر وهو بعد ما بين سطحه الأعلى وسطحه الأدنى مائة ألف وثمانية عشر ألفاً وستة وستون ميلاً ، وبطليموس قد ذكر ثخن الأفلاك ومقادير أجرام الكواكب، ودوائرها وأقطارها، ولا تستصعبن ذلك، فإنّه لا يصعب إلا على من لا دراية له بعلم الهندسة، وأما من حل الثانية من أقليدس فيسهل عليه ذلك إن كان فطناً. وأما القمر فهو كوكب مكانه الطبيعي الفلك الأسفل من شأنه أن يقبل النور من الشمس على أشكال مختلفة، ولونه الداني إلى السواد يبقى في كل برج ليلتين وثُلث ليلة، ويقطع جميع الفلك في شهر، وهو أصغر الكواكب فلكاً، وأسرعها سيراً، وزعموا أن جرم القمر جزء من تسعة وثلاثين جزءاً، وربع جزء من جرم الأرض، ودورة القمر أربعمائة واثنان وخمسون ميلاً بالتقريب. هذا ما وصل إليه آراء الحكماء بحكم المقدمات الحسابية. القمر جرم كثيف مظلم قابل للضياء إلا القليل منه على ما يرى في ظاهره، فالوجه الذي يواجه الشمس مضيء أبداً، فإذا كان قريباً من الشمس كان الوجه المظلم مواجهاً للأرض، وإذا بعد عن الشمس إلى المشرق ومال النصف المظلم من الجانب الذي يلي المغرب إلى الأرض تظهر من النصف المضيء قطعة هي الهلال، ثم يتزايد الانحراف وتزداد بتزايده القطعة من النصف المضيء حتى إذا كان في مقابلة الشمس ينقص الضياء من الجانب الذي بدأ بالضياء على الترتيب الأول حتى إذا صار في مقابلة الشمس كان النصف المواجه للشمس هو النصف المواجه لنا، فتراه بدراً، ثم يقرب من الشمس، فينقص الضياء من الجانب الذي بدأ بالضياء على الترتيب الأول حتي إِذا صار في مقابلة الشمس ينمحق نوره، ويعود إلى الموضع الأول وينزل كل ليلة منزلاً من المنازل الثمانية والعشرين، ثم يستتر ليلة، فإن كان الشهر تسعة وعشرين استتر ليلة ثمانية وعشرين، وإن كان ثلاثين استتر ليلة تسعة وعشرين، ويقطع في استتاره منزلاً، ثم يتجاوز الشمس فيرى هلالا، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴾ يريد أنه ينزل كل ليلة منزلا منها حتى يصير كأصل العذق إذا قدم ورق واستقوس. وسببه توسّط الأرض بينه وبين الشمس، فإذا كان القمر في إحدى نقطتي الرأس والذنب أو قريباً منه عند الاستقبال تتوسط الأرض بينه وبين الشمس، فيقع في ظل الأرض، ويبقى على سواده الأصلي، فيرى منخسفاً والشمس أعظم من الأرض، فيكون ظل الشمس مخروطاً قاعدته دائرة صفحة الأرض، لأنّ الخطوط الشعاعية التي تخرج من الشمس إلى جرم الأرض لا تكون متوازية، فإذا اتصلت بمحيط الأرض ونفذت في الجهة الأخرى تلاقياً عند نقطة فيتحصل ظل الأرض علي شكل المخروط، فْإِذًا لم يكن للقمر عرض عن فلك البروج عند الاستقبال، وقع كله في جرم المخروط، فيخسف كله حينئذ، وإن كان له عرض يخسف بعضه، وربما يماس جرم القمر مخروط الظل، ولا يقع فيه شيء، وذلك إذا كان عرض القمر مساوياً لنصف مجموع القطرين، أعني قطر القمر وقطر الظل، وإذا كان أقل من نصف القطرين يخسف بعضه. زعموا أن تأثيراته بواسطة الرطوبة كما أنّ تأثيرات الشمس بواسطة الحرارة، ويدل عليها اعتبار أهل التجارب، ومنها أمر البحار، فإنّ القمر إذا صار في أفق من آفاق البحر أخذ ماؤه في المد مقبلاً مع القمر، ولا يزال كذلك إلى أن يصير القمر في وسط سماء ذلك الموضع، فإذا صار هناك انتهى المد منتهاء، فإذا انحط القمر من وسط سمائه جزر الماء ولا يزال كذلك راجعاً إلى أن يبلغ القمر مغربه، فعند ذلك بنتهي الجزر منتهاه، فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع ابتدأ المد مرّة ثانية إلا أنه أضعف من الأولى، ثم لا يزال كذلك إلى أن يصير القمر في وتد الأرض، فحينئذ ينتهي المد منتهاه في المرّة الثانية في ذلك الموضع، ثم يبتدىء بالجزر والرجوع، ولا يزال كذلك حتى يبلغ القمر أفق مشرق ذلك الموضع، فيعود المد إلى ما كان عليه أولاً فيكون في كل يوم وليلة بمقدار مسير القمر فيهما في ذلك البحر مدان وجزران. ومنها أمر أبدان الحيوانات، فَإنّها في وقت زيادة القمر وضوئه تكون أقوى والسخونة والرطوبة، والنمو عليها أغلب، وتكون الأخلاط في بدن الإنسان في ظاهرة، والعروق تكون ممتلئة، وبعد الامتلاء يكون الأبدان أضعف والبرد عليها أغلب، والنمو أقل والأخلاط في غور البدن والعروق أقل امتلاء، وذلك أمر ظاهر عند علماء الطب. ومنها أنّ الأطباء ذهبوا إلى أنّْ أحوال البحرانات وتقارب أيامها مبنية على زيادة ضوء القمر ونقصانه، وكتب الطب ناطقة بذلك، وزعموا أنَّ الذين يمرضون في أوَل الشهر أبدانهم وقواهم على دفع المرض أقوى، والذين يمرضون في آخر الشهر بالضد، ومنها أنّ شعور الحيوانات يسرع نباتها ما دام القمر زائد النور ويغلظ ويكبر، وإذا كان ناقص النور أبطأ نباته ولم يغلظ. ومنها أن الحيوانات تكثر ألبانها من ابتداء زيادة نور القمر إلى الامتلاء، وتزداد أدمغتها، وبياض البيض المنعقد في أوّل الشهر أكثر، وإذا نقص نور القمر نقصت غزارة الألبان، ومادة الأدمغة، وكثرة بياض البيض، ومنها أنْ الإنسان إذا أكثر القعود أو النوم في ضوء القمر تولّد في بدنه الكسل والاسترخاء ويهيج عليه الزكام والصداع، وإذا كانت لحوم الحيوانات بادية لضوء القمر تغيرت رائحتها وطعمها، ومنها أن السمك يوجد في البحار والأنهار من أوّل الشهر إلى امتلاء أكثر مما يوجد من الامتلاء إلى آخر الشهر، ويكون أيضاً في النصف الأول من الشهر أسمن منه في النصف الأخير، ومنها أن حشرات الأرض خروجها من أجحرتها في النصف الأول من الشهر أكثر من خروجها منه في النصف الأخير، وكل حيوان يلسع أو يعض فإنّه في النصف الأوّل من الشهر أقوى فعلاً منه في النصف الأخير وسمه أشد تأثيراً، ومنها أن السباع في النصف الأول أشد طلباً للصيد منها في النصف الأخير، ومنها أنْ الأشجار إذا غرست والقمر زائد النور علقت وأسرعت النشو والحمل، وإن وقع اللقاح والحمل والقمر زائد النور كانا جيدين، وإن وقع والقمر ناقص النور أو زائلاً من وسط السماء لم يسرع النبات وأبطأت في الحمل، وربما يبست، ومنها أنَ الفواكه والرياحين والزرع والبقول والأعشاب زيادتها من وقت زيادة القمر إلى الامتلاء أكثر من زيادتها ونموها من الامتلاء إلى المحاق، وهذا أمر ظاهر عند أرباب الفلاحة حتى عند عامتهم فضلاً عن علمائهم، فَإنّهم يجدرن تأثير ذلك ظاهراً سيما في البقول والخوخ والبطيخ والسمسم والقثاء والخيار والقرع من أوّل الشهر إلى نصفه يزيد أكثر مما يزيد من نصف الشهر إلى آخره، ومنها أن الفواكه إذا وقع عليها ضوء القمر أعطاها لوناً عجيباً من حمرة أو صفرة، فالتي يقع عليها الضوء في النصف الأوّل من الشهر أحسن لوناً مما يقع عليها في النصف الأخير، ومنها أنَّ نبات القصب والكتان إذا وقع عليها ضوء القمر في النصف الأول أشد تقطعاً مما وقع عليها آخر الشهر، ومنها أن المعادن التي تتكون يكون جوهرها وصفاؤها أشد إذا كان تولدها من أول الشهر ولو كان في آخره لا يكون كذلك. وهو البياض الذي يرى في السماء يقال لها شرج السماء إلى زماننا هذا لم يسمع في حقيقتها قول شافِ، زعموا أنها كواكب صغار متقاربة بعضها من بعض، والعرب تسمّيها أمْ النجوم لاجتماع النجوم فيها، وزعموا أن النجوم تقاربت من المجرة فطمس بعضها بعضاً، فصارت كأنها سحاب وهي ترى في الشتاء أَوْل الليل في ناحية من السماء، وفي الصيف أوّل الليل في وسط السماء ممتداً من الشمال إلى الجنوب، وبالنسبة إلينا تدور دوراً رحوياً فنراها نصف الليل ممتدة من المشرق إلى المغرب، وفي آخر الليل من الجنوب إلى الشمال، فما كان منها شمالياً يكون جنوبياً، وما كان جنوبياً يكون شمالياً، ولله أعلم بحقيقتها، وتكون على فلك يختص بها يدور بالنسبة إلينا رحوياً أو على شيء من الأفلاك المذكورة. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211178
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الثالث
وهو يحده سطحان كرويان متوازيان مركزهما مركز العالم السطح الأعلى منهما مماس لمقعر فلك الزهرة، والأدنى لمحدب فلك القمر، ويتم دورته التي تختص به من المغرب إلى المشرق في سنة واحدة، وينفصل عنه فلك خارج المركز بمتزلة الفلك الخارج المركز للقمر في داخل ثخن الفلك الكلي، ويقال له المدير، وينفصل عن فلك المدير فلك آخير خارج المركز يقال له خارج المركز الثاني، والكوكب في فلك التدوير، ويلزم أن يكون لعطارد أوجان، أحدهما في الفلك الكلي، والثاني في المدير، ويكون له أيضاً حضيضان، وزعموا أنْ ثخْن فلك عطارد وهو مسافة ما بين سطحه الأعلى وسطحه الأدنى ثلاثمائة ألف وثمانمائة وثمانون ألفاً واثنان وثمانون ميلاً على رأي بطليموس صاحب الرصد، فإنّه استخرج ذلك بالبراهين الهندسية، والله أعلم. وأمًا عطارد فسماه المنجمون منافقاً لكونه مع السعد سعداً ومع النحس نحساً على زعمهم، وجرمه جزء من اثنين وعشرين جزءاً من جرم الأرض، ودورة جرمه مائتان وستة وثمانون فرسخاً، وقطر جرمه مائتان وثلاثة وسبعون ميلاً، ويبقى في كل برج سبعة وعشرين يوماً تقريباً، وهو كثير الرجعة والاستقامة، يدور حول الشمس. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211179
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الرابع
وهو يحدّه سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم، الأعلى منهما مماس لفلك الشمس، والأدني لفلك عطارد، وتتم دورته المختصة به من المغرب إلى المشرق في سنة واحدة مثل فلك الشمس، غير أنْ فلك تدويره يسرع تارة، فتصبر الزهرة قدام الشمس ويبطئ أخرى، فتصير الزهرة خلف الشمس. وثحن جرم فلك الزهرة وهو مسافة ما بين سطحه الأعلى والأدنى ثلاثة الآف وسبعمائة وخمسة وتسعون ميلاً، وصورته مشابهة لصورة فلك القمر سواء، وفلك الشمس على تقدير أن يكون جرم الشمس فلك التدوير من غير فرق. وأما الزهرة فسمّاه المنجمون السعد الأصغر، لأنها في السعادة دون المشتري، وأضافوا إليها الطرب والسرور واللهو، وجرم الزهرة جزء من أربعة وثلاثين جزءاً، وثلث جزء من جرم الأرض، وقطر جرمها أربعمائة وتسعة وأربعون ميلاً وسدس ميل تبقى في كل برج سبعة وعشرين يوماً. وأما خواصها: فزعموا أنْ النظر إليها مما يوجب فرحاً وسروراً، وإذا كان بالناظر إليها حرارات السل تخفف عنه، وزعموا أنْ من شأنها الشبق والباه والألفة حتى لو نكح رجل امرأة والزهرة حسنة الحال وقع بينهما من المحبة والألفة ما يتعجب منه. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211180
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الخامس
وهو يحده سطحان كرويان مركزهما مركز العالم، الأعلى منهما مماس لمقعر فلك المريخ، والأدنى منهما مماس لمحدب فلك الزهرة، ودورته من المشرق إلى المغرب تتم في ثلاثمائة وستين يوماً وربع يوم، وينفصل عنه فلك شامل للأرض مركزه خارج المركز كما مر ذكره فى أفلاك الكواكب الثلاثة من غير فرق، إلا أن الشمس ههنا بمتزلة فلك التدوير، إذ ليس الشمس فلك التدوير، وذلك من لطف الله تعالى وعنايته بالعباد لأنّه لو كان لها فلك التدوير، كما لسائر الكواكب السيارة رجعت، وبرجعتها يتمادى الصيف ستة أشهر، وكذلك الشتاء فيؤدي إلى هلاك الحيوان والنبات لأنّ الشمس إذا بقيت مسامتة لرؤوس قوم ستة أشهر لتغير مزاج حيوانهم، واحترق نباتهم، وإن بعدت عن قوم ستة أشهر استولى البرد على مزاجهم وأنطفات حرارتهم وفسد نباتهم، وثخن جرم فلك الشمس ثلاثمائة ألفا وخمسة وخمسون ألفاً وأربعة وسبعون ميلاً. وهي أعظم الكواكب جرماً، وأشدها ضوءاً ومكانها الطبيعي الكرة الرابعة، وهي بين الكواكب كالملك وسائر الكواكب كالأعوان والجنود، فالقمر كالوزير وولي العهد، وعطارد كالكاتب، والمريخ كصاحب الجيش، والمشتري كالقاضي، وزُحل كصاحب الخزائن، والزهرة كالخدم والجواري، والأفلاك كالأقاليم، والبروج كالبلدان، والحدود والوجوه كالمدن، والدرجات كالقرى، والدقائق كالمحال، والثواني كالمنازل، وهذا تشبيه جيد، ومن لطف الله تعالى جعلها في وسط الكواكب السبعة لتبقى الطبائع والمطبوعات في هذا العالم بحركاتها على حدها الاعتدالي، إذ لو كانت في فلك الثوابت لفسدت الطبائع من شدة البرد، ولو انحدرت إلى فلك القمر لاحترق هذا العالم بالكلية، وخلقها سائرة غير واقفة وإلا لاشتدت السخونة في موضع والبرودة في موضع، ولا يخفى فسادهما بل تطلع كل يوم من المشرق ولا تزال تمشي موضعاً بعد موضع إلى أن تنتهي إلى المغرب، فلا يبقى موضع مكشوف مواز لها إلا ويأخذ موضع شعاعها، وتميل كل سنة مرّة إلى الجنوب ومرّة إلى الشمال لتعم فائدتها، وأما جرمها فضعف جرم الأرض مائة وستة وستين مرّة، وقطر جرمها أحد وأربعون ألفاً وتسعمائة وثمانية وسبعون ميلاً. وسببه كون القمر حائلاً بين الشمس وبين أبصارنا، لأن جرم القمر كمد فيحجب ما وراءه عن الأبصار، فإذا قارن الشمس، وكان في إحدى نقطتي الرأس والذنب أو قريباً منه فَإنّه يمر تحت الشمس، فيصير حائلاً بينها وبين الأبصار لأنّ الخطوط الموهومة الشعاعية التي تخرج من أبصارنا متصلة بالبصر على هيئة مخروط رأسه نقطة البصر وقاعدته المبصر، فإذا حال بيننا وبين الشمس يتحصل مخروط الشعاع أولاً بالقمر، فإن لم يكن للقمر عرض عن فلك البروج وقع جرم القمر في وسط المخروط فتنكسف الشمس كلها، وإذا كان للقمر عرض يتحرف المخروط عن الشمس بمقدار ما يوجب العرض، فينكسف بعضها، وذلك إذا كان العرضى أقل من مجموع نصف القطرين، فإن كان يماس جرم القمر مخروط الشعاع لا تتكسف الشمس، ثم الشمس إذا انكسفت لا يكون لكسوفها مكث، لأنْ قاعدة مخروط الشعاع إذا انطبق على صفحة القمر انحرف عنه فى الحال فتبتدىء الشمس بالانجلاء، ولكن يختلف قدرالكسوفات باختلاف أوضاع المساكن بسبب اختلاف المنظر، وقد لا تنكسف في بعض البلاد أصلاً. أمّا في العلويات فإخفاؤها جميع الكواكب لكمال شعاعها وإعطاؤها للقمر النور بسبب قربه منها وبعده عنها، وجميع ما ذكرنا من فوائد القمر فائدة من فوائد الشمس. وأما في السفليات، فمنها تأثيرها في البحار، فإنّها إذا أشرقت على الماء صعدت منه أبخرة بسبب السخونة، فإذا بلغ البخار إلى الهواء البارد تكاثف من البرد، وانعقد سحاباً ثم تذهب به الرياح إلى الأماكن البعيدة عن البحار، فينزل مطر يحي الله به الأرض بعد موتها، وتظهر منه الأنهار والعيون فيصير سبباً لبقاء الحيوان وخروج النبات وتكون المعادن، وقد قال الله عز وجل: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾. ومنها أمر المعادن، فَإِنّ العصارات التي تتحلب في باطن الأرض من مياه الأمطار إذا اختلطت بالأجزاء الأرضية تصحبها الشمس فتتولّد منها الأجساد المعدنية بحسب موادها كالذهب والفضة وسائر الفلزات وكالياقوت والزبرجد وسائر الأحجار النفيسة، وكالزئبق والكبريت والزرنيخ والملح والنوشادر ولا يخفى عموم فوائد هذه الأشياء كلها، ومنها أمر النبات فإنَ الزروع والأشجار لا تنبت إلا في المواضع التي تطلع عليها الشمس، وكذلك لا ينبت تحت النخل والأشجار العظيمة التي لها ظلال واسعة شيء من الزروع، لأنها تمنع شعاع الشمس عما تحتها، وحسبك ما ترى من تأثير الشمس بحسب الحركة اليومية في النيلوفر والأدريون وورق الخروع، فإنّها تنمو وتزداد عند أخذ الشمس في الارتفاع والصعود، فإذا زالت الشمس أخذت في الذبول حتى إذا غابت ذبلت وضعفت، ثم عادت في اليوم الثاني إلى حالها، ومنها تأثيرها في الحيوانات، فإنا نري الحيوان إذا طلع نور الصبح خلق الله تعالى في أبدانها قوة، فتظهر فيها قوة حركة وزيادة نشاط وانتعاش، وكل ما كان طلوع نور الشمس أكثر، كان ظهور قوة الحيوان في أبدانها أكثر إلى أن تصل إلى وسط سمائهم، فإذا مالت عن وسط سمائهم أخذت حركاتهم وقواهم في الضعف، ولا تزال تزداد ضعفاً إلى زمان غيبوبتها، فإذا غابت الشمس رجعت الحيوانات إلى أماكنها ولزمتها كالموتى، فإذا طلعت الشمس عليهم في اليوم الثاني عادوا إلى الحالة الأولى، ومن عجيب تأثيرها في الحيوانات أن تجعل أهل البلاد القريبة عن مسامتتها كبلاد السودان الذين هم في الإقليم الأول سوداً محترقين، وتجعل وجوههم من شدة الحرارة قحلة، وجثتهم خفيفة، وأخلاقهم وحشية شبيهة بأخلاق السباع، والمواضع البعيدة عن مسامتتها كبلاد الصقالبة والروس تجعلهم لضعف حرارتها بيضاً، وتجعل شعورهم سبطة شقراً، وأبدانهم رخصة عظيمة، وأخلاقهم شبيهة بأخلاق البهائم، ومنها ما زعمت البراهمة أن أوج الشمس في كل برج ثلاثة آلاف سنة، وتقطع الفلك في ستة وثلاثين ألف سنة، والآن في وقتنا هذا وهو إحدي وستّون وستمائة فى برج الجوزاء، زعموا أن الأوج إذا انتقل إلى البروج الجنوبية انقلبت أحوال الأرض وهيئاتها، فصار العامر غامراً والغامر عامراً، والبحر يابساً واليبس بحراً، والجنوب شمالاً والشمال جنوباً. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211181
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر السادس
وهو يحده سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم، فالأعلى منهما مماس لفلك المشتري، والأدني مماس فلك الشمس، وتتم دورته التي تختص به من المغرب إلى المشرق فى سنة واحدة وعشرة أشهر واثنين وعشرين يوماً، وصورته كفلك القمر وفلك الزهرة من غير فرق ولا حاجة إلى إعادته، وكذلك فلك زُحل وعلى رأي بطليموس ثخن فلك المريخ، وهو المسافة التي بين سطحه الأعلى وسطحه الأسفل عشرون ألف ألف وثلائمائة ألف وستّة وسبعون ألفاً وتسعمائة وثمانية وتسعون ميلاً. والمنجمون يسمون المريخ النحس الأصغر، لأنه دون زُحل في النحوسة، وأضافوا إليه البطش والقتل والقهر والغلبة، وجرم المريخ مثل جرم الأرض مرّة ونصف مرة بالتقريب، وثخن جرمه تسعمائة ألف وثمانمائة وخمسة وثمانون ميلاً، ويبقى في كل برج إذا كان مستقيماً أربعين يوماً. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211182
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر السابع
وهو يحدّه سطحان متوازيان، الأعلى منهما مماس لفلك زُحل، والأدنى مماس لفلك المريخ، مركزهما مركز العالم، ويتم دورته المختصة به من المغرب إلى المشرق في إحدى وعشرين سنة وعشرة أشهر وخمسة عشر يوماً، وصورته كصورة فلك المريخ والزهرة، وقد مضى ذكرهما، وثخن جرمه وهو المسافة التي بين سطحه الأعلى وسطحة الأسفل عشرون ألف ألف وثلاثمائة واثنان وثلاثون ألفاً وأربعمائة واثنان وثلاثون ميلاً بالتقريب. وأمًا المشتري فسمّاه المنجّمون السعد الأكبر، لأنّه فوق الزهرة فى السعادة، وأضافوا إليه الخيرات الكثيرة والسعادات العظيمة، وجرم المشتري مثل جرم الأرض أربعة وثمانون مرة وثلث وربع، وقطر جرم المشتري كقطر جرم الأرض أربع مرات وربعاً وسدساً يقطع في كل يوم خمس دقائق. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211183
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%85%D9%86
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الثامن
وهو يحده سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم، الأعلى منهما مماس لفلك الكواكب الثابتة، والأدنى منهما مماس لفلك المشتري، وتتم دورته المختصة به من المغرب إلى المشرق في تسع وعشرين سنة وخمسة أشهر وستة أيام، قال بطليموس: ثخن جرم فلك زُحل أحد وعشرون ألف ألف ميل وستمائة وستة وثلاثون ألفاً وستمائة وستة أميال. وسماه المنجمون النحس الأكبر، لأنه في النحوسة فوق المريخ، وأضافوا إليه الخراب والهلاك والهم والغم، وجرم زُحل كجرم الأرض إحدى وثمانين مرّة، وقطره كقطر جرم الأرض أربعين مرّة وثلثي مرّة، زعموا أن النظر إليه يفيد غماً وحزناً، كما أن النظر إلى الزهرة يفيد فرحاً وسروراً. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211184
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر التاسع
وهو يحده سطحان متوازيان مركزهما مركز العالم، فالأعلى منهما مماس للفلك الأعظم المحيط بجميع الأفلاك المحرك لكلها، والأدنى منهما مماس لفلك زُحل، وهذا الفلك أيضاً يتحرك من المغرب إلى المشرق حركة بطيئة، فيقطع في كل مائة سنة جزءاً من الأجزاء التي بها تكون الدائرة ثلاثماثة وستّين جزءاً، ودورته تم في ستة وثلاثين ألف سنة وقطباها قطبا دائرة البروج التي ترسمها الشمس، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى، وقد وجد في رصد بطليموس وأرصاد من كان قبله أن جميع الكواكب الثابتة مركوزة في جرم هذا الفلك، ولذلك لا تختاف أوضاعها، وكلها تتحرك بحركة فلكها البطيئة على محيط دائرته غير مفارقة لها، وهي كثيرة مختلفة الأقدار مثبتة في جميع جرم هذا الفلك، قال بطليموس: ثخن فلك الثوابت وهو المسافة التى بين سطحه الأعلى وسطحه الأدنى أربعة وثلاثون ألفاً وسبعمائة وأربعة وأربعون ميلاً بالتقريب، وهذا المقدار هو قطر الكواكب الثابتة التي هي في العظم الأوّل، وجرم الكواكب الذي هو في العظم الأول مثل جرم الأرض أربعة وسبعين مرّة وخمس، وجرم أصغر الكواكب الثابتة وهو الذي يكون في العظم السادس مثل جرم الأرض ثماني عشرة مرّة، وقطر فلك الكواكب الثابتة وهو محدد فلك البروج مائة واحد وخمسون ألف ألف ميل وخمسمائة وسبعة وثلاثون ألفاً ومائة وأربعة وثمانون ميلاً، ولعل البعض يستبعد معرفة مقادير هذه الأجرام، ويخطر له أن الذي على سطح الأرض كيف يدري ثخن الفلك الثامن وأجرام كواكبه، فالأولى تركه الاستبعاد فإن الأمر الذي لا يعرفه هو لا يستحيل أن يعرفه غيره، ومن مارس علم الهندسة لا يتعذر عليه براهين هذه الأمور، فإن لكل عمل رجالاً، فسبحان من أبدع هذه الأجسام الرفيعة وزينها بهذه الأجسام المنيرة، وخص كل واحد منها بما شاء من المقدار، وأعطى الإنسان آلة يدرك بها هذه الأمور الغامضة، فقال تعالى: ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾. اعلم أنّ عددها مما يقصر ذهن الإنسان عن ضبطه، لكن الأولين قد ضبطوا منها ألفاً واثنين وعشرين كوكباً، ثم وجدوا من هذا المجموع تسعمائة وسبعة عشر كوكباً، تنتظم منها ثمانية وأربعون صورة كل صورة منها تشتمل على كوكبها، وهي الصور التي أثبتها بطليموس في كتاب المجسطي بعضها في النصف الشمالي من الكرة، وبعضها على منطقة فلك البروج التي هي طريقة السيارات، وبعضها في النصف الجنوبي، فسمى كل صورة باسم الشيء المشبه بها، فوجد بعضها على صورة الإنسان كالجوزاء، وبعضها على صورة الحيوانات البحرية كالسرطان، وبعضها على صورة الحيوانات البرية كالحمل، وبعضها على صورة الطير كالعقاب، وبعضها اخرجاً عن شبه الحيوانات كالميزان والسنبلة، ووجدوا من هذه الصور ما لم يكن تام الخلقة مثل قطعة الفَرَس، ومنها ما بعضه من صورة حيوان، وبعضه الآخر من صورة حيوان آخر كالرامي، ومنها ما لم تتم صورته حتى جعل من صورة أخرى كوكب مشترك منهما مثل ممسك الأعنة، فإن صورته لم تتم حتى جعل الكوكب النير الذي على طرفي القرن الشمالي من الثور مشتركاً بينهما، فصار على قرن الثور، وعلى رجل ممسك الأعنة، وإنّما ألفوا هذه الصورة وسمّوها بهذه الأسماء ليكون لكل كوكب اسم يعرف به متى أشاروا إليه، وقد ذكروا موقعه من الصورة وموضعه من فلك البروج، وبعده في الشمال أو الجنوب عن الدائرة التي تمر بأوساط البروج لمعرفة أوقات الليل والطالع في كل وقت، وأمّا الكواكب الأُخر وهي مائة وثمانية عشر كوكباً، فَإنّها لم ينتظم منها شيء من الصور، فأضافوا كل ما وجدوه منها قريباً من صورة إلى تلك الصورة، وسمّوها خارج الصورة مثل النير الذي فوق رأس الحمل الذي تسمّيه العرب الناطح، وأمّا عدد الصور ومواقعها من الفلك فهي ثمان وأربعون صورة، منها في النصف الشمالي من الكرة إحدى وعشرون صورة، ومنها على البروج اثنتا عشرة صورة، ومنها في النصف الجنوبي من الكرة خمس عشرة صورة، فلتذكر الآن كوكبة كل صورة على الانفراد، وعدد كواكبها وأسمائها وألقابها على مذهب العرب ومذهب المنجمين ليستدل بأحدهما على الآخر، ويعمل صورها المسمّاة باسمها المشبهة بها، ويرسم كل كوكبة على موقعها من الصورة ليكون مشاكلاً لما يرى في السماء، والتي هي خارجة عن الصورة ليستدل الإنسان بأخذ ارتفاعها على الأوقات، وبها على قدرة الله تعالى صانعها جلت قدرته وتقدّست أسماؤه له الحمد كثيراً. وهي إحدى وعشرون صورة، وعدد كواكبها من نفس الصورة ثلاثمائة واحد وثلاثون كوكباً، والتي حوالي الصررة وليست من نفسها تسعة وعشرون كوكباً، فجميع الكواكب التي في هذا النصف من الكرة ثلاثمائة وستّون كوكباً، وهذه أسماهها: كوكبة الدب الأصغر: هي أقرب كوكبة إلى القطب الشمالي وكواكبها من نفس الصورة سبعة، والخارج عن الصورة خمسة، والعرب تسمي هذه السبعة بنات نعش الصغرى، فالأربعة التي على المربع نعش والثلاثة التي على الذنب بنات، وتسمّي النيرين من الأربعة الفرقدين، والنير الذي على طرف الذنب الجدي، وهو الذي يتوخى به القبلة. وجميع الكواكب الداخلة في الصورة والخارجة عنها تشبه بحلقة سمكة، وتسمّى الفأس لشبهها بفأس الرحا الذي يكون القطب في وسطه، وقطب معدل النهار عنده أقرب شيء إلى كوكب الجدي. كوكبة الدب الأكبر: كواكبه تسعة وعشرون كوكباً من الصورة وثمانية حوالي الصورة، والعرب تسمّي الأربعة النيرة التي على المربع المستطيل، والثلاث التي على ذنبه بنات نعش الكبرى، فالأربعة التى على المربع المستطيل نعش، والثلاثة التي على ذنبه بنات، وتسمّي الذي على طرف الذنب القائد، والذي على وسطه العناق، والذي يلي النعش وهو الذي على ذنب الجوزاء وفوق العناق، كوكب صغير ملاصق له، تسمّيه العرب السُّها، وهو الذي يمتحن الناس به أبصارهم، زعموا أن من نظر إليه وقال: أعوذ برب السهية من كل عقرب وحية أمن ليلته، وتسمّي الستة التي على الأقدام الثلاثة على كل قدم منها اثنان قفزات الظباء كل اثنين منها قفزة، والقفزة الأولى، وهى التى على الرجل اليمنى تتبعها الصرفة، وهي الكوكب النير الذي على ذنب الأسد، والكواكب المجتمعة التي فوق الصرفة تسمّيها العرب الهقعة تقول العرب ضرب الأسد يذنبه الأرض قفرت الظباء، والكواكب السبعة التي على عنقه وصدره وعلى الركبتين كأنّها نصف دائرة تسمّى سرير بنات نعش، وتسمّى الحوض أيضاً، والكواكب التي على الحاجب والعينين والأذن والخطم تسمّى الظباء، تقول العرب إن الظباء لما قفزّت من الأسد وردت الحوض، وأمًا الثمانية التي حول الصورة اثنان منها ما بين الهقعة والقائد وأحدهها أنور من الآخر، تسميه العرب كبد الأسد، والستة الباقية تحت القفزة الثالثة التى على اليد اليسرى ثلاثة منها أنور هي ظباء، والبواقي خفية أولاد الظباء. ظاهر حوله بنات نعش الصغرى وكواكب خفية إذا جمعتها صارت فى صورة سمكة، والقطب في وسط هذه السمكة، والسمكة تدور حول القطب، زعموا أنّ لهذا القطب فوائد، منها أنّ النظر إليه وإلى الدب الأصغر يشفي من الرمد وجرب العين، وذلك أن يقوم صاحب الجرب أو الرمد ليلة الأحد إذا ظهرت النجوم بعد ساعتين من غيبوبة الشمس حيال القطب الشمالي والدب الأصغر، فينظر إليه، ثم يأخذ ميلاً من فضة يغمسه في الماورد الخالص، ويكتحل به العين، وإن كان المريض إحداهما فعل ذلك من ليلة الأحد، في كل ليلة وكلّما كان أكثر كان أجود، فإن الرمد والجرب يذهبان بإذن الله تعالى، إلا أنّ الرمد أسرع، ومنها ما زعموا أن الأسد والببر والنمر والدب إذا قامت حيال هذا القطب وأطالت النظر إليه شفيت، ومنها أن اللبوة إذا حملت فإنّه ينالها عناء، فربّما بقيت تلك الليلة لا تأكل شيئاً، ثم تأتي إلى نهر فيه ماء حار أو عين ينبع منها ماء، فتقوم في الماء إلى نصف ساقها وتنظر إلى القطب الشمالي فإنها تبرأ من الوصب. كوكبة التنين: التنين كواكبه احد وثلاثون كوكباً في الصورة، وليس حواليها شيء من الكواكب المرصودة، والعرب تسمّي الكوكب الذي على اللسان الرابض، والأربعة التي على الرأس العوائذ، وفي وسط العوائذ كوكب صغير جداً تسمّيه العرب الربع، وهو ولد الناقة، وتسمّي النيرين اللذين على مؤخره الذئبين، والاثنين اللذين هما في غاية الخفاء قبل الذئبين أظفار الذئب، وقد وقعت العوائذ بين الذئبين، وبين النسر الواقع منعطفين على الربع، فشبهت العرب النيرين بذئبين قد طمعا في استلاب الربع، وشبهت العوائذ بأربع أينق قد عطفن على الربع، وفي أصل الذئب كوكب يسمى الذيخ وهو ذكر الضباع. كوكبة قيقاوس: كواكبه أحد عشر كوكباً في الصورة، وعشرة خارج الصورة، وهي من كوكبة ذات الكرسي، وبين الكواكب الجدي، وهو النير الذي على ذنب الدجاجة الذي يسمّى الردف، والعرب تسمّى الكوكب الذي على صدره النثرة، والذي على منكبه الأيمن الفرقد، والدائرة التي تحصل من كواكب ذراعه، وممّا هو خارج من كواكب الدجاجة من جناحها الأيمن تسمّى القدر، والذي على الرجل اليسرى يسمّى الراعي، وبين رجليه كوكب يسمّى كلب الراعي، وبين رجليه وبين الجدي كواكب صغار تسمٌّيها العرب الأغنام. كوكبة العواء: كواكبها اثنان وعشرون كوكباً في الصورة، وواحد خارجها، وهو صورة رجل بيده اليمنى عصاء فيما بين كواكب الفكة وبنات نعش الكبرى، وتسمّي العرب الكواكب التي على الرأس، والذي على المنكبين عصا الضباع، الذي على يده اليسرى وعلى الساعد من هذه اليد وما حول اليد من الكواكب الخفية أولاد الضباع، والخارج عن الصورة كوكب أحمر نير بين فخذيه يسمّى السماك الرامح، والسماك يسمّى مفرداً حارس السماء وحارس الشمال، لأنّه يرى أبداً في السماء لا يغيب تحت شعاع الشمس، والكواكب التي على الساق اليسرى تسمى الرامح. كوكبة الفكة: كواكبها ثمانية، يقال لها بالفارسية كاسه دورشان، وهي على استدارة خلف عصا الضباع وفي استدارتها ثلمة، ولأجل ثلمتها يقال لها قصعة المساكين، ومن كواكبها كوكب يقال له النير عن الفكية. كوكبة الجاثي: ويقال له الراقص، هي صورة رجل قد مد يده وجثا على ركبتيه، إحدى رجليه على طرف عصا العوا، وهي اليمنى، والأخرى عند الأربعة التي على رأس التنين التي تسمّى العوائذ، وكواكبه ثمانية وعشرون كوكباً، في الصورة خلاف الكوكب المشترك بينه وبين العواء، وواحد خارج الصورة. كوكبة السلياق: كواكبه عشرة، والنير منها يسمّى النسر الواقع، شبهته العرب بنسر قد ضم جناحيه إلي نفسه كأنّه واقع على شيء، والعامة تسمّيه الأثافي، وقدام النير كوكب خفي تسمّيه العرب الأظفار. كوكبة الدجاجة: كواكبها سبعة عشر كوكباً في الصورة، واثنان خارج الصورة، والعرب تسعي الأربعة المصطفّة الفوارس، وقد قطعت المجرة عرضاً، والنيّر الذي على الذنب الردف لأنه يتلو الأربعة، وجعله بعضهم الذي على الصدر في الوسط، واثنان عن يمينه واثنان عن يساره، والردف خلفه. كوكبة ذات الكرسى: هي صورة امرأة قاعدة على كرسي له قائمتان كقائمة المنبر وعليه مسند، وقد أدلت رجليها وهي في نفس المجرة فوق الكوكب الذي على رأس قيقاوس، وكواكبها ثلاثة عشر كوكباً، والعرب تسمّي النير من هذه الكواكب الكف المخضب، وهي كف الثريا اليمنى المبسوطة، فشبهت العرب تلك الكواكب بيد مبسوطة، والكواكب النيرة منها بأنامل مخضوبة. كوكبة برشاوش: وهو حامل رأس الغول، وهو صورة رجل قائم على رجله اليسرى، وقد رفع رجله اليمنى، ويده اليمنى فوق رأسه، وبيده اليسرى رأس غول، وكواكبها ستّة وعشرون كوكباً في الصورة، وثلاثة خارج الصورة. كوكبة ممسك الأعنة: هي صورة رجل قائم خلف رأس الغول بين الثريا وبين كوكبة الدب الأكبر، وكواكبه أربعة عشر كوكباً، وفي وسط الصورة كواكب تسميها العرب الخباء، والنير الذي عن المنكب الأيسر تسمّيه العرب العيوق، والذي على المرفق الأيسر العنز، والاثنين اللذين على المعصم الأيسر الجديين، ويسمّى العيوق معها العناق، ويسمى أيضاً رقيب الثريا، ويسمّى الذي على المنكب الأيمن، والاثنان اللذان على الكعبين توابع العيوق. كوكبة الحور والحية: أمًا الحور فصورة رجل قائم قد قبض بيديه على حية، وكواكبه أربعة وعشرون في الصورة، وخمسة خارجها، وأما الحية فكواكبها ثمانية عشر، وعلى عنقها كوكب يسمّى عنق الحية، وتسمّى الكواكب المصطفة على رأس الحية نسقاً شامياً، والمصطفة تحت عنقه نسقاً يمانياً، ويسمّى ما بين النسقين الروضة، والكواكب التى بين النسقين في الروضة الأغنام، والذي على رأس الحور يسمى الراعي، والذي على رأس الجاثي كلب الراعي. كوكبة السهم: هي خمس كواكب بين منقار الدجاجة وبين النسر الطائر في نفس المجرة العظيمة تصله إلى ناحية المشرق، والفوق إلى ناحية المغرب، وطول السهم في رأي العين إذا كان في كبد السماء نحو ذراعين. كوكبة العقاب: كواكبه تسعة في الصورة، وستة خارجها، وفي الصورة ثلاثة مشهورة تسمى النسر الطائر، وبإزائه النسر الواقع، والعامة تسمّي الثلاثة المشهورة من خارج الصورة الميزان لاستواء كواكبه، والاثنين اللذين فوقها الظليمين. كوكبة الدلفين: كواكبه عشرة مجتمعة تتبع النسر الطائر، والنير الذي على ذنبه يسمّى ذنب الدلفين، والعرب تسمي الأربعة التي في وسط العنق الصليب، والذي على الذنب عمود الصليب. كوكبة قطعة الفرس: كواكبها أربعة تتبع الدلفين، اثنان منها متضايقان بينهما شبر، واثنان بينهما ذراع، والأول في موضع الفم والآخرون على الرأس. كوكبة الفرس الأعظم: كواكبه عشرون، وهي على صورة فرس له رأس ويدان وبدن إلى آخر الظهر، وليس له كفل ولا رجلان، والأوّل من كواكبه على السرة، وهو على رأس المرأة المسلسلة مشترك بينهما ويسمّى سرة الفرس، وآخر على متنه يسمى متن الفرس، وكوكب على منكبه الأيمن يسمّى منكب الفرس، وآخر عند منشأ العنق يسمى عنق الفرس، وآخر على جحفلته خلف الأربعة التي على قطعة الفرس يسمّى فم الفرس، والعرب تسمّي الأربعة النيرة التي على المربع أحدها عند منتهى العنق متن الفرس، ومنكب الفرس، وجناح الفرس، والكوكب المشترك الدلو، وتسمّي الاثنين المتقدمين عليها العرقوة، والاثنين اللذين في البدن النعائم والكرب، أيضاً شبّهتها العرب بمجموع العرقرتين في الوسط في رأس الدلو حيث يشد فيه الحبل، وذلك الموضع من الدلو يسمى الكرب، وتسمّي الاثنين اللذين على الرأس سعد البهائم، والاثنين اللذين على العنق سعد الهمام، والاثنين المتقاربين اللذين في الصدر سعد البارع، والاثنين اللذين على الركبة اليمنى سعد المطر. كوكبة المرأة المسلسلة: كواكبها ثلاثة وعشرون من الصورة سوى النيّر الذي على الرأس، فإنّه على سرة الفرس، وسمّيت هذه المرأة مسلسلة لامتداد إحدى يديها، وهي اليمنى نحو الشمال والأخرى نحو الجنوب، ولاجتماع الكواكب بين رجليها شبهوها بمن سلسل، ويسمّى الكوكب النير الذي فوق مئزرها بطن الحوت. كوكبة الفرس التام: هو أحد وثلاثون كوكباً، وهو فرس آخر، أحسن شبهاً بالفرس من الأوّل، وبعض الفرس الأوّل داخل فيه، ومن السطر الذي من الكوكب على وجهه، ورأسه تولدت صورة الرأس، وتمر على عرفه على تقويس فيفصل بكوكب على متنه، وهو من كواكب الفرس الأعظم الذي علي طرف اليد اليمنى، ثم يمر على كوكبين على كفله، ثم على كوكبين على ذنبه، وهو طرف اليد اليسرى من الفرس الأعظم، ثم على كوكبين، أحدهما في وسط ذنبه، والآخر على طرف الذنب، ويخرج بن الجحفلة سطر يمر على الغلصمة والنحر وبه تتم صورة العنق والصدر. كوكبة المثلث: كواكبه أربعة بين الشرطين، وبين النيّر الذي على الرجل اليسرى من صورة المرأة، وهو على شكل مثلث فيه طول أحدها على رأس المثلث، ويسمّى هذا الاسم وثلاثة على قاعدتها. هذه صورة قريبة من الدائرة التي تمر على أوساط البروج في المائل عن طريقة الكواكب السيارة، وهي التي سميت البروج الاثنا عشر بأسمائها، كل اسم باسم الصور التي كانت فيه، فلنذكر كوكبة كل صورة وعدد كواكبها وموقعها من الصورة وألقاب بعضها على رأي المنجّمين والعرب، ولتبدأ بالصورة التي في الوجه الأول منها: كوكبة صورة الحمل: كواكبه ثلاثة عشر في الصورة، وخمسة خارجها، مقدمه إلى جهة المغرب، ومؤخره إلى المشرق، ووجهه على ظهره، والنيّران اللذان على القرن يسمّيان الشرطين، والنيّر الخارج عن الصورة يسمّى النطح، واللذان على الإلية مع الذي علي الفخذ وهي على مثلث متساوي الأضلاع تسمّى البطين، والعرب جعلت بطن الحمل منزلاً للقمر كبطن السمكة وسمته البطين. كوكبة الثور: صورته صورة ثور، مؤخره إلى المغرب، ومقدّمه إلى المشرق، وليس له كفل ولا رجلان تلتفت رأسه إلى جنبه، وقرناه إلى ناحية المشرق، وكواكبه اثنان وثلاثون سوى النيّر الذي على طرف قرنه الشمال، فإنه على الرجل اليمنى من ممسك الأعنة مشترك بينهما، والخارج عن الصورة أحد عشر كوكباً، وعلى موضع القطع منه أربعة مصطفة، والنير الأحمر العظيم الذي على عينه الجنوبية يسمّى الدبران، وعين الثور أيضاً وتالي النجم وحادي النجم والفنيق وهو الجمل الضخم، والتى حواليه من الكواكب القلاص، وهي صغار النوق. والعرب تسمي الكواكب التي على كاهل الثور الثرياء، وهما كوكبان نيّران في خلالهما ثلاث كواكب صارت مجتمعة متقاربة كعنقود العنب، ولذلك جعلوها بمنزلة كوكب واحد، وسمّوها النجم وزعموا أنْ في ذلك المطر عند نوئها الثروة، وتسمّي الاثنين المتقاربين على الأذنين الكلبين، ويزعمون أنّْهما كلبا الدبران، والعرب تتشاءم بالدبران وتقول: أشأم من حادي النجم، ويزعمون أَنّهم لا يمطرون بنوء الدبران إلا وسنتهم مجدبة. كوكبة التوأمين: كواكبها ثمانية عشر فى الصورة، وسبعة خارجها، وهي صور إنسانين رأسهما في الشمال والشرق وأرجلهما إلى الجنوب والمغرب، وقد اختلطت كواكب أحدهما بكواكب الآخر، والعرب تسمّي الاثنين النيّرين اللذين على رأسهما الذراع المبسوطة، واللذين على يدي التوأم الثاني الهقعة، واللذين على قدم التوأم المتقدّم، وقدام قدمه البخاتي. كوكبة السرطان: كواكبه تسعة من الصورة، وأربعة خارجها، والعرب تسمي الكوكب النير منها النثرة، وفي المجسطي ذكر النثرة باسم المعلف، واسم الكوكبين التاليين للنثرة الحمارين، والكوكب النيّر الذي على الرجل المؤخرة الجنوبي الطرف. كوكبة الأسد: كواكبه تسعة وعشرون في الصورة، وثمانية خارجها، والعرب تسمي الكوكب الذي على وجهه مع الخارج عن الصورة سرطان الطرف، وتسمّي الأربعة التي في الرقبة والقلب الجبهة، وتسمّي التي على البطن وعلى الحرقفة الزبرة، والذي على مؤخر الذنب قلب الأسد، وتسمّيه أيضاً الصرفة لانصراف البرد عند سقوطه بالمغرب بالغدوات وانصراف الحر عند طلوعه من تحت شعاع الشمس بالغدوات. كوكبة العذراء: وهي ستة وعشرون في الصورة، وستة خارجها، وهي صورة امرأة رأسها على جنوب الصرفة، وقدمها الزبانان اللذان على كفتي الميزان، العرب تسمي التي على طرف منكبها الأيمن العواء، وهو المنزل الثالث عشر من منازل القمر، وزعم بعضهم أنّ الكواكب التي على بطنها وتحت إبطها كأنها كلاب تعوي خلف الأسد، وتسمّى عواء البرد أيضاً، لأنها إذا طلعت أو سقطت جاءت ببرد، والكوكب النير الذي بقرب يدها التي فيها السلسلة السماك الأعزل سمّي أعزلاً لأنه بإزائه السماك الرامح، ويسمى أعزلا لأنه لا سلاح معه، والمنجّمون يقولون لهذا الكوكب السنبلة، ويسمّى أيضاً ساق الأسد، والذي على قدمه اليسرى الغفر، وَإِنْما سمي بالغفر لنقصان ضوء كواكبه كأنّْه قد سترها. كوكبة الميزان: ثمانية كواكب في الصورة بين كوكبة العذراء وكوكبة العقرب، وتسعة خارجها وليس فيها شيء من الكواكب المشهورة. كوكبة العقرب: أحد وعشرين كوكباً من الصورة، وثلاثة خارجها، وهي صورة مشهورة، والعرب تسمّي الثلاثة التي على الجبهة الإكليل، وتسمّي النيّر الأحمر الذي على البدن قلب العرب، وتسمّي الذي قدام القلب والذي خلفه النياط، وتسمّي الذي في الخزوات الفقرات، وتسمّي الاثنين اللذين على طرف الذنب الشولة. كوكبة الرامي: وهو القوس أحد وثلاثون كوكباً في الصورة، وليس حواليه شيء من الكواكب المرصودة، والعرب تسمّي الأول الذي على النصل، والذي على مقبض القوس، والذي على الطرف الجنوبي من القوس والذي على طرف اليد اليمنى من الدابة النعام الواردة، لأنّ المجرة شبهت بنهر، والنعام قد وردت النهر، وتسمّى الذي على المنكب الأيسر والذي فوق السهم، والذي على الكتف الأيسر، والتي تحت الإبط وهو بعيد عن المجرّة إلى ناحية المشرق النعام الصادرة، شبهتها بنعام شرب الماء وصدر عن النهر، وتسمّي اللذين على الستة الشمالية من القّوس الظليمين، واللذين على الفخذ اليسرى والساق الصردين. كوكبة الجدي: كواكبه ثمانية وعشرون كوكباً في الصورة، وليس حوالي الصورة شيء من الكواكب المرصودة، والعرب تسمّي الاثنين اللذين على القرن الثانى سعد الذابح، سمّي ذابحاً للصغير الملاصق له، قيل الصغير شأنه الذى يذبحه وتسمي الاثنين النيّرين الذين على الذنب المحبين. كوكبة ساكب الماء وهو الدلو: كواكبه اثنان وأربعون كوكباً فى الصورة، وثلاثة خارجها، والعرب تسمّي اللذين على منكبه الأيمن سعد الملك، واللذين على منكبه الأيسر مع الذي على ذنب الجدي سعد السعود، والثلاثة التي علي اليد اليسرى سعد بلع، وإِنّما سمّيت بهذا الاسم لأنّْ البعد بين هذين الاثنين أوسع من البعد بين الذابح، فشبهتها بفم مفتوح ليبلع، وتسمّي الذي على ساعده مع الثلاثة التي على يده اليمنى سعد الأخبية، وإنّما سمّي بذلك لأنّه إذا طلع اختبأت الهوام تحت الأرضى من البرد، وتسمّي النيّر الذي على فم الحوت الجنوبي الضفدع الأول. كوكبة السمكة وهي الحوت: وكواكبها أربعة وثلاثون في الصورة، وأربعة خارجة، وهما سمكتان، أحدهما السمكة المتقدمة وهي التي على ظهر الفرس الأعظم في الجنوب، والأخرى على جنوب كوكبة المرأة المسلسلة، وبينهما خيط من كواكب يصل بينهما على تعريج. هي الكواكب التي في النصف الجنوبي من الكرة، وهي خمسة عشر صورة، نذكر مواضع كواكبها من الصورة إن شاء الله تعالى، ومواضع صورها وأسمائها على مذهب العرب والمنجّمين على ما رسمنا فيما تقدّم. كوكبة قيطس: هي صورة حيوان بحري مقدمه في ناحية المشرق على جنوب كوكبة الحمل، ومؤخره في ناحية المغرب خلف الثلاثة الخارجة عن صورة ساكب الماء، وكواكبه اثنان وعشرون، والعرب تسمّي الكواكب التي في الرأس الكف الجذماء، لأنَّ امتداده دون امتداد الكف الخضيب، وتسمي الخمسة التي على يديه النعامات، والكواكب التي على أصل الذنب تسمّى النظام، والتي على الشعبة الجنوبية من الذنب تسمى الضفدع الثاني، والأوّل مذكور في الدلو. كوكبة الجبار: كواكبه ثمانية وثلاثون كوكباً في الصورة، وهو صورة رجل قائم في ناحية الجنوب على طريقة الشمس، بيده عصا وعلى وسطه سيف، والعرب تسمّي الكواكب الثلاثة التي على الوجه الهنعة، والنيّر الأعظم الذي على منكبه اليمنى منكب الجوزاء ويد الجوزاء أيضاً، والكوكب النيّر الذي على المنكب اليسرى الناجذ والمرزم أيضاً، والثلاثة المصطفة التى على وسطه منطقة الجوزاء والثلاثة المنحدرة المتقاربة سيف الجبار، والنيّر العظيم الذي على قدمه اليسرى رجل الجبار، وتسمّي التسعة المقوّسة التي على الكم تاج الجوزاء. كوكبة النهر: كواكبه أربعة وثلاثون في الصورة، وليس حواليه شيء من الكواكب المرصودة يبتدىء من عند النيّر الذي على قدم الجوزاء، فيمر في المغرب على تعريج إلى قرب الأربعة التي على صدر قيطس، ثم يمر في الجنوب على ثلاثة كواكب، ثم يتعطف إلى المشرق، فيمر على ثلاثة كواكب أيضاً، ثم ينعطف إلى الجنوب، فيمر على ثلاثة كواكب مجتمعة، ثم يتقطع فيمر في الجنوب على كوكبين متقاربين، ثم ينعطف إلى المغرب، فيمر على كوكبين متقاربين أيضاً ثم على ثلاثة كواكب متقاربة، ثم ينتهي إلى كوكب نيّر على آخر النهر، والعرب تسمّي الأوّل والثاني والثالث من كوكبة الكرسي الجوزاء، وتسمّي الأربعة التي في وسط النهر مع الخمسة التي في جانبه الآخر أدحي النعام وهو عشه، والتي حوالي هؤلاء الكواكب تسمّى البيض، والنيّر الذي على آخر النهر يسمّى الظليم، وبين هذا الظليم والظليم الذي على فم الحوت كواكب كثيرة تسمّى الرئال، وهي فراخ النعام. كوكبة الأرنب: هي اثنا عشر كوكباً في الصورة، وليس حواليه شيء من الكواكب المرصودة، وهي تحت رجل الجبار وجهه إلى المغرب ومؤخره إلى المشرق، والعرب تسمّي الأربعة التي إثنان منها على يديه وإثنان على رجليه كرسي الجوزاء، وعرش الجوزاء أيضاً. كوكبة الكلب الأكبر: كواكبه ثمانية عشر في الصورة، وأحد عشر خارجها، وهي صورة كلب خلف كوكبة الجوزاء، ولذلك سمّي كلباً، والعرب تسمى النيّر الأعظم الذي على موضع الفم الشعرى العبور، وكان قوم في الجاهلية يعبدونه لأنه يقطع السماء عرضاً دون غيره من الكواكب، وذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ﴾ وسمّى عبوراً لأنه عبر المجرة إلى سهيل، وتسمّى اليمانية لأنّ مغيبها فى شق اليمنى، وتسمي الأربعة التي منها على كتفه وعلى ذنبه وما بينهما وعلى فخذه العذارى، والأربعة المصطفة التي على الاستقامة خارج الصورة تسمّى القرود، والنيّران من خارج الصورة حضار الوزن، ومن العرب من يسميهما مختلفين لأنّهما يطلعان قبل سهيل، فيظن أحدهما سهيل فيحلف عليه، والآخر يعلم أنه غير سهيل فيخلف له. كوكبة الكلب المتقدّم: وهما كوكبان بين النيّرين اللذين على رأس التوأمين وبين النيّر الذي على فم الكلب الأكبر يتأخر عنهما إلى المشرق أحدهما أنور، وتسمّيه العرب الشعرى الشامية لأنّها تغيب في شق الشام، وتسميه الشعرى الغميصاء لأنّه عندهم أخت سهيلاً، وقد عبرت اليمانية المجرة إلى ناحية سهيل، وبقيت هذه في الشمال الشرقية، فبكت على سهيل وغمصت عيناها، وتسمّي الاثنين أيضاً ذراع الأسد المقبوض، وسمّيت مقبوضة لتأخرها عن الذراع الآخر، وهما النيّران اللذان على رأس التوأمين. كوكبة السفينة: كواكبها خمسة وأربعون كوكباً من الصورة، وليس حواليها شيء من الكواكب المرصودة، وذكر بطليموس أن النيّر العظيم الذي على المجداف الجنوبي هو سهيل، وهو أبعد كوكب عن السفينة في الجنوب يرسم على الأسطرلاب، وأما العرب فالروايات عنها في سهيل، وفي كواكب السفينة مختلفة، فرأى بعضهم أن النيّر الذي على طرف المجداف الثاني يسمّى سهيلاً على الإطلاق. أمّا القطب الجنوبي فإنه في مقابلة القطب الشمالي، وإنّه خارج عن كواكب السفينة بقرب نيّر المجداف، وتدور حوله كواكبه أسفل من سهيل، وزعموا أن لهذا القطب فوائد منها أن كل حيوان أنثى إذا تعسّرت ولادتها تنظر إلى القطب وإلى سهيل تضع في الحال، ومنها أن من انقطعت عنه شهوة الباه من غير شرب دواء يداوم النظر إلى القطب الجنوبي في ليال متوالية ترجع إليه شهوته، ومنها أن صاحب الثآليل إذا أخذ بعدد كلّ ثؤلول ورقة من شجر الغرب ويومىء إلى سهيل وإلى القطب، ويقول هذا لقلع الثآليل حتى يقول اثنين وأربعين مرّة، إما في ليلة واحدة أو في ليال، ثم يدق الورق في هاون اسفيدوز، ويجعله على الثآليل، فإنّها تجف وتنفرك، وزعموا أنها من الخواص العجيبة المجربة، ومنها أن صاحب الماليخوليا إذا أدام النظر إلى القطب وسهيل مرّة بعد أخرى، أو في ليلة مرّات يزول عنه ذلك، وزعموا أنهم جرّبوه فوجدوه صحيحاً، ومنها أن النظر إلى هذا القطب وسهيل يحدث للإنسان طرباً وسروراً، ولهذا صنف الزنج مخصوصون بمزيد الطرب لأنهم متقاربون من مدار القطب وسهيل، ومنها أن صاحب الظفرة في العين إذا أدام النظر إلى القطب وسهيل ويحدق تزول ظفرته، وذلك بأن يديم النظر إلى القطب وسهيل ويحدق النظر إليها، ويكون النظر متوالياً أُوله ليلة الثلاثاء ولا يقطعه إلى أن تزول الظفرة، فإنها تذهب إلى تمام اثنين وأربعين أو تسع وأربعين. كوكبة الشجاع: كواكبه خمسة وعشرون كوكباً في الصورة، واثنان خارجها، رأسه على زباني الجنوبي من صورة السرطان، وهي بين الشعرى والغميصاء، وقلب الأسد يميل عنهما إلى الجنوب ميلاً يسيراً ثم ينعطف إلى كوكب نيّر على آخر عقدته عند منشأ الظهر فوقه أربع كواكب على شمال النيّر، والعرب تسمّي الذي على آخر العنق الفرد لانفراده عن أشباهه، وأمًا سائر كواكب الشجاع فعن العرب فيها روايات كثيرة لا طائل تحتها، فمنهم من قال بين كوكب الفرد وبين الجبار كواكب مستطيلة كالحبل تسمى الشراسيف، ووراء الجبار كوكب الفرد وبين الشراسيف والجبار كواكب مستديرة تسمّى المعلف أراد بذلك كوكبة البَاطِيَة. كوكبة الباطية: هي سبع كواكب على شكل كوكبة الشجاع، والعرب تسمّي هذه الكواكب المعلف. كوكبة الغُرَاب: هي سبع كواكب خلف الباطية على جنوب السماك الأعزل، والعرب تسمّي هذه الكواكب عجز الأسد وتسمّيها أيضاً عرش السماك الأعزل وتسمّيها أيضاً الأحمال. كوكبة قنطورس: هي سبعة وثلاثون كوكباً، وصورته صورة حيوان مقدمه مقدم إنسان من رأسه إلى آخر ظهره، ومؤخره مؤخر فَرَس من منشأ ظهره إلى ذنبه، وجهه إلى المشرق ومؤخر دابته إلى المغرب، وبيده شمراخان، وقد قبض بيده الأخرى على يد السبع، وعلى بطن الدابة نيّر يسمّى بطن، وعلى حافر يده اليمنى كوكب حضار، وعلى يده الأخرى الوزن، وهما اللذان يسميّان المحلفين المحتلفين لأن المتقدّم منهما يمّر على مجرى سهيل وقريب منه فإذا طلع يشبهه من يراه بسهيل، ويقول غيره أنه غير سهيل فيتحافان فيحنث من يدعى أنه سهيل كما ذكرنا قبل. كوكبة السبع: وهي تسعة عشر كوكباً من الصورة خلف كوكبة قيطورس، وبعضها مختلط بكوكبة قيطورس، وقد قبض قيطورس على يده، والعرب تسمّي كوكبة قيطررس والسبع الشماريخ الجملة لكثرتها وكثافة جميعها، وليس حولها شيء من الكواكب المرصودة. كوكبة المجرة: كواكبها سبعة من الصورة، ولم يقع على العرب شيء من هذه الكواكب غير هذا. كوكبة الإكليل الجنوبي: وهي ثلاثة عشر كوكباً من الصورة قدام الاثنين اللذين على عرقوب الرامي، فمن العرب من يسمّي هذه الكواكب القبّة لاستدارتها، ومنهم من يسميها أدحى النعام، وهو عُشّه لأنها على جنوب النعامين الصادر والوارد اللذين قل مضى ذكرهما. كوكبة الحوت الجنوبي: وهي أحد عشر كوكباً من الصورة على جنوب كواكب الدالي رأسه إلى المشرق، وذنبه إلى المغرب، ويسمّى النيّر الذي على فمه فم الحوت. تمت الكواكب الثابتة، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل. وهي ثمانية وعشرون منزلاً ينزل القمر كل ليلة بواحد منها من مستهله إلى ثمانية وعشرين ليلة من الشهر، ثم استسرّ واستسراره محاقه حتى لا يرى منه شيء، فإن كان الشهر تسعاً وعشرين استسرّ ليلة ثمان وعشرين، وإن كان ثلاثين استسرّ ليلة تسع وعشرين، وهو في السرار يقطع منزلاً، فهذه المنازل الثمانية والعشرون يبدو منها أبداً أربعة عشر بالليل فوق الأرض، ويخفى أربعة عشر تحت الأرض، وكلّما غاب منها واحد طلع رقيبه. والعرب تسمّي أربعة عشر من هذه المنازل شامية وأربعة عشر يمانية، فأُوّل الشامية الشرطين وآخرها السماك الأعزل، وأوّل اليمانية الغفر، وآخرها الرشا، وتسمّي العرب أيضاً سقوط النجم منها في المغرب مع الفجر وطلوع مقابله نوءاً، وسقوط كل نجم منها في ثلاثة عشر يوماً خلا الجبهة، فإن لها أربعة عشر يوماً فيكون انقضاء سقوط الثمانية والعشرين مع القضاء السنة، ثم يرجح الأمر إلى الأول في ابتداء السنة المقبلة، واختلفوا في قدر مدّة النوء فذهب بعضهم إلى النجم إذا سقط فما بين سقوطه إلى سقوط التالى له هو نوءٌ، وذلك في ثلاثة عشر يوماً، فما كان في هذه الثلاثة عشر يوماً من مطر أو أو ريح أو حرّ أو برد فهو من نوء ذلك النجم الساقط، وللحكماء أقوال طويلة في أحكام نزول النيرين، هذه المنازل وكذلك إذا كانت مطالع المواليد، وللعرب أقوال في مطالعها ومساقطها وصورها واسمائها وأنوائها، وما فيها من الأمطار والرياح والحرّ والبرد ولهم اسجاع في طلوع نجم نجم وإمارات لخصب الزمان وجدبه، فلمّا كان قول العرب أقرب إلى الصدق اعرضت عن أقوال الحكماء، وأوردت ما قاله العرب في كلّ واحد من هذه المنازل مستعيناً بالله تعالى وهو حسبي ونعم الوكيل، أمّا المنازل الشامية فأولها: الشرطين: يقال لهما قرنا الحمل ويسمّيان الناطح، وبينهما في رأي العين قاب قوسين وهذه صورتهما إذا صار في كبد السماء يكون أحدهما في ناحية الشمال والأخر في ناحية الجنوب، فإذا حلّت الشمس بهما اعتدل الزمان، واستوى الليل والنهار، ويقول الساجع: إذا طلع الشرطان، فقد استوى أجزء الزمان، وعادت الناس إلى الأوطان، وتهادت الأقارب والجيران، يريد أنهم يرجعون إلى أوطانهم واهدى بعضهم إلى بعض، وطلوعهما لستّ عشرة ليلة تخلو من نيسان، وسقوطهما لثمان عشرة ليلة تخلو من تشرين الأوّل، وحلول الشمس بهما لعشرين ليلة تخلو من آذار، وكلّما نزلت الشمس الشرطين فقد مضت للعالم سنة، وإِنّما سمّوهما شرطين لأنّهما علامة دخول أوّل السنة، ولذلك يقال لمجموعها الأشراط نقصت الانباط يريدون نقصان الماء المستنبط في نيسان والانباط جمع نبط، وفي نوء الشرطين يطيب الرمان، وتكثر المياه، وتنعقد الثمار، ويحصد الشعير، ورقيب الشرطين الغفر. البطين: يقال له بطن الحمل، وهو ثلاثة كواكب خفية كأنها أثافي، وهو بين الشرطين والثريّا، وهذه صورته، وطلوعه لليلة تبقى من نيسان، وسقوطه لليلة تبقى من تشرين الأَوّل، وعند سقوطه يرتج البحر، فلا تجري فيه جارية، ويذهب الحداء والرخم والخطاطيف إلى الغور، وتسكن النمل، وتقول الساجع: إذا طلع البطين، فقد اقتضى الدين، واقنفى العطّار والقَيْن، يعني إذا رجع الناس إلى أوطانهم في طلوع الشرطين، ومضى نوءه وطلع البطين كلّ من له دين يطلب ودعت الحاجة إلى الطيب، والحداد لإصلاح آلاتهم، وحكى ابن الأعرابي إنهم يقولون ما نآءَ البطين والدبران أو أحدهما وكان لنوءه مطراً إلا كاد أن يكون ذلك العام جديباً، وقال مورخ هو شرّ الأنواء وأقلها مطراً، وقلّ ما أصابهم إلا أخطاهم نوء الثريّا، ونوؤها أشرف الأنواء واغزرها، وفي نوءه يجفّ العشب ويتم حصاد الشعير، ويأتي أَوَل حصاد الحنطة، ورقيب البطين الزبانا. الثُّرَيَّا: يقال أنها أَلْيَة الحمل، وهي أشهر هذه المنازل، وهي ستّة أنجم، وهذه صورتها ويسمّونها أيضاً نجماً وشبهوها بعنقود عند مغيبها قال الشاعر: وتدلت كأنها عنقود، والعرب تقول طلع النجم غُدَيَّة ابتغى الراعي شُكَيَّة تصغير شكوة وهي القربة الصغيرة يريد انه يحتاج إلى الشرب لشدّة الحّر، وقال الساجع: إذا طلع النجم، فالحرّ في خدم، والعشب في حطم، والعانات في كدم، الخدم توقد النار، والحطم الكسير، والكدم الغضّ، وطلوعها لثلاث عشرة ليلة تخلو من أيار، وسقوطها لثلاث عشرة ليلة تخلو من تشرين الآخر، والثريا تظهر من أول الليل في المشرق عند ابتداء البرد ثم ترتفع في كل ليلة حتى تتوسّط السماء مع غروب الشمس، وذلك الوقت أشدّ ما يكون البرد، ثم تنحدر عن وسط السماء فتكون في كلّ ليلة أقرب من أفق المغرب إلى أن يهلّ الهلال معها، ثم تمكث يسيراً وتغيب نيّفاً وخمسين ليلة، وهذا المغيب هو استسرارها، ثم تبدؤ بالغداة من المشرق في قوّة الحرّ، ولهم في جميع أحوالها التي ذكرتها أشعار وأسجاع منها قولهم: طلع النجم عشاء ابتغى الراعي كساء، وقال النبي « إذا طلع النجم لم يبق من العاهة شيءٌ » أراد عاهات الثمار لأنها تطلع بها بالحجاز، وقد أزهى البسر، وأمّا نوءُه فنوءٌ محمود غزير وهو خير نجوم الوسمي، لأنّ مطره في زمن فقد الأرض الماء. قال سليمان بن كريمة: إذا طلعت الثريا ارتجّ البحر، واختلفت الرياح وسلط الله الجنّ على المياه، وقال النبي « من ركب البحر بعد طلوع الثريا فقد برئت منه الذمّة » وفي نوء الثريا تتحرّك الرياح، ويشتدّ الحرّ، ويدرك التفاح والمشمش، ويجفّ العشب وفي آخره يمدّ النيل، ويكثر اللبن، ورقيب الثريا الإكليل. الدبران: وهو كواكب أحمر منير يتلوا الثريا، ويسمّى تابع النجم، وسمّي دبراناً لاستدباره الثريا، وهذه صورته، ونوءه غير محمود، والعرب تتشاءم به، وطلوعه لستّ وعشرين ليلة من أيار، وسقوطه لستّ وعشرين ليلة تخلوا من تشرين الأوّل، قال الساجع العرب: إذا طلع الدبران توقدّت الحزان، وكرهت النيران واستعرت الونان ويبست الغدران، الحزان جمع حزين وهو الأرض الصلبة، وبين يدى الدبران كواكب كثيرة منها كوكبان صغيران يكاد أن يتماسانه لقرب ما بينهما تقول العرب هما كلباه، ويقول الباقى قلاصه، ويقال للكوكب النير الأحمر الفحل، ويقال له أيضاً حادى النجم، وفي نوءه يشتدّ الحرُّ، وهو أول البوارح وتهبّ السمائم ويسود العنب، ورقيب الدبران القلب، الهَقْعَةُ: كواكب رأس الجوزاء، وهي ثلاثة كواكب تشبه الأثافي صغار. روى أن رجلاً طلق زوجته بعدد نجوم السماء، فقال ابن عبّاس يكفيك منها هقعة الجوزاء، وإنّما سمّيت هقعة تشبيهاً لها بدائرة الفرس التي يقال لها الهقعة وهذه صورتها، تطلع لتسع خلون من حزيران وتسقط لتسع خلون من كانون الأول، ونوءها لا يكادون يذكرونه إلاّ بنوء الجوزاء، والجوزاءُ غزيرة النوء، ويقول الساجع: إذا طلعت الهقعة يقوم الناس للقلعة، ورجعوا عن النجعة، وفي نوءها يدرك البطيخ وسائر الفواكه، ويشتدّ الحرُّ ويكثر هبوب السمائم ورقيب الهقعة الشولة. الهنعة: هي كوكبان أبيضان بينهما قيد سوط على قدر الهقعة في المجرّة، ويقال لأحد الكوكبين الزرّ وللآخر النيسان، وثلاثة تحيط بهما، فمجموعها خمسة أربعة متتابعة إلى جانب، وواحد في جهة العرض على هيئة الألف الكوفي المقلوبة، وهذه صورتها قال أدهم العبدى: الهنعة قوس الجوزاء ترمى بها ذراع الأسد، وهي ثمانية أنجم في صورة قوس ومقبض القوس الزرّ، والميسان النجمان المذكوران، وطلوع الهنعة لاثنين وعشرين ليلة تخلو من حزيران، وسقوطها لاثنين وعشرين ليلة تخلو من كانون الأوّل، ونوءها من أنواء الجوزاء، والصيّاد يصاد فيما بين طلوع النجم إلى طلوع الهنعة ثم امتنع هزالاً، ويقول الساجع: إذا طلعت الجوزاء كسب الظباءُ، وعرقت العلياء، وطاب الخباء يعنون بطلوع الجوزاء الهقعة الهنعة، وكنست الظباءُ أي تدخل أحجارها من شدّة الحرّ فترعى في هذا الوقت ليلاً، وقوله عرقت العلياءُ، أي عروق العنق وطاب الخباءُ لإنها تكنّ من الحرّ، وفي نوئها انتهاء شدّة الحرّ وإدراك الرطب والتين وتغيير المياه، ورقيب الهنعة النعائم. الذراع: هو ذراع الأسد المقبوضة، وللأسد ذراعان مقبوضة ومبسوطة، فالمبسوطة تلي اليمن، والمقبوضة تلي الشام، والقمر ينزل بالمقبوضة وهي كوكبان بينهما قيد سوط، وكذلك المبسوطة مثلها وهذه صورة المقبوضة وطلوعها لأربع ليال تخلو من تموز، وسقوطها لأربع تخلو من كانون الآخر، ونوءها محمود قلّ ما يخلف، وتزعم العرب أنه إذا لم يكن في السنة مطر لم يخلف الذراع، ولو كانت بشغة ذو الرمّة، واردفت الذراع لها بنوء سجوم الماء فانسجل انسجالاً، وقال الساجع: إذا طلع الذراع حسرت الشمس القناع واشعلت الأفق الشعاع، وترقرق السّراب في كل قاع، وفي نوءها تشتدّ بوارح الصيف حرّا وسموماً، وفيه يدرك الرمان، واحمرار البسر، ويقطع القصب النبطي، ورقيب الذراع البلدة. النثرة: هي ثلاثة كواكب متقاربة وهي أنف الأسد، وطلوعها لسبع عشرة ليلة من تموز وتسقط لسبع عشرة ليلة تخلو من كانون الآخر، وتقول العرب: إذا طلعت النثرة قنأت البسرة، أي اشتدت حمرتها، وعند سقوط النثرة يجري الماء في العود ويصلح تحويل الغسيل، وفي نوئها غاية شْدة الحر، وفيه سموم حارة حتى قيل إن في نوئها في كل يوم تظهر آفة تفسد شيئاً من الزرع والثمار. ورقيب النثرة سعد الذايح. الطرف: هو طرف الأسد، وهما كوكبان صغيران مثل الفرقدين، وطلوعه لليلة تخلو من آب، وسقوطه لليلة تبقى من كانون الثاني، وتقول العرب: إذا طلعت الطرفة كثرت الطرفة، وعند ذلك قطاف أهل مصر، وفي نوئه بوارح وسموم، وفيه يؤكل الرطب، ويقطف العنب. ورقيب الطرفه سعد بلع. الجبهة: هي جبهة الأسد، وهي أربعة كواكب فيها عوج بين كل كوكبين في رأي العين قيد سوط، وهي معترضة من الجنوب إلى الشمال، والجنوبي منها تسمّيه المنجمون قلب الأسد، وطلوعها لأربع عشرة ليلة تمضي من آب مع طلوع سهيل، وسقوطه لاثنتي عشرة ليلة تخلو من شباط، وعند سقوطه ينكسر حد الشتاء، وتوجد الكمأة، ويورق الشجر، وتهب الرياح اللواقح، وتقول العرب: لولا طلوع الجبهة ما كان للعرب رفهة، ونوءها محمود، يقال ما امتلأ واد من نوء الجبهة ماءٌ إلا امتلأ عشباً وسهيل يطلع بالحجاز مع طلوع الجبهة، ومع طلوعها يصير البسر رطباً، وفي نوئها ينكسر البرد، ويكثر الرطب، ويسقط الطل. ورقيب الجبهة سعد السعود. الزبرة: هي زبرة الأسد أي كاهله، وهي كوكبان نيران بينهما قيد سوط، والزبرة شعر الأسد الذي ينزل عند الغضب، وأحدهما أنور من الآخر، وفيهما قليل عوج، وطلوعهما لأربع ليال تخلو من آب، وسقوطهما لخمس ليال تخلو من شباط، ويكون في نوئها مطر شديد، فإن أخلف قصر، وعند طلوع الزبرة يرى سهيل بالعراق، ويبرد الليل مع السموم بالنهار. ورقيب الزبرة سعد الأخبية. الصرفة: هي كوكب واحد على أثر الزبرة، أزهر مضيء جداً، عنده كواكب صغار طمس، ويزعمون أنّها قلب الأسد، وسمّيت صرفة لانصراف الحر والبرد، عند طلوعها وسقوطها وطلوعها لتسع ليال تخلو من أيلول، وسقوطها لتسع ليال تخلو من آذار، ومع طلوعها يزيد النيل وأيام العجوز في نوئها، وزعموا أن الصبي إذا فطم بنوء الصرفة لم يكد يطلب اللبن، وفي نوئها مطر ورياح وبرد بالليل، ويأتي المطر الوسمي. ورقيب الصرفة فرع الدلو المقدم. العواء: هى أربعة أنجم على أثر الصرفة تشبه الهاء المردودة الأسفل بالخط الكوفي والعرب شبهوها بكلاب تتبع الأسد، وقال قوم هي تخلو من آذار، ونوءها يسير، والعرب تقول: إذا طلعت العواء طاب الهواء، وفي نوئها يستوي الليل والنهار، ويأخذ الليل في الزيادة والنهار في النقصان، وهو ابتداء الخريف. ورقيب العواء فرع الدلو المؤخر. السماك: هو السماك الأعزل، وأما السماك الرامح فلا ينزله القمر، وهو كوكب أزهرء وإِنّما سمّي أعزلاً لأنّ الرامح عنده كوكب يقال له راية السماك، وأمًا الأعزل فلا شيء عنده، والأعزل هو الذي لا سلاح معه، والعرب يجعلون السماكين ساقا الأسد، وطلوع الشمس الأعزل لخمس ليال مضيئ من تشرين الأول، وسقوطه لأربع ليال تخلو من نيسان، ونوءه غزير قلما يخلف مطره، إلا أنه مذموم لأنه ينبت البسر وهو نبت إذا رعته الإبل مرضت، والعرب تقول: إذا طلعت السماك ذهبت العكاك، وفي نوئه صرام النخل، وقطع العنب، ويأتي المطر الولي. ورقب السماك بطن الحوت، وهذا آخر المنازل الشامية. وأمًا المنازل اليمانية فأوّلها: الغفر: وهو ثلاث كواكب خفية، وإِنّما سمّي غفراً لأنّ عند طلوعه تستتر نضارة الأرض وزينتها، وطلوعه لثمان عشرة ليلة تخلو من تشرين الأوّل، وسقوطه لست عشرة ليلة تتخلو من نيسان. قال الساجع: إذا طلع الغفر اقشعر السفر وذبل النضر، وفي نوئه يؤبر النخل، ويقطع القصب الفارسي، ومطره ينبت الكمأة. ورقيب الغفر الشرطين. الزبانا: هى زبانا العقرب أي قرناها وهما كوكبان مفترقان بينهما في رأي العين مقدار خمسة أذرع، وطلوع الزبانا آخر ليلة من تشرين الأوّل، وسقوطها لليلة تبقى من نيسان، والعرب يصفونها بهبوب البوارح، وهي الشمال الشديدة الهبوب، وتكون في الصيف حارة، قال الساجع: إذا طلعت الزبانا فاجمع لأهلك ولا تتوانى، وفي نوئه يدخل الناس يبوتهم في أقليم بابل ويشتد البرد، ومطره ينبت الكمأة، والزبانا رقيبه البطين. الإكليل: وهو رأس العقرب، وهو ثلائة كواكب زاهرة مصطفة معترضة، وطلوع الإكليل لثلاث عشرة ليلة تخلو من تشرين الثاني، وسقوطه لثلاث عشرة ليلة تخلو من أيار، والعرب يقولون: إذا طلع الإكليل هاجت السيول، فإذا سقط غارت مياه الأرض، ولا تزال تغور إلى سقوط بطن الحوت، وذلك لخمس مضين من تشرين الأوّل، وفي نوئه تكثر الأمطار والغيوم، ورقيب الإكليل الثريا. القلب: هو قلب العقرب، وهو الكوكب الأحمر، وراء الإكليل بين كوكبين يقال لهما النياط، وليسا على حمرته، وأوّل النتاج بالبادية عند طلوع القلب وطلوع النسر الواقع وهما يطلعان معأ في البرد، وذلك لست وعشرين ليلة تخلو من تشرين الثاني، وسقوطه لست وعشرين ليلة تخلو من أيار، وما نتج في هذا الوقت يكون سيىء الغذاء لشدّة البرد وقلة اللبن والزيت، والعرب يقولون: إذا طلع القلب جاء الشتاء كالكلب. ونوء القلب تتشاءم به العرب، ويكرهون السفر إذا كان القمر نازلاً في العقرب، وفي نوئه يشتد البرد وتهب الرياح الباردة، ويسكن المام في عروق الشجر. ورقيب القلب الدبران. الشولة: هي كوكبان متقاربان يكادان يماسان ذُنب العقرب، وسمّيت شول لارتفاعها، يقال شال بذنيه، وبعدها أبرة العقرب كأنها لطخة غيم، وهي تطلع لتسع ليال خلون من كانون الأوّل، وتسقط لتسع تخلو من حزيران، وتقول العرب: إذا طلعت الشولة اشتدت على العيال العولة وفي نوئها يسقط الورق كله، وتكثر الأمطار، وتتفرق الأعراب الذين حضروا المياه. ورقيب الشولة الهقعة. النعائم: هي ثمان كواكب على أثر الشولة أربعة في المجرة وهي النعائم الواردة، سمّيت واردة لأنها شرعت في الممجرّة كأنُها تشرب، وأربعة خارجة عن المجرة وهي النعائم الصادرة سمٌّيت صادرة لأنها خارجة عن المجرّة كأنها شربت ثم صدرت عن الماء، وكل أربعة منها على تربيع، وطلوعها لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من كانون الأول، وسقوطها لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من حزيران، والعرب تقول: إذا طلعت النعائم توسّعت البهائم، وفي نوئها أُوّل الشتاء واستواء الليل والنهار. ورقيب النعائم الهنعة. البلدة: هي فضاء في السماء لا كوكب بها بين النعائم وبين سعد الذابح، وليس فيه إلا نجم واحد خامد لا يكاد يُرى، وهي ست كواكب مستديرة صغار خفية تشبه القوس ويسمّيها بعض العرب القوس، وطلوع البلدة لأربع ليال خلون من كانون الآخر، وسقوطها لأربع ليال مضين من تموز، وتقول العرب: إذا طلعت البلدة حيت الجعدة، وفي نوئها يجمد الماء ويشتد كلب الشتاء، وتنقى البساتين من الأدغال والحشيش، وتكرب الكروم. ورقيب البلدة الذراع. سعد الذابح: هو كوكبان غير نيْرين، بينهما في رأي العين قدر ذراع، وأحدهما مرتفع في الشمال، والآخر هابط في الجنوب، وطلوعه لسبع عشرة ليلة تخلو من كانون الآخر، وسقوطه لسبع عشرة ليلة تمضي من تموز، والعرب تقول: إذا طلع سعد الذابح حمى أهله النابح، وفي نوئه يصعد الماء إلى فروع الشجر، ويدرك الجوز واللوز، ويرجى المطر. ورقيب سعد الذابح النثرة. سعد بلع: هو نجمان مستويان في المجرى، أحدهما خفي، وسمّي الأكبر بالعاً كأنّه بلع الاخر الخفي، وأخذ ضوءه وطلوعه لليلة تبقى من كانون الآخر، وسقوطه لليلة تبقى من آب، وتقول العرب: إذا طلع سعد بلع صار في الأرض لمع، وفي نوئه يكثر المطر، وتبقى الضفادع وتتزاوج العصافير، ويبيض الهدهد، وتهب الجنوب، ويقل اللبن. ورقيب سعد بلع الطرف. سعد السعود: هو ثلاث كواكب أحدها نير والآخران دونه، والعرب تتيمن به، فلهذا سمّي بهذا الاسم، وطلوعه لاثنتي عشرة ليلة تمضي من شباط، وسقوطه لأربع عشرة ليلة تمضي من آب، وتقول العرب إذا طلع سعد السعود كره في الشمس القعود، ونوءه محمود، وفي نوئه يتحرك أَوّْل العشب، ويصوت الطير، وتهيج السنانير، ويورق الشجر، وتأتي الخطاطيف، وتصيب الإبل مرعاها، ويدرك الورد وسائر الرياحين ورقيب سعد السعود الجبهة. سعد الأخبية: هو أربعة كواكب متقاربة، واحد منها في وسطها، وهو مثل رجل بطة، اثنان منها على الطول واثنان منها على العرض، يقال إِنّ السعد منها واحد، وهو أنورها، والثلاثة خفية، وقيل إِنْما سمّي سعد الأخبية لأنّ عند طلوعه تخرج الحشرات المختبئة في الأرض، وطلوعه لخمس وعشرين ليلة تخلو من شباط، وسقوطه لأربع ليال تبقى من آب، وتقول العرب: إذا طلع سعد الأخبية خلت من الناس الأبنية، ونوؤه غير محمود، ويكثر فيه المطر جداً، ويقطع الكرم. ورقيب سعد الأخبية الزبرة. الفرع الأوّل: هو فرع الدلو المقدّم، والدلو أربعة كراكب واسعة مربعة، قائنان منها هما الفرع الْأَوْل، واثنان هما الفرع المؤخر، وفرع الدلو هو مصب الماء بين العرقوتين، وطلوع الفرع الأول لتسع ليال خلون من آذار، وسقوطه لتسع ليال مضين من أيلول، والعرب تقول: إذا طلع الدلو طلب اللهو، ونوءه محمود، وفيه تسقط الجمرة الثالثة، وينعقد اللوز والتفاح والمشمش بالحر، ويرده يهلك الثمار. ورقيب الفرع الأول الصرفة. الفرع الثاني: قد وصف عند الفرع الأوّل وطلوعه لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من آذار، وسقوطه لاثنتين وعشرين ليلة تمضي من أيلول، ونوءه محمودء، وطلوع الفرعين وغروبهما يكون في إقبال البرد وإدباره، وعند سقوط الفرع المؤخر يُجِر النخل بالحجاز وتهامة وكل غور، ويشتار العسل، وفي نوئه آخر أمطار الشتاء، وفيه يكثر العنب ويدرك النبق والباقلاء، ويستوي الليل والنهار. ورقيب الفرع الثاني العواء. بطن الحوت: هي كواكب كثيرة في مثل حلقة السمكة، وتسمّى الرشاء أيضاً، وهي كواكب معترضة ذنبها نحو اليمن، ورأسها نحو الشام، وطلوعها لأربع ليال تخلو من نيسان، وسقوطها لخمس تمضي من تشرين الأول، وعند سقوطه ينتهي غور المياه، ويطلع بعده الشرطين، ويعود الأمر إلى ما كان عليه في السنة الأولى، وتقول العرب: إذا طلعت السمكة أمكنت الحركة. ورقيب بطن الحوت السماك، ونوءه غزير المطر قَلّما يخلف، وهو أوان حصاد الشعير بالجروم، قال أبو إسحاق الزجاجي: إِنّ السنة أربعة أجراء، كل جزء منها سبعة أنواء، كل نوء منها ثلاثة عشر يوماً، وزادوا فيها يوماً لتتم السنة ثلائمائة وخمسة وستّين يوماً وهو مقدار قطع الشمس فلك البروج، والله الموفق. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211185
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D8%B1
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر العاشر
اعلم أنّه ليس فلك كسائر الأفلاك، بل هو أمر موهوم، وذلك لأنّهم ذهبوا إلى أن لكل كوكب من الكواكب كرة تخصّه، وإِنّ لكل كرة حركة تخصّها، وأن الكوكب مركوز في جرم الفلك كنقطة، وأن كل كرة تتحرك على قطبين، وأنّ النقطة الى عليها برسم دائرة موهومة على سطح الكرة، فإذا تحرك فلك الشمس من المشرق إلى المغرب كانت حركته قسرية، وإنما حركة فلك الشمس المختصّة به من المغرب إلى المشرق فإذا تمت دورته حدثت من مركز الشمس دائرة عظيمة في فلك الشمس، وتتوهم هذه الدائرة قاطعة للعالم فتحدث في سطح الفلك الأعلى دائرة عظيمة مركزها مركر العالم، وهي الدائرة التي تسمّى فلك البروج، ثم إِنّ الدائرة التي هي أعظم الدوائر التي تمر بمركز العالم وتقطع العالم نصفين، وقطبها قطبا العالم اللذان يسميان الشمالي والجنوبي تسمّى دائرة معدل النهار. فنقول دائرة فلك البروج تقطع دائرة معدل النهار نصفين على نقطتين متقابلتين تسمّى إحداهما نقطة الاعتدال الربيعي، والأخرى نقطة الاعتدال الخريفي، ثم تتوهم دائرة أخرى تمر بنقطتي معدل النهار، وهما قطبا العالم ونقطتي فلك البروج فتقطع دائرة فلك البروج على نقطتين متقابلتين، إحداهما مما يلي الشمال، والأخرى مما يلي الجنوب، أمّا الشمالية فتسمى نقطة الاتقلاب الصيفى، وأمّا الجنوبية فتسمى نقطة الانقلاب الشتوي، فهاتان الدائرتان تقسمان فلك البروج أربعة أقسام متساوية. أما الربع الذي بين نقطتي الاعتدال الربيعي وبين الانقلاب الصيفي فهو الذي يحدثه زمان الربيع، لأنّ الشمس ما دامت بحركة فلكها الخاص مسامتة لهذا القوس يسمّى ذلك الزمان ربيعاً. وأمًا الربع الذي بين نقطتي الانقلاب الصيفى والاعتدال الخريفى فهو الذي يحدثه زمان الصيف لأن الشمس ما دامت مسامتة لهذا القوس يسمّى ذلك الزمان صيفاً. وأما الربع الذي بين نقطتي الاعتدال الخريفى والانقلاب الشتوي فهو الذي يحدثه زمان الخريف لأن الشمس ما دامت مسامتة لهذا القوس يسمّى الزمان خريفاً. وأما الربع الذي بين نقطتي الانقلاب الشتوي والاعتدال الربيعي فهو الذي يحدثه زمان الشتاء لِأنّ الشمس ما دامت مسامتة لهذا القوس يسمّى الزمان شتاء، تتوهم أيضاً دائرتان عظيمتان تخرجان من قطبي دائرة البروج، فيقطعان الربع الربيعي ثلاثة أقسام متساوية، ويقطعان أيضاً الربع الخريفي المقابل لهذا الربع ثلاثة أقسام متساوية، وتتوهم أيضاً دائرتان عظيمتان تخرجان من قطبي دائرة البروج، وتقطلعان الربع الصيفي والربع الشتوي المقابل له، كل واحد منها ثلاثة أقسام متساوية، فتصير جملة الدوائر الخارجة من قطبي دائرة البروج ستة، فإذا ترهمنا ست دوائر قاطعة للعالم تمر بقطبي الدائرة بنقطتين متقابلتين، انقسم كل واحد من الأفلاك التسعة اثني عشر ر قسماً، يسمّى كل قسم منها برجاً، وكل برج منها مقسوم ُ ثلاثين قسماً، يسمى كل قسم منها درجة، فالدوائر بجملتها ثلائمائة وستون درجة، ثم قسموا فلك الثوابت بهذه الدوائر الست اثني عشر قسماً، في كل قسم كواكب متشكلة بأشكال مختلفة، ففى أحد هذه الأقسام كواكب متشكلة بشكل يشبه صورة الحمل، فسمّي ذلك القسم برح الحمل، ثم يلي هذه القطعة قطعة عليها كواكب متشكلة يصورة شبيهة بالثور، فيسمى هذا القسم برج الثور، وهكذا إلى آخر الأقسام، وذكر بطليموس أن دائرة البروج أربعمائة وستّة وثمانون ألف ألف ومائتان وتسعة وخمسون ألفاً وسبعمائة وأحد وعشرون ميلاً وسبع ميل، فطول كل برج تسعة وثلاثون ألف ألف وثلاثمائة وثمانية وثمانون ألفاً وثلاثمائة وعشرة أميال ونصف وسدس ميل، وعرض كل برج ألف ألف وثلاثمائة واثنان وعشرون ألفاً وتسعمائة وثلاثة وأربعون ميلاً وثلث ميل، والله الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211339
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D9%8A%20%D8%B9%D8%B4%D8%B1
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الحادي عشر
سمّي بهذا الاسم لإحاطته بجميع الأفلاك وتحريكه كلها ويقال له الفلك الأعظم لأنه أكبر الأفلاك: ويقال له الفلك الأطلس لأنهم لم يعرفوا له كوكباً، وحركة هذا الفلك من المشرق إلى المغرب على قطبين ثابتين، ويقال لأحدهما القطب الشمالي، وللآخر القطب الجنوبي، وتتم دورته في أربع وعشرين ساعة، وبحركته تتحرك الأفلاك كلها مع كواكبها، وحركته أسرع من كل شيء شاهده الإنسان حتى صح في الهندسة أن الشمس تتحرك بحركتها القسرية، وهي حركة الفلك الأعظم في مقدار ما يرفع الإنسان قدمه للخطو إلى أن يضعها ثمانمائة فرسخ، ويشهد بصحة هذا ما روي عن رسول الله أنه سأل جبريل عليه السلام عن دخول وقت الصلاة، فقال: لا، نعم، فسأل رسول الله عن قوله لا نعم، فقال: من وقت قلت لا إلى أن قلت نعم مرت الشمس خمسمائة فرسخ. وبحركة هذا الفلك يتكوّن الليل والنهار، فإذا طلعت الشمس بدوران هذا الفلك على جانب من الأرض أضاء جوّها وأشرق سطحها، وتحركت حيواناتها، وربا نباتها، وفاح نسيمها، وإذا غابت بدوران هذا الفلك عن جانب من الأرض أظلم جوها واسود وجهها، وسكنت حيواناتها، وذبل نباتها، فما دامت هذه الحركة محفوظة، فهذه الحالة موجودة، وأشار إليها يقوله تعالي : ﴿ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾. والحكماء سمّوا هذا الفلك محدداً لاعتقادهم أن ليس وراء ذلك خلاء وملأ، وقال أبو عبد الله محمد بن عمر الرَازِي بعد ما أظهر فساد القول بالمحدد: من أراد أن يكتال مملكة الباري تعالى بمكيال العقل فقد ضلّ ضلالاً بعيداً، وقد أحب بعض السالفين التوفيق بين الآيات والأخبار، وقول الحكماء: فزعم أن الكرسي هو الفلك الثامن من الذي ذكرنا سعته وعجائبه، والعرش هو الفلك التاسع الذي هو أعظم الأفلاك، والله تعالى أعلم بصحة هذا القول أو فساده، ولا شك في وجود العرش والكرسي لنصوص الأيات، ولما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: « اما السمـٰوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقأة في فلاة. وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة، وأمًا العرش فإنه مخلوق عظيم من مخلوقات الله تعالى قبلة لأهل السمـٰوات » كما أنْ الكعبة قبلة لأهل الأرض فسبحان العظيم. وبحركة هذا الفلك يتكوّن الليل والنهار، فإذا طلعت الشمس بدوران هذا الفلك على جانب من الأرض أضاء جوّها وأشرق سطحها، وتحركت حيواناتها، وربا نباتها، وفاح نسيمها، وإذا غابت بدوران هذا الفلك عن جانب من الأرض أظلم جوها واسود وجهها، وسكنت حيواناتها، وذبل نباتها، فما دامت هذه الحركة محفوظة، فهذه الحالة موجودة، وأشار إليها يقوله تعالي : ﴿ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾. والحكماء سمّوا هذا الفلك محدداً لاعتقادهم أن ليس وراء ذلك خلاء وملأ، وقال أبو عبد الله محمد بن عمر الرَازِي بعد ما أظهر فساد القول بالمحدد: من أراد أن يكتال مملكة الباري تعالى بمكيال العقل فقد ضلّ ضلالاً بعيداً، وقد أحب بعض السالفين التوفيق بين الآيات والأخبار، وقول الحكماء: فزعم أن الكرسي هو الفلك الثامن من الذي ذكرنا سعته وعجائبه، والعرش هو الفلك التاسع الذي هو أعظم الأفلاك، والله تعالى أعلم بصحة هذا القول أو فساده، ولا شك في وجود العرش والكرسي لنصوص الأيات، ولما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: « اما السمـٰوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقأة في فلاة. وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة، وأمًا العرش فإنه مخلوق عظيم من مخلوقات الله تعالى قبلة لأهل السمـٰوات » كما أنْ الكعبة قبلة لأهل الأرض فسبحان العظيم. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211428
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السادس/الفصل الثالث
أمّا المستدير القائم فنضرب نصف قطر القاعدة في ذلك الخط ثم في النسبة بين القطر والمحيط وفي المخروط الناقص المستدير القائم نضرب مجموع محيطي الدائرتين في أقصر الخط الواصل بين المحيطيين اعنى الذي كان مع السهم واحد ليحصل المساحة ونضرب مجموع نصفي القطرين في ذلك الخط ثم الحاصل في النسبة المذكورة، وإن لم يكن الخط المذكور معلوماً وكان ارتفاعه معلوماً نأخذ نصف التفاضل بين قطري القاعدتين ونزيد مربعه على مربع ارتفاعه ونأخذ جذر الحاصل فهو مقدار الخط المذكور، وأما المستدير المائل فلم يذكر المتقدمون مساحة سطحه إذا لم يوجد إلى تحصيلها سبيل فنحن نحتال في معرفتها بتقريب لا يبعد عن الصواب، وذلك بإن يحصل أعظم الخطوط الخارجة من رأس المخروط إلى محيط قاعدته وأقصرها وكذا يحيط قاعدته بمقياس واحد ثم يجرى محيط قاعدته أجزاء يكون التفاوت بين كل جزء منها وبين وتر ذلك الجزء شياء يسير بالنسبة إلى المقياس ويستخرج مقادير الخطوط الخارجة عن رأس المخروط إلى محيط قاعدته بحيث يكون البعد بين كل اثنين منها من محيط القاعدة بقدر جزء واحد من تلك الأجزاء ليحصل المساحة ومعرفة استخراج مقادير تلك الخطوط المذكورة أن يعرف بعد كل خط منها عن طرف أقصر الخطوط من أجزاء محيط القاعدة كم كان بما به محيط القاعدة ثلاثمائة وستون ويعرف كل واحد من جيبه وسهمه ثم نقسم نصف المحيط على نسبة المحيط إلى القطر فما خرج فهو نصف قطر قاعدته ضربناه في كل من الجيب والسهم المذكورين منحطاً، ونسمي حاصل ضرب الجيب بالمحفوظ الأول وحاصل ضرب السهم بالمحفوظ الثاني ثم نضرب مجموع الضلعين الأطول والأقصر في تفاضلهما ونقسم الحاصل على قطر قاعدته فما خرج نأخذ التفاضل بينه وبين قطر القاعدة وننصفه فهو بعد موقع العمود الخارج عن رأس المخروط على سطح قاعدته عن طرف أقصر الأضلاع ونسميه بالمحفوظ الثالث ننقص مربعه عن مربع أقصر الأضلاع يبقى مربع العمود ثم نجمع بين محفوظي الثاني والثالث ونسميه بالمحفوظ الرابع ونجمع مربّعه مع مربعي العمود والمحفوظ الأول ونأخذ المجموع فهو الخط المطلوب، وأمّا مساحة المخروط المضلع هي مجموع مساحة المثلثات التي يحيط به.
211514
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السادس/الفصل الرابع
أمّا المساحة فنضرب القطر في محيط أعظم دائرة يقع فيها يحصل المساحة، نوع آخرنضرب مربع القطر في نسبة المحيط إلى قطر ليحصل المساحة وهو أربعة أمثال أعظم دائرة يقع فيها ومساو لسطح أسطوانة مستديرة قائمة سوى القاعدتين يكون كل واحد من سمكها وقطر قاعدتها مساويا لقطرها ويساوي أيضاً سطح أسطوانة مع القاعدتين يكون سمكها مساويا لنصف قطرها، وأمّا استخراج قطرها فبأن نجعل نقطة من سطحها قطباً ونضع عليها أحد رجلي الفرجار ونرسم بالرجال الآخرى محيط دائرة على سطح الكرة ونضع هذا الفتح على خط مستقيم ونمسح بين رجلي الفرجار ونسميه بالقدار الأول ثم نقسم محيط تلك الدائرة ستة أقسام متساوية بالفرجار ونحصل مقدار هذا الفتح بتلك الأجزاء أيضاً وينقص مربعه عن مربع المقدار الأول ونأخذ جذر الباقي فهو أرتفاع قطعة يكون سطح الدائرة المرسومة قاعدتها فنقسم عليه مربع المقدر الأول فما خرج فهو قطره الكرة. نوع آخر نرسم على الكرة دائرة كيفما أتفق ونحفظ فتح الفرجار ونسميه بالفتح الأول نرسم على الكرة دائرة كيفما أتفق ونحفظ فتح الفرجار ونسميه بالفتح الأول ثم نقسم تلك الدائرة أما ستة أقسام ونأخذ منها ثلاثة أقسام، وأمّا أربعة أقسام ونأخذ منها قسمين بفرجار أخر ويسميه بالفتح الثاني ثم نرسم على سطح مستو خطا مستقيما ونضع عليه بالفتح الثاني نقطتين، ونرسم على كل واحد منها ببعد الفتح الأول دائرة فالدائرتان يتقاطعان البتة ثم نرسم على أحد تقاطعي هاتين الدائرتين دائرة بالفتح الأول أيضاً فيتقاطع مع كل واحد من الأوليين على نقطتين نصل بينهما خطا وكذا بين الآخرين فيتقاطع هذان الخطان البتة فمن هذا التقاطع إلى كل واحدة من النقطتين الموضوعتين أولا هو نصف قطر الكرة هكذا.
211515
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السادس/الفصل الخامس
أمّا المساحة فنضرب الخط الواصل بين رأس القطعة ومحيط قاعدتها في نسبته المحيط إلى القطر ثم في الحاصل يحصل مساحة القطعة وهي يساوي لدائرة يكون نصف قطرها بقدر الخط المذكور. نوع آخر نضرب أرتفاع القطعة في محيط أعظم دائرة يقع في تلك الكرة يحصل المساحة، وأمّا استخراج أبعادها فإذا كان نصف قطر قاعدتها وأرتفاعها معلومين يجمع مربعهما ونأخذ جذر المجموع فهو الخط الواصل بين رأس القطعة ومحيط قاعدتها ولو نقسم مربّع نصف قطر قاعدتها على أرتفاعها فما خرج نزيده على أرتفاعها كان المجموع قطر الكرة نضربه في نسبة المحيط إلى القطر اعني في يحصل محيط أعظم دائرة يقع فيها.
211517
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع
الفصل الأول في مساحة الاسطوانة الفصل الثاني في مساحة المخروط واستخراج عموده الفصل الثالث في مساحة المخروط الناقص الفصل الرابع في مساحة فضل المخروط وفضل المعين المجسم الفصل الخامس في مساحة الكرة الفصل السادس في مساحة قطاع الكرة وقطعتها الفصل السابع في مساحة الأجسام المتساويات أضلاع القواعد الفصل الثامن في مساحة سائر الأجسام
211519
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل الأول
نضرب مساحة أحدى قاعدتيها في العمود الواقع على سطحيها، أمّا داخل الاسطوانة أو خارجها وهي في الاسطوانة القائمة سهمها أو خارجها، وأما استخراج عمودها في المائل فبأن نضرب جيب زاوية ميلها في الخط الواصل بين محيطي القاعدتين الموازي والمساوي لسهمها منحطا يحصل عموده.
211520
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل الثاني
أمّا المساحة فنضرب ثلث مساحة قاعدته في العمود الخارج عن رأس المخروط على سطح قاعدة داخلا كان أو خارجاً. نوع آخر مخصوص بالقائم المستدير نضرب ثلث العمود الخارج من مركز قاعدته الواقع على ضلع من أضلاعه أي على خط واصل بين رأسه ومحيط قاعدته في سطحة المستدير ليحصل المساحة وإمّا استخراج العمود الخارج عن رأس المخروط ومحيط قاعدته معلوماً في القائم المستدير والخطان الأطول والأقصر في المائل المسدير وهما مع قطر القاعدة يكون أضلاع مثلثه فنستخرج العمود عن أضلاعه مثلث كما سبق مساحة المثلث، وإن كان المخروط مضلعاً قائماً ويكون أضلاع قاعدته بحيث يمكن أن يحيط بها دائرة تماس جميع زواياها فنقص مربع نصف قطر تلك الدائرة عن مربع الخط الواصل بين رأس المخروط واحدى زوايا القاعدة أو يمكن أن يحيط بدائرة تماس أضلاعها فنقص مربع نصف قطرها عن مربع الخط الواصل بين رأس المخروط واحدى فقط التماس فما بقي فهو مربع العمود، وإن كان المخروط مضلعاً مائلاً، ويكون أضلاع قاعدته متساويات، ويكون السطح الموهوم المار سهمه القائم على قاعدته ماراً باحدى زوايا قاعدته ومنتصف أحد أضلاعه فيما كان أحد أضلاع قاعدته فردا وإمّا بالزاويتين المتقابلتين أو بمنتصفي الضلعين المتقابلين فيما عدد أضلاعه زوجاً أو منقطع الضلعين المتقابلين على غير نقطتي المنتصف فيحدث فيه من ذلك السطح مثلث يكون قاعدته فيما كان أضلاع قاعدته فرداً بقدر مجموع نصفي قطري الدائرة الداخلة والخارجية واحد ساقيه بقدر الخط الواصل بين رأسه والزاوية والأخر بقدر الخط الواصل بين رأسه ومنتصف الضلع فنستخرج منه العمود كما سبق في مساحة المثلث، وأمّا فيما كان عدد أضلاعه قاعدته زوجاً فإن كان السطح مار بالزاويتين منها فيكون قاعدة مثلث المخروط قطر الدائرة المحيطة بأضلاع القاعدة واحد ساقيه الأطول الواصل بين رأسه ومحيط قاعدته والأخر الأقصر الواصل بهما، وإن كان ماراً بمنتصفي الضلعين يكون القاعدة قطر الدائرة الداخلة والضلعان الآخران هما أطول الخطوط الوصلة بين رأسه ومنتصف أضلاع القاعدة وأقصرها فنستخرج منها العمود وإن كان قاطعاً للضلعين على غير نقطتي المنتصف نزيد مربع بعد التقاطع عن منتصف الضلع على مربع نصف قطر الدائرة الداخلة ونأخذ جذر المجموع ونضعفه وهو قاعدة مثلث المخروط والخطان الواصلان بين رأس المخروط وطرفي القاعدة هما ساقاه فنستخرج منها العمود. نوع آخر أعم منه إن كان سهمه معلوماً وكذا زاوية ميله عن القيام، فنضرب سهمه في جيب تمام زاوية الميل منحطاً فما حصل فهو العمود وكذا الحكم في كل خط واصل بين رأس المخروط ومحيط قاعدته إذا كان مقدار زاوية ميله معلوماً وهذا شامل لجميع، وأمّا استخراج العمود الخارج عن مركز القاعدة على خط وصل بين المخروط، ومحيط قاعدته فنضرب مجموع سهم المخروط ونصف قطر قاعدته في تفاضلهما ونقسم الحاصل على الخط المذكور فما خرج ننقصه عن ذلك الخط ثم ننقص مربع نصف الباقي عن مربع نصف قطر القاعدة فما بقي نأخذ جذره وهو المطلوب.
211521
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%20%D8%B9%D8%B4%D8%B1
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الثاني عشر
زعموا أنّ الملك جوهر بسيط ذو حياة وفطر وعقل، والاختلاف بين الملائكة والجن والشياطين كالاختلاف بين الأنواع، واعلم أن الملائكة جواهر مقدسة عن طلب الشهوة، وكدورة الغضب لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، طعامهم التسبيح، وشرابهم التقديس، وأُنسهم بذكر الله تعالى، وفرحهم بعبادته، خلقوا على صور مختلفة، وأقدار متفاوتة لإصلاح مصنوعاته وإسكان سمـٰواته وقال : « أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها قدر شبر إلا وفيه ملك راكع أو ساجدة ». وقال بعض الحكماء: إن لم يكن في فضاء الأفلاك وسعة السمـٰوات خلائق، فكيف يليق بحكمة الباري جلت قدرته تركها فارغة مع شرف جوهرها، فإنه لم يترك قعر البحار المالحة المظلمة فارغاً حتى خلق فيه أجناس الحيوانات وغيرها، ولم يترك جو الهواء الرقيق حتى خلق أنواع الطير، ولم يترك البراري اليابسة والآجام والجبال حتى خلق فيها أجناس الهوام والحشرات. وأمًا أصناف الملائكة فلا يعرفهم غير خالقهم كما قال تعالى : ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ غير أن صاحب الشرع أعلم ببعضهم، وبحسب وقوع الحوادث اهتدى العقل إلى بعضهم حتى قيل: ما من ذَرّةَ من ذرَات العالم إلا وقد وُكَل بها ملك أو ملائكة، وما من قطرة إلا ومعها ملك ينزل بها من السحاب، ويدعها في المكان الذي قدر الله تعالى، هِذا حال الذرّات والقطرات فما ظنك بالأفلاك والكواكب والهواء والغيوم والرياح والأمطار والجبال والقفار والبحار والعيون والأنهار والمعادن والنبات والحيوان، فبالملائكة صلاح العالم، وكمال الموجودات بتقدير العزيز العليم، ولنذكر بعض من أخبر بهم صاحب الشريعة صلوات الله عليه وسلامه وهم الملائكة المقرّبون عليه وعليهم الصلاة والسلام. فمنهم حملة العرش صلوات الله عليهم، وهم أغز الملائكة وأكرمهم على الله تعالى تتقرّب إليهم سائر الملائكة ويسلمون عليهم بالغدو والرواح لمكانتهم عند الله تعالى وهم يسبحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا، فمنهم من هو على صورة النسر، ومنهم من هو على صورة الثور، ومنهم من هو على صورة الأسد، ومنهم من هو على صورة البشر. قال ابن عباس رضي الله عنهما: خلق الله حملة العرش، وهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أمدّهم الله تعالى بأربعة أخرى. فذلك قوله تعالى: ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾وهو عظم لا يوصف، فمنهم كما تقدّم من هو على صورة ابن آدم يشفع لبني آدم فى أرزاقهم، ومنهم من هو على صورة الثور يشفع للبهائم في أرزاقها، ومنهم من هو على صورة النسر يشفع للطيور في أرزاقها، ومنهم من هو على صورة الأسد يشفع للسباع في أرزاقها. ومنهم الروح الأمين عليه السلام، وهو ملك يقوم صفاً والملائكة كلهم صفاً لكرامته عند الله تعالى وعظمته، وإنّما سمي روحاً لأن كل نفس من أنفاسه يصير روحاً لحيوان، وقد وكله الله تعالى بإدارة الأفلاك وحركات الكواكب، وبما تحت فلك القمر من العناصر من المولدات والمعادن والنبات والحيوانات، وهو أكبر من الفلك وأقوى منه وأعظم وأشرف وأعلى من الجسمانيات، وهو قادر على تسكين الأفلاك، كما هو قادر على تحريكها بإذن الله تعالى. منهم إسرافيل عليه السلام، وهو مبلغ الأوامر ونافخ الأرواح في الأجساد، قال رسول : « كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وأصغى بالأذن حتى يؤمر فينفخ » قال مقاتل القرن الصور، وذلك أن إسرافيل عليه السلام واضع فاه على القرن وهو كهيئة البوق، ودائرة رأس البوق كعرض السمـٰوات ومن في الأرض، وهو شاخص ببصره نحو العرش، ينظر متى يُؤمر فينفخ فإذا نفخ صعق من في السمـٰوات والأرض إلا من شاء الله تعالى. قالت عائشة رضي الله عنها: قلت لكعب الأحبار رضي الله عنه، سمعت رسول الله يه يقول: « يا رب جبريل وميكائيل وإسرافيل » أما جبريل وميكائيل فسمعت بهما في القرآن، وأمًا إسرافيل فأخبروني عنه، فقال كعب: إنه ملك عظيم الشأن له أربعة أجنحة، أحدهما سد به المشرق والآخر سد به المغرب، والثالث ينزل به من السماء إلى الأرض والرابع التثم به من عظمة الله تعالى، قدماه تحت الأرض السابعة، ورأسه ينتهي إلى أركان قوائم العرش، وبين عينيه لوح من جوهر، فإذا أراد الله عزّ وجل أن يحدث أمراً في عباده أمر القلم أن يخط في اللوح، ثم أدنى اللوح إلى إسرافيل، فيكون بين عينيه، ثم هو ينتهي إلى ميكائيل صلوات الله وسلامه عليهم، فهم أعوان في جميع العالم حتى على الأركان والمولدات، ينفخون أرواحها فيها فيصير معدناً ونباتاً وحيواناً، وهي القرى التي بها صلاحها وحياتها، فسبحان الخالق البارىء المصوّر. ومنهم: جبريل الأمين عليه السلام، وهو أمين الوحي وخازن القدس، ويقال له الروح الأمين، وروح القدس، والناموس الأكبر، وطاووس الملائكة. جاء في الخبر أن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون، ولا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام، فإذا جاءهم فزع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال: ربكم قالوا: الحق، فينادون الحق بالحق، وجاء في الخبر أيضاً أن النبي قال لجبريل عليه السلام: « إني أحب أن أراك على صورتك التي صورك الله فيها » فقال: إنك لا تطيق ذلك، فقال : «أرني» فواعده جبريل بالبقيع في ليلة مقمرة فأتاه فنظر إليه النبي فإذا هو قد سد الآفاق فوقع مغشياً عليه فلمًا أفاق عاد جبريل عليه السلام إلى صورته الأولى قال ما ظننت أن أحداً من خلق الله تعالى هكذا فقّال له جبريل عليه السلام: كيف لو رأيت إسرافيل إن العرش لعلى كاهله، وإنْ رجليه قد مرقتا تحت تخوم الأرض السفلى، وإنه ليتصاغر من عظمة الله تعالى حتى يصير كالوسع والوسع العصفور الصغير. وقال كعب الأحبار رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام من أفضل الملائكة، له ست أجنحة، في كل واحد مائة جناح وله وراء ذلك جناحان لا ينشرهما إلا عند هلاك القرى ولمّا نزل على رسول ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ ﴾ سأله رسول الله قوّته، فقال: رفعت قرى قوم لوط بجناحي وصعدت بها حتي سمع أهل السماء صياح ديكتهم، ثم قلبتها وأعوانه موكلون على جميع العالم، من شأنهم إحداث القوة الغضبية والحمية لدفع الشر والإيذاء. ومنهم ميكائيل عليه السلام، وهو موكل بالأرزاق للأجساد والحكمة والمعرفة للنفوس، قال كعب الأحبار: في السماء السابعة البحر المسجور، وعليه من الملائكة ما شاء الله، وميكائيل قائم على البحر المسجور، لا يعرف وصفه وعدد أجنحته إلا الله تعالى، ولو أنّه فتح فاه لم تكن السمـٰوات فيه إلا كخردلة في بحر، ولو أشرف على أهل السمـٰوات والأرض لاحترقوا من نوره، وله أعوان موكلون على جميع العالم من شأنهم إحداث قوة النهوض قي الأركان والمولدات وغيرها التي بها الوصول إلى الغايات وبلوع الكمال في الكائنات. ومنهم عزرائيل عليه السلام، وهو مسكن الحركات ومفرّق الأرواح من الأجساد. قال كعب الأحبار: عزرائيل في سماء الدنيا، وخلق الله تعالى رجليه في تخوم الأرضين، ورأسه في السماء العليا، ووجهه مقابل اللوح المحفوظ، وله أعوان بعدد من يموت، والخلق كلهم بين عينيه، لا يقبض روح مخلوق إلا بعد أن يستوفي رزقه، ويتقضي أجله. وعن أشعث بن أسلم أن إبراهيم عليه السلام سأل ملك الموت عليه الصلاة والسلام فقال له: ماذا تصنع إذا كان نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ووقع الوباء بأرض والتقى الزحفان بأخرى؟ فقال: أدعو الأرواح بإذن الله تعالى، فتكون بين اصبعي هاتين. وعن وهب بن منبه رضي الله عنه أن سليمان بن داود عليهما السلام تمنّى أن يرى ملك الموت لِيتّخذه صديقاً فلم يشعر سليمان حتى أتاه كأنّه خرج من تحت سريره، فقال له سليمان: من أنت؟ نقال : ملك الموت، فصعق سليمان عليه السلام، فلمّا رأى ملك الموت ذلك قال: اللّهم إِنّ عبدك سليمان تمناني ونزل به ما ترى، اللّهم إني أسألك أن تقويه على رؤيتي، فأوحى الله تعالى إليه أن ضع يدك على صدره، ففعل ذلك، فأفاق سليمان عليه السلام وقال: يا ملك الموت، إني أراك عظيم الخلق أو كل الملائكة مثلك؟ فقال: والذي بعثك بالحق نبيّاً إن رجلى الآن على منكبي ملك قد جاوزت رأسه السمـٰوات السبع وارتفع فوق ذلك بمسيرة خمسمائة عام، ورجلاه قد جاوزتا الثرى بمسيرة خمسمائة عام، رشو فاتح فاه، رافع رأسه، باسط يديه، فلو أذن الله تعالي أن يطبق شفته العليا والسفلى لأطبق على ما بين السماء والأرض، فقال له سليمان عليه السلام: لقد وصفت أمراً عظيماً، فقال له: كيف لو رأيتني على صورتي التي أقبض فيها أرواح الكفّار، فصار ملك الموت صديقاً له ويأتيه كل خميس ويقعد عنده إلى أن تزول الشمس، فقال له سليمان عليه السلام يوماً: ما لي أراك لا تعدل بين الناس تأخذ هذا وتدع هذا؟ فقال له ملك الموت: ليس المسؤول بأعلم من السائل، إِنّما هي كتب فيها أسماء المقبوضين تلقى إلي ليلة الصك، وهي ليلة النصف من شعبان إلى مثلها من السنة القابلة، فأما أهل التوحيد فأقبض أرواحهم بيميني في حريرة بيضاء مغموسة في المسك، وترفع إلى عليين، وأما أهل الكفر فأقبضى أرواحهم بشمالي في سرباك من قطران، وتنزل إلى سجين، وأمرهم إلى عالم الغيب والشهادة، فينبئهم بما كانوا يعملون، وعن الأعمش عن خيثمة قال: دخل ملك الموت على سليمان عليهما السلام فجعل ينظر إلى أحد جلسائه ويديم النظر إليه، فلمّا خرج ملك الموت قال الرجل: يانبي الله من كان هذا؟ قال: إِنّه ملك الموت، قال: رأيته ينظر إلى كأنّه يريدني، أريد أن تخلصني منه بأن تأمر الريح لتحملني إلى أقصى بلاد الهند، فأمر سليمان الريح بذلك؛ ففعلت، فلمًا عاد ملك الموت إلى سليمان عليه السلام قال: هل رأيتك تديم النظر إلى بعض جلسائي، قال: كنت أعجب منه لاني أمرت أن أقبضى روحه بأقصى الهند في ساعة قريبة، رأيته عندك. وقال وهب: قبض ملك الموت روح جبار من الجبايرة، فقالت الملائكة لملك الموت: لمن كنث أشد رحمة ممن قبضت أرواحهم؟ فقال: أمرت بقبض روح امرأة في فلاة من الأرض، فأتيتها وقد ولدت مولوداً فرحمتها لغربتها، ورحمت ولدها لصغره، وكونه فى فلاة لا أحد بها، فقالت الملائكة: الجبار الذي قبفت الآن روحه هو ذلك المولود، فقال ملك الموت: سبحان اللطيف بعبادة. ومنهم الكروبيون عليهم السلام، وهم العاكفون في حظيرة القدس لا التفات لهم إلى غير الله تعالى لاستغراقهم بجمال حضرة الربوبية يسبّحون الليل والنهار، لا يفترون، وفي الخبر أنَّ لله تعالى أرضاً بيضاء مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوماً محشوة خلقاً من خلق الله تعالى لا يعلمون أن الله تعالى يعصى طرفة عين، قالوا: يارسول الله أمن ولد آدم هم؟ قال: « يعلمون أن تعالى خلق آدم » قيل: يا رسول الله أَنّى غفل عنهم إبليس؟ قال: « لا يعلمرن أن االله تعالى خلق إبليس » ثم تلا قوله تعالى: ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾. ومنهم ملائكة سبع سمـٰوات قال كعب الأحبار: هؤلاء ملائكة مداومون على التسبيح والتهليل في القيام والقعود والركوع والسجود، يسبحون الليل والنهار لا يفترون حتى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة يقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: ملائكة سماء الدنيا على صور البقر، وقد وكّل الله تعالي بهم ملكاً اسمه إسماعيل، وملائكة السماء الثانية على صورة العقاب، ووكّل الله بهم ملكأ اسمه ميخائيل، وملائكة السماء الثالثة على صورة النسر، والملك الموكل بهم اسمه صاعد يابيل، وملائكة السماء الرابعة على صورة الخيل والملك الموكّل بهم اسمه صلصايبل، وملائكة السماء الخامسة على صورة الحور العين، والملك الموكل بهم أسمه كلكابيل، وملائكة السماء السادسة على صورة الولدان، والملك الموكل بهم اسمه سمخائيل، وملائكة السماء السابعة على صورة بني ادم، والملك الموكل بهم اسمه روقائيل. قال وهب: وفوق السمـٰوات السبع حجب فيها ملائكة لا يعرف بعضهم بعضاً لكثرة عددهم، يسبحون الله تعالى بلغات مختلفة كالرعد القاصف. ومنهم الحفظة عليهم السلام، وهم الكرام الكاتبون، قال أبن جريج: هما ملكان موكلان بابن آدم أحدهما عن يميئه والآخر عن يساره، وقال بعضهم هم أربعة اثنان بالليل، واثنان بالنهار، وخامس لا يفارق ليلاً، ولا نهاراً وللكفار أيضاً حفظة لأن آية الحفظة نزلت في شأن الكفار، وهي قوله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ وفي الخبر أن الملك ليرفع القلم عن العبد إِذا أذنب ست ساعات، فإذا تاب واستغفر لم يكتبه عليه وإلاّ كتبه، وفي رواية أخرى: فإذا كتبه عليه وعمل حسنة، قال صاحب اليمين لصاحب الشمال وهو أمين عليه ألق هذه السيئة حتى ألقي من حسناته واحدة من تضعيف العشرة، وأرفع تسع حسنات، فيفعل صاحب الشمال. وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال: « إن الله تعالى وكل بعبده ملكين يكتبان عليه، فإذا مات قالا: يا رب قبضت عبدك فلاناً، إلى أين تذهب؟ قال الله تعالى: سمائي مملوءة من ملائكتي يعبدونني وأرضي مملوءة من خلقي يطيعوني اذهبا إلى قبر عبدي، فُسبحاني وكبراني وهللاني واكتبا ذلك في حسنات عبدي إلى يوم القيامة. ومنهم المعقبات عليهم السلام، وهم الملائكة الذين ينزلون بالبركات ويصعدون بأرواح بني آدم، وأعمالهم بالليل والنهار، فإذا واظب الإنسان على الصلوات في أوَّل أوقاتها، فإذا صلى الفجر أتاه ملائكة النهار وجدوه مصلياً وفارقه ملائكة الليل وتركوه مصلياً، وهكذا إذا صلى المغرب وما بين الصلاتين من الذنوب تكفرها الصلاة، وإذ كان كذلك فلا يرفعون له غير الحسنات، ويحقق أمر هذه الملائكة ما روي هن النبيّ أنه قال: « يقول الله تعالى: يا ابن ادم ما تنصفني أتحبب إليك بالنعم وتمقت إلي بالمعاصي خيري إليك نازل وشرّك إلي صاعد ولا يزال ملك كريم يأتبنى عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح، يا أبن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لأسرعت إلى مقته ». ومنهم منكر ونكير عليهما السلام؛ وهما ملاكان فظان غليظان يسألان في القبر كل أحد عن ربّه ونبيه، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : « إِنّ العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وهو يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان، فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل يعني محمد ؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدل بمقعد من الجنة، فيراهما جميعاً، وأمًا المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول فى هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري أقول ما يقول الناس، فيقال له لا دريت ولا تليت ويضرب بمطراق من حديد ضربة فيصيح صبحة يسمعها من يليه غير الثقلين ». منهم السياحون عليهم السلام: وهم صنف من الملائكة يحبون مجالس الذكر فإذا رأوا مجالس الذكر احتووا عليها، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: « إن لله تعالى ملائكة سياحون في الأرض فضلا عن كتّاب الناس، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تعالى ينادون هلموا إلى بغيتكم، فيجيئون بهم إلى السماء الدنيا، فإذا انصرفوا يقول الله تعالى على أي شيء تركتم عبادي يصنعونه؟ فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجّدونك ويقدسونك، فيقرل الله تعالى: وهل رأوني؟ فيقولون لا فيقول: كيف لى رأوني؟ فيقولون: لو رأوك لكانوا أشد تسبيحاً وتحميداً وتمجيداً، فيقول لهم: من أي شيء يتعوّذرن؟ فيقولون: من النار، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون لا، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها لكانوا أشد هرباً منها وأشد تعوّذا، فيقول: أي شيء بطلبونه؟ فيقولون: الجنّة فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها لكانوا أشدّ طلباً لها، فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقولون: كان فيهم فلان، لم يردّهم إنما جاء لحاجة فيقول: هم القوم الذين لا يشفى بهم جليسهم ». منهم هاروت وماروت هما ملكان معذبان ببابل عن ابن عباس رضي الله عنهما: لما خرج آدم من الجنّة عرياناً نظرت إليه الملائكة. وقالت إلهنا هذا آدم بديع فطرتك، أقله ولا تخذله، فمر بملأ من الملائكة، فوبّخوه على نقضه عهد ربّه، وكان ممن وبّخه يومئذ هاروت وهارورت، فقال آدم: يا ملائكة ربي ارحموا ولا توبخوا، فذلك الذي جرى علي كان قضاء ربي فأبلاهما الله تعالى حتى عصيا ومنعا من الصعود إلى السماء، فلمّا كان أيام إدريس عليه السلام صارا إليه، وذكرا له قصتهما، ثم قالا له: هل لك أن تدعو لنا حتى يتجاوز عنّا ربّنا؟ فقال إدريس عليه السلام: كيف لي العلم بالتجاوز عنكما؟ قالا: ادع لنا، فإتن رأيتنا فهو الاستجابة، وإن لم ترنا هلكنا، فتوضاً إدريس عليه السلام وصلى ودعا الله تعالى، ثم التفت فلم يرهما، فعلم أن العقوبة قد حلت بهما، واختطفا إلى أرض بابل، ثم خيّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فهما مسلسلان معذيان في بئر بأرض بابل منكسين إلى يوم القيامة. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله قال: « أشرفت الملائكة على أهل الدنيا فرأوهم يعصون الله فقالوا: يا ربنا ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك، فقال الله تعالى: لو كنتم في سلاحهم لعصيتموني، قالوا: كيف يكون هذا ونحن نسبّح بحمدك ونقدس لك؟ فقال: اختاروا ملكين، فاختاروا هاروت وماروت ثم أهبطا إلى الأرض وركبت فيهم شهوات بني ادم ومثلث لهما، فما عصما حتى واقعا المعصية فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فنظر أحدهما إلى صاحبه، فقال له: ما تقول؟ فقال: أقول إنّ عذاب الدنيا ينقطع وعذاب الآخرة لا ينقطع، فاختارا عذاب الدنيا » ، فهما اللذان ذكرهما الله تعالى في قوله: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾ وفي رواية أخرى قال لهما: إني أرسل رسولاً إلى الناس، وليس بيني وبينكما رسول انزلا ولا تشركا بي شيئاً ولا تقتلا ولا تسرقا، قال كعب: فما استكملا يومهما الذي نزلا فيه حتى أتيا ما حرم عليهما. ومنهم الملائكة الموكلون بالكائنات لإصلاحها ودفع الفساد عنها، وقد وكّل بل فرد من أفرادها، من الملائكة ما شاء الله تعالى، وروى أبو أمامة رضى الله عنه عن رسول الله أنه قال: « وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لا يقدر عليه من ذلك بالبصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب الذباب عن قصعة العسل فى اليوم الصائف » وأمًا المائة والستّون فأمر عرفه النبيّ بنور النبوّة ولكنًا نمثل جهة التغذي، فإنّه أمر مشترك بين الحيوان والنبات، وأنت تقيس عليه غيره من الجهات. فنقول إنّ جزءاً من الغذاء لا يصير جزءاً من المغتذي حتى يعمل فيه عدّة من الملائكة، ومعنى التغذي أن يصير جزء من الغذاء جزءاً من المغتذي، فَإِنّ الغذاء جماد لا يصير دما ولحماً وعظماً بنفسه، كما أنّ البر لا يصير طحيناً وعجيناً ورغيفاً حتى تعمل قيه الصناع، فصناع الظاهر أناس وصناع الباطن الملائكة، فقد أسبغ الله عليك نعمه ظاهرة وباطنة، وأقول أوّلا لا بد من ملك يجذب الغذاء إلى جوار اللحم والعظم، إن الغذاء لا يتحرك بنفسه، ولا بد من ثان يمسكه حتى تعمل فيه الحرارة، ثم لا بد من ثالث يلبسها صورة الدم ثم، لا بد من رابع يدفع القدر الفاضل عن الغذاء، ثم لا بد من خامس يميّز العظم واللحم والعروق وما يليق بها ثم لا بد من سادس يلصق ما اكتسب صورة العظم بالعظم وما اكتسب صورة اللحم باللحم ثم لا بد من سابع يراعي المقادير في الإلصاق فيلحق بالمستدير ما لا يبطل استدارته، وبالعريض ما لا يبطل عرضه، وبالمجوف ما لا يبطل تجويفه، ويحفظ على كل واحد مقدار حاجته ويدفع الزائد فإنّه لو جمع على الأنف من الغذاء مقدار ما يجمع للفخذ لتشؤهت الصورة، بل ينبغي أن يسوق إلى الأجفان رقيقها وإلى الحدقة صافيها وإلى الأفخاذ غليظها وإلى العظم صلبها مع مراعاة القدر والشكل وإلا بطلت الصورة، فلو لم يراع هذا الملك هذا القسط فساق الغذاء إلى جميع البدن، ولم يسق إلى رجل واحدة مثلاً لبقيت تلك الرجل كما كانت في أيام الصغر وكبر جميع البدن فترى شخصاً في ضخامة رجل له رجل كأنّها رجل صبي ولا ينتفع بنفسه البتة، فمراعاة هذه الهندسة مفوّضة إلى هذا الملك، فهذا حال بعض الملائكة الموكلين ببدن بني آدم، نهم مشتغلون بك وأنت في النوم أو تتردد في الغفلة وهم يصلحون بدنك ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ وهكذا حال جميع الكائنات، فما من شيء إلا وقد وكل الله به ملكا أو ملائكة، والله الموفق. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211522
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%20%D8%B9%D8%B4%D8%B1
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الأولى/النظر الثالث عشر
زعموا أن الزمان مقدار حركة الفلك وهذا على رأي أرسطاطاليس وأصحابه، وعند غيره مرور الأيام والليالي، ثم مقدار حركة الفلك ينقسم إلى القرون، والقرون إلى السنين، والسنون إلى الشهور، والشهور إلى الأيام، والأيام إلى الساعات والزمان أنفس رأس مال به تكتسب كل سعادة، وإِنّه يضمحل شيئاً فشيئاً، وزمانك عمرك وهو معلوم القدر عند الله تعالى، وإن لم يكن معلوماً عندك وما مثله إلاّ كمسافة ساع يسعى في قطعها قوي على السير لا يفتر طرفة عين، فما أعجل انقطاعها، وإن كانت بعيدة، وما أسرع زوالها وإن كانت كعمر لقمان مدّة مديدة، ولنذكر شيئأ من خواصها وعجيبها. القول في الليالي والأيام: أمَا اليوم فهو الزمان الذي بين طلوع الفجر وغروب الشمس، وأمّا الليل فهو الزمان الذي يقع بين غروب الشمس وطلوع الفجر، ومجموعهما أربع وعشرون ساعة لا تزيد ولا تنقص، وكلّما نقص من النهار زاد في الليل، وكلّما نقص من الليل زاد في النهار كما قال الله تعالى : ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ﴾ وأطول ما يكون النهار سابع عشر حزيران عند حلول الشمس آخر الجوزاء، فيكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات، وهو أقصر ما يكون، ثم يأخذ النهار في النقصان والليل في الزيادة إلى ثامن عشر أيلول، وهو عند حلول الشمس آخر السنبلة، فيستوي الليل والنهار ويصير كل واحد منهما اثنتي عشرة ساعة، ثم ينقص النهار ويزيد الليل إلى سبع عشرة من كانون الأوّل، فيصير الليل خمس عشرة ساعة، وهو أطول ما يكون، والنهار تسع ساعات وذلك أقصر ما يكون، ثم يأخذ الليل في النقصان والنهار في الزيادة إلى سادس عشر آذار عند حلول الشمس آخر الحوت فيستوي الليل والنهار، ويصير كل واحد اثنتي عشرة ساعة، ثم يستأنف الدور وقد شبهوا أوقات اليوم والليلة بأرباع السنة، فقالوا: إن الغدوّ بمنزلة الربيع، وانتصاف النهار بمنزلة الصيف، والمساء بمنزلة الخريف، وانتصاف الليل بمنزلة الشتاء، لكن اختلافها لما كان اختلافاً يسيراً لا تتأثر منه الأبدان تأثرها عن السنة، وربما تأثرت منه الأبدان الضعيفة، ومن لطف الله تعالى بعباده جعل الليل والنهار لأنّ الإنسان مضطر إلى الحركات في أعماله لمعاشه ولا تنفك قواه عن كلال، فعند ذلك يغلب عليه النوم، ولا بد له عن ذلك لزوال الكلال كما قال تعالى ﴿ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ فعيّن وقتاً للنوم ينام فيه كلهم، ووقتاً للمعاش يعمل فيه كلهم، ولولا ذلك لأفضى إلى عسر قضاء حوائج الناس لأن أحدهم إذا طلب غيره لشغل وجده نائماً. يوم الجمعة: عبد الملة الحنيفية وسيّد الأيام، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: « خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خق آدم وفيه أُسكن الجنّة وفيه هبط عنها ، وفيه تاب الله عليه، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى خيراً إلاّ أعطاه إيّاه » وقال بعض السلف إن الله تعالى فضلاً سوى أرزاق العباد لا يعطي من ذلك الفضل إلا من سأله عشية يوم الخميس ويوم الجمعة. وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: من قلم أظفاره يوم الجمعة أخرج الله منه داء وأدخل فيه شفاء. وقال الأصمعي: دخلت على الرشيد يوم الجمعة وهو يقلم أظفاره ويقول: قلم الأظفار يوم الجمعة من السنة، وبلغني أنه ينفي الفقر، فقلت: يا أمير المؤمنين، وأنت تخشى الفقر؟ فقال: وهل أحد أخشى من الفقر منّى. وفي الآثر أن الملائكة يتفقّدون العبد إذا تأخر عن وقته يوم الجمعة، فيسأل بعضهم بعضاً، فيقولون: ما فعل فلان وما الذي أخْره عن وقته؟ ثم يقولون: اللّهم إن كان أخّره فقر فأغنه، وإن كان أخره مرض فاشفه، وإن كان أخره شغل فأفرغه لعبادتك، وإن كان أخره لهو فأقبل بقلبه إلى طاعتك. يوم السبت: هو عيد اليهود قال الكلبي: أمر موسى عليه السلام بنى إسرائيل أن يفرغوا في كل أسبوع يوماً للعبادة، فأبوا أن يقبلوا إلا يوم السبت، وقالوا: إنّه يوم فرع الله فيه من خلق الأشياء، وزعموا أن الأمور التي تحدث في يوم السبت تستمر إلى السبت الآخر، فلذلك امتنعوا فيه من الأخذ والعطاء، والمسلمون يخالفونهم في ذلك لقوله : « بورك لأمتي في بكور سبتها وخميسها » وزعم أصحاب الفلاحة أن النخلة إذا غرست يوم السبت لم تحمل. يوم الأحد: عيد النصارى، قال أصحاب السير إِنّ أول الأيام الأحد، وهو أَوَلٍ أيام الدنيا، وبداً الله فيه خلق الأشياء، وذكروا أن عيسى عليه السلام أمر قومه بالجمعة فقالوا لا نريد أن يكون عيد اليهود بعد عيدنا، فَاتَخذوا الأحد، وزعموا أنه صالح لابتداء الأمور. يوم الاثنين: يوم مبارك، كان رسول الله كثير المواظبة على صومه وصوم الخميس، فسئل عن ذلك، فقال: « هما يومان ترفع فيهما الأعمال، فأنا أحب أن يرفع عملي وأنا صائم » وفي الحديث أنه وُلد يوم الاثنين، وأتاه الوحي يوم الأثنين، وخرج من مكّة مهاجراً يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وقبض يوم الاثنين، أورده الإمام أحمد بن حنيل في مسند ابن عباس رضي الله عنهم. يوم الثلاثاء: يستحب فيه العقود وإصلاح حال النفس بالحجامة، وقيل إن قابيل قتل هابيل يوم الثلاثاء. يوم الأربعاء: يوم قليل الخير، والأربعاء الأخير من الشهر يوم نحس مستمر يحمد فيه الاستحمام. يوم الخميس: يوم مبارك سيّما لطلب الحوائج وابتداء السفر، روى الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول و ما كان يخرج إذا أراد سفراً إلا يوم الخميس، وتكره الحجامة فيه، حدث حمدون بن إسماعيل قال: سمعت المعتصم بالله يحدث عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جدّه عن ابن عباس رضي الله عنهم عن النبي أنه قال: « من احتجم يوم الخميس فحم من مات في ذلك المرض » قال: دخلت على المعتصم يوم الخميس، فإذا هو يحتجم فلمّا رأيته وقفت واجماً ساكتاً حزيناً، فقال: يا حمدون لعلك تذكرت الحديث الذي حدثتك به؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: والله ما ذكرت حتى شرط الحجام فحم من ساعته، وكان المرض الذي مات فيه رحمه الله تعالى. لكل صنف من أصناف الناس شهور مثل شهور العرب والروم والفرس والقبط والترك والهند والزنج، لكن الشهور المستعملة في زماننا هذا شهور العرب والروم والفرس، فاقتصرت على ذكرها، وذكر بعض خواصها والمواسم فيها، وبالله التوفيق. الشهر عندهم عبارة عن الزمان الذي بين الهلالين، ويتفق ذلك في كل سنة من سنيهم اثنتي عشرة مرّة لأنّ سنيهم ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً وكسر من يوم، فإذا جعلنا شهراً ثلاثين وشهراً تسعة وعشرين صارت الشهور منطبقة على أيام السنة، و إذا صارت الكسور يوماً زادوه فى آخر ذي الحجّة، وقد نطق بذلك الكتاب المجيد: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ والأشهر الحرم: رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرم، واحد فرد وثلاثة سرد، ومعنى كونها محرمة زيادة، تقع فيها عبادة الله تعالى، فالطاعات فيها أكثر ثواباً والمعاصي أعظم عقاباً، وهذه الأشهر كانت محرمة في الجاهلية، وكانت العرب في هذه الأشهر تنزع الأسنة عن رماحها وتقعد عن شن الغارات، وكان الخائف فيها يأمن من أعدائه حتى أن الرجل إذا لقي قاتل أبيه أو أخيه لم يتعرض له، فلنذكر الآن الشهور: المحرم: سمّى محرماً لحرمة القتال فيه، فاليوم الأوّل منه معظم عند ملوك العرب يقعدون للهناء كما أن اليوم الأول من سنة الفرس، كان عندهم معظماً وهو النيروز، والسابع منه هو الذي خرج فيه يونس من بطن الحوت، وقيل إنه كان في رابع عشر ذي القُعدة، والعاشر منه يوم عاشوراء يوم معظم في جميع الملل لأنه فيه تاب الله تعالى على آدم عليه السلام، واستوت السفية على الجودى وولد الخليل وموسى وعيسى عليهم السلام، وبردت النار على إبراهيم عليه السلام، ورافع العذاب عن قوم يونس، وكشف ضر أيوب، وردّ على يعقوب بصره، وأخرج يوسف من الجب، وأعطي سليمان ملكه، وأجيب زكريا حين استوهب يحيى، وهو يوم الزينة الذي غلب فيه موسى السحرة، ولمّا قدم النبي وجد يهودها يصومون عاشوراء، فسألهم عن ذلك، فقالوا: إنه اليوم الذي غرق فيه فرعون وقومه، ونجا موسى ومن معه، فقال عليه الصلاة والسلام: « أنا أحق بموسى منهم » فأمر بصوم عاشوراء، وكان الإسلاميون يعظمون هذا الشهر بأجمعهم حتى اتّقن في هذا اليوم قتل الحسين رضي الله عنه مع كثير عن أهل البيت، فزعم بنو أميّة أنهم انخذوه عيداً فتزينوا فيه، وأقاموا فيه الضيافات، والشيعة اتّخدوه يوم عزاء ينوحون فيه ويجتنبون الزينة، وأهل السنة يزعمون أن الاكتحال في هذا اليوم مانع من الرمد في تلك السنة، والسادس عشر منه جعلت القبلة لبيت المقدس، والسابع عشر منه فيه قدوم أصحاب الفيل، فأرسل الله عليهم طيراً أبابيل. صفر: سمّي صفراً لأن الرباع كلها كانت تصفر من أهلها لأنّهم خرجوا للقتال لانقضاء الأشهر الحرم، وذهب الجمهور إلى أن القعود في هذا الشهر أولى من الحركة. وروي عن النبي أنه قال: « من بشرني بخروج صفر أبشره بالجنة » اليوم الأول منه عيد بني أمية أدخلت فيه رأس الحسين بدمشق، والعشرون منه ردت رأس الحسين رضي الله عنه إلى جثته، وترك المأمون لبس الخضرة وعاد إلى السواد بعدما لبسها خمسة أشهر ونصف والثالث والعشرون منه عاد الأمر إلى بني هاشم وجلس السفاح للخلافة، والرابع والعشرون منه دخل النبي الغار مع أبي بكر رضي الله عنه. ربيع الأوّل: سمي ربيعاً لارتباع الناس، والمقام فيه هو شهر مبارك فتح الله فيه أبواب الخيرات وأبواب السعادات على العالمين بوجود سيد المرسلين الثامن منه قدم رسول الله المدينة والعاشر منه تزوّج خديجة رضي الله عنها، والثاني عشر منه مولد رسول الله . ربيع الآخر: في اليوم الثالث منه رمى الحجاج الكعبة بالنار في إحصار ابن الزبير فاحترقت والرابع عشر منه فيه تقرر فرض الصلاة، وفي الحادي والعشرين غزوة رسول الله . جمادى الأولى: إنّما سمى بذلك لأنهما صادفا أَيّام الشتاء حين اشتد البرد جمد الماء في الثامن منه مولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفي الخامس عشر رقعة الجمل. جمادى الأخرى: زعموا أن الحوادث العجيبة كثيراً ما تقع في هذا الشهر حتى قالوا العجب كل العجب بين جمادى ورجب، في اليوم الأوّل منه نزل الملك على رسول الله ، وفي السادس ولاية عمر بن الخطابه رضي الله عنه، وفي التاسع مولد جعفر الصادق، وفي الرابع عشر مولد موسى بن جعفر، وفي الخامس عشر هدم ابن الزبير الكعبة بيده، لحديث سمعه من عائشة رضي الله عنها وردها على هيئة ما كانت عليه في زمن الخليل عليه السلام، وفي العشرين منه مولد فاطمة رضي الله عنها. رجب: سمٌّي رجباً لأنّه رجب أي عظم، ويقال له أيضاً الأصم لأنّه لا يسمع فيه صوت مستغيث، وقيل لأنه لا يسمع فيه قعقعة السلاح، ويقال له أيضاً الأصب لأن الله تعالي يصبّ فيه الرحمة والمغفرة على عباده، وقد وردت فيه احاديث كثيرة قد دلت على عظم شأنه وعلى أن الطاعات فيه مقبولة والدعاء فيه مستجاب ، وكان في الجاهلية إذا أراد المظلوم أن يدعو على الظالم أخّره إلى دخول رجب ودعا عليه فيستجاب له، وفي اليوم الأول منه ركب نوح عليه السلام السفينة، وفي الرايع وقعة صفّين، وفي الثاني عشر مولد جعفر الصادق، وفي الخامس عشر يوم أمّ داود وصلواتها التي تستجاب، وفي السابع والعشرين ليلة المعراج، وفي الثامن والعشرين البعثة النبوية. شعبان: سمي شعباناً لتشتعّب القبائل فيه، اليوم الثالث منه مولد الحسين، وفي الرابع مولد الحسن رضي الله عنهما، وفي الخامس عشر ليلة الصك، وهي ليلة يغفر الله فيها أكثر من شعر غنم بني كلب، وفي السادس عشر صرفت القبلة إلى الكعبة، والعشرون منه النيروز المعتضدي. رمضان: سمّى رمضاناً لمصادفته شدَّة الرمضاء في أوّل الوقت في أوّله فتتحت أبواب الجنّة وأغلقت أبواب النيران وصفّدت الشياطين، وفي الثالث أنزلت صحف التوراة على موسى عليه السلام، وفي الثامن أنزلت الإنجيل على عيسى عليه السلام، وفي التاسع عشر فتحت مكّة، والمحادي والعشرون ليلة القدر على رأي، وهي الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، والثالث والعشرون قيل ليلة القدر على رأي آخر، وفي الخامس والعشرين ظهور الدولة العباسية بخراسان بدعوة أبي مسلم، وفي السابع والعشرين وقعة بدر ونزول الملائكة لنصرة النبي ، وليلته هي ليلة القدر على رأي حسن، وفي اليوم الأخير أعتق الله فيه بعدد ما أعتق من أوّل الشهر إلى آخره وله عند الفطر كل ليلة سبعون ألف ألف عتيق من النار. شوّال: سمي شوّالاً لإشالة الإبل أذنابها عند اللقاح في ذلك الوقت لأنه أوّل أشهر الحجّ، في اليوم الأول مئه عيد الفطر، ويقال له يوم الرحمة لأن الله تعالى يرحم فيه عباده، وفيه أوحى الله إلى النحل صنعة العسل، وفي الرابع منه خرج رسول الله لمباهلة نصارى نجران، وفي السابع عشر منه غزوة أحد ومقتل حمزة رضي الله عنه، وفي الخامس والعشرين إلى آخر الشهر هي الأيام النحسات أهلك الله تعالى فيها عاداً، وقيل إنها أيام العجوز التي كانت تنوح عليهم كل سنة. ذو القعدة: سمي ذا القعدة لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال لكونه أوّل الأشهر الحرم في الأوّل منه واعد الله تعالى موسى ثلاثين ليلة، وفي الخامس رفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل عليهما السلام، وفي السابع منه فلق البحر لموسى عليه السلام، وفي الرابع عشر خروج يونس عليه السلام من بطن الحوت، وفي التاسع عشر أنبت الله تعالى عليه شجرة من يقطين ونزل جبريل، بالوحي على رسول الله . ذى الحجّة: سمّي ذا الحجة لأنهم كانوا يحجون فيه العشر الأول منه الأيام المعلومات وهي أحب الأيام إلى الله تعالى، في اليوم الأول تزوج علي بفاطمة رضي الله عنهما، والثامن يوم التروية وسقاية الحاج بالمسجد الحرام تملأ ويسقى الحجيج في الجاهلية والإسلام حتى تروى، والتاسع منه يوم عرفة، والعاشر يوم النحر وفيه فدي الذبيح بالكبش، وثلاثة أيام بعده أيام التشريق، الثاني عشر منه عيد الغدير وهو اليوم الذي واخى النبي علياً رضي الله عنه فيه، وفي الرابع عشر تصدّق علي رضي الله عنه بخاتمه في الصلاة، وفي السادس والعشرين نزل الاستغفار على داود عليه السلام، وفي السابع والعشرين منه وقعة الحرة، وفي الثامن والعشرين منه خلافة علي رضي ألله عنه. خاتمة: في معرفة أوائل هذه الشهور. وقد عمل لها جدول ليسهل علمها. أما طريق العمل بها أن تلقي عدد سنين الهجرة من أوّلها إلى السنة التي أنت فيها أو السنة التي تريد معرفة أوّل شهر من شهورها ثمانية ثمانية، فما بقي تعد من تحت الشهر الذي أنت طالب أوّله، فاليوم الذي ينتهي فيه العدد هو أوّل ذلك الشهر، وإن بقي ثمانية بعد أن أسقطتها كلها كان أوّل الشهر اليوم الذي في البيت الأخير، وهذه صفة الجدول: قال جعفر الصادق رضى الله عنه: إذا أشكل عليك أوّل شهر رمضان فعد الخامس من الشهر الذي صمته في العام الماضي، فإنه أول يوم من شهر رمضان الذي في العام المقبل وقد امتحنوا ذلك خمسين سنة، فكان صحيحاً. وهي مختلفة العدد لأنهم أرادوا أن تكون شهورهم مساوية لمسير الشمس، وحركات الشمس مختلفة في أرباع السنة، فبعضها أكثر أياماً من البعض على ما نطقت به الأرصاد القديمة والحديثة، فلهذا جعلوا بعض الشهور ثلاثين وبعض الشهور واحدا وثلاثين وبعضها ثمانية وعشرين، فأعطوا كل شهر ما يستحقه حتى صار المجموع ثلاثمائة وستين يوماً، وجعلوا يوماً في آخر السنة، وهذا مجموع أيام سنتهم، وقد وضعوها على هذا الوجه: وقد جمعها الشاعر في هذين البيتين فقال: ثلاثون ثلاثون أتوا بعد حزيران شباط خص بالنقص وذاك النقص يومان وباقيها ثلاثون ويوم واحد كاني تشرين الأول: أحد وثلاثون يوماً، في اليوم الأول تهيج الصبا، وفي الثالث عبد دير الثعالب، وفي الخامس عيد كنيسة القيامة ببيت المقدس، يزعمون أنْ ناراً من السماء تنزل وتسرج الشمع هناك، وفى السابع عيد التباريك، وفي الثالث عشرة تفور المياه ويقوم سوق أذرعات، ويضطرب البحر، وفي الخامس عشر يبرد الزمان وتكثر الرياح، و يصرم النخل، وإذا قطع خشب لم بنخر خشبه، ولم يسوس، وفي الثامن عشر ينقص النيل، وفي الحادي والعشرين يزرع على نيل مصر، وفي الثاني والعشرين يبتدىء الهواء بالبرد، وفي الثلاثين تذهب الحدأ والرخم والخطاطيف إلى الغور، ويسكن النمل جوف الأرض. تشرين الأخر: ثلاثون يوماً، في اليوم الأول تهب الجنوب، وفي الثاني أوّل أوقات المطر، وفي الخامس تخفى الهوام، وفي السابع لقط الزيتون بالشام، وكثرة الغيوم واضطراب البحر فلا نجري فيه جارية، وفي الثامن غليان البحر وفي التاسع أوّل المرور في بحر فارس، وفي الثالث عشر ابتداء اضطرابه، وإن قطع فيه خشب لا تقع فيه الأرضة والسوس، وفي السابع عشر ابتداء صوم الميلاد وهو أربعون يوماً، وفي العشرين تموت كل دابة لا عظم لها، وفي الثاني والعشرين ينهى عن شرب الماء البارد بالليل، وفي الثالث والعشرين لقط الزيتون عند القبط، وفي الثامن والعشرين امتداد أمواج البحر. كانون الأوّل: أحد وثلاثون يوماً، في اليوم الأول منه يقوم سوق ثوما بدمشق، ويغرس قضيب البان، وفي الحادي عشر قيام سوق الأردن، والرابع عشر أَوّل الأربعينات، والسابع عشر ينهى غن تنارل لحم البقر والأترنج، وشرب الماء بعد النوم، وعن الحجامة وطلي النورة، ويسمّون هذا اليوم الميلاد الأكبر، يعنون به الانقلاب الشتوي ويقولون إن فيه مخرج النور من حد النقصان إلى حد الزيادة، وتأخذ الإنس في النشوء والنماء والجن في الذبول والفناء، وفي التاسع عشر غاية طول الليل وقصر النهار، وفي الثالث والعشرين تنتهي زيادة النبل، وتكثر الأنداء ويسقط ورق الأشجار، وفي الخامس والعشرين ميلاد المسيح عليه السلام، وفي التاسع والعشرين ينهى عن شرب الماء عند النوم، ويقولون إِنّ الجن تتقيّأ في الماء ومن شربه يغلب عليه البله. كانون الثانى: أحد وثلاثون يوماً في اليوم الأوّل منه يرجي المطر وفيه القلفداس بالشام يوقدون ناراً عظيمة، وفي السادس عبد الذبح زعموا أن فيه ساعة تصير فيها المياه المالحة عذبة، وفي العاشر صوم العذاري، وفي السابع عشر يذهب البرد ببلاد فارس، وفي الثاني والعشرين تنتهي الأربعينات، وفي الرابع والعشرين يدور العشب في الأرض وتتزاوج الطيور، وفي الخامس والعشرين يزرع القطن والبطيخ، وتغرس الأشجار بأرض الروم، وتكسح الكروم بأرض مصر، وتغتلم فحول الإبل. شباط: ثمانية وعشرون يوماً، في السابع منه تسقط الجمرة الأولى، وفي الثالث عشر يجري الماء في العود من أسفله إلى أعلاه، وتنق الضفادع، وفي الرابع عشر صوم النصارى، وتسقط الجمرة الثانية، وفي العشرين يخرج الذئب، وتتحرك البراغيث، وفي الخامس والعشرين تزرع القثاء والبطيخ وتلد الوحش، ويصوت الطير وتطير الخطاطيف ويلد الماعز، ويغرس شجر الورد، ويزرع الياسمين والنرجس، ويورق الكرم، ويكثر العنب، وفي الحادي والعشرين سقوط الجمرة الثالثة، ومعني سقوط الجمرات أنّ الناس كانوا يتّخذون في قديم الزمان أخبية ثلاثة في الشتاء محيطاً بعضها بالبعض، وكانت دوايهم الكبار كالإبل والبقر في البيت الأول، ودوابهم الصغار كالغنم في البيت الثاني، وهم كانوا في البيت الثالث، وكانوا يشعلون جمرات النار في كل بيت ويتخذون الجمر للاصطلاء، فلمّا كان السابع من شباط أخرجوا دوابهم الكبار إلى الصحراء، وجعلوا الصغار مكانها، وهم سكنوا مكان الصغار، فحينئذ سقطت من الجمرات الثلاث جمرة، فإذا مضى أسبوع آخر أخرجوا الخنم أيضاً إلى الصحراء، وهم سكنوا مكانها، فسقطت جمرة أخرى، فإذا مضى أسبوع آخر خرجوا إلى الصحراء وتركوا إشعال النار لقَلهٌ البرد وطيب الهواء، فسقطت الجمرات الثلائة، وفي الخامس والعشرين يظهر الدفا وتهب الرياح اللواقح، وتكسح الكروم، وفي السادس والعشرين أول أيام العجوز، وأيام العجوز سبعة أيام ثلاثة من شباط وأربعة من آذار، قيل إنها سميت أيام العجوز لأنّ الله تعالى أهلك قوم عاد في هذه الأيام، فتخلفت منهم عجوز كانت تنوح عليهم كل سنة في هذه الأيام، فهذه الأيام لا تخلو من برد أو رياح، أو كدورة، فذهب بعضهم إلى أنّها من الأمور الطبيعية وأنّ البرد يشدد في آخر الشتاء كما أن الحر يشتد في آخر الصيف، وذلك يجري مجرى السراج الذي فنيت رطوبته، فإنّه عند اتطفائه يشْيد ضوءه دفعات. َآذار: أحد وثلاثون يوماً، في اليوم الأول يخرج الجراد والدبيب، وفي الرابع منه آخر أيام العجوز، وذهب بعضهم إلى أنّها انّما سميت أيام العجوز لأنّ عجوزاً كاهنة من العرب أخبرت قومها ببرد شديد في آخر الشتاء يسوء أثره على المواشي، فلم يكترثوا بقولها وجزّوا أغنامهم واثقين بإقبال الربيع، فإذا هم ببرد شديد أهلك الزرع والضرع، فنسبوا تلك الأيام إليها، وفي السابع اختلاف الرياح العواصف، وفي الثاني عشر يؤمر بالحجامة، وفي الثالث عشر تظهر الخطاطيف والحدأ وفي السادس عشر تفتح الحيات أعينها في أيام البرد لأنها تجتمع في باطن الأرض، فيظلم بصرها وفي الثامن عشر يعتدل الليل والنهار وهو أوّل ربيع العجم وخريف الصين، ويغلظ ماء البحر أن الشمس تبخر لطيف أجزائه، قالوا إن العقيم من الرجال إذا نظر فى ليلة هذا اليوم إلى الشهر ثم جامع أهله ولدت، وفي هذا اليوم تهب الرياح اللواقح، وتسنبل الحنطة، ويدرك النبق والباقلاء، و يعقد اللوز والمشمش، ويورق الشجر، ويغرس الكرم، ويخاف التمساح بمصر، وفي الخامس والعشرين غليان البحر. نيسان: ثلاثون يوماً، في اليوم الأول منه يرجي المطر وفي الرابع الشعانين، وفي الحادي عشر منه عيد النصارى، وفي العشرين منه تهيج الرياح الشرقية، ويفرخ الطير، وفي الحادي والعشرين قيام سوق فلسطين، وفي الثاني والعشرين هبوب الجنوب، وامتداد الأدوية، وفى فى الثالث والعشرين موسم دير أيوب بالشام، وفي التاسع والعشرين يمتلىء الفرات، وفي التاسع والعشرين يهيج الدم، وتعنقد الثمار، ويدرك اللوز. أيار: أحد وثلاثون يوماً، في ثاني يوم منه عيد دير الثعالب، دفي السابع عيد الصليب، وفي الحادي عشر أوّل البوارح، وفي الخامس عشر عيد الورد المستحدث، وفي السادس عشر تهيج الصبا، ويطيب ركوب البحر، وفي الرابع والعشرين يرتفع الطاعون بإذن الله و يخضر الزرع، ويركب البجر، وتبدو السمائم، وتهب الشمال ويسوّد العنب، وتبين زيادة نيل مصر، وتهب الدبور، وفي الخامس والعشرين منه عيد الورد، وفريك السنبل، وفي التاسع والعشرين سبت القيامة. حزيران: ثلاثون يوماً في الحادي عشر منه نوروز الخليفة ببغداد فيه اللعب ورش الماء وغيرها مما هو مشهور، وفي السادس عشر يتنفس نيل مصر، وتفور المياه، وفي الثامن عشر غاية طول النهار، و قصر الليل وهو الأمتلاء الأكبر يعظمه العرب والعجم، وهو الأنقلاب الصيفي، وفي الثاني والعشرين يوضع المنجل في الزرع، وتدرك الفاكهة والبطيخ والتين والعنب، ويشتد الحر، وفي الخامس والعشرين مولد يحيى بن زكريا عليهما السلام، وابتداء السمائم بالهبوب وهي أحد وخمسون يوماً ويمتلك جيحون، وفي الثامن والعشرين آخر البوارح، وفي التاسع والعشرين ينظر أصحاب التجارب بمصر، فإن كثر فيه الندى قالوا: يمتد النيل وإن لم يكثر قالوا لا يمتد. تموز: أحد وثلاثون يوماً، في الخامس تطلع الشعرى وبطلوعهايعرفون صلاح الزروع وفسادها، وذلك أنّ أصحاب الفلاحة من العجم أخذوا لوحاً قبل طلوع الشعرى وضعوا ذلك اللوح على موضع عال لا يحول بينه بين السماء شيء، فما أصبح مخضراً من ذلك النبات فهو الذي صلح في تلك السنة، وما أصبح مصفراً فهو الذي فسد، وفي السابع يموت الجراد، وفي العاشر يقوم سوق بصرى، وفي الثامن عشر أوّل أيام الباحور، وهي سبعة أيام متوالية يستدلون بكل يوم منها على شهر من أشهر الخريف والشتاء من تغيرات وتلون، وزعموا أنها للسنة كأيام البحران المريض، وأنْ كل شهر من تلك الأشهر حاله كحال يوم عن تلك الأيام أوّلها كأولها وآخرها كآخرها في التغيرات، وفي الرابع والعشرين تشتد صولة الحر، ويرتفع الطاعون، ويكثر الرمد ويزرع البطيخ الشتوي والجزر والذرة، وفي الخامس والعشرين ينهى عن الجماع لشدة الحر، وفي السابع والعشرين يحمر البسر ويقطف العنب والقصب النبطي، وتفور المياه وتنضج الفواكه كلها، وفي الثلائين عيد كنيسة مريم عليها السلام. آب: أحد وثلاثون يوماً في الأول وفاة مريم عليها السلام، وفي السادس أوّل عيد التجلي، وفي التاسع تختلف الرياح، وفي العاشر يقوم سوق عمان، وفي الثاني عشر يبدو هواء العراق، وفي السابع عشر آخر عيد التجلي، وفي الثامن عشر تهيج الرياح البوارح، ويكثر الرمان، ويصفر الأترنج، وفي العشرين آخر السموم، وفي الثاني والعشرين فتور الحر، وفي السادس والعشرين يهيج الدم، وفي الثامن والعشرين يطيب الماء، ويكثر الرطب والعنب، ويسقط الطل والمن والسلوى بالشام. أيلول: ثلاثون يوماً، في الأول عيد رأس السنة وتمامها، ويكون سوق منبج، وفي الثالث يبتدأ بإيقاد النار في البلاد الباردة، وفي الثاني عشر يفصد ويشرب الدواء، وفي الثالث عشر تنتهي زيادة النيل في مصر وعيد كنيسة القيامة، وفي الرابع عشر عيد الصليب، وفي السادس عشر فطام الأطفال، وفي الثامن عشر اعتدال الليل والنهار وهو أوّل الخريف عند العجم والربيع عند الصينيين، وزعموا أنّ المطر في السحاب الذي يرتفع فيه يصبي الروح ويبرىء الجسد، وفي العشرين يرجع الماء من أعالي الشجر إلى عروقه، وفي الرابع والعشرين زعم أصحاب التجارب أنه تهب الريح وتأتي الغربان البقع في أكثر البلاد، وهذه أمور تتكرر في كل سنة على رأي أصحاب التجارب في الأوقات المذكورة. وهي متساوية في العدد لأنّ أيام سنتهم عددها ثلاثمائة وخمسة وستّون يوماً، فجعلوا كل شهر ثلاثين يوماً ووضعوا في آخر السنة خمسة أيام، والشهر عندهم لا يكون على أسابيع كما هو عند العرب بل هو عندهم من أوّل الشهر إلى آخبره، ولكل يوم اسم يعرف به ذلك اليوم ويتميّز به عن غيره من الأيام؛ وهذه أسمائها: ( هرمز - بهمن - ارديبهشت - شهرير - اسفندارمذ - اردا - مرداذ - دى بآذر - آذر - آبان - خور - ماه - تير - جوش - دى بمهر - مهر - سروش - رشن - فروردين - بهرام - رام - باذ - دى بدين - دين أرد - اشتاذ - آسمان - زامياذ - مارسفند - أنيران ) وإنما وضعوا لكل يوم من الأيام اسماً لأنّ لهم في كل يوم مأكولاً وملبوساً ومشموماً تخالف غيرها، ولهم أعياد منها ما هو موضوع لأمور دنياوية ومنها ما هو لأمور دينية، أمّا الدنياوية فقد وضعها ملوك الفرس ليتوصّلوا بها إلى سرور النفس مع اكتساب الدعاء والحمد والثناء، أخذها الخلف عن السلف تيمّناً وتفاؤلاً، وأما الدينية فقد وضعها أرباب الديانات والمطلوب مها الخيرات والسعادات الأخروية فيما يرونه ونحن نذكر ما كان في كل شهر إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق. فروردين ماه: اليوم الأول منه النيروز، وهو أوّل يوم من السنة واسمه بالفارسية يعطي هذا المعنى، وزعموا أن االله تعالى في هذا اليوم أدار الأفلاك وسيّر الشمس والقمر وسائر الكواكب، واسم هذا اليوع هرمز، وهو اسم من أسماء الله تعالى، وقالوا: في هذا اليوم قسم الله السعادات لأهل الأرض من ذاق صبيحة هذا اليوم قبل الكلام السكر وتدهن بالزيت رفع عنه البلاء في عامة سنته ويتفاءلون بما وقع لهم في هذا اليوم، وكان الملك يجلس في هذا اليوم ويأتيه كل واحد من خدمه وحشمه بطرفة عجيبة، وإذا استيقظ من نومه أوّل ما تقع عينة على غلام حسن الوجه على فرس حسن، على يده بازي حسن، فإنَ هذا الشكل أحسن الأشكال قد أهدي إلى بعض خواصه، والسابع عشر منه يروش روز وسروش اسم ملك هو رقيب الليل، قيل إِنّه جبريل عليه السلام وهو أشد الملائكة على الجن والسحرةء فيطلع على الخلق بالليل ثلاثاً، بالأولى يبرد الجو وتعذب المياه، وبالمرة الأخيرة طلوع الفجر، واعتزاز النبات ونماء الزهر، وترويح العليل، وصدق الرؤيا التاسع عشر فردورميز روز عيد يسمّى فردوميز جان لموافقة اسمه اسم الشهرة، وذلك جار في كل شهر، يعني إذا كان اسم اليوم يوافق اسم الشهر كان عيداً، وملوك النفرس اتخذوا هذا الشهر كله أعياداً وجعلوه أسداساً، كل سدس خمسة أيام، فالأوّل للملوك والثاني للأشراف والثالث لحرم الملوك والرابع للحاشية والخامس للعامة والسادس للرعاة. وكان من رسم الأكاسرة أن يأمروا بإعلام الناس بجلوسه لهم عامة، وفي اليوم الثاني لمن هو أرفع مرتبة كالدهاقين والمشايخ وأرباب البيوت، وفي اليوم الثالث لأساررته وعظمائه، وفي اليوم الرابع لأهل بيته وخاصته، وفي اليوم الخامس لأولاده، وكان يوصل إلى كل أحد في كل يوم ما يستحقه من الإنعام والإكرام، وفي اليوم السادس كان فارغاً عن قضاء الحقوق لم يصل إليه إلا أهل أنسه، وكان يأمر بإحضار الهدايا يتأمّلها. اردیبهشت ماه: اليوم الثالث منه اردیبهشت روز غيد يسمّى اردبيهشت كان لاتفاق العيدين واردبيهشت اسم ملك النار والنور وكله الله تعالى بذلك على زعمهم، وبإزالة العلل والأمراض بالأدوية والأغذية واليوم السادس منه هو اشتاذ روز وهو أوّل الكهنيار والكهنيارات ستّة كل واحد خمسة وهي أيام عبادات للمجوس وضعها زرادشت نبي المجوس. خردادماه: اليوم السادس منه خرداد ماه روز، سمّى خرداد كان لاتفاق الإسمين وهو اسم الملك الموكل بالنبات والأشجار يربيها ويدفع النجاسات عن المياه وهو اليوم السادس والعشرون وهو اشتاذ روز أوّل الكهنيار الرابع، فيه تعلق الله النبات والأشجار، واليوم الثلاثون هو نيران روز وهو آب ريز كان يعني عيد الاغتسال. تيرماه: اليوم السادس منه وهو يوم خرداد عيد يسمّى جشن نیلوفر وهو مستحدث، واليوم الثالث عشر منه نيروز، يسمّى النير كان لاتفاق الإسمين ذكروا أنّ في هذا اليوم طلب منوجهر من افراسيان لما تغلب على إيران شهر أن يردها عليه، فأنعم عليه بها، وكان منوجهر متحصّناً بطبرستان، واليوم السادس عشر مهر روز، ومهر اسم الشمس هو أوّل الكهنيار الخامس، زعموا أنه يوم خلق الله تعالى فيه البهائم. شهريورماه: السادس عشر منه مهر روز عيد عظيم الشأن يعرف بالمهرجان لأنّ اسمه موافق لاسم الشهر، وكانت الأكاسرة في هذا اليوم يلبسون أبناءهم تاج الذهب الذي كان عليه صورة الشمس، وعجلتها الدائرة عليها لأنْ مهر اسم الشمس، وذكروا أن هذا اليوم خروج افريدون بعد أن أهلك الضحاك بيوراسف كل من كان ينسب إلى جمشيد وفريدون وضعته أمّه في غار وتركته، وكانت تأتيه بقرة وحش فترضعه حتى وثب على الضحاك وطرده، وأخرج أفريدون ونزلت الملائكة لعونه، وذكروا أن في هذا اليوم دحا الله الأرض، وجعل الأجساد قرار الأرواح، وقالوا من أكل يوم المهرجان شيئاً من الرمان وشم ماء الورد دفع عنه آفات كثيرة، واليوم الحادي والعشرون هو رام روز وهو اليوم الذي ظفر فيه أفريدون بالضحاك وأسره، فقال لأفريدون لا تقتلني، فأجابه إلى ذلك وحبسه بجبل نهاوند مسلسلاً في غار فيه. آبان ماه: اليوم العاشر منه أبان روز يسمّى أبان كان لاتفاق الإسمين، قالوا فيه أمر بعمارة الأرض وحفر أنهارها واتصل الخبر بالأقاليم السبعة والخمسة الأخيرة من هذا الشهر أوّلها اشناد روز وتسمّى الفزورجان فيها، وكانوا يصنعون فيها الأطعمة والأشربة في النواويس على ظهورها يزعمون أنّ أرواح موتاهم تخرج في هذه الأيام من مواضع ثوابها وعقابها، فتأتيها ونتشف قوتها ويدخنون بيوتهم بالراس لتستلذ الموتى برائحته. آذرماه: اليوم الأول منه هو يوم هرمز فيه ركوب الكوسج، وهو سنة لهم كان يركب في هذا اليوم رجل كوسج حماراً في أطمار من الثياب وقد تناول الأطعمة الحارة والأشربة المسخنة وطلى بدنه بالأدوية، وفي يده مروحة يتروح بها ويقول الحر الحر والناس يتضاحكون ويرمونه بالثلج والجمد، فيصيب بذلك خيراً من الناس، وبقي بذلك في عقبه إلى أن ضرب السلطان على ذلك ضربته، وكان مع الكوسج نقيع المغرة وهي طين أحمر يلطخ به ثياب من لم يسمح له بشيء، وفي هذا اليوم استخرج اللؤلؤ من البحر ولم يكن يعرف قبل ذلك، قالوا إنه يوم قضى الله فيه الخير والشر، وزعموا أن من طعم صبيحة هذا اليوم قبل الكلام سفرجلاً وشم اترنجاً سعد في سائر سنته، واليوم التاسع هو آذر روز عيد يسمّى آذرجشن لافاق الإسمين، وفيه أصطلوا بالنار، وآذر اسم الملك الموكل بجميع النيران، وقد أمر زرادشت أن تزار في هذا اليوم بيوت النيران، وتقرّب القرابين ويشاور في أمور العالم. دي ماه: و يسمى أيضا جرماه اليوم الأول منه يسمى حزم روز وهو اسم اللّه تعالى وكان الملك في هذا اليوم ينزل عن سرير الملك، ويلبس الثياب البيض يرفع الحجاب ويترك هيئة الملك وينظر في مصالح الناس ويخاطبه كل من شاء من الوضيع والشريف ويجالس الدهاقين والمزارعين ويواكلهم ويقول: أنا كواحد منكم ولا قوام للدنيا إلا بالعمارة التي تجري على أيديكم، وقوام العمارة بالملك لا غنى لأحدهما عن الآخر، ونحن كأخوين متلازمين، واليوم الحادي عشر أول الكهنبار الأول وفيه خلق اللّه السمـٰوات، واليوم الرابع عشر زور كوش، فيه عيد يسمى عيد سيرسو يتناول فيه الثوم والخمر، ويطبخ فيه النبات باللحم التي يتحرز به عن الشياطين وبها يتداوى من العلل المنسوبة إلى الأرواح السوء، واليوم الخامس عشر وهو سمهور روز عيد يتخذ فيه شخص من عجين أو طين على هيئة إنسان ويوضع في مدخل الأبواب ويخدم خدمة الملوك ثم يحرق وفي هذا اليوم اتفق فطام أفريدون وركوب الثور وزعموا أن من أطعم صبيحة هذا اليوم قبل الكلام تفاحاً وشم نرجساً عاش سنته بخير وخصب، وأن التدخين في ليلته بالسوسن أمان في العام من القحط والفقر، واليوم السادس عشر هو مهر روز عيد كاوكيل، زعموا أن جمعا من الفرس تخلصوا في هذا اليوم من بلاد الترك وساقوا البقر التي سبيت منهم، وزعموا أن في ليلة هذا اليوم يظهر ثور عجلة القمر وهو ثور قرناه من ذهب وقوائمه من فضة، يظهر ساعة ثم يغيب، والموفق لرؤيته مجاب الدعوة في ساعة النظر إليه. بهمن ماه: اليوم الثاني منه بهمن روز عيد يسمى بهمنجة لاتفاق الاسمين، وهو الملك الموكل بالبهائم التي يحتاج الناس إليها للعمارة، وأهل فارس كانوا يطبخون فيه قدورا يجمعون فيها من كل حب ولحم، ويشربون فيه اللبن، ويزعمون أن ذلك يصلح للحفظ، ولهذا اليوم خاصية في لقط الأدوية من الجبال والأودية واتخاذ الأدهان وتهيئة البخور والدخن، وزعموا أن ذلك وضع جاماسب الوزير ونفعها بين واليوم الخامس وهو يوم اسفندار مد عيد يسمى نوسدة، ومعناه البندق الجديد وهو من مآثر هوراسف، واليوم العاشر وهو أبان يسمى أبان عيد، ويسمى السدق وتفسيره المائة، وقيل: إنه إنما سمي سدقا لأنه بقي إلى آخر السنة مائة يوم، وقيل: لأنه تم في هذا اليوم عدد المائة من الآب الأول وهو كيومرت، قالوا: إن الشتاء يخرج من جهنم إلى الدنيا في هذا اليوم والناس في هذا اليوم يوقدون نيراناً وينحرون قرابين لدفع مضرته حتى صار من رسم الملوك في هذه الليلة إيقاد النيران وإرسال الطيور والوحش، وقد شدوا فيه باقات من الشوك مشتعلة مع الشرب والتلهي، واليوم الثلاثون و هو أنيران روز عيد يسمى إبريز، كان بأصبهان وتفسيره صب الماء والسبب فيه أن القطر احتبس في زمان فيروز جدأنو شروان وأجدب الناس، فترك فيروز الخراج وفتح الخزائن واستدان من بيوت النيران وجاد بها على الرعية و تفقدهم تفقد الوالد الولد حتى لم يمت في تلك السنين أحد جوعا ثم صلى ودعا اللّه تعالى بإزالة ذلك عن الخلق ودخل بيت النار وأدار يده و ساعده حوالي اللهيب، وضمه إلى صدره ثلاث مرات ضم الصديق صديقه، وبلغ اللهب لحيته ولم تحترق وكان ذا لحية كثة ثم قال: اللهم إن كان هذا الاحتباس من أجلي وسوء سيرتي فبين لي حتى أخلع نفسي، وإن كان لغيري فبين لي وأزل عن أهل الدنيا ذلك وجد عليهم بالمطر، ثم خرج من بيت النار فارتفعت سحابة وأبلت بأمطار لم يعهد مثلها غزارة، فأيقن فيروز بإجابة دعائه، وجرت المياه في الخيام والسرادقات وكان الناس يصب بعضهم على بعض فرحا وسرورا فصار ذلك سنة لهم إلى هذا الوقت. اسفندارمذ ماه: اليوم الخامس وهو اسفندارمذ روز عيد لاتفاق الاسمين وهو اسم الملك الموكل بالأرض والمرأة الصالحة المحبة لزوجها، وهذا عيد خاص للرجال والنساء يحسن بعضهم إلى بعض ويتخذون فيما بينهم العهود، وقد بقي هذا بأصبهان يسمونه مرزكيران، وهذا اليوم تكتب فيه الرقاع لدفع الهوام والحشرات، فيكتبون من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس الرقية المعرفة، ويلصقون ثلاثة منها على الجدران الثلاثة من البيت، ويتركون الجدار المقابل لصدر البيت. السنة عند العرب اثنا عشر شهراً وعند العجم كذلك إلا أن العرب تجعل شهورها على مدار الأهلة وأيّامها ثلاثمائة وأربعة و خمسون يوماً، وأما العجم فجعلوا شهورهم على مدار الشمس، وأيامها ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً، وفي هذه المدة تقطع الشمس دائرة الفلك فسنو العرب قمرية، وسنو العجم شمسية والتفاوت بينهما كل مائة سنة ثلاث سنين، قال اللّه تعالى: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ بحساب العرب، وأول السنة الشمسية مسامته الشمس لنقطة الاعتدال الربيعي، ثم تتحرك متوجهة نحو الشمال حتى تبلغ غايتها في الشمال ثم ترجع متوجهة إلى نقطة الاعتدال الخريفي حتى تصير مسامته لها، ثم تتحرك متوجهة نحو الجنوب حتى تبلغ غايتها في الجنوب، ثم ترجع متوجهة إلى نقطة الاعتدال الربيعي فلهذا الاعتبار قسموا السنة أربعة أقسام كل قسم فصل ومن جملة لطف اللّه تعالى أن أعطى كل فصل طبقة مغايرة لما بعده في كيفية أخرى ليكون ورود الفصول على الأبدان بالتدريج، فلو انتقل من الصيف إلى الشتاء دفعة واحدة لأدى ذلك إلى تغيير عظيم في الأبدان، فحسبك ما ترى من تغيير الهواء في يوم واحد من الحر إلى البرد كيف يظهر مقتضاه في الأبدان فكيف إذا كان مثل هذا التغيير في الفصول، فسبحانه ما أعظم شأنه وأكثر امتنانه. أما الربيع: فهو نزول الشمس أول دقيقة من برج الحمل، فعند ذلك استوى الليل والنهار في الأقاليم، واعتدل الزمان، وطاب الهواء، وهب النسيم، وذابت الثلوج، وسالت الأودية، ومدت الأنهار، ونبعت العيون، وارتفعت الرطوبات، إلى أعلى فروع الأشجار، وتلألأ الزمر، وأورق الشجر، وتفتح النوار، واخضر وجه الأرض، وتكونت الحيوانات ونتجت البهائم، ودرت الضروع وطاب عيش أهل الزمان، وأخذت الأرض زخرفها وازينت الدنيا كأنها جارية شابة تجلت وتزينت للناظرين. فلا يزال كذلك دأبها ودأب أهلها إلى أن تبلغ الشمس آخر الجوزاء فحينئذ ينتهي الربيع ويقبل الصيف. وأما الصيف: فهو نزول الشمس أول السرطان، فعند ذلك تناهى طول النهار وقصر الليل، ثم أخذ في الزيادة، واشتد الحر وسخن الهواء، وأدركت الثمار، وجفت الحبوب، و قلت الأنداء، وأضاءت الدنيا، وسمنت البهائم، واشتدت قوة الأبدان، وانتشرت الحيوانات على وجه الأرض بعموم الخير، وطاب عيش أهل الزمان، وكثرت السموم، ونقصت الأنهار، ونضبت المياه، وأدرك الحصاد، ودرت الأخلاق، واتسع للناس القوت، وللطير الحب، وللبهائم العلف، وتكامل زخرف الأرض، وصارت الدنيا كأنها عروس حسناء ذات جمال كثيرة العشاق ولا تزال كذلك إلى أن تبلغ الشمس آخر السنبلة، فعند ذلك انتهى الصيف، وأقبل الخريف. وأما الخريف: فهو وقت نزول الشمس في أول الميزان فعند ذلك استواء الليل والنهار ومرة أخرى، ثم ابتداء الليل بالزيادة، كما ذكرنا أن الربيع زمان استواء الأشجار وربو النبات وظهور الأزهار، فبالخريف ذبول النبات وتغير الأشجار وسقوط أوراقها، فحينئذ برد الماء، وهبت الشمال وتغير الزمان، ونقصت المياه، وجفت الأنهار، وغارت العيون، ويبست أنواع النبات، وماتت الهوام، وانحجزت الحشرات، وانصرف الطير والوحش لطلب البلدان الفيئة، وادخر الناس قوت الشتاء ودخلوا البيت، ولبسوا الجلود الغليظة من الثياب وتغير الهواء وصارت الدنيا كهلة تولت عن أيام الشباب، ولا تزال كذلك إلى أن تبلغ الشمس آخر القوس، وقد انتهى الخريف وأقبل الشتاء. وأما الشتاء: فهو وقت نزول الشمس أول الجدي فعند ذلك تناهى طول الليل وقصر النهار، ثم أخذ النهار في الزيادة واشتد البرد، وخشن الهواء وتعرى الأشجار عن الأوراق، وانحجزت الحيوانات في أطراف الأرض، وكهوف الجبال من شدة البرد و كثرة الندى، وأظلم الجو، وكلح وجه الزمان، وهزلت البهائم وضعفت قوى الأبدان ومنع البرد الناس عن التصرف ومن عيش أكثر الحيوان وبرد الماء الذي هو مادة الحياة، وانقطع الذباب والبعوض، وعدمت ذوات السموم من الهوام وطاب الأكل والشرب، وهو زمان الراحة والاستماع، كما أن الصيف زمان الكد والتعب، قيل: من لم يغل دماغه في الصيف، لم يغل قدره في الشتاء، وصارت الدنيا كأنها عجوز هرمة دنا موتها، فلا تزال كذلك إلى أن تبلغ الشمس آخر الحوت، وقد انتهى الشتاء وأقبل الربيع مرة أخرى، ولا يزال كذلك إلى أن يبلغ الكتاب أجله. قال بعض العلماء إن اللّه تعالى يبعث في لك ألف سنة نبيّا بمعجزات غريبة واضحة لرفع أعلام دينه القويم و ظهور صراطه المستقيم، ويجوز أن يكون ما بين النبيين أكثر من ألف سنة أو أقل، وكان في الألف الأول آدم أبو البشر عليه السلام، وفي الألف الثاني إدريس عليه السلام، ثم نوح عليه السلام، على الترتيب المذكور، وفي الثالث إبراهيم عليه السلام، و في الرابع موسى عليه السلام، وفي الخامس سليمان عليه السلام، وفي السادس عيسى عليه السلام، وفي السابع محمد ، ثم ختمت به النبوة، وانتهت آلاف الدنيا بألفه، لما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنهم أن الدنيا جمعة من جمع الآخر سبعة آلاف سنة، وقد مضي ستة آلاف ومائة، وليأتين عليها سنون، وعلى رأس كل مائة من مبعث نبينا محمد يظهر صاحب علم يرفع أعلام العلم، فعلى رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وعلى الثانية محمد بن إدريس الشافعي رضي اللّه عنه، وعلى الثالثة أبو العباس أحمد بن شريح، وعلى الرابعة أبو بكر بن الخطيب الباقلاني، وعلى الخامسة أبو حامد الغزالي، وعلى السادسة أبو عبداللّه الرازي رحمة اللّه عليهم. وعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: من عمره اللّه أربعين سنة كف عنه أنواعاً من البلاء، منها الجذام والبرص وجنون الشيطان، ومن عمره اللّه خمسين سنة في الإسلام خفف حسابه يوم القيامة، ومن عمره اللّه ستين سنة رزقه الإنابة إليه بما يحب له عز وجل، ومن عمره سبعين سنة أحبه أهل السمـٰوات وأهل الأرض، ومن عمره ثمانين سنة محى سيئاته وكتب حسناته، ومن عمره تسعين سنة غفر له ذنوبه وكان أسير اللّه في الأرض، وشفع في أهل بيته. وذهب العلماء إلى أن تكرر الأعوام يرى فيه حوادث عجيبة الشكل غريبة غير معهودة، ويحسب اختلاف الأهوية معادن غريبة ونبات وأشجار بديعة، وربما يصير العمر غامرا والغامر عامراً، والبر بحراً والبحر برّا، والسهل جبلا والجبل سهلاً، كل ذلك بتقدير العزيز العليم. و لنختم هذا الفصل بحكاية عجيبة. وهي ما روي أنه كان من بني إسرائيل شاب عابد، وكان الخضر عليه السلام يأتيه، فسمع بذلك ملك زمانه فأحضره بين يديه وقال، إذا جاءك الخضر فائتني به وإلا قتلتك، فقال الشاب: ويحكم أآتيك بالخضر؟ قال: نعم وإلا قتلتك، فرجع الشاب إليمكانه متفكرا في أمره حتى جاءه الخضر عليه السلام، فحدثه بحديث الملك، فقال: امض بي إليه، فلما دخلا على الملك قال له الملك: أنت الخضر؟ قال: نعم، قال: حدثني بأعجب شيء رأيته، فقال الخضر عليه السلام: رأيت كثيرا من عجائب الدنيا وأحدثك بما حضرني الآن، كنت في اجتيازي مررت بمدينة كثيرة الأهل والعمارة سألت رجلا من أهلها متى بنيت هذه المدينة؟ فقال: هذه مدينة عظيمة ما عرفنا مدة بنائها نحن ولا آباؤنا، ثم اجتزت بها بعد خمسمائة سنة فلم أر للمدينة أثرا ورأيت هناك رجلا يجمع العشب فسألته متى خربت هذه المدينة، فقال: لم تزل هذه الأرض كذلك فقلت: أما كانت هاهنا مدينة؟ فقال: ما رأينا هاهنا مدينة ولا سمعنا عن آبائنا، ثم مررت بها بعد خمسمائة عام، فوجدت بها بحرا فلقيت هناك جمعا من الصيادين فسألتهم متى صارت هذه الأرض بحرا؟ فقالوا مثلك يسأل عن هذا إنها لم تزل كذلك، قلت: أما كان قبل ذلك يبسا؟ قالوا: ما رأينا ولا سمعنا به عن آبائنا ثم اجتزت بعد خمسمائة عام وقد يبست فلقيت بها شخصا يختلي، فقلت: متى صارت هذه الأرض يبسا؟ فقال: لم تزل كذلك، فقلت له: أما كان بحرا قبل هذا؟ فقال: ما رأيناه ولا سمعنا به قبل هذا، ثم مررت بها بعد خمسمائة عام فوجدتها مدينة كثيرة الأهل والعمارة أحسن مما رأيتها أولا، فسألت بعض أهلها متى بنيت هذه المدينة؟ فقال: إنها عمارة قديمة ما عرفنا مدة بنائها نحن ولا آباؤنا، فقال الملك: إني أريد أن أتبعك وأفارق ملكي فقال له: إنك على ذلك ولكن اتبع هذا الشاب فإنه يدلك على الرشاد، واللّه الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211523
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الثانية/النظر الأول
ذهبوا إلى أن العنصر هو الأصل، وإنما سميت هذه الأجسام عناصر، لأنها أصل المولدات أعني المعادن والنبات والحيوان، وتسمى أيضا أركاناً وهي أربعة: النار والهواء والماء والتراب، فالنار حارة يابسة مكانها الطبيعي تحت الفلك، وفوق الهواء، والهواء حار رطب ومكانه الطبيعي تحت النار وفوق الماء، والماء بارد رطب ومكانه الطبيعي تحت الهواء وفوق الأرض، والأرض باردة يابسة ومكانهاالطبيعي الوسط ثم إن كل واحد من هذه الأركان متكيف بكيفيتين يشاكل الذي يقربه بكيفية ويضاده بأخرى فلأجل مشاكلتها تقاربت مراكزها، ولأجل تضادها تباينت، واختص كل بمركز لا يقف إلا فيه إذا منعه مانع، فإذا ارتفع المانع كان النزوع إلى مركز العالم فهو ثقيل، وإن كان إلى المحيط فهو خفيف، واللّه أعلم. أما الهواء فينقلب ماءً كما يشاهد في القطرات المجتمعة على سطح الإناء المنخذ من الصفر، فإنك إذا تركت فيه ماء يرى على أطراف الإناء قطرات من الماء، ومعلوم أن ذلك ليس من ترشح الإناء، بل سببها أن الهواء المحيط بالكون يصير بارداً بسبب برودة الجمد، فيصير ماء ويقع على أطراف الإناء والماء أيضاً ينقلب هواء كما يشاهد من البخارات الصاعدة من حرارة الشمس أو النار، والهواء ينقلب ناراً كما يشاهد من السموم في بعض المواضع عند شدّة الحر وكما نرى من كير الحدادين إذا بالغوا في نفخه فإن هواءه يصير بحيث إذا دنا منه شيء يحترق، والماء ينقلب أرضا كما نرى من بعض المياه أنها تصير حجرا، والأرض تنقلب ماء كما يفعله أصحاب الإكسير بسحق أجزائها، وخلط بعض الأدوية بها حتى تصير كلها ماء، ولا يبقى فيها أجزاء الأرضية، واللّه تعالى هو الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211524
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الثانية/النظر الثاني
النار جرم بسيط، طباعه أن يكون حارّا يابسا مكانه تحت كرة الفلك لا لون لها، زعموا أن النار الصرف لا يدركها البصر لأنا نرى الشمع إذا اشتعل كانت شعلته منفصلة عن الفتيلة ولا شك أن الحرارة عند اتصال الفتيلة أقوى، وأيضا إن كير الحدادين إذا بالغوا في نفخه صار هواء، بحيث إذا دنا منه شيء يحترق ولا ضوء له، فعلم أن النار القوية الصرف لا لون لها، والنار هي فوق العناصر في غاية القوة والخواص، فلذلك لا تدركه الأبصار، انظر إلى حكمة الباري كيف جعل كرة الأثير دون فلك القمر كيما تحترق بحرارتها الأدخنة الغليظة الصاعدة، وتلطف البخارات العفنة ليكون الجو أبدا شفافاً، وجعلها طبقة واحدة شديدة الحرارة، محيلة لكل ما وصل إليها من الأبخرة والأدخنة ناراً صرفا لما ذكرنا من الحكمة وخلقها غير ملونة إذا لو كانت مضيئة كالنار التي عندنا لمنعت الإبصار عن رؤية عالم الأفلاك ثم حجبها بكرة الزمهرير ليمنع برد الزمهرير رهج الأثير عن الحيوانات والنبات، وإلا لأدى إلى هلاكها، ثم أي شيء أعجب من خروج هذا الجرم النوراني من الحديد والحجر الكثيفين، أو من الشجر الأخضر الذي يخالف طبيعة النار، أو من الحرارة والضياء اللتين يلازمانها ثم من غلبتها وسلطانها على الأجسام حتى على الصخرة الصماء، فتجعلها ترابا، وعلى الحديد فتذيبه، وإذا تفكرت في المصابيح المتعلقة بها للخلق سيما لنوع الإنسان وجدت فهم الإنسان عن ضبطها قاصرا ولهذا قال تعالى: ﴿ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ فسبحان ما أعظم شأنه. ومن النيران العجيبة نار خلقها اللّه لقبول القرابين تنزل من السماء تأكل القربان المقبول، وهي التي أكلت قربان هابيل دون قربان قابيل، وكان ذلك الامتحان في بني إسرائيل أيضا إذا أرادوا امتحان إخلاصهم تركوا القربان في بيت لا سقف له ونبيهم يدخل البيت ويدعو اللّه تعالى، والناس خارج البيت، فينزل من السماء نار بيضاء لها دوي محيط بالقربان فتأكله، وهي التي أخبر اللّه تعالى عنها حيث قال: ﴿ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ﴾ فهذه نار الرضا، فسبحان من جعلها مرة للرضا و مرة للسخط. ومنها نار جعلها اللّه تعالى لسخطه كنار أصحاب الجنة التي ذكرها اللّه تعالى، وهو أنه كان لرجل صالح بستان إذا كان يوم قطافه يطعم من جاء من المساكين، فلما مات عزم أولاده على أن لا يعطوا المساكين شيئاً يقطفوها سرّا، فلما ذهبوا إليها وجدوها قد احترقت، ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ إلى قوله: ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴾. ومنها نار الصاعقة وهي نار تسقط من السماء تحرق أي جسم صادفته وتنقد في الصخرة الصماء لا يرد عليها إلا الماء، ذكروا أنها ربما تحجرت فتصير ألماسا فقطاع الألماس منها، واللّه تعالى أعلم بذلك. ومنها نار الحرتين، كانت ببلاد عبس، فإذا كان الليل تسطع من السماء، وكانت بنو طيئ تنفش بها إبلها من مسير ثلث، وربما بدر منها عبق، فيأتي كل شيء بقربها فتحرقه، وإذا كان النهار كانت دخانا، فبعث اللّه تعالى خالد ابن سنان العبسي وهو أوّل نبي من بني إسماعيل فاحتفر لها بئراً وأدخلها والناس ينظرون حتى غيبها، وقصتها مشهورة. زعموا أن الدخان إذا صعد الهواء ولم تصبه برودة حتى يصل إلى الطبقة النارية، فإن لم تنقطع مادته عن الأرض وكان في الدخان دهنية تشتعل النار فيه، ويصير كله نارا، ويرجع إلى مادة الدخان، مثاله: أن السراج إذا طفئ وجعل تحت شعلته سراج آخر، فإذا وصل دخان المنطفئ إلى الشعلة ترجع النار عن الشعلة وتوقد السراج المنطفئ، وأما إذا كانت مادته لطيفة تأخذها النار وتصير نارا صرفا، وقد ذكرنا أن النار الصرف لا ترى وإن كانت المادة كثيفة، فإذا أخذت النار فيها تبقى زمانا، فترى منها أشكالا بحسب مادة الدخان وهيئتها، فربما ترى كوكبا ذا زاوية على شكل تنين أو على شكل حيوان ذي قرنين، أو على شكل أعمدة مخروطة، وربما يرى على شكل كرة تتدحرج على شكل الفلك، وربما كانت المادة الدخانية كثيرة، فإذا أخذت النار فيها اشتعلت اشتعالاً عظيما حتى أضاء الهواء منها، واستنار وجه الأرض منها، واللّه الموفق للصواب. خاتمة: من الحكماء من شبه تعلق النفس الإنسانية ببدنه إذا صار مستعدّا لقبول النفس بتعلق النار بالفتيلة إذا صارت مستعدة لذلك، وكما أن إبطال هذا التعلق سهل بنفخة أو غيره، فكذلك إبطال تعلق النفس بالبدن سهل بطريق سهل الاحترام، وكما أن السراج ينطفيء بانتهاء الدهن، فكذلك النفس تفارق عند انتهاء الرطوبة الغريزية بحدوث الحمى وغيرها، والإنسان يعيش في مكان لا ينفطئ فيه النار، لذلك إذا أراد أصحاب المعادن والخبايا دخول فتق أو مغارة أخذوا شعلة على رأس خشبة طويلة وقدموها، فإن بقيت الشعلة دخلوها، وإن انطفأت لم يتعرضوا لها وتركوها. والمصباح عند ذهاب دهنه وانطفائه ينتعش مرتين أو ثلاث انتعاشا ساطعا ثم يخمد، كما أن الإنسان قبيل موته يزيد قوة وتسمى راحة الموت، ولم يكن بعد ذلك لبث، واللّه الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211525
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الثانية/النظر الثالث
الهواء جرم بسيط طباعه أن يكون حارا رطباً شفافاً متحركاً إلى المكان الذي تحت كرة النار و فوق الماء، زعموا أن الأجرام الواقعة ما بين سطح الماء وسطح فلك القمر ثلاثة أقسام: أولها ما يلي القمر، وآخرها ما يلي سطح الماء والأرض، وأوسطها الهواء الواقع بينهما، أما الهواء المماس لفلك القمر فلدوام دورانه مع الفلك و سرعة حركته صار ناراً في غاية الحرارة، ويسمّى الأثير، وقد مر ذكرها، وكلما كان منهبطاً إلى أسفل كان أبطأ حركة وأقل حرارة، وكلما قلت الحرارة غلبت البرودة إلى أن تصير في غاية البرد، ويسمى الزمهرير، وأما القسم الثالث: فإنه بواسطة مطارح شعاعات الشمس وغيرها من الكواكب على سطح الأرض وانعكاسها صار معتدلا، ولو لا ذلك لكان الهواء المماس لسطح الأرض أشد برداً ممّا سواه كما يعرض ذلك للموضع الذي تحت القطب الشمالي لبعد الشمس عنه، فيبرد فيه الهواء ويجمد الماء ويظلم الجو ويهلك الحيوان والنبات، وذكروا أن أكثر ما تكون كرة النسيم ستة عشر ألف ذراع ارتفاعاً، وأقله ما يطابق سطح الأرض، فإن أعلى جبل يوجد على وجه الأرض لا يبلغ ارتفاعه هذا المبلغ، ولا تمنع حرارة الجو هناك من انعقاد الغيم فإن المانع من انعقاد الغيم في الهواء حرارة الجو، وأما سطح كرة النسيم فإنه متداخل في عمق الأرض إلى نهاية ما ثم يقف، فإن النازلين إلى أسفل لطلب المعادن إذا احتاجوا إلى النسيم نفخوا بالمنافخ والأنابيب ليستنشقوا النسيم ويضيء سراجهم، فإن النسيم متى انقطع عنهم انطفأ سراجهم واختنقوا. ولا يعيش الحيوان دون البرية إلا في موضع يوجد به النسيم، وللهواء تغيرات عجيبة واستحالات من النور والظلمة والحر والبرد وقد سبق القول فيه، وأما ما يحدث من كثرة الأبخرة والأدخنة واختلاف الرياح والزوابع والهالة وقوس قزح والغيوم والرعود والبروق والصواعق والأمطار والضباب والطل والصقيع والثلوج والشهب وذوات الأذناب فإن بعضها يقع في كرة الأثير و قد ذكرناه، ومنها ما يقع في كرة الزمهرير وكرة النسيم فلنذكر الآن ذلك، واللّه الموفق للصواب. زعموا أن الشمس إذا أشرقت على الماء والأرض حللت من الماء أجزاء لطيفة مائية تسمى بخارا، ومن الأرض أجزاء لطيفة أرضية تسمى دخاناً، فإذا ارتفع البخار والدخان في الهواء ودافعهما الهواء إلى الجهات ومن فوقهما برد الزمهرير، ومن أسلفهما مادة البخار غلظاً في الهواء، وتداخلت أجزاء بعضها في بعض فيكون منهما سحاب مؤلف متراكم، ثم إن السحاب كلّما ارتفع انضمت أجزاء البخار بعضها إلى بعض حتى يصير ما كان منهما دخاناً ركاماً، وما كان بخاراً ماء، ثم تلتئم تلك الأجزاء المائية بعضه إلى بعض فتصير قطرا ثم تأخذ راجعة إلى أسفل فإن كان صعود ذلك البخار بالليل والهواء شديد البرد منعه من الصعود وأجمده أوّلا فصار سحاباً رقيقاً، وإن كان البرد مفرطاً أجمده البخار في الغيم، وكان ذلك ثلجاً لأن البرد يجمد الأجزاء المائية ويختلط بالأجزاء الهوائية و ينزل برفق، فلذلك لا يكون له في الأرض وقع شديد كما للمطر والبرد، فإن كان الهواء دفيئاً ارتفع البخار في الغيوم وتراكمت منه السحب طبقات بعضها فوق بعض كما ترى في أيام الربيع والخريف كأنها جبال من قطن مندوف، فإذا عرض لها برد الزمهرير من فوق غلظ البخار وصارت ماء وانضمت أجزاؤها فصارت قطراً عرض لها الثقل، فأخذت تهوى من أعلى السحب و تلتئم القطرات الصغار بعضها إلى بعض حتى إذا خرجت من أسلفها صارت قطراً كباراً، فإن عرض لها برد مفرط في طريقها جمدت و صارت بردا قبل أن تبلغ الأرض، وإن لم تبلغ الأبخرة إلى الهواء البارد فإن كانت كثيرة صارت ضباباً، وإن كانت قليلة وتكاثفت ببرد الليل ولم تجمد نزلت طلاً، وإن انجمدت نزلت صقيعاً، واللّه أعلم. واعلم أن من لطف الباري عز وجل أن أنزل المطر في كل سنة مقداراً معلوماً عنده إلى مستقر الحيوان لا إلى القفار البلاقع التي لا حيوان بها، فإن أهل التجربة زعموا أن كل بقعة بينها وبين البحر لا يكون أكثر من مسيرة أربعين يوماً، فإنها لا تصلح لمسكن الحيوان لأن المطر لا ينزل بها، ثم من تمام لطفه عز و جل أن أنزل القدر الذي يكون كافياً لا قاصراً فلا ينبت شيئا ولا زائداً على الحاجة فيعفن النبات، ويفسده ويضر بالحيوان كما فعل بقوم نوح عليه السلام، وإلى هذا المعنى أشار جلت قدرته بقوله: ﴿ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ ﴾ ثم إنزاله قطرات صغيرة فلو صبه صبّاً خدش الأرض وأتلف الزرع، فسبحانه ما أعظم شأنه وأعز سلطانه وأوضح برهانه، واللّه الموفق. زعموا أن حدوث الرياح من تموج الهواء و تحركه إلى الجهات، كما أن تموّج البحر هو تدافع الماء بعضه لبعض إلى الجهات، فإن الهواء والماء بحران واقعان غير أن أجزاء الماء ثقيلة الحركة وأجزاء الهواء خفيفة الحركة، وأما كيفية حدوثها فإن الأدخنة التي تصعد من الأرض من تأثير الشمس وغيرها إذا وصلت إلى الطبقة الباردة إما أن ينكسر حرها وإما أن تبقى على حرارتها، فإن انكسر حرها تكاتفت وقصدت النزول فيموج بها الهواء فيحدث الريح، وإن بقيت على حرارتها تصاعدت إلى كرة النار المتحركة بحركة الفلك فتردها الحركة الدورية إلى أسفل، فيموج بها الهواء فيحدث الريح وربما يحلل تلك الأدخنة الهواء فتحرك من جانب إلى جانب، فيحدث منها الريح أيضاً، وسبب تحلل الهواء لها إما من خروجها من مخرج معوج أورد الرياح النازلة إياها من الصعود المستقيم، وربما تصل إليها رياح أخر، وتمدها أدخنة من السفل فتميلها إلى جهة أخرى، واللّه الموفق. ومن الرياح العجيبة الزوبعة وهي الريح التي تدور على نفسها شبه منارة وأكثر تولدها من رياح ترجع من الطبقة الباردة فتصادف سحابا تذروه الرياح المختلفة فيحدث من دوران الغيم تدوير في الريح فينزل على تلك الهيئة، وربما يكون مسلك صعودها مدورا فيبقى هبوبها كذلك مدورا، كما يشاهد في الشعر الجعد فإن سبب جعودته قد يكون لا عوجاج المسام وربما يكون سبب الزوبعة التقاء ريحين مختلفين الهبوب، فإنهما إذا تلاقيا تمنع إحداهما الأخرى عن الهبوب فيحدث بسبب ذلك ريح مستديرة تشبه منارة، وربما صادفت الزوبعة السفينة فترفعها وتدورها وتغرقها، وربما وقعت قطعة من الغيم في وسط الزوبعة فتدورها في الهواء فترى شبه تنين يدورها في الجو، وهذا كله من أمر اللّه وقدره، واللّه أعلم بالصواب. أصول الرياح أربعة: الشمال ومهبها من بنات نعش إلى مغرب الشمس الجنوب ومهبها من مطلع سهيل إلى مشرق الشمس. الصبا ومهبها من مطلع بنات نعش إلى لمشرق. الدبور ومهبها من مطلع سهيل إلى المغرب. أما الشمال فإنّها باردة يابسة لأنها تأتي من الناحية التي لا تسامتها الشمس أصلاً بل لا تقرب منها، وتكون الثلوج والمياه الجامدة بها كثيرة، فالريح يجتاز بها ويكتسب منها، وأيضاً هذه الناحية ليلة البحار كثيرة البراري والجبال، فتكتسب منها يبساً وتكون أشد هبوباً من الجنوب لأنّها تهب من موضع ضيق من وسط الجبال، والجبال بناحية الشمال كثيرة، فيكون مهبها كخروج الماء من الأنبوب الضيق. وأما الجنوب فمهبها على البحار المتسعة فتكون كخروج الماء من الإناء الواسع الرأس. والشمال تصح الأبدان و تصلبها وتقوى الأدمغة وتصفى اللون و تصحح الحواس و تهيج الشهوة، وزعموا أن الرياح الشمالية والجنوبية إذا دام هبوبها على مواضع تولد الحيوان، و الشمالية تجعل أكثر أولادها ذكوراً، والجنوبية أكثر أولادها إناثاً، واللّه أعلم. وأما الجنوب فحارة رطبة لأن هبوبها من ناحية خط الاستواء، والحر مفرط هناك لأن الشمس تسامتها في السنة دفعتين ولا تباعد عنها، فتزداد بذلك حرّا، وأيضاً هذه الجهة كثيرة البحار، فتبخر الشمس منها أبخرة رطبة، فتكسب الجنوب منها رطوبة، والجنوب ترخي الأبدان وتورث الكسل وتحدث ثقلا في الأسماع وغشاوة في البصر، ويظهر عند هبوب الجنوب في البحر سواد عظيم. ومن العجب أن الجنوب إذا هبت على الماء الحار بردته، والشمال إذا هبت عليه تركته على حرارته كما كان، قالوا: سبب ذلك أن عند هبوب الشمال تكمن الحرارة في داخل الماء، كما ترى في الشتاء أن الحرارة تكمن في جوف الأرض فيبقى داخلها حارا، وأما عند هبوب الجنوب فتخرج الحرارة من داخل الماء كما ترى في الصيف، فإن الحرارة تخرج من جوف الأرض إلى خارجها ويبقى داخلها باردا فخرجت الحرارة من داخل الماء عند هبوب الجنوب، والماء في نفسه بارد يعود إلى طبعه. والعرب تزعم أن اللواقح من الجنوب و لا يأتي بالمطر إلا الجنوب. وأمّا الصبا: قريبة من الاعتدال فإن كان هبوبها في أول النهار، فهي مثائلة إلى البرد لأنها تمر على مواضع باردة فبردت ببعد الشمس عنها بالليل فتكون طيبة جدّا إلا أن زمانها قليل؛ لأن شعاع الشمس يسوقها من خلفها، فإذا طلعت الشمس ساقها إلى قدامها فلا تزال كذلك تمر قدام الشعاع والشمس تلطفها وتسخنها بحرها وضيائها حتى تصير معتدلة، وهي النسيم السحري الذي يلتذ به الإنسان، ويطيب النوم عليه، ويجد المريض راحة عند هبوبها ويكون هبوب هذا الريح بالأسحار من الليل والغدوات من النهار، واللّه الموفق. وأما الدبور: فإنها مخالفة للصبا؛ لأنها و الشمس مدبرة عنها فلا تسخنها تسخين الصبا، وكذلك تهب في آخر النهار ولا تهب قبله ولا تهب بالليل، لأن الشمس تبلغ موضع مبهبها في ذلك الوقت فتحلل منه البخارات ولهذا المعنى يكون زمن هبوبها قليلا وجميع ما ذكرناه من فوائد الصبا أمر الدبور ضد ذلك، وحسبك قول النبي : « نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ». منها: حكايتها لما تمر به من صوت أو رائحة أو كيفية أو بخار أو دخان، ومنها إلقاحها الشجر وترطيبها الزرع، وتجفيفها إياه، وتغييرها طباع الحيوان حتى قيل: إن لها تأثيرا في الذكور والإناث كما ذكرنا، وتأثيرها في الحيوان أن بعضها يرخي البدن وبعضها يصلب، ومنها: ما يصحح القوى ويصفي البشرة، ويذكي الحواس ويهيج الشهوة، ومنها ما يكون بضد ذلك، ومنها إجراء السفينة الثقيلة وقطع المسافة الطويلة بمدة يسيرة وأعجب من هذا نشرها السحاب وسوقها إياه إلى المواضع المحتاجة إلى السقي لإحياء البلاد والعباد كما قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾. زعموا أن الشمس إذا أشرقت على الأرض حللت منها أجزاء أرضية يخالطها أجزاء نارية، و يسمى المجموع دخانا، ثم الدخان يمازجه البخار ويرتفعان معا إلى الطبقة الباردة من الهواء، فينعقد البخار سحاباً ويحتبس الدخان فيه، فإن بقي على حرارته قصد الصعود، وإن صار بارداً قصد النزول وأيّا ما كان يمزق السحاب تمزيقا عنيفاً، فيحدث منه الرعد، وربما يشتعل نار لشدة المحاكة، فيحدث منه البرق إن كان لطيفاً والصاعقة إن كان غليظاً كثيراً، فتحرق كل شيء أصابته، فربّما يذيب الحديد على الباب، ولا يضر بخشبه وربّما يذيب الذهب في الخرقة ولا يضر الخرقة، وقد يقع على الماء فيحرق حيتانه، وعلى الجبل فيشقه، واعلم أن الرعد والبرق يحدثان معا، لكن يرى البرق قبل أن يسمع الرعد، وذلك لأن الرؤية تحصل بمراعاة البصر، وأما السمع فيتوقف على وصول الصوت إلى الصماخ، و ذلك يتوقف على تموج الهواء، وذهاب النظر أسرع من وصول الصوت، ألا ترى أن القصار إذا ضرب الثوب ثم يسمع الصوت بعد ذلك بزمان. والرعد والبرق لا يكونان في الشتاء لقلة البخار الدخاني ولهذا المعنى لا يوجد في البلاد الباردة عند نزول الثلج لأن شدة البرد تطفئ البخار الدخاني، والبرق الكثير يقع عنده مطر كثير، وذلك لتكاثف أجزاء الغمام فإنها إذا تكاثفت انحصر الماء فيها، فإذا نزل نزل بشدة كما إذا احتبس الماء ومنع جريه ثم أطلق فإنه يجري جرياً شديداً، و لهذه العلة من أمسك نفسه عن الضحك قهقه بغتة، واللّه الموفق. قال القاضي عمر بن سهلان المناوي رحمه اللّه تعالى: تحقيق هذه الأمور موقوف على مقدمات. المقدمة الأولى: في معنى انعكاس البصر وهو لا يقاس على انعكاس الضوء لأن انعكاس الضوء له حقيقة في الخارج، وأمّا انعكاس البصر فلا حقيقة له في الخارج، وإنّما يقدر بطريق التوهم إذ لا فرق في مقصودنا بين الانعكاسين، أمّا انعكاس الضوء فهو أن يقع شعاع من جسم مضيء على جسم كثيف صقيل ويعكس منه ويقع على جسم يكون وضعه من هذا الجسم الصقيل كوضع الجسم المضيء، من ذلك الصقيل، لكنه يخالفه في الجهة على وجه تكون زاوية الاتصال كزاوية الانعكاس، وليس ذلك بشكل هندسي ولتكن دائرة (كز) جرم الشمس، ودائرة خط المرآة الصقيلة وخط (اب) شعاع الشمس و(لح) الجسم الكثيف الذي هو في خلاف جهة الشمس من المرآة، فإن الشعاع يرجع من المرآة ويقع على الجسم الكثيف إذا لم يكن بينهما حائل، فلو قدرنا أن من شعاع (اب) يقوم على سطح المرآة خط كالعمود، وفرضنا على سطح المرآة خطّا وهو (دهـ) تظهر من خط (اب) الذي هو شعاع (يه) المفرض على سطح المرآة زاوية من خط (لح) الذي هو الشعاع الراجع من خط (يه) زاوية أخرى موازية للزاوية المتقدمة، فزاوية (ا ي د) زاوية اتصال الشعاع وزاوية (هـ ب ح) زاوية انعكاس الشعاع، فإذا فرضنا خط الشعاع عمودا على سطح المرآة كخط (و ي) كان ناقصا على أعقابه، فإذا عرف انعكاس الضوء فيقاس عليه انعكاس البصر، فنقول: إذا كان في محاذاة النظر جسم صقيل وتوهّمنا أن خطّا خرج من الحدقة واتصل بالجسم الصقيل، وقدرنا خروج خط من هذا السطح بين سطح الجسم الصقيل وبين سطح الخط المتصل من الناظر فيظهر من الخطين أعني الخط المتصل من الناظر إلى الجسم الصقيل والخط المرسوم على سطح الجسم زاويتان، فإن كانتا قائمتين فانعكاس البصر ناكص على أعقابه، وإن لم تكونا قائمتين فالتي تكون من طرف الناظر حادة، والأخرى منفرجة فلو فرضنا خطّا خارجاً من النقطة المشتركة بين هذين الخطين مخالفاً لجهة الناظر ويكون وضعه من هذا الجسم الصقيل كوضع خط الناظر، فكل جسم كثيف وقع في طريق هذا الخط يراه النّاظر، وتسمى هذه الرؤية انعكاس البصر كما إذا رأى الإنسان في المرآة من كان خلفه أو على جانبيه أو كان فوقه أو تحته إذا كان بهذه الشرائط، و اللّه الموفق. المقدمة الثانية: إن المرآة الصغيرة لا يرى فيها شكل الأشياء كما هي بل يرى منها لونها كالشكل المربع والمثلث وأمثالهما، فإن شكلها لا يرى في المرآة الصغيرة بل يرى لونها كأحمر وأسود. المقدمة الثالثة: إن المرآة إذا كانت ملونة لا يرى فيها لون الأشياء كما هي، بل فيها مشوبة بلون المرآة كالكافور في الشيء الأخضر، فإنه يرى أبيض مشوبا بلون الخضرة، وهكذا سائر الألوان. المقدمة الرابعة: إن ما يرى في المرآة لا حقيقة له في المرآة لأنه لو كان له في المرآة حقيقة لكان الناظر إذا انتقل إلى مكان آخر رأى ذلك الشيء فيه على وضعه وليس كذلك لأنا نرى شجرة في المرآة، ثم إذا انتقلنا إلى جانب آخر نرى الشجرة في جانب غير ذلك الجانب وما كان حقيقيّا لا يتغير مكانه بسبب تغير مكان الناظر إليه، فثبت أن ما يرى في المرآة لا حقيقة له، بل هو من باب الخيال، ومضي الخيال في هذا المقام أن ترى صورة الشيء مع صورة غيره بتوهم أن إحداهما داخلة في الأخرى ولا يكون في الحقيقة كذلك، بل إحداهما ترى بواسطة الأخرى من غير ثبوتها فيها، فإذا نظر الناظر في المرآة فكل جسم تكون نسبته إلى المرآة كنسبة الناظر على ما بيناه في انعكاس شعاع البصر يصير مرئيّاً، إذا عرفت هذه المقدمات فنقول وباللّه التوفيق: أما الهالة: فتحدث من أجزاء ثقيلة صغيرة حدثت في الجوّ وأحاطت بغيم رقيق لطيف لا يستر ماوراءه وانعكس من الأجزاء الثقيلة شعاع البصر إلى القمر لأن ضوء البصر وغيره إذا وقع على الصقيل ينعكس إلى الجسم الذي يكون وضعه من ذلك الصقيل كوضع المضيء منه إذا كانت جهته مخالفة لجهة المضيء فيرى ضوء القمر ولا يرى شكله لأن المرآة إذا كانت صغيرة لا يرى شكل المرئي فيها، بل ضوءه، فيؤدي كل واحد من تلك الأجزاء ضوءه، فيؤدي كل واحد من تلك الأجزاء ضوء القمر، فترى دائرة مضيئة و هي الهالة. وأمّا قوس قزح: فإنّما يكون إذا حدثت في خلاف جهة الشمس أجزاء مائية شفافة صافية من نزول مطر وبخار، وكانت الشمس مكسوفة قريبة من الأفق المقابل، ووراء تلك الأجزاء جسم كثيف مثل جبل أو سحاب مظلم، وإذا استدبر الناظر الشمس ونظر إلى تلك الأجزاء صارت الشمس في خلاف جهة الناظر، فانعكس شعاع البصر من تلك الأجزاء إلى الشمس لكونها صقيلة، فأدّت ضوء الشمس دون الشكل لكونها أجزاء صغيرة، فكل واحد يؤدي ضوء الشمس دون شكلها كما بينا، وسبب استدارة القوس وقوع الأشياء مستديرة بحيث لو جعلنا مركز جسم الشمس قطب دائرة على محيط فلكها لكانت تلك الأجزاء مسامتة لتلك الدائرة، وتختلف ألوان القوس بحسب تركب لون المرآة ولون الشمس كما بينّا، فترى قسيا مختلفة الألوان بعضها أحمر وبعضها أخضر وبعضها أرجواني وأغلب الأوقات لونها مركب من ثمانية، وقد ترى في بعض الأوقات فيها أصفر أيضاً، فلو لم يكن وراء الأجزاء الثقيلة التي حدثت بعد المطر أو البخار جسم كثيف لا يظهر قوس قزح لأن الأجزاء الشفافة ينفذ شعاع البصر فيها ولا ينعكس كالبلور إذا جعلته في مقابلة الشمس من غير أن يكون وراءه جسم كثيف ينعكس عنه شعاع البصر، قال بعضهم: سبب اختلاف ألوانها قربها من الشمس و بعدها، فما يرى منها أحمر فإنه أقرب إلى الشمس، و ما يرى أصفر فإنّه أبعد من الأحمر، وما يرى أرجوانيّاً فبعيد عن الشمس ومخالط للظلمة، وما يرى كميتاً فمركب من الصفرة والأرجواني والبنفسجي. وحكى الشيخ الرئيس أنه كان على الجبل الذي بين باورد وطوس وأنّه أعلى الجبال، وكانت السماء مكشوفة، فقال: كنت في وسط الجبل، بيني وبين الأرض سحاب رطب، والشمس في وسط السماء، فنظرت إلى السحاب الذي كان بيني وبين الأرض فرأيت دائرة نقية بلون قوس قزح، فشرعت في النزول عن الجبل، والدائرة تصغر، فكلما نزلت رأيتها أصغر مما كانت قبل ذلك إلى أن وصلت إلى السحاب فاضمحلت. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211526
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الثانية/النظر الرابع
الماء جرم بسيط طباعه أن يكون بارداً رطباً شفافاً متحركاً إلى المكان الذي تحت كرة الهواء وفوق كرة الأرض. زعموا أن شكل الماء كروي لأنّ راكب البحر إذا قرب من جبل ظهر أعلاه أوّلاً ثم أسفله مع أنّ البعد بينه وبين الأعلى أكثر ممّا بينه وبين الأسفل، ولو لم يكن للماء حدبة تمنع من ذلك لما رأي أعلاه قبل أسفله لكن استدارة كرة الماء غير صحيحة لأن الباري تعالى لمّا أراد أن يجعل الأرض مقرّاً للحيوان، وحيوانات البر لابد لها من الهواء للتنفس، ومن الأرض للمقر، فخلق جلت قدرته الأرض ذات تضاريس خارجة من الماء بمنزلة خشونات تكون على ظاهر الكرة، وذلك لا يقدح في أن يكون شكل الماء أو شكل الأرض كروياً ثم إنه تعالى جعل التضاريس محلا للحيوانات البرية والوهاد للحيوانات المائية وكل واحد من الأركان في حيّزه محيط بالآخر إلا الماء فإنه منعته العناية الإلهية عن الإحاطة بجميع جوانب الأرض لما ذكرنا من الحكمة. واعلم أن الماء عذب ومالح وكل واحد منهما له فائدة لا توجد في الآخر، أمّا المالح فملوحته من الأجزاء الأرضية السبخة التي احترقت من تأثير الشمس، واختلطت بالمياه وجعلتها مالحة، فلو بقيت على عذوبتها لتغيرت من تأثير الشمس وكثرة الوقوف لأن من شأن الماء العذب أن ينتن من كثرة الوقوف وتأثير الشمس فيه، ولو كان كذلك لسارت الرياح بنتنها إلى أطراف الأرض فأدّى إلى فساد الهواء، ويسمى ذلك طاعوناً، فصار ذلك سببا لهلاك الحيوان، فاقتضت الحكمة أن يكون ماء البحر مالحاً لدفع هذا الفساد، ومن فوائد الماء المالح الدر والعنبر وأنواع ما يؤتى به من البحر، وسيأتي شرحها مفصلا إن شاء اللّه تعالى. والمياه المالحة في الحماءة فيها شفاء للأمراض الصعبة وماء زمزم صالح لجميع الأمراض المتفاوتة، قالوا: لو جمع جميع من داواه الأطباء لا يكون شطرا ممن عافاه اللّه بشرب ماء زمزم. وأما العذب فمعظم فائدته الشرب، وفيه قوة إذا نقعت فيه مطعوماً كالزبيب مثلاً يمص جميع حلاوتها حتى لا يترك فيها شيئا من الحلاوة، وإذا خالط شيئا يأخذ طبعه ولونه فيصير عسلاً و زيتاً و خلّا و لبنا ودماً، يقبل جميع الألوان والطعوم ولا لون له ولا طعم، ومن عجيب لطف اللّه تعالى أنّ كل مأكول ومشروب يحتاج إلى تحصيل أو معالجة حتى يصلح للأكل إلا الماء، فإن اللّه تعالى أكثر منه، ولا حاجة إلى معالجته لعموم الحاجة إليه، فإن اللّه تعالى كفى الخلق ومعالجة إصلاح الماء بتأثير الشمس في مياه البحر وارتفاع البخار منها، ثم إن الرياح تسوق ذلك البخار إلى المواضع التي شاء وينزلها مطراً، ثم يخزن ذلك في الأوشال والكهوف في جوف الجبال وتحت الأرض، وتخرج منها شيئاً بعد شيء، وتجري الأنهار والأودية، وتظهر من القنى والآبار بقدر ما يكفي العباد لعامهم، فإذا جاء العام المقبل أتاهم مطر، وهكذا مثل الدولاب يدور حتى يبلغ الكتاب أجله، فسبحانه ما أعظم شأنه. إن من عجيب صنع اللّه تعالى انحسار الماء عن وجه بعض الأرض، ولو لا ذلك لكان الأمر الطبيعي يقتضي أن يكون الماء لابسا جميع وجه الأرض حتى تصير الأرض في وسطه شبيه بمح البيض، والماء حولها بمنزلة البياض. ولو كان كذلك لبطل النظام الحسي والحكمة العجيبة التي مر ذكرها من خلق الحيوان والنبات، فاقتضى التدبير الإلهي المخالفة بين مركز الأرض ومركز الشمس لتدور على مركزها الخاص الذي هو غير مركز الأرض ليقرب من ناحية من الأرض، ويبعد الأخرى، فصارت الناحية القريبة منها تحمي ماءها، ومن شأن الماء إذا حمي أن ينجذب إلى الجهة التي يحمى فيها بالبخار، فإذا انجذب إلى هناك انحسر عن وجه الأرض من الجانب الذي يقابله من الشق الذي تبعد عنه الشمس. والشق الذي قربت منه الشمس هو الجنوب، والشق الذي بعدت عنه هو الشمال، فصار جانب الجنوب بحرا، وجانب الشمال يبساً لتتم حكمته وينتظر أمر العالم على ما هو موجود، وما نرى من البحار مستنقعات على وجه الأرض، وسيأتي شرحها إن شاء اللّه تعالى. إن للبحار أحوالاً عجيبة من ارتفاع مياهها وهيجانها في أوقات مختلفة من الفصول الأربعة وأوائل الشهور وأواخرها وساعات الليل والنهار. أما ارتفاعها فزعموا أن الشمس إذا أثرت في مياهها لطفت وتحللت وملأت مكاناً أوسع ممّا كان فيه قبل فدافعت أجزاؤها بعضها بعضا إلى الجهات الخمس الشرق والغرب والجنوب والشمال والفوق، فتكون على سواحلها في وقت واحد رياح مختلفة، هذا ما ذكروه في سبب ارتفاع مياهها، وأما مد بعض البحار في وقت طلوع القمر، فزعموا أن في قعر البحر صخورا صلدة وأحجارا صلبة، وإذا أشرق القمر على سطح ذلك البحر وصلت مطارح أشعته إلى تلك الصخور والأحجار التي في قرارها ثم انعكست من هناك متراجعة فسخنت تلك المياه وحميت ولطفت، فطلبت مكانا أوسع، وتموجت إلى ساحلها ودفع بعضها بعضاً وفاضت على شطوطها وتراجعت المياه التي كانت تنصب إليها إلى خلف فلا تزال كذلك ما دام القمر مرتفعاً على وسط سمائه، فإذا أخذ ينحط سكن غليان تلك المياه وبردت تلك الأجزاء وغلظت ورجعت إلى قرارها وجرت الأنهار على عادتها، فلا يزال كذلك دائما إلى أن يبلغ القمر إلى الأفق الغربي ثم يبتدئ المد على مثال عادته في الأفق الشرقي، ولا يزال ذلك دائماً إلى أن يبلغ القمر إلى وتد الأرض وينتهي المد ثم إذا زال القمر عن وتد الأرض أخذ الماء راجعاً إلى أن يبلغ القمر إلى أفقه الشرقي، هذا قولهم في مد البحار وجزرها، وأمّا هيجانها فكهيجان الأخلاط في الأبدان فإنك ترى صاحب الدم والصفراء و غيرهما يهتاج به الخلط ثم يسكن قليلاً قليلاً، وقد عبر النبي عن ذلك بعبارة لطيفة فقال: « إن الملك الموكّل بالبحر يضع رجله بالبحر، فيكون منه المد ثم يرفع فيكون منه الجزر ». ولنذكر الآن هيئات البحار و بعض ما يتعلق بها من العجائب، و اللّه الموفق. البحر المحيط والبحر العظيم الذي منه مادة سائر البحار، و لم يعرف ساحله، يسميه اليونانيون أوقيانوس، والبحار التي تراها على وجه الأرض هي بمنزلة الخلجان له، وفيها من الجزائر المسكونة والخربة ما لا يعلمه إلا اللّه تعالى، قال أبو الريحان الخوارزمي (رحمه اللّه تعالى): إن البحر الذي في مغرب المعمورة على ساحل بلاد الأندلس يسمى البحر المحيط ويسميه اليونانيون أوقيانوس لا يولج فيه، وإنما يسلك بالقرب من ساحله، ويمتد من هذه البلاد نحو الشمال فيخرج منه خليط نبطس عند اليونانيين وعند غيرهم بحر طرابنده يمر عليه سور القسطنطينية، ويتضايق حتى يقع في بحر الشام ثم يمتد نحو الشمال على محاذاة أرض الصقالبة، و يخرج منه خليج عظيم في شمال الصقالبة يمتد إلى أرض قريبة من أرض البلغار. البحر الأبيض ينحرف نحو المشرق بين سالحه وبين أقصى أرض الترك أرضون وجبال مجهولة وخربة غير مسلوكة ثم يتشعب منه خليج من أعظم الخلجان يكون منه البحر الذي يسمى في الموضع من الأرض التي تحاذيه باسمه فيكون أولاً بحر الصين ثم بحر الهند ثم يخرج منه خليجان عظيمان أحدهما بحر فارس، والآخر بحر القلزم، ثم ينتهي إلى بحر معروف ببحر البربر، و يمتد من عدن إلى سفالة الزنج، وهذا البحر لا يتجاوزه مركب لعظم المخاطرة، ثم ينتهي إلى الجبال المعروفة بالقمر التي ينبع منها عيون نيل مصر ثم إلى أرض سودان المغرب ثم إلى بلاد الأندلس وبحر أوقيانوس، وفي هذا البحر من الجزائر ما لا يعرفه إلا اللّه تعالى. وأمّا ما وصل إليه الناس فكثير، كل جزيرة من عشرين فرسخاً إلى مائة فرسخ وإلى ألف فرسخ، والمشهور منها جزيرة قبرص وجزيرة سامس وجزيرة رودس وجزيرة صقلية، وفي جهة الجنب جزائر الزنج وسرنديب وسقطر أو جزائر الدنيجات، وأمّا بحر الخزر، فإنه غير متصل بالمحيط ولا بشيء من البحار، وهو مستدير إذا أراد السائر أن يطوف به على ساحله لا يمنعه شيء. وذكر السمرقندي في كتابه أن ذا القرنين أراد أن يعرف ساحلي هذا البحر فبعث مركباً فيه، وأمره بالمسير سنة كاملة، لعله أن يأتي بخبر فسار المركب سنة كاملة ما رأى سوى سطح الماء و أراد الرجوع، فقال بعضهم: نسير شهراً آخر لعلنا نطلع على شيء نبيض به وجوهنا عند الملك، ونقلل الزاد والماء في الرجوع، فساروا شهراً آخر فإذا هم بمركب فيه أناس، فالتقى المركبان ولم يفهم أحدهما كلام الآخر، فدفع قوم ذي القرنين إليهم امرأة وأخذوا منهم رجلا، ورجعوا به وزوجوه امرأة منهم، فأتت بولد يفهم كلام الوالدين، فقالوا له: سل أباك من أين جئت؟ فقال: من ذلك الجانب، فقال: لأي شيء؟ قال: بعثنا الملك لنعرف حل هذا الجانب، فقيل له: وهل لكم ملك؟ قال: نعم، أعظم من هذا الملك، واللّه أعلم بصحة هذا القول. بحر الصين هو متصل بالبحر المحيط حده من المشرق إلى القلزم ومنه إلى المغرب وليس على الأرض بحر أكبر منه إلا المحيط، ويقال له بحر الهركند، وهو كثير الموج عظيم الإضراب بعيد العمق. قال البحريون: جميع المد والجزر في بحر الهركند وما يتصل به كما في بحر فارس وكيفيته أن القمر إذا بلغ مشرق البحر ابتدأ بالمد، ولا يزال كذلك إلى أن يبلغ القمر وسط سماء ذلك الموضع، فعند ذلك ينتهي المد منتهاه، فإذا انحط القمر عن وسط سمائه خرس الماء ورجع، ولا يزال كذلك إلى أن يصل القمر مغرب ذلك الموضع، فعند ذلك ينتهي الجزر منتهاه، فإذا زال القمر من مغرب ذلك ابتدأ المد هناك مرة ثانية، ولا يزال كذلك إلى أن يصل القمر إلى وتد الأرض، فحينئذ ينتهي المد منتهاه ثانياً، ويبتدئ الجزر مرة ثانية إلى أن يبلغ القمر أفق ذلك الموضع، فيعود الحال المذكور مرة ثانية. قال أبو الريحان في كتابه المسمى بالآثار الباقية إن بحر الصين إذا قرب هيجانه يستدل على ذلك بارتفاع السمك من قعره إلى وجه الماء، وإذا دنا سكونه يبيض طائر مشهور في البر في مجمع القرى، وهو طائر لا يصير إلى الأرض أبدا ولا يعرف غير لجة البحر، ووقت سكون البحر وقت بيضه، و في هذا البحر من الجزائر ما لا يحصى، وفيه مغاص الدر في الماء العذب يقع فيه الحب الجيد، وفي بعض جزائره ينبت الذهب، وفيه الحيوانات العجيبة الأشكال، وفيه الدردور وهو الموضع الذي إذا وقعت السفينة فيه لا تخرج، ولنذكرها إن شاء اللّه تعالى. جزائر هذا البحر كثيرة لا يعلمها إلا اللّه، لكن بعضها مشهور يصل إليه الناس، منها جزيرة رانج، وهي جزيرة كبيرة في حدود الصين أقصى بلاد الهند، يملكها ملك يقال له: المهراج، قال محمد بن زكريا: للمهراج جباية تقع في كل يوم مائتي من الذهب زنة كل من ستمائة درهم يتخذ منها لبنا ويطرحه في الماء وخزانته الماء. وقال ابن الفقيه: بها سكان شبه الآدميين إلا أن أخلاقهم بالوحش أشبه، ولهم كلام لا يفهم، وبها أشجار وهم يطيرون من شجرة إلى شجرة، قال: وبها نوع من النسانيس له أجنحة كأجنحة الخنافس من أصل الأذن إلى ذنب، وفيها وعول كالبقر الوحشية ألوانها حمر منقطة ببياض، وأذنابها كأذناب الظباء، ولحومها حامضة، وبها دابة الزباد، وهي شبه الهر يجلب منها الزباد، وبها فأر المسك، وبها جبل يسمى النصان، وهو جبل مشهور به حيات عظام منها ما يبتلع الفيل، وبها قردة بيض كأمثال الجواميس وأمثال الكباش، ونوع آخر أبيض الصدر أسود الظهر، قال زكريا بن يحيى بن خاقان: بجزيرة الرانج صنف من الببغاء بيض وحمر وصفر يتكلم بأي لغة تكون بها خلق على صورة الإنسان يتكلم بكلام لا يفهم، يأكل ويشرب كالإنسان، و هم بيض وسود وخضر، ولها أجنحة تطير بها، وقال ابن بحر السيرافي: كنت في بعض جزائر الرانج فرأيت ورداً كثيراً أحمر وأصفر وأزرق وغير ذلك، فأخذت ملاءة حمراء وجعلت فيها شيئاً من الورد الأزرق، فلمّا أردت حملها رأيت نارا في الملاءة أحرقت جميع ما فيها من الورد ولم تحرق الملاءة، فسألت الناس عنها فقالوا: إن في هذا الورد منافع كثيرة ولا يمكن إخراجه من هذه الغيضة، قال محمد بن زكريا: من عجائب هذه الجزيرة شجر الكافور، وهو عظيم جدّاً، الشجرة تظل مائة إنسان وأكثر، فيقرأ على الشجرة فيسيل ماء الكافور عدة جرار ثم ينقر أسفل من ذلك وسط الشجرة فتنثر منها قطع الكافور وهو صمغ تلك الشجرة، فإذا أخذ منها ذلك يبست. ومنها جزيرة رامني، وفيها عجائب كثيرة، قال ابن الفقيه: فيها ناس حفاء عراة رجالا ونساء لا يعرف كلامهم، مساكنهم رؤوس الأشجار، وعلى أبدانهم شعور تغطي سوآتهم، وهم أمة لا يحصى عددها، مأكلهم ثمار الأشجار، ويستوحشون من الناس، فإذا حمل أحد منهم إلى موضع الناس لا يستقر، وينفر إلى الغياض، وقال محمد بن زكريا الرازي: بجزيرة الرامنى ناس عراة لا يفهم كلامهم؛ لأنه شبه صفير، و يستوحشون من الناس، طول أحدهم أربعة أشبار، وجوههم عليها زغب أحمر، و يصعدون على الأشجار، و بها شجر الكافور و الخيزران و البقم، و يغرس شجر البقم غرسا، و حمله أشبه بالخرنوب، و طعمه طعم العلقم، قال محمد بن زكريا الرازي: بجزيرة الرامنى الكركدن، و هو حيوان على شكل الحمار العظيم جدّا، على رأسه قرن واحد معقف، و قال أيضا: إن بها جواميس لا أذناب لها. ومنها جزائر السلاهي، وهي جزائر كثيرة، من دخلها من الآدميين لا يخرج منها؛ لكثرة خيرها، وفيها ذهب كثير وبزاة شهب وشواهين، و من العجائب ما حكي أن ملوك السلاهي بها دون ملك الصين، ويزعمون أنهم إن لم يفعلوا ذلك قحطت بلادهم ولم يمطروا، حكاه ابن الفقيه في كتابه. ومنها جزيرة الواق واق، تتصل بجزائر الرانج، والمسير إليها بالنجوم، قالوا: إنها ألف و سبعمائة جزيرة تملكها امرأة. قال موسى بن المبارك السيرافي: دخلت عليها فرأيتها على سرير عريانة، وعلى رأسها تاج من ذهب، وعندها أربعة آلاف وصيفة أبكارا، قالوا: إنما سميت بهذا الاسم؛ لأن بها شجرا يسمع من يمر بها صوته كأنه يقول: واق واق، وأهلها يفهمون من هذا الصوت شيئا فيتطيرون منه. قال محمد بن زكريا: هي جزيرة كثيرة الذهب حتى إن أهلها يتخذون منه سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من الذهب، وبها شجر الأبنوس. ومنها جزيرة البنات، فيها قوم عراة ألوانهم بيض ولهم جمال وحسن صورة، يأوون إلى رؤوس الجبال، ويأكلون الناس، و من وراء ذلك جزيرتان عظيمتان طولاً وعرضاً، فيهما قوم سود لهم خلق عادي، أجسامهم عظيمة وشعورهم مغلغلة ووجوههم طوال، وقدم أحدهم مقدار ذراع، ويأكلون الناس أيضا. ومنها جزيرة أطوران، وهي جزيرة كبيرة بها الكركدن ونوع من القردة كالحمر العظام، وبها شجرة الكافور. ذكر أن مراكب الإسكندر وقعت في هذا البحر فوصلت إلى جزيرة فيها قوم على هيئة الإنسان، رؤوسهم كرؤوس السباع، فلما دنوا منهم غابوا عن أبصارهم. منها أنه إذا كثرت أمواج هذا البحر ظهرت فيه أشخاص سود، طول الواحد منهم أربعة أشبار كأنهم أولاد الحبشة، فيصعدون المراكب من غير ضرر. ومنها ما حكى التجار أنهم يرون في هذا البحر شبه طائر من نور لا يستطيع الناظر أن ينظر إليه؛ لأنه ملأ بصره، فإن ارتفع على أعلى الرقل يرون البحر يسكن و الأمواج تهدأ، و يكون ذلك دليل السلامة، ثم إنه يفقد فلا يدرون كيف ذهب. ومنها طائر يسمى خرشة أكبر من الحمام، قال في تحفة الغرائب: إذا طار هذا الطائر يأتيه طائر آخر- يقال له: كركر- يطير تحته، و يتوقع وقوع ذرقه، فإن غدا كركر تحته ذرق خرشة عليه، وإنه لا يذوق إلا في طيرانه. ومنها دابة المسك، تخرج من الماء في كل سنة في وقت ملعوم فتصاد، وهي شبيهة بالظباء تذبح، ويوجد في سرتها دم هو المسك، ولا يوجد لها هناك رائحة حتى تحمل إلى غيرها من البلاد. ومنها دابة تستوطن شيئا من الجزائر هناك، لها رؤوس كثيرة ووجوه مختلفة وأنياب مقعقعة، ولها جناحان تأكل دواب البحر. ومنها سمكة تزيد على ثلاثمائة ذراع، يخاف على السفينة منها، وتوجد عند جزيرة واق واق، فإذا عرف القوم مرورها صاحوا وضربوا بالخشب لتهرب من أصواتهم، فإذا رفعت جناحها يكون كالشراع. ومنها سلاحف استدارة، كل سلحفة عشرون ذراعا، تبيض كل واحدة ألف بيضة، وهذا أيضا يوجد بقرب جزيرة واق واق. ومنها سمكة تسمى سيلان، قال صاحب تحفة الغرائب: هذه السمكة تبقى على اليبس يومين حتى تموت، فإذا جعلت في القدر وغطي رأسه تنضج، وإن ترك رأس القدر مكشوفا فإذا أثرت فيها النار ظفرت وهربت و تختبئ في كل موضع كابن عرس. ومنها سمكة يقال لها: الأطم، ووجهها كوجه الخنزير، ولها فرج كفرج النساء، ولها مكان الفلوس شعر، وهو طبق من لحم وطبق من شحم. ومنها نوع من السرطان يخرج من البحر يكون كالشبر وأصغر من ذلك وأكبر، فإذا بانت عن الماء بسرعة حركة وطارت إلى البر عادت حجرا وزالت عنها الحيوانية، وتدخل في أكحال العين وأدويتها وأمره مستفيض. ومنها حيّات عظيمة تتخرج إلى البر وربما تبلع الجاموس والفيل وتنطوي على صخرة أو شجرة فتكسر عظامها في بطنها، فيسمع لكسر العظام صوت، وفي هذا البحر مغاص الدردور، فإذا وقعتٍ السفينة دارت فيه ولم تكد تخرج والملاحون يعرفون مكانه ويجتنبون عنه. وحكى بعض التجار قال: ركبت هذا البحر في جمع من التجار فجاءتنا ريح عاصف صرفت المركب عن طريق المقصد، وكان معلم المركب شيخاً حاذقاً إلا أنه كان أعمى، وكان يستصحب معه في السفينة شيئاً كثيراً من الحبال، وأصحابه ينكرون عليه ويقولون: لو حملنا مكان الحبال أحمال التجارة لأصبنا خيراً كثيراً، فلمّا أصابتنا الريح العاصف كان المعلم يقول لأصحابه: انظروا ماذا ترون؟ وهم يخبرونه بالحال إلى أن قالوا نرى طيراً أسود على وجه الماء، فجعل يدعو بالويل والثبور ويضرب على رأسه ويقول: هلكنا والله، فسألناه عن سبب ذلك، فقال: سترون ما يغنيكم عن إخباري، فما كان إلا يسير حتى وقعنا في الدردور الذي حسبناه طيراً أسود كانت مراكب فيها أناس موتى، فبقينا حياري، وانقطع رجاؤنا عن الحياة وانتظرنا الموت، فلمًّا شاهد المعلم منا ذلك قال: يا قوم هل لكم أن تجعلوا إل شطر أموالكم على إخراجي إِيّاكم من هذه الغمرة؟ فقلنا: رضينا بذلك، فأمر بأخذ قنبتين مملوءتين من الدهن فأدليتا في البحر، فاجتمع عليها السمك ما لا يحصى، ثم أمر بتشريح الموتى الذين كانوا في المركب وشدها في الحبال التي كانت معه ورموها فى البحر، فأكلها السمك، ثم أمر القوم بضرب الدف والأخشاب والصياح والتصفي فإذا المركب تحرك عن مكانه وجرى فلم يزل يفعل ذلك حتى خرجنا من الدردور، ثم أمر بقطع الحبال، فنجونا سالمين بإذن الله تعالى. بحر الهند: هو أعظم البحار وأوسعها وأكثرها خيراً، ولا يعلم أحد بكيفية اتصاله بالبحر المحيط لعظم اتصال الموضع وسعته، وليس كالبحر الغربي، فإن انفصال البحر الغربي عن المحيط ظاهر، ويتشعب من الهند خلجان، وأعظمها بحر فارس والقلزم، فالآخذ منه نحو الشمال بحر فارس، والآخذ منه نحو الجنوب بحر الزنج. قال ابن الفقيه: بحر الهند حاله مخالف لبحر فارس؛ لأنْ عند نزول الشمس الحوت وقربها من الاستواء الربيعي يبدأ بالظلمة وكثرة الأمواج؛ فلا يركبه أحد لظلمته وصعوبته، ولا يزال كذلك إلى قرب الاستواء الخريفي، وأشد ما تكون ظلمته وصعوبته عند نزول الشمس في الجوزاء، فإذا صارت الشمس إلى السنبلة تقل ظلمته وتنقص أمواجه ويلين ظهره ويسهل ركوبه إلى أن تصير الشمس إلى الحوت، وألين ما يكون عند نزول الشمس بالقوس، وفي هذا البحر عجائب كثيرة من الجزائر والحيوان وغيرهما، فلنذكر بعضها إن شاء الله تعالى. قال بطليموس: إِن في هذا البحر من الجزائر ما يزيد على عشرين ألف جزيرة، وفيها من الأمم ما لا يحصى عددهم لكن المشهور منها ما يصل إليه أهل بلادنا. منها جزيرة برطاييل، وهي قريبة من جزيرة الرانج، قال ابن الفقيه: بها قوم وجوههم كالمجان المطرقة وشعورهم كأذناب البراذين، وبها الكركدن، وبها جبال يسمع منها بالليل صوات الطبل والدف والصياح المزعجة والصيحة المنكرة. والبحريون يقولون إن الدجال فيها ويخرج منها، وفي هذه الجزيرة يباع القرنفل، وذلك أن التجار ينزلون عليها ويضعون بضاعتهم وأمتعتهم على الساحل، ويعودون على مراكبهم ويبيتون فيها، فإذا أصبحوا جاءوا إلى أمتعتهم فيجدون إلى جانب كل بضاعة شيئاً من القرنفل، فإن رضيه أخذه وترك البضاعة، وإن أخذ البضاعة والقرنفل لم تقدر مراكبهم على السير حتى يرد أحدهما إلى مكانه، وإن طلب أحدهم الزيادة ترك البضاعة والقرنفل فيزاد له فيه. وذكر بعض التجار أنه صعد هذه الجزيرة فرأى قوماً مرداً صفراً، وجموههم كوجوه الأتراك آذانهم مخروقة، ولهم شعور على زي النساء، فغابوا عن بصيرهم ثم إن التجار بعد ذلك قاموا مدّة يترددون إلى الساحل، فلم يخرجوا إليهم شيئاً من القرنفل، فعلموا أن ذلك بسبب نظرهم إليهم ثم عادوا بعد سئين إلى ما كانوا عليه. وخاصية هذا القرنفل أنه إذا أكله الإنسان رطباً لا يهرم ولا يشيب شعره، ولباس هذه الأمّة ورق شجرة يقال لها اللوف يأكلون ثمرتها ويلتحفون بورقها، ويأكلون أيضاً السمك والموز والنارجيل، ويصطادون من البحر حيواناً على شكل السرطان، وهذا الحيوان إذا خرج إلى البر صار حجراً صلداً، وهو مشهور يدخل في الأدوية التي تتعلق بالكحل. ومنها جزيرة السلامة يجلب منها الصندل والنيل والكافور ويخرج إليها من البحر سمكة تصعد الأشجار وتأكل فواكها وتمصها مصاً ثم تسقط كالسكران، فيأتي الناس فيأخذونها، وقال في تحفة الغرائب: بهذه الجزيرة عين فوارة يفور الماء منها كان من الرشاشات في النهار يصير حجرأ أبيض، وما كان في الليل يصير حجراً أسود. ومنها جزيرة القصر وهي جزيرة فيها قصر أبيض يتراءى للمراكب، فإذا شاهدوا ذلك تباشروا بالسلامة، والربح والفائدة، ذكروا أنه قصر مرتفع شاهق لا يدرى ما في داخله. وكان بعض الملوك سار إليها فدخل القصر بأتباعه فغلبهم النوم وخدرت أجسامهم، فلم يقدروا على الحركة، فبادر بعضهم إلي المراكب، وهلك الباقون. ومنها أنْ أصحاب ذَي القرنين رأوا في بعض الجزائر أمّة رؤوسهم رؤوس الكلاب، وأنيابهم خارجة من أفواههم مثل لهيب النار، خرجوا إلى المراكب وحاربوهم فرأوا نوراً بعيداً ساطعاً، فإذا هو قصر من البلور تخرج منه هذه الأمة، فأراد ذو القرنين النزول عليهم ودخول القصر فمنعه بهرام الفيلسوف، وقال: من نزل هذا القصر يغلبه النوم والغشي ولا يستطيع الخروج فتظفر به هذه الأمة. ومنها الجزائر الثلاث، قال صاحب تحفة الغرائب: هي ثلاث جزائر، إحداها يجنب الأخرى، في إحداها تبرق السماء طول الليل، وفي الثانية تهب ريح شديدة، وفى الثالثة تمطر السحاب، ولا تزال كذلك من سنة إلى سنة أخرى. ومنها جزيرة حارة، بها جبل عليه نار عظيمة بالليل ترى من بعد بعيد وبالنهار دخان ولا يقدر أحد على الدنو منها، وبها العود والموز والنارجيل وقصب السكر، وسكانها قوم شقر على صورة الناس إلا أن وجوههم على صدورهم. ومنها سمكة كبيرة معروفة عندهم يكتب الكتاب برطوبتها لا يبين على الكاغد شيء، فإذا كان الليل يظهر على الكاغد كتابة واضحة، ويكتب برطوبتها من أراد أن لا يطلع على مكتوبه أحد. ومنها سمكة خضراء رأسها كرأس الحية، من أكل منها اعتصم من الطعام أياماً. ومنها سمكة مدورة يقال لها مارما، على ظهرها شبه عمود محدد الرأس لا تقوم لها في البحر سمكة إلا تضربها بذلك العمود وتقتلها. واعلم أن في البحر حيوانات كثيرة ذوات صور شتّى، وليس في ذكرها فائدة، فالاقتصار على البعض أولى، وقد قيل حدّث عن البحر ولا حرج. وأما الحيوانات المائية المشهورة فنذكرها إن شاء الله تعالى. بحر فارس: هو شعبة من بحر الهند الأعظم من أعظم شعبها، وهو بحر مبارك كثير الخير، لم يزل ظهره مركوباً واضطرابه وهيجانه أقل من سائر البحار، قال محمد بن زكريا: سئل عبد الغفار الشامي البحري عن مد البحار وجزرها فقال: لا يكون المد والجزر في البحر الأعظم في السنة إلا مرتين، مرّة يمد في شهور الصيف شرقاً بالشمال ستة أشهر، فإذا كان ذلك طما الماء في مغارب البحر وانحسر عن مشارقه. وأمًا بحر فارس فإنه يكون على مطالع القمر، وكذلك بحر الصين والهند وبحر طرابزندة، فإِن القمر إذا صار في أفق من آفاق هذا البحر أخذ المد مقبلاً مع القمر، ولا يزال كذلك إلى أن يصير القمر إلى وسط سماء ذلك الموضع، فيجزر الماء ولا يزال راجعاً إلى أن يبلغ القمر مغربه، فعند ذلك انتهى الجزر منتهاه، فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع ابتدأ المد هناك مرة ثانية إلا أنه أضعف من من الأولى، ثم لا يزال كذلك إلى أن يصير القمر إلى وتد الأرض ، فحينئذ انتهى المد إلى منتهاه في المرّة الثانية في ذلك الموضع، ثم يبتدئ الموضع بالجزر والرجوع، ولا يزال كذلك حتى يبلغ القمر أفق مشرق ذلك الموضع، فيعود الماء على مثال ما كان عليه أولاً، ولهذا البحر مد آخر بحسب امتلاء القمر ونقصانه، فإذا كان أوّل الشهر أخذ الماء في الزيادة ويزداد كل يوم إلى منتصف الشهر، فعند ذلك بلغ المد منتهاه، ثم يأخذ في النقصان، وينقص كل يوم إلى آخر الشهر، فعند ذلك بلغ الجزر منتهاه، ثم يعود إلى ما كان أولاً، ويأخذ في المد. قال ابن الفقيه: بحر فارس وإن كان متصلاً ببحر الهند إلا أنْ حالهما مختلف في السكون والاضطراب لأنّ بحر فارس تكثر أمواجه ويصعب ركوبه عند لين بحر الهند وسكونه، وكذلك بحر الهند تكثر أمواجه عند سكون بحر فارس، فأوّل ما تبدو صعوبة بحر فارس عند نزول الشمس ببرج السنبلة قريبة من الاستواء الخريفي، ولا يزال يزداد في كل يوم أضطرابه حتى تصير الشمس في الحوت، وأصعب ما يكون آخر الخريف عند نزول الشمس القوس، فإذا قربت من الاستواء الربيعي يعود إلى السكون، وأسهل ما يكون ظهره آخر الربيع حال نزول الشمس الجوزاء. قال أبو عبد الله الحسيني: خصّص الله تعالى بحر فارس بمزيد الخيرات والفوائد والعجائب، فَإِنٌ فيه المد والجزر وغزارة الماء، فَإِنَ الماء فيه من سبعين ذراعاً إلى ثمانين، وفيه مغاص اللؤلؤ الجيد البالغ الذي لا يوجد مثاله في شيء من البحار، وفي جزائره معدن العقيق وأنواع اليواقيت والسنبادج ومعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس وأنواع الطيب والأفاويه، وفيه الدردور أيضاً الذي لا ينجو منه شيء من المراكب إذا وقع فيه إلا ما شاء الله، وفيه عوير وكثير وهما موضعان قلما يسلم منهما مركب، وفيه حيوانات عجيبة الأشكال والصور، وسيأتي ذكر بعضها إن شاء الله تعالى. ومنها جزيرة ليكالوس، أهلها عراة وطعامهم الموز والسمك الطري والنارجيل وأموالهم الحديد يتعاملون عليه، وتأتي التجار ويعاملونهم في الحر، ويتحلون بالحديد كما يتحلّى الناس بالذهب، ومنها جزيرة التنين، وهي جزيرة واسعة عامرة، وفيها جبال وأشجار وعلى حصونها سور عال يظهر به تنين عظيم، فاستغاث أهلها بالإسكندر، وذكروا أن التنين أتلف مواشيهم وأنهم يأخذون له كل يوم ثورين وينصبونهما قريباً من موضعه، فيقبل كالسحابة السوداء وعيناه يقدان كالبرق الخاطف، والنار تخرج من فيه فيبلع الثورين ويعود إلى موضعه، فلما سمع الإسكندر ذلك أمر باحضار الثورين فسلخّهما وحشا جلدهما زفتاً وكبريتاً وكلساً وزرنيخاً وجعل مع ذلك كلاليب من حديد وجعلهما في ذلك المكان، فخرج التنين وابتلعهما، فاضطربت أحشاؤه في جوفه وتعلقت الكلاليب بأحشائه، فانتظره الناس في اليوم الآخر فما وجدوا له أثراً، فذهبوا إليه فإذا هو ميت فاتح فاه، ففرح الناس بموته وشكروا سعي الإسكندر، وحملوا إليه هدايا عجيبة ومن جملتها دابة عجيبة يقال لها المهراج، مثل الأرنب أصفر اللون وعلى رأسها قرن واحد أسود لم يرها شيء عن السباع إلا هرب، والله أعلم. قال صاحب عجائب الأخبار: في هذا البحر طائر يقال له فنسون وهو مكرم لأبويه، وذلك أن هذا الطائر إذا كبر وعجز عن القيام بأمر نفسه اجتمع عليه فرخان من فراخه يحملانه على ظهرهما إلى مكان ويبنيان له عشّاً و طيئاً ويتعاهدانه بالماء والعلف، ذكروا أن الله تعالى أكرم هذا الطائر بن سخر له البحر، فَإنّه إذا باض سكن البحر أربع عشرة ليلة حتى تخرج فراخه في هذه المدة اليسيرة، والبحريون يتبركون به، فإذا كان أوّل سكون البحر علموا أن هذا الطائر قد باض. ومنها سمكة وجهها كوجه الإنسان، وبدنها كبدن السمك، وعلى وجهها نقط وتظهر على وجه الماء. ومنها سمكة تطفو على وجه الماء، فإذا رأت حيواناً مفتوح الفم تدخل في فمه وتصير غذاءه، ذكره صاحب تحفة الغرائب، ومنها حيوان يطلع من الماء ويرتفع والنار تخرج من منخره وتحرق ما حول مرتعه، فإذا رأوا الأرض المحترقة عرفوا أنّها مراتع ذلك الحيوان، ذكره صاحب تحفة الغرائب. ومنها سمكة طيارة، تطير ليلاً وتأكل الحشيش طول الليل، فإذا كان قبل طلوع الشمس غادت إلى البحر. اعلم أن أكثر جزائر هذا البحر مسكونة معمورة يأتيها الرجال، منها جزيرة خارج بها معادن اللؤلؤ، ذكر البحريون أن صدف الدر لا يوجد إلا فى بحر تصب فيه الأنهار العذبة، فإذا أتى وقت الربيع يكثر هبوب الرياح وارتفاع الأمواج، فتحمل الرياح رشاشات من بحر أوقياس، وفيه ماء شبيه بالزئيق لزج مثل الغراء، فيتولد منه الدريان، تقع تلك الرشاشات في محل الصدف فيلقمه الصدف كما يلقم الرحم المني، فرّبما وقعت فيه قطرة كبيرة فتنعقد دراً كبيراً، وربّما تقع رشاشات فتنعقد منها أجزاء صغار، كما ترى في أكثر الأصداف، ثم إن الصدفة إذا التقمت المطر خرجت من قعر الماء إلى ظاهره عند هبوب الشمال وطلوع الشمس وغروبها، ولا يخرج في وسط النهار، فإن شدة حرارة الشمس ووهجها تفسد الدر، فإذا خرجت فتحت فاها ليقع الشمال على الدر، فينعقد من الأثر الشمال وحرارة الشمس، ويتكوّن في الصدف كما يتكوّن الجنين في الرحم، ثم إنْ جوف الصدف إن كان خالياً من الماء المر يكون الدر كدراً أو أصغر غير مهندم، وإذا تم الدر في الصدف ينتقل الصدف إلى موضع صلب، وتثبث عروقه فيه، ويكون عند الناس خيراً من وصول قفل الصدف، فإذا انتقل إلى أرض البحريين يهني الناس بعضهم بعضاً بوصول قفل الصدف، والغواص إذا نزل لإخراجه يقلعه من الأرض بالقوة، فما أخرج في وقته يبقى طرياً صقيلاً، وما أخرج قبل وقته أو بعده لا يبقى كذلك بل بتغيّر لونه، والله الموفق. ومنها جزيرة جاشك، وهي بقرب جزيرة قيس، لأهلها خبرة وصبر على الحركة في الماء، فإن الرجل منهم يسبح في الماء أياماً كثيرة وهو يجالد بالسيف كما يجالد غيره على وجه الأرض وغير أهل هذه الجزيرة يعجز عن ذلك، وسمع من غير واحد أنّ بعض ملوك الهند أهدى إلى بعضهم جواري هنديات في مراكب، فوقع شيء من تلك المراكب إلى هذه الجزيرة، فخرج الجواري يتفسحن في الجزيرة فاختطفتهن وافترستهن فولدت هؤلاء الذين بها، فلذلك فيهم الجلادة ما يعجر عنها غيرهم. ومنها جزيرة كندولاودي، وأنا شاك في أن هذه الجزيرة في بحر فارس، أظن أنّها في غيره، وقد ذكر جمع من العمانيين والسرافيين أن العنبر ينبت في قعر هذا البحر كما ينبت القطن في الأرض، فإذا اشتد اضطراب البحر قذفه البحر، فلذلك يرى قطعاً، وربما أكل منه السمك الكبير فيموت ويطفو على الماء، فإذا اجتاز به أصحاب المراكب جذبوه بالكلاليب والحبال إلى الساحل، وأخذوا العنبر من بطنه، والله أعلم. منها نوع السمك يطفو على وجه الماء، وسبب طفوه هيجان البحر، يعرفه البحريون قال أبو الريحان في الآثار الباقية: في اليوم الثالث عشر من كانون الثاني يضطرب البحر إلى فارس وإلى الأسكندرية، ويبقى أياماً يتغطمط وتشتد أمواجه، ويتكدر هواءه وتكثر ظلمته، ذكروا أنه يقع في قعره ريح تهيج البحر، ويستدل على ذلك بنوع من السمك يظهر فيه، وظهوره إنذار بتحرك الريح في قعره، وربما يتقدم بيوم. ومنها الأسيور، وهو نوع من السمك يأتي بالبصرة في وقت معين يعرفه أهل البصرة، ويبقى مقدار شهرين وبعده لا توجد هناك واحدة من هذا النوع. ومنها الجراف، وهو أيضاً نوع من السمك، ووصفه مثال وصف الأسيور. ومنها البرستوح، قال البحريون: إن البرستوح يقبل من بلا الزنج، يستعذب ماء دجلة البصرة ويعرف هذا النوع بأرضى الزنج ثم يعود ما فضل من صيد الناس إلى مكانه ولا يوجد هذا النوع فيما بين البصرة والزنج إلا في أوان مجيئه، فإذا انقضى أوانها لا يوجد فيه واحد، وذكر البحريون أن البرستوح في الوقت الذي يوجد في البصرة لا يوجد بالزنج، وفي الوقت الذي يوجد في الزنج لا يوجد في البصرة، وحاله كحال الخطاطيف وغيرها من الطيور ينتقل عن موضع إلى موضع، فسبحان من ألهم كل حيوان ما فيه مصالح نفسه. ومنها الكوسج، وهو نوع من السمك شر من الأسد في الماء، يقطع الحيوان بأسنانه كما يقطع السيف الماضي، رأيته وهو سمك مقدار ذراع أو ذراعين، وأسنانه كأسنان الإنسان، ينفر الحيوان منه، وإذا أدرك سمكة كبيرة قطعها، وإذا أدرك آدمياً قتله أو قطع يده أو رجله، فإِنّه نائبة عظيمة في هذا البحر، وله وقت معين يكثر فيه بدجلة البصرة. ومنها حيوان يعرف بالتنين شر من الكوسج، في فمه أنياب مثل أسنة الرماح، وهو طويل مثل النخلة، وهو أحمر العينين مثل الدم، كريه المنظر جدا، يفر منه الكوسج وغيره. ومنها سمكة خضراء اللون أطول من ذراع، لها خرطوم عظمى أقصر من ذراع يشبه منشاراً يكون كلا حدّيه أسناناً يضرب بها الحيوان يجرحه، ومن هذا النوع في بحر الحبابة كثير رأيتهم يصطادونه ويبيعونه مقلياً في السوق هناك. ومنها سمكة مدورة، ذنبها أطول من ثلاثة أذرع، وعلى وسط ذنبها شوكة معقفة شبه كلاب، وهي سلاحها تضرب بها وهي نمراء بياضها في غاية البياض ونقط سوادها في غاية السواد ولها منخران على ظهرها وفم على بطنها، وفرج كفرج النساء، والبحر لا تحصى عجائبه، وفى هذا القدر كفاية، والله الموفق. ولنختم عجائب هذا البحر بحكاية عجيبة من دردوره أوردها صاحب كتاب (عجائب البحر) في كتابه: حدّثني رجل من أصفهان أنه ركبته ديون ونفقة عيال عجز عنها ففارق أصفهان ودارت به الدوائر حتى ركب البحر مع بعض التجار قال: فتلاطمت بنا الأمواج حتى جعلنا في دردور بحر فارس المشهرر، فاجتمع التجار إلى المعلم وقالوا: هل تعرف لأمرنا مخلصاً؟ فقال المعلم: يا قوم إن هذا دردور لا يتخّلص منه مركب إلا ما شاء الله تعالى، فإن سمح أحدكم بنفسه لأصحابه وأنا أبذل جهدي لعل الله يخلصنا، فقلت أنا: يا قوم كلتا في معرض الهلاك، وأنا رجل سئمت من الشقاء وكنت أتمنى الموت، وكان في السفينة جمع من الأصفهانيين فقلت لهم احلفوا أنكم تقضون ديوني وتحسنون إلى أولادي، وأنا أفديكم بنفسي فأجابوا إلى ذلك فقلت للمعلم: ماذا تأمرني؟ فقال: أن تقف على هذه الجزيرة وكان بقرب الدردور جزيرة مسيرة ثلاثة أيام بلياليها ولا تفتر عن ضرب هذا الدهل، فقلت لهم: أفعل ذلك، فحلفوا لي أيماناً مغلظة على ما شرطت عليهم وأعطوني من الماء والزاد ما يكفينى أياماً وأنا على طرف الجزيرة، فذهبت ووقفت وشرعت في ضرب الدهل، فرأيت المياه تحركت وجرت المركب وأنا أنظر ليه حتى غاب عن بصري، قال: فلما غاب عني المركب جعلت أتردد في الجزيرة، فإذا أنا بشجرة عظيمة لم أر أعظم منها، وعليها شبه سطح غليظ، فلما كان آخر النهار أحسست بهدة شديدة، فإذا طائر لم أر حيواناً أعظم منه جاء ووقع على سطح تلك الشجرة، فاختفيت منه خوف أن يصطادني إلى أن بدا ضوء الصباح، فنفض بجناحيه وطار، فلما كانت الليلة الثانية جاء ووقع على عشّه، وكنت أيضاً آيساً من حياتي، ورضيت بالهلاك، ودنوت منه فلم يتعرض لي بشيء، وطار مصبحاً، فلما كانت اليلة الثالثة قعدت عنده من غير دهشة إلى أن نفض جناحيه عند الفجر، فتمسكت برجله، فطار أسرع طيران إلى أن ارتفع النهار، فنظرت نحو الأرض فما رأيت سوى لجة البحر، فكدت أترك رجله من شدة ما نالني من الوجع، فحملت نفسي على الصبر إلى أن نظرت نحو الأرض، فرأيت القرى والعمارات، فدنا من الأرض وتركني على صبرة تبن في بيدر لبعض القرى والناس ينظرون إلي، ثم طار نحو الهواء وغاب عني، فاجتمع علي الناس وحملوني إلى رئيسهم، فأحضر لي رجلاً يفهم كلامي، فقالوا لي: من أنت؟ فحدثتهم بحديثي كله فتعجبوا مني وتبركوا بي، وأمر الرئيس لي بمال، فبقيت عندهم أياماً، فمشيت يوماً إلى طرف البحر أتفرّج فإذا قد وصل مركب أصحابي، فلما رأوني أسرعوا إلي سائلين عن حالي، فقلت لهم: ياقوم، إِنّي بذلت نفسي لله تعالى، فأنقذني بطريق عجيب، وجعلني آية للناس ورزقني المال وأوصلني إلى المقصد قبلكم. فهذه حكاية عجيبة وإن كانت غير بعيدة من لطف الله تعالى. بحر القلزم: هو شعبة من بحر الهند جنوبي بلاد البربر والحبشة، وعلى ساحله الشرقي بلاد العرب وعلى الغربي اليمن، والقلزم اسم مدينة على ساحله سمي البحر بها، وأمًا حديث هيجانه ومده وجزره كما في بحر الهند فلا نعيده، وهو البحر الذي أغرق الله تعالى فيه فرعون لعنه الله وجنوده. قالوا: كان بين البحر وأرض اليمن جبال يحول الماء عنها، وامتداده في أرضي اليمن، وكان بين البحر واليمن مسافة، فقد بعض الملوك ذلك الجبل بالمعاول ليدخل منها خليجاً يهلك بعض أعدائه، فقطع من الجبل غلوني سهم، وأطلق البحر في أراضي اليمن، فطفا الماء وأهلك أمماً كثيرة، واستولى على بلاد كثيرة، وصار بحرا عظيماً، وصل إلى بلاد اليمن وجدة وجاوى وينبع ومدين مدينة شعيب عليه السلام، وأيلة إلى القلزم. وأكثرها له مسلوكة ولا مسكونة. منها جزيرة ثارات، وهي قريبة من أيلة يسكنها قوم يقال لهم بنو جدان، معاشهم السمك، وليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماء عذب، وبيوتهم السفن المكسرة، يسألون الماء والخبز ممن يمر بهم في الدهر الطويل، وعندهم دوارة مأء في سفح جبل إذا وقع الريح على دورته انقسمت قسمين وتلقى المركب بين شعبتين متقابلتين، فتخرج الريح من كليهما، فيثور البحر على كل سفينة تقع في تلك الدوران باختلاف الريحين فتنقلب ولا تسلم، ومقدار طوله ستة أميال، قيل هذا الموضع الذي غرق فيه فرعون بجنوده لعنه الله. ومنها الحسامية، وفيها دابة تتجسس الأخبار وتأتي بها الدجال، روى الشعبى عن فاطمة بنت قيس قالت: خرج علينا رسول الله في الظهيرة وقام خطيباً، وقال: «إي لم أجمعكم لرغبة ولا لرهبة ولكن لحديث حدثنيه تميم الداري، حدثني أن نفراً من قومه أقبلوا في البحر فأصابهم ريح عاصف الجأهم إلى جزيرة فإذا هم بدابة، قالوا لها: من أنت؟ قالت: أنا الجساسة، قالوا: أخبرينا الخبر، قالت: إن أردتم الخبر فعليكم بهذا الدير، فإنّه فيه رجلاً بالأشواق إليكم، قال: فأتيناه، فقال: من أنتم؟ فأخبرناه، فقال: ما فعلت بحيرة طبرية؟ قلنا: تدفق بين أجوافها، قال: فما فعلت نخل عمان؟ قلنا: يجتنيها أهلها، قال: فما فعلت عين زعر؟ قلنا: يشرب منها أهلها، فقال: لو يبست أنفذت من وثاقي فوطئت بقدمي كل منهل إلا مكة والمدينة». ومنها جبل المغناطيس، وهو جبل في هذا البحر يوجد فيه المغناطيس الذي يجذب الحديد والمراكب المستعملة في هذا البحر لا يجعل فيها شيء من الحديد خوفاً من أن يجذبها المغناطيس. أما الحيوانات التي توجد في غيره فلا نعيدها، والتي توجد في هذا البحر: منها سمكة عظيمة تضرب السفينة بذنبها فتغرقها، طولها مائتا ذراع، يخاف على المراكب منها خوفاً شديداً. ومنها سمكة مقدار ذراع، بدنها بن السمك، ووجهها وجه البوم. ومنها سمكة طولها عشرون ذراعاً، وظهرها الذبل الجيد، وإنها تلد وترضع، وفيه سمكة كخلقة القبر، تلد وترضع، والله الموفق. بحر الزنج: وهو بحر الهند بعينه، وبلاد الزنج منه في جانب الجنوب بجنب سهيل، ومن ركب هذا البحر يرى القطب الجنوبي وسهيلاً، ولا يرى القطب الشمالي ونبات نعش أبدا، وأقصى هذا البحر يتصل بالبحر المحيط، وموج هذا البحر عظيم كالجبال الشواهق، ونفحه يرتفع كالأطواد الشوامخ وينخفض، وماؤه يحفظ ليكون من الأدوية ، ولا ينكسر موجه ولا يظهر منه زيد كما يكون لسائر البحار، وفيه جزائر كثيرة ذات أشجار وغياض، لكنها غير ذات ثمار، وإنما هي نحو شجر الآبنوس والصندل والساج والقنا، والعنبر يلتقط من سواحله، فربما توجد قطعة كتل عظيم. ولنذكر شيئاً من جزائره وحيوانه: منها الجزيرة المحترقة وهي جزيرة واغلة في هذا البحر، قلما يصل إليها من بلادنا أحد، حكى بعض التجار قال: ركبت هذا البحر فدارت بي الدوائر حتى حصلت في هذه الجزيرة، فرأيت فيها خلقاً كثيراً وبقيت بها زماناً، واستأنست بهم وتعلّمت لغتهم، فإذا الناس في بعض الأيام مجتمعون ينظرون إلى كوكب طلع من أفقهم، ثم شرعوا في البكاء والعويل، وقالوا: إنّ هذا الكوكب يطلع في كل ثلاثين سنة مرة، فإذا وصل إلى سمت رؤوسنا يحرق ما في هذه الجزيرة، فتأهبوا للنقل في المراكب، فلما دنا الكوكب من سمت رؤوسهنا ركبوا فيها وأخذوا معهم ما خف من القماش، فركبت معهم فغبنا عنها مدة، فلما علموا أنْ الكوكب زال عن سمت رؤوسهم عادوا إليها، فوجدوا جميع ما كان فيها رماداً، فشرعوا في استتناف العمارة. ومنها جزيرة الضوضاء، وهي جزيرة مما يلي بلاد الزنج، وحكى بعض التجار أن بهذه الجزيرة مدينة من حجر أبيض يسمع منها ضوضاء زجلية ولا ساكن بها من البشر، وربما دخلها البحريون وشربوا من مائها، فوجدوه حلواً طيباً فيه رائحة الكافور، ويقولون: كنا نعرف منتهاها، غير أن بقربها جبالاً عظيمة تتوقد منها بالليل نار عظيمة، وذكر أن في حواليها حيّة تظهر في كل سنة مرة، فيحتال ملوك الزنج في أخذها، فإذا أخذوها يطبخونها ويتخذون من جلدها فراشاً يجلس عليها صاحب السل يأمن من غائلته، ويوجد ذلك في خزائن الملوك. ومنها جزائر العور، حكى يعقوب بن إسحاق السراج قال: رأيت رجلاً من أهل رومية قال: ركبت هذا البحر فألقتني الريح إلى بعض الجزائر، فوصلت بها إلى مدينة أهلها ناس قامتهم قدر ذراع، وأكثرهم عور، فاجتمع على جمع منهم وساقوني إلى ملكهم، فأمر بحبسي، فجعلوني في شبه قفص، فكسرته فأمنوني، فرأيتهم في بعض الأيام يتأهبون للقتال، وقالوا: لنا عدو يأتينا، وهذا أوان مجيئه فلم نلبث أن طلعت عليهم عصابة من الغرانيق، وكان عور نفر من الغرانيق أعينهم، فأخذت عصا وشددت عليها، فطارت وذهبت فأكرموني، وذكر أرسطاطاليس فى كتاب الحيوان أن الغرانيق تنتقل من خراسان إلى ناحية مصر حيث يسيل ماء النيل، تقاتل هناك رجالاً قامتهم قدر ذراع. وعنها جزيرة سكسار، حكى يعقوب بن إسحاق السراج قال: رأيت رجلاً في بعض الأسفار في وجهه خموش فسألته عن ذلك، فقال: ركبت البحر فألقتنا الريح إلى جزيرة لم نستطع أن نبرح عنها، فأتي قوم وجوههم وجوه الكلاب، وسائر أبدانهم كأبدان الناس، فسبق إلينا واحد منهم بعصا، ووقف الأخرون، فساقنا إلى منازلهم، فرأينا هناك الجماجم والسيقان وأذرع الناس، فأدخلونا بيتاً رأيت فيه إنساناً فجعلوا يأتوننا بالفواكه والمأكول، فقال ذلك الرجل: يطعمونكم لتسمنوا، ومن سمن منكم أكلوه، قال: فكنت أقلل المأكول حتى لا أسمن، وكل من سمن من أصحابي أكلوه حتى بقيت أنا وذلك الرجل لأني كنت هزيلاً، والرجل كان عليلاً، فقال ذلك الرجل: إنهم إذا حضر لهم عيد يخرجون كلهم إليه ثلاثة أيام، فإن أردت النجاة فانج بنفسك، وأما أنا فقد ذهبت رجلاي لا يمكنني الهرب، وأعلم أنهم أسرع شيء طلباً وأشد استتشاقا، واعرف بالأثر إلا من دخل تحت شجرة كذا، فإنهم لا يطلبونه ولا يقدرون عليه، قال: فكنت أسير ليلاً وأكمن نهاراً، فلمّا رجعوا وتفقدوني جعلوا يقصون أثري، فأدركوني وكنت تحت الشجرة فانقطعوا عني، فلمّا أمنت منهم جعلت أسير في تلك الجزيرة إذا رفعت لي أشجاراً كثيرة، فانتهيت إليها، فإذا بها من كل الفواكه، وتحتها رجال أحسن صورة، فقعدت إليهم لا أفهم كلامهم ولا بفهمون كلامي، فبينما أنا جالس معهم إِذ دنا إليّ واحد منهم ووضيع يده على عاتقي، فإذا هو جالس على رقبتي ثم لوى رجليه عليّ، فأنهضني فجعلت أعالجه لأطرحه عن رقبتي فخمشني في وجهي وسخّرني كما يسخر أحدكم مركوبه، فجعلت أدور على الأشجار وهو يقطع ثمارها ويرمي بها إلى أصحابه وهم يضحكون، فبينا أسير به في وسط الأشجار إذا أصاب عينيه بعض عيدان الأشجار فعمي، فعصرت له شيئاً من العنب ثم قلت له: اكرع فكرع، فتحللت رجلاه، فرميته وبقي أثر الخموش في وجهي، والله الموفق. منها المنشار قال بعض التجار: إِنها سمكة مثل الجبل العظيم، ومن رأسها إلى ذنبها مثل أسنان المنشار، من عظام سود مثل الأبنوس كل سن منها في رؤية العين مقدار ذراعين، وعن رأسها عظمان طويلان كل عظم مقدار عشرة أذرع، وكانت تضرب بالعظمين البحر يميناً وشمالاً، فيسمع صوته صوتاً هزيلاً، قال: وكنا نرى الماء يخرج من فيها وأنفها ويصعد نحو السماء، وتصل إلينا رشاشاته مثل المطر، وبيننا مسافة بعيدة، وهذه السمكة نقطع السفينة إذا عبرت من تحتها أى خرجت عليها، فإذا رأى أصحاب المراكب هذه السمكة يضجون إلى الله تعالى حتى يدفعها عنهم مكرمة. ومنها سمكة تعرف بالبال، طولها أربعمائة ذراع إلى خمسمائة ذراع، فيظهر في بعض الأوقات طرف من جناحه يكون كالشراع العظيم، ويظهر رأسه وينفخ فيه الماء، فيذهب الماء في الجو أكثر من غلوتين، والمراكب تفزع منها ليلا ونهارا، فإذا أحسوا بها ربوا بالدبادب وضحوا حتي تنفر، وإنها تحسو بذنبها وأجنحتها السمك إلى فيها، فإذا بغت على حيران البحر بعث الله سمكة نحو الذراع تدعى اللشك تلتصق بأذنابها ولا خلاص للبال منها، فتطلب قعر البحر وتضرب الأرض بنفسها حتى تموت، وتطفو فوق الماء كالجبل العظيم، وربما يقذف البحر عند اشتداده قطعاً من العنبر كالتلال فيأكلها البال، فيقلها فتطوف فوق الماء، ولها أناس يرصدونها فى المراكب من الزنج، فإذا أحسوا بذلك طرحوا فيها الكلاليب وجذبوها إلى الساحل، ويشقون بطنها ويستخرجون العنبر منها، فما يكون في بطنها يكون شهكاً تعرفه التجار والعطارون بالعراق وفارس والهند، وما يكون في ظهرها يكون جيداً نقيّا والله الموفق. بحر المغرب: هو من بحر الشام وبحر قسطنطينية، مأخذه من البحر المحيط، ثم يمتد شرقاً فيمر بشمالي أندلس، ثم ببلاد الفرنج إلى قسطنطينية، ويمتد من جهة الجنوب إلى بلاد أولها سلا ثم سبتة وطنجة إلى طرابلس والإسكندرية، ثم سواحل الشام إلى أنطاكية، وفيه الجزائر العظيمة كجزائر أندلس وغيرها، وذكر في كتاب أخبار مصر أنه بعد هلاك الفراعنة كان ملوك بني دلوكة في شق البحر المحيط من المغرب، وهو بحر الظلمات، نغلب على كثير من البلدان العامرة والممالك العظيمة، وامتد إلى الشام ويلاد الروم، وصار حاجزا بين بلاد مصر والروم، وهو الخليج الذي في زماننا هذا على أحد ساحليه المسلمون، وعلى الآخر النصارى والفرنج، وهناك مجمع البحرين، وهما بحر الروم والمغرب، وعرضه ثلاثة فراسخ، وطوله خمسة وعشرون فرسخاً وفيه يظهر المد والجزر في كل يوم وليلة أربع مرات، وذلك في البحر الأسود وهو بحر المغرب، عند طلوع الشمس يعلو يصب في مجمع البحرين حتي يدخل في بحر الروم وهو البحر الأخضر إلى وقت الزوال، فإذا زالت الشمس غاض البحر الأسود وانصب فيه الماء من البحر الأخضر إلى مغرب الشمس، ثم يغيض الماء الأخضر ويعلو البحر الأسود إلى نصف الليل، ثم يغيض البحر الأسود وانصباب الماء من البحر الأخضر إلى طلوع الشمس، وفي هذا البحر من الجزائر والحيوان ما يتعجب منه، فلنذكر بعضها إن شاء الله تعالى. ذكر أبو حامد الأندلسي في كتابه الذي ألّفه للوزير ابن هبيرة أنّ مجمع الترب جزيرة فيها منارة مبنية من الصخر الصلد لا يعمل فيها الحديد شيئاً، ولها أساس راسخ، وليس للمنارة باب، وعلى رأس المنارة صورة إنسان ملتحف بثوب كأنّه من ذهب، يده اليمنى ممودة إلى البحر الأسود يشير بإصبع إلى شيء، وعلو المنارة أكثر من مائة ذراع، وقال غيره: إن تلك الصورة طلسم عمله بعض الملوك صيانة لذلك الموضع من إتيان العدو، وإنّه مأمون ما دام ذلك الطلسم باقياً. ومنها جزيرة تيس، وهي في بحر الروم، وذكر أبو احد الأندلسي أنها جزيرة عظيمة فيها مدن وقرى كثيرة، من عجائبها أنه يخرج إليها في كل يوم طير يصطادونه مائة ونيفا وثلاثين نوعاً، وأساميها مكتوبة، رأيت في نقل ذلك سآمة. ومنها جزيرة ذكرها صاحب الغرائب قال: إن في بحر الروم جزيرة كثيرة الأشجار والأزهار من شم شيئاً منها نام في ساعته. ومنها ما ذكره أبو حامد الأندلسي على البحر الأسود من ناحية أندلس جبل عليه كنيسة من الصخر منقورة في الجبل وعليها قبة عظيمة، وعلى القبّة غراب لا يبرح من أعلى القبّة، وفي مقابلته الفبّة وهي كشبه مسجد يزوره الناس ويقولون إِنْ الدعاء فيه مستجاب، وقد شرط على القسيسين ضيافة لمن زار المسجد عن المسلمين، فإذا قدم زائر أدخل الغراب رأسه في روزنة على تلك القبة ويصيح، وإذا قدم اثنان صاح صيحتين، وهكذا كلما وصل زائر أو زوار صاح على عددهم فيخرج الرهبان بطعام يكفى الزائرين، وتعرف الكنيسة بكنيسة الغراب، وزعم القسيسون أنهم ما زالوا يرون غراباً على تلك الكنيسة ولا يدرون من أين مأكله. ومنها جزيرة مالطة، قال أبو حامد الأندلسي: رأيت في بحر الروم هذه الجزيرة مملوءة من الغنم الجبلية مثل الجراد المنتشر لا يمكنها الفرار من الناس لكثرتها، فإذا وصلت المراكب إليها أخذت منها ما شاء الله، وهي أغنام سمان كبار نعاج وحملان وليس فيها غير الغنم، وفيها أشجار وعشب كثير، وهي على طريق الإسكندرية في البحر، تقصدها السفن من كل جانب، وظني أنه لو حملت كل سفيئة في ذلك البحر منها لا تفنى الغنم، ومنها جزيرة الدير، ذكر البحريون أنْها بقرب قسطنطينية، وهي دير يتكشف عنه الماء في كل سنة يوماً واحداً يحجها أهل تلك النواحي، وينتظرون ذلك اليوم ويزورون الدير ويحملون إليها الهدايا حتى إذا كان ذلك اليوم يتكشف عنه الماء، فيبقى ظاهراً إلى وقت العصر ثم يأخذ الماء في الازدياد، ويغطيها إلى العام القابل، والله الموفق. حكى عبد الرحمن بن هارون المغاربي قال: ركبت هذا البحر فوصلنا إلى موضع يقال له البطرون، وكان معنا غلام صقلي معه صنارة، فألقاها في البحر فصاد بها سمكة نحو البشر، فنظرنا فإذا خلف أذنها اليمنى مكتوب لا إله إلا الله، وفي قفاها محمد، وتخلف أذنها اليسرى رسول الله. ومنها ما حكى أبو حامد قال: رأيت ملاح غاص بحر الروم فانكشف عن سنام جبل وعليه نارنج أحمر كأنه قطف الآن من شجرة، فظننت أنّها سقطت من بعض السفن فقبضت على واحدة منها، فإذا هي حيوان التصق بالحجر لم أقدر على قلعه، فرمت قطعة بالسكين، فلم تعمل فيه السكين، وليس له عين ولا رأس، وفمه في موضع العرجون، فكنت ألف الثوب عليه، وأجرّه بقوتي فيخرج من فمه مائية كاللعاب، وهو لين محبب شديد الحمرة لا يغادر من النارنج شيئا، فإذا تركته كان يفتح فاه ويتحرك كأنه يتنفس. ومنها ما ذكر صاحب تحفة الغرائب أن في بحر المغرب طائراً يقال له الماروز طائر مبارك يتبرك به أصحاب المراكب، يبيض عند سكون البحر على الساحل، فإذا رأوا بيضها عرفوا أن البحر يسكن، وهذا الطائر إذا كانت المراكب قريبة من مكان مخوف يأتي ويطير قدام المركب، ويصعد وينزل كأنه يخبرهم بالخوف حتى يدبروا أمرهم، والملاحون يعرفونه، والله الموفق. ومنها الشيخ اليهودي، قال أبو حامد: حيوان وجهه كوجه الإنسان، وله لحية بيضاء، وبدنه على شبه بدن الضفدع، وشعره كشعر البقرة، وهو فى حجم عجل يخرج من البحر ليلة السبت إلى البر حتى تغيب الشمس ليلة الأحد، فإذا غابت الشمس ليلة الأحد وثب كما يثب الضفدع ويدخل الماء فلا تلحقه السفن، وذكروا أن جلده إذا وضع على النقرس أزال وجعه في الحال، والله الموفق. ومنها سمكة تعرف بالبغل، قال أبو حامد الأندلسي: رأيت بمجمع البحرين سمكة مثل جبل عظيم صاحت صيحة ما سمعت أهول منها يكاد القلب ينشق منها، فاضطرب الماء منها وكثرت الأمواج حتى خفنا الغرق قال البحريون: إنها سمكة يقال لها البغل: هربت من السمكة الكبيرة وذلك أنّ السمكة الكبيرة تتبعها لتأكلها في بحر الظلمات فتنفر منها وتعبر في مجمع البحرين إلى بحر الروم، وتأتي السمكة الكبرى خلفها لتعبر في مجمع البحرين فلا يمكنها لعظمها، هكذا ذكر أهل ذلك الموضع يعني مجمع البحرين. ومئها حوت موسى ويوشع عليهما السلام، قال أبو احامد الأندلسي: رأيت سمكة بقرب مدينة سبتة، هي نسل الحوت المشوي الذي أكل موسى و يوشع نصفه فأحيا اللّه النصف الآخر فاتخذ سبيله في البحر عجبا، ولها نسل في البحر إلى الآن في ذلك الموضع، وهي سمكة طولها أكثر من ذراع، وعرضها شبر واحد في أحد جنبيها شوك وعظام، وجلدها رقيق ملتصق على أحشائها ورأسها نصف رأس، فمن رآها من هذا الجانب استقذرها ويحسب أنها مأكولة ميتة، ونصفها الآخر صحيح، والناس يتبركون بها ويهدونها إلى المحتشمين ويشويها اليهود ويقددونها ويحملونها إلى الأماكن البعيدة. ومنها سمكة بلغارية كأنّها قلنسوة بلغارية، قال أبو حامد الأندلسي: رأيتها وفي جوفها شيه المصارين، ولا رأس لها ولا عين، ولها مرارة كمرارة البقر سوداء، فإذا اصطادها أحد تحركت فيسود الماء الذي حولها مثل الحبر، وأظن ذلك السواد من تلك المرارة، فإذا وقعت في الشبكة يبقى ما حولها أسود جداً، فيؤخذ من ذلك الماء ويكتب به أحسن عن كل مداد لا ينمحي وله سواد وبريق. ومنها سمكة، ذكر أبو حامد: أنها تقطم قطعاً وهي تتحرك، وربما قلبت القدر إذا أرادوا طبخها فيها، ولا يسكن اضطرابها حتى تصير نضجا، وهي سمكة لحمها طيب الطعم جداً. ومنها سمكة تعرف بالخطاف، قال أبو حامد: ولها جناحان، على ظهرها أسودان، وأنّها تخرج من الماء وتطير في الهواء وتعود إلى البحر. ومنها سمكة تعرف بالمنارة ترمي نفسها على السفين فتكسرها ويعرفها أهلها، فإذا أحس الناس بها ضربوا بالطشوت والبوقات لتبعد عنهم وهي محنة عظيمة في البحر. ومنها سمكة كبيرة، إذا نقص الماء بقيت على الطين ولا تزال تضطرب إلى ست ساعات ثم تنسلخ من شدة اضطرابها وقوة تأملها فيظهر لها جناحان من تحت جلدها فتطير وتتحول إلى البحر، ذكرها أبو حامد، والتنانين في هذا البحر كثيرة، وأكثر ما يكون عند طرابلس واللاذقية والجبل الأقرع من أعمال إنطاكية، وسياتي ذكرها إن شاء الله تعالى. بحر الخزر: هو البحر الذي في جهة الشمال على شرقيه جرجان وطبرستان وفي شماله بلاد الخزر، وفي غربيه جبال العقيق، وفي جنوبه الجبل والديلم وهو بحر عظيم واسع لا اتصال له بشيء من البحار على وجه الأرض، فلو أنْ رجلا طاف حوله رجع إلى مكانه الذي ابتدأ منه، وهو بحر صعب المسلك سريع المهلك كثير الاضطراب، شديد الأمواج، لا مد فيه ولا جزر، ولا يرتفع منه شيء من اللآلئ والجواهر، وجزائره غير مسكونة، ولكن في جزائره غياض ومياه وأشجار، وليس فيها أنيس، قالوا: إن دوران هذا البحر ألف وخمسمائة فرسخ، وطوله ثمانمائة ميل، وعرضه ستّمائة ميل، وهو مدور الشكل، فلنذكر شيئاً من جزائره وبحاره. منها ما ذكره أبو حامد، قال: رأيت في هذا البحر جبلاً من طين أسود كالقير والبحر محيط به، وفي سنام ذلك الجبل شق طويل يخرج منه الماء، ويوجد في ذلك الماء سناج الدانق من الصفر، وربما يكون أكبر أو أصغر يحملها الناس إلى الآفاق للتعجب. ومنها جزيرة الحيات، قال أبو حامد: إِنّها بقرب الجبل الذي ذكر وهي جزيرة امتلأت من الحيات، وفيها حشيش كثير، والحيّات في وسطها لا يقدر أحد أن يضع رجله على الأرض لكثرة ما فيها من الحيّات المتلفة بعضها على بعض، وفيها طيور كثيرة، والحيّات لا تتعرض لبيض الطيور وفراخها، رأيت الناس يأخذون بأيديهم العصا ويزيلون الحيات بها عن مكان أقدامهم، ويمشون بين الحيّات ويأخذون بيض الطيور، وفراخها والحيّات لا تؤذي أحداً منهم. ومنها جزيرة الجن وهي جزيرة ليس بها أنيس ولا شيء من الوحوش، وتسمع أصوات كأنهم يقولون: غلب الجن عليها ولا يجسر أحد أن يقربها والله أعلم. ومنها جزيرة الغنم، قال سلام الترجمان رسول الخليفة إلى ملك الخزر وهي جزيرة ما بين الخزر والبلغار، فيها من الأغنام الجبلية مثل الجراد لا يمكنها الفرار لكثرتها، وما رأيت في تلك الجزيرة حيواناً غيرها، وفيها عيون وحشيش وأشجار كثيرة فسبحان من لا تحصى نعمه. ذكر أبو حامد الأندلسي في كتاب العجائب الذي ألفه للوزير ابن هبيرة عن سلام الترجمان رسول الخليفة إلى ملك الخزر قال: أقمت عند ملك الخزر أياماً، ورأيت أنهم اصطادرا سمكة عظيمة جداً وجذبوها بالحبال، فانفتحت أذن السمكة وتخرجت منها جارية بيضاء حمراء طويلة الشعر، حسنة الصورة، فأخرجوها إلى البر وهي تضرب وجهها وتنتف شعرها وتصيح، وقد خلق الله تعالى في وسطها غشاء كالثوب الصفيق من سرتها إلى ركبتيها كأنّه إزار مشدود على وسطها فأمسكوها حتى ماتت. ومنها التنين العظيم، ذكروا أنه يرتفع من هذا البحر تنين عظيم شبه السحاب الأسود، والناس ينظرون إليه. زعموا أنّها دابة تؤذي دواب البحر فيبعث الله إليه سحاباً يخرجه من البحر ويحتمله، وهو على صورة حيّة سوداء لا يمر ذنبها على شيء من شجر أو بناء عظيم إلا هدته، وربما تتنفس فتحرق الشجر، فيلقيها إلى يأجوج مأجوج و تكون لهم غذاء، وعن ابن عباس رضي اللّه عنه نحو هذا. ولنختم هذا الفصل بحكاية عجيبة وهي أنَّ كسرى أنوشروان لما فرغ من سد بليخ وأحكمه سُر بذلك سروراً شديداً، وأمر بنصب سريره على السد ورقي على السرير، وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا رب الأرباب أنت ألهمتني سد هذا الثغر وقمع العدو، فأحسن الموهبة إلي وعزني، وسجد سجدة أطالها ثم استوى على فراشه واستلقى وقال: الآن استرحت، يعني من سطوة الخزر ومقاساة الترك، ثم أغفى، فطلع طالع من البحر سد الأفق بطوله وارتفعت معه غمامة سدت الضوء، فتبادرت الأساورة إليه، فتنبه أنوشروان وقال: ما شأنكم؟ قالوا: الذي ترى، فقال: أمسكوا عن سلاحكم لم يكن الله عز وجل يلهمني الشغل اثني عشر عاماً وستّة أشهر وتهده بهيمة من بهائم البحر، فنحى الأساورة، وأقبل الطالع نحو السد حتى علاه، ثم قال: أيها الملك أنا من سكان البحر، رأيت هذا الثغر مسدودا سبع مرات، فأوحى الله تعالى أن ملكاً عصره عصرك، وصورته صورتك، يسد هذا الثغر فينسد أبداً، وأنت ذلك الملك، فأحسن اللّه معونتك، ثم غاب عن البصر كأنه طار في الجو أو غاص في الماء، واللّه الموفق. القول في حيوان الماء حيوان الماء على قسمين: منه ما ليس له رئة كأنواع السمك، فإنّه لا يعيش إلا في الماء، ومنه ما له رئة كالضفدع، فإنه يجمع بين الماء والهواء، فأما التي لا تعيش إلا في الماء فلا حاجة لها إلى استتشاق الهواء، لأنّ الباري تعالى لما خلقها في الماء جعل حياتها منه، وجعلها على طبيعة الماء، وركب أبدانها تركيباً بحيث يصل إليها برد الماء وروح الحرارة الغريزية التي في بدنها، وينوب عن استتشاق الهواء، فلذلك تراها لا صوت لها لفقد الرئة التي لا حاجة لها إليها. والحكمة الألهية اقتضت أن يكون لكل حيوان أعضاء كثيرة مختلفة، وكل حيوان يكون أنقص، فهو أقل حاجة، ثم اقنضت أن لكل حيوان أعضاء مشاكلة لبدنه ومفاصل مناسبة لحركاته وجلود صالحة لوقايته فجعل أبدان حيوان الماء إمًا صدفية صلبة لا يعمل فيها الشيء الحاد أو فلوسية أو ما شاكلهما غطاء ووقاية من العاهات العارضة، وجعل لبعضها أجنحة وأذناباً تسبح بها في الماء، كما يطير الطير في الهواء وجعل بعضها آكلا وبعضها مأكولا، وجعل نسل المأكورل أكثر لبقاء أشخاصها، فسبحانه ما أعظم شأنه، ولنذكر بعض حيوان الماء وعجائبه وخواصه على ترتيب حروف المعجم، والله أعلم بالصواب. أرنب البحر: هو حيوان رأسه كرأس الأرنب وبدنه كيدن السمك، قال الشيخ الرئيس ابن سينا: هو حيوان صدفي إلى الحمرة، ما بين أجزائه شبيه بورق الأشنان ينفي الكلف والبهق، وراسه تحرق لتنبت الشعر في داء الثعلب، سيّما مع شحم الدب. إليس: نوع من السمك عظيم جداً، وحيوانات الماء كلها تصطاد إلاّ هذه السمكة من خواصه أنه لو شوي وأطعم شخصان منه، وكان بينهما خصومة شديدة تبدلت بالمحبة. إنسان الماء: يشبه الإنسان إلا أنْ له ذنباً، وقد جاء شخص بواحد منه في زماننا فى بغداد، فعرضه على الناس وشكله على ما ذكرناه، وقل ذكر أنّه في بحر الشام ببعض الأوقات، يطلع من الماء إلى الحاضرة إنسان، وله لحية بيضاء يسمّونه شيخ البحر ويبقى أياماً ثم ينزل، فإذا رآه الناس يستبشرون بالخصب. وحكي أنْ بعض الملوك حمل إليه إنسان مائي فأراد الملك أن يعرف حاله فزوجه امرأة، فجاء منها ولد يفهم كلام الأبوين، فقيل للولد: ماذا يقول أبوك؟ قال: يقول أذناب الحيوانات كلها على أسافلها ما بال هؤلاء أذنابهم على وجوههم. بقرة الماء: زعموا أنه حيوان يطلع إلى البر للرعي، روثه عنبر، والله أعلم بصحته فإن الناس ذهبوا إلى أن العنير ينبت فى قعر البحر كالقير والنفط، فإن كان صحيحاً فروث هذا الحيوان ينفع الدماغ والحواس والقلب، والله أعلم. بال: نوع من السمك عظيم يأكل العنبر فيموت، وقد ذكرناه في بحر الزنج، فلا نعيده، وفي دماغه دهن كثير، ويستعملونه لإشعال السرج. تمساح: هو حيوان على صورة الضب من أعجب حيوان الماء، له فم وأسع وستون ناباً في فكه الأعلى وأربعون ناباً في الأسفل، وبين كل نابين سن صغير مربع يدخل بعضه في بعض عند الانطباق، ولسان طويل، وظهره كظهر السلحفاة ولا يعمل الحديد فيه وله أربعة أرجل وذنب طويل، رأسه ذراعان، وغاية طوله ثمانية أذرع، يحرك فكّه الأعلى عند المضغ بخلاف سائر الحيوانات، ولا يقدر أن يلتوي ولا أن بنقبض لأله ليس لظهره خرزات بل ظهره قطعة واحدة، وهو كريه المنظر جدّاً، كثير العدوان يلتقم الآدمي والشاة، ويقتل الخيل والجمال، ولا يوجد إلا في النيل ونهر السند، وإذا رأى إنساناً على طرف الماء يمشي تحت الماء إلى أن يقرب منه، ثم يشب وثبة واحدة يأخذه، ويبيض كالطيور، ويشم من بيضه رائحة المسك، وزبله يخرج من فيه إذ لا منفذ له، وإذا أكل يبقى في خلل أسنانه شيء يتولد منه الدود، فيخرج من الماء ويفتح فاه مستقبل الشمس فيأتيه طائر مثل العصفور ويدخل فاه ويلتقط ما في خلل أسنانه، فإذا رأى صياداً رفرف وصاح وأخبر التمساح حتى يرجع إلى الماء، فإذا أحسن التمساح أنه نقى خلال أسنانه أطبق فاه على الطائر ليأكله، وقد خلق الله تعالى على رأس ذلك الطائر عظما أحد من الإبرة فيضرب به حنك التمساح، فيرفع حنكه فيطير الطائر، وإذا انقلب التمساح لم يستطع أن يتحرك، وإذا أراد السفاد خرج من النيل وأنثاه معه، فيلقي الأنثى على ظهرها، فإذا قضى وطره قلبها، فإن تركها صيدت، فإنها لا تقدر أن تتقلب. زعموا أن عينه تشذ على صاحب الرمد يسكن وجعه في الحال اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى، وسنه الأيمن تعلق على الإنسان يزيد فى الباه، وأوّل سن من جانب فكه الأيسر تشد على صاحب القشعريرة تذهب فى الحال، ومرارته يكتحل بها تزيل بياض العين، وشحمه يجعل ضماداً على عضته فإنّه نافع في الحال، وكبده يدهن به المصروع يزول ما به وزبله يزيل بياض العين اكتحالا، وجلده يشد على جبهة الكبش في النطاح. تنين: حيوان عظيم الخلقة، هائل المنظر، طويل الجثة عريضها كبير الرأس بِراق العينين، واسع الفم والجوف كثير الأسنان، يبلع من الحيوان كثيراً يخافه حيوان البر والبحر، إذا تحرك يموج البحر لكثرة قوته، والتنين أول أمره يكون حيّة متمردة تأكل من دواب البر ما ترى، فإذا عظم فسادها يبعث الله تعالى ملكا يحتملها ويلقبها في البحر، فتفعل بدواب البحر ما كانت تفعله بدواب البر، ويعظم جسمها فيبعث ألله تعالى ملكا قيحملها ويلقيها إلى يأجوج ومأجوج. وروي عن بعضهم أنه رأى تنيناً سقط فوجد طوله نحو الفرسخين، ولونه مثل لون التمر مفلساً كفلوس السمك وله جناحان عظيمان على هيئة جناح السمك ورأس مثل التل العظيم كرأس الإنسان، وأذنان طويلان وعينان مدورتان كبيران جدا، ويتشعب من عنقه ستة أعناق طوال، كل عنق نحو عشرين ذراعاً، على كل عنق رأس كرأس الحية. أمَا خاصية أجزائه، فزعموا أنّ أكل لحمه يورث الشجاعة، ولحمه يوضع على عضه ينفع تفعاً بينا ودمه إذا طلي به على الذكر وجامع تحصل المرأة لذة عظيمة. جري: هو الذي يقال له مارماهي متولد من الحيّة والسمك، قال الجاحظ: إِنّه يأكل الجرذان وهو آكل لها من السنانير، وذلك أنْ جرذان السنانير تخرج بالليل إلى شارع البصرة للماء، والجري قل يكمن لها واضعاً فاه على الشرعة، فإذا دنا الجرذان إلى الماء التقمها، مرارته يسعط بها الفرس المجنون يذهب جنونه، ولحمه يجود الصوت وينفع قصبة الرئة، وإذا تضمد به أخرج السلاء من أعماق اللحم، وأكله يزيد في الباه سيما الطري. جلكا: نوع منه يشبة المارماهي، يخرج من البرك والعنس لطلب الغذاء، وإذا ذبح لا يخرج منه دم، وعظمه رخو يؤكل مع لحمه، ولحمه يسمن النساء إذا أكل، وهو نعم العلاج لذلك. دلفين: حيوان مبارك، إذا رآه أصحاب المراكب استبشروا، وذلك أنه إذا رأى غريقاً في البحر ساقه نحو الساحل، وربما دخل تحته وحمله، وربّما جعل ذنبه في يده ويمشى به إلى الساحل، وقيل له جناحان طويلان، فإذا رأى المركب تسير بقلوعها رفع جناحيه تشبيهاً بالمركب وينادي، وإذا رأى الغريق قصده. رعاد: سمكة صغيرة مخدرة جداً، إذا وقعت في الشبكة والصياد ماسك حبل الشبكة يرتعد من برودة هذه السمكة، والصيادون يعرفون ذلك، فإذا أحسوا به شدوا حبل الشبكة في وتد أو شجر حتى يموت، فإذا مات بطلت خاصيته، وأطباء الهند يستعملونه في الأمراض الشديدة الحر، وأما في غير بلاد الهند لا يمكن استعماله، وقال ابن سينا: الرعاد إذا قرب من رأس المصروع وهو حي أخدره عن الحس، وإذا علقت المرأة منه شيئاً على نفسها لم يقدر زوجها على فراقها، والله الموفق. دامور: سمكة مباركة يحبها البحريون والصيادون إذا رأوها في الشبكة أطلقوها، زعموا أنَّ هذه السمكة تحب الإنسان، وإذا رأت مركباً في البحر تمشي قدامه كالدليل، وإذا قصد السفينة شيء من الحيات الكبار تدخل أذنها وتشغلها عن السفينة بتحريك دماغها، فالسمكة العظيمة تطلب حجراً وتضرب رأسها عليه حتى تموت، فإذا ماتت خرجت من دماغها. سرطان: هو حيوان لا رأس له، وعيناه على قفاه، وفمه على صدره، وله ثمانية أرجل يمشي على أحد جانبيه، وفي كل سنة يسقط جلده سبع مرات، ولمكانه بابان: أحدهما إلى الماء، والآخر إلى اليبس، فإذا انسلخ جلده يسد الباب الذي في الماء لئلا يدخل بيته شيء من حيوانات الماء في حال ضعفه وعجزه، ويترك الباب الذي على اليبس مفتوحاً ليهب الهواء منه، وإذا كثر وقوع الهواء عليه يصلب جلده ويعود إلى حالة فحينئذ يفتح باب الماء فيخرج منه لطلب معاشه، وزعموا أنه إذا وجد سرطان ميت في حفرة مستلقياً على ظهره في أرض أو قرية تأمن تلك البقعة من الآفات السماوية، وإذا علق على الأشجار يكثر ثمرها وما عليها من الثمار يبقى ويذبح السرطان ويوضع على الجراحات تخرج النصول والشوك وينفع من لسع الحيات والعقارب وإذا أحرق وشرب نفع من عضة الكلب، وإذا اكتحل به نفع من بياض العين، ونزول الماء، وإذا أحرق وطلي به يجلي الأسنان، ورماده يوضع على العضو يخرج منه النصل والشوك. قال ابن سينا: لحمه صالح للمسلولين جداً سيما بلبن الأتن، وينفع من نهش العقارب والرتيلاء، وعينه تشد على النائم يرى منامات صالحة، وإن كان به رمد زال عنه، وعيناه إن علقتا على شجرة لم يسقط ثمرها، وشوكه يدخن به تحت ذيل صاحب الحمى الربع ويكرر ذلك سبع مرات يبرأ، ورجله يعلق على صاحب الخنازير مع الكافور والعنبر يدفع عنه الخنازير، وإذا علق رجل السرطان على أحد لم تعرض له الخنازير ما دامت عليه. سرطان البحر: هو حيوان عجيب الشكل كأنه خمس حيات برأس واحد، إذا أحرق بعظامه وسحق جلا البهق والكلف والأسنان، وينفخ في عيون الدواب يزيل عنها البياض العارض، ويكتحل به مع الكحل يزيل الظفر، وقال ابن سينا: محرقه يجلو الأسنان ويجفف القروح و ينفع من الجرب. سقنقور: قال ابن سينا: إنه وبرمائي يصطاد في نيل مصر، وقال غيره إنه من نسل التمساح، إذا وضع خارج الماء فما قصد الماء صار تمساحاً وما قصد البر صار سقنقورا، وذكروا أنّه إذا عض إنساناً الإنسان معضه بريقه، فإن كان قبل عود السمك إلى الماء مات السمك، وإن كان بعد عوده إلى الماء مات الإنسان، وله قضيبان كما للضب، لحمه إذا أكل هيج قوة الباه، وكلّما كان جسمه أكبر كانت خاصية لحمه أقوى، وشحمه يهيّج الباه تهييجاً لا يسكن إلا بحسو مرق الخس والعدس، وخرزته الوسطى التي في صلبه إذا علقها الإنسان على صلبه هيجت به الباه. سلحفاة: حيوان بري وبحري، أما البحري فقد يكون عظيماً جداً حتى نظن أصحاب المراكب أنه جزيرة، وحكى بعض التجار قال: وجدنا في وسط البحر جزيرة مرتفعة عن الماء، فيها نبات أخضر، فخرجنا إليها وحفرنا للطبخ إذ تحركت الجزيرة، فقال الملاحون: هلمّوا إلى مكانكم، فإنها سلحفاة أصابها حرارة النار لئلا تنزل بكم قال: وكان من عظم جسمها ما شابه جزيرة، واجتمع التراب على ظهرها بطول الزمان: حتى صار كالأرض، ونبت، قالوا: إذا أراد الذكر السفاد والأنثى لا تطاوعه يأتي الذكر بحشيشة في فمه من خاصيتها أن حاملها يكون مقضي الحاجة، فعند ذلك تطاوعه الأنثى وهي حشيثة تسمّيها العجم مهركياه، لكن الناس لا يعرفونها، وإذا باضت صرفت همّتها إلى بيضها محاذية له، ولا تزال كذلك حصى يخلق الله الولد فيها إذ لا بد لها أن تحضن البيض حتي يدرك بحرارتها فإن أسفلها صلب لا حرارة فيه وربما تقبض السلحفاة على ذنب الحيّة وتمضغ من ذنبها، والحية تضرب بنفسها على ظهر السلحفاة حتى تموت، قال بليناس الحكيم: إذا قلبت السلحفاة على ظهرها في مكان فيه البرد لا يقع في ذلك المكان من البرد ضرر. أما خواص أجزائها فعينها تشد علي صاحب الرمد يبرأ وقالوا: كل عضو من أعضاء السلحفاة إذا شد على مثله من أعضاء الإنسان، وكان رجعا أبرأه ورجلها تشد على المنقرس اليمني على اليمنى، واليسرى على اليسرى تنفعه، ودمها يطلى به على العانة والإبط بعدما ينتف ما عليهما مرتين أو ثلاثاً لا ينبت شعره، وتأثيرها في النساء أقوى، ومرارة البحري أقوى منها تخلط يعسل النحل الشهد، تمنع من نزول الماء إذا اكتحل بها، وتزيل البياض والكدورة، وتصلح للخناق شربا، وإذا وضعت على منخر المصروع نفعته، وظهرها إذا اتخذ منه مكبية ووضعت على رأس القدر لم تغل أصلا وبيضها إِذا سقي من صفرته ثلاث مثاقيل باللبن الحليب نفع من السعال الشديد. سمك: أصناف السمك كثيرة جداً، ولكل صنف اسم خاص منها ما لا يدرك الطرف أولها وآخرها لعظمها، ومنها ما لا يدركها الطرف لصغرها، وحكى بعض التجار قال: مرت بنا سمكة، وانتهى ذنبها بعد أربعة أشهر، وذكروا أن السمكة إذا باضت تأتي إلى ماء ضحضاح وتحفر فيه حفرة وتبيض فيها وتغطيها بالطين فتفقس فيها بإذن الله تعالى، وأما خاصيته فإن السكران الثمل إذا شمّه يرجع إليه عقله، ويزول سكره، وقال ابن سينا: لحم السمك نافع لماء العين، ويحد البصر مع العسل، وقال غيره: يزيد في الباه ويخصب البدن، ومرارة السمك إذا شربت تنفع للخناق وكذلك إذا تفخت في الحلق مع شيء من السكر، والله أعلم . شبوط: نوع من السمك مشهور وطوله ذراع، وعرضه أربع أصابع طيب اللحم جداً يكثر منه بدجلة، ذكر بعض الصيادين أنْ الشبوط ينتهي إلى الشبكة، فلا يستطيع الخروج منها فيعلم أنه ليس ينجيه إلا الرسوب فيتأخر قاب رمح، ثم يقبل جامزا بجراميزه حتى يثبت، فربما كان وثوبه في الهواء أكثر من عشرة أذرع، فيخرق الشبكة ويخرج منها. شفنين: حيوان بحمري تسمي بهذا الأسم، وله وجمة وشكل عجيب، وجمته منقلبة إلى خلاف الناحية التي ينبت منها قشره، تدلك به السن يسكن وجعها في الحال. صيرة: سمكة صغيرة يسميها أهل الشام بهذا الاسم، يتخذ منه المري، ويتمضمض به صاحب القلاع الخبيث، ينفع نفعا بينا. ضفدع: حيوان بري وبحري له عينان بارزتان غاية البروز وخاصة سمعه وبصره حادة جدا. عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله كليه: « لا تقتلوا الضفدع » فإنْها مرت بنار إبراهيم عليه السلام، فحملت في أفواهها الماء، وكانت ترشه على النار، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لا تقتلوا الضفدع، فإِنّ نقيضهن تسبيح، وأول نشء الضفادع أن تظهر في الماء شبه معي رقيق، وترى في الماء شبه حب أسود كالدخن، فإذا امتلأ ذلك الوعاء من ذلك الحب خرجت منه كالدعموص، ثم بعد أيام تنبت منه اليدان والرجلان، قال الشبخ الرئيس: إذا كثرت الضفادع في شيء من السنين على خلاف العادة وقع الوباء عقيبه، والضفدع كثير النقيق بالليل، فإذا النهار ترك النقيق، وقال بعضهم: إذا ألقي في النبيذ يموته وإذا ألقي في الماء عادت حياته، قال الجاحظ: الضفدع لا يمكنه النقيق إلا إذَا كان حنكه الأسفل في الماء، فإذا صار الماء في فمه صاح ولهذا لا تصيح الخارجات من الماء، وضفدع البر أخضر وهو سم، من سقي منه فسد مزاجه، ويتتفخ بطنه، ويعرض له الاستسقاء، واذا وضع على الثآليل قلعها، وإذا شق بطنه ووضع على لسعة الحيّة ينفع نفعاً بينا، وقال الشيخ الرئيس: الضفادع الإجامية الخضرة والبحرية تورث من شربها كمودة اللون وظلمة البصر ونتن الفم والدوار أيضاً، ويعرض له اختلاط عقل، ومن سلم تسقط أسنانه، قال الجاحظ: إن الأشد في مناقع المياه والآجام تأكلها أشد أكل، قال بليناس : إن جعلت ضفدعاً فوق قدر تغلي زال غليانها، وإن علق على صاحب حمى الربع برئ. ومن خواصه العجيبة ما ذكر أنّ الضفدع إذا أخذ فقد نصفين من رأسه إلى أسفله، وتنظر إليه امرأة غلبت شهوتها وكثر ميلها إلى الرجال، فإِنْ شهوتها تنكسر، وأما خواص أجزائه: فإن لسانه إذا جعل في الخبز ويطعم من اتهم بالسرقة أقر بها، و إن وضعته امرأة نائمة تكلمت بما عملت في اليقظة وهي نائمة، وأطرافه تحرق بنار القصب، ويطلى برمادها الموضع الذي ينبت عليه الشعر، فإن الشعر لا ينبت عليه، ودمه يطلى به على الموضع الذي نتف شعره فإنه لا ينبت. وقال بليناس: من لطخ به وجهه أحبه كل من يراه، شحمه يوضع على اللثة يسقط السن بلا وجع. ولنختم خواص الضفادع بحكاية عجيبة، وهي أني كنت بالموصل وبنى صاحب الموصل في بستان مجلسا وبركة، وتوالدت الضفادع فيها، وكان نقيقها يؤذي سكان المجلس طول الليل، فقال الأمير: دبروا دفع هذا النقيق فما أفاد شيئاً، حتى جاء رجل وقال: اجعلوا طشطا على وجه الماء مكبوباً ففعلوا، فلم يسمع بعد ذلك شيء من النقيق أصلا. علق: حيوان أسود اللون بقدر الأصبع الخنصر يوجد في المياه، يستعمل في المعالجات، فإنّ الأطباء إذا أرادوا إخراج الدم من موضع مخصوص أخذوا هذا الحيوان في قطعة طين وقرّبوه من العضو، فإنّه يتشبث به، ويمص الدم منه، وإذا أرادوا سقوطه رشُوا عليه ماء الملح، فإنه يسقط في الحال، وربما يكون العلق الماء يشربه الحيوان يتشبث العلق بحلقه، فطريقه أن يدخن بربر الثعلب، فإذا أصابها دخانه سقط قي الحال، وإن دخنت البيت بالعلق هلك ما فيه من الأنحل والبق والبعوض وأمثاله، وإذا ترك العلق في قارورة حتى يموت، ثم يسقى وينتف الشعر ويطلى به موضعه، فإنه لا ينبت الشعر بعد ذلك أبدا. قطا: صنف من الدواب الصدفية، يوجد ببلاد الهند في المياه القائمة المنبثة للناردين، ويوجد بأرض بابل أيضاً، وهو من أعجب الحيوانات، له بيت صدفي يخرج منه، وجلده أرق شيء، وله رأس وأذن وعينان وفم، فإذا دخل في بيته يحسبه الإنسان صدفة، وإذا خرج منه ينساب على الأرض، ويجر بيته معه فإذا جفت المياه في الصيف تجمع، ورائحته عطرة لِأن هذا الحيوان يرتعي الناردين، وإذا بخر بها ينفع من الصرع، وإذا أحرق يجلو رماده الأسنان، وإذا نثر على حرق النار وترك حتى يجف عليه نفع نفعاً بينا، والله الموفق. فرس الماء: قالوا إِنه كفرس البر إلا أنه أكبر عرفا وذنباً وأحسن لوناً، وحافره مشقوق كحافر بقر الوحش، وجثته دون فرس البر وفوق الحمار بقليل، وربما يخرج هذا الفرس من الماء وينزو على فرس البر، فيتولد منهما ولد في غاية الحسن. حكي أن الشيخ أيا القاسم ويعرف بكركان رحمه الله وهو من مشايخ خراسان نزل على ماء وكان معه حجرة فخرج من الماء فرس أدهم عليه نقط بيض كالدراهم ونزا على الحجرة، فولدت مهراً شبيهاً بالذكر، عجبب الصورة، فلمًا كان ذلك الوقت عاد إلى ذلك المكان، والحجرة والمهر معه طمعاً في مهر آخر فخرج الفحل وشم مهرة، ثم وثب في الماء ووثب المهر بعده فكان الشيخ يعاود ذلك الموضع مع الحجرة فسمي أبا الاسم كركان، قال عمر بن سعد: فرس الماء بمصر يؤذن بطلوع النيل بأثر وطئه، فإنّهم حيث وجدوا أثر رجله عرفوا أنّ ماء النيل ينتهى إلى ذلك الموضع. أما خواص أجزائه فسنه نافعة لوجع البطن، ذكروا أن جمعاً من السودان الذين يسكنون شاطىء النيل من الحبشة يشربون الماء المكدر ويأكلون السمك النيئ، فيصييهم المغص، فيشدون هذا السن على العليل فيزول عنه في الحال، عظامه تحرق وتخلط بشحمه ويضمد به السرطان يردعه ويزيل أثره في الحال، خصيته تجفف وتسحق وتشرب لنهش الهوام، جلده إن دفن وسط قرية لم يقع بها شيء من الآفات ويحرق ويجعل على الورم يسكن. قاطوس: سمكة عظيمة تكسر السفينة، والملاحون يعرفونها، يتخذون خرق الحيض ويعلقونها على السفينة، فإنها تهرب عنهم. قطا: سمكة عظيمة، ذكروا أن عظم ضلعه يتخذ قنطرة يعبر الناس عليها، شحمه إذا طلي به البرص يزول بإذن اللّه. قندر: برّي وبحري، يكون في الأنهار العظام في بلاد إيسودون، ويتخذ من البر بيتاً إلى جانب النهر، ويجعل لنفسه فيه مكاناً عالياً كالصفة، ولزوجته دون الذي له بدرجة، وعن شماله لأولاده، وفي أسفل البيت لعبده، ولمسكنه بابان باب إلى البر، وباب إلى البحر، فإن جاءه العدو من جهة الماء أو طغى الماء خرج إلى البر، وإن جاءه من جهة البر خرج إلى الماء يأكل لحم السمك وخشب الخليج، والتجار في تلك البلاد يعرفون جلد الخادم والمخدوم، لأن الخادم يجذب خشب الخليج، فتسقط طاقات جلده. أَمَا خواص أجزائه فخصيته تسمى الجنديادستر تنفع من ريح أم الصبيان، إذا سقي منه قدر حبة الجلبان، وهو مجرب، وينفع أيضاً من الفالج واللقوة والنسيان والرياح الغليظة كلها، قال الشيخ الرئيس: إنه ينفع من القروح القتالة والرعشية والتشنج والكزاز والخدر والفالج، وينفع من النسيان، ويخرج المشيمة والجنين، وهو نافع من لسع الهوام. قنفذ الماء: هو حيوان مقدمه يشبه القنفذ البري ومؤخره يشبه السمك، لحمه طيب الطعم، يدر البول، جلده ينفع الجرب إذا طلي به، زعموا أنه إذا أخذ طائر أسفيدرون وشد عليه من جلد هذا السمك فإن الهوام تموت من صوته والسباع تهرب. قوقى: صنف من السمك، عجيب جدا، على رأسه شوكة قوية يضرب بها، حكى الملاحون أن هذه السمكة إذا جاعت رمت نفسها إلى شيء من الحيوان ليبلعها، ثم إِنّها نضرب بشوكتها أحشاءه حتى تهلكه، وربما تخرج من شق بطنه وتتغذى به هو وغيره، وإذا قتصدها قاصد في الماء تضرب السفينة بالشوكة، فتفتحها وتغرق أهلها وتأكل منها، والملاحون لما عرفوا ذلك ألبسوا السفينة جلد ذلك السمك الذي تقدم ذكره، فإِنْ شوكته لا تعبر عليه. كلب الماء: حيوان مشهور، يدأه قصيرتان، ورجلاه طول منهما، ذكروا أنه يلطخ بدنه بالطين ليحسبه التمساح طيناً ثم يدخل جوفه ويقطع أحشاءة ويأكلها، ثم يمرق ويخرج منه، ذلك من كان معه شحم كلب الماء، يأمن غائلة التمساح، وذكر بعضهم أن جندبادستر خصية هذا الحيوان، وأنّ الذكر لا يصلح جلده للفراءء وإنما الأنثى جلدها جيد والذكر لا يصلح إلا لخصيتيه، والصيادون إذا ظفروا به سلوا خصيتيه وسيبوه، فإن وقع في الشبكة مرة أخرى يرفع الصياد رجليه ليعلم أن خصيتيه قد نزعتا ليخلصه من الشبكة. أمّا خواص أجزائه فإنّ دماغه ينفع من ظلمة العين اكتحالاً، ومرارته قدر عدسة عنها سم قاتل، وقال أبن سينا: خصيته تنفع من نهش الهوام، مجرب لريح أم الصبيان، إذا سقي قدر حبة الجلبان، وجلده يتخذ منه جورب يلبسه المنقرس يزول عنه بإذن الله تعالى، والله الموفق. كوسج: صنف من السمك معروف، طولها مقدار ذراع لها أسنان كأسنان الناس، يضرب بها الحيوان يقطعه وأكثرها بقرب البصرة، قال الجاحظ: في جوف الكوسج شحمة طيبة يسمونها الكبد، فإن اصطادوا هذه السمكة ليلاً وجدوا هذه الشحمة وافرة، وإن اصطادوها نهاراً لم يجدوا تلك، و قد مر ذكر كوسج في بحر فارس فلا نعيده. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211527
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات/المقالة الثانية/النظر الخامس
الأرض جسم بسيط طباعه أن يكون بارداً يابساً متحركاً إلى الوسط، زعموا أن شكل الأرض كرة والقدر الخارج من الماء جذبته لأنْ القوم أعتبروا خسوفاً واحدا، فوجدوه في البلاد الشرقية والغربية مختلف الأوقات، فلو كان طلوع القمر وغروبه في وقت واحد بالنسبة إلى الأماكن لما اختلف، وإِنما خلقت باردة يابسة للغلظ والتماسك إِذ لو لا ذلك لما أمكن قرار الحيوان على ظهرها، وجذوب المعادن والنبات في بطنها وهي مركز الأفلاك واقفة في الوسط بإذن الله تعالى، والماء محيط بها إلا القدر البارز الذي جعله الله تعالى مقرّا للحيوان وبعد الأرض من السماء من جميع جهاتها متساوية ليس شيء من ظاهر سطح الأرض أسفل كما توهم كثير من الناس ممن ليس له دراية بالهيئة والهندسة، ثم إن الإنسان في أي موضع وقف على سطح الأرض فرأسه أبداً مما يلي السماء، ورجله أبداً مما يلي الأرض، وهو يرى السماء نصفها، وإذا انتقل إلى موضع آخر ظهر له من السماء بقدر ما خفي من الجانب الآخر تسعة وعشرين فرسخاً درجة. والبحر المحيط الأعظم احاط بأكثر وجه الأرض، والمكشوف منها قليل على مثال بيضة غائصة في الماء، وانكشف بعضها، وعلى المنكشف منها الجبال والتلال والوهاد، ولها منافذ و خلجان وأنهار و بطائح وآجام وغدران، وما فيها قيد شبر إلا وهناك معدن أو نبات أو حيوان، ولا يعلم تفصيلها إلا اللّه ﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ قال بعضهم: إنّها مبسوطة التسطيح في أربع جهات: الشرق والغرب والجنوب والشمال، وقال بعضهم: هي كشكل الترس، ومنهم هن زعم أنها كهيئة الطبل، وذهب آخرون إلى أنّها كنصف الكرة، والذي يعتمد عليه جماهيرهم أن الأرض مدورة كالكرة موضوعة من جوف الفلك كالمحة في جوف البيضة، وأنّها في الوسط على مقدار واحد من جميع الجوانب: ومن القدماء من أصحاب فيثاغورس من قال: الأرض متحركة دائماً على الاستدارة، والذي نرى من دوران الفلك إنّما هو دور الأرض لا دور الكواكب، وقال بعضهم إنّها واقفة في الوسط على مقدار واحد من كل جانب، والفلك محيط بها من كل وجه فلذلك لا تميل إلى ناحية من الفلك دون ناحية لأنّ قوة الأجزاء متكافئة، مثال ذلك حجر المغناطيس الذي يجذب الحديد لأن في طبع الفلك أن يجتذب الأرض وقد استوى الجذب من جميع الجهات، فوقعت في الوسط، ومنهم من قال إنّها مدورة واقفة في الوسط، وسببه دوران الفلك وسرعة حركته ودفعه إياها من كل جهة إلى الوسط كما أنه لو جعل تراب أو حجر في قارورة مدورة وأديرت في الخرط بقوة قام التراب أو الحجر في الوسط، والله الموفق. قال أبو الريحان: طول قطر الأرض بالفراسخ ألف ومائة وثلاثة وستون فرسخاً وثلثاً فرس ودورها بالفراسخ ستة آلاف وثمانمائة فرسخ، فعلى هذا يكون مساحة سطحها الخارج أربعة عشر ألفاً وسبعمائة وأربعة وأربعين ألفاً ومائتين واثنين وأربعين فرسخاً وخمسي فرسخ، وقال المهندسون: لو حفر في الوهم وجه الأرض لأدى إلى الوجه الآخر، ولو نقب بأرض فرسخ مثلاً نفذ بأرض الصين واحتجوا على هذا ببراهين هندسية واعتبرت مساحة الأرض في زمن أمير المؤمنين المأمون بارتفاع قطب معدل النهار، فكان نصيب كل درجة فلكية ستة وخمسين ميلاً وثلئي ميل. قال أبو الريحان: سطح معدل النهار يقطع بنصفين على دائرة تسمى خط الاستواء، فيسمى أحد نصفيها شمالياً والآخر جنوبياً، وإذا توهمت دائرة عظيمة على الأرض مارة على قطب خط الاستواء قسمت كل واحد من نصغى الأرض بنصفين، فانقسم جملتها أرباعاً جنوبيان وشماليان، فالربع الشمالي المسكون يسمى ربعا معمورا، وهذا الربع يشتمل على ما يعرف ويسلك من البحار والجزائر والجبال والأنهار والمفاوز والبلدان والقرى إلا أنه بقي منه قطعة غير معمورة من إفراط البرد وتراكم الثلوج، وقال غيره: معدل النهار يقطع الأرض بنصفين، كل نصف بربعين شماليين وجنوبيين، فالشماليان هما المعمورة وهو من العراق إلى الجزيرة والشام ومصر والروم وفرنجة ورومية والسوس إلى جزائر السعادات، فهذا الربع غربي شمالي، ومن العراق إلى الأهواز والشمال وخراسان، وتثبت إلى الصين إلى واقرها، فهذا الربع شرقي شمالي، وكذلك النصف الجنوبي ربعان شرقي جنوبي فيه بلاد الزنج والحبشة والنوبة وربع غربي جنوبي لم يطأه أحد البتة وهو متاخم للسودان الذين يتاخمون البرير، وحكي أن بطليموس الملك اليوناني بعث إلى هذا الربع قوم ليبحثوا عن بلاده، فذهبوا وبحثوا عن أهل بلاده ثم انصرفوا وأخبروا أنه خراب يباب ليس فيها عمارة ولا حيوان، فسمّي هذا الربع الخراب، وقيل الربع المحترق. واعلم أن الربع المسكون قد قسم سبعة أقسام، كل قسم يسمى إقليماً كأنه بساط مفروش من المشرق إلى المغرب طوله وعرضه من جهة الجنوب إلى جهة الشمال، وهي مختلفة الطول والعرض، فأطولها وأعرضها الإقليم الأوّل، فإن طوله من المشرق إلى المغرب نحو من ثلاثة آلاف فرسخ وعرضه من الجنوب إلى الشمال نحو من مائة وخمسين فرسخاً، وأقصرها طولاً وعرضها الإقليم السابع، فإِن طوله من المشرق إلى المغرب نحو من ألف وخمسمائة فرسخ، وعرضه من الجنوب إلى الشمال نحو من سبعين فرسخاً، وأما سائر الأقاليم التي بينهما فيختلف طولها وعرضها بالزيادة والنقصان ثم إن هذه الأقسام ليست أقساماً طبيعية لكنها خطوط وهمية وضعها الملوك الأولون الذين طافوا بالربع المسكون من الأرض ليعلم بها حدود البلدان والممالك مثل أفريدون وإسكندر وأردشير. زعموا أن الأبخرة والأدخنة الكثيرة إذا اجتمعت تحت الأرض ولا يقاومها برودة حتى تصير ماء، وتكون مادتها كثيرة لا تقبل التحليل بأدنى حرارة، ويكون وجه الأرض صلباً لا يكون فيها منافذ ومسام، فالبخارات إذا قصدت الصعود ولا تجد المسام والمنافذ تهتز منها بقاع الأرض وتضطرب كما يضطرب بدن المحموم عند شذة الحمى بسبب رطوبات عفنة احتبست في خلال أجزاء البدن، فتشتعل فيها الحرارة الغريزية فتذيبها وتحللها وتصيّرها بخاراً ودخاناً، فيخرج عن مسام جلد البدن فيهتز من ذلك البدن ويرتعد ولا يزال كذلك إلى أن تخرج تلك المواد، فإذا خرجت يسكن، وهكذا حركات بقاع الأرض بالزلزال، فربما ينشق ظاهر الأرض ويخرج من الشق تلك المواد المحتبسة دفعة واحدة، والله أعلم. قالوا: إذا امتزج الماء بالطين كان في الطين لزوجة وأثرت فيه حرارة الشمس مدة طويلة، صار حجراً كما ترى النار إذا أثرت في اللبن صلبتها وجعلتها آجراً، فإن الآجر نوع من الحجر إلا أنه رخو، وكلّما كان تأثير النار فيه أكثر كأن أشبه بالحجر فزعموا أن تولد الجبال من اجتماع الماء والطين وتأثير الشمس، وأما سبب ارتفاعها وشموخها فجاز أن يكون بسبب زلزلة فيها خسف فتخفض بعض الأرض وترفع بعضها ثم المرتفع يصير حجراً كما ذكرنا، وجاز أن يكون يسبب أن الرياح تنقل التراب من مكان إلى مكان فتحدث تلال ووهادا، ثم يتحجر بسبب ما قلنا، وذكر صاحب علم المجسطي: أن في كل ستة وثلاثين سنة ينتقل أوجات الكواكب ويدور في البروج الاثني عشر دورة واحدة، فإذا انتقلت من الشمال إلى الجنوب تختلف مسامتات الكواكب ومطارح شعاعاتها على بقاع الأرض، فيختلف بها الليل والنهار والشتاء والصيف والحر والبرد ويتغير أرباع الأرض فيصير العمرانٍ خراباً والخراب عمراناً والبراري بحاراً والبحار براري والسهول جبالاً والجبال سهولاً، وأما صيرورة الجبال سهولاً فإن الجبال من شدّة إشراق الشمس والقمر وسائر الكواكب عليها بطول الزمان تنشف رطوبتها وتزداد يبساً وجفافاً وتنكسر خاصته عند الصواعق، فتصير أحجاراً وصخوراً ورمالاً، ثم إِن السهول تحملها إلى بطون الأنهار والأودية، ثم تحملها بشدة جريانها إلى البحار فتنبسط في قعرها ساقاً بعد ساق بطول الزمان ويتلبد بعضها في بعض، فيحصل في البحار جبال وتلال كما يتلبد من هبوب الرياح دعاص الرمل في البر، ولذلك قد يوجد في جوف الأحجار إذا كثرت صدفة أو عظم وذلك يسبب اختلاط طين هذا الموضع بالصدف والعظم، وقد يصير البحر يبساً واليبس بحراً لأنْه كلما انطمت قطعة من البحار على الوجه الذي ذكرناه فالماء يرتفع ويطلب الاتساع على سواحله ويغطي بعض البر بالماء ولا يزال كذلك حتى تصير مواضع البر بحراً وهكذا لا تزال الجبال تنكسر وتصير حصى ورمالاً يحملها سيول الأمطار مع طين في ممرها إلى قعر البحر وينعقد فيها كما ذكرناه حتى يستوي مع وجه الأرض. فيجف ويتكشف وينبت العشب عليها والأشجار فتصير مسكناً للسباع والوحوش فيقصده الناس لطلب المنافع من الصيد والحطب وغيرهما، فيصير مسكناً للناس موضعاً للزرع والغرس فيصير مدناً وقرى فسبحانه ما أعظم شأنه. أما فائدتها العظمى فما ذكره الله تعالى في كتابه: ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ وقال بعضهم لو لم تكن الجبال لكان وجه الأرض مستديراً أملس فكان مياه البحار تغطيها مع جميع جياتها وتحيط بها إحاطة كرة الهواء بالماء، فبطلت الحكمة المودعة فى المعادن والنبات والحيوانات فاقتضت الحكمة الإلهية وجود الجبال لما ذكرناه من الحكمة، وقال بعضهم إِن الجبال لوجود الماء العذب السائح على وجه الأرض الذي هو مادة حياة النبات والحيوان، وذلك لأنّ سبب هذا الماء انعقاد البخار في الجو، فيصير سحاباً والجبال الشامخة الطوال في المشرق والمغرب والجنوب والشمال تمنع الرياح أن تسوق البحار، بل تجعلها منحصرة حتى يلحقها البرد فيصير مطراً أو ثلجاً، فلو فرضت الجبال مرتفعة على وجه الأرض لكانت الأرض كرة لا غور فيها ولا نتوء، والبخار المرتفع لا يبقى في الجو منحصراً إلي وقت يضربه البرد، بل يتحلل ويستحيل هواء فلا يجري الماء على وجه الأرض إلا قدراً ينزل مطراً ثم تنشفه الأرض فيعرض من ذلك أن الحيوان والنبات يعدم الماء فى الصيف عند شدة الحاجة إليه كما في البادية البعيدة فاقتضى التدبير الالهي وجود الجبال ليحصر البخار المرتفع من الأرض من أغوارها ويمنع من السيلان، ويمتع الرياح أن تسوقها، كما يمنع السقف الماء، فيبقي محفوظاً إلى أن يلحقه البرد زمان الشتاء، فيجمده ويعصره فيصير ماء، ثم ينزل مطراً وثلجاً، والجبال في أجرامها مغارات وأهوية وأوشال وكهوف، فيقع على قللها الأمطار والثلوج وينصب إلي تلك المغارات والأوشال وتبقى فيها مخزونة وتخرج من أسافلها من منافذ ضيقة وهي العيون، فساحت منها المياه على وجه الأرض فينتفع بها النبات والحيوان وما فضل ينصب إلى البحار، فإذا فني ما استفادته من الأمطار والثلوج لحقها نوبة الشتاء فعادت مكان ولا يزال دأبها كذلك إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ولنذكر بعض الجبال وخواصها العجيبة مرتباً على حروف المعجم إن شاء الله تعالى: جبل أولشان: بأرض الروم في وسط هذا الجبل درب فيه دوران عن اجتاز فيه وهو في حال اجتيازه يأكل الخبز بالجبن، ويدخل من أوله ويخرج من آخره فلا يضره عضة الكلب الكَلِب، وإن عض إنساناً غيره يعبر بين رجلي هذا المجتاز يأمن غائلته، وهذا أمر مشهور عندهم. جبل أبي قبيس: مطل على مكة، يزعم الناس أنَّ من أكل عليه الرأس المشوي يأمن من أوجاع الرأس، وكثير من الناس يفعلون ذلك. جبل أروند: مطل على همذان أخضر نضر، دخل رجل من همذان على جعفر الصادق رضي الله عنه فقال: من أين أنت؟ قال: من همذان، قال: أتعرف جبلها أروند؟ قال: نعم، قال: إن فيها عيناً من عيون الجنة وأهل همذان يرون أنها الماء الذي على قلة الجبل، وذلك أن ماءها يخرج في وقت من أوقات السنة معلوم ومنبعه من شق في صخرة، وهو ماء عذب شديد البرد لا بجد شاربه منه ثقلاً، فإذا جاوزت أيامه المعدودة انقطع إلى وقته عن العام الآخر لا يزيد ولا ينقص وهو شفاء للمرضى يأتونه من كل وجه، قالوا: إنه يكثر إذا كثر الناس ويقل إذا قلّوا. جبل أروند: جبل آخر بسيستان، فيه ماء ينبت فيه قصب كثير، فما كان من القصب في الماء فهو كالحجر، وما كان خارج الماء فهو قصب، وما سقط من ذلك القصب في الماء يصير حجراً وكذلك لى كان قشراً أو ورقاً، هكذا ذكره صاحب تحفة الغرائب. جبل أسبرة: بناحية الشام بما وراء النهر، قال الإصطخري: هناك جبال فيها منافع كثيرة من النفط والحديد والنحاس والآنك والصفر والفيروزج والذهب، وفيها حجر كله أسود مثل الفحم ويحترق مثل الفحم، يباع منه وقور وقران بدرهم، فإذا احترق اشتد بياضاً، وماؤه يستعمل في تبيض الثياب لا يعرف مثله من المواضع أصلاً. جبل التر: على ثلاث فراسخ من قزوين شامخ جدّا لا تخلو قلته من الثلج لا صيفاً ولا شتاء، وعليه مسجد يأوي إليه الأبدان والناس يقصدونه للتبرك، ويتولد من ثلجه دود أبيض إذا غرزت فيه بأدنى شيء يخرج منه ماء أبيض صاف مقدار ما يروي دابة، وقال بعضهم: إِنّه ليس بحيوان. جبل أندلس: في جيل منها غار لا ترى منه النار وإذا أخذ فتيلة ودهنها وشدها على رأس خشبة طويلة ودخل الغار اشتعل، وبقرب هذا الجبل جبل آخر تشتعل النار على قلته بالليل والنهار، يصعد مته دخان عظيم شديد الحرارة، وعلى جبل من جبالها عينان بينهما مقدار شبرين ينبع من إحداهما ماء شديد الحرارة، ومن الأخرى ماء بارد شديد البرودة، والله أعلم. جبل هجنة: بتركستان، على قلّته شبه خرقات من الحجر، وداخل الخرقات عين ينبع الماء منها، وعلى الخرقات شبه كوة يخرج منها الماء وينصب من الخرقات إلى الكوة، ومنها إلى الجبل ومن الجبل إلى الأرض، وتفوح من ذلك الماء رائحة طيبة، والله الموفق. جبل البرانس: بالأندلس، فيه معدن الكبريت الأحمر والأصفر، ومعدن الزئبق وهو غزير جداً يحمل إلى سائر الآفاق، وبه معدن الزنجفر وليس في جميع الأرض يعرف إلا هناك. جبل القدس: قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض القدس جبل فيه شبه بيت غار يمشي إليه الزوار، فإذا أظلم الليل يضيء البيت ولا سراج فيه ولا كوة يدخل منها الضوء فيه من خارج. جبل تحميد: قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض أندران جبل يقال له تحميد، وفيه قرية في طريقها مضيق لو صاح المار فيه صيحة يهب فيه هواء لا يقدر الإنسان على الوقوف فيه. جبل نيسون: بين حلوان وهمدان جبل عال ممتنع لا ترتقي ذروته، قال مسعود بن مهلهل: هو على فرسخ من قرمسين حفر فيه إيوان فيه صورة شبرين خطه كسرى أبرويز على حائط الإيوان وعلى وسط الإيوان صورة أبرويز على فرشه سرير منحوت من حجر عليه درع كأنه من الحديد، وقد ثبت بمسامير وردة وقد بولغ في تجويدها إلى حد من يراه يحسب أنه متحرك، وبين يدي أبرويز رجل في زي فاعل على رأسه قلنسوة وهو مشدود الوسط، بيده مسحاة كأنه يحفر الأرض والماء يخرج من تحت رجله. جيل ثبير: بمكة بقرب منى، وهو جبل مبارك يقصده الزوار، وهو الذي أهبط عليه الكبش الذي جعله الله تعالى فداء لإسماعيل عليه الصلاة والسلام، والعرب تقول: أشرق ثبير كيما نغير. جبل ثور الطحل: بقرب مكة فيه الغار الذي كان فيه رسول الله مع الصديق رضي الله تعالى عنه لمّا خرجا من مكة مهاجرين، وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز حيث قال: ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾. جبل حراب: بأرض الهند، في ذروته نار تتقد مقدار مائتي ذراع فى مثلها، وبالنهار دخان وحواليه منابت العطر يجلب منها إلى سائر الآفاق. جيل جيش إرم: في بلاد طيىء، على ذروته مساكن لعاد إرم فيها صور منحوتة من الحجر لا يعرف حالها الله أعلم بفائدتها. جبل الجودي: بقرب جزيرة ابن عمر من الجانب الشرقي استوت عليه سفينة نوح عليه الصلاة والسلام كما أخبر الله تعالى، وقد بنى فيه نوح عليه الصلاة والسلام مسجداً وهو باق إلى الآن تزوره الناس. جبل جوشن: في يمين حلب، وفيه معدن النحاس الأحمر، قيل إنه بطل منذ عبر عليه الحسين رضي الله عنه، وكانت زوجة الحسين رضي الله عنه حاملا، فأسقطت هناك، فطلبت منهم الماء في ذلك الجبل فمنموها وشتموها فدعت عليهم، فإلى الآن من عمل فيها لا يربح. جبل الحارث والحويرث: جبلان بأرمينية لا يقدر أحد على ارتقائهما، قال ابن الفقيه: كان على نهر الرس بأرمينية ألف مدينة، فبعث الله إليهم نبياً دعاهم إلى الله تعالى، فكذبوه وعصوا أمره فدعا عليهم فحول الله عليهم الحارث والحويرث من الطائف، وأرسلهما عليهم: فقالوا: أهل الرس تحت هذين الجبلين. جبل حراء: بمكة على ثلاثة أميال منها، به غار كان رسول الله قبل الوحي قبل الوحي يأتيه للخلوة، فأتاه جبريل عليه السلام هناك، وهو موضع مبارك يزوره الناس، واللّه أعلم. جبل حودقور: حدث أحمد بن يحيى التميمي أن في ناحية قورش في جبل يقال له: حودقور، غور مقداره خمسة أرماح، وعرضه قليل بنبت فيه دكة، فمن أراد أن يتعلم شيئاً من السحر عمد إلى ماعز أسود ليس فيه شعرة بيضاء، وذبحه وسلخه وقسمه سبعة أجزاء وأعطى جزءاً منها للراعي المقيم بالجبل وستّة أجزاء، ينزل بها إلى الغار ويأخذ الكرش، فيشقها وينطلي بما فيه ويلبس جلد الماعز مقلوباً، ويدخل الغار ليلاً، ومن شرطه أن لا يكون له أب ولا أم، فإذا دخل الغار لم ير أحداً فينام، فإذا أصبح ووجد جسمه نقياً مما كان عليه كأنّه مغسول، دل على القبول، وإن أصبح بحاله دل على أنه لم يقبل، فإذا خرج من الغار لم يحدث أحداً ثلاثة أيام بعد القبول فيصير ساحراً، وحودقور بين حضر موت وعمان. جبل الحيات: بأرض تركستان، فيه حيات من نظر إليها يموت إلا أنّها لم تخرج من ذلك الجبل البتة. جبل دامغان: جيل مشهور ودامغان يقرب من الري، وعلى هذا الجبل عين ماء، إذا ألقي فيها نجاسة تهب ريح قوية بحيث يخاف منها الهدم، ذكره صاحب تحفة الغرائب. جبل نهاوند: بقرب الري، يناطح النجوم ارتفاعاً ويحكيها امتناعاً، قال مسعود بن مهلهل: إِنّْه جبل شاهق لا يفارق أعلاه الثلج شتاء ولا صيفاً، ولا يقدر الإنسان أن يعلو ذروته، زعموا أن سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام حبس به مارداً يقال له صخر، وذكروا أنَّ أفريدون حبس به بني راسف الذي يقال له الضحاك، قال: فصعدت الجبل إلى أن وصلت إلى نصفه بمشقة ومخاطرة بالنفس، وما أظن أحداً يجاوز هذا الموضع الذي وصلت إليه، رأيت عيناً كبريتاً وحولها كبريت مستحجر، إذا طلعت الشمس عليها التهبت وصارت ناراً، وسمعت من أهل تلك الناحية يقولون إنّ النمل إذا كثر جمع الحب على هذا الجبل يكون بعده جدب وقحط، وإِنّهم إذا دامت عليهم الأنداء والأمطار فصبوا لبن الماعز على النار انقطع قال: فاعتبرت هذا فوجدتهم صادقين، وإنَّه ما يرى في وقت من الأوقات قلة الجبل منحسراً عن الثلج إلا وقد وقعت فتنة وأهرقت الدماء من الجانب الذي يرى منحسراً، وهذه أيضاً صحيحة بإجماع أهل تلك الناحية، وقال محمد بن إبراهيم الضراب: إن أبى عرف أن بجبل نهاوند الكبريت الأحمر، فاتخذوا مغارف حديد طول السواعد، فذكروا أنه لا يقرب من ناره حديدة إلا ذابت في ساعتها، وذكر أهل نهاوند أنه جاءهم رجل من خراسان ومعه مغارف حديد طوال مطلية بماء عالجها بها، وأخرج الكبريت منها لبعض الملوك؛ وذكر محمد بن إبراهيم أن الأمير موسى بن حفص كان والياً على الري إذ ورد عليه كتاب المأمون يأمره بالشخوص إلى نهاوند ويعرفه حال المحبوس به قال: فوافينا القرية التي بحضيض الجبال ومكثنا أياما لا نرى الاهتداء حتى أتانا شيخ فعرفناه أمر الخليفة، فقال: أما الوصول إلى ذلك المكان فلا سبيل إليه: لكن إذا أردتم صحة ذلك أريتكم، فاستحسن الأمير قوله، فعند ذلك صعد الشيخ بين أيدينا وصعدنا خلفه وأوققنا على موضع فبالغنا في حفره حتى انكشف لنا عن بيته منقور من الحجارة، وفيه تمئال على صورة عجيبة يضرب بمطرقة على أعلاه ساعة بعد ساعة من غير فتور، فاستخبرنا الشيخ عن شأنه، فقال: هذا طلسم لبوراسف المحبوس هاهنا، لثلا ينحل من وثاقه، ثم أمرنا أن لا نتعرض للطلسم وأن رده إلى ما كان ففعلنا ثم دعا بسلالم أطول ما يكون، فأمر الأمير بإحضارها فشد بعضها إلى بعض حتى بلغ مقدار ماثة ذراع ثم رفعها ونقب موضعها فظهر باب، فوصلنا إلى أسكفته وعليها مسامير من حديد مذهبة، كأن الصائغ قد فرغ منها عن قريب، وفوق الأسكفة كتابة بالذهب تنطق بأن على هذه القبّة سبعة أبواب من حديد، على كل باب مصراع أربعة أقفال من حديد، وعلى العضادة مكتوب: هذا حيوان له أمد إلى غاية لا يتعرض أحد لهذه الأبواب، فِإنْ من فتحه يهجم على هذا الإقليم آفة لا تدفع، فقال الأمير: لا يتعرض أحد لشيء من هذا حتى نستأذن اللخليفة، فأمر برد البيت على ما كان، واستأذن الخليفة فيه، فكتب المأمون إليه أن يترك ذلك على حاله، والله تعالى الموفق للصواب. جبل ربوة: على فرسخ من دمشق، ذكر بعض المفسرين أن المراد بقوله تعالى : ﴿ وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ﴾ هو جبل عال على قلته مسجد حسن وهو في بعض البساتين من جميع جوانيها الخضرة والأشجار والرياحين، وللمسجد مناظر إلى البساتين، ولمًا أرادوا إجراء نهر بردى وقع هذا الجبل في طريقه فنقبوا تحته وأجرو| الماء فيه ويجري على رأسه نهر يزيد وينزل من أعلاه إلى أسفله، وفى هذا الجبل كهف صغير زعموا أنَ عيسى عليه الصلاة والسلام ولد فيه، ورأيت في هذا المسجد في بيت صغير حجراً كبيراً ذا ألوان عجيبة، حجمه كحجم صندوق، وقد انشق نصفين، وبين شقيه مقدار ذراع لم ينفصل أحد النصفين عن الآخير، بل متصل به كرمان متشقق، ولأهل دمشق في ذلك أقاويل، والله أعلم بصحّتها، ولا ريب أنه شيء أنه شيء عجيب. جبل رضوى: قال عامر بن أصبع: هو من المدينة على سبعة مراحل وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية يرى من البعد أخضر، وبه مياه وأشجار كثيرة، زعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية مقيم فيه وأنّه حي وأنّه بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل، ويعود بعد الغيبة يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وهو المهدي المنتظر، وإنما عوقب بهذا الحبس لخروجه إلى عبد الملك بن مروان، وقتله أبا يزيد بن معاوية، وكان السيد الحميري على هذا المذهب، وهو يقول: ومن رضوى يقطع حجر المسن ويرفع إلى جميع الآفاق، والله الموفق. جبل الرقيم: هو المذكور في القرآن: ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴾ قيل الرقيم: اسم الجبل الذي فيه الكهف، وقيل: اسم القرية التي كان أصحاب الكهف منها، والجيل بالروم بين عمورية ونبقية، روي عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أنه قال: بعثني أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه رسولاً إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام، قال: فسرت حتى دخلت بلاد الروم، فلاح لنا جبل أحمر قالوا: إن جبل أصحاب الكهف، فوصلنا إلى دير فيه وسألنا أهلها عنهم، فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: نحن نريد أن ننظر إليهم ووهبنا لهم هبة فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب، وكان عليه باب من حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضجعين على ظهورهم كأنّهم رقود، على كل واحد منهم جبة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم، فلم نر ما ثيابهم من صوف أو وبر إلا أنْها أصلب من الديباج، وإذا هي تقعقع هن الصفاقة وعلى أكثرهم خفاف إلى انصاف سوقهم متنعلين بنعال مخصوفة ولنعالهم وخفافهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوههم رجلاً بعد رجل، فإذا هم من وضاءة الوجوه وصفاء الألوان كالأحياء، وإذا الشيب قد وخط بعضهم وبعضهم شباب موفورة شعورهم وبعضهم مضمومة وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف كأنّه ضرب في يومه، فسألناهم عن حالهم فذكروا أن قوماً يدخلون عليهم في كل عام يوماً يجتمع أهل تلك النواحي عند باب هذا الكهف، فيدخل عليهم من ينفض التراب عن وجوههم وجباههم وأكسيتهم، ويقلم أظفارهم ويقص شواربهم ويتركهم على الهيئة التي ترونها، فقلنا لهم: هل تعرفون من هم؟ وكم هم؟ وكم مدة ما لهم هنا؟ فذكروا أنْهم يجدون في كتبهم أنْهم كانوا أنبياء بعثوا في زمان واحد، وكانوا قبل المسيح بأربعمائة سنة، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن أصحاب الكهف سبعة وهم: مكسلمينا، أمليخا، مرطوكش، نوالس، ساتبوس، بطنيوس، اكشفوط، واسم كلبهم قطمير. جبال رانك: قال صاحب تحفة الغرائب: إِنّها بأرض تركستان وهناك جمع من الترك يقال لهم: رانك، وهم أناس ليس لهم زرع ولا ضرع، وفي جبالهم ذهب وفضة كثيرة، وربّما قطعه كرأس شاة، فمن أخذ القطع الصغار ينتفع بها، ومن أخذ الكبار يموت هو وأهل البيت الذي يكون فيه تلك القطع الكبار، وما يزال الموت فيهم حتى يردوها إلى مكانها، وإذا أخذ الغريب لا يضره. جبل زعوان: بقرب تونس، وهو جبل منيف يرى من مسيرة أيام لعلوه، ويرى السحاب دونه، وأهل إفريقية يقولون فلان أثقل من جبل زغوان، وفيه قرى كثيرة ومياه وأشجار وثمار، وفيها مأوى الصالحين وكثيراً ما يمطر سفحه ولا يمطر أعلاه، فمن كان بيته في سفح الجبل يشكون من شدة المطر، ومن كان بيته في أعلاه يشكون من قله الماء وكثرة العطش. جبل ساوة: هو جبل على مرحلة منها، رأيته وهو شامخ جداً، فيه غار شبه إيوان يسع ألف نفس، وفي آخر الغار قد برز من سقفه أربعة أحجار شبيهة بثدي النساء بتقاطر الماء من ثلاثة والرابع يابس، قالوا: مصه كافر فيبس، وتحتها حوض يجتمع فيه الماء، وماؤه طيب غير متغير مع طول وقوفه، وعلى باب الغار ثقب ذو بابين يدخلون من أحدهما ويخرجون من الآخر، زعموا أن من لم يكن له ولد يرشده لا يقدر على الخروج منهما، ورأيت رجلاً دخل فيهما فما خرج إلا بعد جهد شديد، والله الموفق. جيل سيلان: وهو يقرب مدينة أردبيل بأذربيجان من أعلى جبال الدنيا، عن رسول الله « من قرأ: ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾ كتب الله له من الحسنات بعده كل ودق وثلج وقع على جبل سيلان، قيل: وما سيلان يا رسول الله؟ قال: جيل أرمينية وأذربيجان عليه عين من عيون الجنة وفيه قبر من قبور الأنبياء »، قال أبو حامد الأندلسي: على رأس الجبل عين عظيمة ماؤها بارد جداً وحول الجبل عيون حارة تقصدها الناس، وفي حضيض الجبل شجر كثير وبينها حشيش لا يتناوله شيء من الحيوانات إلا مات من ساعته، قال: ولقد رأيت البهائم من الخيل والحمير والبقر والغنم يقصدونها، فإذا قربت منها نفرت حتى العصافير، قال: وفي سفح الجبل قرية اجتمعت بقاضيها وهو أبو الفرج بن عبد الرحمن الأردبيلي، فسألته عن حال تلك الحشيشة، فقال: إنها تحميها الجن، وذكر أنه بنى في القرية مسجداً فاحتاج إلى قواعد حجرية لأعمدة المسجد فأصبح وعلى باب المسجد قواعد من الصخر المنحوت محكمة الصنعة من أحسن ها يكون. جبال السراة: حاجزة بين تهامة واليمن، عظيمة الطول والعرض، وهي كثيرة الأهل والأنهار والأشجار وبأسفلها الأودية تنصب إلى البحر، وكل هذه الجبال منابت القرظ، وفيها الأعناب وقصب السكر والإسجل، وفيها معدن البرام. جبل السماق: جبل عظيم من أعمال حلب، يشتمل على مدن وقري وقلاع، أكثرها للإسماعيلية، وهو منبت السماق، وهو مكان نزوة ترابه طيب، ومن عجيب هذا الجبل أنْ فيه بساتين ومزارع ومياها عذبة، فتنبت الحبوب والفواكه في الحسن والطراوة كالمشقوق حتى المشمش والقطن والسمسم. جبل سرنديب: هو الجبل الذي أهبط عليه آدم وهو بأعلى الصين في بحر الهركند ذاهب في السماء، يراه البحريون من مسافة أيام، وفيه أثر قدم آدم عليه السلام مغموسة في الحجر ويرى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب، ولا بد له في كل يوم من مطر يغسل موضع قدم آدم عليه السلام، وقيل إن الياقوت الأحمر يوجد على هذا الجبل تحدره السيول والأمطار إلى الحضيض، ويوجد به الماس أيضاً، وبه يوجد العود. جبل سمرقند: قال صاحب تحفة الغرائب: جبل سمرقند فيه غار يتقاطر الماء منه في الصيف وينعقد جمدا، وفى الشتاء يكون حاراً حتى لو أن أحداً غمس يده فيه احترقت. جيل السم: ذكر الهيجاني أن أهل الصين نصبوا من رأس جبل إلى رأس آخر قنطرة في طريق حسن إلى تبت، فإِنّ من جاوزها يدخل في هواء يأخذ بالأنفاس ويثقل اللسان ويموت من المارين كثير من أهل تبت جبل السم. جبل الشب: بأرض اليمن، على قلة الجبل ماء يجري من كل جانب وينعقد حجراً قبل أن يصل إلى الأرض، والشب الأبيض اليماني من ذلك جبل شبام: قال محمد بن أحمد بن إسحاق الهمذاني: هو جبل بقرب صنعاء وبينها وبينه يوم واحد، وهو صعب المرتقى، ليس له إلا طريق واحد، وذروته واسعة فيه ضياع كثيرة ومزارع وكروم ونخيل، والطريق إليها في دار الملك، وللجبل باب واحد مفتاحه عند الملك، من أراد النزول إلى السهل دخل إلى الملك وأعلمه بذلك ليأمره بفتح الباب، وحول تلك الضياع والكروم جبال شاهقة لا مسلك فيها ولا يعلم أحد ماوراءها، ومياه هذا الجبل تنصب إلى سد هناك، فإِذا امتلأ السد ماء فتح فيجري الماء إلى صنعاء ومخاليفها. جبل شرق البعل: في طريق الشام من المدينة فيه بنيان عظيم للأصنام، صنعوا فيها من النقوش العجيبة محفورة في الحجر ما لا يتأتى حفره في الخشب مع علو سمكها وعظيم أحجارها وطول أساطينها، وهو شيء عجيب إذا رآها الناظر يتحير في صنعتها، والله أعلم بما كان في غرضهم منها. جبل شقان: بخراسان، ذكر بعض فقهاء خراسان: أن من داخله غاراً من دخله برىء من المرض أي مرض كان، وذكر أيضاً: أن به جبلاً آخر من ارتقى ذروته لا يحس بشيء من هبوب الريح حتى يبقى بينه وبين أعلى ذروته ذراعان، وهناك يحس. بهبوب الريح. جبل شكران: بأرض شكران، هو جبل ولست أدري أنه بالأندلس أو باليمن على قلته شبه مسرجة من الحجر في كل سنة يرى ثلاث ليال على تلك المسرجة سراج مضيء ولا يقدر أحد على الصعود إلى مكان المسرجة لهبوب الريح العاصف، لأنه عند وصوله إلى نصف الجبل ترميه الريح، وفي الليلة التي يرى فيها السراج على المسرجة يرى في منارها شبه طاووس على تلك المسرجة، ولا علم للناس بحقيقة ذلك، والله أعلم. جبل الصور: قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض كرمان جبل من أخذ منه حجراً وكسره يرى في وسطه شبه صورة إنسان قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً، وإن دققت هذا الحجر ثم سحقته وحللته في الماء حتى يرسب ترى في الراسب مثل ما كان في الحجر. جبل الصفا: بين بطحاء مكّة والواقف على الصفا بحذاء الحجر الأسود والمروة يقابله، قيل: إن الصفا والمروة كانا اسمي رجل وامرأة زنيا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجراً فوضعوا كل واحد على الحجر المسمى باسمه لاعتبار الناس، وجاء في الحديث أن الدابة التي هي من أشراط الساعة تخرج من الصفا، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يضرب عصاه على الصفا ويقول: إن الدابة تسمع قرع عصاي هذا. جبل صقلية: هو جبل في وسط بحر المغرب، قال الحسن بن يحيى في تاريخ صقلية: أنه جبل مطل على البحر ذروته ثلاثة أيام، فيه أشجار كثيرة أكثرها البندق والصنوبر والأرزن، وحوله أبنية كثيرة، وفيها أصناف الثمار وفي أعلاه منافس يخرج منها النار والدخان، وربما سالت النار منه إلى يعض جهاته فتحرك جميع ما مرت عليه وتجعله مثل خبث الحديد، وعلى قمّة هذا الجبل السحاب والثلوج والأمطار أبداً صيفاً وشتاء، وزعم أهل الروم أن الحكماء كانوا يدخلون إلى هذه الجزيرة للنظر إلى عجائبها، واجتماع النار والثلج فيه، وفيه معدن الذهب وتسميه أهل الروم بجزيرة الذهب أو جبل الذهب. جبلا الضلعين: في طريق مكة من البصرة يسمّى أحدهما ضلع بني مالك، والآخر ضلع بني سيصيان، وهم بطن من الجن كفار، ما ضلع بني مالك فيحل به الناس ويصطادون صيدها ويرعون كلأها، وأمًا ضلع بني سيصيان فلا يصطاد صيدها ولا يرعى كلؤها، وربما مر عليها من لا يعرف حالها، فأصابوا من كلئها أو من صيدها فأصابهم شر في أنفسهم وأموالهم، ولم يزل الناس يذكرون كفرهم ولا يريدون إسلام هؤلاء، ولهم حديث عجيب يأتى فى مقالة الجن إن شاء الله تعالى. جبل طاوق: بطبرستان، ذكر أبو الريحان الخوارزمي في "الآثار الباقية" من تصانيفه: أن فى هذا الجبل مغارة فيها دكة تعرف بدكة سليمان بن داود عليهما السلام، إذا لطخت بشىء من الأقذار انفتحت السماء ولا تزال تمطر حتى يزال القذر عنها. جبل الطاهر: بأرض مصر قال صاحب تحفة الغرائب: على هذا الجبل كنيسة، فيها حوض يجري من الجبل ماء عذب إلى ذلك الحوض، ويسمّى ذلك الماء الطاهر فإذا امتلأ الحرض ينصب الماء من جميع جوانبه فإذا ورد الحوض جنب أو حائض وقف الماء ولا يجري حتى يراق ما في الحوض وينظف تنظيفاً جيدا وبعد ذلك يجري الماء. جبل طبرستان: قال صاحب تحفة الغرائب: به حب شجر يسمّى جوز ماثل من قطعه ضاحكاً وأكله غلب عليه الضحك، ومن قطعه باكياً وأكله غلب عليه البكاء، ومن قطعه راقصاً فكذلك، فعلى أي صفة من قطعه وأكله تغلب عليه تلك الْصفة. جبل طور سيناء: بقرب مدين بين الشام وبين قرى مدين، وقيل: إِنّه بقرب أيلة، كان عليه الخطاب لموسى عند خروجه من مصر ببني إسرائيل، فكان إذا جاءه سيدنا موسى ينزل عليه غمام وهو عليه يدخل في ذلك الغمام ويكلمه ربه وهو الجبل الذي ذكره الله تعالى حيث قال: ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ﴾ والذي بقرب مدين لا يخلو من الصلحاء، وحجارته كيف كسرت خرج منها صورة شجر العليق. جبل طور هارون: جبل مشرف على قبلي بيت المقدس، وإِنّما سمّي طور هارون لأن موسى بعد قتل عبدة العجل، أراد المضي إلى مناجاة ربّه؛ فقال له هارون: احملني معك فإني لست آمناً أن يحدث ببني إسرائيل حدث فتغضب عل مرة أخرى، فحمله معه، فلمًا كان ببعض الطريق إذا هما برجلين يحفران قبراً فوقفا عليه وقالا: لمن تحفران هذا القبر؟ فقالا: لأشبه الناس بهذا الرجل، وأشاروا إلى هارون، ثم قال له: بحق إِلهك إلا ما نزلت وأبصرت هل هو واسع؟ فنزع هارون ثيابه ودفعها إلى موسى أخيه ونزل القبر ونام فيه، فقبض الله روحه في الحال، وانضم القبر عليه فانصرف هوسى باكياً حزيناً على مفارقته، وانصرف إلى بنى إسرائيل بثياب هارون فاتهموه بقتله، فدعا الله تعالى حتى أراهم تابوته بين الصفا على رأس المجيل فسمي الجيل جبل هارون. جبل الطير: بصعيد مصر في شرقي النيل بقرب انصنا، وإنّما سمي بذلك لأنّ صنفاً من الطير أبيض يقال له البوقير يجيء في كل عام في وقت معلوم فينعكف على الجبل، وفيه كوة يأتي كل واحد منها ويدخل رأسه في هذه الكوة ثم يخرجه ويلقي نفسه في النيل ويقوم ويذهب من حيث جاء حتى يدخل واحد رأسه فيها فينقض على رأسه من تلك الكوة فيضطرب ويبقى معلقاً فيها إلى أن يتلف فيسقط نفسه من بعد مدة، فإذا كان ذلك انصرف الباقي لوقته، فلا يرى شيء من هذا الطير في هذا الجبل إلى ذلك الوقت المعلوم من العام القابل، قال أبو بكر الموصلي: سمعت من أعيان تلك البلاد أنه إذا كان العام مخصباً قبضت الكوة على طائرين وإن كان متوسطأ فعلى واحد، وإن كان مجدباً لم تقبغى شيئاً، والله أعلم بحاله. جبل غزوان: في ذروة الطائف ليس بجميع الحجاز موضع أبرد منه، قالوا إن الماء يبرد فيه، ومن هذا الجبل اعتدال هواء الطائف، وليس بالحجاز موضع يجمد به الماء إلا غزوان. جبل عوير وكسير: هما جبلان في وسط البحر بين عمان والبصرة، عظيمان يخاف على المراكب منهما، صعب مسلكهما قلما ينجر منهما مركب، فلصعوبة المنجى منهما سمّوهما بهذا، يقولون: غوير وكسير وثالث ليس فيه خير. جبل فرغانة: قال صاحب تحفة الغرائب: إِنّه ينبت به نبات على صورة الآدمي، منها على صورة الرجال ومنها على صورة النساء، يوجد مع الطرقيين كثيراً يتكلمون عليها ويقولون أكلها يزيد في الباه. جبل قيلوان: قال أبو الريحان الخوارزمي: إِنّه بقرب المهرجان، فيه صفة محفورة والماء يترشح من سقفها دائماً، و إذا برد الهواء جمد على شكل القضبان. جبل قاسيون: مشرف على دمشق فيه آثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومغارات وكهوف منها مغارة تعرف بمغارة الدم، قالوا: فيها قتل قابيل هابيل، وهناك حجر يزعمون أنه الحجر الذي فلق به هامته، وفيه مغارة أخرى يسمّونها مغارة الجوع، يقولون: إنّه مات فيها أربعون نبياً جوعاً. جبل قاف: قال المفسرون: أنه جبل محيط بالدنيا وهو من زبرجدة خضراء منه خضرة السموات ووراءه عالم وخلائق لا يعلمهم إلا الله تعالى. جبل فدفد: بمكة وهو من الجبال التي لا يرتقي ذروتها، وفيه معدن البرام يحمل منه إلى سائر البلاد. جبل قصران: قال الشيخ الرئيس: إن العسل يقع بجبل قصران كما هو طلا ويختلف بحسب ما يقع عليه من الشجر والحجر، والظاهر منه يلقطه الناس والخفي يلقطه النحل. جبل الكحل الأثمد: بالأندلس بغرب مدينة بسطة، قالوا: إذا كان أوّل الشهر أخذ الكحل يخرج من نفس الجبل وهو كحل أسود ولا يزال كذلك إلى نصف الشهر، فإذا زاد على النصف نقص الكحل، ولا يزال يرجع الذي خرج إلى تمام الشهر، واللّه الموفق للصواب. جبل كرنان: عند ناحية المعادن جبال فيها صخور إذا اشتعلت فيها النار اتقدت كما يتقد الحطب. جبل كلستان: كلستان من قرى طوس، ذكر بعض فقهاء خراسان أن في هذا الجبل كهفاً شبه إيوان، وفيه دهليز يمشي فيه الإنسان منحنياً مسافة، ثم يظهر الضوء عن حظيرة محوطة فيها عين ينبع الماء منها وينعقد حجراً على شكل القضبان، وفي هذه الحظيرة ثقب يخرج منه ريح شديدة جدّا لا يمكن دخوله لشدة هبوب الريح. جبل الأرجان: بأرض طبرستان، فيه ماء يتقاطر من الجبل من كل جانبه ومن كل قطرة ينعقد حجراً مسدساً أو مثمناً والناس يتخذون منه الخرز. جبل لبنان مطل على حمص فيه الفواكه والزروع من غير أن يزرعها أحد يأوي إليه الأبدال لما فيه من القوت الحلال، وفي تفاحه أعجوبة، وهي أن يحمل من الشام ولا رائحة له حتى يتوسط نهر الثلج، فإذا توسط النهر فاحت رائحته. جبل المغناطيس: قال المهلبي: جبال المغناطيس متصلة بجبال القلزم وقد علا الماء عليها، ولهذا المعنى لا يستعمل في مراكب هذا البحر المسامير الحديد خرفاً من جذب المغناطيس إياها. جبل موركان: بأرض فارس، فيه كهف يتقاطر الماء من سقفه، قالوا: إن دخل الكهف واحد خرج من الماء وما يكفي الواحد، وإن دخل ألف خرج من الماء ما يكفي الألف. جبل النار: بأرض تركستان، فيه غار، من دخله من الحيوانات يموت في الحال. جبل نهاوند: قال ابن الفقيه: على هذا الجبل طلسمان صورة ثور رسمك، يقال: إنّهما للماء حتى لا يقل، وماؤه ينقسم قسمين قسم يجري إلى نهاوند، والآخر إلى دينور. جبل هرمز: بأرض طبرستان، جبل يسمّى هرمز ينزل منه الماء وينصت إلى وهدة، فَإذًا صاح الإنسان صيحة يقف، وإذا صاح أخرى يسيل، وهكذا جبل الهند، قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض الهند جبل عليه صورة أسدين والماء يخرج من فمهما، فيصير ساقيتين، وعليهما شرب قريتين على كل سافية قرية، فوقعت بين القريتين خصومة على الماء فكسروا فم إحدى الصورتين فانقطع ماؤه، وخرجت القرية، والله أعلم. جبل واسط: قال أحمد بن عمر العذري: أنه بالأندلس بقرب سدونة، في هذا الجبل كهف فيه شق، وفي الشق فأس حديد متعلق تراه العيون وتناله الأيدي، ومن أراد إخراجه لم يطق ذلك، وإذا رفعته اليد ارتفع وغاب في الشق ثم يعود إلى حالته، ذكر بعض مشايخ بسدونة أن بعض الناس أوقد ناراً عظيمة على هذه الصخرة، ورش عليها الخل لتنفتح الصخرة ويخرج الفأس فما أفاد شيئاً. جبل بله سيم: بله اسم ضيعة من ضياع قزوين هناك جبل حدثني من صعد هذا الجبل قال: عليه صور الحيوانات مسخها اللّه تعالى حجرا، منها راع متكيء على عصا يرعى غنمه، وامرأة تحلب بقرة، وغير ذلك من صور الإنسان والبهائم، كلها مسخت حجرا، وأهل قزوين يعرفون ذلك، واللّه تعالى أعلم بالصواب. إِذا وقعت الأمطار والثلوج على الجبال تنصب إلى المغارات وتبقى مخرونة فيها في الشتاء، فإذا كان فى أسفل الجبال منافذ ينزل الماء من الأوشال بتلك المنافذ، فتحصل منها الجداول وينضم بعضها إلى بعض فيحدث منها أنهار وأودية، فإن كانت الخزانات في أعلى الجبال فيستمر جريانها أبداً لأنّ مياهها تنصب إلى سفح الجيال، ولا تنقطع مادتها لوصول مددها من الأمطار، وإن كانت الخزانات في أسفل الجبال فتجري منها الأنهار عند وصول مددها، ثم ينقطع عند القطاع المدد وتبقى المياه فيها واقفة، كما ترى في الأودية التي تجري في بعض الأيام ثم تنقطع لانقطاع مادتها، قال صاحب تحفة الغرائب: إِن في هذا الربع المسكون مائتين وأربعين نهراً طوالاً، منها ما طوله من خمسين فرسخاً إلى مائة فرسخ إلى ألف فرسخ، ومنها ما يجري من المشرق إلى المغرب، ومنها ما يجري من المغرب إلى المشرق، ومنها ما يجري من الشمال إلى الجنوب، ومنها ما يجري من الجنوب إلى الشمالء وكلها تبتديء من الجبال وتنتهي إلى البحار والبطائح وفي ممرها تسقي المدن والقرى، وما فضل ينصب إلى البحار ويختلط بالماء المالح، والشمس تشرق فيها فيصعد بخاراً وينعقد غيوماً وتسوقها الرياح إلى الجبال والبراري وتمطر هناك وتجري في الأودية والأنهار وتسقى البلاد ويرجع فاضلها إلى البحر ولا بزال هذا دأبها وتدور كالرحى في الشتاء والصيف أن يبلغ الكتاب أجله. ولنذكر بعض الأنهار وخواصها وعجائب أحوالها وغرائب حيواناتها مرتباً على حروف المعجم: نهر أتل: نهر عظيم يقارب دجلة في بلاد الخزر، مجيئه من أرض الروس وبلغار ومصبّه بحر الخزر، وقالوا يتشعّب من هذا النهر نيف وسبعون نهراً، وعمقه يبقى كما كان لا يتغير لغزارة الماء، فإذا انتهى إلى البحر يجري فيه يومين فيغلب ماء البحر ويبين لونه من لون ماء البحر، ويجمد فى الشتاء لعذوبته. وفي هذا النهر حيوانات عجيية ذكر أحمد بن فضلان عن رسول المقتدر بالله إلى بلغار قال: لما وصلت إلى بلغار سمعت أن عندهم رجلا عظبم الخلقة فسألت الملك عنه فقال: نعم، ما كان من أهل بلادنا ومن خبره أن قوماً خرجوا إلى نهر أتل وكان قد مد وطغى، فقالوا: أيّها الملك قد وقف على الماء رجل إن كان من أمة تقرب منا فلا مقام لنا، فركبت معهم حتى صرت إلى النهر، إذا رجل طوله اثنا عشر ذراعاً ورأسه كأكبر ما يكون من القدر، وأنفه أطول من شبر، وعيناه عظيمتان: وكل اصبع منه شبر فأقبلنا نكلمه وهو لا يزيد على النظر إلينا فحملته إلى مكاني وكتبت إلى أهل ويسو وبيننا وبيتهم ثلاثة أشهر، فعرفوني أن هذا الرجل من يأجوج ومأجوج، قالوا: يحول بيننا وبينهم البحر، قالوا: فأقام الرجل عندنا مدة ثم أصابه في نحره علة مات منها فخرجت ورأيت جثة هائلة جدّا. نهر أذربيجان: قال محمد بن زكريا الرازي عن الجبهاني صاحب المسالك والممالك الشرقية: إن بأذربيجان نهرا يجري ماؤه فيستحجر ويصير صفائح صخر، يستعملونه في البناء. نهر أسفار: قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض أسفار نهر يجري الماء فيه سنة ثم ينقطع ثمان سنين، ثم يعود في التاسع ثم ينقطع ثمان سنين وهكذا دأبه. نهر آنه: قال العذري صاحب الممالك والمسالك الأندلسية: يخرج هذا النهر من موضع يعرف بفج العروس ثم يفيض ويجري تحت الأرض لا يبقى له أثر على وجه الأرض ثم يجري بقرية يقال لها آنه، ثم يفيض ويجري تحت الأرض ثم يبدو ثم يفيض بين ماردة وبطليوس، ثم يبدو وينصب في البحر. نهر جيحون: قال الإصطخري: جيحون يتخرج من حدود بدخشان، ثم ينضم إليه أنهار كثيرة في حدود الجبل، ووحش فيصير نهراً عظيماً ثم يمر على مدن كثيرة حتى يصل إلى خوارزم، ولا ينتفع به شيء من البلاد إلا خوارزم، لأنها مستقلة به ثم ينصب في بحيرة خوارزم بينها وبين خوارزم ستة أيام، وجيحون مع كثرة مائه يجمد في الشتاء عند اشتداد البرد فيجمد أوَلاً قطعاً تجري على وجه الماء ويلتصق بعضها ببعض حتى يصير سطح جيحون سطحاً واحداً، ثم يثخن ويصير ثخنه في أكثر الأوقات خمسة أشبار والماء يجري تحت الجمد فيحفر أهل خوارزم الآبار بالمعاول ليستقوا منها لشربهم، فإذا استحكم جموده عبرت عليه القوافل والعجل المحملة، ولا يبقى بينه وبين الأرض فرق ويتظاهر عليه الغبار، ويبقى على ذلك شهرين، فإذا انكسر البرد عاد ينقطع قطعاً كما بدأ أَوْل مرة إلى أن يعود إلى حاله الأوّل، وأنه نهر قتال قلّما ينجو منه غريقه. نهر حصن المهدي: قال صاحب تحفة الغرائب: إِنْه بين البصرة والأهواز في بعض الأوقات يرتفع منه شبه منارة يسمع منها أصوات الطبل والبوق ولا يعرف أحد سبب ذلك. نهر جريح: بأرض الترك، فيه حيّات إذا وقع عين أحد من الحيوان عليها يغشى عليه. نهر دجلة: هو نهر بغداد مخرجه من أصل جبل بقرب آمد عند حصن ذي القرنين يجري عين دجلة من تحته، وهناك ساقية وكلما امتدت انضم إليها مياه جيال ديار بكر وآمد يخاض فيه بالدواب ثم يمتد إلى مياه فارقين ثم إلى حصن كيفا ثم إلى جزيرة ابن عمر ثم إلى الموصل وينصب فيه الرايات، ومنها يعظم إلى بغداد ثم إلى واسط ثم إلى البصرة ثم ينصب إلى بحر فارس. وماء دجلة من أعذب المياه وأصفاها وأخفها وأكثرها نفعا لأن مجراه من مخرجه إلى مصبه في العمارات، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله تعالى أوحى إلى دانيال عليه الصلاة والسلام أن احفر لعبادي نهرين واجعل مفيضهما البحر فقد أمرت الأرض أن تعطيك، فأخذ خشبة يجرها فى الأرض والماء يتبعه وكلّما مر بأرض يتيم أو أرملة أو شيخ ناشده الله تعالى فيحيد عنهم، قيل: دجلة والفرات من ذلك، ودجلة نهر مبارك كثيراً ما ينجو غريقها. حكي أنهم وجدوا فيها غريقاً فأخذوه فإذا فيه رمق، فلمًا رجعت إليه نفسه سئل عن حاله، فكان من موضع وقوعه إلى موضع نجاته مسيرة أيام. نهر الذهب بالشام: يزعم أهل حلب أنه وادي بطنان، ومعنى قولهم: الذهب لأن جميعه يباع أوّله بالميزان وآخره بالكيل فَإنٌ أُوّلهِ تزوع عليه الحبوب وتغرس عليه الأشجار وآخره ينصب إلى بطيحة فرسخين يتعقد ملحا والعجب من هذا النهر أنه لا يضيع منه شيء، بل يباع كله بالذهب. نهر الرأس: بأذربيجان، شديد جري الماء وبأرضه حجارة بعضها ظاهرة وبعضها مغطاة بالماء، ولهذا ليس للسفن فيه مجرى، وله أجراف هائلة ذات حجارة عظيمة لا مشارع لها، زعموا أنه من عبر نهر الرأس بدجلة إذا مسح برجليه ظهر امرأة عسرت ولادتها تضع في الحال وكان بقزوين شيخ تركماني اسمه الخليل كان يفعل دَلك، وزعموا أيضاً أن نهر الرأس مسامح بالغرقى كثيراً ما ينجو غريقه، ومن العجائب ما ذكر ديسم بن إبراهيم صاحب أذربيجان قال: كنت أجتاز على قنطرة الرأس بعسكري فإذا صرت في وسط القنطرة رأيت امرأة ومعها طفل في قماطة، فصدمتها دابة فرمتها فسقط الطفل من يديها في النهر، فوصل إلى الماء بعد زمان لبعد ما ببن القنطرة وسطح الماء ثم غاص وطغى الماء يجري به وسلم من الحجارة التي في النهر وللعقبان أوكار على أجراف النهر فرآه عقاب فانقض عليه فرفعه وتخرج به إلى الصحراء فأمرت جماعة بالركضي في أثر العقاب، فإذا العقاب قد وقع على الأرض، واشتغل بخرق القماط أدركه القوم وصاحوا به وركضوا نحوه فطار وترك الطفل فوجدوه سالما يبكتي فردّوه إلى أمه. نهر بين الموصل وأربل: يبتدئ من أذربيجان و ينصب في دجلة يقال له: الزاب المجنون؛ لشدة جريانه ولقد شربت من مائة وقت القيظ عند الظهيرة وكان باردا، وذلك لشدة جريه، فإن الشمس لا تؤثر فيه حتى يسخن ماؤه. نهر زرير، ونهر أصفهان: موصوف باللطافة والعذوبة يغسل فيه الثوب الخشن يصير لينا مثل الحرير، مخرجه من قرية يقال لها: بياكان، ويعظم بانضمام المياه إليه عند أصفهان ويسقى بساتينها ورساتيقها ثم يغور في رمل هناك ويخرج بكرمان ثم ينصب في بحر الهند؛ ذكر بعضهم أنهم أخذوا قصبة وعملوها وأرسلوها في موضع فخرجت بكرمان. نهر زوبر: بأذربيجان بقرب مزيد، لا يخوضه الفارس فإذا وصل إلى قرب مزيد، يجري تحت الأرض أربعة فراسخ ثم يظهر على وجه الأرض، أخبر به الشريف محمد بن ذي الفقار العلوي المزيدي. نهر سنجة: هو نهر عظيم بأرض مصر بين حصن المنصور وكيسوم لا يتهيأ خوضه لأنّ قراره رمل سيال، وعلى هذا النهر قنطرة وهي إحدى عجائب الدنيا لأنها عقد واحد من الشط إلى الشط مقدار مائتي خطوة من حجر مهندم طول كل قطعة عشرة أذرع. وحكي أنه عنده طلسم على لوح إذا عاب موضع من القنطرة أدلى ذلك اللوح على موضع العيب، فينعزل الماء عنه فيصلح، ثم يرفع اللوح فيعود الماء إلى حاله الأوّل، والله أعلم. نهر شلف: بإفريقية، حدثتي الفقيه سليمان المالياني أن في كل سنة أيام الورد بظهر فيه صنف من السمك يسمّى الشبوق طيب اللحم إلاّ أنه كثير الشوك، طوله قدر ذراع ويبقى شهرين ويكثر صيدها في هذا الوقت، ويرخص ثمنها ثم ينقطع فلا يرى فيها شيء إلى العام القابل. نهر صقلاب: بأرض صقلاب، في كل أسبوع يجري في الماء يوماً واحداً ثم ينقطع ستّة أيام ثم يجري في السابع وهكذا. نهر طبرية: نهر عظيم والماء الذي يجري فيه نصفه حار ونصفه بارد، لا يختلط أحدهما بالآخره فإذا أخذ في الإناء يبقى كله بارداً خارج النهر. نهر العاصي: نهر حماة وحمص مخرجه من قدس ومصبه البحر قرب أنطاكية، وإِنْما سمي العاصي لأن أكثر الأنهر تتوجه من نحو الجنوب هناك وهذا يتوجه من نحو الشمال. نهر الفرات: خرجه من أرمينية، ثم من قالقيلا قرب أخلاط، ثم إلى ملطية ثم إلى سميساط، ثم إلى الرقة، ثم إلى غانة، ثم إلى هيت ثم ينصب في دجلة، بعد ما يسقى المزارع، والبساتين بهذه البلاد والفاضل منها ينصب في دجلة بعضه، وبعضه في بحر فارس؛ وللفرات فضائل كثيرة روي أن أربعة أنهار من الجنّة: النيل والفرات وسيحان وجيحان، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال: يا أهل الكوفة إِنّ نهركم هذا يصب إليه ميزابان من الجنّة، وروي عن جعفر الصادق رضى الله عنه أنه شرب من ماء الفرات ثم ازداد وحمد الله تعالى وقال: ما أعظم بركته لو علم الناس ما فيه من البركة تضربوا على حافتيه القباب، ولولا ما بدخله من الخطائين ما غتمس فيه ذو عاهة إلا برئ، وعن السدي: أن الفرات مد في زمن علي رضي الله عنه فألقى رمّانة عظيمة كان فيها كرحب، فأمر المسلمين أن يقتسموه بينهم، وكانوا يرون أنّها من الجنة. نهر القورج: بين القاطول وبغداد، وكان سبب حفره أن كسرى لما حفر القاطول أضر بأهل الأسافل فخرج أهل تلك النواحي للظلم، فوافوه وقد خرج متنزها فقالوا: جئناك متظلمين، فقال: ممن؟ قالوا: منك، فثنى رجله ونزل عن دابته وجلس على الأرض فأتي بشيء يجلس عليه فأبى أن يجلس على غير التراب إِذ أتاه قوم للتظلم ثم قال: ما مظلمتكم؟ قالوا: حفرت القاطول وقطعت الماء عنا فخربت ديارنا، فقال: إني لأسده ليعود الماء إليكم، قالوا: لا نجشمك ذلك، لكن مر ليعمل لنا مجرى دون القاطول، فعمل لهم مجرى بناحية القورج، فعمرت بلادهم، وأمًا الآن فهو بلاء على أهل بغداد فإِنّهم يجتهدون في سده وإحكامه، فإذا زاد الماء تعدى إلى البلد. نهر الكر: بين أرمينية وأران، وهو نهر عظيم سليم أكثر ما يقع فيه من الحيوان ينجو حدثنى بعض فقهاء نقجوان قال: وجدنا غريقاً فى نهر الكر يجري به الماء فبادر القوم إلى إمساكه فأدركوه وقد بقي منه رمق، فلما استقرت نفسه وسكن جأشه قال: أي موضع هذا؟ قالوا: نقجوان، قال: إن وقعت في الماء في الموضع الفلاني، فكان بينه وبين نقجوان ستة أيام، فطلب منهم طعاماً، فذهبوا لإحضار الطعام فانقض عليه الجدار الذي كان قاعدا تحته، فتعجب القوم من مسامحة الماء، وتعدي الجدار. ْ نهر الملك: ببغداد، مشتمل على كوة واسعة، قيل أول من حفره سليمان عليه السلام، وقيل حفره الإسكندر، وقيل حفره أردشير بن بابك، وأخذ ملكه، فقال إنه يشتمل على ثلاثمائة وستين قرية على عدد أيام السنة، وإنما وضع هذا ليكون ذخيرة لقوت سنة كل قرية قوت يوم لو أجدبت غيرها من الأرض كما فعل يوسف عليه الصلاة والسلام بالفيوم بمصر. نهر مهران: بالسند، عرضه كعرض جيحون يقبل من المشرق إلى المغرب حتى يقع في بحر فارس أسفل الهند، قال الاصطخري مخرجه من ظهر جبل يخرج منه بعض أنهار جيحون ويظهر بملطان ثم على المنصورة ثم يقع في البحر، وهو نهر كبير جداً، ماؤه عذب، فيه تماسيح كما في النيل، وإنّه يرتفع ويمتد على وجه الأرض، ثم ينضب فيزرع عليه مثل ما يزرع على النيل بأرض مصر؛ قالوا: إن تماسيح النيل و أصغر. نهر مكران: عليه قنطرة من الحجر قطعة واحدة من عبر عليها يتقيأ جميع ما في بطنه حيث لا يبقى فيه شيء ولو كانوا ألوفاً كان هذا حالهم، فمن أراد من الناس القيء عبر على تلك القنطرة. نهر النيل: ليس في الدنيا نهر أطول من النيل لأنه مسيرة شهر في بلاد الإسلام و شهرين في بلاد النوبة، و أربعة أشهر في الخراب إلى أن يخرج ببلاد القمر خلف خط الاستواء. وليس في الدنيا نهر يصب من الجنوب إلى الشمال ويمد في شدة الحر حين ينتقص الأنهار كلها ويزيد بترتيب وينقص بترتيب غيره وسبب مده أن الله تعالى يبعث الريح الشمال فيقلب عليه البحر المالح فيصير كالسكن له فيزيد فيعم الربا والتلال يجري في الخلجان حتى يملأها، فإذا بلغ الحد الذي هو تمام الري وحضر زمان الحراثة بعث الله الريح الجنوب فأخرجته إلى البحر وانتفع الناس بما أروى من الأرض، ولمًا كان زمان يوسف عليه السلام اتخذ مقياساً يعرف به قدر الزيادة والنقصان فيزرعون عليه، فإذا زاد على قدر كفايتهم يستبشرون بخصب السنة وسعة الرزق، وذلك المقياس عمود قائم في وسط بركة على شاطىء النيل لها طريق إلى النيل يدخلها الماء إذا زاد وعلى ذلك العامود خطوط معروفة عندهم يعرفون بوصول الماء إليه مقدار زيادته فأقل ما يكفي أهل مصر لسنتهم أن يزيد أربعة عشر ذراعاً، فإن زاد ستّة عشر ذراعاً زرعوا ما يفضل عن عامهم، وأكثر ما يزيد ثمانية عشر ذراعاً، والذراع أربعة وعشرون إصبعاً، وذكر عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الحكم أن المسلمين لما فتحوا مصر جاء أهلها إلى عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنه وقالوا: أيها الأمير إِنّ لبلدنا سنة لا يجري النيل إلا بها وذلك أنه إذا كان لاثنتي عشر ليلة من شهر بئونة عمدنا إلى جارية بكر فأرضينا أبويها و جعلنا عليها من الحلي و الثياب أفضل ما يكون و ألقيناها في النيل ليجري، فقال لهم عمرو: إن هذا في الإسلام لا يكون فأقاموا بئونة، وأبيب، ومسرى والماء لا يجري قليلا ولا كثيرا، وهم الناس بالجلاء فلما رأى عمرو ذلك كتب إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يعلمه بذلك فكتب في جوابه أما بعد: فقد أصبت في أن هذا في الإسلام لا يكون وقد بعثت إليك بطاقة فألقها في داخل النيل؛ فإذا في الكتاب: من عبد اللّه عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد: فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل اللّه الواحد القهار أن يجريك. فألقى عمرو بن العاص البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلاء فأصبحوا يوم الصليب وقد أجرى اللّه تعالى النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة فإذا استوى الماء كما ذكرنا عند المقياس كسر الخليجان حتى تمتلئ جميع الأرض من مصر وتبقى التلال والقرى عليها. وسائر الأرض تكون في البحر فإذا استوفت الأرض الماء ورويت وزرعت عليها أصناف الزروع واكتفت بتلك الشربة لأنه كلما تأخر الوقت برد الجو؛ فلا تنشف الأرض إلى أن يدرك الزرع، وعاد الوقت يأخذ في الحر والصيف حتى ينضج الزرع فيأخذون في حصادها وفي ذلك عبرة. ومن عجائب النيل: السمك الرعادة والتمساح، وقد ذكرناهما في حيوان الماء، وفي النيل موضع يجتمع فيه السمك في كل سنة يوما معلوما، فالإنسان يصيد بيده ما يشاء ثم يتفرق إلى ذلك اليوم من السنة القابلة. نهر هند مند: بسجستان نهر عظيم يقول أهل سجستان: إنه ينصب فيه ألف نهر ولا تتبين زيادة في عموده، وينشق منه ألف نهر ولا يظهر فيه نقصان، وإنه في الحالتين سواء. نهر اليمن: قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض اليمن نهر عند طلوع الشمس يجري من المشرق إلى المغرب، وعند غروبها يجري من المغرب إلى المشرق، واللّه تعالى أعلم. ذهبوا إلى أن في جوف الأرفي منافذ ومسام وفيها إمّا هواء أو ماء، فإن كان هواء يصير ماء بسبب برودة تلحقها فإن كان أصابه مدد من جهة أخرى لا يسع ذلك الموضع تنشق الأرض إن كانت رخوة ويظهر على وجهها وإن لم يكن لها قوة الخروج فيحتاج إلى أن ينحى عن التراب حتى يظهر كماء القنوات والآبار هذا إذا لم يكن لها مادة من البحار والأنهار والأوشال، فإن كان لها مدد فسببها ظاهر، وأمّا سبب اختلاف العيون فإن منها حارة وباردة وعفصية وشبية وأمثال ذلك فِإن المياه تسخن تحت الأرض في الشتاء وتبرد في الصيف بسبب أن الحرارة والبرودة ضدان في باطن الأرض لا يجتمعان فى مكان واحد وزمان واحد فإذا جاء الشتاء برد الجو وفرّت الحرارة إلى باطن الأرض، والأمر في الصيف بضد ذلك، فإن كانت مواضعها كبريتية بقيت الحرارة فيها دائمة بسبب المادة الكبريتية وهى مادة رطوبة دهنية، فإن أصابها نسيم الهواء وبرد الجو جمدت فصارت زئبقا أو قيرا أو نفطا أو شبّا أو ملحا أو ما شابه ذلك بسبب اختلاف تراب بقاعها وتغير أهوية أماكنها. ولنذكر بعض العيون العجيبة ثم الآبار العجيبة مرتبة على حروف المعجم، واللّه الموفق. عين أذربيجان: قال في تحفة الغرائب: بأذربيجان عين ينبع الماء منها ويتعقد حجرا والناس يتخذرن قالب اللبن ويصبون من ذلك الماء عليه ويصبرون عليه يسيراً والماء في القالب يصير حجراً. عين أدربيهستل: أدربيهستل ضيعة من ضياع قزوين على ثلاث فراسخ منها بها عين إذا شرب الإنسان من مائها أسهل إسهالا شديدا، ومن خواصها أن الإنسان يقدر أن يشرب منها عشرة أرطال، ويقصدها في كل يوم خلق كثير من النواحي لشربها لأجل الإطلاق، وإذا حمل من مائها إلى قزوين زالت خاصيته فلا يعمل شيئاً، وسمعت أهل قزوين يقولون بين هذه الضيعة وبين قزوين نهر إذا جاوز ذلك النهر بطلت خاصيته. عين إسكندرية: عين مشهورة فيها نوع من الصدف يطبخ ويؤكل لحمه ويشرب مرقه ينفع من الجذام ويبرئه ويوجد فيها كل وقت لا يخلو عنه شيء من الأوقات. عين أيلابستان: قال صاحب تحفة الغرائب: إنها بين اسفرايين وجرجان ضيعة تسمّى أيلابستان، بها عين ينبع منها ماء كثير، فربّما ينقطع في بعض الأوقات ويدوم انقطاعها شهراً، فعند ذلك يخرج أهل الضيعة رجالها ونساؤها في أحسن ثيابهم بالدفوف والشبابات والملاهي ويرقصون عند ماء العين ويلعبون، إن الماء ينبع ويجرى وهو ماء كثير مقدار ما يدور رحوين. عين بادحانى: قال صاحب تحفة الغرائب: مكان بدمغان يسمى كهن به عين تسمّى بادحاني، فإذا أراد أهل الضيعة هبوب الريح عند الدياس لتنقية الحبوب أخذوا خرقة الحيض ورموها في تلك العين فيتحرك الهواء، ومن شرب من مائها ينتفخ بطنه، ومن حمل معه شيئاً من ذلك الماء إذا فارق منبعه يصير حجراً. عين باميان: قال في تحفة الغرائب: بأرض باميان عين ينبع منها ماء كثير بصوت وجلبة ويشم رائحة الكبريت، من اغتسل به يزول جربه وإذا ترك من ذلك الماء في كوز وسد رأسه سداً وثيقاً وتركته يوماً يصير خائراً شبه الخمير، وإذا عرضت عليه شعلة نار يشتعل، والله أعلم. عين جاج: قال في تحفة الغرائب: إذا خرجت من جاج بقربها عقبة على رأسها عين ماء إذا كانت السماء مصحية لا ترى فيها قطرة ماء وإذا كانت السماء مغيمة ترى العين مملوءة من الماء. عينٍ جاجرم: هي منبع قناة ببن جاجرم وإسفرايين، حدثني بعض فقهاء خراسان أن من غاص في مائها وبه جرب زال جربه، ويتقصدها أصحاب الجرب للعلاج. عيون جبال سيران: بناحية باميان جبال فيها عيون لا تقبل شيئاً من النجاسة وإذا ألقى فيها من النجاسة ماج وعلا نحو الملقى فإن أدركه احاط به حتى يغرقه. عين جبل ملطية: حدثني بعض التجار أن بقرب ملطية جبل فيه عين يخرج منها ماء عذب غزير شديد البياض، يشرب الحيوان منه ولا يضره، فإذا جرى مسافة يسيرة ينعقد حجراً. عين وادان: عين فيها نبات من غاص فيها يلتف عليه ذلك النبات يمسكه وكلّما سعى في تخليص نفسه كان إمساكه له أشد، وإذا لم يسع في التخليص انحل عنه يسيرا. عيون دوراق: حدثني الشيخ عمر التسلمي: أنها عيون كثيرة تنبع مي جبل كلها حارة، فربما يصعد منها دخان يلتهب فترى شعلته بيضاء وحمراء وصفراء وخضراء، يجتمع في حوضين أحدهما للرجال والآخر للنساء، يقصدها الناس لدفع الأمراض البلغمية، فمن نزل فيها يسيراً انتفع به، ومن ظفر فيها يحترق جميع بدنه وينتفط، واللّه أعلم. عين رأس الناعور: بشرقي الموصل عين في قرية تسمى زراعة بها عين فوارة غزيرة الماء ينبت فيها من اللينوفر شيء كثير يباع بثمن جيد ويد من غلة تلك الضيعة. عين نهاوند: بقرب البحيرة المنتنة بأرمينية جمة شريفة كثيرة المنفعة، وذلك أن الحيوان يغوص فيها وبه كلوم فتراد عن قريب قد اندملت قروحه والتحمت ولو كان دونها عظام موهنة وأزجة كامنة وشظايا غامضة تنفجر أفواهها وتجتمع على النظافة ويأمن الإنسان غائلتها. عين زعر: على طرف البحيرة المنتنة بينها وبين البيت المقدس ثلاثة أيام، وزعر بيت لوط عليه السلام، وهي العين التي جاء ذكرها في حديث الجساسة وعدوها من أشرطة الساعة. عين سياه سنك: قال صاحب تحفة الغرائب: بجرجان موضع يسمّى سياه سنك به عين على تل تأخذ الناس ماءها للشرب، وفي الطريق إليها دودة فمن أخذ من ذلك الماء وأصابت رجليه تلك الدودة يصير الماء الذي معه مراً فيبرد ويعود إليها مرة أخرى. عين شميرم: وهي ناحية بين أصفهان وشيراز بها مياه مشهورة وهي من عجائب الدنيا، وذلك أنّ الجراد إذا وقعت بأرض يحمل من ذلك الماء إليها بشرط أن لا يوضع الظرف الذي فيه ذلك الماء على الأرض ولا يلتفت حامله إلى ورائه فينبع ذلك الماء من الطير الأسود، عدد لا يحصى ويقتل الجراد وهذا مجرب، ولقد وقع بأرض قزوين جراد كثير وأكل جميع زرعها وباضت فبعث أهل قزوين لطلب هذا الماء فجاؤوا به فجاء الطير خلفه وأكل الجراد جميعه. عين شير كيران: وهي من ضياع مراغة، فيها عينان يفور منهما الماء وبينهما قدر ذراع ماء إحداهما في غاية البرودة وماء الأخرى في غاية الحرارة، أخبر به الفقيه حسن المراغي. عيون طبرية: ذكروا أن هناك عيونا ينبع الماء منها سبع سنين متواليات ثم ييبس سبع سنين متواليات وهكذا على مرور الأيام. عين العقاب: قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض الهند عين على رأس جبل إذا هرم العقاب تأتي به فراخه إلى هذه العين و تغسله فيها ثم تضعه في شعاع الشمس، فإن ريشه يتساقط عنه وينبت له ريش جديد ويزول عنها الضعف وترجع إليه القوة والشباب. عين غرناطة: قال أبو حامد الأندلسي: بقرب غرناطة من أرض الأندلس، كنيسة عندها عين ماء وشجرة زيتون يخرج الناس إليها في يوم معلوم من السنة يقصدونها وإذا طلعت الشمس في ذلك اليوم فاضت تلك العين بماء كثير ويظهر على الشجرة زهر الزيتون ثم ينعقد زيتوناً ويكبر ويسود في يومه ويؤخذ من ذلك الزيتون من قدر على أخذه وكذلك يأخذون هن ماء تلك العين للتداوي، هذا الحديث قرأته في كتب عديدة. عين عرنة: بقرب عرنة عين إذا ألقي فيها لبي م من القاذورات يتغير الهواء ويظهر البرد والريح العاصف والمطر ويبقى على تلك الحالة إلى أن تنحّى النجاسة عنها، ذكروا أن السلطان محمود بن سبكتكين لما أراد فتح عرنة كان كلما قصدها بادر أهل عرنة إلى العين وألقوا فيها شيئاً من القاذورات فلم يمكنه الإقامة هناك حتى عرف ذلك منهم نبعث السلطان أُولا على العين حفاظاً ثم سار إليهم فلم ير شيئاً ممّا كان يرى قبل ذلك ففتحها. عين الفرات: بقرب أرز الروم، من اغتسل بمائها في الربيع يأمن من أمراض تلك السنة. عين قراور: وهي بأرض خراسان، حدّثني بعض فقهاء خراسان وقال: من المشهور عندنا أن من اغتسل بالعين التي بقراور تزول عنه حمى الربع واللّه أعلم. عين القيارة: بالموصل على مرحلة منها ينبع منها شيء كثير من القير ويحمل منها إلى سائر البلدان يقصدها الناس من الموصل يستحمون بها ويستشفون بمائها. عين المشقق: وهو واد بالحجاز، قال ابن إسحاق: كان بها وشل يخرج منه ماء يروي الراكب والراكبين، فقال في غزوة تبوك: « من سبقنا فلا يسقينّ منه شيئاً حتى نأتيه »، فسبقه نفر من المنافقين فاستسقوا منها، فلما أتاها رسول الله يقلت وقف عليها فلم بر فيها شيئاً فقال: « من سبقنا إلى هذه؟ » فقالوا: فلان وفلان يا رسول اللهء فقال : « أوَلم أنههم أن يسقوا منها شيئاً؟ » ثم نزل فوضع يده تحت الوشل فجعل يصب في يده من الماء ما شاء الله، ثم نضحه به ومسحه بيده، ثم دعا بما شاء فانخرق من يده من الماء ما يسمع له حس كحس الصواعق فشرب الناس واستقوا حاجتهم، فقال : « الئن بقيتم أو بقي منكم أحد ليسمعن بهذا الوادي وقد اخضر ها بين يديه وما خلفه » وكان كما قال رسول اللّه . عين منكور: ذكر أبو الريحان الخوارزمي في « الآثار الباقية » أن ببلاد كيمال جبل يسمّى منكوراً، وفيه عين في حفرة على قدر ترس كبيرة وقد استوى سطح الماء مع حافتها فربما يشرب منه عسكر ولا ينقص أصبعاً وعند هذه العين صخرة عليها أثر رجل إنسان وأثر كفيه بأصابعهما وأثر ركبتيه كأنه كان ساجداً وأثر قدم صبي وأثر حوافر حمار ويسجد لها الأتراك للقربة. عين منية هشام: وهي قرية بأرض طبرية، حكى الثعالبي أن بها عيناً يجري ماؤها سبع سنين دائماً، ثم ينقطع سبع سنين دائما هكذا وذلك معروف. عين النار: بين أقشهر وأنطاكية، حدّثني من رآها قال: إذا غمست فيها قصبة احترقت، وقال: كنت مع السلطان علاء الدين كيخسرو عند اجتيازه بها، فوقف عليها، وأمر بتجربتها فكان صحيحاً. عين ناطول: ناطول اسم موضع بمصر فيه غار، و في الغار عين ينبع الماء منها يتقاطر على الطين فيصير ذلك الطين قاراً، حكى بعضهم قال: رأيت من ذلك الطين قطعة نصفها قار والباقي طين. عين نهاوند: قال صاحب تحفة الغرائب: بأرض الجبال يقرب نهاوند عين في شعب جبل من احتاج إلى الماء لسقي الأرض يمشي إليها ويدخل الشعب وعنده يقول بصوت رفيع: إني محتاج إلى الماء، ثم يمشي نحو زرعه فالماء يجري نحوه، فإذا انقضت حاجته يرجع إلى الشعب عند العين، ويقول: قد كفاني الماء، ويضرب برجله على الأرض فإن الماء ينقطع. عين هرماس: عين عجيبة بقرب نصيبين على مرحلة منها وهي مسدودة بالحجارة والرصاص لئلّا يطلع منها ماء كثير، فيغرق المدينة، وكان المتوكل على اللّه لمّا وصل إلى نصيبين سمع بأمر هذه العين وعجيب شأنها وكثرة مياهها أمر بفتحها، ففتح منها شيء يسير، فغلب عليه الماء غلبة شديدة فأمر بإحكامها وردّها إلى ما كانت، فمن هذه العين يحصل نهر الهرماس، فيسقي نصيبين وفاضل مائها ينصب إلى الخابور ثم إلى الثرثار ثم إلى دجلة. عين الهم: قال صاحب تحفة الغرائب: إذا توجهت من طريق جهينة إلى جرجان ترى في سفح جبل عيناً يجتمع ماؤها في غدير مقدار غلوة سهم في غلوة سهم وفي هذا الغدير شجرة ليس عليها غصن ولا لحى ترى بالليل كأنّها تدور في ذلك الغدير وقد تختفي أربعة أشهر ولا علم لأحد بحالها ثم تظهر، وربّما يتفق في بعض الأوقات أن يكون مدة اختفائها سنتين ثم تظهر وإذا كانت السنة مطيرة كان ظهورها أسرع، وفي بعض الأوقات شدوها بالحبال لما دنت مدة غيبتها شدّا رثيقاً فأصبحوا والحبال مقطعة والشجرة ذاهبة فأخبر بذلك رافع بن هرثمة صاحب جرجان وخراسان، فوكّل بها من ينظر إليها لما دنت مدة غيبها ليلاً و نهاراً، فترقبوا أربعة أشهر، ثم اتفق لهم غيبته فعادوا والشجرة قد ذهبت، فأخبر بذلك رافع وكان في عسكره غواص كوفي فأمره أن يغوص ويعرف حالها فغاص زماناً طويلاً، ثم خرج وقال: نزلت ألف ذراع، وما رأيت لها أثراً، وتسمى هذه العين عين الهم بينها و بين بحر السكون يوم. عين ياسي جمن: بين أخلاط وأرز الروم موضع يقال له، ياسي جمن به عين يفور الماء منها فوراناً شديداً يسمع صوته من بعيد وإذا دنا الحيوان منها يموت في الحال فترى حولها من الطيور والوحوش موتي ما شاء الله تعالى و قد وكّلوا بها من يمنع الغريب عنها. عين يل: يل ضيعة من ضياع قزوين عندها جبل يخرج من شعب من شعابه ماء حار جدّا ويجتمع في حوضين هناك يقصدها الزمنى والجربا وأصحاب العاهات تنفعهم نفعاً بيناً وتسمى يله كرمان، واللّه الموفق للصواب. أما الآبار فنقول، وباللّه التوفيق بئر أبي كنود: من شرب من مائه يتحمق، يقال للرجل إذا أتى بما يلام عليه لا نعتبك فإنك شربت من ماء أبي كنود. بئر بابل: قال الأعمش: كان مجاهد يحب أن يسمع من الأعاجيب وكان لا يسمع بشيء إلاّ صار إليه وعاينه، فأتى بابل فلقيه الحجاج وقال: ما تصنع ههنا؟ قال: لحاجة أن تسير إلى رأس الجالوت لتريني هاروت وماروت فأرسل إلى رجل وقال: اذهب بهذا فأدخله على هاروت وماروت لينظر إليهما فانطلق به حتى أتى موضعاً وكان هناك يهودي عارف بذلك الموضع فسالاه أن يريهما فرفع صخرة، فإذا شبه سرداب، فقال اليهودي: انزل معي وانظر إليهما ولا تذكر اسم الله تعالى، قال مجاهد: فنزل اليهودي ونزلت معه، فلم يزل يمشي بي حتى نظرت إليهما مثل: الجبلين العظيمين منكوسين على رؤوسهما وعليهما الحديد من أعقابهما إلى ركبهما، فلما رآهما مجاهد لم يملك نفسه أن ذكر الله تعالى: فاضطرباً اضطراباً شديداً حتى كادا يقطعان ما عليهما من الحديد، فهرب اليهودي ومجاهد تعلق به حتى خرجا، فقال له اليهودي: أما قلت لك لا تفعل ذلك، كدنا والله نهلك. بئر بدر: بين مكة والمدينة، في الموضع الذي كانت فيه الوقعة المباركة بين رسول اللّه ومشركي مكة، فقتلوا المشركين ورهوهم في البئر، فدنا منها رسول الله وقال: « يا عتبة يا شيبة هل وجدتم ما وعدكم الله حقاً » فقيل: يا رسول الله هل يسمعون كلامنا؟ فقال رسول الله : « لستم بأسمع منهم ». وحكى بعض الصحابة رضي الله تعالى عنه أنه رأى في اجتيازه هناك شخصاً خرج من البئر هاربا، فخرج عقبه آخر معه سوط فضربه، وردّه إليها. بئر برهوت: بئر بقرب حضرموت وهي التي قال : « فيها أرواح الكفار والمنافقين »، وهي بئر عادية في فلاة وواد عظيم، وعن علي رضي أللّه تعالى عنه: أبغض البقاع إلى الله تعالى وادي برهوت فيه بئر ماؤها أسود منتن تأوي إليها أرواح الكفار. وحكى الأصمعي عن رجل من أهل حضرموت أنه قال: نجد من ناحية برهوت في بعض الأوقات رائحة فظيعة منتنة جدّا، فيأتينا الخبر بموت عظيم من عظماء الكفار، وذكر أن رجلاً بات بوادي برهوت قال: كنت أسمع طول الليل يا دومة يا دومة، فذكرت ذلك لرجل من أهل العلم فقال: إنه اسم الموكّل بأرواح الكفار. بئر بضاعة: بالمدينة في الخبر أن رسول اللّه أتى بئر بضاعة، فتوضأ من الدلو، وردها إلى البئر، وبصق فيها وشرب من مائها، فكان إذا مرض المريض في أيامه يقول: « اغسلوه بماء بضاعة، فيغتسل فكأنما نشط من عقال »، وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه تعالى عنها: كنّا نغسل المرضى من بئر بضاعة ثلاثة أيام فيعافون. بئر بنحن: بقرب واد زبيدة مشهورة وهي البئر التي حبس أفرا سياب فيها بنحن مكبلاً، وأنزل على رأس البئر صخرة عظيمة فذهب إليه دستم مختفياً، وسرقه وأتى به بلاد إيران ولها قصة طويلة. بئر قنصورة: وهي جزيرة بأرض الهند يجلب عنها الكافور القنصوري فيها صنف من السمك إذا أخرجته من البئر يصير حجراً صلداً. بئر جندق: جندق قرية من أعمال مراغة يخرج منها حمام كثير، حدّثني بعض فقهاء مراغة أنهم أرسلوا إليها رجلاً، ليعرف حال الحمام فنزل في البئر حتى زاد الجبل على خمسمائة ذراع، ثم أخرج فأخبر أنه لم ير من الحمام شيئاً، ورأى في آخرها ضوءاً وشيئاً كثيراً من الحيوانات الموتى. بئر دماوند: بئر عميق بجبل دماوند يصعد منها بالنهار الدخان وبالليل النار، وإذا رميت فيها شيئاً ينزل ويلبث ساعة ثم يرجع ويقع خارج البئر على الأرض. بئر ذروان: بالمدينة، طب فيها رسول الله فيما روى أبن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله مرض مرضاً شديداً، فبينما هو بين النائم واليقظان رأى ملكين أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما وجعه؟ قال: طب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، قال: وأين طبه؟ قال: في كرمة تحت صخرة في بئر كملي، فانتبه رسول الله وقد حفظ كلام الملكين، فوجه علياً وعماراً مع جمع من الصحابة حتى أتوا بئر كملى، وهو بئر ذروان فنزحوا ماءها حتى انتهوا إلى الصخرة فقلبوها فوجدوا الكوبة تحتها، وفيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة، فأحرقوا الكوبة وما فيها فزال عنه وجعه كأنه نشط من عقال فأنزل الله تعالى المعوذتين إحدى عشرة آية على قدر عدد العقّد، والله الموفق. بئر زمزم: في الخبر أن إبراهيم لما ترك إسماعيل وأمّه هاجر بموضع الكعبة وأراد الرجوع قالت له هاجر: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله قالت: حسبنا الله ونعم الوكيل، فأقامت عند ولدها حتى نفد ماؤها، فأدركتها الحنة على ولدها إسماعيل بموضعه وارتفعت على الصفا تنظر هل ترى عيناً أو شخصاً فلم تر شيئاً، فدعت ربّها واستسقته، ثم نزلت حتى أنت المروة فدعت مثل ذلك ثم سمعت صوت السباع فخشيت على ولدها فأسرعت نحو إسماعيل فوجدته يفحص والماء قد انفجر من عين من تحت عقبه، فلمّا رأت هاجر ذلك الماء جعلت تحوّطه بالتراب لئلا يسيل ويذهب، قيل لو لم تفعل ذلك لكان عيناً جارية؛ وقال محمد بن أحمد الهمذاني: كان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها أربعين ذراعاً، وفي قعرها عيون تجري عين حذاء الركن الأسود وعين حذاء أبي قبيس والصفا وعين حذاء المروة، ثم قل ماؤها في سنة أربع وعشرين ومائتين، فحفر فيها محمد بن الضحاك تسعة أذرع فزاد ماؤها، ثم جاء الله تعالى بالأمطار والسيول قي سنة خمس وعشرين ومائتين فزاد ماؤها وذرعها من رأسها إلى الجبل المنقور فيه أحد عشر ذراعاً وسعة فمها ثلائة عشرة أذرع وثلثا ذراع وعليها ميلان من ساج مربعة فيهما اثنا عشر بكرة يستقى عليها، وأول من عمل عليها الرخام وفرش به أرضها المنصور، وقال مجاهد: ماء زمزم إن شربت منه تريد شفاء شفاك الله تعالى، وإن شربته لظمأ أرواك الله تعالى، وإن شربته لجوع أشبعك الله، وقال المسعودي: إن ملوك الفرس يزعمون أنهم من أولاد الخليل من سبي بني إسرائيل وكانوا يحجون البيت ويطوفون به تعظيماً لجدّهم، وكان آخر عن حج منهم أردشير بن بابك طاف بالبيت وزمزم على البئر، وزمزمة المجوس قراءتهم عند صلواتهم وطعامهم. بئر ضاهك: بكورة أرجان ذكر أهلها أنهم امتحنوا قعرها بالأرسان فلم يقفوا على شيء ويفور منها الماء الدهر كله مقدار ما يدير رحاً تسقي تلك القرية. بئر عروة: بعقيق المدينة، منسوبة إلى عروة بن الزبير، قال الزبير بن بكار: كان الناس إذا مروا بالعقيق أخذوا من ماء بئر عروة يهدونها إلى أهاليهم، قال: ورأيت أبي يأمر به فيغلى ثم يجعله في القوارير ويهديه إلى الرشيد وهو بالرقة. بئر غرس: بالمدينة بقباء، كان رسول الله يستطيب ماءها ويبارك فيها، وقيل إِنه بصق فيها، فلهذا وجد فيها البركة و روى أن فيها عينا من عيون الجنة. بئر قرية عبد الرحمن: بأرض فارس جافة القعر طول السنة، حتى إذا كان الوقت المعروف من السنة ينبع منها ماء يرتفع على وجه الأرض مقدار ما يدير رحاً، ويجري وينتفع به سقي الزرع ثم يغور. بئر الكلب الكلب: بقرية من قرى أعمال حلب إذا شربت منها من عضّه الكلب الكلب برئ، وإنها مشهورة، قال بعض أهل القرية: إذا لم يجاوز المكلوب أربعين يوماً وشرب منها برئ، أما إذا جاوز الأربعين مات إن شرب، وذكر أنه شاهد ثلاثة أنفس مكلوبين فشربوا، فسلم اثنان وكانا لم يبلغا الأربعين ومات الثالث وكان قد جاوز الأربعين، وهذه بئر منها يشرب أهل الضيعة. بئر المطرية: في قرية من قرى مصر عليها شجر البلسان ويسقى من هذا البئر، والخاصية في البئر يقال إِنّ المسيح عليه الصلاة والسلام اغتسل فيها، والأرض التي تنبت هذا الشجر نحو نحو مد البصر في مثله محوط عليه وماء هذا البئر عذب فيه دهنية لطيفة، وقد استأذن الملك الكامل أباه الماك العادل أن يزرع فيه شيئاً من شجر البلسان فأذن له فغرم غرامات كثيرة وزرعها فلم ينجح شيئاً ولا خلص منه دهن البتة، فسأل أباه أن يجري له ساقية من المطرية فأذن له ففعل ذلك فنجح وليس في جميع الدنيا موضع ينبت فيه البلسان إلّا هذا الموضع، واللّه الموفق للصواب. بئر نيسابور: آبار كثيرة وهي معادن الفيروزج، كان يوجد فيها القطع الجيدة فظهر فيها العقارب القاتلة فامتنع الناس عنها بسبب ذلك الشيء. بئر هنديان: هنديان ضيعة بفارس بها بئر يخرج منها دخان يعلو لا يتهيأ لأحد أن يقربها، وإذا طار طائر فوقها سقط محترقاً. بئر يوسف الصديق: صلى اللّه عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء، التي ألقاه فيها إخوته وهي بالأردن على أربعة فراسخ من طبرية مما يلي دمشق، قال الأصطخري وغيره: كان منزل يعقوب عليه السلام بين نابلس و بين قرية يقال لها: سخل، ولم تزل هذه البئر مراراً للناس يتبركون بها ويشربون من مائها. وليكن هذا آخر الكلام في الأنهار والعيون والآبار، واللّه الموفق للصواب. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات
211545
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل الثالث
أمّا المستدير فنضرب قطر قاعدته في العمود الواقع بين السطحين ونقسم الحاصل على التفاوت بين قطري القاعدة والسطح الأعلى الموازي لها فما خرج فهو العمود المخروط التام ننقص منه العمود الأول فما بقي فهو عمود المخروط الصغير ثم نمسح المخروطين وينقص الأقل من الأكثر ليبقى مساحة المخروط الناقص، وأما المضلع فإن كان أضلاع قاعدته بحيث يمكن أن يحيط بها دائرة تماس زواياه أو يحيط بدائرة تماس جميع انصاف أضلاعه فيعمل بإحدى قطرى الداخلة والخارجة لكل واحد من السطحين ما عملنا في المستدير بقطري القاعدتين، وإن لم يكن فيه العمود معلوماً وكان المخروط قائماً وأعظم الخطوط الواصلة بين محيطي القاعدتين اعنى الواصل بين الزاويتين منهما معلوماً فنأخذ فضل قطر الدائرة الخارجة للقاعدة على الخارجة أيضاً للسطح الأعلى وننقص مربع نصف التفاضل عن مربع الخط المذكور المعلوم فما بقي فهو مربع العمود، وإن كان أصغر الخطوط الواصلة بين المحيطين معلوماً أعني الواصل بين ضعلين منهما القائم عليهما فنعمل بقطر الدائرة الداخلة منهما ما عملنا هناك بالخارجة، نوع آخر أن كان زاوية ميل سهم المخروط عن القائم معلومة فنضرب مقدار السهم في جيب تمام تلك الزاوية منحطا يحصل مقدار العمود وهذا النوع شامل للمخروط المائل أيضاً.
211546
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل الرابع
أمّا مساحة فضل المخروط فنضرب ثلث العمود الخارج عن مركز القاعدة الواقع على ضلع من أضلاعه في السطح المسدير للمخروط الناقص ليحصل المساحة، وأمّا مساحة فضل المعين المجسم فنضرب ثلث العمود الخارج من رأس المخروط التام الواقع على ضلع من أضلاع المخروط الناقص خارجاً كان أو داخلاً في السطح المستدير الواقع بين القاعدة المشتركة وبين السطح الأعلى المخروط الناقص ليحصل المساحة.
211547
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل الخامس
نضرب نصف قطرها في ثلث مساحة سطحها المحيط بها يحصل المساحة، نوع آخر نضرب ثلثي قطرها في مساحة أعظم دائرة يقع فيها، نوع آخر نكعب القطر ونأخذ منه أحد عشر جزء من احد وعشرين بالحساب المشهور، وأما بحسابنا فنضرب مكعب القطر في رابعة وهو سدس نسبة المحيط إلى القطر يحصل المساحة، نوع آخر نضرب سدس مكعب القطر في نسبة المحيط إلى القطر، نوع آخر نضرب ثلثي مكعب القطر في مساحة الدائرة إلى مربع القطر التي هي كما سبق، وأعلم أن الكرة تساوي اسطوانة قاعدتها تساوي أعظم دائرة يقع في الكرة وأرتفاعها بقدر ثلثي قطر الكرة، وأيضاً تساوي أربع مخروطات قاعدة كل واحد منها متساويه لأعظم دائرة في تلك وأرتفاعه مساو لنصف قطر تلك الكرة.
211548
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل السادس
نضرب نصف قطر الكرة في ثلث مساحة سطحه الأكبر يحصل مساحة القطع ثم ننقص أرتفاع القطعة عن نصف قطر الكرة ونضرب ثلث الباقي في سطح قاعدة القطعة يحصل مساحة المخروط القطاع ننقصه عن مساحة القطاع الذي هو أقل من نصف الكرة أو نزيد عليها إن كان أكثر والباقي أو الحاصل هو مساحة القطعة.
211549
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل السابع
يمكن أن يحيط بها محيط كرة تماس زواياها ويمكن أن يحيط كل واحد منها بكرة تماس مراكز قواعده أو بكرتين متوازيتين تماس أحديهما بعض قواعد المجسم والأخرى تماس بواقيها وكل واحد منها كمجتمع عن مخروطات مضلعات أمّا متساويات القواعد والأرتفاعات أو مختلفة القواعد والأرتفاعات يكون رؤسها متحدة عند مركز المجسم وهي سبعة مجسمات. أما الأول فهو ذو أربع قواعد مثلثات متساويات في الكرة وهو مجسم يحيط به أربعة مثلثات متساويات الأضلاع وهو مخروط مثلث القاعدة فكانه مؤلف عن أربعة مخروطات قواعدها قواعده ورؤسها مركزه والعمل فيه أن نربع قطر الكرة المحيطة ونأخذ جذر ثُلثيه وكذا جذر نصف مربع القطر فالأول ضلع القاعدة والثاني عمود مثلث القاعدة نضرب أحدهما في نصف الآخر يحصل مساحة أحدى قواعده نضربه في تسعي قطر تلك الكرة يحصل المساحة. نوع آخر نضرب قطر الكرة في خامسة يحصل ضلعه وتارة في خامسة يحصل عمود المثلث والباقي كما سبق. نوع آخر نأخذ جذر تسعي مربع القطر ونضربه في جذر سدس مربع القطر فما حصل نضربه في ثلث القطر يحصل المساحة وإن كان الضلع معلوماً وقطر الكرة وأرتفاع المجسم مجهولين نربع الضلع ونأخذ جذر ثلثيه فهو أرتفاع المجسم يساوي ثلثي قطر الكرة ونزيد نصف الأرتفاع عليه يحصل قطر الكرة. نوع آخر نضرب الضلع خامسة يحصل أرتفاع المجسم وهو ثلثا قطر الكرة، وأمّا الثاني فهو ذو ثماني قواعد مثلثات متساويات الأضلاع في الكرة والعمل فيه أن نضرب قطر الكرة التي تحيط به نصف القطر ثم الحاصل في ثلث القطر أو نضرب القطر خامسة تحصل المساحة نوع آخر أن ضلع قاعدته من أضلاعه معلوماً وقطر الكرة المحيطة مجهولاً نضعف مربع الضلع ونأخذ جذره فهو قطر الكرة. نوع آخر نضرب الضلع في خامسة يحصل القطر ثم نضرب مربع الضلع في ثلث القطر تحصل المساحة، وأمّا الثالث فهو المكعب الذي في الكرة والعمل فيه أن نأخذ ثلث مربع قطرها ويحصل جذره فهو ضلع المكعب يحصل منه مساحة بل نضربه في نفسه ثم نضربه في الحاصل. نوع آخر نضرب قطر الكرة في خامسة يحصل ضلعه وإن نقسم الضلع عليه يحصل القطر وظاهر أن قطر الكرة الداخلة فيه يساوي ضلعه والمكعب اسطوانة مربعه القاعدة أرتفاعها يساوي ضلع قاعدتها وقد ذكرنا مساحة الأسطوانة، وأمّا الرابع فهو ذو عشرين قاعدة مثلثات متساويات الأضلاع في الكرة والعمل فيه أن نربع قطر تلك الكرة ونأخذ نصف عشره وننقص جذره عن نصف قطر الكرة فما بقي نحفظه ونزيد مربعه على خمس مربع القطر ونأخذ جذر المجموع فهو ضلع قاعدة المجسم نوع آخر نأخذ خمس مربّع القطر الكرة ونضرب جذره في خامسة فما حصل فهو ضلع قاعدة المجسم. طريق آخر نضرب القطر في خامسة وهو وتر لنصف قوس يكون سهمها أربعة أخماس القطر على أن القطر واحد يحصل ضلع القاعدة فإذا حصل ضلع قاعدته يحصل منه سطح القاعدة ونضربها في عشرين دائماً ليحصل مساحة جميع سطح المجسم ثم ننقص مربع الضلع عن ربع مربع القطر ونأخذ جذر الباقي فهو نصف قطر كرة يحيط الشكل بها اعني العمود الخارج من مركز المجسم على سطح القاعدة. نوع آخر نضرب قطر الكرة في خامسة يحصل نصف قطر الكرة الداخلة ثم نضرب ثلث ذلك العمود في جميع سطح المجسم فما حصل فهو مساحة المجسم وإن كان ضلع مثلث القاعدة معلوماً وقطر الكرة مجهولاً نقسم مقدار الضلع على وتر خمس الدائرة وهو سادسة علة أن نصف قطرها واحد فما خرج نضلاب مربعه في الخمسة دائماً فالحاصل مربع قطر الكرة الخارجة التي يحيط بالمجسم. نوع آخر نقسم الضلع على خامسة يخرج القطر، وأما الخامس فهو ذو اثني عشرة قاعدة مخمسات متساويات الأضلاع والزوايا وقع في الكرة والعمل فيه أن نأخذ نصف سدس مربع القطر ونحصل جذره ثم نضرب ذلك اعني نصف سدس المذكور في خمسة دائماً ونأخذ جذر الحاصل وننقص منه الجذر السابق فما بقي فهو ضلع مخمس القاعدة. نوع آخر نضرب القطر في القاعدة كما سبق نضربه في اثنى عشر ليحصل منه مساحة سطح اثنى عشرة قاعدة ثم نحصل نصف قطر الكرة الداخلة كما سبق في ذي عشرين قاعدة بعينه اعني ننقص ثلث مربع ضلع المثلث في ذي عشرين قاعدة عن ربع مربع قطر تلك الكرة المحيطة ونأخذ جذر الباقي ونضرب القطر في خامسة يحصل ضلع مخمس القاعدة يحصل منه مساحة سطح القاعدة كما سبق نضربه في اثني عشر ليحصل مساحة جميع سطح اثني عشرة قاعدة ثم نحصل نصف قطر الكرة الداخلة كما سبق في ذي عشرين قاعدة بعينه أعني ننقص ثلث مربع ضلع المثلث في ذي عشرين قاعدة عن ربع مربع قطر تلك الكرة المحيطة ونأخذ جذر الباقي أو نضرب القطر في خامسة فما حصل فهو العمود الخارج عن مركز المجسم إلى مركز القاعدة نضرب ثلثه في مساحة سطح المجسم يحصل مساحة جسمه وهو المطلوب وإن كان ضلعه معلوماً وقطر الكرة المحيطة مجهولاً نربع الضلع ونزيد على ذلك المربع ربعه ونأخذ جذر المجموع وننقص عنه نصف الضلع فما بقي نزيده على الضلع المعلوم ونضرب مربع ما بلغ في الثلاثة دائماً فالحاصل هو مربع قطر الكرة التي يحيط بالمجسم. طريق آخر نقسم الضلع على خامسة يحصل قطر الكرة المحيط ولما كان كل واحد من عدد قواعد هذا المجسم وعدد زوايا ذي عشرين قاعدة اثني عشر وعدد زوايا هذا وقواعده عشرين أمكن أن يعمل أحدهما في الآخر بحيث تماس زوايا المجسم الداخل مراكز أضلاع الخارج فيكون الكرة المحيطة بالمجسم الداخل المماسة لزواياه هي الكرة الداخلة للمجسم الخارج المماسة لمراكز قواعده وكذا الحكم في المكعب أو ذي ثماني قواعد وقد عرفت استخراج قطر الكرة الداخلة وهي الكرة الخارجة للمجسم الداخل فاستخرج به ضلع المجسم ومساحته كما ذكرنا، وأمّا السادس فهو ذو أربع عشرة قاعدة ثمان منها مثلثات متساويات الأضلاع والست الباقية مربعات أضلاعها أضلاع المثلثات وكل واحد منها مساو لنصف قطر الكرة المحيطة به والعمل فيه أن نضرب جذر نصف مربع القطر في ربع مربع القطر اعني قاعدته المربعة ونحفظ الحاصل ثم نأخذ ثلث مربع القطر وكذا سدسه ونحصل جذر كل واحد منهما فالأول أربعة أمثال العمود الخارج عن مركز مثلث القاعدة إلى منتصف ضلعه والثاني العمود الخارج عن مركز المجسم إلى مركز المثلث فنضرب قطر الكرة وهو ضلع المثلث في أحدهما ثم الحاصل في الآخر فما حصل نزيده على المحفوظ فما بلغ فهو مساحة المجسم. طريق آخر نضرب القطر خامسة والحاصل في مربع القطر فما حصل فهو المحفوظ ثم نضرب القطر في خامسة مربع القطر في خامسة ثم نضرب الحاصل الأول في الحاصل الثاني فما حصل نزيده على المحفوظ ليحصل المساحة، وأمّا السابع فهو ذو اثنتين وثلاثين قاعدة يكون عشرون منها مثلثات متساويات الأضلاع واثنتا منها مجسمات أضلاعها أضلاع تلك المثلثات فكل واحد منها مساو لضلع المعشّر الواقع في أعظم دائرة وقعت في الكرة، والعمل فيه أن نقسم مربع قطر الكرة على ستة عشر ونأخذ جذر الخارج من القسمة في خمسة ونأخذ جذر الحاصل وننقص منه الجذر السابق فما بقي فهو ضلع قاعدة المجسم يحصل منه مساحة قاعديته أعني المخمس والمثلث كما سبق في مساحة السطوح ونضرب مساحة قاعدة المخمس في اثني عشر ليحصل جميع سطوح المجسمات ونضرب مساحة قاعدته المثلث في عشرين ليحصل جميع سطوح مثلثاته ثم ننقص ثلث مربع الضلع عن ربع مربع القطر فما بقي نأخذ جذره ونضرب ثلثه في جميع السطوح المثلثات ونحفظ الحاصل ثم نقسم الضلع على خامسة فما خرج ننقص مربّعه من ربع مربع القطر ونأخذ جذر الباقي ونضرب ثلثه في جميع السطوح المجسمات فما حصل نزيده على المحفوظ ليحصل مساحة المجسم. نوع آخر نضرب قطر الكرة في خامسة يحصل الضلع نحصل منه مساحة سطحي مخمسة ومثلثه ونجمع مخمساته تارة ومثلثاته أخرى كما سبق ثم نضرب القطر تارة في خامسة والحاصل في جميع مجسماته ونحفظ الحاصل وتارة في خامسة والحاصل في جميع مثلثاته ونزيد الحاصل على المحفوظ ليحصل المساحة وإن كان الضلع معلوماً والقطر مجهولاً نأخذ ربع مربع الضلع ونأخذ جذره ونزيد الربع المذكور على مربع الضلع ونأخذ جذر المجموع وننقص منه الجذر السابق فما بقي نزيده على الضلع فضعف الحاصل هو قطر الكرة المحيطة به. نوع آخر نقسم الضلع على خامسة يحصل القطر ومساحة هذه الأجسام المتساويات أضلاع القواعد لم يوردها أصحاب هذا الفن في كتب المساحة فاستخرجتها من الأصول ووضعت الأرقام المستعملة فيها في جدول مع كتابه اسامي تلك الأعداد والجدول هذا.
211668
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%85%D9%86
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب السابع/الفصل الثامن
أمّا المركبة ممّا ذكرنا مثلاً اسطوانة زيد عليه مخروط أو نقص منه وأمثال ذلك فنمسح كل واحد منها ثم نجمعهما أو نأخذ التفاضل على مايقتضي، وأمّا ما عدا ذلك فإن أمكن وضعه في إناء أو حوض يمكن مساحة تجويفه نضعه فيها ونصب عليه الماء أن جاور الماء عن رأسه ونعلم على الفصْل المشترك بين سطح الماء أو الإناء أو الحوض علامة ثم نخرج المجسم من الماء ونمسح الهواء الواقع في الموضع الذي انخفض عنه الماء فهو المطلوب.
211671
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%85%D9%86
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب الثامن
وهي موقوفة على معرفة هذه المتقدمة إذا كان جسمان متساويان في الحجم مختلفان في الوزن فإن نسبة وزن الأول وزن الثاني عند تساوي جحمها كنسبة حجم الثاني إلى حجم الأول عند تساوي وزنها مثلاً يكون نسبة وزن الحديد إلى وزن الخشب كنسبة حجم الخشب إلى حجم الحديد عند وزنهما، والحيلة في معرفة هذه النسبة بين الأجسام المتطرقة وغيرها أن نأخذ قمقمة يكون أنبوبتها منحية مائلة الرأس إلى أسفل ونملاها ماء صافياً ونضعه كفة ميزان تحتها فإذا اسقطنا أو أولجنا فيها شيئا من الفلزات أو الجوهر أو غير ذلك، وينبغي أن يكون مصمنا لا مجوفا، نخرج من الأنبوبة بقدر حجم ذلك الجسم ماء، وإذا أسقطنا فيها جسماً آخر يكون وزنه مساويا لجسم الأول فخرج منها مقدار آخر من الماء، فيكون نسبة وزن الماء الأول إلى وزن الماء الثاني كنسبة حجم الماء الأول بل حجم الجسم الأول إلى حجم الماء الثاني بل حجم الثاني وكذا يكون النسبة بين وزن الجسم الثاني إلى وزن الجسم الأول عند تساوي حجمهما فإذا اسقطنا في القمقمة مائة مثقال مثلاً من كل واحد الأجسام التي سنوردها في الجدول ونوزن ماء كل واحد يحصل لنا نسبة حجم بعضها مع بعض عند تساوي الوزن بل نسبة وزن بعضها مع بعض عند تساوي بحجم بالتكافي. ولاستخراج نسب المايعات ينبغى أن نأخذ إناء ونعرف كم يسع ماء وهكذا كم يسع كل مايع لنعرف نسبة وزن الماء إلى وزن كل واحد منها عند تساوي الحجم وقد عرفت نسبة وزن الماء إلى وزن احد من الفلزات عند تساوي حجمهما فنعرف نسبة وزن ذلك الفلز إلى وزن كل واحد من المايعات عند تساوي الحجم، وإن أردنا معرفة مكعب ذراع من كل واحد منها نطلب بركة يكون جذرانها إمّا مستوية أو مستديرة قائمة على سطح الأفق، وكل واحد من أبعادها الثلاثة أكثر من ذراع، وكلما كانت البركة أعظم يكون العمل بها أصح تم نملؤها ماء، و نعلم الفصل المشترك بين سطح الماء وجدران البركة، ثم نخرج منها بعضاً من الماء بقدر ما نحفظ به سطح الماء من العلامة ذراعاً واحداً ونوزن ما نخرج منها ثم نقسم وزن الماء الذي اخرجناه على مساحة سطح الماء ليحصل وزن مكعب ذراع من الماء ونستخرج منه وزن مكعب كل جنس نزيد على نسبة وزنها عند تساوي الحجم، وقد أوردنا الحكيم المحقق عماد الدّين الخوام البغدادي تغمده الله تعالى بغفرانه في الرسالة الهائية جدولين في نسب الفلزيات والجواهر وبعض المائعات مستخرجين عن كتاب ميزان الحكمة وهما غير صحيحين في كثير من النسخ التي طالعتها بسهو الناسخين ولم يتعرض ذلك أحد من شارحيه وقال الفاضل المحقق كمال الدين الحسن الفارسي في الشرح أن لا سبيل لنا إلى تصحيح الجداول ونحن صححناها عن كتاب ميزان الحكمة وذكرنا كيفية استخراجها أيضاُ لمن أراد امتحانها واوردنا جدولا فيه أوزان الأجسام المتساوية الحجم على أن وزن الأثقل وهو الذهب مائة سواء كانت مثقالا أو اوقية أو رطلا أو غيرها، وكذا على أن وزن الذهب ألفان وأربعمائة إذ هو مجنس طساسيج المائة الصحيحة مع أوزان مياه الأجسام، على أن وزن كل واحد إمّا مائة وإمّا ألفان وأربعمائة، ونحولها إلى أرقام الجمل لإنه إذا وقع بالاتنساخ منه غلط في واحد سهل تصحيحه من آخر وكذا، اوردنا وزن مكعّب ذراع اليد بالمثاقيل والرطال أيضاً، وهذه كلها على الأمر الأوسط والجداول هذه. ثم إذا كان مجسم معلوم الوزن ونريد مساحته نقسم وزنه على وزن مكعب ذراع منه يحصل المساحة وإذا كانت مساحة معلومة ونريد الوزن نضربها في وزن مكعب ذراع منه يحصل وزنه.
211703
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب التاسع
ولم يذكر منها اصحاب هذا الفن سوى الطاق والأزج، وذلك أيضاً ليس ما ينبغي فأورتها على ما ينبغى مع سائره لأن الاحتياج بمساحة العمارات أكثر من سائرها، وجعلته مشتملاً على ثلاثة فصول: الفصل الأول في مساحة الطاق والأزج الفصل الثاني في مساحة القبة المجوفة الفصل الثالث في مساحة سطح المقرنس
211704
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9
كتاب ميزان الحكمة
الحمد لله الذى لا إله إلا هو الحكم الحق العدل، والصلوة على جميع أنبيائه ورسله الذين بعثهم إلى عباده للعدل، وخصص نبينا محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بالشريعة السمحة العدل. وبعد فإن العدل الفضائل جملة وملاك الخيرات أجمع، لأن الفضيلة التامة هي حكمة، وهي في شقى العلم والعمل، وشطرى الدين والدنيا علم تامّ وفعل محكم والعدل مجمع بينهما، وملتقى كماليها به ينال قاصية كل مجد، وبسببه يحاز وقصب السبق في كل خير، ولاعتلائه ذروة الكمال عرف البارى تعالى نفسه إلى خلص عباده باسم العدل وبنوره صار العالم مستوفياً أقسام الكمال والتمام، ومستولياً على الأمد الأقصى في النظام وإليه الإشارة بقوله عليه السلم « بالعدل قامت السمـٰوات والأرض »، ولما اختص العدل بهذه الرتبة العلية والمنزلة السنية أفاض الله عليه خلع الرضاء والمحبة، وأحبه إلى قلوب عباده جملة حتى صار مألوف الطباع ومطلوب النفوس، وتراها متشوتة إلى تجربته بمجهود، وسعهم فإن عاقهم عنه عائق أو صرفهم إلى ضدّه صارف يجدون في أنفسهم اعترافاً به وأقراراً بحقيقته حتى أن الجائر يستحسن عدل غيره، ولذلك ترى النفوس تتألم عن كل ما كان مركباً ليس على نظام مستقيم فتكره العرج والعور وتتشأم به، وللوفاء بقضيته ما جعل الله تعالى الإنسان الواقعة في الأطراف زوجين اثنين، وفي الأوساط واحداً أوحداً، ثم أهاب بهم إلى سلوك سبل السعادة باستعمال العدل وملازمة الاستقامة على ما قال تعالى: ﴿ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾ إرادة للخير بهم، وأفاضة للرحمة عليهم وجعله حكماً بين الخليقة، ورضى بينهم على الحقيقة حتى لا يعبر أحد جسر النجاة إلا بجواز من الاستقامة في العمل، ولا يسكن أحد حريم السعادة إلا بتوقيع من العدل في العلم والعدل في العلم هو تحقق المعلوم على وجهه بطريقه مصوناً عن وصمة الشك والاشتباه والعدل في العمل نوعان: الأول العمل وهو تهذيب الأخلاق، ورعاية المساواة بين قوى النفس والقيام عليها بحسن السياسة على ما قيل أعدّل الناس من انصف عقله من هواه، ومن تمامه بثّ النصفة بين دونه وكفّ أذاه عن غيره حتى يأمن الناس شرّه. الثاني والمعاملة وهى رعاية الإنصاف بين نفسه ومعاملته في أداء حقوقهم واستيدائها منهم، والعدل هو القوام لأمر الدين والدنيا، والركن لسعادة الآخره والأولى فمن تمسك به أو بشعبة من شعبه فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، ولعناية رحمة الله تعالى برعاية مصالح عباده، وتقويمهم على نهج سداده. أراد أن يبقى العدل بينهم إلى يوم الدين بلا نهاية لا يخلف جديده مرور الأزمنة والأحقاب، وعلم أنهم ظالموا أنفسهم باتباعهم مواجب طباعهم، وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها وحفظ عليهم بشمول رأفته وسعة رحمته نظام الخير بعث فيهم حكام عدل يحفظون عليهم العدل ولا يفترون وهم ثلاثة بحسب أقسامه:- فالأول كتاب الله العزيز الذي يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو القانون الأعظم المرجوع إليه في الفروع والأصول والمحكوم به بين الفاضل والمفضول ويتبعه سنّة النبى عليه السلم، والثاني الأئمة المهتدون والعلماء الراسخون المنتصبون لحلّ الشبه، ورفع الشكوك الذين هم نواب الرسول وخلفائه في كل عصر وزمان وهم الحماة لحوزة الدين والهداة للخلق إلى سبل النجاة عند اعتراض الشكوك والشبهات ومنهم الوالى العدل المشار إليه بقوله عليه السلطان ضلّ الله تعالى في أرضه يأوى إليه كل مظلوم والحاكم. الثالث الميزان الذي هو لسان العدل وترجمة الإنصاف بين العامّة والخاصّة والحكم العدل في قضيته الذي رضى بقضائه الفصْل كلّ بَرّ وفاجر ومنصف ومتعسفٍ القائم باستقامته لفصل خصوماتهم الحافظ عليهم النظام والعدل في تصرفاتهم معاملاتهم الذي جعله الله قرينة قرآنه، ونظمها في سلك امتنانه فقال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ﴾ وجعل المنة في وضع الميزان مقرونة بالمنة في رفع السماء فقال عز وجل: ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ وقال تعالى: ﴿ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ﴾ وهو في الحقيقة نور من أنوار الله تعالى أفاض على عباده من كمال عدله ليفصلوا به بين الحق والباطل والمستقيم والمائل لأن حقيقة النور ما يظهر بنفسه فيبصر ويظهر غيره فبصر به والميزان هو الذي يعرف منه استقامته وانحرافه ويعرف منه استقامة غيره وميله ولشدة ظهوره ووكأدة أمره ما عظم الله شأنه وفجم أمره حيث سلك به كتابه والسيف فقال تعالى: ﴿ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ فإذا الميزان هو أحد الأركان الثلاثة التي بها يقوم العدل الذي به قوام العالم وبهذه المناسبة سمى العدل ميزان الله بين عباده، وبما هو نموذج له نفى الظلم عن حكمه يوم الدين فقال تعالى: ﴿ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ﴾ فمن أوتي الميزان بالقسط ﴿ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ قال الخازني: بعد ذكر الميزان المطلق ميزان الحكمة الذي اشنبطته الأفكار وأكملته التجربة والإمتحان عظيم الشأن لما فيه من المنافع ونيابته عن حذّاق الصناع منها الأولى دقة الوزن يظهر فيه تفاوت مثقال أو حبّة، وإن كانت زنته بجميع أعضائه ألف مثقال هذا إذا صانعه دقيق اليد لطيف الصنعة عالماً بها. الثانية يتحقق به صميم الفلزّ من مغشوشه آحاد آحاد منها من غير تخليص، والثالثة يعرف به ما في الجرم الممتزج بجرم آخر من الفلزات مثنی مثنی من غير أن يفكّ بعضها من بعض بسبك أو تخليص أو تغيير هيئة بأسرع وقت وأهون سعی. والرابعة يعرف به فضل وزن أحد الفلزين على الآخر في الماء إذا استوى وزنهما في الهواء، وعكسه في الهواء إذا استوى وزنهما في الماء ونسب حجم بعضها إلى بعض من وزنهما فيهما، والخامسة يعرف به جوهر الشيء الموزون من زنته بخلاف سائر الموازين لإنها لا تفصل بين الذهب والحجر الموزونين، والسادسة إذ حوّلت أبعاد الكفّات عن المعلاق إلى نسبة مفروضة نحوالسعر والمسعّر والسبعة والعشرة للدراهم والدنانير يعرف أشياء عجيبة نحو قيم الأشياء من غير واسطة الصنجات يشار إلى الجوهر الذي تقوم ذاته ويبين ما يساويه حكما ومن مسائل الصرف والمعاملات ودار الضرب في تغيّر العيار ومسائل غريبة، والسّابعة هو الغرض الأقصى فيه وهو معرفة حقّية الجواهر الحجرية کالیاقوت، واللعل والزمرد واللؤلؤ لأنه الحكم الحق بينها وبين أشباهها وملوناتها المغشوشة، فهذه المعانى دعتنا إلى النظر فيه، وجمع هذا الكتاب بعون الله وحسن توفيقه. وهذا الميزان العدل مبنى البراهين الهندسيّة، ومستنبط من العلل الطبيعيّة من وجهين:- أحدهما من مراكز الأثقال الذي هو أجلّ أقسام العلوم الرياضية وأشرفها، وهو معرفة أوزان الأثقال المختلفة المقادير بتفاوت أبعاد ما يقاومها وعليه مبنى القفّان، والثاني معرفة أوزان الأثقال المختلفة المقادير بتفاوت أجرام رطوبات يغاص فيها الموزون دقة وخثورا، وعليها مبنى ميزان الحكمة، وأشار القدماء إلى التنبيه عليهما إشارة على ما هو دأبهم في إخراج الخبايا، وإظهار الخفايا من الحكم الجليلة، والمعلوم النفيسة، فرأينا أن نجمع من هذا الفنّ ما استفدنا من تصانيفهم، والذين يلونهم من الحكماء مضموما إلى ما سمح الخاطر به بعون الله وتوفيقه. فنقول أن لكل مناعة مبادئ يبتنى عليها، ومصادرات يستند إليها من جهلها خرج عن طبقة من يخاطب فيها، وتفنّن تلك المبادئ والمصادرات إلى ثلاثة فنون: الأول أن تكون حاصلة من أول الولادة، والنشوء عن إحساس واحد أو إحساسات كثيرة ولم يتعمّد لها، وهي التي تسمى الأوائل والعلوم العامية المتعارفة، والثاني أن تكون مبرهنة في علوم أخرى، والثالث أن تكون مستفادة عن التجربة والمزاولة، وهذه الصناعة التي أردنا الشروع فيها لما كانت مركبة من صناعتي الهندسية والطبيعية جامعة من مقولتي كم وكيف، وقد كانت لكل واحدة من الصناعتين المبادئ المذكورة، فبالواجب صارت الأقسام الثلاثة من المبادئ حاصلة لها فلا يتمّ معرفتها به دون استحكامها، وبعض العلوم المتعارفة لهذه الصناعة لما قد بلغت من وضوحها إلي حيث لا يحتاج إلى مصادرتها في المكتب فضربنا صفحاً، ولم نسلك هذا المسلك في بعضها الذي لم يبلغ في الوضوح المبلغ الذي ذكرناه عند الحاجة له، وأمّا المبادئ التي يحصل بعد التجربة والمشاهدة، وكذلك التي برهن عليها في علوم أُخر قد نبّهنا على مقدار الكفاية منها إشارة ورامزاً. قيل أنه كان سبب فكرة الحكماء إلى وضع هذا الميزان والدّاعى إليه هو كتاب مانالاوس إلى درماطيانوس قال: أيها الملك إنّ إيارون ملك سقلية أُتي يوماً بإكليل عظيم القدر أُهدى إليه من بعض النواحي، وكان مُتقن الصنعة مُحكم العمل، وأنّه عرض لإيارون أن هذا الإكليل ليس بذهب خالص لكنّه مشوب بفضّة، ففحص عن أمر الإكليل فتبيّن أنّه من ذهب وفضّة فأحبّ معرفة مقدار ما فيه من كلّ واحد منهما، وكره كسر الإكليل لما كان عليه من إتقان الصّنعة. فسأل ذوي الهندسة والحيل عن ذلك، فلم يوجد فيهم أحد كانت عنده الحيلة في ذلك إلا الأرخميدس المهندس، وكان في صحبة إيارون، فاستنبط حيلة بتهيّأ بها أن يعلم إيارون الملك كم فى الإكليل الذهب وكم فيه من الفضة والإكليل ثابت على هيئته بحيلة لطيفة، وكان هو قبل الإسكندر ثم نظر فيه مانالاوس، واستخرج فيه طرقاً كليّة حسابية، وله فيه رسالة، وكان بعد الإسكندر بأربعمائة سنة، ثم نظر فيه من المتأخرين فى أيام المأمون سند بن على ويوحنا بن يوسف وأحمد بن الفضل المساح وفي أيام السامانية محمد بن زكريا الرازي، وعمل فيه رسالة ذكرها في كتاب الإثني عشر، وسماه الميزان الطبيعي، وفي أيام الدولة الديلمية كان ينظر فيه ابن العميد والفيلسوف ابن سينا ويمّيزان الجرم المتمزج علماً وحکماً، ولم يصنّفا فيه تصنيفا، وفي أيام آل ناصر الدین نظر فيه أبو الريحان، ورصد فيه نسب أجرام الفلزات والجواهر، واستخرج لتمييز بعضها عن بعض حكماً وعلماً لا سبكاً وتخليصاً طرقاً حسابية، ومن هؤلاء المذكورين من زاد فيه كفة ثالثة مزدوجة مع إحدى الكفتين لمعرفة زنة مقدار شول إحدى الكفتين في الماء وسهلوا بتلك الزيادة بعض التسهيل، ثم في هذه الدولة القاهرة - ثبتها الله تعالى - نظر فيه الأمام أبو حفص عمر الخيامي، وحقّق القول فيه وبرهن على صحّة رصده، والعدل به لماء معيّن دون ميزان معلم، وكان معاصره الأمام أبو حاتم المظفر بن إسماعيل الإسفزاري ناظراً فيه مدة أحسن نظر، ومتأملاً في صنعته، ومتأنقاً فى حدّته، وسعى في تسهيل العمل به على من أراده، وزاد فيه منقّلتين للتمييز بين جوهرين مختلطين، وأشار إلى إمكان وجود مراكز الفلزات على عموده استقراء، ورصداً لماء معيّن إلا أنه لم يشير إلى كميّة أبعادها عن المحور أجزاء وعدداً، ولا إلى شيء من أعمالها سوى شكل الميزان، وسماه ميزان الحكمة ومضى إلى رحمة الله تعالى قبل إتمامه وتدوينه. وبعد جميعهم يقول الخازني: إن الموازين المستعملة في الماء يأتي أشكالها على ثلاثة أصناف:- الأول صنف ذو كفتين معهودتين يقال له الميزان المطلق الساذج وربما يزيدون شعيرات على عموده والثاني ذو ثلاث كفات طرفيات إحديها منوطة تحت الآخرى، وهي المائية يقال له الميزان الكافي أو المجرّد عن المنقلة والثالث ذو خمس كفات يقال له الميزان الجامع، وهو ميزان الحكمة ثلاث منها مائية وثنتان منقلتان عن موضعهما وإن معرفة نسب الفلّزات بعضها إلى بعض معينة إلى اتمامه بحيلة لطيفةٍ جزئية لكلّ من نظر فيه أو هيّأه، بإثبات المراكز منها عليه لماء مخصوص مناسب في اللطافة لماء جيحون خوارزم دون سائر المياه، ويمكن بهذا الميزان أيضاً للمتأمل الحاذق أن يرصد مراكز الجواهر والفلزات عليه كما أذكره إن شاء الله تعالى في أثناء الكتاب بكل ماء أتّفق في كلّ زمان بأهون سعى، وأقرب مدة وأسهل عمل بعون الله تعالى، ويمن دولة السلطان الأعظم شاهنشاه المعظم مالك رقاب الأمم سيد سلاطين العالم سلطان أرض الله ناصر دين الله حافظ عباد الله ملك بلاد الله معيّن خليفة الله معزّ الدنيا والدين كهف الاسلام والمسلمين عضد الدولة القاهرة وتاج الملّة الزاهرة، ومغيث الأمة الباهرة أبي الحارث سنجر بن ملكشاه بن ألب أرسلان برهان الدين أمير المومنين أدام الله سلطانه، وضاعف اقتداره فإن يمنه شمس العالم التي تضيئه وعدله روحه التي تحييه أستمددتُ من أنواره المشرقة في الآفاق فتهدّيت بها إلى ما فى قوة هذا العل وصنفت كتاباً فى ميزان الحكمة لخزانته المعودة في شهور سنة خمس عشرة وخمسمائة لهجرة بنينا محمد المصطفى وتّم ذلك بسعادته، ويمن دولته العالية الشاملة لجميع الدول بما خصّه الله تعالى به من الشجاعة والبأس حتى فتح الأقاليم شرقاً وغرباً، ومن الفضائل المجتمعة فيه من طيب العنصر وكرم الطبع والمنشأ المحمود والمجد السامي، وراثة واكتساباً فهو أدام الله سلطانه سيّد أهل العالم، ومستوفي جميع مراتب الإنسيّة ونسأل الله تعالى أن يطيل له فى مدته ويزيد فى علوه وقدرته وسلطانه وبسطته إنه ولي ذلك والقادر عليه. وجعلت الكتاب ثلاثة أقسام:- الأول منها في الكليات والمقدمات نحو الثقل والخفة ومراكز الأثقال ومقدار غوص السفن في الماء واختلاف أنساب الوزن، وصنعة الميزان والقفان وكيفية الوزن به في الهواء والمائعات، ومقياس المائعات لمعرفة الأخفّ والأثقل منهما من غير وساطة الصنجات، ومعرفة النسب بين الفلزات والجواهر في الحجم، وأقوال المتقدمين والمتأخّرين في ميزان الماء وما أشاروا إليه، هذا القسم يشتمل من الكتاب على أربع مقالات مرتبة، والثاني منها في صنعة ميزان الحكمة وامتحانه، وإثبات مراكز الفلزات والجواهر عليه، ووضع صنجات لائقة به ثم العمل به في تحقق الفلزات، وتمييز بعضها من بعض من غير سبك، ولا تخليص بعمل شامل للموازين كلها، ومعرفة الجواهر الحجرية وتمييز حقها من أشباهها وملوناتها، وزاد فيه من باب الصرف ودار الضرب بالعمل الكلي البياعات والمعاملات، وهذا القسم يشتمل على ثلاث مقالات والثالث منها يشتمل على طرف الموازين وملحها نحو ميزان الدراهم والدنانير من غير وساطة الصنجات، وميزان تسوية الأرض على موازاة السطح الأفقي، وميزان يعرف بالقسطاس المستقيم يوزن به من حبة إلى ألف دراهم ودنانير بثلاث رمانات، وميزان الساعات يعرف به الساعات الماضية من ليل أو نهار وكسورها بالدقائق والثواني وتصحيح الطالع بها بالدرج و كسورها، وهو يشتمل على مقالة واحدة، فصار الكتاب ثماني مقالات، وكل مقالة تشتمل على أبواب، وكل باب يشتمل على فصول كما يأتي في هذا الفهرس إن شاء الله تعالى، وهو ولي التوفيق. الذي يسمى الميزان الجامع ثمان مقالات ونشرع في القسم الأول من الكتاب متوكلين على الله، ومصلين على نبيه محمد وآله، وهذا القسم يشتمل على أربع مقالات نذكرها مفصلة مشروحة، إن شاء الله تعالى. المصادر كتاب ميزان الحكمة على موقع مكتبة الإسكندرية كتاب ميزان الحكمة على موقع أرشيف الإنترنت كتاب ميزان الحكمة على موقع مكتبة جامعة بنسيلفانيا علوم و رياضيات علوم رياضيات
211721
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
الطبقات الكبرى/الجزء الأول
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد النبي العربي الكريم. وعلى آله وصحبه. وسلم أخبرنا الشيخ الإمام العالم الحافظ العلامة النسابة شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي. رحمه الله. قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا الشيخ الإمام محدث الشام ومسنده شمس الدين أبو الحجاج يوسف بن خليل ابن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن دهبل بن علي بن كارة قال: أخبرنا القاضي أبو بكر بن محمد بن عبد الباقي بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله الجوهري عن أبي عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ بن حيويه الخزاز عن أبي الحسن أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشاب عن أبي محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي عن أبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع. رحمه الله. قال: ذِكْرُ مَنِ انْتَمَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. أَخْبَرَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رسول الله. ص: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ]. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ. أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ عن واثلة بن الأسقع قال: [قال رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ] . قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ الْمَدَنِيُّ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ الليثي. أخبرنا جعفر بن محمد ابن عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: قَسَمَ اللَّهُ الأَرْضَ نِصْفَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا. ثُمَّ قَسَمَ النِّصْفَ عَلَى ثَلاثَةٍ فَكُنْتُ فِي خَيْرِ ثُلُثٍ مِنْهَا. ثُمَّ اخْتَارَ الْعَرَبَ مِنَ النَّاسِ. ثُمَّ اخْتَارَ قُرَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ. ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ. ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. ثُمَّ اخْتَارَنِي مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ وَيُونُسُ بْنُ محمد المؤدب قالا: أخبرنا حماد ابن زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو. يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: [إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ الْعَرَبَ فَاخْتَارَ مِنْهُمْ كِنَانَةَ أَوِ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ قُرَيْشًا ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ اخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا الْعَلاءُ بْنُ خَالِدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ قال: [قال رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ الْعَرَبَ فَاخْتَارَ كِنَانَةَ مِنَ الْعَرَبِ وَاخْتَارَ قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَاخْتَارَنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أنا سابق العرب]. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ» التوبة: 128. قَالَ: قَدْ وَلَدْتُمُوهُ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ. أَخْبَرَنَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ. فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ بِاللَّيْلِ وَمَعَهُ رَجُلٌ يُسَايِرُهُ إِذْ سَمِعَ حَادِيًا يَحْدُو وَقَوْمٌ أَمَامَهُ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: [لَوْ أَتَيْنَا حَادِيَ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ! فَقَرَّبْنَا حَتَّى غَشَيْنَا الْقَوْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: مِنْ مُضَرَ. فَقَالَ: وَأَنَا مِنْ مُضَرَ. وَنَى حَادِينَا فَسَمِعْنَا حَادِيَكُمْ فَأَتَيْنَاكُمْ]. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ: [لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْبًا فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: مِنْ مُضَرَ. فَقَالَ: وَأَنَا مِنْ مُضَرَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّا رِدَافٌ وَلَيْسَ مَعَنَا زَادٌ إلا الأسودان. فقال رسول الله. ص: وَنَحْنُ رِدَافٌ مَا لَنَا زَادٌ إِلا الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ]. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الجمحي عن طاووس قَالَ: [بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ إِذْ سَمِعَ صَوْتَ حَادٍ فَسَارَ حَتَّى أَتَاهُمْ. فَلَمَّا أَتَاهُمْ قَالَ: وَنَى حَادِينَا فَسَمِعْنَا صَوْتَ حَادِيكُمْ فَجِئْنَا نَسْمَعُ حُدَاءَهُ. فقال: من القوم؟ قالوا: مضريون. فقال. ص: وأنا مضري. فقالوا: يا رسول الله إن أَوَّلَ مَنْ حَدَا. بَيْنَمَا رَجُلٌ فِي سَفَرٍ فَضَرَبَ غُلامًا لَهُ عَلَى يَدِهِ بِعَصًا فَانْكَسَرَتْ يَدُهُ. فَجَعَلَ الْغُلامُ يَقُولُ وَهُوَ يُسَيِّرُ الإِبِلَ: وا يداه... وا يداه! وَقَالَ: هَيْبًا هَيْبًا. فَسَارَتِ الإِبِلُ]. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى الأَشْجَعِيُّ الْقَزَّازُ. أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ. وَكَانَ أَدْرَكَ بعض أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: [جَاءَتْ بَنُو فُهَيْرَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فَقَالُوا إِنَّكَ مِنَّا. فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ لَيُخْبِرُنِي أَنِّي رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ]. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ [ذَكَرَ مُضَرَ فِي كَلامٍ لَهُ فَقَالَ: إِنَّ مِنْكُمْ سَيِّدَ ولد آدم. يعني النبي. ص]. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: [جَاءَ وَفْدُ كِنْدَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ جِبَابُ الْحِبَرَةِ وَقَدْ لَفُّوا جُيُوبَهَا وَأَكِمَّتَهَا بِالدِّيبَاجِ. فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَسْلَمْتُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَأَلْقُوا هَذَا عَنْكُمْ. قال: فخلعوا الجباب. قال: فقالوا للنبي. ع: أَنْتُمْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَنُو آكِلِ الْمُرَارِ. قال: فقال لهم النبي. ص: نَاسِبُوا الْعَبَّاسَ وَأَبَا سُفْيَانَ. قَالَ: فَقَالُوا لا نناسب غيرك. قال: فلا! نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لا نَقْفُو أُمَّنَا وَلا نُدَّعَى لِغَيْرِ أَبِينَا]. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِوَفْدِ كِنْدَةَ حِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ. فَزَعَمُوا أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمْ. فقال رسول الله. ص: [بَلْ نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لَنْ نَقْفُوَ أُمَّنَا وَلَنْ نُدَّعَى لِغَيْرِ أَبِينَا]. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ. [ص: إِنَّ هَهُنَا نَاسًا مِنْ كِنْدَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ منهم. فقال رسول الله. ص: إنما ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ لِيَأْمَنَا بِالْيَمَنِ. مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نُزَنِّيَ أُمَّنَا أَوْ نَقْفُوَ أَبَانَا. نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ. مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ] ». أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْهَيْصَمِ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: [قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَفْدٍ مِنْ كِنْدَةَ لا يَرَوْنِي أَفْضَلَهُمْ. قَالَ عَفَّانُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّكُمْ مِنَّا. قَالَ فَقَالَ: نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لا نَقْفُو أُمَّنَا وَلا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا]. قَالَ فَقَالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: لا أَسْمَعُ أَحَدًا يَنْفِي قُرَيْشًا مِنَ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ إِلا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ. قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَمَّنْ لا يُتَّهَمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ. [ص. قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَانْتَسَبَ حَتَّى بَلَغَ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ. فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ]. أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ [رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فأخذه من الرعدة أفكل فقال رسول الله. ص: هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْسَطَ النَّسَبِ فِي قُرَيْشٍ. لَيْسَ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ إِلا وَقَدْ وَلَدُوهُ. قَالَ فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: [قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَجْرًا إِلا أَنْ تَوَدُّونِي فِي قَرَابَتِي مِنْكُمْ وَتَحْفَظُونِي]. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَكْثِرُوا عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الآيَةِ: الشورى: 23. فَكَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. فَكَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - كَانَ أَوْسَطَ النَّسَبِ فِي قُرَيْشٍ. لَمْ يَكُنْ حي من أحياء قريش إلا وقد ولدوه. فَقَالَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: [قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ. تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي وَتَحْفَظُونِي فِي ذَلِكَ]. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِ الله تعالى: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى». الشورى: 23. قَالَ: قَلَّ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلا وَقَدْ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ [وِلادَةٌ. فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَحْفَظُونِي فِيمَا جِئْتُ بِهِ فَاحْفَظُونِي لِقَرَابَتِي]. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سالم عن سعيد بن جبير في قوله: «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» الشورى: 23. قَالَ: أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ. وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ السُّوَائِيُّ. وَالضَّحَّاكُ ابن مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ» الشعراء: 219. قَالَ: مِنْ نَبِيٍّ إِلَى نَبِيٍّ. وَمِنْ نَبِيٍّ إِلَى نَبِيٍّ حَتَّى أُخْرِجَكَ نَبِيًّا. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ عَنْ إسماعيل ابن جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرٌو. يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ. عَنْ سَعِيدٍ. يَعْنِي الْمَقْبُرِيَّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا حَتَّى بُعِثْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ [قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ نَبِيًّا نَظَرَ إِلَى خَيْرِ أَهْلِ الأَرْضِ قَبِيلَةً فَيَبْعَثُ خَيْرَهَا رَجُلا]. ذِكْرُ مَنْ وَلَدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو سُفْيَانَ الْعَبْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: الناس وَلَدُ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ]. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: خُلِقَ آدَمُ مِنْ أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا دَحْنَاءُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وخلاد بن يَحْيَى قَالا: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَتَدْرِي لِمَ سُمِّيَ آدَمُ؟ لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ. أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ يَقُولُ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأَرْضِ. جَاءَ مِنْهُمُ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَبَيْنَ ذَلِكَ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ. أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: خُلِقَ آدَمُ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ أَسْوَدِهَا وأحمرها وأبيضها وحزنها وسهلها. وَقَالَ الْحَسَنُ مِثْلَهُ: وَخُلِقَ جُؤْجُؤُهُ مِنْ ضَرِيَّةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ ابن جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ آدَمُ لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ إِنْسَانًا لأَنَّهُ نَسِيَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الأَشْقَرِيُّ. أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ عَنْ جَعْفَرٍ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْمُغِيرَةِ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِبْلِيسَ فَأَخَذَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ مِنْ عَذْبِهَا وَمِلْحِهَا. فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ. فَكُلُّ شَيْءٍ خَلْقَهُ مِنْ عَذْبِهَا فَهُوَ صَائِرٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ كَافِرٍ. وَكُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ مِنْ مِلْحِهَا فَهُوَ صَائِرٌ إِلَى النَّارِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ تَقِيٍّ. قَالَ فَمِنْ ثَمَّ قال إبليس: أأسجد لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا. لأَنَّهُ جَاءَ بِالطِّينَةِ. قَالَ فَسُمِّيَ آدَمُ. لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا صَوَّرَ آدَمَ تَرَكَهُ مَا شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ. فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خَلْقٌ لا يَتَمَالَكُ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: خَمَّرَ اللَّهُ طِينَةَ آدَمَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. أَوْ قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فِيهِ فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ. وَخَرَجَ كُلُّ خَبِيثٍ فِي يَدِهِ الأُخْرَى. ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا. قَالَ: فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: خَلَقَ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ كَمَا شَاءَ وَمِمَّا شَاءَ فَكَانَ كَذَلِكَ. تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ وَالْمَاءِ. فَمِنْهُ لَحْمُهُ وَدَمُهُ وَشَعْرُهُ وَعِظَامُهُ وَجَسَدُهُ كُلُّهُ. فَهَذَا بَدْءُ الْخَلْقِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ ابْنَ آدَمَ. ثُمَّ جُعِلَتْ فِيهِ النَّفْسُ. فَبِهَا يَقُومُ وَيَقْعُدُ وَيَسْمَعُ وَيُبْصِرُ. وَيَعْلَمُ مَا تَعْلَمُ الدَّوَابُّ. وَيَتَّقِي مَا تَتَّقِي. ثُمَّ جُعِلَ فِيهِ الرُّوحُ. فَبِهِ عَرَفَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ. وَالرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ. وَبِهِ حَذَرَ وَتَقَدَّمَ. وَاسْتَتَرَ وَتَعَلَّمَ. وَدَبَّرَ الأُمُورَ كُلَّهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ. أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ جَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ ذُرِّيَّتُكَ. فَرَأَى رَجُلا مِنْهُمْ أَعْجَبَهُ نُورُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. فَقَالَ: أَيْ رَبِّ من هذا؟ قال: هذا رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فِي آخِرِ الأُمَمِ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ. قَالَ: فَزِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: إِذًا تُكْتَبَ وَتُخْتَمَ وَلا تُبَدَّلَ. قَالَ: فَلَمَّا انْقَضَى عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ. قَالَ: أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ رسول الله. ص: فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ. وَنَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ. وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ]. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الدين قال رسول الله. ص: [إن أول من جحد آدم. ع. وَكَرَّرَهَا ثَلاثًا. إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ فَعَرَضَهُمْ عَلَيْهِ. فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلا يَزْهَرُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ! أَيُّ بَنِيَّ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ. قَالَ: فَكَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً. قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ. قَالَ: لا إِلا أَنْ تَزِيدَهُ أَنْتَ مِنْ عُمُرِكَ. قَالَ وَكَانَ عُمُرُ آدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ. قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي. قَالَ: فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةَ. فَلَمَّا احْتُضِرَ آدَمُ أَتَتْهُ الْمَلائِكَةُ لِتَقْبِضَ رُوحَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً. فَقَالُوا: إِنَّكَ جَعَلْتَهَا لابْنِكَ دَاوُدَ. فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا فَعَلْتُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ. ثُمَّ أَكْمَلَ اللَّهُ. عَزَّ وَجَلَّ. لآدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَأَكْمَلَ لِدَاوُدَ مِائَةَ سَنَةٍ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ. وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ. عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فِي قَوْلِهِ: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا» الأعراف:172. فَمَسَحَ رَبُّكَ ظَهْرَ آدَمَ. فَخَرَجَتْ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِنَعْمَانَ هَذَا الَّذِي وَرَاءَ عَرَفَةَ. فَأَخَذَ مِيثَاقَهُمْ: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا» الأعراف: 172.. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَحَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ» الأعراف: 172. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَسَحَ رَبُّكَ ظَهْرَ آدَمَ بِنَعْمَانَ هَذِهِ. فَأَخْرَجَ مِنْهُ كُلَّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ قَالَ: ثُمَّ تَلا: الأعراف: 172- 173. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ. أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ. يَعْنِي ابْنَ أَبِي الأَسْوَدِ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِدِحْنَاءَ فَمَسَحَ ظَهْرَهُ. فَأَخْرَجَ كُلَّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى» الأعراف: 172. قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: «شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غافِلِينَ» الأعراف: 172. قَالَ سَعِيدٌ: فَيَرَوْنَ أَنَّ الْمِيثَاقَ أُخِذَ يَوْمَئِذٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ. أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ. خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ وَأَهْبَطَ فِيهِ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فِي آخِرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ سَلْمَانُ إِنَّ أَوَّلَ مَا خُلِقَ مِنْ آدَمَ رَأْسُهُ فَجُعِلَ يُخْلَقُ جَسَدُهُ وَهُوَ يَنْظُرُ. قَالَ: فَبَقِيَتْ رِجْلاهُ عِنْدَ الْعَصْرِ. قَالَ: يَا رَبِّ اللَّيْلُ أَعْجِلْ قَدْ جَاءَ الليل. قال الله: «وخُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ» الأنبياء: 37. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ في قوله: من طين. قَالَ: اسْتُلَّ آدَمُ مِنَ الطِّينِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عن قتادة في قوله: أنشأناه خلقا آخر. قَالَ: يَقُولُ بَعْضُهُمْ هُوَ نَبَاتُ الشَّعْرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَفْخُ الرُّوحِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَتَادَةَ السُّلَمِيُّ. وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: [إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ أَخَذَ الْخَلْقَ مِنْ ظَهْرِهِ. فَقَالَ هَؤُلاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلا أُبَالِي. وَهَؤُلاءِ فِي النَّارِ وَلا أُبَالِي. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَاذَا نَعْمَلُ؟ قَالَ: عَلَى مَوَاقِعِ الْقَدَرِ]. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ أَوَّلُ مَا جَرَى فِيهِ الرُّوحُ مِنْ آدَمَ. بَصَرَهُ وَخَيَاشِيمَهُ. فَلَمَّا جَرَى الرُّوحُ مِنْهُ فِي جَسَدِهِ كُلِّهِ عَطَسَ. فَلَقَّاهُ اللَّهُ حَمْدَهُ فَحَمِدَ رَبَّهُ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لَهُ: اذْهَبْ يَا آدَمُ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلإِ فَقُلْ لَهُمْ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ. فَانْظُرْ مَاذَا يَرُدُّونَ عَلَيْكَ. فَفَعَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْجَبَّارِ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ. وَهُوَ أَعْلَمُ: مَاذَا قَالُوا لَكَ؟ فَقَالَ: قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ: هَذَا يَا آدَمُ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نُفِخَ فِي آدَمَ الرُّوحُ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: يَرْحَمُكَ رَبُّكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ كَانَ يَمَسُّ رَأْسَهُ السَّمَاءَ. قَالَ: فَوَطَّدَهُ اللَّهُ إِلَى الأَرْضِ حَتَّى صَارَ سِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِ أَذْرُعٍ عَرْضًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عن أبي بن كعب عن النبي. ع. [أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ آدَمَ كَانَ رَجُلا طُوَالا كأنه خْلَةٌ سَحُوقٌ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ. فَلَمَّا رَكِبَ الْخَطِيئَةَ بَدَتْ لَهُ عَوْرَتُهُ وَكَانَ لا يَرَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ. فَانْطَلَقَ هَارِبًا فِي الْجَنَّةِ. فَتَعَلَّقَتْ بِهِ شَجَرَةٌ. فَقَالَ لَهَا: أَرْسِلِينِي. فَقَالَتْ: لَسْتُ بِمُرْسِلَتِكَ. قَالَ: وَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا آدَمُ أَمِنِّي تَفِرُّ؟ قَالَ: رَبِّ إِنِّي اسْتَحْيَيْتُكَ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ. أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ أَبُو حَمْزَةَ الْعَطَّارُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ آدَمُ طُوَالا آدَمَ جَعْدًا كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوقٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: قال رسول الله. ص: يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا جِعَادًا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق سِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِ أَذْرُعٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ. أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَكَى آدَمُ عَلَى الْجَنَّةِ ثَلاثَمِائَةِ سَنَةٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي عُمَرَ الشامي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ. عَلَيْهِ السَّلامُ: أَيُّ الأَنْبِيَاءِ أَوَّلُ؟ قَالَ: آدَمُ. قُلْتُ: أَوَنَبِيًّا كَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ. قَالَ: قُلْتُ فَكَمِ الْمُرْسَلُونَ؟ قَالَ: ثَلاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لآدم أربعة أولاد توأم. ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ بَطْنٍ. وَذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ بَطْنٍ. فَكَانَتْ أُخْتُ صَاحِبِ الْحَرْثِ وَضِيئَةً. وَكَانَتْ أُخْتُ صَاحِبِ الْغَنَمِ قَبِيحَةً. فَقَالَ صَاحِبُ الْحَرْثِ: أنا أحق بها. وقال صاحب لْغَنَمِ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا. فَقَالَ صَاحِبُ الْغَنَمِ: وَيْحَكَ! أَتُرِيدُ أَنْ تَسْتَأْثِرَ بِوَضَاءَتِهَا عَلَيَّ؟ تَعَالَ حَتَّى نُقَرِّبَ قُرْبَانًا. فَإِنْ تُقُبِّلَ قُرْبَانُكَ كُنْتَ أَحَقَّ بِهَا. وَإِنْ تُقُبِّلَ قُرْبَانِي كُنْتُ أَحَقَّ بِهَا. قَالَ: فَقَرَّبَا قُرْبَانَهُمَا. فَجَاءَ صَاحِبُ الْغَنَمِ بِكَبْشٍ أَعْيَنَ أَقْرَنَ أَبْيَضَ. وَجَاءَ صَاحِبُ الْحَرْثِ بِصُبْرَةٍ مِنْ طَعَامِهِ. فَقُبِلَ الْكَبْشُ. فَخَزَنَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا. وَهُوَ الْكَبْشُ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ صاحب الحرث: «لَأَقْتُلَنَّكَ» المائدة: 27. فَقَالَ صَاحِبُ الْغَنَمِ: «لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ» المائدة: 28. إِلَى قَوْلِهِ: «وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ» المائدة: 29. فَقَتَلَهُ فَوَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْكَافِرِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ آدَمُ يُزَوِّجُ ذَكَرَ هَذَا الْبَطْنِ بِأُنْثَى هَذَا الْبَطْنِ. وَأُنْثَى هَذَا الْبَطْنِ بِذَكَرِ هَذَا الْبَطْنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ آدَمَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ اطْلُبُوا لِي مِنْ ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ فَإِنِّي قَدِ اشْتَهَيْتُهَا. فَذَهَبَ بَنُوهُ. وَذَاكَ فِي مَرَضِهِ. يَطْلُبُونَ لَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ. فَإِذَا هُمْ بِمَلائِكَةِ اللَّهِ. قَالُوا لَهُمْ: يَا بَنِي آدَمَ مَا تَطْلُبُونَ؟ قَالُوا: إِنَّ أَبَانَا اشْتَاقَ إِلَى ثَمَرَةِ الْجَنَّةِ فَنَحْنُ نَطْلُبُهَا. قَالُوا: ارْجِعُوا. فَقَدْ قُضِيَ الأَمْرُ. فَإِذَا أَبُوهُمْ قَدْ قُبِضَ. فَأَخَذْتِ الْمَلائِكَةُ آدَمَ فَغَسَّلُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَحَفَرُوا لَهُ قَبْرًا وَجَعَلُوا لَهُ لَحْدًا. ثُمَّ إِنَّ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ تَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَخَلْفَهُ الْمَلائِكَةُ وَبَنُو آدَمَ خَلْفَهُمْ. ثُمَّ وَضَعُوهُ فِي حُفْرَتِهِ وَسَوَّوْا عَلَيْهِ. فَقَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذَا سَبِيلُكُمْ وَهَذِهِ سُنَّتُكُمْ. قال: أخبرنا سعيد بن سليمان. أخبرنا هشيم قال: أخبرنا يونس بن عبيد عن حسن قال: أخبرنا عتي السعدي عن أبي بن كعب قال: لما احتضر آدم قال لبنيه: انطلقوا فاجتنوا لي من ثمار الجنة. فخرج بنوه فاستقبلتهم الملائكة فقالوا: أين تريدون؟ قالوا: بعثنا أبونا لنجتني له من ثمار الجنة. قالوا: ارجعوا فقد كفيتم. فرجعوا معهم حتى دخلوا على آدم. فلما رأتهم حواء ذعرت. فجعلت تدنو إلى آدم فتلزق به. فقال لها آدم: إليك عني فمن قبلك أتيت. خلي بيني وبين ملائكة ربي. فقبضوا روحه. ثم غسلوه وكفنوه وحنطوه. ثم صلوا عليه وحفروا له. ثم دفنوه. فقالوا: يا بني آدم. هذه سنتكم في موتاكم. قالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [يقول: إِنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنْ ثَلاثِ تُرُبَاتٍ سَوْدَاءَ وَبَيْضَاءَ وَخَضْرَاءَ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: خَرَجْتُ خَرْجَةً لِي فَجِئْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ الْحَسَنُ: فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ يَا أَبَا سَعِيدٍ! آدَمُ لِلسَّمَاءِ خُلِقَ أَمْ لِلأَرْضِ؟ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا مُنَازِلٍ؟ لِلأَرْضِ خُلِقَ! قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوِ اعْتَصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: لِلأَرْضِ خُلِقَ. فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَيَانٍ عن الشعبي عن جعدة ابن هُبَيْرَةَ قَالَ: الشَّجَرَةُ الَّتِي افْتُتِنَ بِهَا آدَمُ الْكَرْمُ. وَجُعِلَتْ فِتْنَةً لِوَلَدِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَزِيَادٍ مَوْلَى مُصْعَبٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[عَنْ آدَمَ: أَنَبِيًّا كَانَ أَوْ مَلَكًا؟ قَالَ: بَلْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ الهيعة عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: [الناس لآدم وحواء كطف الصاع لن يملؤوه. إِنَّ اللَّهَ لا يَسْأَلُكُمْ عَنْ أَحْسَابِكُمْ وَلا أَنْسَابِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ. أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: خَرَجَ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ. صَلاةِ الظُّهْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ. فَأُنْزِلَ إِلَى الأَرْضِ. وَكَانَ مُكْثُهُ فِي الْجَنَّةِ نِصْفَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ. وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً. وَالْيَوْمُ أَلْفُ سَنَةٍ مِمَّا يَعُدُّ أَهْلُ الدُّنْيَا. فَأُهْبِطَ آدَمُ عَلَى جَبَلٍ بِالْهِنْدِ يُقَالُ لَهُ نَوْذُ. وَأُهْبِطَتْ حَوَّاءُ بِجُدَّةَ. فَنَزَلَ آدَمُ مَعَهُ رِيحُ الْجَنَّةِ. فَعَلِقَ بِشَجَرِهَا وَأَوْدِيَتِهَا. فَامْتَلأَ مَا هُنَالِكَ طِيبًا. فَمِنْ ثَمَّ يُؤْتَى بِالطِّيبِ مِنْ رِيحِ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: أُنْزِلَ مَعَهُ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ أَيْضًا. وَأُنْزِلَ مَعَهُ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ. وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ. وَعَصَا مُوسَى. وَكَانَتْ مِنْ آسِ الْجَنَّةِ. طُولُهَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ عَلَى طُولِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَرُّ وَلُبَانُ ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَيْهِ بَعْدُ الْعَلاةُ وَالْمِطْرَقَةُ وَالْكَلْبَتَانِ. فَنَظَرَ آدَمُ حِينَ أُهْبِطَ عَلَى الجبل إلى قَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ نَابِتٍ عَلَى الْجَبَلِ. فَقَالَ: هَذَا مِنْ هَذَا. فَجَعَلَ يُكَسِّرُ أَشْجَارًا عَتَقَتْ وَيَبَسَتْ بِالْمِطْرَقَةِ. ثُمَّ أَوَقَدْ عَلَى ذَلِكَ الْغُصْنِ حَتَّى ذَابَ. فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ ضُرِبَ مِنْهُ مُدْيَةٌ. فَكَانَ يَعْمَلُ بِهَا. ثُمَّ ضُرِبَ التَّنُّورُ وَهُوَ الَّذِي وَرِثَهُ نُوحٌ. وَهُوَ الَّذِي فَارَ بِالْهِنْدِ بِالْعَذَابِ. فَلَمَّا حَجَّ آدَمُ. وَضَعَ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَكَانَ يُضِيءُ لأَهْلِ مَكَّةَ فِي لَيَالِي الظُّلْمِ كَمَا يُضِيءُ الْقَمَرُ. فَلَمَّا كَانَ قُبَيْلَ الإِسْلامِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَقَدْ كَانَ الْحُيَّضُ وَالْجُنُبُ يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ يَمْسَحُونَهُ فَاسْوَدَّ فَأَنْزَلَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ. وَحَجَّ آدَمُ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ أَرْبَعِينَ حَجَّةً عَلَى رِجْلَيْهِ. وَكَانَ آدَمُ حِينَ أُهْبِطَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ السَّمَاءَ. فَمِنْ ثَمَّ صَلُعَ وَأَوْرَثَ وَلَدَهُ الصَّلَعَ. وَنَفَرَتْ مِنْ طُولِهِ دَوَابُّ الْبَرِّ فَصَارَتْ وَحْشًا مِنْ يَوْمَئِذٍ. فَكَانَ آدَمُ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ قَائِمًا يَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَيَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ. فَحُطَّ مِنْ طُولِهِ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا. فَكَانَ ذَلِكَ طُولُهُ حَتَّى مَاتَ. وَلَمْ يُجْمَعْ حُسْنُ آدَمَ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِهِ إِلا لِيُوسُفَ. وَأَنْشَأَ آدَمُ يَقُولُ: رَبِّ كُنْتُ جَارَكَ فِي دَارِكَ لَيْسَ لِي رَبٌّ غَيْرَكَ. وَلا رَقِيبٌ دُونَكَ. آكُلُ فِيهَا رَغَدًا. وَأَسْكُنُ حَيْثُ أَحْبَبْتُ. فَأَهْبَطْتَنِي إِلَى هَذَا الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. فَكُنْتُ أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَأَرَاهُمْ كَيْفَ يَحُفُّونُ بِعَرْشِكَ وَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ وَطِيبِهَا. ثُمَّ أَهْبَطْتَنِي إِلَى الأَرْضِ وَحَطَطْتَنِي إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا. فَقَدِ انْقَطَعَ عَنِّي الصَّوْتُ وَالنَّظَرُ. وَذَهَبَ عَنِّي رِيحُ الْجَنَّةِ. فَأَجَابَهُ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لِمَعْصِيَتِكَ يَا آدَمُ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ. فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ عُرْيَ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ كَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ مِنَ الثَّمَانِيَةِ الأَزْوَاجِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ. فَأَخَذَ آدَمُ كَبْشًا فَذَبَحَهُ. ثُمَّ أَخَذَ صُوفَهُ فَغَزَلَتْهُ حَوَّاءُ وَنَسَجَهُ هُوَ وَحَوَّاءُ. فَنَسَجَ آدَمُ جُبَّةً لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ لِحَوَّاءَ دِرْعًا وَخِمَارًا فَلَبِسَاهُ. وَقَدْ كَانَا اجْتَمَعَا بِجَمْعٍ فَسُمِّيَتْ جَمْعًا. وَتَعَارَفَا بِعَرَفَةَ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ. وَبَكَيَا عَلَى مَا فَاتَهُمَا مِائَتَيْ سَنَةٍ. وَلَمْ يَأْكُلا وَلَمْ يَشْرَبَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ثُمَّ أَكَلا وَشَرِبَا وَهُمَا يَوْمَئِذٍ عَلَى نَوْذَ. الْجَبَلِ الَّذِي أُهْبِطَ عَلَيْهِ آدَمُ. وَلَمْ يَقْرَبْ حَوَّاءَ مِائَةَ سَنَةٍ. ثُمَّ قَرَبَهَا فَتَلَقَّتْ فَحَمَلَتْ. فَوَلَدَتْ أَوَّلَ بَطْنٍ قَابِيلَ وَأُخْتَهُ لَبُودَ تَوْأَمَتَهُ. ثُمَّ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ هَابِيلَ وَأُخْتَهُ إِقْلِيمَا تَوْأَمَتَهُ. فَلَمَّا بَلَغُوا أَمَرَ اللَّهُ آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ الْبَطْنَ الثَّانِيَ. وَالْبَطْنَ الثَّانِيَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ. يُخَالِفُ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ فِي النِّكَاحِ. وَكَانَتْ أُخْتُ قَابِيلَ حَسَنَةً وَأُخْتُ هَابِيلَ قَبِيحَةً. فَقَالُ آدَمُ لِحَوَّاءَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ. فَذَكَرَتْهُ لابْنَيْهَا. فَرَضِيَ هَابِيلُ وَسَخِطَ قَابِيلُ وَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا قَطُّ. وَلَكِنْ هَذَا عَنْ أَمْرِكَ يَا آدَمُ. فَقَالَ آدَمُ: فَقَرِّبَا قُرْبَانًا فَأَيُّكُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا أَنْزَلَ اللَّهُ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَهُ. فَرَضِيَا بِذَلِكَ. فَعَدَا هَابِيلُ. وَكَانَ صَاحِبُ مَاشِيَةٍ. بِخَيْرِ غِذَاءِ غَنَمِهِ وَزُبْدٍ وَلَبَنٍ. وَكَانَ قَابِيلُ زَرَّاعًا فَأَخَذَ طُنًّا مِنْ شَرِّ زَرْعِهِ. ثُمَّ صَعَدَا الْجَبَلَ. يَعْنِي نَوْذَ. وَآدَمُ مَعَهُمَا. فَوَضَعَا الْقُرْبَانَ وَدَعَا آدَمُ رَبَّهُ. وَقَالَ قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَا أُبَالِي أَيُقْبَلُ مني أم لا. لا يَنْكِحُ هَابِيلُ أُخْتِي أَبَدًا. فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَهُوَ فِي غَنَمِهِ فَقَالَ: لأَقْتُلَنَّكَ! قَالَ: لِمَ تَقْتُلُنِي؟ قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنْكَ وَلَمْ يَتَقَبَّلْ مِنِّي وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي وَنَكَحْتَ أُخْتِي الْحَسَنَةَ وَنَكَحْتُ أُخْتَكَ الْقَبِيحَةَ. وَيَتَحَدَّثُ النَّاسُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَنَّكَ كُنْتَ خَيْرًا مِنِّي. فَقَالَ لَهُ هَابِيلُ: «لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ» المائدة: 28- 29. أَمَا قَوْلُهُ بِإِثْمِي. يَقُولُ: تَأْثَمُ بِقَتْلِي إِذَا قَتَلْتَنِي إِلَى إِثْمِكَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَنِي. فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ فَتَرَكَهُ لَمْ يُوَارِ جَسَدَهُ. «فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ» المائدة: 31. وَكَانَ قَتْلُهُ عَشِيَّةً. وَغَدَا إِلَيْهِ غُدْوَةً لَيَنْظُرَ مَا فَعَلَ. فَإِذَا هُوَ بِغُرَابٍ حَيٍّ يَبْحَثُ على غراب ميت. فقال: «يا وَيْلَتى! أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي» المائدة: 31. كما يواري هذا سوءة أخيه؟ فدعا بالويل. فأصبح من النادمين. ثُمَّ أَخَذَ قَابِيلُ بِيَدِ أَخِيهِ ثُمَّ هَبَطَ مِنَ الْجَبَلِ. يَعْنِي نَوْذَ. إِلَى الْحَضِيضِ. فَقَالَ آدَمُ لِقَابِيلَ: اذْهَبْ فَلا تَزَالُ مَرْعُوبًا أَبَدًا لا تَأْمَنُ مَنْ تَرَاهُ! فَكَانَ لا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ إِلا رَمَاهُ. فَأَقْبَلَ ابْنٌ لِقَابِيلَ أَعْمَى وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ. فَقَالَ لِلأَعْمَى ابْنِهِ: هَذَا أَبُوكَ قَابِيلُ. فَرَمَى الأَعْمَى أَبَاهُ قَابِيلَ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ ابْنُ الأَعْمَى: يَا أَبَتَاهُ قَتَلْتَ أَبَاكَ. فَرَفَعَ الأَعْمَى يَدَهُ فَلَطَمَ ابْنَهُ فَمَاتَ ابْنُهُ. فَقَالَ الأَعْمَى: وَيْلٌ لِي قَتَلْتُ أَبِي بِرَمْيَتِي. وَقَتَلْتُ ابْنِي بِلَطْمَتِي! ثُمَّ حَمَلَتْ حَوَّاءُ فَوَلَدَتْ شِيثًا وَأُخْتَهُ عَزْوَرَا. فَسُمِّيَ هِبَةُ اللَّهِ. اشْتُقَّ لَهُ مِنِ اسْمِ هَابِيلَ. فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ حِينَ وَلَدَتْهُ: هَذَا هِبَةُ اللَّهِ لَكِ بَدَلَ هَابِيلَ. وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ شَثٌّ. وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ شَاثُ. وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ شِيثٌ وَإِلَيْهِ أَوْصَى آدَمُ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَكَانَ آدَمُ يَوْمَ وُلِدَ شِيثٌ ابْنُ ثَلاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. ثُمَّ تَغْشَاهَا آدَمُ فَحَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ. يَقُولُ: قَامَتْ وَقَعَدَتْ. ثُمَّ أَتَاهَا الشَّيْطَانُ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ فَقَالَ لَهَا: يَا حَوَّاءُ مَا هَذَا فِي بَطْنِكِ؟ قَالَتْ: لا أَدْرِي! قَالَ: فَلَعَلَّهُ يَكُونُ بَهِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْبَهَائِمِ؟ ثُمَّ قَالَتْ: مَا أَدْرِي! ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا حَتَّى إِذَا هِيَ أَثْقَلَتْ أَتَاهَا فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ يَا حَوَّاءُ؟ قَالَتْ: إِنِّي لأَخَافُ أَنْ يَكُونَ كَالَّذِي خوفتني. ما أَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ إِذَا قُمْتُ. قَالَ: أَفَرَأَيْتِ إِنْ دَعَوْتُ اللَّهَ فَجَعَلَهُ إِنْسَانًا مِثْلَكَ وَمِثْلَ آدَمَ تُسَمِّيهِ بِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَانْصَرَفَ عَنْهَا. وَقَالَتْ لآدَمَ: لَقَدْ أَتَانِي آتٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِي بَهِيمَةً مِنْ هَذِهِ الْبَهَائِمِ. وَإِنِّي لأَجِدُ لَهُ ثُقْلا وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ. فَلَمْ يَكُنْ لآدَمَ وَلا لِحَوَّاءَ هَمٌّ غَيْرَهُ حَتَّى وَضَعَتْهُ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» الأعراف: 189. فَكَانَ هَذَا دُعَاؤُهُمَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ. فَلَمَّا وَلَدَتْ غُلامًا سَوِيًّا أَتَاهَا فَقَالَ لَهَا: أَلا سَمَّيْتِهِ كَمَا وَعَدْتِنِي؟ قَالَتْ: وَمَا اسْمُكَ؟ وَكَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلُ. وَلَوْ تَسَمَّى بِهِ لَعَرَفَتْهُ. فَقَالَ: اسْمِي الْحَارِثُ. فَسَمَّتْهُ عَبْدُ الْحَارِثِ فَمَاتَ. يَقُولُ اللَّهُ: «فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» الأعراف: 190. وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى آدَمَ: أَنْ لِي حَرَمًا بِحِيَالِ عَرْشِي. فَانْطَلِقْ فَابْنِ لِي بَيْتًا فِيهِ. ثُمَّ حُفَّ بِهِ كَمَا رَأَيْتَ مَلائِكَتِي يَحُفُّونَ بِعَرْشِي. فَهُنَالِكَ أَسْتَجِيبُ لَكَ وَلِوَلَدِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي طَاعَتِي. فقال آدم: أي رب وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ لَسْتُ أَقْوَى عَلَيْهِ وَلا أَهْتَدِي لَهُ. فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَلَكًا فَانْطَلَقَ بِهِ نَحْوَ مَكَّةَ فَكَانَ آدَمُ إِذَا مَرَّ بِرَوْضَةٍ وَمَكَانٍ يُعْجِبُهُ قَالَ لِلْمَلَكِ: انْزِلْ بِنَا هَهُنَا. فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ: مَكَانَكَ. حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَكَانَ كُلُّ مَكَانٍ نَزَلَ بِهِ عُمْرَانًا. وَكَانَ كُلُّ مَكَانٍ تَعَدَّاهُ مَفَاوِزَ وَقِفَارًا. فَبَنَى البيت من خمسة أجبل: من طور سيناء. وَطُورِ زَيْتُونٍ. وَلُبْنَانَ. وَالْجُودِيِّ. وَبَنَى قَوَاعِدَهُ مِنْ حِرَاءٍ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ خَرَجَ بِهِ الْمَلَكُ إِلَى عَرَفَاتٍ فَأَرَاهُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ الْيَوْمَ ثُمَّ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ الْهِنْدِ فَمَاتَ عَلَى نَوْذَ. فَقَالَ شِيثٌ لِجِبْرِيلَ: صَلِّ عَلَى آدَمَ. فَقَالَ: تَقَدَّمْ أَنْتَ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ وَكَبِّرْ عَلَيْهِ ثَلاثِينَ تَكْبِيرَةً. فَأَمَّا خَمْسٌ وَهِيَ الصَّلاةُ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ تَفْضِيلا لآدَمَ. وَلَمْ يَمُتْ آدَمُ حَتَّى بَلَغَ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا بِنَوْذَ وَرَأَى آدَمُ فِيهِمُ الزِّنَا وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَالْفَسَادَ. فَأَوْصَى أَنْ لا يُنَاكِحَ بَنُو شِيثٍ بَنِي قَابِيلَ. وَكَانَ الَّذِينَ يَأْتُونَهُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ بَنُو شِيثٍ. فَكَانَ عُمُرُ آدَمَ تِسْعُمِائَةِ سَنَةً وَسِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً. فَقَالَ مِائَةٌ مِنْ بَنِي شِيثٍ صِبَاحٌ: لَوْ نَظَرْنَا مَا فَعَلَ بَنُو عَمِّنَا. يَعْنُونَ بَنِي قَابِيلَ. فَهَبَطَتِ الْمِائَةُ إِلَى نِسَاءٍ قِبَاحٍ مِنْ بَنِي قَابِيلَ. فَأَحْبَسَ النِّسَاءُ الرِّجَالَ ثُمَّ مَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ مِائَةٌ آخَرُونَ: لَوْ نَظَرْنَا مَا فَعَلَ إِخْوَتُنَا. فَهَبَطُوا مِنَ الْجَبَلِ إِلَيْهِمْ فَاحْتَبَسَهُمُ النِّسَاءُ. ثُمَّ هَبَطَ بَنُو شِيثٍ كُلُّهُمْ. فَجَاءَتِ الْمَعْصِيَةُ وَتَنَاكَحُوا وَاخْتَلَطُوا وَكَثُرَ بَنُو قابيل حتى ملأوا الأَرْضَ. وَهُمُ الَّذِينَ غَرِقُوا أَيَّامَ نُوحٍ. وَوَلَدَ شِيثُ بْنُ آدَمَ أَنُوشَ وَنَفَرًا كَثِيرًا وَإِلَيْهِ أَوْصَى شِيثٌ. فَوَلَدُ أَنُوشُ قِينَانَ وَنَفَرًا كَثِيرًا وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ. فَوَلَدُ قِينَانُ مَهْلالِيلَ وَنَفَرًا مَعَهُ وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ. فَوَلَدُ مَهْلالِيلَ يَرْذَ. وَهُوَ الْيَارِذُ. وَنَفَرًا مَعَهُ وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ. وَفِي زَمَانِهِ عُمِلَتِ الأَصْنَامُ وَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ عَنِ الإِسْلامِ. فولد يرذ خنوخ وهو إدريس النبي. ع. وَنَفَرًا مَعَهُ. ذِكْرُ حَوَّاءَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جريح عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها. قَالَ: خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ قُصَيْرَى آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُصَيْرَى: الضِّلَعُ الأَقْصَرُ. وَهُوَ نَائِمٌ. فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أَثًّا! امْرَأَةً بِالنَّبَطِيَّةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَوْلًى لابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ حَوَّاءُ لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُهْبِطَ آدَمُ بِالْهِنْدِ وَحَوَّاءُ بِجُدَّةَ. فَجَاءَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى أَتَى جَمْعًا فَازْدُلِفَتْ إِلَيْهِ حَوَّاءُ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةَ. وَاجْتَمَعَا بِجَمْعٍ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ جَمْعًا. ذِكْرُ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ ص. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ نَبِيٍّ بُعِثَ فِي الأَرْضِ بَعْدَ آدَمَ إِدْرِيسُ. وَهُوَ خَنُوخُ بْنُ يَرْذَ. وَهُوَ الْيَارِذُ. وَكَانَ يَصْعَدُ لَهُ فِي الْيَوْمِ مِنَ الْعَمَلِ مَا لا يَصْعَدُ لِبَنِي آدَمَ فِي الشَّهْرِ. فَحَسَدَهُ إِبْلِيسُ وَعَصَاهُ قَوْمُهُ. فَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَكَانًا عَلِيًّا. كَمَا قَالَ. وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَقَالَ: لَسْتُ بِمُخْرِجِهِ مِنْهَا. وَهَذَا فِي حَدِيثٍ لإِدْرِيسَ طَوِيلٍ. فَوَلَدَ خَنُوخُ مُتَوَشْلِخَ وَنَفَرًا معه وإليه الوصية. فولد متوشلخ لمك وَنَفَرًا مَعَهُ وَإِلَيْهُ الْوَصِيَّةُ. فَوَلَدَ لَمْكٌ نُوحًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذِكْرُ نُوحٍ النَّبِيِّ ص. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِلَمْكٍ يَوْمَ وَلَدَ نُوحًا اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ. فَبَعَثَ اللَّهُ نُوحًا إِلَيْهِمْ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ سنة. ثم دَعَاهُمْ فِي نُبُوَّتِهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. ثُمَّ أَمَرَهُ بِصُنْعَةِ السَّفِينَةِ فَصَنَعَهَا وَرَكَبَهَا وَهُوَ ابْنُ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ وَغَرِقَ مَنْ غَرِقَ. ثُمَّ مَكَثَ بَعْدَ السَّفِينَةِ ثَلاثَمِائَةِ وَخَمْسِينَ سَنَةً. فَوَلَدَ نُوحٌ سَامَ. وَفِي وَلَدِهِ بَيَاضٌ وَأَدْمَةٌ. وَحَامَ. وَفِي وَلَدِهِ سَوَّادٌ وَبَيَاضٌ قَلِيلٌ. وَيَافِثَ. وَفِيهِمُ الشُّقْرَةُ وَالْحُمْرَةُ. وَكَنْعَانَ. وَهُوَ الَّذِي غَرِقَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهِ يَامَ. وَذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ: إِنَّمَا هَامَ عَمُّنَا يَامُ. فَأُمُّ هَؤُلاءِ وَاحِدَةٌ. وَبِجَبَلِ نَوْذَ نَجَّرَ نُوحٌ السَّفِينَةَ. وَمِنْ ثَمَّ تَبَدَّأَ الطُّوفَانُ. فَرَكِبَ نُوحٌ السَّفِينَةَ وَمَعَهُ بَنُوهُ هَؤُلاءِ. وَكَنَائِنُهُ نِسَاءُ بَنِيهِ هَؤُلاءِ. وَثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ مِنْ بَنِي شِيثٍ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ. فَكَانُوا ثَمَانِينَ فِي السَّفِينَةِ. وَحَمَلَ مَعَهُ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ. وَكَانَ طُولُ السَّفِينَةِ ثَلاثُمِائَةٍ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ جَدِّ أَبِي نُوحٍ. وَعَرْضُهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا. وَطُولُهَا فِي السَّمَاءِ ثَلاثِينَ ذِرَاعًا. وَخَرَجَ مِنْهَا مِنَ الْمَاءِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ. وَكَانَتْ مُطْبَقَةً. وَجَعَلَ لَهَا ثَلاثَةَ أَبْوَابٍ بَعْضَهَا أَسْفَلَ مِنْ بَعْضٍ. فَأَرْسَلَ اللَّهُ الْمَطَرَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا. فَأَقْبَلَتِ الْوَحْشُ حِينَ أَصَابَهَا الْمَطَرُ وَالدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ كُلُّهَا إِلَى نُوحٍ وَسُخِّرَتْ لَهُ. فَحَمَلَ فِيهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ. وَحَمَلَ مَعَهُ جَسَدَ آدَمَ فَجَعَلَهُ حَاجِزًا بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ. فَرَكِبُوا فِيهَا لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَبٍ. وَخَرَجُوا مِنْهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنَ الْمُحَرَّمِ. فَلِذَلِكَ صَامَ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَخَرَجَ الْمَاءُ مِثْلَ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ. فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: «فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ» القمر: 11. يَقُولُ: مُنْصَبٌّ. «وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً» القمر: 12. يَقُولُ: شَقَقْنَا الأَرْضَ. «فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ» القمر:12. فَصَارَ الْمَاءُ نِصْفَيْنِ: نِصْفٌ مِنَ السَّمَاءِ. وَنِصْفٌ مِنَ الأَرْضِ. وَارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَى أَطْوَلِ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ خَمْسَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا. فَسَارَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَطَافَتْ بِهِمُ الأَرْضُ كُلَّهَا فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ لا تَسْتَقِرُّ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى أَتَتِ الْحَرَمَ فَلَمْ تَدْخُلْهُ. وَدَارَتْ بِالْحَرَمِ أُسْبُوعًا. وَرُفِعَ الْبَيْتُ الَّذِي بَنَاهُ آدَمُ. رُفِعَ مِنَ الْغَرَقِ. وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ. وَالْحَجَرُ الأَسْوَدُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ. فَلَمَّا دَارَتْ بِالْحَرَمِ ذَهَبَتْ فِي الأَرْضِ تَسِيرُ بِهِمْ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى الْجُودِيِّ. وَهُوَ جَبَلٌ بِالْحِصْنَيْنِ مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ. فَاسْتَقَرَّتْ عَلَى الْجُودِيِّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِتَمَامِ السَّنَةِ. فَقِيلَ بَعْدَ الستة الأشهر: «بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» هود:44. فَلَمَّا اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ قِيلَ: «يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي» هود: 44. يقول: احبسي ماءك. «وَغِيضَ الْماءُ» هود: 44. نَشَّفَتْهُ الأَرْضُ. فَصَارَ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ هَذِهِ الْبُحُورَ الَّتِي تَرَوْنَ فِي الأَرْضِ. قَالَ: فَآخِرُ مَا بَقِيَ فِي الأَرْضِ مِنَ الطُّوفَانِ مَاءٌ بِحِسْمَى. بَقِيَ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَعْدَ الطُّوفَانِ. ثُمَّ ذَهَبَ. فَهَبَطَ نُوحٌ إِلَى قَرْيَةٍ فَبَنَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بَيْتًا. فَسُمِّيَتْ سُوقُ الثَّمَانِينَ. فَغَرِقَ بَنُو قَابِيلَ كُلُّهُمْ. وَمَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى آدَمَ مِنَ الآبَاءِ كَانُوا عَلَى الإِسْلامِ. قَالَ: وَدَعَا نُوحٌ عَلَى الأَسَدِ أَنْ تُلْقَى عَلَيْهِ الْحُمَّى. وَلِلْحَمَامَةِ بِالأُنْسِ وَلِلْغُرَابِ بِشَقَاءِ الْمَعِيشَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ السُّوَائِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَتَزَوَّجَ نُوحٌ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَابِيلَ. فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا فَسَمَّاهُ يُونَاطِنَ. فَوُلِدَ بِمَدِينَةٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا معلنور شَمْسًا. فَلَمَّا ضَاقَتْ بِهِمْ سُوقُ الثَّمَانِينَ تَحَوَّلُوا إِلَى بَابِلَ فَبَنَوْهَا. وَهِيَ بَيْنَ الْفُرَاتِ وَالصُّرَاةِ. وَكَانَتِ اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخًا فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخًا. وَكَانَ بَابُهَا مَوْضِعَ دُورَانَ الْيَوْمَ فَوْقَ جِسْرِ الْكُوفَةِ يَسْرَةً إِذَا عَبَرْتَ. فَكَثُرُوا بِهَا حَتَّى بَلَغُوا مِائَةَ أَلْفٍ. وَهُمْ عَلَى الإِسْلامِ. وَلَمَّا خَرَجَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ دَفَنَ آدَمَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَمَاتَ نُوحٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوهاب بن عطاء العجلي عن سعيد عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[قال: سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ. وَحَامٌ أَبُو الْحَبَشِ. وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ]. قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشِ بْنِ عَجْلانَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَلَدُ نُوحٍ ثَلاثَةٌ: سَامٌ. وَحَامٌ. وَيَافِثُ. فَوَلَدُ سَامٍ الْعَرَبُ وَفَارِسُ وَالرُّومُ. وَفِي كُلِّ هَؤُلاءِ خَيْرٌ. وَوَلَدُ حَامٍ السُّودَانُ وَالْبَرْبَرُ وَالْقِبْطُ. وَوَلَدُ يَافِثَ التُّرْكُ وَالصَّقَالِبَةُ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: إِنَّكَ يَا مُوسَى وَقَوْمُكَ وأهل الجزيرة وأهل العال من ولد سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالْعَرَبُ وَالْفُرْسُ وَالنَّبْطُ وَالْهِنْدُ وَالسِّنْدُ وَالْبَنْدُ مِنْ وَلَدِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: الْهِنْدُ والسند والبند بنو يوفير بن يقطن بن عابر بن شالخ بن أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ: وَمُكْرَانُ بْنُ الْبَنْدِ وَجُرْهُمُ اسْمُهُ هُذْرُمُ بْنُ عَامِرِ بن سبأ بن يقطن بن عابر بن شالخ بن سام بن نوح وحضرموت بن يَقْطُنَ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخٍ. وَيَقْطَنُ هُوَ قَحْطَانُ بْنُ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ فِي قَوْلِ مَنْ نَسَبَهُ إِلَى غَيْرِ إِسْمَاعِيلَ. وَالْفُرْسُ بَنُو فَارِسَ بْنِ بَبْرَسَ بْنِ يَاسُورَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَالنَّبَطُ بَنُو نُبَيْطِ بْنِ مَاشِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَأَهْلُ الْجَزِيرَةِ وَالْعَالُ. مِنْ وَلَدِ مَاشِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَعِمْلِيقُ. وَهُوَ عَرِيبُ وَطِسْمُ وَأَمِيمُ. بَنُو لَوْذِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَعِمْلِيقُ هُوَ أَبُو الْعَمَالِقَةِ وَمِنْهُمُ الْبَرْبَرُ. وَهُمْ: بَنُو تميلا بْنِ مَازِرِبِ بْنِ فَارَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عِمْلِيقِ بْنِ لَوْذِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. مَا خَلا صِنْهَاجَةَ وَكَتَّامَةَ. فَإِنَّهُمَا بَنُو فريقيس بْنِ قَيْسِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ سَبَأٍ. وَيُقَالُ إِنَّ عِمْلِيقَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بالعربية حيين ظَعَنُوا مِنْ بَابِلَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُمْ وَلِجُرْهُمَ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ. وَثَمُودُ وَجُدَيْسُ ابْنَا جَاثِرِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَعَادٌ وَعُبَيْلُ ابْنَا عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَالرُّومُ بَنُو النَّطِّيِّ بْنِ يُونَانَ بْنِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ. وَنَمْرُوذُ بْنُ كُوشَ بْنِ كَنْعَانَ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ. وَهُوَ صَاحِبُ بَابِلَ. وَهُوَ صَاحِبُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ لِعَادٍ فِي دَهْرِهِمْ عَادُ إِرَمَ. فَلَمَّا هَلَكَتْ عَادٌ قِيلَ لِثَمُودَ ثَمُودُ إِرَمَ. فَلَمَّا هَلَكَتْ ثَمُودُ قِيلَ لِسَائِرِ بَنِي إِرَمَ إِرْمَانُ. فَهُمُ النَّبَطُ. فَكُلُّ هَؤُلاءِ كَانَ عَلَى الإِسْلامِ. وَهُمْ بِبَابِلَ حَتَّى مَلَكُهُمْ نَمْرُوذُ بْنُ كُوشَ بْنِ كَنْعَانَ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ فَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ فَفَعَلُوا. فَأَمْسَوْا وَكَلامُهُمُ السُّرْيَانِيَّةُ. ثُمَّ أَصْبَحُوا وَقَدْ بَلْبَلَ اللَّهُ أَلْسِنَتَهُمْ. فَجُعِلَ لا يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ كَلامَ بَعْضٍ. فَصَارَ لِبَنِي سَامٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِسَانًا. وَلِبَنِي حَامٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِسَانًا. وَلِبَنِي يَافِثَ سِتَّةٌ وَثَلاثُونَ لِسَانًا. فَفَهَّمَ اللَّهُ الْعَرَبِيَّةَ عَادًا وَعُبَيْلَ وَثَمُودَ وَجُدَيْسَ وَعِمْلِيقَ وَطِسْمَ وَأُمِيمَ. وَبَنِي يَقْطَنَ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَكَانَ الذي عقد لهم الألوية بِبَابِلَ يُونَاطِنُ بْنُ نُوحٍ. فَنَزَلَ بَنُو سَامٍ الْمِجْدِلَ سُرَّةَ الأَرْضِ. وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ سَاتيدما إِلَى الْبَحْرِ. وَمَا بَيْنَ الْيَمَنِ إِلَى الشَّامِ. وَجَعَلَ اللَّهُ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَالْجَمَالَ وَالأَدْمَةَ وَالْبَيَاضَ فِيهِمْ. وَنَزَلَ بَنُو حَامٍ مَجْرَى الْجَنُوبِ وَالدَّبُورِ. وَيُقَالُ لِتِلْكَ النَّاحِيَةِ الدَّارُومُ. وَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَدْمَةً وَبَيَاضًا قَلِيلا. وَأَعْمَرَ بِلادَهُمْ وَسَمَاءَهُمْ. وَرَفَعَ عَنْهُمُ الطَّاعُونَ. وَجَعَلَ فِي أَرْضِهِمُ الأَثْلَ وَالأَرَاكَ وَالْعَشْرَ وَالْغَافَ وَالنَّخْلَ. وَجَرَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فِي سَمَائِهِمْ. وَنَزَلَ بَنُو يَافِثَ الصُّفُونَ مَجْرَى الشِّمَالِ وَالصِّبَا. وَفِيهِمُ الْحُمْرَةُ وَالشُّقْرَةُ. وَأَخْلَى اللَّهُ أَرْضَهُمْ فَاشْتَدَّ بَرْدُهَا. وَأَخْلَى سَمَاءَهَا فَلَيْسَ يَجْرِي فَوْقَهُمْ شَيْءٌ مِنَ النُّجُومِ السَّبْعَةِ الْجَارِيَةِ لأَنَّهُمْ صَارُوا تَحْتَ بَنَاتِ نَعْشٍ وَالْجَدْيِ وَالْفَرْقَدَيْنِ. وَابْتُلُوا بِالطَّاعُونِ. ثُمَّ لَحِقَتْ عَادٌ بِالشَّحْرِ فَعَلَيْهِ هَلَكُوا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ. فَخُلِفَتْ بَعْدَهُمْ مَهْرَةٌ بِالشَّحْرِ. وَلَحِقْتُ عَبْيلُ بِمَوْضِعِ يَثْرِبَ. وَلَحِقْتُ الْعَمَالِيقُ بِصَنْعَاءَ قَبْلَ أَنْ تُسَمَّى صَنْعَاءُ. ثُمَّ انْحَدَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى يَثْرِبَ فَأَخْرَجُوا مِنْهَا عَبِيلا. فَنَزَلُوا مَوْضِعَ الْجُحْفَةِ فَأَقْبَلَ سَيْلٌ فَاجْتَحَفَهُمْ فَذَهَبَ بِهِمْ فَسُمِّيَتِ الْجُحْفَةُ. وَلَحِقَتْ ثَمُودُ بِالْحِجْرِ وَمَا يَلِيهِ فَهَلَكُوا ثَمَّ. وَلَحِقَتْ طَسْمُ وَجُدَيْسُ بِالْيَمَامَةِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْيَمَامَةُ بِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ. فَهَلَكُوا. وَلَحِقَتْ أَمِيمُ بِأَرْضِ آبَارٍ فَهَلَكُوا بِهَا. وَهِيَ بَيْنَ الْيَمَامَةِ وَالشِّحْرِ. وَلا يَصِلُ إِلَيْهَا الْيَوْمَ أَحَدٌ غَلَبَتْ عَلَيْهَا الْجِنُّ. وَإِنَّمَا سُمِّيَتُ آبَارٌ بِأَبَارِ بْنِ أَمِيمَ. وَلَحِقَتْ بَنُو يَقْطَنَ بْنِ عَابِرِ باليمن فسميت اليمن حَيْثُ تَيَامَنُوا إِلَيْهَا. وَلَحِقَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي كَنْعَانَ بْنِ حَامٍ بِالشَّأْمِ فَسُمِّيَتِ الشَّأْمَ حَيْثُ تَشَاءَمُوا وَكَانَتِ الشَّأْمُ يُقَالُ لَهَا أَرْضُ بَنِي كَنْعَانَ. ثُمَّ جَاءَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَتَلُوهُمْ بِهَا وَنَفَوْهُمْ عَنْهَا. فَكَانَتِ الشَّأْمُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَوَثَبَتِ الرُّومُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَتَلُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ إِلَى الْعِرَاقِ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ. ثُمَّ جَاءَتِ الْعَرَبُ فغلبوا على الشام فكان فالغ وهو فَالِخِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَهُوَ الَّذِي قَسَّمَ الأَرْضَ بَيْنَ بَنِي نُوحٍ. كَمَا سَمَّيْنَا فِي الْكِتَابِ. [قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْغُطَيْفِيِّ ثُمَّ الْمُرَادِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَلا أُقَاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي بِمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: بَلَى. ثُمَّ بَدَا لِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. لا بَلْ أَهْلُ سَبَإٍ هُمْ أَعَزُّ وَأَشَدُّ قُوَّةً. قَالَ: فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَأَذِنَ لِي فِي قِتَالِ سَبَإٍ. فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدَهُ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي سَبَإٍ مَا أَنْزَلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: مَا فَعَلَ الْغُطَيْفِيُّ؟ فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْزِلِي فَوَجَدَنِي قَدْ سِرْتُ فَرَدَّنِي. فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَدْتُهُ قَاعِدًا وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ. فَقَالَ: ادْعُ الْقَوْمَ فَمَنْ أَجَابَكَ مِنْهُمْ فَاقْبَلْ وَمَنْ أَبَى فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِ حَتَّى تَحَدَّثَ إِلَيَّ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا سَبَإٍ؟ أَرْضٌ هِيَ أَوِ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَيْسَتْ بِأَرْضٍ وَلا بِامْرَأَةٍ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشَرَةً مِنَ الْعَرَبِ. فَأَمَّا سِتَّةٌ فَتَيَامَنُوا وَأَمَّا أَرْبَعَةٌ فَتَشَاءَمُوا. فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَلَخْمٌ وَجُذَامٌ وَغَسَّانُ وَعَامِلَةُ. وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَالأُزْدُ وَكِنْدَةُ وَحِمْيَرُ وَالأَشْعَرُونَ وَأَنْمَارُ وَمَذْحِجُ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا أَنْمَارُ؟ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمُ وَبَجِيلَةُ]. ذِكْرُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ فَأَصَابَتْهُ سَنَةٌ فَأَتَى هَرْمَزَجْرَدَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَاسْمُهَا نُونَا بنت كرنبا بن كوثى من بني أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر الأسلمي عن غير واحد مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: اسْمُهَا أبيونا. مِنْ وَلَدِ إفرايم بْنِ أرغوا بْنِ فَالِغِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْن مُحَمَّد عَن أَبِيهِ قَالَ: نهر كوثى كراه كرنبا جد إِبْرَاهِيم مِن قبل أمه. وكان أَبُوهُ عَلَى أصنام الملك نمروذ. فولد إِبْرَاهِيم بهرمزجرد. وكان اسمه إِبْرَاهِيم. ثُمَّ انتقل إلى كوثى مِن أرض بابل. فلما بلغ إِبْرَاهِيم وخالف قومه ودعاهم إلى عبادة اللَّه. بلغ ذَلِكَ الملك نمروذ. فحبسه فِي السجن سبع سنين. ثُمَّ بنى لَهُ الحير بحصي وأوقده بالحطب الجزل وألقى إِبْرَاهِيم فِيهِ. فَقَالَ: [حسبي اللَّه ونعم الوكيل!] فخرج منها سليما لم يُكلم. قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا هَرَبَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ كُوثَي. وَخَرَجَ مِنَ النَّارِ. وَلِسَانُهُ يَوْمَئِذٍ سُرْيَانِيٌّ. فَلَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ مِنْ حَرَّانَ غَيَّرَ اللَّهُ لِسَانَهُ فَقِيلَ عِبْرَانِيٌّ حَيْثُ عَبَرَ الْفُرَاتَ. وَبَعَثَ نَمْرُوذُ فِي أَثَرِهِ وَقَالَ: لا تَدْعُوا أَحَدًا يَتَكَلَّمُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ إِلا جِئْتِمُونِي بِهِ. فَلَقُوا إِبْرَاهِيمَ فَتَكَلَّمَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَتَرَكُوهُ وَلَمْ يَعْرِفُوا لُغَتَهُ. قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: فَهَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بَابِلَ إِلَى الشَّامِ. فَجَاءَتْهُ سَارَةُ فَوَهَبَتْ لَهُ نَفْسَهَا. فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَتْ مَعَهُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. فَأَتَى حَرَّانَ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا. ثُمَّ أَتَى الأُرْدُنَّ فَأَقَامَ بِهَا زَمَانًا. ثُمَّ خَرَجَ إلى مصر فأقام بها زمانا. ثم رَجَعَ إِلَى الشَّامِ فَنَزَلَ السَّبْعَ. أَرْضًا بَيْنَ إِيلِيَا وَفِلَسْطِينَ. فَاحْتَفَرَ بِئْرًا وَبَنَى مَسْجِدًا. ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ آذَوْهُ فَتَحَوَّلَ مِنْ عِنْدَهُمْ فَنَزَلَ مَنْزِلا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَإِيلِيَا فَاحْتَفَرَ بِهِ بِئْرًا وَأَقَامَ بِهِ. وَكَانَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَدَمِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَضَافَ الضَّيْفَ. وَأَوَّلُ مَنْ ثَرَدَ الثَّرِيدَ. وَأَوَّلُ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أخبرنا سفيان الثوري عن عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ. قَالَ عَاصِمٌ: أَرَاهُ عَنْ سَلْمَانَ. قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ رَبَّهُ خَيْرًا فَأَصْبَحَ ثُلُثَا رَأْسِهِ أَبْيَضَ. فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فقيل له: عبرة الدُّنْيَا. وَنُورٌ فِي الآخِرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ إبراهيم خليل الرحمن - صلى الله عليه وسلم - يكنى أبا الأضياف. قال: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالْقَدُّومِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا وَتَنَّبَأَهُ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ ثَلاثُمِائَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَهُمْ وَأَسْلَمُوا. فَكَانُوا يُقَاتِلُونَ مَعَهُ بِالْعِصِيِّ. قَالَ: فَهُمْ أَوَّلُ مَوَالٍ قَاتَلُوا مَعَ مَوْلاهُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وُلِدَ لإِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِسْمَاعِيلُ. وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ. وَأُمُّهُ هَاجَرُ. وَهِيَ قِبْطِيَّةٌ. وَإِسْحَاقُ وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ. وَأُمُّهُ سَارَةُ بِنْتُ بثويل بْنِ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ أرغوا بْنِ فَالِخِ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخَشْدِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَمَدَنُ وَمَدْيَنُ وَيَقْشَانُ وَزَمْرَانُ وَأَشْبَقُ وَشَوْخُ. وَأُمُّهُمْ قَنْطُورَا بِنْتُ مَقْطُورٍ مِنَ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ. فَأَمَّا يَقْشَانُ فَلَحِقَ بَنُوهُ بِمَكَّةَ. وَأَقَامَ مَدْيَنُ بِأَرْضِ مَدْيَنَ فَسُمِّيَتْ بِهِ. وَمَضَى سَائِرُهُمْ فِي الْبِلادِ. وَقَالُوا لإِبْرَاهِيمَ: يَا أَبَانَا أَنْزَلْتَ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ معك وأمرتنا ألا نَنْزِلَ أَرْضَ الْغُرْبَةِ وَالْوَحْشَةِ. قَالَ: بِذَلِكَ أُمِرْتُ. قَالَ: فَعَلَّمَهُمُ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَكَانُوا يَسْتَسْقُونَ بِهِ وَيَسْتَنْصِرُونَ. فَمِنْهُمْ مَنْ نَزَلَ خُرَاسَانَ فَجَاءَتْهُمُ الْخَزَرُ فَقَالُوا: يَنْبَغِي لِلَّذِي عَلَّمَكُمْ هَذَا أَنْ يَكُونَ خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ أَوْ مَلِكَ الأَرْضِ. قَالَ: فَسَمُّوا مُلُوكَهُمْ خَاقَانَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمَيُّ قَالَ: وُلِدَ لإِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ
211722
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
الطبقات الكبرى/الجزء الثاني
[تتمة السيرة النبوية الشريفة] ذِكْرُ عَدَدِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَرَايَاهُ وَأَسْمَائِهَا وتواريخها وجمل ما كَانَ فِي كل غزاة وسرية منهاأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن ابن سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ. وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ. وَمُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ. وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ. وَرَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيُّ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الأَشْهَلِيُّ. وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحَكَمِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي الزناد. ومحمد بن صالح التمار قال محمد بن سعد:وَأَخْبَرَنِي رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. وَأَخْبَرَنِي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ. وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا: كَانَ عَدَدُ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي غَزَا بِنَفْسِهِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزْوَةً. وَكَانَتْ سَرَايَاهُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً. وَكَانَ مَا قَاتَلَ فِيهِ مِنَ الْمَغَازِي تِسْعَ غَزَوَاتٍ: بَدْرُ الْقِتَالِ وَأُحُدٌ وَالْمُرَيْسِيعُ وَالْخَنْدَقُ وَقُرَيْظَةُ وَخَيْبَرُ وَفَتَحُ مَكَّةَ وَحُنَيْنٌ وَالطَّائِفُ. فَهَذَا مَا اجْتُمِعَ لَنَا عَلَيْهِ.وَفِي بَعْضِ رِوَايَتِهِمْ: أَنَّهُ قَاتَلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا لَهُ نَفْلا خَاصَّةً.وَقَاتَلَ فِي غَزْوَةِ وَادِي الْقُرَى مُنْصَرَفُهُ مِنْ خَيْبَرَ وَقُتِلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ. وَقَاتَلَ فِي الْغَابَةِ.قَالُوا: وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة. حِينَ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ. يَوْمَ الاثْنَيْنِ لاثْنَتَيْ عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول. وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ. وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ قَدِمَ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. فَكَانَ أَوَّلَ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - لحمزة ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ
211723
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
الطبقات الكبرى/الجزء الثالث
[الجزء الثالث] [القول في الطبقة الأولى وهم البدريين من المهاجرين والأنصار] طَبَقَاتُ الْبَدْرِيِّينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ(ذكر الطَّبَقَةُ الأُولَى)[من بني هاشم] تسمية من أحصينا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -من المهاجرين والأنصار وغيرهم ومن كان بعدهم من أبنائهم وأتباعهم من أَهْل الفقه والعلم والرواية للحديث وما انتهى إلينا من أسمائهم وأنسابهم وكناهم وصفاتهم طبقة طبقة أخبرنا محمد بن سعد قال: وفيما أخبرنا به مُحَمَّد بْن عُمَر بْن واقد الأسلمي عن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه عن عمه الزُّهْرِيّ عن عروة وَعَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عن عِكْرِمة وعن مُحَمَّدُ بْن صَالِحِ بْن دِينَارٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَيَزِيدَ ابن رومان وعن مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْميّ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي عبس عن أبيه وعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وعن أفلح بن سعيد القرظي عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ وعن غير هَؤُلَاء أيضًا مِمَّنْ لقي من رجال أَهْل المدينة وغيرهم من أَهْل العلم. وفيما أخبرنا به الحسين بن بهرام عن أبي معشر نجيح المديني. وفيما أخبرنا به رؤيم ابن يَزِيدَ الْمُقْرِئُ عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى عن محمد بن إسحاق. وفيما أخبرنا به أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أيوب عن إِبْرَاهِيم بْن سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وفيما أخبرنا به إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عمه موسى ابن عقبة. وفيما أخبرنا به عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري عن زكرياء بْن زَيْد بْن سعد الأشهلي وزكرياء بْن يحيى بْن أبي الزوائد السَّعْديّ وأبي عبيدة بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن عمار بْن ياسر وإبراهيم بْن نوح بْن مُحَمَّد الظفري وعن غيرهم مِمَّنْ لقي من أَهْل العلم والنسب بتسمية من شهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرًا. والنقباء. وعددهم.وتسميتهم. وغيرهم مِمَّنْ صحب رسول الله ص. وفيما أخبرنا به الفضل بْن دكين
211724
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
الطبقات الكبرى/الجزء الرابع
الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ مِمَّنْ لم يشهد بدْرًا ولهم إسلام قديم وقد هاجر عامتهم إِلَى أرض الحبشة وشهدوا أحدًا وما بعدها من المشاهد. منهم من المهاجرين من بني هاشم بْن عَبْد مناف 344- الْعَبَّاسُ بْنُ عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بْنِ قُصَيِّ بْنُ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْن مالك بْن النَّضْر بْن كنانة بْن خُزَيْمة بْن مدركة بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ معد بْن عدنان. وأم العباس نُتَيْلَةُ بِنْتُ جَنَابِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَامِرٍ. وَهُوَ الضِّحْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نزار بْن معد بْن عدنان. وكان العباس يكنى أبا الفضل. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُلِدَ أَبِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَبْلَ قَدُومِ أَصْحَابِ الْفِيلِ بِثَلاثِ سِنِينَ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاثِ سِنِينَ. قَالُوا: وَكَانَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنَ الْوَلَدِ الْفَضْلُ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِهِ وَبِهِ كَانَ يُكْنَى. وَكَانَ جَمِيلا. وَأَرْدَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - في حجته ومات بالشام في
211725
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
الطبقات الكبرى/الجزء الخامس
الطبقة الأولى من أهل المدينة من التابعين .... الناس أصبحوا ثم دفع فإني لأنظر إلى فخذه قد انكشف فيما يخرش بعيره بمحجنه. هكذا قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنة سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يربوع. وهذا وهل وغلط فِي نسبه. إنما هُوَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ. [من هذه الطبقة الذين رووا عن الشيخين] 589- عبد الرحمن بن الْحَارِث بْن هشام بْن المغيرة بْن عَبْد الله بن عمر بن مخزوم بْن يقظة بْن مرّة. وأمه فاطمة بنت الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر بْن مخزوم. ويكنى عَبْد الرَّحْمَن أَبَا مُحَمَّد. وكان ابن عشر سنين حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومات أَبُوهُ الحارث بْن هشام فِي طاعون عمواس بالشام سَنَة ثماني عشرة فخلف عُمَر بْن الْخَطَّاب عَلَى امرأته فاطمة بِنْت الوليد بْن المغيرة وهي أم عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِثِ. فَكَانَ عَبْد الرَّحْمَن فِي حُجْر عُمَر. وكان يَقُولُ: مَا رَأَيْت رَبِيبًا خَيْرًا مِنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب. وروى عَنْ عُمَر ولَهُ دار بالمدينة ربة كبيرة. وتُوُفّي عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث فِي خلافة معاوية بْن أَبِي سُفْيَان بالمدينة. وكان رجلا شريفا سخيا مريا. وكان قد شهد الجمل مَعَ عَائِشَة. وكانت عَائِشَة تَقُولُ: لأن أكون قعدت فِي منزلي عَنْ مسيري إلى البصرة أحب إلي من أن يكون لي من رسول الله عشرة من الولد كلهم مثل عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيِّ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمَ. فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي وِلايَتِهِ حين أراد أن يغير اسم من
211726
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3
الطبقات الكبرى/الجزء السادس
تَسْمِيَةُ مَنْ نَزَلَ مَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - 1477- أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لؤي. وأمه برة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. قَالَ محمد بن عمر: لا نعلم أحدًا من المهاجرين من أهل بدر رجع إلى مكة. يعني بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنزلها غير أبي سبرة فإنه رجع إلى مكة بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ. وَوَلَدُهُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَدْفَعُونَهُ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلَهَا بَعْدَ أَنْ هاجر منها ويغضبون من ذكر ذلك. وَتُوُفِّيَ أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَضِيَ اللَّهُ عنه. 1478- عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر بن مخزوم. وأمه أسماء بنت مخرمة بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم من بني تميم وهو أخو أبي جهل بن هشام لأمه. وكان عياش من مهاجرة الحبشة ثم قدم فلم يزل بالمدينة إِلَى أَنْ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ثم خرج إلى الشأم فجاهد في سبيل الله. ثم رجع إلى مكة فأقام بها إلى أن مات بها. وأما ابنه عبد الله بن عياش فلم يزل بالمدينة حتى مات. 1479- عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن مخزوم. وأمه أَسْمَاءُ بِنْت مُخَرَّبَةَ بْن جَنْدَلِ بْن أَبِيرِ بْن نهشل بن دارم. وكان اسم عبد الله في الجاهلية بحيرا فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الله وولاه عمر بن الخطاب اليمن. 1480- الْحَارِث بْن هشام بْن المغيرة بْن عَبْد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن مخزوم. وأمه أسماء
211727
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9
الطبقات الكبرى/الجزء السابع
الجزء السابع تَسْمِيَةُ مَنْ نَزَلَ الْبَصْرَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ومن كان بها بعدهم من التابعين وأهل العلم والفقه [السابقين الأولين] 2825- عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْن مالك بْن الحارث ابن عوف بْن مازن بْن مَنْصُور بْن عِكْرِمة بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قيس بن عيلان بن مضر. ويكنى أبا عبد الله. قال: وسمعت بعضهم يكنيه أَبَا غزوان. وكان رجلًا طوالًا جميلا قديم الإسلام. وهاجر إلى أرض الحبشة وشهد بَدْرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ وَلَدِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ قَالا: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ عَلَى الْبَصْرَةِ فَهُوَ الَّذِي فَتَحَهَا وَبَصَّرَ الْبَصْرَةَ وَاخْتَطَّهَا وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الأُبُلَّةُ. وَبَنَى مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ بِقَصَبٍ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا دَارًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ كَانَ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِالْقَادِسِيَّةِ. فَوَجَّهَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ بِكِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ. يَعْنِي ابْنَ حَسَنَةَ. قَالَ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ قَدْ حَضَرَ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ هُزِمَ الأَعَاجِمُ. فَكَتَبَ عمر بن الخطاب إلى سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يَضْرِبَ قَيْرَوَانَهُ بِالْكُوفَةِ. وَأَنِ ابْعَثْ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ إِلَى أَرْضِ الْهِنْدِ فَإِنَّ لَهُ مِنَ الإِسْلامِ مَكَانًا. وَقَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَقَدْ رَجَوْتُ جَزْءَهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْبَصْرَةُ تُسَمَّى يَوْمَئِذٍ أَرْضَ الْهِنْدِ فَيَنْزِلَهَا وَيَتَّخِذَ بِهَا لِلْمُسْلِمِينَ قَيْرَوَانًا وَلا يَجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ بَحْرًا. فَدَعَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ وَأَخْبَرَهُ بِكِتَابِ عُمَرَ فَأَجَابَ وَخَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ فِي ثَمَانِي مِائَةِ رَجُلٍ. فَسَارُوا حَتَّى نزلوا البصرة. وإنما سميت البصرة بصرة
211728
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%85%D9%86
الطبقات الكبرى/الجزء الثامن
ذِكْرُ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: بَايَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ وَعَلَى يَدِهِ ثَوْبٌ. أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَايَعَ النِّسَاءَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ. أَنَّ النبي. ص. حِينَ بَايَعَ النِّسَاءَ وَضَعَ عَلَى يَدِهِ بُرْدًا قَطَرِيًّا فَبَايَعَهُنَّ. قَالَ وَالأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: [إِنِّي لا أُصَافِحُ النِّسَاءَ] . أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لا يُصَافِحُ النِّسَاءَ فِي الْبَيْعَةِ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ قَالَتْ: [أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نِسْوَةٍ نُبَايِعُهُ فَقُلْنَا: نُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا نَسْرِقَ وَلا نَزْنِيَ وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا وَلا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلا نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ. قَالَ فَقُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا. هَلُمَّ نُبَايِعْكَ يَا رَسُولَ الله. فقال رسول الله. ص: إِنِّي لا أُصَافِحُ النِّسَاءَ إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ] . أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: [أَخْبَرَتْنِي أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نِسْوَةٍ نُبَايِعُهُ فَاشْتَرَطَ عَلَيْنَا مَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ لا تَسْرِقْنَ وَلا تَزْنِينَ وَلا تَقْتُلْنَ أَوْلادَكُنَّ وَلا تَأْتِينَ بِبُهْتانٍ. ثُمَّ قَالَ: فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ. فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا. فَقُلْنَا: أَلا تُصَافِحُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنِّي لا أصافح النساء إنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة.]
211730
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب التاسع/الفصل الأول
عرفها المتقدمون بإنهما نصف اسطوانة مستديرة مجوفة ولا نشاهد مثله في العمارات القديمة والجديدة، وما شاهدناه كان أكثره محدود الوسط وقليل منه أقل من نصف الإسطوانة المستديرة المجوفة بكثير فأعلم أن الطاق على ما ينبعي وهو ما نسميه بالطاق الحقيقي هو مسقف مبني على قاعدتين هما في سطح واحد بين خطين متوازيين كأنه مؤلف من خمس قطعات اثنتان منها قطعة فلكه واحدة أو حلقة واحدة أو دفّي واحد لا يكون قطر مقعّرها أصغر من وسعة الطاق اعنى البعدين قاعدتي الطاق أحديهما في اليمين والآخر في اليسار مبنيان على القاعدتين وقطعتان آخريان هما قطعتا فلكة أو حلقة أو دفّي يكون قطر مقعرها أعظم من قطر مقعر الفلكة الأولى غلظهما مثل غلظ القطعتين الأوليتين بعينه وهما مبنيان على فوق القطعتين الأوليين متصلان على خط هو محدد الطاق ويكون محورى قطعتي الأيمن في سطح واحد وكذلك الأيسر في سطح آخر، وقطعة واحدة يحيط بها لوزتان متشابهتان متساويتان متوازيتان، وأربعة سطوح مستويات، فمجموعهما هو مجسم يحيط به سطحان مستويان متوازيان هما وجهاه وسطحان مستديران لأعلى محور واحدهما محدبة ومقعرة، ويقال للبعد بين وجهيه عرض الطاق والفرق بين الطاق والأزج أن عرض الطاق لا يكون أكثر من وسعته وللأزج يكون أكثر منها، وما يدعوه في الطاق عرضه يدعوه في الأزج طوله، وطريق رسمه على ما رأيناه خمسة. الأول أن ندير دائرة على أن قطرها يكون بقدر وسعة الطاق ونقطة مركزها ونقسمها ستة أقسام متساويات على نقط ونصل الأقطار ، ، ، ونخرجها عن أطراف على الإستقامة إلى نقطة بقدر ثخن الطاق حسب ما نريد، ثم ندير على مركز قوسي ، فندير على نقطة ببعد قوس وعلى نقطة ببعد قوس ونصل ، ونخرجهما إلى بقدر ثخن الطاق وندير على نقطة قوس وعلى نقطة قوس ونخرج عمود على وعمود فحصلت القطعات الخمس وهي قطعات ، ، ، ، جميعها وجه الطاق، ولما جعلنا ، مستقيماً لا مستدير الفائدة سنذكرها وصورته هكذا. ويجوز أن نرسم قسمي حول نقطتين أخريين على خطي إمّا داخل نصف الدائرة التحتاني وإمّا خارجة وهو الأحسن، ونسمي سطح مجوف الطاق ويدعوه ويدعوه البناؤون باسبرة، وإذا أخرجنا من نقطة في الجانبين عمودي ، على متساويين لـ ونصل ، يقطعان محدب الطاق على نقطتي ، فسطحا ، هما كتفا الطاق ما وقع من الطاق في الجدار، وخط أرتفاع محدده الاسفل ارتفاع محدّده الأعلى وهذا الوجه يليق حيث كانت وسعت الطاق إلى خمسة أذرع وقد شاهدنا في بعض العمارات أن كانا خطين مستقيمين وكذا . الوجه الثاني هو أن ندير نصف دائرة على أن خط القطر وهو وسعة الطاق ومخرجه في الجهتين إلى نقطتي ، بقدر ثخن الطاق حسب ما نريد، ونقطة مركزها، ونقسمها على أربعة أقسام متساويات على نقطة ونصل نصفي قطري ، ونخرجهما ونفرز منهما ، بقدر وتر الربع بقدر ثخن الطاق اعني ونريد على مركز قوسي وندير على نقطة ببعد قوس ونصل ونخرجهما إلى نقطتي بقدر ثخن الطاق وندير على نقطة قوس وعلى نقطة قوس ونخرج عمودي على خطى فمجموع قطعات ، ، ، ، وجه الطاق وتتمم سطح المتوازي الأضلاع وجعلنا مستقيماً لا مستديراً الغرض سيفهم، وهذا الوجه يليق حيث ما نريد وسعة الطاق بين خمسة أذرع إلى عشرة أذرع أو إلى خمسة عشر ذراعاً هكذا. الوجه الثالث هو أن يخرج عن منتصف وسعة الطاق عمود ونفرز منه مثل و بقدر ثمن وندير على نقطة ببعد قوس ثمن المحيط وكذا قوس ونصل ونخرجه من جهته إلى نقطة بقدر وندير على مركز ببعد قوس إلى أن انتهت إلى عمود على نقطة ونصل ونخرجه إلى بقدر ثخن الطاق وندير أيضاً على مركز ببعد قوس ونخرج من نقطة عمود على ونتمم سطح المتوازي الأضلاع القائم الزوايا ليتم صورة نصف طاق، وهكذا يكون العمل في النصف الآخر وهذا الوجة يليق بالطاقات العظيمة التي يكون وسعتها أكثر من عشر باعات. الوجه الرابع هو أن نثلث وسعة الطاق على نقطتي ، وندير على نقطة ببعد قوس قوس وعلى نقطة ببعد قوس ونصل ونخرجهما إلى نقطتي بقدر ثخن الطاق وكذا في الجهتين إلى نقطتي وندير على ببعد قوس وعلى نقطة ببعد قوس ونخرج من نقطتي عمودي ، على خطي ، فمجموع قطعات ، ، الثلاث وجه الطاق هكذا الوجه الخامس هو أن نخرج من نقطتي نهاية وسعة الطاق عمودي على نجعل نقطتي مركزين وندير على كل واحد منهما ببعد وتر القائمة أعني ببعد قوسي وكذا قوسي ، بعد أخراج خطي من الجهتين ببعد واحد فيكون شكل وجه الطاق هكذا فإذا فرغنا عن تعريف الطاق والأزج فنشرع الآن في كيفية مساحة، وقد استخرجنا نسب بعض مقاديره إلى وسعته، وبعضها إلى ثخنه ووضعناها في جدول مع الشرح العمل بها، وسنورد كيفية استخراج تلك المقادير، وأيضاً حولناها إلى الرقوم الهندية ووضعناها في الجدوال أيضاً، والجدول هكذا فإذا حصل مساحة وجه المطاق من الجدوال الثاني نضربها في عرض الطاق يحصل مساحة مجسمة، وأمّا مساحة ما يدخل من الطاق في الجدار الذي بنى عليه ومساحة كثفه، فنضرب نصف قطر مقعر القطعة الأولى منه، وهو نصف وسعته في الوجهين الأولين ونصفها ونصف ثمنها في الوجه الثالث وثلثاها في الوجه الرابع في نصف قطر محدبها منحطا وهو مجموع ثخنه مع نصف قطر مقعرها ونقوس الحاصل في الجيب ونأخذ تمامها فهو قوس من محدب الطاق يدخل في الجذار من أحد جابنيه بمائة المحيط ثلاثمائة وستون ثم نضرب نسبة المحيط إلى القطر في مجموع وسعته الطاق وضعف ثخنه في الوجهين الأوليين وبزيادة ثمن الوسعة في الثالث وبزيادة ثلثها في الربع فما حصل نضربه في القوس المذكورة ونقسم الحاصل على ثلاثمائة وستين فما خرج فهو مقدار القوس المذكور بما به يكون وسعة الطاق ممسوحة نضربه في نصف قطر محدّب القطعة الأولى فما حصل نحفظه ثم يأخذ جيب تلك القوس ونضربه في نصف القطر المذكور منحطا فما حصل نضربه في نصف قطر مقعر القطعة الأولى فما حصل ننقصه من المحفوظ فما بقى هو مجموع سطح القطعتين اللتين يدخل في الجدار ننقصه عن مساحة وجه الطاق فما بقي نزيد على مساحة مجوفه وننقص المجموع عن مضروب ووسعة الطاق في ارتفاع محدده الأعلى فالباقي فهو مساحة سطح كتفه ثم نضرب سطح كل واحد مما يدخل في الجدار من الطاق وسطح كتفيه في عرض الطاق ليحصل مساحة مجسمه، والأولى في مساحة العمارات أن نمسح الجدران إلى منشأ الطاق أولاً ثم نمسح الطاق ومجوفه ثم نضرب مجموع وسعة الطاق وضعف ثخنه في ارتفاع محدده الأعلى وننقص من الحاصل مجموع مساحة وجه الطاق وسطح مجوفه فما بقى هو مساحة سطحي كتفيه مع ما وقع فوق قاعدته لئلا نحتاج إلى مساحة ما يدخل في الجدار من الطاق، وإمّا ايراد ما وعدناه في كيفية استخراج مقادير النسب الموضوعة في الجدول المتقدم فأعدنا الأشكال الثلاثة الاولى. فإذا عرفت استخراج تلك النسب في الوجوه الثلاثة فلا يخفى الوجه الرابع لسهولة إذ نصف قطر قوسى مقعره بقدر تلثى وسعته ونصف مقعره بقدر قوس يكون جيب تمامها ثُمن القطر. وأمّا مساحة الطاق بالوجه الخامس فيكفي فيها أن نضرب مربّع وسعته في ثالثه أو في ثالث الأعشار ليحصل مساحة سطح مجوفه نضربها في عرض الطاق وننقص الحاصل مع ما تحته من التجويف عن مساحة الجدار لإن وقوعه على الإغلاق ولا يحتاج إلى مساحة مجسمه وإن ارادها واحد فعليه أن يعيد شكله ويصل ونخرجه إلى وكذا ونخرجه إلى ونصل ، ونخرج من عمود على ونأخذ جذر ضعف مربّع وسعة الطاق وهو ونأخذ نصف جيب ثُمن الدور وهو جيب زاوية وننقص قوسه عن ثُمن الدّور بقيت زاوية ثم نضرب في نسبة المحيط إلى القطر ونضرب الحاصل في زاوية ونأخذ ثلث الحاصل وهو مقدار بما به ممسوح ثم نزيد ثخن الطاق على ليحصل قطر محدّب الطاق ونضرب في نسبة المحيط إلى القطر ونضرب الحاصل في مقدار زاوية ، ونأخذ ثلث الحاصل فهو فضل قوس على بما به ممسوح نريد نصفه على ليحصل نصف مجموع نضربه في يحصل مساحة قطعة حلقة ثم نقسم بل وسعة الطاق على اعنى منحطا فما خرج نقوسه في الجيب ثم ننصّف مربع ثخن الطاق ونزيد جذره على وسعة الطاق ونقسم المجموع على فما خرج نقوسه في الجيب ونأخذ التفاضل بين القوسين فهو قوس بما به المحيط ثلاثمائة وستين اعني زاوية فيحصل مقدارهما بما به واحد بقياس ما مر ونضرب في نصفها ليحصل مساحة قطاع ثم نضرب جيب زاوية في خط منحطا يحصل عمود نضربه في خط لنحصل مثلث ننقصه عن قطاع وعلى ذلك القياس يحصل سطح ونجمعهما مع قطعة حلقة ليحصل سطح نصف وجه الطاق نضرب ضعفه في عرض الطاق يحصُل مساحة مجسم الطاق ولإن محدب هذا الطاق لا يكون متناسبًا بتزايد ثخنه ما أوردناه في الجدول، ولذلك الضلعين العاليين من اللوزة في الوجوه المتقدمة خطين مستقيمين ليكون متناسبا فيها وهذا ما وعدناه، وأمّا مساحة سطحي الداخل والخارج من الطاق اعنى المنحنين نضرب عرض الطاق في مقعّر وجهه ليحصل مساحة سطحه الباطن وفي محدبه ليحصل مساحة سطحه الظاهر، وقد أطنبنا في مقاصد هذا الفصل.
212003
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى
نقول وبالله التوفيق إن الإحاطة برؤس مسائل مراكز الأثقال والثقل والخفة، وكيفية اختلافهما في الرطوبة والهواء والرسوب والطفو أعني العلم الكلي في الثقل والخفة وغوص الأجسام الثقال في الماء على سبيل الأخبار المأخوذ بالتقليد نافعة جدّا في علم ميزان الحكمة، وتسهل تصوره لمعانيه حتى إذا اعاد على تلك المسائل متعرفا وجوه براهينها أتاها بفكرة مجرّدة لا يجتمع عليها تعب كلا الجانبين، والقول فيها يشتمل على سبعة أبواب الباب الأول في رؤوس مسائل مراكز الأثقال لابن الهيثم البصري وأبي سهل الكوهي الباب الثاني في رؤوس مسائل أرشميدس الباب الثالث في رؤوس مسائل أقليدس الباب الرابع في رؤوس مسائل مانالاوس الباب الخامس في ذكر مسائل متفرقة في الثقل والخفة الباب السادس في مسائل السفينة ومقدار غوصها الباب السابع في مقياس المائعات لفوفس الرومي
212004
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب الأول
عن أبي سهل الكوهي وابن الهيثم البصري وهو معين الناظر فيه على تصور معانيه وهو تسعة فصول. الأول الثقل هو القوة التي بها يتحرك الجسم الثقيل إلى مركز العالم والثاني الجسم الثقيل هو الذي يتحرك بقوة ذاتية أبداً إلى مركز العالم فقط أعني أن الثقيل هو الذي له قوة تحركه إلى نقطة المركز وفي الجهة أبداً التي فيها المركز ولا تحركه تلك القوة في جهة غير تلك الجهة وتلك القوة هي لذاته لا مكتسبة من خارج وغير مفارقة له مادام على غير المركز ومتحرّكاً بها أبدا ما لم يعقه عائق إلى أن يصير إلى مركز العالم الأول والأجسام الثقال مختلفة القوى، فمنها ما قوته وأعظم وهي الأجسام الكثيفة الثاني ومنها ما قوته أصغر وهي الأجسام السخيفة والثالث وكلما كان أشد كثافة كان أعظم قوة والرابع وكلما كان أشد سخافة كان أصغر قوة والخامس والأجسام المتساوية القوى هي المتساوية الكثافة والسخافة التي المقادير المتساوية منها المتشابهة الأشكال متساوية الثقل ولنسمّ هذه الأجسام المتساوية في القوة والسادس والأجسام المختلفة القوي هي التي ليست كذلك ولنسميها المختلفة القوى. الأول وإذا تحرك جسم ثقيل في أجسام رطبة فإن حركته فيها بحسب رطوبتها فتكون حركته في الجسم الأرطب أسرع الثاني وإذا تحرك في جسم رطب جسمان متساويا الحجم متشابها في الشكل مختلفا في الكثافة، فإن حركة الجسم الأكثف فيه تكون أسرع الثالث وإذا تحرك جسمان متساويا الحجم متساويان في القوة مختلفا الشكل فإن الذي يلقى الجسم الرطب منه سطح أصغر تكون حركته فيه أسرع، الرابع وإذا تحرك في جسم رطب جسمان متساويان في القوة مختالفا في الحجم فإن حركة الأعظم فيه ابطاء الأول الأجسام الثقال قد يتساوي أثقالها وإن كانت مختلفة في القوة مختلفة في الشكل الثاني ولأجسام المتساوية الثقل هي التي إذا تحركت في جسم واحد من الأجسام الرطبة من نقطة واحدة كانت حركتها متساوية أعني أنها تجوز في أزمنة متساوية مسافات متساوية ثالث والأجسام المختلفة الثقل هي التي إذا تحركت على هذه الصفة كانت حركتها مختلفة وأعظمها ثقلا أسرعها حركة الرابع والأجسام المتساوية في القوة والحجم والشكل والبعد عن مركز العالم متساوية الخامس وكل جسم ثقيل يكون على مركز العالم فإن مركز العالم يكون في وسطه ويكون ميل أجزائه مع جميع جهاته إلى مركز العالم ميلا متساويا ويكون كل السطوح التي تخرج من مركز العالم تقسم كل واحد منها الجسم بقسمين متعادلي الثقل عند ذلك السطح السادس وكل السطوح الذي يفصله ولا يمّر بمركز العالم يقسمه بقسمين غير متعادلي الثقل عند ذلك السطح السابع وكل جسم ثقيل فإن النقطة منه التي ينطبق على مركز العالم إذا كان ساكنا عليه يسمى مركز الثقل لذلك الجسم. الأول والجسمان المتعادلا الثقل عند نقطة مفروضة هما اللذان يمكن إذا اضمّا إلى جسم ثقيل تكون تلك النقطة مركز ثقله وصار مركزا ثقلهما عن جنبتي تلك النقطة على خط مستقيم يتمّ بتلك النقطة أن يتغير وضع ذلك الجسم وتصير تلك النقطة مركز ثقل مجموعهما الثاني والجسمان المتعادلان من الثقل عند سطح مفروض هما اللذان يمكن إذ اضمّا إلى جسم ثقيل يكون مركز ثقله على ذلك السطح أن لا يتغير وضع ذلك الجسم، ويكون مركز ثقل الجميع على ذلك السطح الثالث والأثقال المتعادلة لثقل واحد يعينه على مركز واحد فهي متساوية الرابع وإذا اضمّ إلى أثقال متعادلة عند ذلك المركز ولم يتغير مركز ثقلهما فإن الجميع متعادلة عند ذلك المركز الخامس وإذ اضمّ إلى أثقال متعادلة عند سطح مفروض أثقال متعادلة عند ذلك السطح فإن الجميع متعادلة عند ذلك السطح السادس وإذا نقص من أثقال متعادلة أثقال متعادلة فلم يتغير مركز ثقل الجميع فإن الباقية متعادلة السابع وكل جسم ثقيل يعادل جسما ثقيلا فإنه لا يعادل بجميع ثقله ولا بأكثر من ثقله جزء من ذلك الجسم ما لم يتغير وضع أحدهما الثامن والأجسام المتساوية في القوة المتساوية في العظم المتشابهة الأشكال التي أبعاد مراكز أثقالها من نقطة واحدة متساوية هي متعادلة الثقل بالإضافة إلى تلك النقطة ومتعادلة الثقل بالإضافة إلى السطح المستوى الذي يمّر بتلك النقطة ويكون وضع تلك الأجسام عنده وضعا متشابها التاسع وكل جسمين ثقيلين فمجموع ثقلهما أعظم من ثقل كل واحد منهما العاشر والأجسام الثقال المتساوية البعد عن مركز العالم هي التي تكون الخطوط التي تخرج من مركز العالم إلى مراكز أثقالها متساوية. الأول كل جسم ثقيل يتحرك إلى مركز العالم فإنه لا يتجاوز المركز وأنه إذا إنتهى إليه إنتهت حركته الثاني وإذا انتهت حركته صار ميل جميع أجزائه إلى المركز ميلا متساويا الثالث وإذا إنتهت حركته فإن وضع المركز منه لا يتغير الرابع وإذا تحرك إلى المركز أجسام ثقال ولم يعقها عائق فإنها يلتقى عند المركز ويصير وضع المركز منها وضعا لا يتغير الخامس وكل جسم ثقيل فله مركز ثقل السادس وكل جسم ثقيل فإن كل سطح مستو يخرج من مركز ثقله فإنه يقسمه بقسمين متعادلي الثقل السابع وإذا قسمه بقسمين متعادلي الثقل فإن مركز ثقله على ذلك السطح الثامن وإن مركز ثقله هو نقطة واحدة. الأول كل جسمين ثقيلين بينهما واصل بحفظ وضع أحدهما عند الآخر فلمجموعهما مركز ثقل وهو نقطة واحدة فقط الثاني كل جسمين ثقيلين يصل بينهما جسم ثقيل يكون مركز ثقله على الخط المستقيم الذي يصل بين مركزي ثقلهما فإن مركز ثقل الجميع على ذلك الخط الثالث كل جسم ثقيل يعادل جسماً ثقيلاً فإن كل جسم مساو له في الثقل فإنه يعادل ذلك الثقل إذا لم يتغير المراكز الرابع كل جسمين متعادلين يرفع أحدهما ويوضع على مركز ثقله جسم أثقل منه فإنه لا يعادل الجسم الثاني و لا يعادل إلا جسماً أثقل منه. الأول كل جسم متساوي السطوح متشابهة الأجزاء فإن مركز ثقله هو مركزه أعني النقطة التي تتقاطع عليها أقطاره الثاني كل جسمين متوازي السطوح متساويين في القوة وارتفاعهما متساويان وارتفاعهما على قواعدهما على زوايا قائمة فإن نسبة ثقل أحدهما إلى ثقل الآخر كنسبة عظم أحدهما إلى عظم الآخر الثالث كل جسم متوازي السطوح يفصله سطح على موازاة سطحين متقابلين من سطوحه فيقسمه بجسمين متوازي السطوح ويستخرج مركزاً الجسمين ويوصل بينهما بخطّ مستقيم ويستخرج مركز جميع الجسم، وهو أيضا على هذا الخط فإن نسبة ثقلي الجسمين أحدهما إلى الآخر كنسبة قسمي الخط أحدهما إلى الآخر بالتكافئ الرابع كل جسمين ثقيلين متصّلين فإن نسبة ثقل أحدهما إلى ثقل الآخر كنسبة قسمي الخط الذي عليه مراكز أثقالها الثلاث الذي لكل واحد منهما ولمجموعهما أحدهما إلى الآخر بالتكافئ. الأول كل جسمين متعادلي الثقل عند نقطة مفروضة فإن نسبة ثقل أحدهما إلى ثقل الآخر كنسبة قسمي الخط الذي يمر بتلك النقطة ويمر بمركزي ثقليهما أحدهما إلى الآخر الثاني كل جسمين ثقيلين يعادلان جسماً واحداً ثقيلاً بالقياس إلى نقطة واحدة فإن أقربهما من تلك النقطة أثقل من أبعدهما الثالث كل جسم ثقيل يعادل جسماً ثقيلاً بالقياس إلى نقطة ثم ينتقل الجسم في ضد الجهة التي فيها الجسم الآخر ويصير أيضا مركز ثقله على الخط المستقيم الذي عليه المراكز فإنه كلما بعد كان ثقله أعظم الرابع كل جسمين ثقيلين متساوين في والحجم القوة والشكل مختلفي البعد عن مركز العالم فإن أكثرهما بعد أعظمهما ثقلا تمت مسائل مراكز الأثقال.
212017
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D9%85%20%D9%88%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%87%D9%85%20%D9%88%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%87%D9%85%20%D9%88%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%AA%D9%87%D9%85%20%D9%88%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%87%D9%85%20%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%20%281951%29
الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951)
فهرس تمهيد الباب الأول:مقدمة تقهقر رومة الداخلي وأزمة القرن الثالث ظهور النصرانية وانتشارها الدولة الساسانية الباب الثاني:أصل الدولة ومنشأها قسطنطين الكبير والقسطنطينية قسطنديوس الثاني ويوليانوس الجاحد ثيودوسيوس الكبير ظهور الرهبانية وانتشارها الباب الثالث: المحنة الأولى: تدفُّق البرابرة وتفرُّق النصارى أركاديوس الأول وثيودوسيوس الثاني الباب الرابع: تطوُّر النُّظُم وتمشرق الفكر والفن والدولة أباطرة النصف الثاني من القرن الخامس تَمَشْرُق الفكر والفن والدولة الباب الخامس: كرامةٌ ومجدٌ وعظمةٌ يوستينوس ويوستنيانوس خلفاء يوستنيانوس الفكر والفن في القرن السادس الباب السادس: تَطَوُّرٌ وتغييرٌ في عناصر الشعب، وفي حُدُود الملك وأنظمته هرقل والفرس والصقالبة والآفار هرقل والعرب خلفاء هرقل تطور وتغيير الآداب والعلوم والفن في القرن السابع الباب السابع: انتعاش وتوطيد واستقرار الأسرة الإسورية أو السورية خُلفاء الإسوريين والأسرة العمورية العلم والأدب والفن في القرنين الثامن والتاسع الباب الثامن: الأسرة المقدونية والظفر والعظمة والمجد توطيد الملك: باسيليوس الأول ولاوون السادس النهوض بالدولة: قسطنطين السابع ورومانوس ليكابينوس هجومٌ عظيمٌ، ونصرٌ مبين التوقُّف عن التوسُّع وانتهاء الأسرة المقدونية أسس الدولة ونظمها في القرنين العاشر والحادي عشر الآداب والفنون في عهد الأسرة المقدونية الباب التاسع: تأخر الدولة وانحطاطها الفوضى والفتن الداخلية أليكسيوس الأول كومنينوس خلفاء أليكسيوس كومنينوس الباب العاشر: تَفَكُّك وانهيار أسرة أنجيلوس إمبراطورية نيقية الباب الحادي عشر: اليقظة الأخيرة وإخفاقها دولةٌ صغيرةٌ إرثُها كبيرٌ وظرفها خطير أندرونيكوس الثالث ويوحنا السادس الأتراك العثمانيون في أوروبة الباب الثاني عشر: النهاية الروم وبايزيد ومحمد علوم الروم وثقافتهم في دورهم الأخير يوحنا الثامن وقسطنطين الحادي عشر ملحق
212068
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب الثاني
قال: الأول إن بعض الأجسام والرطوبات أثقل من بعض، وإنما يقال للجسم إنه أثقل من الجسم أو للرطوبة إنها أثقل من رطوبة أخرى أو للجسم إنه أثقل من الرطوبة متى كانا إذا أخذ منهما شيئان بمقدار واحد في المساحة ثم وزنا كان أحدهما أثقل من الآخر، فأما إذا كان وزنهما سواء فليس يقال إن أحدهما أثقل من الآخر، والذي يقال إنه أثقل هو الأكثر وزنا. الثاني ونضع أن للرطوبة في طبيعتها أن تكون أجزاؤها المتصلة مستوية في الوضع. الثالث وما يضغط منها أكثر يدفع ما يضغط منها أقل وكل واحد من أجزائها يضغطه ما فوقه على الشاقول إن لم تكن الرطوبة محصورة في شيء يضغطها شيء آخر. الرابع كل رطوبة قائمة لا تتحرك فإن شكلها شكل سطح كرة. الخامس إذا كان جسم ما مساويا في الثقل لرطوبة ما فإنه إذا القى ذلك الجسم في تلك الرطوبة رسب فيها إلى أن يساوي سطحها فقط. السادس وإذا كان جسم ما أخف من رطوبة ما، فإنه إذا القى ذلك الجسم في تلك الرطوبة لم يغرق فيها بأجمعه بل كان منه شيء خارجا عن سطح الرطوبة. السابع إذا كان جسم ما أخف من رطوبة، فإنه إذا ألقى فيها غرق منه مقدار ما إذا أخذ مقدار من الرطوبة مساو في المساحة للمقدار الذي غرق منه وجد وزن ذلك المقدار من الرطوبة مساويا لوزن الجرم كله. الثامن إذا كان جسم ما أخف من رطوبة وغمر فيها، فإن صعوده يكون بقوة مساوية لقوة فضل ثقل مقدار من الرطوبة مساو في المساحة لذلك الجسم. التاسع إذا كان جسم ما أثقل من رطوبة فألقى فيها فإن ثقله إذا رفع مساو لفضل ثقل ذلك الجسم على ثقل مقدار من الرطوبة مساو في المساحة لذلك الجسم. العاشر إذا كان جسم ما أخف من رطوبة وكان شكل ذلك الجسم شكل قطعة من كرة ذلك الجسم وألقى ذلك الجسم في تلك الرطوبة وتعمد الذي يلقيه أن لا تلقى قاعدته الرطوبة فإن الشكل يقوم قائما حتى يكون محور قطعة الدائرة على شاقول. الحادي عشر ان ميل أيضا بعد أن لا تلقى القاعدة الرطوبة لم يبق مائلا بل عاد إلى القيام على الاستواء. الثاني عشر إذا كان جسم ما أثقل من من رطوبة ما فألقى فيها كانت نسبة ثقل ذلك الجسم إلى ثقل مقدار من الرطوبة مساوية في المساحة لذلك الجسم كنسبة ثقل ما غرق في الرطوبة من ذلك الجسم إلى ثقل جميع ذلك الجسم كل قوله في الثقل والخفة.
212088
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب الثالث
وقياس الأجرام بعضها إلى بعض يشتمل على فصلين:- الأول الأجرام المتساوية في العظم هي التي تملأ أمكنة متساوية. الثاني والتي تملأ أمكنة مختلفة يقال لها مختلفة في العظم. الثالث وأعظمها جرما أوسعها مكانا. الرابع والأجرام المتساوية في القوة هي التي تجوز في الأزمنة المتساوية على أمكنة متساوية في جو واحد وفي ماء واحد. الخامس والتي تجوز على الأمكنة المتساوية في أزمنة مختلفة يقال لها المختلفة في القوة. السادس وأعظمها قوة أصغرها زمانا. السابع والأجرام المتكافئة في الجنسين هي التي قوة الأجرام المتساوية في العظم مثلها متساوية في في القوة وإذا كانت الأجرام المتساوية في العظم مختلفة القوي بالإضافة إلى جو واحد أو ماء واحد قيل لها المختلفة في الجنس الثامن وأشدها كثافة أعظمها قوة. الأول الاجرام التي تجوز في أزمنة متساوية على أمكنة مختلفة أعظمها أمكنة أعظمها قوة الثاني إذا كان جرمان متكافئان في الجنس و كان أحدهما أضعافا لصاحبه فإن في أحدهما من أضعاف صاحبه مثل ما في قوة الأعظم من أضعاف قوة الأصغر الثالث الأجرام المتكافئة في الجنس تكون نسبتها في القوة والعظم نسبة واحدة الرابع الأجرام المكافئة لجرم واحد هي المكافئة الخامس إذا كانت الأجرام نسبتها في القوة والعظم واحدة فهي المكافئة السادس الأجرام المختلفة العظم المتساوية القوة بالإضافة إلى جو واحد أو ماء واحد فإن أشدها كثافة أصغرها حجما تم قول
212089
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب الرابع
الأول قال الأجرام التي من جوهر واحد إذا ألقيت في ماء واحد ثقلها يكون فيه على قدر عظم أجرامها بعضها عند بعض. الثاني إذا كان جرمان من جوهرين مختلفين وكانا متساويين في الثقل فإنهما إذا ألقيا في ماء واحد يختلف ثقلهما ويكون أثقلهما ما كان جوهره أشد تكاثفا. الثالث وإذا كانا متساويى الثقل في الماء فإن جرم أشدهما تكاثفا أقل ثقلا في الهواء من الآخر. الرابع إذا كان جرمان من جوهرين مختلفين وكانا في ماء واحد متساويى الثقل فإنهما إذا ألقيا في نوع آخر من الرطوبات أثقل من الماء يكونان مختلفي الثقل ويكون أكثرهما ثقلا الذي جوهره أشد تكاثفا. الخامس وإن ألقيا في نوع أخر من الرطوبات أخف من الماء كان الجرم الذي جوهره أشد تكاثفا أقل ثقلا من الجرم الآخر. السادس إذا كان جرم أكثف وجرم أسخف فأقول إن نسبة الأكثف في الماء العذب إلى الأسخف في ذلك الماء أصغر من نسبة الأكثف في الماء البحري إلى ثقل الأسخف. تمت مسائل مانالاوس
212155
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب الخامس
وهو يشتمل على ثلاثة فصول: في اختلاف أوزان الأجسام الثقال في بعد واحد من مركز العالم أقول إن الأجرام الأسطقسية لا تخلو عن معاوقة بعضها لبعض نحو جهتي المركز والمحيط بخلاف الأجرام الفلكية إذا حول من جوّ ألطف إلى جو أكثف أو خلافه الثاني إذا حول الجسم الواحد الثقيل من جوهر ما من الجو الألطف إلى الجو الأكثف يصير أخفّ وزنا ومن الأكثف إلى الألطف يصير أثقل وهذا حكم كلي لجميع الأجسام الثقال الثالث إذا فرض جسمان ثقيلان فإن كانا من جوهر واحد فأعظمهما جسماً أكثرهما وزناً الرابع وإذا كانا من جوهرين مختلفين وإتّفقا في الوزن ثم حولا إلى الجوّ الأكثف فيصيران أخفّ إلا إن المكتنز منهما وهو الذي هو أصغرهما جسماً أثقلهما وزناً والآخر أخفّهما الخامس وإن حولا إلى الجو الألطف فيصيران أثقل إلا أن المكتنز منهما وهو الذي هو أصغرهما جسما أخفّهما وزنا والآخر أثقلهما. الأول الجرم الثقيل إذا تحرك في مائع يعاوق بعضها بعضاً ولهذا يعاوق الماء جرم الشيء الثقيل الذي ألقى فيه ويوهن قوته وثقله بقدر جرمه حتى يخف الثقيل في الماء بقدر وزن الماء المساوي لجرمه فينقص عن ثقله بقدره وكلما كان الجرم المتحرك أعظم كانت المعاوقة أكثر وتسمى هذه المعاوقة في ميزان الحكمة الشول الثاني وإذا وزن جرم في الهواء ثم وزن في كفة الماء فإن عموده يشول بقدر وزن الماء الذي يساوي جرم الموزون ولهذا إذا نقص من الصنجات بقدره يعتدل العمود على موازاة سطح الأفق الثالث وتختلف قوة حركة الأجرام في الهواء والماء بسبب اختلاف أشكالها أيضا الأربع وإذا استقر جرم في الكفة إنما يشول بحسب مقدار جرمه لا بحسب شكله الخامس وقوته في حركته بحسب شكله لا جرمه السادس والأجرام الثقال يعاوقها الهواء وهي بذواتها في الحقيقة أثقل من ثقلها الموجود في ذلك الهواء السابع وإذا نقلت إلى هواء ألطف كانت أثقل وعلى خلافه إذا نقلت إلى هواء اكثف كانت أخف الأول كل جرم ثقيل معلوم الوزن لبعد مخصوص من مركز العالم فإنه تختلف زنته بحسب اختلاف بعده منه فإنه كلما كان أبعد كان أثقل وإذا قرب كان أخف ولهذا تكون نسبة الثقل كنسبة البعد إلى البعد منه الثاني إن ميل كل ثقل إلى مركز العالم ومسقط حجره من سطح الأرض هو مقدمة وهما على السهم الذي يخرج من مركز العالم ويمر على المقام المذكور الثالث كل شخصين متساويين قائمين على دائرة عظيمة من دوائر سطح الأرض تكون المسافة بين رأسيهما أكثر مما بين قاعدتيهما لأنهما على سهمين خارجين من مركز العالم ويصيران ساقي مثلث رأسه مركز العالم وقاعدته رأساهما وإذا وصل مقام الشخصين صار شكل مثلثين متشابهين فأطولهما ساقا أعظمهما قاعدة الأربع كل سطح مستو مواز للأفق فإن موقع العمود عليه من مركز العالم هو وسطه وأقرب أجزائه إلى مركز العالم مثل سطح و مركز العالم والعمود على منه هو وهو أقصر خط يقع بينهما الخامس كل مائع صبّ على سطح فيجتمع عند داخل سطح الكروي من مركز فإذا زاد حجمه عليه انصبّ من جوانب وإنما كان ذلك كذلك لأن كل ثقيل مائعا كان أو غيره يقصد من الصعود إلى الهبوط ويقف على السواء من مركز العالم ولهذا لا يكون وجه الماء مسطحا بل يكون محدبا كروي الشكل ولهذه العلة من كان في البحر وكان بالبعد منه منارة فأول ما يظهر منها رأسها ثم جعل يظهر ما تحته قليلاً كان مستورا لا محالة دون رأسه فلا ساتر إذا دونه غير حدبة الماء وكل كرة دحرجت على سطح فتتدحرج و تتقدم و تتأخر ثم تقف على نقطة بخلاف من ظنّ أنها تتحير و تتحرك دائما السادس من المائعات في الأواني تسع أكثر حجما إذا كانت أقل بعدا من مركز العالم وتسع أقل حجما إذا كانت في بعد أكثر مثاله انآء على بعد الأبعد والسطح الكروي المار على رأس الآنية من مركز العالم ويسع فيه من المائع ما في تجويف الآنية وقطعة من سطح الكرة هي ما يحدها سطحا وسهمها وأما إذا كان على بعد الأقرب إذا فرضنا مركز العالم نقطة وقطعة سطح الكرة الحاوية على رأس الآنية وسهمها فيزيد ما في الإناء بفضلة ما بين سطحي كرتين مختلفي البعد عن مركز العالم وذلك ما أردنا أن نذكر
212206
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AF%D8%B3
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب السادس
أحكام الأجسام المصمتة والمجوفة في الرسوب في الماء والطفو عليه وأثقالها فيه مختلفة بحسب اختلاف أحوالها والقول فيه يشتمل على ثلاثة فصول:- إذا تساوت مساحتا الجسم المصمت والماء معا ثم اتفقا في الزنة أو اختلفا فيها فإنا نسمى هذا الماء ماء المثل وثقله ثقل ماء المثل وكان للجرم أيضاً ثقل ما فإن نسبة ثقله إلى ثقل الماء المساوي مساحته لجرمه تكون على ثلاثة أقسام أحدها أن يكون ثقلهما متساويين في الوزن فنسمى هذا الجرم مثليّا أي ثقله مثل ثقل الماء، والثاني أن يكون الجرم أكثر ثقلا من الماء فنسميه راسباً، والثالث أن يكون أقل ثقلا منه فنسمّيه طافياً عليه فالمصمت المثلي إذا ألقى في الماء فإنه يغوص فيه إلى أن يتساوي سطحا الماء والجرم المثليّ ولا يرسب فيه أكثر من ذلك، ولا يصل إلى قراره لا ثقل له فيه والمصمت الراسب إذا ألقى فيه فيرسب إلى قراره وكان ثقله وزنته فيه بقدر فضله زنة جرمه على زنة ماء المثل له ونسمّيه فضلة الراسب فيه، وإذا ألقى الجرم الطافي فيه فيرسب ببعضه فيه ويأخذ مكاناً منه ملؤه من الماء مثل زنة الجرم كلّه، وتبقي منه في الهواء باقية لعلة القوة الهوائيّة فيه، وهي بمقدار ثقل ماء المثل إلا زنة الجرم أي إذا أخذنا زنة الماء المساوي لجرمه ونقصنا منها زنة الماء الذي زنته الجرم الطافي فتبقي زنة قوته الهوائية، فإذا وضع عليه علاوة وزنها زنة القوة الهوائيّة فيصير الجرم الطافي بمنزلة الجرم المثليّ فيغوص في الماء إلى أن يتساوي سطحاهما. إن الجرم المصمت الراسب إذا صيّر مجوفاً يقال لزنة الماء الذي يسع في تجويفه زنة ماء التجويف، فإذا كان التجويف بقدر ما يأخذ سطحه المماس للماء مكاناً زنة ملئه مثل زنة الجرم سواء، فحينئذ يتكافأ الجرمان المجوف والماء، وأريد بالتكافؤ ههذا بلوغ الماء حروف المجوف سواء أي يصير سطحاهما منطبقين، ونسميه السطح المكافىء للماء وللتجويف التجويف المكافىء فالتجويف إذا كان أقل من حد التكافؤ فإن الجرم يرسب فيه، وإذا كان أكثر فيطفو عليه بالقوة الهوائية في التجويف ومعرفة حد التكافؤ في الراسب إذا كانت زنة ماء التجويف مثل زنة فضلة الراسب على زنة ماء المثل سواء فهذا التجويف يكافئه، ويطفو عليه فإذا نقص التجويف عن هذا الحد رسب فيه وإذا زاد عليه فيطفو ومعرفة مقدار التكافؤ من التجويف الزائد أن ينقص من زنة ماء التجويف زنة الجرم المجوف فيبقى وزن الماء الذي بقدره يحصل التكافؤ أيضاً، والجرم المثلي إذا صير مجوفا أي مقدار كان فإنه يطفو عليه فإذا ملىء تجويفه يتكافىء سطحاهما ولا يختلف حكمه بزيادة التجويف ونقصانه والجرم الطافي لا يرسب فيه وإن ملىء تجويفه، ويرتفع وجه الماء الداخل عن خارجه بقدر زيادة القوة الهوائية فيه ولا تستوي السطوح الثلاثة إلا بالثقل الخارج عنها. أحكام الأثقال التي توضع في التجويف أو على الجرم المصمت الطافي خارجة عن حكم دخول الماء في تجويفه لأن في الراسب المجوف إذا زاد الثقل على حد التكافؤ فالجرم يغرق فيه، وكذلك في تجويف المثل إذا زاد الثقل على مقدار زنة ملء التجويف يغرق أيضاً، وفي الطافي كالسفينة إذا كان الثقل مثل زنة ملء التجويف وزنة قوتها الهوائية معا سواء تتساوي السطوح الثلاثة وتتكافؤ، فإذا زاد الثقل على ذلك رسب إلى قراره، وكذلك حكم المصمت الطافي إذا زاد الثقل على ثقل علاوته، وإذا ركب على الجسم المصمت الراسب جسم طاف، وكانت قوة الهوائية فيه مثل قوة رسوبه فيصير ان بمنزلة الجسم المثلي فيغوص في الماء، ويتكافأ ولا يرسب إلى قراره وإذا كانت الفضلة لأحد الجانبين فيصير مثل ما ذكرناه. تمت المقدمات الطبيعية في الثقل والخفة ولله الحمد والمنة.
212207
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9
كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب السابع
قد تبين مما تقدم من المسائل ويأتي بعده من أمر نسب أثقال الأجرام إن نسبة حجم جرم كل ثقيل إلى حجم جرم آخر ثقيل على التوالي إذا استوى وزنهما في الهواء كنسبة الثقل إلى الثقل على خلاف التوالي في الماء، وإذا صارت هذه المقدمة مسلمة فنستخرج بقوتها آلة تبين لنا نسب زنة جميع الرطوبات بعضها إلى بعض بأهون سعى، وإذا استوت أجرامها في الحجم حكما، وقدر خفتها بعضها عند بعض، وينفع جدا في الأشياء التي تصلح لصحة أبدان الناس من غير استعمال صنجات وميزان فنذكر فيه تقديرها والتخطيط عليها واستخراج قانون لوضع الحساب والحروف عليها والعمل بها والبرهان على ذلك، وهو يشتمل على ستة فصول:- إن طول هذه الآلة التي شكلها شكل اسطوانة مقدار نصف ذراع اليد وعرضه قدر عرض إصبعين أو أقل منه وهي من نحاس مجوفة غير مصمتة مخروطة بالشهر أخف ما يكون منه ولها قاعدتان من الطرفين جميعا شبيهان بدفين خفيفين وقد هندمت عليه بالشهر على أحكم ما يكون من العمل وفي سطح إحدى القاعدتين الداخل رصاص قد خرط معه بالشهر شكله شكل صنوبري وقاعدته ذلك الدف بعينه حتى إذا وضعت الآلة في رطوبة في حوض أو إناء قامت عليه قياما منتصبا ولا يميل إلى جانب. فنخرج أولاً خطا في طول الإسطوانة كلها وهو ضلعها عليه وليبق في أعلى الإناء فوق هذا الخط شيء يسير مقدار سدس قامتها وأقل مما يلى على قاعدة ونخرج خطوطاً أخرى موازية لخط وهو خط ، ، إخراجا إلى حدّ نذكره وننصف خط على ونجعل كل واحد من خطوط ، ، مثل ونضع على نقطة مسطرة مقوسة على بسط حدبة الأسطوانة ونخطّ عليها دائرة، وكذلك على نقط ،، ، ، دائرة ونسميها خط الاستواء للإعتدال، وما فوقه هو جانب أخف الأثقال وما تحتها إلا ثقل منها ثم نقسم خط بعشرة أقسام للجمل وتجييز على نقط الاقسام قسيا على خطي و ونقسم ما بين كل قسمين بعشرة أقسام من خط فينقسم خط بمائة قسم أقساما متساوية فنصل بينها وبين خط أقساما صغارا متساوية الأبعاد فتكون موازية لدائرتي القاعدتين ولنكتب في السطوح التي فيما بين خطي ، حروف الجمل مبتدئا من عند نحو ونسميها سطر العدد المستوي. فلنبين الآن كيف يوجد جميع الأعداد التي تدلّ على أوزان الرطوبات ونفرض أولاً إناء موهوما مطلقا مثل الدورق يسع فيه من الماء خاصة مائة مثقال أو مائة درهم أو استارا وغيرها للحوالة إليه وجعلنا قامة الآلة مائة عدد لحساب الماء خاصة فإذا أردنا تركيب الجدول ووضع أجزاء القياس فيه ضربنا المائة في المائة فيصير عشرة آلاف حفظناه وهو المال المقسوم أبدا فإذا أردنا حصة جزء جزء من سطر العدد المثبت على الآلة فإننا نأخذ ذلك الجزء من سطر العدد وتقسم عليه عشرة آلاف أبدا ونثبت الخارج من القسمة بإزاء ذلك الجزء في الجدول من الأجزاء وكسورها فما كان من سطر العدد دون المائة فهو حساب الرطوبة التي هي أثقل من الماء وبرهان هذا الحساب يأتي بعده ويشير إليه أبو الريحان في رسالته إشارة والفضاء الذي فوق خط الاستواء ومن سطري العدد ما هو فوق المائة فهو للرطوبة التي هي أخف من الماء نحو الدهن أو ما شاكله وقد اكتفينا من سطور العدد فيما بين إلى إذ لا نحتاج في هذه الآلة إلى ما هو أكثر وأقل منهما وهذه صورة جدول القانون وإذا أردنا إثبات أجزاء القياس على الآلة فإنا نرسم بإزاء كل جزء من أجزاء سطر عدد الآلة التي هي من إلى ما يخصها من الجدول على خط آحاد الأجزاء وعلى خط خمساتها وعشراتها ونصل فيما بينها كما ذكرناه بالمسطرة المنحنية من إلى ونبتدىء بوضع حروف الجمل من جانب نحو فما وقع منها فوق خط الاعتدال فهو مقدار الرطوبة الخفيفة وما تحته فهو علامة الرطوبة الثقيلة مضافتان إلى ثقل الماء. ويحتاج أن يكون مقدار الرصاص الذي ذكرناه الشبيهة بالصنوبرة الذي قاعدة على سطحها الداخل مقدارا إذا وضع ميزان الرطوبة في الماء وقف عليه وقوفاً مستوياً، ورسب من غير أن تتحرك الرطوبة ولا الميزان حتى يصل إلى خط الاستواء للاعتدال الذي عليه وزنه المفروض كما في مثالنا للماء وتستعمل في ذلك التجربة فإمّا أن يزيد في الرصاص أو ينقص منه حتى يقف على ما قلنا ويجعل النقصان أو الزيادة مخروطا بالشهر حتى يكون السهم الذي يتهوهم الاسطوانة مستوياً موزوناً فإذا استوى سطح الماء مع خط الاستواء فقد تمّت الآلة، وهذا الفرض للرصاص يختص بماء نهر بلد أوواد معروف نحو جيحون أو الفرات أو غيرهما لقياس سائر المياه إليه خفة وثقلاً، ويمكن أن يحول من ماء آخر يتغير ثقل الرصاص ورصده فليحفظ هذا. وهذه الآلة إذا طرحت في شيء من الرطوبات غير جامد يمكنها أن تغوص فيه بلا مانع وأن يحملها منتصبة غير مائلة دلت على وزن تلك الرطوبة بالشيء المرسوم من أجزاء القياس وهي الأجزاء المختلفة المطلوبة على الخط الذي يعرض أن يكون مع بسيط الرطوبة إن عرض أن يكون الخط عليه أو بالقرب منه ويحفظ عددها الموجود ونقول إن ملء الدورق الموهوم من تلك الرطوبة زنتها مثل العدد المحفوظ مقيسة إلى المائة التي هي زنة مقدار الماء الذي يسع فيها وعلى هذا إذا قسنا ماء بلد آخر إليه فيظهر ألطفهما وأخفهما وزنا أن اتفق سطح ماء على أقل من فذلك الماء ألطف من ماء النهر المخصوص وإن كان أكثر منه أي في جانب الأثقل فهو أثقل بقدر الشعيرات نسبة إلى مائة وإن اشتبه علينا عدد الشغيرات فلا يشتبه علينا سطر العدد لتساوي أعداده قسمنا على متلقى الماء منه أبدا عشرة آلاف فما خرج من القسمة فهو عدد الشعيرات المطلوبة وذلك ما أردنا أن نذكر. تجعل الاسطوانة ولتوضع على شيء من الرطوبات تنحدر فيها على استواء وانتصاب حتى يصل إلى خط وأمّا في الرطوبة الكثيرة الثقل فلينحدر حتى يصل إلى فيكون كل واحد من خطي – خطين محيطين بدائرتين متوازيتين وموازيتين لقاعدتي الاسطوانة فيكون على بسيط الرطوبة فأقول إن نسبة خط إلى ضلع كنسبة وزن الرطوبة الخفيفة إلى وزن الرطوبة الثقيلة فلأن نسبة خط إلى خط كنسبة إسطوانة ألى إسطوانة ونسبة الرطوبة الخفيفة التي ترتفع يغرق فيها المساوية لعظم الإسطوانة إلى المساوية في عظمها لاسطوانة التي هي أثقل لأن كل وحد منهما مساو لثقل إسطوانة كلها وقد بين ذلك أرشميدس في المقالة الأولى من كتابه في حمل الأشياء بعضها بعضا ونسبة إلى كنسبة وزن الرطوبة التي مقدارها مثل إسطوانة من الرطوبة الخفيفة إلى وزن الرطوبة المساوية لاسطوانة بعينها من الرطوبة الثقيلة وذلك ما أردنا أن نبين وإذا قد تبين هذا فإنا نرجع إلى صور الآلة ونقول إن وضع ميزان رطوبة في شيء من الرطوبات وضعا مستويا غير مائل ورسب حتى يصل إلى خط فإن وزن دورق من تلك الرطوبة بمقدار أجزاء خط وكذلك إذا رسب في رطوبة أثقل حتى يقف على خط فوزنها بمقدار أجزاء خط فنسبة خط إلى خط هي كما بينا قبل نسبة وزن الرطوبة التي يرسب فيها ميزان الرطوبة إلى خط إلى وزن الرطوبة التي يرسب فيها إلى خط فنسبة وزن الرطوبة التي يرسب فيها الميزان إلى خط كنسبة العدد الذي على خط إلى العدد الذي على خط والعدد الذي على خط هو وزن الدورق المطلوب من الرطوبة التي يرسب فيها ميزان الرطوبة إلى خط والعدد المرسوم على خط هو وزن الدورق المفروض مائة من الرطوبة التي يرسب فيها ميزان الرطوبة إلى وذلك ما أردنا أن نبين تم باب مقياس المائعات وتمت المقالة الأولى لقوقس الرومي، ولله الحمد.
212228
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%281941%29
عبقرية محمد (1941)
عبقرية محمد هو كتاب لعباس العقاد نشر لأول مرة عام 1941 محتوى الكتاب مقدمة الكتاب مقدمة المؤلف عَلامات مَولد عبقرية الدَّاعي عبقرية محمد العسكرية عبقرية محمد السياسية عبقرية محمد الإدارية البليغ محمد الصديق محمد الرئيس الزوج الأب السيد العابد الرجل محمد في التاريخ مؤلفات عباس العقاد
212230
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%AF%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1%20%28%D9%85%D8%B7%D8%A8%D8%B9%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%8C%201930%29
ديوان الخنساء (مطبعة التقدم، 1930)
المحتويات يا عين ما لك لا تبكين تسكابا خرق كأنضاء القميص دوية تقول نساء شبت من غير كبرة تطير حوالى البلاد براقشا ما بال عينيك منها دمعها سرب ياعين جودي بدمع منك مسكوب أرقت ونام عن سهري صحابي يا ابن الشريد على تنائي بيننا أعيني جودا ولا تجمدا بكت عيني وعاودت السهودا شعر شعر جاهلي الخنساء
212231
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب التاسع/الفصل الثاني
وهي إمّا على هيئة نصف كرة مجوفة، وإمّا على هيئة قطعة كرة مجوفة، وإمّا على هيئة مخروط مضلع، وإمّا على هيئة يحصل عن توهم إدارة وجه الطاق أي طاق من الطبقان المذكورة على خط أرتفاعه اعني خطا وصل بين محدده ومنتصف ما بين قاعدتيه. أمّا مساحة النوعين الأولين فقد ذكرنا كيفية مساحة الكرة وقطعتها، وأمّا مساحة الثالث فمذكورة في مساحة المخروط، وإمّا مساحة النوع الأخير فلمساحة سطحه نجعل قطبه مركزاً وندير على سطحه محيطات دوائر كثيرة بحيث لا يعتد التفاوت بين الخطوط المنحنية الواقعة بين كل اثنين منها وبين المستقيمة التي كأوتار تلك المنحنية، واظن أن يكتفي بسبعة أو ثمانية من تلك المحيطات، ثم نمسح من رأس القبّة إلى محيط كان أقرب إليه ونضربه في ذلك المحيط ثم نمسح كل واحد من المحيطات، ونمسح نصف كل متجاوزين فيما بينهما ونجمع حواصل الضروب ليكون مساحة سطح القبّة، وأمّا مساحة مجسمه فنفرض ما بين رأس القبّة وسطح الدائرة القريبة من الدوائر المرسومة عليها مخروطاً تاماً، وبين كل دائرتين مخروطا ناقصا ونمسحها كما ذكرنا ونجمعها، ثم نمسح مخروطات الهواء الخالية اعني مجوف القبّة ننقصها منها فما بقي فهو مساحة مجسم القبة، وقد عملناها في القبّة التي عملت بسجر رسم کرسم مقعر الطاق بالوجه الرابع، واستخرجنا نسبة المساحة إلى مربع قطر القاعدة ليسهل منه العمل، وطريقه أن نضرب مربع قطر قاعدة القبّة في ثانية أو في على أن أول مراتبه ثالث الأعشار يحصل مساحة سطح مقعر القبّة، وأن نضرب مربع قطر محدب القاعدة فيه يحصل مساحة سطح محدبهما لإنهما غير متوازيين ولو نضرب كل واحد من مكعب قطر قاعدتها ومكعب قطر محدبها في ثانية أو في على أن أول مراتب ثالث الأعشار، ونأخذ التفاضل بين الحاصلين فهو مساحة مجسم القبّة المجوفة.
212574
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%AD%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B3%D8%B9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
مفتاح الحساب/المقالة الرابعة/الباب التاسع/الفصل الثالث
وهو منتصف كمدرج ذات أضلاع وسطح كل ضلع منه يتقاطع مع مجاوره على زاوية أمّا قائمة أو نصف قائمة أو مجموع قائمة ونصف أو غيرها وهما قائمتان في الوهم على سطح مواز للأفق أو سطحين مستويين أو منحنيين هما مسّقفهما، ويقال لهما مع مسقفهما بيت واحد ، ويقال للبيوت المتجاوزة التي قواعدها على سطح واحد موار للأفق طبقة واحدة، ويقال لمقدار قاعدة أعظم الأضلاع مقياس المقرنس وما شاهدناه أربعة أنواع المقرنس، والساذج الذي يدعوه البناؤون به ومنابر والمطين والقوس والشيرازي. أمّا الساذج فهو ما يكون سطوح أضلاعه بيوته معينات وشبهات بالمعين ومستطيلات لاغير، وسطوح أعلاها اعنى سقوفها مربعاتٍ ومعينات وذوات الرجلين وهي تمام اللوزة وقليل من جودانجات، و يكون أضلاع المربعات و المعينات والضلمان الأطولان من اللوزجات وذوات الرجلين وساوا نصف المربع والمعين والضلعان الأقصران للجودانجات كلها متساوية ومتساوية للمقياس ولا يكون الجودانجات الأعلى الطبقة العليا، وطريق مساحة أن نمسحه أولا بمقياسه ثم أن أردنا نحولها إلى مقياس آخر كذراع أو غيره وذلك أن نعّد أضلاع كل طبقة كم يكون مبنيا على ضلع مربع أو ضلع يساويه أو ضلع المربع عليه وكم على أحد الضلعين الأقصرين للوزة أو تمامها أي ذات الرجلين أو هو عليه وكم على قاعدة نصف المعين أو هو عليه ونأخذ لكل وهو على ضلع المربع أو المعين واحد أو ما هو أحد الضلعين الأقصرين للوزة وتمامها رابعة أو سادس الأعشار وما هو على قاعدة نصف المعين رابعة أو سادس الأعشار ونجمعها ونضرب المجموع في سمك تلك الطبقة أي سمك الأضلاع وهو في أكثر الأحوال بقدر المقياس ليحصل مساحة تلك الطبقة أى جدرانها بمقياس المفرنس ثم نأخذ لمربع وقع على السقف واحد وللمعين رابعة أو سادس الأعشار واللوزة رابعة أو سادس الأعشار ولتمام اللوزة رابعة أو سادس الأعشار ولنصف المربع نصفًا ونجمع الجميع فالمجموع مساحة سطوح سقف تلك الطبقة بمقياس ذلك المقرنس ثم نجمع مساحة جميع الطبقات نحصل مساحة سطح المقرنس ولو نمسح السطح الذي عليه المقرنس يحصل مساحة جميع سقف المقرنس. ثم أن أردنا أن نحولها إلى الذرعان نقسمها على مربع ما في ذراع واحد من مثال المقياس وأجزائه فما خرج فهو المطلوب. وأما المقرنس المطين فقد شاهدناه في عمارات قديمة باصفهان وأكثره على هيئة المقرنس الساذج أن ارتفاع طبقاته غير متساوية وربما وقعت طبقتان أو ثلاث فيه سقوف لا أضلاع لها ومساحته على قياس مساحة الساذج وأما مقرنس القوس فهو كمقرنس ساذج جعل سقوف بيوته منحنية وينحلل بين سقفي كل بيتين متجاورين سطح منحن على هيئة مثلث أو مثلثين يكونان معا كذي رجلين وربما وقع في بعض سقوفه مثلثات منحنيات بمثل مثلث المذكور وعليه لوزجات أوجودانجات منحنية ويكون أضلاع البيوت مربعات أو مستطيلات لا غير وقواعد تلك السطوح أما بقدر مقياس ذلك المقريس أو بقدر نصف قطر مربعه أو بقدر فضل قطره فضل قطره على ضلعه أو بقدر ضلع مثمن يكون نصف قطره الأطول مساويا للمقياس ولا نزيد على هذه الأربعة وطريق مساحته أن نعد الأضلاع كم يكون مبينًا على قواعد متساوية للمقياس وكم على نصف قطر مربعة وكم على فضل قطره على ضلعه وكم ضلع المثمن الذي يكون نصف قطره الأطول مساويا للمقياس ونأخذ لكل واحد من الأولى واحدًا وللثاني رابعة أو سادس الأعشار وللثالث رابعة أو سادس الأعشار والرابع رابعة أو سادس الأعشار ونجمعها ونضرب المجموع في رابعة أو في واحد و سادس الأعشار ليحصل مساحة سطوح جميع البيوت بمقياس المقرنس وقد سمينا هذا العدد بالتعديل ثم نعد كم مثلثات منحنيات أو ذوات رجلين منحنية يتخلل بين السقوف نأخذ لكل مثلث رابعة أو سادس الأعشار ولكل ذي الرجلين الصغير رابعة أو سادس الأعشار ولكل ذي الرجلين الكبير رابعة أو سادس الأعشار ولكل لوزة منحنية رابعة أو سادس الأعشار وإن وقع في اعاليه جودانجات نضرب ما في قطره الأطول من أمثال المقياس في نصف قطره الأقصر ونضرب الحاصل في عددها كم كانت ثم سطوح البيوت والمثلثات وذوات الرجلين واللوزجات التي يتخلل بين سقوف البيوت والجودانجات بخلت ليحصل مساحة سطح المقرنس. وأمّا القرنس الشيرازي فهو كمقرنس القوس إلا ان مقادير قواعد أضلاع بيوت القوس لا نريد على أربعة مقادير التي سبق ذكرها وللشيرازي لا يحصى مقاديرها ووقع في سقوفها غير السقوف المنحنية للبيوت والمثلثات وذوات الرجلين المتخللة بينها مثلثات ومربعات ومخمسات ومسدسات وذوات شرفات وغيرها مسطحة ومنحنية وربما وقع فيه ضلع ليس له سقف في ذلك الطبقة رسم عليه محراب وطريق مساحة أن نعمل مسطرة بقدر مقياسه ونجزئه بأجزاء صغار والأولى أن نجزئة بستين أن حسبنا بالرقوم الستينية وبعشرة أن حسبنا بالرقوم الهندية ونمسح به قواعد أضلاع جميع البيوت لجميع الطبقات سوى ما ليس لها سقف ونضربه في التعديل وهو رابعة أو سادس الأعشار فما حصل فهو مساحة جميع السطوح للبيوت ثم نمسح كل واحد من الأعمده الخارجية من الزوايا الخارجة لذوات الرجلين على أحد ضلعيها الأطول ونجمعهما ونضرب المجموع في رابعة أو في سادس الأعشار ليحصل مساحة جميع ذوات الرجلين ثم نمسح جميع السطوح الواقعة فيه غير سطوح البيوت وذوات الرجلين كالمثلثات والمربعات والمخمسات والمسدسات والأضلاع التي لا سقف لها وغيرها بذلك المسطرة على ما ذكرنا كيفية مساحتها ونجمعها مع مساحة سطوح البيوت وذوات الرجلين ليحصل مساحة سطح ذلك المقرنس تذنيب. أعلم أن البنائين يرسمون مستطيلا يكون عرضه مقياس المقرنس وطوله ضعف العرض كمستطيل ويخرجون من أحدى زواياه كزاوية مثلا خط بحيث يحيط مع بزاوية هي المثلث قائمة ويقسمون خمسة أقسام فيأخذون من نقطة ، بقدر القسمين منها، و أيضًا مثل ويديرون على كل واحدة من نقطتي ببعد قوسين يتقاطعان داخل المستطيل على نقطة ويديرون على نقطة قوس فهي لا محالة يكون سدس المحيط ويخرجون خطي على الاستقامة مقدار يسيرًا إلى نقطتى ويخطون موازيا لـ و وموازيا لـ ثم يعملون من الجصّ ألواحًا كثيرة بحيث ينطبق كل واحد منها على سطح على أن قوس ويجعلون كل اثنين منها محيطا ببيت واحد بحيث يكون ضلع منه شاقوليا، فاستخرجنا مقادير ، ، على أن واحد فوجدنا مستقيم وقوس : وخط : مجموع : ومجموع : نصفه ومجموع ونصف : وذلك ما سميناه التعديل واستعملناه في المساحة وربما قصروا رجل اللوح اعني من خط أو طولوه وذلك إذا وضعوه خلف الطاق يحتاجون إلى ذلك ليصحّ عليه ففي مساحة امثاله ينبغي أن ينقص عن التعديل أو نزيد عليه ما نقص أو زيد في رجل اللوح فما بقي وحصل يستعمله مكان التعديل وقد وضعنا المقادير المستعملة في هذا الفصل في جدول لنضبط وهو هذا
212849
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%B9%D9%84%D9%8A%20%28%D8%AF%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%201967%29
عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967)
عبقرية الامام علي هو كتاب لعباس العقاد نشر لأول مرة عام 1949 محتوى الكتاب تقديم صفاته مفتاح شخصيته إسلامه عصر الإمام البَيْعَة سياسته حُكُومَتُه النبيُّ والإمام والصحابة ثقافته في بيته صورة مجملة مؤلفات عباس العقاد
212871
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B0%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%86%20%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%20%D8%A8%D9%86%20%D8%B9%D9%81%D8%A7%D9%86%20%28%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9%29
ذو النورين عثمان بن عفان (المكتبة العصرية)
حفلت حياة «عثمان بن عفان» بكثير من الأحداث الجِسام، ولعل من أبرز هذه الحوادث هي التطور الاجتماعي، الذي حدث مع أول أيام البعثة النبوية، فقد أحدث الإسلامُ انقلابًا كبيرًا في المجتمعات العربية ضد عادات ونُظم ومعتقدات، ولم تَسْكُن ثورة هذا الانقلاب إلا مع بدايات عهد «عثمان». أما ثاني هذه الحوادث فهي مقتله. إذ كان مقتل خليفة المسلمين بعد بضعة سنوات من وفاة رسولهم حدثًا له توابعه ودوافعه التي غيَّرت شكل الدولة الإسلامية فيما بعد. وقد نجح العقاد في تخطي صعوبة تناول سيرة «الخليفة المقتول» عبر عرضه لأهم العوامل التي أدت لوصول الأمر إلى ما آلت عليه، من تناحر وخلاف، أصبح فيما بعد نواة لأكبر فتنة عاصرت العهود الإسلامية بعد ذلك. إن نص الكتاب يقع في نطاق الملكية العامة تبعًا لقوانين الملكية الفكرية. محتوى الكتاب علَى العَهْدِ بينَ القِيَم وَالحوادث وبعد الصدمة أسباب ولا أسباب بين الجاهلية والإسلام نشأته وشخصيته ثقافة عثمان من إسلامه إلى خلافته المبايعة الخلافة مصحف الإمام أو مصحف عثمان النهاية ذو النورين عثمان بن عفان مؤلفات عباس العقاد
212872
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D9%82%20%28%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9%29
عبقرية الصديق (المكتبة العصرية)
اعتنى الكثير من المؤرخين بترجمة سيرة الصحابي الجليل «أبو بكر الصديق» فلم يعد هناك الكثير مما يقال عنها، وقد أدرك العقاد هذا الأمر فجاء كتابه عن الصديق مختلفًا؛ فقدم دراسة نفسية تحليلية لشخصية الصديق ليتعرف على صفاته وسماته الشخصية ويستنبط بواعث سلوكه، فيسوق العقاد الأخبار والحوادث التاريخية لا ليعرضها هي نفسها بل ليضع يده على مفاتيح شخصية الخليفة الأول من خلال تعاطيه مع الأحداث وتعامله مع الناس. كما يقترب من بيئته وحياته قبل الإسلام وبعده وظروف إسلامه، ثم يعقد المقارنة بينه وبين «عمر بن الخطاب» ليظهر الفروقات بين شخصياتهما وطباعهما، كما يقدم جوانب من إدارته لشئون الخلافة في الدولة الإسلامية الوليدة وكيف تصرف تجاه الأزمات التي كادت أن تعصف بها. إن نص الكتاب يقع في نطاق الملكية العامة تبعًا لقوانين الملكية الفكرية. محتوى الكتاب تقديم اسْمٌ وصِفَةٌ الصدِّيق الأوَّل والخليفةُ الأوَّل صِفَاته مفتاح شخصيته نموذجَان إسْلامُه الصدِّيق والدَّولة الإسْلاميَّة الصِّدِّيق والحكومة العَصْريَّة الصِّديق وَالنَّبي وصحبُه ثقافَته الصدِّيق في بيتِهِ صُورة مُجمَلَة مؤلفات عباس العقاد
212924
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%20%D8%B9%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89
مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى
محتوى الكتاب /مقدمة/ /توطئة/ /النفير العام/ جمعية الفتاة في دمشق جمال باشا في سوريا السفر إلى باريس السفر إلى لندن مساعي اليهود انكلترا تتراجع العودة إلى باريس العودة إلى سورية في بيروت في دمشق مناورات افرنسية المؤتمر السوري ثورة الشيخ صالح العلي دعوة الامير الى لندن في باريس مشروع اتفاق فيصل - كليمنصو العودة من باريس الخاتمة تاريخ
213485
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%20%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%20%D8%B1%D9%82%D9%85%202573
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2573
القرار 2573 (2021)                 الذي اتخذه مجلس الأمن في 27 نيسان/أبريل 2021           إن مجلس الأمن،           إذ يكرر تأكيد المسؤولية الرئيسية المنوطة به بموجب ميثاق الأمم المتحدة في مجال صون السلام والأمن الدوليين، والحاجة إلى تعزيز القانون الدولي الإنساني وكفالة احترامه في هذا السياق،           وإذ يشير إلى جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرارات 1265 (1999) و 1894 (2009) و 1998 (2011) و 2175 (2014) و 2286 (2016) و 2417 (2018)، وإلى بياناته الرئاسية المؤرخة 12 شباط/فبراير 1999 (S/PRST/1999/6) و 12 شباط/فبراير 2013 (S/PRST/2013/2) و 9 آب/أغسطس 2017 (S/PRST/2017/14) و 20 آب/أغسطس 2019 (S/PRST/2019/8) و 29 نيسان/أبريل 2020 (S/PRST/2020/6)،           وإذ يؤكد من جديد احترامه التام لسيادة كافة الدول وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي وفقا لميثاق الأمم المتحدة،         وإذ يكرر تأكيد المسؤولية الرئيسية للدول عن حماية السكان الذين يوجدون في شتى أنحاء أقاليمها،           وإذ يساوره بالغ القلق إزاء مستوى أعمال العنف التي تستهدف المدنيين في حالات النزاع المسلح، بما في ذلك تنفيذ الهجمات العشوائية وإقامة المواقع العسكرية في المناطق المكتظة بالسكان، وآثارها المدمرة على المدنيين،           وإذ يشدد مع بالغ القلق على أن النزاعات المسلحة الجارية لها آثار مدمرة على المدنيين والأعيان المدنية، بما يشمل المدنيين الذين يضطلعون بمهام تتصل بتشغيل أو صيانة أو إصلاح البنى التحتية المدنية ذات الأهمية الحاسمة في تقديم الخدمات الأساسية للسكان المدنيين وأصولها التي تعتبر مدنية في حد ذاتها، وعلى الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، وعلى أنها تتسبب في تفاقم مواطن الهشاشة والضعف الراهنة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي، وتؤدي إلى استخدام الموارد المحدودة حتى الإجهاد، مما يؤدي إلى تدني فرص الحصول على الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والطاقة، ويسفر عن عواقب مدمرة على السكان المدنيين، ويعوق الاستجابة الإنسانية الفعالة،           وإذ يسلّم بوجود ترابط بين خدمات أساسية معينة وبأشكال الضعف الذي يطبع الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، والتي يمكن أن تتضرر في حالات النزاع المسلح،           وإذ يكرر دعوة جميع أطراف النزاعات المسلحة إلى الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك ما يتعلق منها باحترام وحماية المدنيين والحرص الدائم على تفادي الأعيان المدنية، بما في ذلك الأعيان ذات الأهمية الحاسمة في توفير الخدمات الأساسية للسكان المدنيين، والامتناع عن استهداف الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين بالهجمات أو تدميرها أو إزالتها أو جعلها عديمة الفائدة، واحترام وحماية العاملين في المجال الإنساني والشحنات المستخدمة في عمليات الإغاثة الإنسانية،           وإذ يعرب كذلك عن القلق إزاء إساءة استخدام الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين في انتهاك للقانون الدولي المنطبق، مما قد يشكل تهديدا للمدنيين ولقدرتهم على الحصول على الخدمات الأساسية في حالات النزاع المسلح،         وإذ يشير إلى قلقه البالغ إزاء استخدام المدارس لأغراض عسكرية في انتهاك للقانون الدولي المنطبق، إدراكا منه بأن استخدامها على هذا النحو قد يجعل من المدارس أهدافا مشروعة للهجوم، فيعرض بذلك سلامة الأطفال والمدرسين للخطر ويضر بتعليم الأطفال،           وإذ يلاحظ بقلق التهديدات التي تتعرض لها البنى التحتية المدنية، بما فيها البنى التي تدعم تقديم الخدمات الأساسية للسكان المدنيين، باستخدام أي وسيلة أو طريقة حربية في انتهاك للقانون الدولي الإنساني، والأثر الإنساني المدمر الذي يحتمل أن يترتب عن هذا الاستخدام في حالات النزاع المسلح،           وإذ يلاحظ أن النزاعات المسلحة، وانتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتدمير الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين أو إلحاق أضرار أخرى بها هي أمور يمكن أن تحد من سبل حصول المدنيين على الخدمات الأساسية في حالات النزاع المسلح أو أن تحرمهم منها، ويمكن أن تشكل عوامل تدفع إلى التشريد القسري أو تتسبب في تفاقمه، وأن تضاعف من انتشار الأمراض المعدية في هذه السياقات، وتعوق استجابة مرافق الصحة العامة بفعالية،           وإذ يكرر تأكيد التزامه بطرق جميع السبل الممكنة لمنع نشوب النزاعات المسلحة ووضع حد لها، بما في ذلك من خلال معالجة أسبابها الجذرية الكامنة معالجة شاملة ومتكاملة ومستدامة،         وإذ يكرر تأكيد الحاجة إلى تعزيز الجهود المبذولة من أجل تسوية النزاعات المسلحة وبناء السلام المستدام، واقتناعا منه بأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة وحماية الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ينبغي أن تشكل جانبا هاما في هذا الصدد،           وإذ يكرر الإعراب عن القلق البالغ إزاء تزايد عدد المدنيين الذين يواجهون، في النزاعات المسلحة الجارية وأعمال العنف المتصلة بها، خطر انعدام الأمن الغذائي الناجم عن النزاع وخطر المجاعة،           وإذ يلاحظ أن الحالة الإنسانية في العديد من النزاعات المسلحة يمكن أن تتفاقم أيضا بسبب الأزمات الاقتصادية، والظواهر الجوية المتزايدة التواتر والشدة، والكوارث الطبيعية، وأنها شهدت تدهورا نتيجة لآثار جائحة كوفيد-19، وإذ يؤكد من جديد، في هذا الصدد، الحاجة إلى مكافحة هذه الجائحة والتعافي منها بصورة مستدامة،           وإذ يشير إلى التزامات جميع أطراف النزاعات المسلحة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء، والقانون الدولي الإنساني، بما فيها حظر الهجمات الموجهة ضد المدنيين والأعيان المدنية، والعاملين في المجال الطبي والعاملين في المجال الإنساني الذين يضطلعون حصرا بواجبات طبية، وضد وسائل نقلهم ومعداتهم، والمستشفيات وغيرها من المرافق الطبية،           وإذ يشدد على الالتزامات التي تقع بموجب القانون الدولي الإنساني على جميع أطراف النزاعات المسلحة فيما يتصل بحماية المدنيين والأعيان المدنية، وبتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين الذين يوجدون داخل أراضيها أو تحت سيطرتها، وبإفساح المجال، بسرعة ودون عراقيل، لمرور إمدادات الإغاثة الإنسانية المقدمة بشكل محايد إلى جميع المحتاجين وتيسير ذلك،           وإذ يؤكد ما للنزاعات المسلحة من آثار خاصة على النساء والأطفال، ولا سيما بصفتهم من اللاجئين والمشردين داخليا، وعلى غيرهم من المدنيين الذين يعانون من أشكال ضعف خاصة، ومنهم الأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن، بما في ذلك الآثار الناتجة عن أخطار العنف المتزايدة والافتقار لسبل الحصول على الخدمات الأساسية، وإذ يؤكد على احتياجات جميع السكان المدنيين المتضررين المتصلة بالحماية والمساعدة،           وإذ يشير إلى ممارسته المتمثلة في تضمين ولايات بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام وغيرها من البعثات ذات الصلة، حسب الاقتضاء وعلى أساس كل حالة على حدة، أحكاما تتعلق بحماية المدنيين،           وإذ يؤكد ضرورة مكافحة الإفلات من العقاب وأهمية كفالة المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان،           وإذ يسلّم بضرورة القيام، في أسرع وقت ممكن وبطريقة شاملة للجميع تتسم بالإنصاف، باستئناف توفير الخدمات الأساسية، بتزامن مع إعادة البناء على نحو أفضل وتوفير خدمات أساسية أكثر مرونة للسكان المدنيين، في إطار المساهمة في الارتقاء باتباع نهج شامل إزاء استدامة السلام في البلدان التي تشهد حالات النزاع المسلح أو ما بعد النزاع، وإذ يرحب، في هذا الصدد، بالتعاون الدولي والإقليمي ذي الصلة،           1 -      يدين بقوة شن الهجمات في حالات النزاع المسلح ضد المدنيين بصفتهم تلك وضد سائر المشمولين بالحماية من الأشخاص أو الأعيان المدنية، وشن الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة التي تؤدي إلى حرمان السكان المدنيين من الأعيان التي لا غنى عنها لبقائهم، باعتبارها انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، ويعرب عن الاستياء للعواقب الإنسانية الطويلة المدى لهذه الهجمات التي تطال السكان المدنيين، ويطالب جميع أطراف النزاعات المسلحة بوضع حد فوري لهذه الممارسات؛           2 -      يطالب جميع أطراف النزاعات المسلحة بالامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك فيما يتعلق بالتمييز بين السكان المدنيين والأعيان المدنية وجميع المشمولين بالحماية من الأشخاص وسائر الأعيان من جهة، والمقاتلين والأهداف العسكرية من جهة أخرى، وبحظر الهجمات العشوائية وغير المتناسبة، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة في التخطيط للهجمات وتقريرها وتنفيذها لتفادي إلحاق الأضرار بالمدنيين والأعيان المدنية والتقليل، في كل الأحوال، من تلك الأضرار إلى أدنى حد ممكن، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية الخاضعين لسيطرتها من السكان المدنيين والأعيان المدنية من آثار الهجمات؛           3 -      يطالب كذلك جميع أطراف النزاعات المسلحة بالامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني من حيث بذل العناية الواجبة لتفادي السكان المدنيين والأعيان المدنية، والامتناع عن استهداف الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين بالهجمات أو تدميرها أو إزالتها أو جعلها عديمة الفائدة، واحترام وحماية العاملين في المجال الإنساني والشحنات المستخدمة في عمليات الإغاثة الإنسانية؛           4 -      يدين بقوة استخدام تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال في عدد من حالات النزاع المسلح، وهو فعل محظور بموجب القانون الدولي الإنساني ويمكن أن يشكل جريمة حرب؛           5 -      يدين بقوة الحرمان غير المشروع من الحصول على المساعدات الإنسانية وحرمان المدنيين من الأعيان التي لا غنى عنها لبقائهم في حالات النزاع المسلح، وإساءة جميع أطراف النزاعات المسلحة لاستخدام الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين في انتهاك للقانون الدولي؛           6 -      يحث جميع أطراف النزاعات المسلحة على حماية البنى التحتية المدنية ذات الأهمية الحاسمة في إيصال المعونة الإنسانية، بما فيها ما يلزم لتوفير الخدمات الأساسية المتعلقة بعمليات التلقيح والرعاية الطبية المتصلة بها وغير ذلك من الخدمات الأساسية للسكان المدنيين في النزاعات المسلحة، وكفالة عمل الأنظمة الغذائية والأسواق بشكل سليم في حالات النزاع المسلح؛           7 -      يكرر مطالبته جميع أطراف النزاعات المسلحة بالانخراط فورا في هدنة إنسانية دائمة لتيسير القيام، على نحو آمن ودون عراقيل وبشكل مستمر، بتقديم المساعدة الإنسانية وتوفير الخدمات المتصلة بها من قبل جهات محايدة فاعلة في المجال الإنساني، بما يتفق ومبادئ العمل الإنساني المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، وإجراء عمليات الإجلاء الطبي، وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي للاجئين، حسب الاقتضاء، وتسليم وتوزيع اللقاحات المضادة لكوفيد-19 على نحو منصف وآمن ودون عراقيل في مناطق النزاع المسلح؛           8 -      يكرر تأكيد الدور الهام الذي يمكن أن يؤديه بناء القدرات في مجال القانون الدولي الإنساني في دعم الجهود الرامية إلى حماية الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، ويرحب بالجهود التي تبذلها جميع الأطراف لأخذ التدابير في هذا الصدد أو مواصلة أخذها؛           9 -      يشجع على بذل كافة الجهود من أجل حماية الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين والبنى التحتية المدنية ذات الأهمية الحاسمة في إتاحة تقديم الخدمات الأساسية في النزاعات المسلحة، بناء على الطلب، من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين، بسبل منها ما يلي:         (أ)      حماية المدنيين الذين يشغلون هذه الأعيان أو يقومون بصيانتها أو إصلاحها، وتوفير الحماية لهم عند تنقلهم لأغراض صيانة تلك الأعيان أو إصلاحها أو تشغيلها،         (ب)     إتاحة وتيسير المرور الآمن لما يلزم من المعدات ووسائل النقل والإمدادات لإصلاح تلك الأعيان أو صيانتها أو تشغيلها؛           10 -    يؤكد ضرورة كفالة التعاون والتنسيق بشكل أفضل على الصعيد الدولي، بما في ذلك التعاون والتنسيق بين الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية ودون الإقليمية ذات الصلة، بسبل منها تقديم المساعدة التقنية وبناء القدرات، بغية دعم المتضررين من النزاعات المسلحة من أجل تقليل الاحتياجات الإنسانية، وتعزيز التعافي على المدى الطويل، وحماية سبل العيش، وتحسين فرص الحصول على الخدمات الأساسية، وبناء قدرة السكان المتضررين من النزاعات على الصمود، والتعافي من الجائحة، مع ضمان مشاركة النساء على نحو كامل وهادف وعلى قدم المساواة في الجهود المبذولة لتعزيز وحفظ السلام والأمن، والنهوض بإشراك الشباب، والمساهمة في تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030؛           11 -    يشجع على تعزيز الخبرة التقنية، حسب الاقتضاء، لدى أفرقة الأمم المتحدة القطرية حتى تتسنى لها الاستجابة، متى كان ذلك مناسبا وفي حدود ولايات وقدرات كل منها، استجابة فعالة من أجل دعم تقديم الخدمات الأساسية؛           12 -    يطلب إلى الأمين العام أن يدرج في التقارير المتعلقة بحماية المدنيين مسألة حماية الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين باعتبارها بندا فرعيا. قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة عام 2021
213487
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%20%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%20%D8%B1%D9%82%D9%85%202572
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2572
القرار 2572 (2021) الذي اتخذه مجلس الأمن في 22 نيسان/أبريل 2021 إن مجلس الأمن، إذ يعيد تأكيد قراراته 1540 (2004) المؤرخ 28 نيسان/أبريل 2004 و 1673 (2006) المؤرخ 27 نيسان/أبريل 2006 و 1810 (2008) المؤرخ 25 نيسان/أبريل 2008 و 1977 (2011) المؤرخ 20 نيسان/أبريل 2011 و 2055 (2012) المؤرخ 29 حزيران/يونيه 2012 و 2325 (2016) المؤرخ 15 كانون الأول/ديسمبر 2016، وإذ يؤيد العمل الذي اضطلعت به فعلا اللجنة المنشأة عملا بالقرار 1540 (2004)، المشار إليها فيما يلي باسم لجنة القرار 1540، وفقا لبرامج عملها، وإذ يعيد تأكيد دعمه المتواصل، وإذ يشير إلى أن الاستعراض الشامل لحالة تنفيذ القرار 1540 (2004) قد تأجل بسبب جائحة مرض فيروس كورونا (كوفيد-19)، وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، 1 - يقرر أن يمدد حتى 28 شباط/فبراير 2022 ولاية لجنة القرار 1540 مع المساعدة المستمرة من فريق الخبراء التابع لها، على النحو المحدد في الفقرة 5 من القرار 1977 (2011)، ويطلب إلى الأمين العام أن يتخذ التدابير الإدارية اللازمة لهذا الغرض؛ 2 - يقرر كذلك أن تواصل لجنة القرار 1540، مع مواصلة عملها الحالي وفقا لولايتها، إجراء وإكمال الاستعراض الشامل لحالة تنفيذ القرار 1540 (2004) وأن تقدم إلى مجلس الأمن تقريرا عن إتمام الاستعراض؛ 3 - يقرر أن يبقي المسألة قيد نظره. قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة عام 2021
213488
https://ar.wikisource.org/wiki/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%20%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%20%D8%B1%D9%82%D9%85%202571
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2571
القرار 2571 (2021)                 الذي اتخذه مجلس الأمن في 16 نيسان/أبريل 2021           إن مجلس الأمن،         إذ يشير إلى تدابير حظر توريد الأسلحة وحظر السفر وتجميد الأصول والتدابير المتعلقة بصادرات النفط غير المشروعة التي فرضت وعدلت بموجب القرارين 1970 (2011) و 2146 (2014)، والمعدلة بموجب قرارات لاحقة منها القرارات 2441 (2018) و 2509 (2020) و 2526 (2020)، وإلى أن ولاية فريق الخبراء المنشأة بموجب الفقرة 24 من القرار 1973 (2011) والمعدلة بموجب قرارات لاحقة قد جرى تمديدها حتى 15 أيار/مايو 2021 بموجب القرار 2509 (2020)،         وإذ يؤكد من جديد التزامه القوي بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية،         وإذ يشير إلى بيانه الرئاسي المؤرخ 12 آذار/مارس 2021 الذي رحب فيه بتصويت مجلس النواب الليبي على منح الثقة لإقرار تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة المكلفة بقيادة البلاد إلى غاية إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021، وشدد على أهمية هذه الخطوة في العملية السياسية الليبية،         وإذ يجدد طلبه إلى جميع الدول الأعضاء بأن تقدم دعمها الكامل لجهود المبعوث الخاص للأمين العام، ودعوته الدول الأعضاء إلى استخدام نفوذها لدى الطرفين من أجل تنفيذ وقف إطلاق النار ودعم العملية السياسية الشاملة للجميع التي تتولى ليبيا قيادتها وتمسك بزمام الأمر فيها،         وإذ يدعو الدول الأعضاء إلى التنفيذ الكامل للتدابير القائمة وإبلاغ لجنة الجزاءات التابعة للأمم المتحدة بما يقع من انتهاكات، وإذ يشير في هذا الصدد إلى أن الجهات التي تتورط في أعمال تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا أو توفر الدعم لتنفيذها، أفرادا كانت أم كيانات، يمكن أن تفرض عليها جزاءات محددة الهدف،         وإذ يؤكد من جديد وجوب أن تفي جميع الأطراف بما عليها من التزامات بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء، وإذ يشدد على أهمية محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات أو التجاوزات التي تمس حقوق الإنسان أو انتهاكات القانون الدولي الإنساني، بمن فيهم الضالعون في هجمات تستهدف المدنيين،         وإذ يعرب عن قلقه من أن التصدير غير المشروع للنفط، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، من ليبيا يقوض حكومة ليبيا والمؤسسة الوطنية للنفط، ويشكل تهديدا للسلام والأمن والاستقرار في ليبيا، وإذ يلاحظ بقلق البلاغات الواردة المتعلقة بالاستيراد غير المشروع للنفط، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، إلى ليبيا،         وإذ يشير إلى أن تقديم الدعم إلى الجماعات المسلحة أو الشبكات الإجرامية من خلال الاستغلال غير المشروع للنفط الخام أو لأي من الموارد الطبيعية الأخرى في ليبيا قد يشكل أعمالا تهدد السلام والاستقرار والأمن في ليبيا،         وإذ يكرر كذلك الإعراب عن قلقه إزاء الأنشطة التي يمكن أن تضر بسلامة ووحدة المؤسسات المالية للدولة الليبية والمؤسسة الوطنية للنفط، وإذ يؤكد ضرورة توحيد مؤسسات ليبيا، وإذ يدعو، في هذا الصدد، الدول الأعضاء إلى وقف دعم المؤسسات الموازية غير الخاضعة لسلطة حكومة ليبيا والاتصال الرسمي معها،         وإذ يشير إلى أن القانون الدولي، مجسدا في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المؤرخة 10 كانون الأول/ديسمبر 1982، يحدد الإطار القانوني الذي ينطبق على الأنشطة في المحيطات والبحار،         وإذ يشير كذلك إلى القرارات 2292 (2016) و 2357 (2017) و 2420 (2018) و 2473 (2019) و 2526 (2020) التي تأذن، فيما يتعلق بتنفيذ حظر توريد الأسلحة وطوال المدة المحددة بموجبها، بالقيام في أعالي البحار قبالة الساحل الليبي بتفتيش السفن المتجهة إلى ليبيا أو القادمة منها التي يعتقد أنها تحمل أسلحة أو ما يتصل بها من أعتدة في انتهاك لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبحجز تلك الأصناف والتخلص منها شريطة أن تسعى الدول الأعضاء بحسن نية إلى الحصول أولا على موافقة الدولة التي تحمل السفينة علمها قبل القيام بأي عمليات تفتيش في سياق تصرفها وفقا للقرارات المذكورة،         وإذ يقرر أن الحالة في ليبيا لا تزال تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين،         وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،                 منع صادرات النفط غير المشروعة، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة         1 -     يدين محاولات تصدير النفط، بما يشمل النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، بصورة غير مشروعة من ليبيا، من جانب جهات منها المؤسسات الموازية التي لا تتصرف تحت سلطة حكومة ليبيا؛         2 -     يقرر أن يمدد حتى 30 تموز/يوليه 2022 الأذون والتدابير الواردة في القرار 2146 (2014)، بالصيغة المعدلة بموجب الفقرة 2 من القرارين 2441 (2018) و 2509 (2020)؛         3 -     يطلب إلى حكومة ليبيا أن تخطر اللجنة بالجهة المعينة كمنسق لها مسؤول عن الاتصال مع اللجنة فيما يتعلق بالتدابير الواردة في القرار 2146 (2014)، ويطلب كذلك إلى منسق حكومة ليبيا أن يبلغ اللجنة عن أي سفن تنقل النفط، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، المصدر بصورة غير مشروعة من ليبيا، ويحث حكومة ليبيا على أن تعمل على نحو وثيق مع المؤسسة الوطنية للنفط في ذلك الصدد وأن تقدم إلى اللجنة معلومات مستكملة بانتظام عن الموانئ وحقول النفط والمنشآت الخاضعة لسيطرتها وأن تطلع اللجنة على الآلية المستخدمة لإجازة الصادرات النفطية القانونية، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، ويطلب إلى فريق الخبراء أن يتابع عن كثب أي معلومات متعلقة باستيراد النفط من ليبيا وتصديره إليها على نحو غير مشروع، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، وأن يبلغ اللجنة بها؛         4 -     يدعو حكومة ليبيا إلى أن تقوم أولا، استنادا إلى أي معلومات تتعلق بعمليات تصدير أو بمحاولات تصدير من هذا القبيل، بالاتصال على وجه السرعة بالدولة المعنية التي تحمل السفينة علمها لحل المشكلة، ويوعز إلى اللجنة بأن تبلغ فورا جميع الدول الأعضاء المعنية بما يرد إليها من منسق حكومة ليبيا من إخطارات بشأن السفن التي تنقل النفط، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة، المصدر بصورة غير مشروعة من ليبيا؛                 حظر توريد الأسلحة         5 -     يدعو جميع الدول الأعضاء إلى الامتثال التام لحظر توريد الأسلحة، ويدعو كذلك جميع الدول الأعضاء إلى أن تمتنع عن التدخل في النزاع أو اتخاذ تدابير تؤدي إلى تفاقمه، ويكرر تأكيد جواز إدراج الكيانات والأفراد في قائمة الجزاءات متى خلصت اللجنة إلى أنهم انتهكوا أحكام القرار 1970 (2011)، بما في ذلك حظر توريد الأسلحة، أو أنهم ساعدوا آخرين على انتهاكها؛         6 -     يدعو جميع الأطراف إلى التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020 (S/2020/1043)، ويحث الدول الأعضاء على احترام ودعم التنفيذ الكامل للاتفاق، بما في ذلك بسحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون مزيد من التأخير؛         7 -     يهيب بحكومة ليبيا أن تعزز تنفيذ حظر توريد الأسلحة، بما في ذلك في جميع نقاط الدخول، فور توليها مهام الرقابة، ويهيب بجميع الدول الأعضاء أن تتعاون في هذه الجهود؛                 حظر السفر وتجميد الأصول         8 -     يدعو الدول الأعضاء، ولا سيما الدول التي يوجد بها أفراد وكيانات من المدرجة أسماؤهم في القائمة وتلك التي يُشتبه في أن بها أصولا لهؤلاء يجب تجميدها بمقتضى التدابير، إلى إبلاغ اللجنة بالإجراءات التي اتخذتها من أجل التنفيذ الفعال لتدابير حظر السفر وتجميد الأصول فيما يتعلق بجميع الأفراد المدرجة أسماؤهم في قائمة الجزاءات؛         9 -     يكرر التأكيد على أنه يتعين على جميع الدول أن تتخذ التدابير الضرورية لمنع جميع الأشخاص الذين أدرجتهم اللجنة في قائمة الجزاءات من دخول أراضيها أو عبورها، وفقا للفقرتين 15 و 16 من القرار 1970، بصيغتهما المعدلة بموجب الفقرات 11 من القرار 2213 (2015) و 11 من القرار 2362 (2017) و 11 من القرار 2441 (2018)، ويهيب بحكومة ليبيا أن تعزز التعاون وتبادل المعلومات مع الدول الأخرى في هذا الصدد؛         10 -   يؤكد من جديد عزمه على كفالة أن تتاح للشعب الليبي ولصالحه، في مرحلة لاحقة، الأصول المجمدة عملا بالفقرة 17 من القرار 1970 (2011)، وقد أحاط علما بالرسالة التي عممت باعتبارها الوثيقة S/2016/275، استعداد مجلس الأمن للنظر في إدخال تغييرات، عند الاقتضاء، على تدابير تجميد الأصول بناء على طلب حكومة ليبيا؛         11 -   يشير إلى القرار 2174 الذي تقرر بموجبه أن التدابير المنصوص عليها في القرار 1970 (2011)، بصيغتها المعدلة بقرارات لاحقة، تنطبق أيضا على الأفراد والكيانات الذين تقرر اللجنة أنهم يشاركون في أعمال أخرى تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا أو تعرقل أو تقوض نجاح عملية تحولها السياسي، أو يقدمون الدعم لتلك الأعمال، ويؤكد أن هذه الأعمال يمكن أن تشمل عرقلة أو تقويض الانتخابات المقررة في خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي؛                 فريق الخبراء         12 -   يقرر أن يمدد حتى 15 آب/أغسطس 2022 ولاية فريق الخبراء (الفريق)، المنشأة بموجب الفقرة 24 من القرار 1973 (2011) والمعدلة بالقرارات 2040 (2012) و 2146 (2014) و 2174 (2014) و 2213 (2015) و 2441 (2018) و 2509 (2020)، ويقرر أن تظل المهام المنوطة بالفريق على نحو ما جاءت في القرار 2213 (2015) وأن تنطبق أيضا فيما يتعلق بالتدابير المستكملة في هذا القرار، ويعرب عن عزمه معاودة النظر في الولاية واتخاذ الإجراء المناسب بشأن تمديدها مرة أخرى في موعد أقصاه 15 تموز/يوليه 2022؛         13 -   يقرر أن يقدم الفريق إلى المجلس تقريرا مؤقتا عن عمله في موعد لا يتجاوز 15 كانون الأول/ديسمبر 2021، وأن يقدم في موعد أقصاه 15 حزيران/يونيه 2022 تقريرا نهائيا إلى المجلس يتضمن استنتاجاته وتوصياته، بعد مناقشته مع اللجنة؛         14 -   يحث جميع الدول وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والأطراف الأخرى المهتمة بالأمر على أن تتعاون تعاونا كاملا مع اللجنة والفريق، وخاصة من خلال تقديم أي معلومات تتوافر لديها عن تنفيذ التدابير المنصوص عليها في القرارات 1970 (2011) و 1973 (2011) و 2146 (2014) و 2174 (2014) والمعدلة في القرارات 2009 (2011) و 2040 (2012) و 2095 (2013) و 2144 (2014) و 2213 (2015) و 2278 (2016) و 2292 (2016) و 2357 (2017) و 2362 (2017) و 2420 (2018) و 2441 (2018) و 2473 (2019) و 2509 (2020) و 2526 (2020)، ولا سيما عن حالات عدم الامتثال، ويدعو بعثة الأمم المتحدة وحكومة ليبيا إلى تقديم الدعم للفريق فيما يجريه من أعمال التحقيق داخل ليبيا، بوسائل من بينها تبادل المعلومات وتيسير العبور والسماح بالدخول إلى مخازن الأسلحة، حسب الاقتضاء؛         15 -   يهيب بجميع الأطراف وجميع الدول أن تكفل سلامة أعضاء الفريق، ويهيب كذلك بجميع الأطراف وجميع الدول، بما فيها ليبيا وبلدان المنطقة، توفير سبل الوصول الفوري ودون عوائق، وبخاصة إلى الأشخاص الذين يرى الفريق أن لهم صلة بتنفيذ ولايته وإلى الوثائق والمواقع التي يعتبرها هامة لتنفيذ تلك الولاية؛         16 -   يؤكد استعداده لمعاودة النظر في مدى ملاءمة التدابير الواردة في هذا القرار، بما في ذلك تعزيزها أو تعديلها أو تعليقها أو رفعها، واستعداده لمعاودة النظر في ولاية البعثة والفريق، حسبما تدعو إليه الحاجة في أي وقت في ضوء ما يقع من تطورات في ليبيا؛         17 -   يقرر أن يبقي المسألة قيد نظره الفعلي. قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة عام 2021